نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم بارك لنا في شيخنا وانفعنا بعلمه واجزه عنا خير الجزاء. قلتم احسن الله اليكم في مصنفكم تعظيم العلم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله ما عظم معظم وسار اليه راغب متعلم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة نبرأ بها من شرف الاشارات فتوجب لنا النجاة من نار الهلاك واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فبلغ رسالته واداها واسلم امانته وابداها انتصرت بدعوته اظهر الحجج واندفعت ببيناته الشبهات واللجج. فورثنا المحجة البيضاء والسنة لا يتيم فيها ملتمس ولا يرد عنها مقتبس. صلى الله عليه وسلم. وعلى اله وصحبه من تعلم وعلم اما بعد فلم يزل العلم ارثا جليلا تتعاقب عليه الاماكن جيلا جيلا ليس لا بالمعالي هم سواه ولا رغبة لهم في مطلوب عداه. وكيف لا وبه تنال سعادة الدارين وطيب العيش شيء هو شرف الوجود ونور الاغوار والنجود. حلية الاكابر ونزهة النواظر. من مال اليه نعيم ومن جال به غنم ومن انقاد له سلم. لو كان سلعة تباع لبذلت فيه الاموال العظام. او صعد في السماء اليه نفوس الكرام هو من المتاجر ارباحها وفي المفاخر اشرفها اكرم المآثر مآثره واحمد وارد موارده فالسعيد من حض نفسه عليه وحث ركاب روحه اليه. والشقي من زهد فيه او وابعد عنه او بعد انفه باريج العلم مزكوم وختم القفا هذا عدد محروم والعلم يدخل قلب كل موفق من غير بواب ولا استئذان. ويرده المحروم من خذلانه لا تشغل اللهم بالحرمان وان مما يملأ النفس سرورا ويشرح الصدر ويمده نورا. اقبال القي على مقاعد التعليم وتلمسهم صراطه المستقيم. واجل دليل واصدقه. تكاثر الدروس العلمية وتوالي الدورات التعليمية حلاوة في قلوب المؤمنين وشجا في حلوق الكفرة والمنافقين. فالدروس معقودة والركبة والفوائد شارقة والنفوس فائقة. الاشياخ يمثلون درر العلم والتلامذة ينضمون عقده. وان من الاحسان الى هذه الجموع الصاعدة والاجيال الواعدة ارشادها الى سر حيازة العلم الذي يغفرها بمأمولها ويبلغها مأمنها رحمة بهم من الضياع في صحراء الاراء وظلماء الاهواء. واعمالا لهذا الاصل جمل ايها المؤمنون عن تعظيم العلم فان حظ العبد من العلم موقوف على حظ قلبه من تعظيمه وجلاله فمن امتلا قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له. وبقدر نقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد من حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فمن عظم العلم لاحت انواره عليه ووفدت رسل اليه ولم يكن لهمته غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه. وكأن ابا محمد الدارمي يلحق حافظ لمح هذا المعنى فختم كتاب العلم من سننه المسمى بالمسند الجامعي بباب في اعظام العلم واعون على الوصول الى اعظام العلم والجدال معرفة معاقد تعظيمه. وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجلا له. ومن ضيعها فلنفسه اضاع. ولهواه اطاع. فلا يلومن ان ترى عنه الا نفسه يدعكه كنفخ. ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم. وسنأتي بالقول باذن الله على معقدا يعظم بها العلم ومن غير بسط لاباحثها. فان المقام لا يحتمل والاتيان على غاية كل معقد يحتاج الى زمن والمراد هنا التبصرة والتذكير وقليل يبقى فينفع خير من كثير يلقى في رفع. فخذ من هذه المعاقد بالنصيب الاكبر تنهي الحظ الاوفر من رياض الفنون وحدائق العلوم. واياك والاخلاد الى مقالة قوم وجبت قلوبهم وضعفت نفوسهم فزعموا ان هذه الاحوال غلو وتنطع وتشدد غير مقنع فقد ضرب بينهم بينها