الله الرحمن الرحيم لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وخاتم المرسلين سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الاخوة الكرام فهذا هو ثاني المجلسين المخصصين لعرض مضامين كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى المنعقد ليلة الجمعة في رحاب بيت الله الحرام في هذا اليوم السادس والعشرين من شهر صفر سنة اربع واربعين واربعمئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان قد تم لنا الكتاب بعون الله تعالى وقوته وفضله ومنته قبل جمعتين وقد مر بكم ليلة الجمعة الماضية اول هذين المجلسين المتضمنين لعرض مضامين الكتاب وموجز ما جاء فيهما واذ نختم في هذا المجلس ان شاء الله تعالى ما يتعلق ببقية مضامين الكتاب ايفاء بما تم الوعد به لما تم تابوا فان المقصود ان يكون لنا في هذا المجلس حظ وافر من صلاتنا وسلامنا على حبيب القلوب وانسها رسول صلى الله عليه واله وسلم صلى عليك الله ما اتسع المدى واشتاقت الارواح للرحمن نفسي فداك وكل اهلي والورى بذع حنا فكيف بالانسان فيا ربي صلي وسلم وبارك عليه ازكى صلاة واتم سلام يا ذا الجلال والاكرام وتمام مجلسنا الليلة بعون الله تعالى اكمالا لما تقدم في مجلس ليلة الجمعة الماضية فانه قد تقدم بناء كتاب المصنف رحمه الله تعالى على اربعة اقسام وكان المقصود من ذلك ان يقف الواقف على هذا الكتاب على طريقته رحمه الله فيه فلما استعرظنا ليلة الجمعة الماضية طرفا من سيرة الامام القاظي عياظ رحمه الله ومكانة كتابه التي اضحت مرجعا لكل من جاء بعده في هذا الباب اعني حقوق ومكانة ومنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه يتعينوا ان يفهم الواقف على الكتاب طريقة مصنفه فيه رحمه الله في القوم عياض بنى كتابه كما تقدم على اربعة اقسام. القسم الاول في بيان مكانة رسول الله. صلى الله عليه واله وسلم وما خصه الله تعالى به من المناقب كيف رفع ذكره جل وعلا بين خلقه في الارض وفي السماء وكان هذا القسم الاول تمهيدا وتوطئة وتقدمة للقسم الثاني من الكتاب وهو صلب الكتاب. ومحوره الاساس عن حقوق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ثم جعل ثالث اقسام الكتاب في مسألة العصمة. ما يجب على رسول الله عليه الصلاة والسلام وما يجوز في حقه او ما يستحيل ويمتنع ثم ختم الكتاب بالقسم الرابع في مسألة التطاول والاستهزاء او السب والانتقاص من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتقدم بكم ايضا ليلة الجمعة الماضية ايها المباركون ان القسم الثاني من الكتاب وصلبه ومقصوده الاعظم لان الكتاب اسمه الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فجعل صلب الكتاب في ثان اقسامه وهو الحديث عن تلك الحقوق العظيمة. وان هذا الكتاب وان هذا القسم من الكتاب جعله اصنف رحمه الله في اربعة ابواب نوجزها في مجلس الليلة مع تتمة الكتاب بعون الله تعالى. اول ابواب القسم الثاني في الحقوق جعله المصنف رحمه الله في الايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته واتباع سنته هذا جعله بابا في الحقوق. وجعل الباب الثاني في محبة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجعل الباب الثالث في هذا القسم لتعظيم الاحترام والاجلال لشخص رسول الله عليه الصلاة والسلام ولسنة الغراء صلى الله عليه وسلم. فجعل فيه تعظيم الامر والنهي ووجوب التوقير والاحترام والبر رسول الله صلى الله عليه وسلم اما الباب الرابع وبه ختم هذا القسم من الكتاب فجعله في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبيان فرضه وفضيلته ومواطن الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. وسائر ما يتعلق بذلك. هذه الابواب الاربعة في القسم الثاني من الكتاب هي صلب الكتاب هي ركنه الاكبر وهو على التفصيل الذي سمعتم احتفى فيه المصنف بجملة عظيمة من النصوص الشرعية. والاثار المروية وجميل كلام السلف وبديع مواقفهم واثارهم رحمة الله عليهم جميعا. ها نحن لا نوجز مضمون هذا الباب. مضمون هذه الابواب الاربعة في هذا القسم من الكتاب لانه صلبه. اما اول الابواب الاربعة وجعله اعظم الواجبات علي عليك وعلى كل المسلمين في الامة حقوقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو وجوب الايمان به. وطاعته واتباع سنته صلى الله عليه وسلم ومن الادلة على ذلك في القرآن الكريم وهي كثيرة فامنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلنا فامنوا لله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون. وقول الحق سبحانه وما ارسلت انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله. ولذلك رأى المصنف رحمه الله ان هذه الادلة العظيمة تدل على وجوب الايمان بمن بعثه الله عز وجل ليؤمن به العباد. فاذا اردت عبد الله ان تعرف اعظم حقوق نبي الامة صلى الله عليه وسلم عليك فاعلم انه الايمان به عليه الصلاة والسلام وهو مدخل لسائر الحقوق التي تجب علينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فاول ذلك الايمان به ان تؤمن بانه رسول الله حقا. وانه النبي صدقا المؤيد بالمعجزات. المنزل عليه القرآن. من بعثه الله رحمة للعالمين ليخرج به الامة وينقذها به من الظلمات الى النور. ومن النار الى جنة عضها السماوات والارض وقد ابدع المصنف رحمه الله في بيان الايمان والطاعة والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما جاءت به النصوص باساليب عدة من ذلك الامر الصريح بطاعته عليه الصلاة والسلام. مقرونا بطاعة الله. كم في كتاب الله؟ اطيعوا الله واطيعوا الرسول بل صريح البيان بان طاعته عليه الصلاة والسلام طاعة لله. من يطع الرسول فقد اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا اسلوب الحصر الذي بين ان بعثة الانبياء وارسال الرسل كان مقصودا لطاعتهم وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله. توقف الايمان وتحقيق صدقه على طاعته عليه الصلاة والسلام. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. ولهذا يقول ابو نعيم رحمه الله وان الله اوجب على الناس التأسي به صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا مطلقا. لست اثناء فيه فقال لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسن. واستثنى في التأسي بخليله ابراهيم عليه السلام فقال قد كانت لكم لقد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم. والذين معه الى ان قال الا قول ابراهيم لابيه لاستغفرن ان لك وما املك لك من الله من شيء. قول الله سبحانه وما اتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا صريح في ان طاعة النبي عليه الصلاة والسلام واجبة. وان التأسي به فيما جاء به مما امر الله تعالى به في في كتابه الكريم. اما الاية الجليلة قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني. يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. والله غفور رحيم. فهي من اعجب ادلة واروعها التي جعلت من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقا الى نيل محبة الله والى نيل حب الله عز وجل لعبده. فاتبعوني يحببكم الله. فمن اراد ان ينال محبة الله في به فليتبع رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن اراد ما هو اشرف من ذلك واعلى واجل وهي اعلى ما يتمناه العباد وانفس ما تبلغه الامال ان يحبك الله عبد الله. وكما قال الاول ليس الشأن ان تحب انما الشأن ان تحب. فاذا اردت ان يحبك الله فاعلم ان الطريق الى ذلك ان تكون متبعا لرسول الله. صلى الله عليه واله وسلم. كم نحتاج الى تأسيس هذا ابدأي في حياة الامة واحياءه في النفوس. والتأكيد على كون الاتباع والطاعة والتزام السنة برسول عليه الصلاة والسلام ان يكون شعارا لنا امة الاسلام. بل اعلموا رعاكم الله ان من اعظم مداخل سطوة الشيطان على بني الاسلام وتهاونهم في السنن هو ضعف قدر السنة في النفوس. ولو عظمت السنة في نفوس بني الاسلام لعظم والله قدرها وعظم اتباعها وجل شأنها ووجب احترامها ولوجدت الامة متنافسة في الاستمساك بها فمن اراد ان يتبع السنة فليعظمها في قلبه. وليجعلها في حياته نبراسا. كان هذا فيما ورد عن السلف وساقه مصنف رحمه الله في فصل منفرد في بيان عظيم عنايتهم بالسنة واهتبارهم بشأنها وتعظيمهم لامر وفي ذلك اثار عدة يقول الحسن البصري رحمه الله. عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة وقال ابن شهاب الزهري بلغنا عن رجال من اهل العلم قالوا الاعتصام بالسنة نجاة. قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الامر بعده سننا. الاخذ بها تصديق بكتاب واستعمال لطاعة الله وقوة على دين الله. ليس لاحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في رأي من خالفها. من اقتدى بها فهو مهتد. ومن انتصر بها فهو منصور. ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى واصلاه جهنم وساءت مصيرا وقال ايضا فيما ساق المصنف رحمه الله عن جملة من السلف منه قول علي حين حج قارنا فقال له عثمان ترى اني لانهى الناس عنه وتفعله. قال لم اكن ادع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لقول احد من الناس والاثر الشهير عن ابن مسعود رضي الله عنه القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة. وقال ابن عمر رضي الله عنهما صلاة السفر ركعتان. من خالف السنة كفر يعني خالف طريق لرسول الله عليه الصلاة والسلام ولذلك امثلة كثيرة جعلها المصنف رحمه الله في فصل اعقبه بفصل ان مخالفة امر رسول الله عليه الصلاة والسلام وان تبديل سنته ضلال وبدعة. قالها الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. ومن اعظم الاثار في هذا الباب اثر الصديق ابي بكر رضي الله عنه لما قال لست تاركا ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به الا عملت به. يقول اني اخشى هذا الصديق ابو بكر يقول اني اخشى ان تركت شيئا من امره ان ازيغ رضي الله عن ابي بكر وهو الصديق يخشى الزيغ ان ترك شيئا من امر رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهو المشهود له بالجنة والرضوان والصديقية. قال الله والذي جاء بالصدق وصدق به وفي قول جل المفسرين انه ابو بكر رضي الله عنه وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى. في قول جل المفسرين ان المقصود به ابو بكر رضي الله عنه رغم رصيده العظيم وسبقه بالايمان وخلته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته وتضحيته وخلافه فته لرسول الله عليه الصلاة والسلام بالرغم من كل ذلك فانه يرى انه ان ترك شيئا مما كان النبي عليه الصلاة والسلام يخشى ان يكون ذلك سببا لزيغه. فبالله عليكم ما عسانا ان نقول نحن وحياتنا ملأى بالتقصير والتفريط وهي والله اولى بالخشية من الزيغ والهلاك. نسأل الله السلامة ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب ابواب هذا القسم صلب الحقوق وجوهرها ونبعها المتدفق في القلوب حب رسول الله. صلى الله عليه وسلم لمن اراد ان يزداد ايمانه فعليه بحب رسول الله عليه الصلاة والسلام من اراد ان تثبت اقدامه في طريق السنة والاتباع فليملأ فؤاده من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم من اراد ان يكون علما على السنة اماما لها حاملا لرايتها ناشرا لها وان يكون بين العالمين رجلا مباركا باتباعه للسنة فليعلم ان اولى خطوات ذلك ملء القلوب حتى التشبع بحب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. افرد المصنف رحمه الله الباب الثاني لهذا المعنى العظيم. قال في لزوم محبته صلى الله عليه وسلم وصدرها بالاية الكريمة قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم وابوال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها. ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بامره قال المصنف رحمه الله فكفى بهذا حظا وتنبيها ودلالة وحجة على الزام محبته ووجوب بفرضها وعظم خطرها واستحقاقه لها عليه الصلاة والسلام. اذ قرع تعالى من كان ماله واهله وولده احب اليه من الله ورسوله. واوعدهم بقوله فتربصوا حتى يأتي الله بامره. ثم فسقهم بتمام الاية والله لا يهدي القوم الفاسقين واعلمهم انهم ممن ضل ولم يهده الله عياذا بالله ومن اجل احاديث هذا الباب حديث انس رضي الله عنه ومروي عن ابي هريرة وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم. لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين يا كرام حلاوة الايمان لذته وسعادته وراحة القلب به. حلاوة الايمان اعلى المراتب التي يبلغها اهل اهل الايمان اسمى من مجرد الايمان وعندما يصل القلب الى ان يتذوق حلاوة الايمان. فتلك المراتب العالية التي تنافس فيها السابقون ومن اراد الوصول فعليه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان اول الثلاث ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. من كل شيء ما لم تحقق هذا في قلبك ثق تماما ان بينك وبين حلاوة الايمان مراتب ومسافة لا يتجاوزها الا من وفقه الله فكان حب الله في قلبه وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم احب اليه من زوجته من ماله من كل نعيم في الدنيا مباح يتلذذ به ان تكون المحبة الصادقة التي تتربع على عرش القلب فاضلة راجحة مقدمة على كل شيء سواه. هذا المطلوب اذا ليس ليس ان تحب الله لا. ان يكون حب الله وحب رسوله عليه الصلاة والسلام اعظم واحب اليك من كل شيء سواه ومر بكم اثر عمر لما قال للنبي عليه الصلاة والسلام لانت احب الي من كل شيء الا نفسي التي بين جنبي. صراحة لا مواربة فيها. يقول الحق رضي الله عنه ويخبر انه قد نجح في ان يقدم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن بقيت منزلة حب النفس التي هي فطرة في النفوس وغريزة في البشر فلما قال مقالته تلك والنبي عليه الصلاة والسلام يأخذ مع مثل الفاروق عمر رضي الله عنه بالحزم والعزم وكمالات المراتب قال لن يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من نفسه فقال عمر على الفور رضي الله عنه والذي انزل عليك الكتاب لانت احب الي من نفسي التي بين جنبي قال صلى الله عليه وسلم الان يا عمر اخرجه البخاري هب انك لقيت رسول الله عليه الصلاة والسلام هل تجرؤ على ان تقول مقولة عمر انك يا رسول الله احب الي من كل شيء وتكون صادقا فيما تعلم لانك تخاطب من لو اراد الله ان يطلعه على الغيب وما في النفوس بالوحي لاطلعه فلا مجال لكذب ولا مداهنة ولا في ريه اتبلغ ذلك ثم لما راجعه فقال حتى اكون احب اليه من كل شيء احب اليه من نفسه قال فانك الان احب الي حتى من نفسي يا كرام هذه المسائل تحتاج الى تغذية في القلوب وتروية على الدوام وان نتعاهد هذه النفوس الضعيفة وهذه القلوب المتقلبة فانها والله بين ارتقاء ونقصان بين تقدم وتراجع بين زيادة وتدهور فرحم الله عبدا يقظ انتبه لقلبه فامسك بتلابيبه وخشي عليه ان يتسرب اليه حب من لا يستحق الحب. فضلا عن ان القلب حب بعض المكروهات التي يبغضها الله. شهوات محرمة ومتع زائلة. وشيء من امور الدنيا فانية ولا يسد مسد القلب شيء الا بمحبوب اعظم فيطرد كل المحبوبات المكروهة. فمن اكرمه الله فانتبه وتفطن وتيقظ لقلبه سلك مسلك السلف رحمة الله عليهم في هذا الباب العظيم وهم ممن يضرب بهم المثل وقد مر بكم ايضا اثر انس رضي الله عنه لما جاء الرجل فقال يا رسول الله متى الساعة؟ قال ما اعددت لها قال ما اعددت لها من لصلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني احب الله ورسوله. قال انت مع من احببت هذه المحبة التي تقوم مقاما كثير من العمل. تسد الخلل وتجبر الزلل. ترفع الدرجة وتجعل احدنا اقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المحبة الاتي ذكرها بعد قليل. ان تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحب ما احبه رسول الله عليه الصلاة والسلام وتحب كل طاعة تجعلك اقرب تحب سنته تحب التمسك بها. اما الذي روي عن سلف فهذا باب كبير لكن اعظم ما يسلي نفوس الامة في عصورها المتأخرة ويجبر خاطرها المنكسر الذي ما تشرفت فيه بشرف الصحبة ولا رؤية الصحابة. رضي الله عنهم هذا الحديث العظيم الذي اخرجه الامام مسلم في الصحيح قول النبي عليه الصلاة والسلام من اشد امتي لي حبا من اشد امتي لي حبا ناس يكونون بعدي. يود احدهم لو رآني باهله وماله محبة تحملك على شوق عظيم وخفقان قلب بتمني رؤيته. عليه الصلاة والسلام. والاجتماع به ولو لحظة في الحياة محبة انت مستعد ان تدفع لها الثمن باهلك ومالك. فلو قيل لك ستفقد اهلك ومالك وكل دنياك في مقابل ان تظفر برؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمع مرة اخرى الحديث بقلبك لا باذنك عبدالله. من اشد امتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود احدهم لو رآني باهله وماله هذا منهج عظيم. عاش عليه السلف. فانظر الى عباراتهم يقول عمرو رضي الله عنه ما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول عمر رضي الله عنه وكذلك لما ذكر ما ذكر ابو بكر قال للعباس ان تسلم احب الي من ان يسلم الخطاء. لان ذلك كان احب الى رسول الله صلى الله الله عليه واله وسلم مع اثار اخرى عظيمة عجيبة. وابو سفيان لما قدم على هرقل واخبره عن عظيم شأن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ثم ايضا ما حصل في قصة زيد ابن الدفنة. والحديث اصله في البخاري لما اسر رضي الله عنه فاخرجه اهل مكة الى الحرم ليقتلوه قال له ابو سفيان انشدك الله يا زيد اتحب ان محمدا الان عندنا مكانك؟ تظرب عنقه وانت في اهلك؟ قال زيد والله ما احب ان محمدا الان في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وانا جالس في اهلي. حتى قال ابو سفيان ما رأيت من الناس احدا يحب احدا كحب اصحاب محمد محمدا. صلى الله عليه وسلم. اني لارخص دون عرضك مهجتي روح تروح ولا يحمى حماك. روحي وابنائي واهلي كلهم وجميع ما حوت الدنيا فداك صلى الله عليه واله وسلم ولما قرر المصنف هذا الباب العظيم اتبعه بفصل جليل في علامات محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كلمات جميلة وعبارات نافعة لئلا تكون المحبة شعارا فارغا الا تكون قصائد تنشد وعبارات تقال ورايات ترفع ثم تكون خواء ليس تحتها ما يدل على محبة صادقة هو المقدم في نفسي على نفسي واهل بيتي واحبابي وخلاني عليه الصلاة والسلام هذه العبارات التي ساقها المصنف قال في صدر الفصل اعلم ان من احب شيئا اثره واثر موافقته والا لم يكن صادقا في حبه وكان مدعيا. فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من علامات ذلك عليه. ثم ساق جملة من العلامات اولها الاقتداء به واستعمال سنته واتباع اقواله وافعاله وامتثال اوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه في عسره ويسره ومن شطه ومكرهه هذه العلامة جعلها القاضي عياض اولى علامات محبة رسول الله. عليه الصلاة والسلام تدري لم لانها ثمرة المحبة لانها دلالته هي اهم غراسها وهي في كل حب حاضرة فكيف اذا كان حبا للنبي عليه الصلاة والسلام وهو المبعوث للاتباع والاقتداء. وكما قال ابن القيم رحمه الله ولو لم يكن في القلب حب محمد لعمت بك البلوى وودام الضلال. فاللهم صل وسلم وبارك عليه. ثاني العلامات كثرة ذكره صلى الله عليه وسلم. قال المصنف فمن احب شيئا اكثر ذكره ثالث العلامات كثرة الشوق الى لقائه. فكل حبيب يحب لقاء حبيبه. وفي حديث الاشعريين لما قدموا المدينة انهم كانوا يرتجزون غدا نلقى الاحبة محمدا وصحبه اخرج احمد وصححه الالباني. وفي حديث اخرج اصله مسلم في الصحيح والذي نفس محمد بيده. ليأتين على احدكم يوم لا يراني ثم لان يراني احب اليه من اهله وماله معهم. عليه الصلاة والسلام تقدمت عبارات السلف قول بلال وطرباه غدا القى الاحبة محمدا وحزبه لما حضرته الوفاء يقول مثلها عمار قبل قتله رضي الله عنه. تقدم ليلة الجمعة الماضية عبارة خالد بن معدان. وهو يحكي شوقه الى رسول لا عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام رابعا قال ومن العلامات مع كثرة ذكره تعظيمه وتوقيره عند ذكره واظهار الخشوع والانكسار مع سماع اسمه. قال اسحاق التجيبي كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده لا يذكرونه الا خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا قال المصنف وكذلك كثير من التابعين. منهم من يفعل ذلك يعني البكاء عند ذكر رسول الله. عليه الصلاة والسلام. قال منهم من يفعل ذلك محبة وشوقا اليه ومنهم من يفعله تهيبا وتوقيرا قال ومن العلامات خامسا محبة ما احب النبي عليه الصلاة والسلام. ومن هو بسببه من اهل بيته وصحابته من المهاجرين والانصار وعداوة من عاداهم وبغض من ابغضهم وسبهم. فمن احب شيئا احب من يحب فما الذي كان يحب نبينا عليه الصلاة والسلام قال في الحسن والحسين اللهم اني احبهما فاحبهما قال في الحسن اللهم اني احبه فاحب من يحبه. وقال ايضا من احبهما فقد احبني ومن احبني فقد احب الله. قال في فاطمة رضي الله عنها انها بضعة مني يغضبني ما اغضبها وقال اية الايمان حب الانصار واية النفاق بغضهم. في حديث ابن عمر كذلك وانس وعدد مما ذكر المصنف في رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن العلامات سادسا بغض ما ابغض الله وما ابغض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاداة من عاداه. ثم جعل فصلا بعده في معنى هذه المحبة وحقيقتها فقال ان تكون المحبة الميل الى موافقة الانسان موافقة استلذاذه بادراكه وساق رحمه الله دوافع تلك المحبة ان يكون الحب لموافقته له. من جهة التلذذ بادراكه كحب الصورة الجميلة والاصوات الحسنة. او يكون حبه لموافقته له بادراك حاسة عقله ومعانيه باطنة شريفة او يكون لموافقته له من جهة احسانه وانعامه عليه. قال فاذا تقرر ونظرت هذه الاسباب كلها في حقه صلى الله عليه وسلم علمت انه جامع لهذه المعاني الثلاثة الموجبة للمحبة. اما جمال والظاهر وكمال الاخلاق والباطن فقد تقدم في كتاب ما لا يحتاج الى زيادة. واما احسانه وانعامه على امته فاي احسان اجل قدرا واعظم خطرا من احسانه الى جميع المؤمنين. واي افظال اعم منفعة واكثر فائدة من انعامه على كافة المسلمين اذ كان ذريعتهم الى الهداية ومنقذهم من العماية وداعيهم الى الفلاح والكرامة وسيلتهم الى ربهم وشفيعهم والمتكلم عنهم والشاهد لهم والموجب لهم البقاء الدائم والنعي السرمد فكيف ان كان مع كل ذلك نبيا مكرما؟ محبوبا عند ربه مختارا مصطفى صلى الله عليه واله وسلم ثم انتقل المصنف رحمه الله تعالى عقب ذلك الى الباب الثالث تعظيم الامر والنهي والتوقير لرسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا. وجعل رحمه الله تعالى ان ذلك اصل في دعوى المحبة يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان قيام المدحة والثناء عليه صلى الله عليه وسلم والتعظيم والتوقير له قيام الدين كله. وسقوط ذلك سقوط الدين كله. فاصل والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل في تعظيم سنته واجلالها وحرمة النبي عليه الصلاة والسلام بعد وفاته كحرمته في ايام حياته. كما يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله. قال وبذلك تعلم ان ما جرت به العادة اليوم من اجتماع الناس قرب قبره صلى الله عليه وسلم وهم في صخب ولغط واصواتهم مرتفعة ارتفاعا مزعجا كله لا يجوز. ولا يليق واقرارهم عليه من المنكر فاذا تعظيم رسول الله عليه الصلاة والسلام والادب الذي جاء به القرآن ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. اما ادب الصحابة فقد كان مثالا عظيما. يقول عمرو بن العاص ما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اجل في عيني منه وما كنت اطيق ان املأ عيني منه اجلالا له. ولو شئت ان اصفه ما اطقت باني لم اكن املأ عيني منه صلى الله عليه وسلم عن انس رضي الله عنه قال كان النبي عليه الصلاة والسلام يخرج على اصحابه من المهاجرين والانصار وهم جلوس فيهم ابو بكر عمر فلا يرفع احد منهم بصره الا ابو بكر وعمر فانهما كانا ينظران اليه وينظر اليهما ويتبسمان اليه ويتبسم اليهما. قال اسامة بن ان اتيت النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير ادبا وسكونا وهو قارن في مجلسه صلى الله عليه واله وسلم وشواهد جمة بذلك ثم انتقل المصنف رحمه الله في ذكر شأن وامثلة لهذا الادب العظيم من التعظيم لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال ابو سلمة الخزاعي كان ما لك ابن انس الامام رحمه الله اذا اراد ان يخرج ليحدث توضأ وضوءه للصلاة ولبس احسن ثيابه ولبس قلنسوة ومشط لحيته فقيل له في ذلك فقال اوقر بذلك حديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. كان سعيد بن المسيب وهو مريض يدخل عليه بعض طلابه يسألونه الحديث فيقول اقعدوني فاني اكره ان احدث حديث رسول الله صلى الله وعليه وسلم وانا مظطجع هذا وهو مريض على الفراش رحمة الله عليهم جميعا قال احمد بن سينان عن مجلس وكيع بن الجراح والطلبة حوله يجتمعون لسماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انا لا يتحدث في مجلسه ولا يبرى قلم ولا يبتسم ولا يقوم احد قائما كانوا في مجلسه كأنهم في صلاة فان انكر منهم شيئا انتقل عنهم ودخل كانوا يتأدبون ويؤدبون من حولهم بادب الجلوس في مجلس يذكر فيه حديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى تتربى الامة على هذا الادب. وينشأ الجيل محترما معظما موقرا لمقام رسول عليه الصلاة والسلام وسائر ما يتعلق به ثم انتقل المصنف الى ذكر حب الصحابة وتوقيرهم واجلالهم والمهاجرين والانصار وال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بل تناول بعد ذلك تعظيم الاماكن مكة والمدينة والمسجدين لبقاء رسول الله عليه الصلاة والسلام فيهما. وبذلك فانه يعظم البلد الذي حل به رسول الله. عليه الصلاة بل هو الامر الذي عظم الله. اقسم الله بمكة فقال لا اقسم بهذا البلد وان تحل بهذا البلد وحرمت المدينة وكانت حرمتها كحرمة مكة او اشد بدعوة رسول الله. صلى الله عليه وسلم ونالها من الخير والبركة بدعوة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فجعل المصنف ايضا في ذلك الحديث عن تعظيم هذين البلدين وما كان فيهما وطيبة التي عاشا فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام بقية عمره وارتضاها بعد هجرته وبعد فتح مكة فعاد اليها ورضي بها حتى كان قبره الشريف بها صلى الله عليه واله وسلم. ان قيل طيبة طابت نواحيها فذاك احمد اضحى نوره فيها صلى الاله على المختار سيدنا شفيعنا رحمة الدنيا وهاديا. وقال قائلهم كاد الذي لو زار طيبة ساعة يرى الانس مثل الانس يمشي على الثرى. يراه اذا هبت النسيم معطرا باطيابها لو جاد مزن فامطرا يراه اذا ما زار مسجد احمد وسبح رب البيت فيه وكبرا هنالك تخظر لمشاعر والرؤى ويجري دم العشاق في القلب اخبرا. وختم الباب الرابع في هذا القسم العظيم من الكتاب في حقوق رسول الله عليه الصلاة والسلام. وقد ذكر الايمان والطاعة اولا. وكثرة الذكر ثانيا والمحبة والتعظيم ما هو التوقير ثالثا جعل الباب الرابع في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم واحسن رحمه الله في تخصيص هذا الحق العظيم بباب منفرد. فانه من اعظم حقوق رسول الله عليه الصلاة على امته وبه امر الله صريحا في كتابه لما قال يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. فجاء امر مؤكدا بالفعل المطلق للدلالة على التأكيد. وسلموا تسليما. جاء الامر مسبوقا بما يغري النفوس المؤمنة على الاقبال على الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا التحفيز والاغراء جاء في مقدمة الله