احسنت بني اسرائيل اني قد جئتكم باية جئتكم بآيات من ربكم اني اخلق لكم من الطين كهيئة الله والابرصا حين الموتى باذن الله. وانبئكم بما تأكلون اتدخرون في بيوتكم ان في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين. ومصلين وفق لما بين يدي من التوراة وليحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم باية من ربكم فاتقوا الله واطيعوه ان الله ربي وربكم وربكم فاعبدوه. هذا صراط مستقيم بس اعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى ورسولا الى بني اسرائيل اني قد جئتكم باية من ربكم اني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ به فيكون الطين باذن الله وابلغ لكمة والابرص ويوحي الموتى باذن الله. وهذه قرأناها كلها قال الله تعالى ومصدقا لما بين يديه من التراث ها نعم ان في ذلك لاية لكم ان كنتم مؤمنين. ان في ذلك المشار اليه ما سبق من عدة امور قوله اني اخلق لكم من الطين كاية الطير باذن كاية الطير. فانفخ فيه فيكون طيرا باذن الله ابرئ لك ما هو الابرص واحيي الموتى باذن الله انبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم هذه ثلاث ايات كلها اية تدل على صدق عيسى عليه الصلاة والسلام وانه رسول الله حقا لان مثل هذا لا يستطيعه البشر وايات الانبياء التي جاءت هي علامات على صدقهم لا يستطيع ان يأتي بمثلها البشر لان الاية لو امكن للبشر ان يأتي بمثلها لم تكن اية اذ ان كل انسان يستطيع ان يفعل مثل هذا وقوله ان كنتم مؤمنين يعني ان انها اية بهذا القيد اي ان كنتم مؤمنين واما المؤمن فانه لا ينتفع بالايات واما غير المؤمن واما غير المؤمن فانه لا ينتفع بالايات ولا تكون الاية اية له قال الله تعالى وما تغني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون لان قلوبهم قاسية مطبوع عليها والعياذ بالله لا يصل اليه الخير ولا تلينوا من اجل العقوبات والنذر لانها قاسية كالمؤمن هو الذي ينتفع بالايات بل ان غير المؤمن يرى ان هذه الايات العظيمة اساطير اساطير الاولين اذا تتلى عليه اياتنا قال اساطير الاولين وذلك بسبب ما كان على قلبه من ظلمات المعاصي والعياذ بالله لقوله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون والايمان سبق لنا معناه كثيرا لانه التصديق المستلزم للقبول والاذعان وليس مجرد التصديق ودليل ذلك انه لا يتعدى بما يتعدى به التصديق فانه لا يقاس صدقته نعم لا يقال امنت ويقال صدقتهم بل انه يتضمن الاقرار والاعتراف والانقياد والتسليم ومن صدق ولم يقبل ولم يذعن فليس بمؤمن فابو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان مصدقا برسالته لكنه لم يقبل ولم يذعن فلم يكن مؤمنا والا فانه يصدق بما يقول باشعاره وفي احواله لكنه والعياذ بالله ليس بمؤمن اذا الايمان معنى زائد عن التصديق معنى زائد على التصديق وليس هو مجرد تفصيل قال ومصدقا لما بين يدي من التوراة هذه معطوفة على ما سبق يعني انها تكون منصوبة على الحال يعني وجئتكم مصدقا لما بين يدي من التوراة وما بين يديه وما سبقه ويطلق ما بين اليدين علامات ما سيأتي فما بين اليدين يطلق على ما مضى ويطلق على ما يستقبل فان قرن بالخلف فهو للمستقبل والا فانه صالح للمستقبل والماظي ففي قوله تعالى يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم المراد المستقبل لقوله وما خلفه وفي هذه الاية مصدقا لما بين يدي اي لما سبقني من التوراة وتصديقه للتوراة له وجهان الوجه الاول انه يقرر صدقها ويقول انها كتاب حق والوجه الثاني انه يصدق ما اخبرت به فاذا كانت اخبرت به ثم بعث كان مصدقا لما فيها وقول من التوراة هي الكتاب الذي الذي انزله الله على موسى صلى الله عليه وسلم وهي اصل الكتب المنزلة على بني اسرائيل واعظمه بل هي اعظم الكتب فيما نعلم بعد القرآن ولاحل لكم يعني وجئتكم ايضا لاحل لكم بعظ الذي حرم عليه قوله لاحل لكم بعض الذي ولم يقل كل والمحرم عليهم ذكره الله في قوله وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم كرمنا عليهم شؤومهما الا ما حمل طهورهما او الحوايا او ما اختلط بعظم وقال تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات تحلت لهم فلما وحرمت عليهم هذه الطيبات بظلمهم وعدوانهم وبعث الله عيسى صلى الله عليه وسلم احل لهم بعض ما حرم عليه ولم يذكر في القرآن بيان هذا البعض فيكون باقيا على اطلاقه ولو كان لنا مصلحة