بسور انه باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. فليس مع هؤلاء على دعواهم من ادلة الشرع ما يصدقها ولا من شواهد الاقدار ما يوثقها وانما هي عذر البريد وحجة العاجز. فاين الغلو والتنطع من شيء الوحي والرعي الاول سالكه فكل عاقل منها ثابت باية محكمة او سنة مصدقة او اثار عن خير القرون الماضية فاذا وثقت بصدقها وعقلت خبرها وخبرها. فلا تقعد همتك بخطبة الكسل والتواني تسلل اليها وهي تجلجل هذه احوال من مضى من سلف الامة وخير الورى فاين الثرى من الثريا بل من سمت نفسه الى مقاماته ما ادركها فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم ان التشبه بالكرام فلاح فاشهد هذه المعاقد وتدبر من قولها ومعقولها واستنبط منطوقها ومفهومها. فالمباني خزائن المعاني ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة. ثم ثنى بالحمدلة ثم ثلت بالشهادة لله عز وجل بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة مقرونة بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه. وهؤلاء الاربع من اداب تصنيف اتفاقا فمن صنف كتابا استحب له ان يستفتحه بالبسملة والحندلة شهادتين والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه. وقوله في الحمد وسار اليه راغب متعلم اي وسار الى الله راغب متعلم والسير الى الله هو لزوم طريقه بسلوك الصراط المستقيم. هو لزوم طريقه بسلوك الصراط المستقيم. ذكره ابن رجب في كتاب المحجة في سير الدلجة. فاسم السير الى الله اذا اطلق في كلام اهل العلم فانهم يريدون به لزوم طريق الاسلام وهو الصراط المستقيم الموصل الى الله سبحانه وتعالى والسير فيه بالقلب لا بالبدن. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد فاعلم ان العبد انما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لا ببدنه فاعلم ان العبد انما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لا ببدنه. واشار الى ذلك بعضهم بقوله قطع المسافة بالقلوب اليه لا بالسير فوق مقاعد الركبان. قطع المسافة بالقلوب اليه لا بالسير فوق مقاعد الركبان. اي ان قطع مسافة الوصول الى الله والفوز برضاه تحصل بتنقيل القلب في منازل الصراط المستقيم. لا بسير القدم في منازل في طريق يفضي الى موضع يريده الانسان ويطلبه. وقوله في الشهادة لله عز وجل بالوحدانية عادة نبرأ بها من شرك الاشراك اي من حبائل الشيطان في اسقاط الناس في الشرك اي من حبائل الشيطان في اسقاط الناس في الشرك. فان الشرك بتحريك الراء هو حبالة الصائد التي ينصبها لقنص الصيد. وحبالة الصائد التي ينصبها لقنص الصيد ومن حبائل الشيطان ما ينصبه لقنص الناس ونقلهم من دين الاسلام الى دين الشرك ومن بدائع الكلم قول بعض الادباء البدعة شرك الاشراك. البدعة شرك الاشراك اي حبالة الشيطان الكبرى التي ينصبها للخلق من اهل الاسلام فينقله هم من دين الاسلام الى دين الشرك بما يزين لهم من البدع. فان اهل الاسلام ينفرون عادة من الشرك والكفر لكنه يخرج لهم البدعة في قالب التقرب الى الله سبحانه وتعالى حتى اذا علقت قلوبهم بها نقلهم بعد ذلك الى الكفر. وقوله في الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة واندفعت ببيناته الشبهات واللجت اللجت بفتح اللام التمادي في الخصومة دجاج بفتح اللام التمادي في الخصومة. ثم ذكر المصنف كلاما جامعا في فضل العلم وكان مما قال فيه قوله ونور الاغوار والنجود. اي منورهما. ونور الاغوار والنجود اي منورهما. فالعلم نور لما كان فيه من مواطن الارض. فان الاغوار جمع غور. والنجود جمع نجد. والغور