فيها انه تولى الصلاة على نبيه وصلت عليه الملائكة ان الله وملائكته يصلون على النبي فلا والله ما يبقى في قلب مؤمن مثقال ذرة من حب لله وتعظيم لامر الله واقبال على ما امر الله ما يبقى فيها ذرة الا وتحركت واسرعت وسارعت وتسابقت في الامتثال لامر يقول الله لنا ان الله ملائكته يصلون على النبي فاذا ما بلغت يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما رفرف القلب قبل اللسان صلاة وسلاما على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهناك بين المصنف رحمه الله معنى الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام والمواطن التي يستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام وعددها في جهات وانحاء. اولها التشهد في الصلاة بعدما يقرأ المصلي التحيات لله والصلوات والطيبات وساق في ذلك الاحاديث المروية والاثار في هذا الباب. قال ومن مواطن الصلاة عليه عند ذكره وسماع اسمه صلى الله عليه واله وسلم وجاء في الحديث رغم انف رجل ذكرت عنده فلم يصلي علي. وفي الحديث عند احمد البخيل من ذكرت عنده فلم يصب صلي علي صلى الله عليه واله وسلم. ثالثا من مواضع الصلاة عليه يوم الجمعة وليلة الجمعة وفي الحديث اكثروا من صلاتي علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. صلى الله عليه وسلم. ومن مواطن الصلاة والسلام عليه دخول المسجد ويقول اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي ابواب رحمتك بعدما يصلي ويسلم على رسول الله. والحديث عند مسلم اذا دخل احد المسجد فليقل اللهم افتح لي ابواب رحمتك. واذا خرج فليقل اللهم اني اسألك من فضلك ومن مواضع الصلاة عليه في صلاة جنازة بعدما تقرأ سورة الفاتحة في التكبيرة الاولى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التكبيرة الثانية قبل للاموات في الصلاة ومن المواطن سادسا قال المصنف التي مضى عليها عمل الامة ولم تنكرها الصلاة على النبي وعلى اله في الرسائل وما يكتب بعد البسملة قال ولم يكن هذا في الصدر الاول واحدث عند ولاية بني هاشم فمضى به عمل الناس في اقطار الارض ومنهم من يختم به ايضا الكتب. قال ابن المديني ما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب. يعني نجعل مكانا بياضا فارغا في كل حديث حتى نرجع اليه يعني بعد المجلس لكتابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كذلك كما قال في اخر الصلاة قبل الخروج منها والفراغ. وذكر صفات وكيفيات لصيغة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وختم الفصل او الباب بفضيلة وثواب واجر الصلاة على النبي صلى الله عليه واله وسلم فانها صلاة واحدة منك على نبيك وهي عشر لك من ربك سبحانه وتعالى. في حديث النسائي وابن حبان من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات. وفي رواية وكتب له عشر حسنات. فاين انتم عباد الله عن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو ايضا في الحديث عن ابن عوف قال لقيت جبريل فقال لي اني ابشرك ان الله يقول من سلم عليك سلمت عليه ومن صلى عليك صليت عليه فاللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وهذه الصيغ التي جاءت بالفاظ عدة اوردها المصنف رحمه الله لبيان ما الذي يسلكه المؤمن المقبل على الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ختم الباب بذم تارك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم البخيل كل البخيل الذي ذكرت عنده فلم يصلي علي. وفي بعض الفاظ الحديث المخرجة من ذكرت عنده فلم يصلي علي خطأ طريق الجنة. نسأل الله السلامة. والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. خير كلها ورحمة كلها وبركة كلها ثم انتقل المصنف في اخر فصول هذا الباب في ذكر زيارة المدينة وزيارة القبر الشريف والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جعله خاتمة للحقوق الواجبة بعدما يتحلى بالادب كل زائر لمسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام. المسجد الذي بني على يديه عليه الصلاة والسلام. لمسجد اسس على التقوى من اول يوم احق وان تقوم فيه. واحد القولين انه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والاخر انه مسجد قباء. وفي كل منهما ذكر الادب ما الذي يفعله من يأتي ذلك المسجد المبارك؟ وكيف يجلس في رحاب مسجد تنزل فيه الوحي وصلى وخطب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واما بخير الامة وجيلها المكرم. هذا كان ما يتعلق بالقسم الثاني من الكتاب وهو صلبه كما تقدم وركنه الاعظم اما القسمان الاخير ان من الكتاب فالثالث فيما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم وما يستحيل في حقه او يجوز عليه او يمتنع او يصح من الاحوال البشرية هذا الباب او القسم من الكتاب حديث عن عصمة الانبياء عليهم السلام وخلاصة ما اورده المصنف رحمه الله في النقاط التالية. اولا العصمة في تحمل الرسالة وتبليغ الدين والوحي فهذا لا خلاف فيه بين الامة ان الانبياء فيه على تمام العصمة ما يبعثهم الله ثم يكون من احدهم الخطأ في تبليغ الرسالة ولا مجانبة الصواب قط والله عز وجل تكفل بذلك فقال لنبيه عليه الصلاة والسلام سنقرؤك فلا تنسى وقال ايضا ان علينا جمعه وقرآنه يعني الوحي. فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم انا علينا بيانا كل انبياء الله عامة. ونبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم خاصة لا يكتمون شيئا من الوحي. ولا فيه عن الصواب ولا