في تعيين ذلك لبينه الله وقول بعض الذي حرم عليكم الفعل هنا بين مجهول ولكن فاعله معلوم من هو الله عز وجل كما قال تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر وجئتكم باية من ربكم كرر هذا مرة بعد ان قوله ان في ذلك لآية لكم فاما ان يقال ان من الايات اي ان الاية التي ذكرت هنا وجئتكم باية تقتصر على تصديقه لما بين يديه من التوراة وعلى احلاله بعض الذي حرم عليه وحينئذ لا يكون في الاية تكرار واما ان يقال ان قوله جئتكم باية يشمل كل ما جاء به من الايات ويكون هذا من باب التأكيد واقامة الحجة عليه تكرر مجيئه بالايات دجاجا عليهم بما كذبوا قال فاتقوا الله واطيعوه اتقوا الله يعني اتخذوا وقاية من عذابه لان التقوى مأخوذة من اي شيء ها؟ من الوقاية فبماذا يكون تكون الوقاية من عذابه تكون بفعل اوامره واجتناب نواهيه وهذا هو المعنى الشامل للتقوى عند الاطلاق واذا قرنت التقوى بالبر صار المراد بها اجتناب المحارم مثل قول مثل قوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى وقد عرف اهل العلم التقوى بعدة تعريفات لكن يجمعها ما ذكرناه من انها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل اوامره واجتناب نواهيه قال واطيعوه اطيعون بما امرتكم به وفيما نهيتكم عنه وطاعته من التقوى بلا شك لكن نص عليها لانها تقوى خاصة فيما جاء به عيسى لان التقوى يؤمر بها كل انسان فاذا قال اطيعون صارت تقوى خاصة في طاعة هذا الرسول الذي بعث الى قومه والطاعة قال العلماء في تفسيرها انها موافقة الامر موافقة الامر تجنبا للنهي وفعلا للمأموم فمن تجنب النهي ناويا بذلك مثل امتثال الامر فهو مطيع ومن فعل الامر ناوي بذلك امتثال الامر ايضا فهو مضيء اما من ترك النهي او بعبارة اصح المنهية عنه عجزا عنه فان هذا ليس بمطيع بل اذا سعى في اسبابه حتى عجز كان كمن فعله لقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا التقى المسلمان بسيفيهما القاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال لانه كان حريصا على قتل صاحبه ثم قال ان الله ربي وربكم فاعبدوه لما امرهم اتقوا الله ذكر ما هو كالسبب لذلك فقال ان الله ربي وربكم والرب هو الخالق المالك المتصرف وتوحيد الله بالربوبية ان نؤمن بانه لا خالق ولا مالك ولا مدبر الا الله سبحانه وتعالى وما يضاف من الخلق او الملك او التدبير لغير الله فانه على وجه الناقص ناقص من حيث الشمول ومن حيث التصرف فمثلا الخلق يضاف الى غير الله وقد مر علينا قريبا ان عيسى قال اخلق لكم من الطين وقال الله تعالى فتبارك الله احسن الخالقين وقال الله في الحديث القدسي ومن اظلم ممن ذهب يخلق بخلقه وقال النبي صلى الله عليه وسلم اشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون الذين يضاهئون بخلق الله وقال عليه الصلاة والسلام يقال لهم احيوا ما خلقتم ولكن الخلق المضاف الى غير الله عز وجل خلق ناقص ليس ايجادا حقيقة ولكنه تغيير لصورة فمثلا الانسان يخلق من الخشب بابا هل هو خلق الخشب ومن الحديد سيارة هل خلق الحديد ابدا ولكن غير الصفر حوله من شيء من حال الى حال فصار هذا خلق لكنه ليس هو الذي اوجد الحديد او الخشب حتى يقال انه ان خلقه كخلق الله ايضا خلق الانسان او البشر عموما ليس عاما شاملا لان كل انسان يخلق ما صنع فقط وما ليس وما لم يصنعه فليس من خوف كذلك الملك لله ملك السماوات والارض قل من بيده ملكوت السماوات والارض والايات في اثبات الملك لله وحده كثيرة ومع ذلك اضاف الله الى غيره الملك في قوله تعالى الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم وفي قوله تعالى او ما ملكتم مفاتحه او مالتم مفاتحه فهل نقول ان هذا الملك كملك الله لا لا من حيث الشمول ولا من حيث التصرف اما من حيث الشمول فلان كل انسان لا يملك اكثر مما تحت يده ولذلك لا تملك كتابي ولا املك كتابه اما ملك الله فهو عام شام واما من حيث التصرف فملك غير الله قاصر لان الانسان لا يملك التصرف المطلق كما يريد وانما يتصرف حسب ما تقتضيه شريعة الله وحسب ما يأذن به الله لو اراد الانسان ان يمزق كتابه هل يملك ذلك ها لا لا يملك ذلك حرام عليه يأثم ولو اراد ان يمزق كتاب غيره كان حراما من وجهين من وجه افساد المال ومن وجه العدوان على الغير الحاصل ان ملك الانسان قاصر من من من ناحيتين هما ده ملك الانسان قاسي نعم فهو قاصد في التصرف ها فهو قاصي من حيث الشمول