فمن فوائد هذه الاية الكريمة ان بني اسرائيل عندهم عدوان على حق الله وعلى حق الانبياء وغيرهم لقول ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون وهذه الاوصاف وما ينتج عنها من العقوبات يجب ان نتخذ منها عبرة وهي الفائدة المهمة المسلكية ان لا نقرأها على انها امر جرى وقصد تاريخية يجب ان نقرأها من اجل ان نعتبر لقول الله تعالى لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب. ثم قال الله تعالى ليسوا سواء ليسوا الظمير يعود على اهل الكتاب. وسواء بمعنى مستوين كي لست متساوين في هذه الاوصاف بل منهم امة قائمة يتلون ايات الله الى اخره ومنهم امة فاسقة غير قائمة على امر الله ليسوا سواء اي لا يستوون في المعصية والاحوال والاوصاف ثم بين ذلك فقال منهم امة قائمة ثم نعم الى اهل الكتاب نعم من اهل الكتاب امة من اهل الكتاب امة قائمة قوم من اهل الكتاب هم اليهود والنصارى كما مر علينا كثيرا واظهر هنا في موضع الاظمار اظهر في موضع الاظمار اما لطول الفصل بين الظاهر الذي ترجع اليه الضمائر واما لاستئناف الجملة لان قوله من اهل الكتاب جملة مستأنفة امة اي طائفة قائمة اي ثابتة مستقيمة على امر الله فالقيام هنا بمعنى الثبات والاستقامة على امر الله وليس المراد به القيام الذي هو ضد القعود لان المسلم قائم على امر الله سواء كان واقفا او جالسا او مضطجعا يتلون ايات الله اناء الليل كلمة قائمة صفة يتلون ايات الله الجملة ايضا صفة اخرى ويجوز ان تكون حالا لان لدينا قاعدة نحوية وهي انه اذا وصفت النكرة جاز في الصفة الثانية ان تكون حالا وان تكون صفة هذه القاعدة سواء كانت الصفة الثانية جملة ام مفردا فاذا قلت رأيت فاذا قلت جاءني رجل كريم راكبا صح ها؟ لانه واذا قلت جاءني رجل كريم راكب صحة ايضا كما في الاية الكريمة امة قائمة امة نكرة وقائمة صفة لها يتلون يجوز ان تكون حالا فتكون الجملة في موضع نصب على الحال ويجوز ان تكون صفته يتلون ايات الله التلاوة تارة يراد بها الاتباع وتارة يراد بها القراءة فان صلح المقام للوجهين للمعنيين جميعا حمل عليهما وان اختص باحدهما اختص به فاذا قمت تلا علي اية من القرآن المراد القراءة القراءة واذا قلت هذا الرجل يتلو ايات الله اخلاصا وتعبدا فهذا يحتمل القراءة ويحتمل الاتباع. واذا كان محتملا للمعنيين وهما لا يتنافيان حمل عليهما اذا قوله يتلون ايات ايات الله يشمل تلاوة اللفظ وتلاوة العمل في ايات الله فقوله اناء الليل اناء بمعنى اوقات اوقات ومنه النوء لوقت ظهور النجم قول النجم الاناء بمعنى اوقات اناء الليل يعني اوقات الليل وساعاته وهم يسجدون هذه الجملة وهم يسجدون يجوز فيها وجهها ان تكون استئنافية وان تكون حالية من الواو في قوله يتلون يعني يأتون من ايات الله والحال انهم يسجدون فوصفهم بتلاوة ايات الله وهي افضل الذكر وبالسجود وهو افضل الحالات لان السجود افضل من القيام وافضل من الركوع. حيث ان الساجد اقرب ما يكون من ربه لكن تلاوة الايات افضل الاذكار فلهذا اختصت بالقيام وقوله اتم ايات الله هذا ذكر لاعلى اوصاف الكلام القول وهم يسجدون ذكر لاعلى اوصاف الفعل وهو السجود يؤمنون بالله الجملة الاستئنافية لبيان حال هؤلاء ويجوز ان تكون صفة لقوله امة وان تكون حالا يؤمنون بالله واليوم الاخر والايمان بالله سبحانه وتعالى يتناول اربعة اشياء الايمان بوجوده والايمان بربوبيته والايمان بالوهيته والايمان باسمائه وصفاته لابد من هذا فمن انكر وجود الله فهو لم يؤمن به ومن امن به