يبدلون شيئا من الوحي الذي يأتيهم من ربهم جل وعلا. يا ايها الرسول بلغ ما قيل اليك من ربي وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس وفي ايات اخر ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين وفي الاية الاخرى قل ما يكون لي ان ابدل من تلقاء نفسي ان اتبع الا ما يوحى الي هذا النوع الاول او القسم الاول من العصمة العصمة في تحمل الرسالة وتبليغ الوحي القسم الثاني العصمة من الذنوب والخطأ والمعاصي وها هنا ايضا الحديث فيه في اقسام. اولا العصمة من الكبائر قبل البعثة وبعدها. هذا الذي لا يصح فيه خلاف لاهل العلم ان الانبياء معصومون من الوقوع في الكبائر كالقتل والزنا وشرب الخمر والفواحش. فالكبائر هم عنها معصومون قبل النبوة وبعدها اما قبل النبوة فليكون اصطفاء وارهاصا لاختيارهم واصطفائهم. واما بعدها فلانهم قدوة الامم والمتحملون المقام العظيم من ربهم جل وعلا. واما ما كان من الخطأ ما لا يتعلق بالرزق والوحي مثل الصغائر. فاهل العلم فيها على قولين. والراجح جواز وقوع تلك المواقف احاد والمفردة من بعض الانبياء والرسل دون اقرار الله عز وجل لهم عليها. ولذلك شواهد في القرآن وعصا ادم ربه فغوى. وقال موسى عليه السلام قال هذا من عمل الشيطان. وفي قصة داوود فاستغفر ربه وخر راكعا واناب. وفي اتقي الله لنبيه عليه الصلاة والسلام العتبة اللطيفة الذي جاء في ثنايا المودة وكل الاكرام لرسول الله عليه الصلاة والسلام في مواضع يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله لك؟ عبس وتولى ان جاءه الاعمى ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض. تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة. هذا القول هو الذي عليه المحققون في امة الاسلام من علمائها البررة من مختلف المذاهب رحمة الله عليهم عملا بما دلت عليه النصوص وهو ايضا قول قال به طائفة من السلف والخلف. اما القول بعصمة الانبياء مطلقا. من الصغائر والكبائر عدم تجويز الخطأ والذنوب عليهم فاول من نقل عنهم القول بذلك في الامة الرافضة كما يقول شيخ الاسلام ثم بعض متأخري فقهاء المذاهب ولهم شبهتان. الاولى ان الله امر باتباعهم. يعني الانبياء عليهم السلام فلو جوزنا وقوع الذنوب والاخطاء منهم لكان ذلك مستلزما امر امتهم باتباعهم في تلك الذنوب والاخطاء جواب عن هذه الشبهة ان تلك المواقف المفردة واليسيرة بل والنادرة التي تقع منهم بعلم الله امر الله سبحانه لم تكن مقرة. فاذا جاء العتب الالهي والوحي يستدرك تلك المواقف فلا محل هذه الشبهة فكيف يقتدى بهم؟ والله يقول ما كان لنبي ان يكون له اسرى. كيف يقتدى بهم والله يقول عفا الله عنك لما انت لهم فلا اشكال اذا في هذه الشبهة. اما الشبهة الاخرى فان تجويز الذنوب والاخطاء الصغيرة او اليسيرة تنافي الكمالات التي جعل الله عليها الانبياء والرسل والجواب بل هم بعد تلك المواقف المحدودة على قلتها. وما يستدركه الوحي اعظم قدرا واجل بما دل عليه الوحي ثم هو ادل على بشريتهم التي هي بوابة الاقتداء بهم. اذ لو لم يعصي نبي وان قط ولم يحصل منه ذنب او خطأ لقالت البشرية هم معصومون. كالملائكة الكرام فلا سبيل الى الامر بالاقتداء بهم الا على التنزيل على مقتضى البشرية والبشرية مفطورة على الخطأ والزلل والنقصان. فكلام اهل العلم في ذلك يوشك ان ينتهي الى يسير من الخلاف في ان تجويز الذنب والخطأ ليس قدحا في الانبياء والرسل عليهم السلام. كيف وقد زكاهم الله وكانت تلك المواقف ايضا تشريعا للامة. يسهو النبي عليه الصلاة والسلام في صلاته. ليشرع سجود السهو وبيان الحكم كيف يكون عندما يخطئ المصلي في صلاته وامثال ذلك. القسم الاخير في العصمة الخطأ في الامور الدنيوية فيما يتعلق بامور الحياة مما لا مدخل فيه للدين ولا الوحي ولا الرسالة ولا الحلال والحرام والصحيح انه يجوز في ذلك من الانبياء وقوع الخطأ في الامور الدنيوية مع الاقرار بتمام عقلهم وسداد رأيهم عليهم السلام كمثل ما اخبر النبي عليه الصلاة والسلام اصحابه اول ما قدم المدينة فوجدهم يأبرون النخل ويلقحون الزرع فقال اما لو تركتم لو تركتموه ثم كان شيء من نقص الثمر فقال لهم عليه الصلاة والسلام انتم اعلم بدنياكم فكان اقرارا بان امور دنيا موكولة الى اهل الدنيا فيما كان من السبل المباحة والطرق المشروعة فيما يبتغى به فضل الله وما كتبه لعباده اما اخر اقسام الباب اخر اقسام الكتاب وهو القسم الرابع الذي تم لنا قبل مجلسين فهو الحديث عن حكم التنقص والسب والتطاول على مقام النبوة على صاحبها افضل الصلاة والسلام. وهذا القسم في كتاب القاضي عياض رحمه الله احد اعظم مراجع الاسلام في جمع كلام اهل العلم والاستدلال بالنصوص وحكاية اجماع علماء الاسلام مع اختلاف المذاهب والازمان اجماع على كفر من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحكم بقتله مع الاختلاف الفقهي ايقتل ردة ام يقتل حدا فان اهل العلم على قولين فمن قال يقتل ردة قال لان سبه كفر والكفر خروج من الاسلام فهي ردة توجب القتل. ومنهم من قال لا ولو لم يخرج من الاسلام. فان السب جناية عظيمة كسائر الذنوب التي جاء في الشريعة تأديب فاعليها. فمن قتل يقتل قصاصا ومن زنا يرجم ان كان محصنة ويجلد مائة ان كان غير محصن. ومن سرق قطعت يده. ومن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل القتل هنا حد كسائر الحدود في الشريعة التي جاءت على تلك الذنوب والمعاصي الكبائر التي تقام عليها الحدود تطهيرا لاصحابها وردعا لامثالهم في الامة من سلوك سبيلهم. وبعدما