وانكر توحيده في الربوبية فانه لم يؤمن به. ومن امن به وفي ربوبيته ولكنه انفراده بالالوهية فانه لم يؤمن به ومن امن بذلك كله ولكن انكر شيئا من صفاته فانه لم يؤمن به فلا ايمان بالله الا بهذه الامور الاربعة اما الامام باليوم الاخر فالمراد باليوم الاخر اولا هو يوم القيامة وسمي يوما اخر لانه لا يوم بعده اذ هو منتهى الخلائق ولا فيه ليل ولا نهار كل يوم واحد لا شمس ولا قمر ولا نجوم كل في مكانه. اما في الجنة او في النار فهو اخر شيء اخر شيء يكون فيه العباد ومعلوم ان العباد اربع دور الدار الاولى في بطون امهاتهم والثانية في هذه الدنيا والثالثة في البرزخ والرابعة في اليوم الاخر وهي الاخيرة ولهذا سمي يوم الاخر فاليوم الاخر يدخل فيه في الايمان به كل ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت كل ما اخبر به مما يكون بعد الموت فسؤال الميت في قبره داخل في الايمان باليوم الاخر وعذاب القبر او نعيمه داخل في الايمان باليوم الاخر ووجه ذلك ان كل من مات فقد قامت قيامته فما يجده في قبره كالذي يجده بعد حشره كله من ام الغيب كله في دار الجزاء فلهذا قال شيخ الاسلام وقد قال شيخ الاسلام رحمه الله ويدخل في الايمان باليوم الاخر كل ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت الايمان به ان تؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت جملة وتفصيلا ولكن اعلم انه يوجد في كتب الوعظ من الاحاديث الظعيفة بل الموضوعة في احوال القبر واحوال القيامة ما ينبغي للقارئ ان يحترز منه ولا ولا احسن من الرجوع الى الكتب الصحيحة في هذا الباب لان لا نضل الناس لان بعض الوعاظ يختار مثل هذه الاحاديث من اجل الترغيب او الترهيب والحقيقة ان هذا مسلك ليس بجيد لان كوننا نملأ ادمغة الناس باحاديث ضعيفة او موضوعة خطأ حتى وان كان فيها ترغيب او ترهيب فيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفاية والناس سوف يأخذون كل ما ذكر على انهم صحيح يقولون ما قيل في المحراب فهو صواب والواجب على من الف ترهيب والترهيب الا يذكر الا ما كان حجة من صحيح او حسد واما الضعيف فلا حاجة لذكره لان في غنى عنه في غنى عن هذا الضعيف الذي لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر سبق ذكره في هذه السورة مرتين او مرة واحدة ها سبق مرتين ثلاث مرات هذي الثالثة انا اقول سبق ان ما اقول ذكر اقول سبق ذكره مرتين الامر معروف والنهي عن المنكر طيب وذكرنا في اول اول ما مر علينا ذكرنا شروطه وادابه ويسارعون في الخيرات يعني مع كونهم مؤمنين وكونهم مصلحين هم ايظا مسارعون في الخيرات يعني انهم يتسارعون في الخيرات كما يتسارع الناس في الغنائم وقول يسارعون في الخيرات ولم يقل الى الخيرات مع ان سار تتعدى باله كما قال الله تعالى وسارعوا الى مغفرة من ربكم لان المراد بذلك مسارعتهم اليها وفيها اثناء القيام بها انتبهوا المسارعة اليها فاذا وصلوا اليها لم يقفوا عن النصارى يسارعون فيها وهذا هو السبب والعلم عند الله في انه قيل يسارعون في الخيرات نعم ولم يقل اليها. وقوله في الخيرات الخيرات جمع خير او خيرا وهي كل ما انتفع به العبد او نفع غيره الصلاة خير وتعليم وتعليم الناس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم خير والدعوة الى الله خير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو خير ايضا. فكل ما يقرب الى الله سبحانه وتعالى فهو خير والمسارعة فيه هي المسارعة اليه والمسارعة فيه اثناء العمل