حكى الاجماع افاض رحمه الله في ذكر اول التطاول الذي قد يقع من بعض حثالة البشر ومن سقطاء بني ادم وممن لا يعي وزنا لما يقول فذكر في ذلك عدة وجوه محتملة لمن يقول ذلك اعلانا بكفره. او ابطانا وعدم تصريح به. او من يقوله تعريضا وانتقاصا او من يريد به مضرب المثل على سبيل عدم الاحترام وقلة الاكتراث. او من يقوله سخرية وضحكة وطرفة واستهزاء وتندرا في المجالس. او من يقول ذلك لم يقصد مقولته او من قال ذلك غائبا عنه وعي فاقدا لعقله وصوابه ورشده. كل ذلك اورده المصنف وبين انهم ليسوا في الحكم على درجة واحدة. وان كان كل ذلك لا يعذر به صاحبه واقل مراتبه التي هي ادنى الدرجات في استحقاق العقاب ان يؤدب تأديبا شديدا بحيث يطول ويضرب ويلام ويعاتب حتى ينسيه الشيطان ان يعود الى مثل هذا السبيل ولو كان مستجيبا لشيطانه يوم اما ثم ذكر حكم اهل الذمة والكفرة من تطاول منهم على مقام النبوة واستهزأ او انتقص في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم لاننا امة ربانية تحافظ ما امر الله عز وجل على الامة بحفاظه. ثم ساق هذا الى في عام التطاول على الذات الالهية وسب الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. فكان من عجيب وعظيم ما ختم به المصنف كتابه ان ختم بتلك الفصول التي ليست تعرضا لمقام رسول الله صلى الله عليه فختم المصنف رحمه الله تعالى كتابه العظيم وسفره الجليل بالحديث عن حكم هذه المعظمات بالشريعة شعائر الله وحرمات الله ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه. ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ذكر من تعظيم شعائر الله وحرماته التطاول على مقام النبوة. بل التطاول على الذات الالهية وما يلحق بذلك من والشعائر كالتطاول على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اتصل به كالتطاول على القرآن والتطاول على الصحابة وال بيته عليه الصلاة والسلام وسائر ما اتصل بذكره الشريف صلى الله عليه واله وسلم وختم به مصنفه الجليل الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وتم لنا في هذا المجلس ختام هذا العرض لمضامين الكتاب الذي نستحسن في ختامه اعادة ختم المصنف رحمه الله تعالى بقوله والى الله تعالى جزيل الضراعة في المنة بقبول ما منه لوجهه والعفو عما تخلله من تزين وتصنع لغيره وان يهب لنا ذلك بجميل كرمه وعفوه لما اودعناه من شرف مصطفاه وامين وحيه واسهرنا به جفوننا لتتبع فضائله. واعملنا فيه خواطرنا من ابراز خصائصه ووسائله. وان يحمي اعراضنا عن ناره الموقدة لحمايتنا كريم عرضه. ويجعلنا من من لا يزاد اذا ديد المبدل عن حوضه لنا ولمن تهمم باكتتابه واكتسابه سببا يصلنا باسبابه. وذخيرة نجدها يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا. نحوز بها رضاه وجزيل ثوابه. ويخصنا بخصيص زمرة نبينا عليه الصلاة والسلام وجماعته ويحشرنا في الرعيل الاول واهل الباب الايمن من اهل شفاعته ونحمده تعالى على ما هدى اليه من جمعه والهم. وفتح البصيرة لدرك حقائق ما اودعناه وفهم ونستعيذه جل اسمه من دعاء لا يسمع. وعلم لا ينفع وعمل لا يرفع. فهو الجواد الذي لا يخيب من امله ولا ينتصر من خذله ولا يرد دعوة القاصدين ولا يصلح عمل المفسدين. وحسبنا الله ونعم الوكيل. وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا رحم الله المصنف الامام القاضي ابا الفضل عياض ابن موسى ابن عياض الي حصبي المالكي رحمه الله تعالى وتغمده بواسع فضله وكرامته ورحمته. وجعلنا واياه ووالدينا ووالديكم ممن خصهم بفضله وكريم عنايته اللهم فاجعل هذا المجلس وما سبقه وما يلحقه من المجالس المقربين الى فضلك من المجالس المقربة لنا الى فضلك وحبك وحب نبيك صلى الله عليه وسلم. ولا تجعله ربي اخر العهد بهذه المجالس في رحاب بيتك الحرام اقتات بها غيثا يمطرنا من ذكرك يا ربنا. ومن الصلاة والسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم الهنا فاملأ بحبك وحب نبيك عليه الصلاة والسلام. والزمنا يا رب الطاعة والاستقامة ما حيينا. وجنبنا الذلل والخلل يا حي ويا قيوم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب الليلة ليلة الجمعة ايها الكرام يا من تحب محمدا اعليه تبخل بالصلاة مقياس حبك ذكره حتى تفيض به الشفاء. يا رب صل على الذي رد الحياة الى الحياة. فاكثر اكثروا من الصلاة والسلام عليه صلاة وسلاما تزيدكم في قلوبكم نورا. ومن ربكم قربى. ومن نبيكم صلى الله عليه وسلم حب فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عددا. ما غفل عن الصلاة عنه الغافلون واجعلنا الهي بالصلاة والسلام عليه من اشد امته له حبا. واكثرهم منه يوم القيامة قربى اللهم فانا نسألك العيش على سنته والموت على سنته والحشر في زمرته واكرمنا يا رب يوم القيامة بشفاعته نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا يا رب العالمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار صل يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين معين والحمد لله رب العالمين كل شيء في الحرم المكي يدعو للشوق. ومن ذلك دروس الحرم العلمية وكراسي العلماء. فماذا لو قربنا لك كهذه المجالس لتعيش في رحابها وانت في بيتك. على قناة التوجيه والارشاد الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي تستطيع ان تكون احد حضور مجالس العلم في المسجد الحرام مباشرة ولحظة بلحظة. حيث يمكنك حضور المجلس ومتابعة الدرب واخذ العلم عن اهله وكانك هناك. للمتابعة اشترك الان