اسم لما من الارض ونزل والغور اسم لما سفل من الارض ونزل والنجد اسم لما ارتفع منها فالعلم اذا توطن في بلد غائر او منجد فانه يحصل به نور الاهتداء للبلد وغور جزيرة العرب تهامة. ونجدها ما ارتفع عن تهامة الى العراق والموضع المتسفل من جزيرة العرب يسمى تهامة. فاذا ارتفع عنه السائر وعلاه متجاوزا اياه فكل ما يليه من مرتفع الارض الى بلاد العراق يسمى نجدا. وقال فيه ايضا حلية الاكاذيب اي زينتهم فالحلية اسم لما يتزين به. وحلية الانسان نوعان احدهما حلية باطنة. وهي الحلية التي يزين بها باطن البدن. والاخر حلية ظاهرة وهي الحلية التي يزين بها ظاهر البدن. والعلم من الحلية باطنة واثاره تبدو على البدن. فان القلب يزين بالعلم في باطن الانسان يكون العلم حلية لباطن احدنا. فاذا استقر في باطنه ظهرت اثار تلك الزينة على بدنه. لما عليه من حسن الهدي والسمت والدل. فان الناس يتميزون بطلبهم العلم في احوالهم الباطنة والظاهرة عن غيرهم ممن لم يطلب العلم. وكان هذا يعرف في السلف ان الانسان اذا طلب العلم ظهر عليه في نسكه ومشيه وكلامه ما يتميز به عن غيره من اغمار الناس الذين لا يطلبون العلم ولا يأخذون بحظهم منه وقوله فالدروس معقودة والركب معكوفة اي محبوسة. اي محبوسة فالعطف اللبث والاقامة. فاذا قيل عكف انسان عند احد يطلب منه العلم اي اقام عنده ولازمه حتى يأخذ منه العلم. وقوله فيها ايضا الاشياخ ينفرون درر العلم. اي يستخرجونه. فالنفل هو الاستخراج ومنه قولهم نزلت الكنانة وهي الوعاء الذي تجعل فيه السهام. فالجعبة التي تحفظ فيها تسمى كنانة فاذا نثر ما فيها واستخرج سمي هذا نثلا. فمن وظائف الاشياخ المعلمين انهم يستخرجون للمتعلمين درر العلم. فالعلم عبادة واكمل الناس فيها حالا من يجتهد في تلمس عيون العلم ودرره بلغوه الناس فان العلم ليس مقاما لاظهار العبد نفسه على الخلق والترفع عليه وانما ما هو مقام نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هداية الخلق. ومن صدق القيام بهذه النيابة يجتهد المعلم في استخراج درر العلم ودفعها الى المتعلمين. لتحصل لهم الكفاية التامة فيما يطلبون من العلم. ثم ذكر المصنف ان من الاحسان الى ملتمس العلم ارشادهم الى سر قيادته وهو تعظيم العلم واجلاله. فنيل ملتمس العلم بغيته منه مرهون باجلاله وتعظيمه. فمن عظم العلم حصل ما يؤمنه منه. ومن لم يعظم العلم لم يبالي العلم به وحجب عن مقصوده فيه فلم يدرك منه ما يؤمله اشد شيء يعين على الوصول الى تعظيم العلم هو معرفة معاقد تعظيمه. والمراد بمعاقد تعظيم العلم الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب. الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب. فكل اصل منها اذا اخذ به افضى الى حصول عظمة العلم في القلب فاذا استوى في القلب تعظيم العلم زكى القلب وصار محلا للعلم فحصل العبد مطلوبه منه وفي هذه الرسالة ذكر عشرين معقدا من معاقد تعظيم العلم على وجه متوسط بين الايجاز والاطناب. فالمراد هنا التبصرة والتذكير. وقليل يلقى فينفع خير من كثير يلقى فيرفع. فان العلم لا يحمد بمجرد البسط اتساع وانما يحمد بحصول المدارك ووقوع الانتفاع. فان من صارت نهمته بالعلم معلما او متعلما ان يستكثر من العبارات حجب عن المقصود الاعظم من العلم وهو هداية النفس والخلق الى ما ينفعه. وهذه الهداية تحصل غالبا بتقليل الكلام فان جمع ما ينفع اصل وضع الشريعة. فان الشريعة جاءت في دلائل مضبوطة من القرآن والسنة. ولو اريد بسطها لكان هذا الديوان نازل الينا وهو كتاب الله القرآن ديوانا مؤلفا من مجلدات كثيرة لا عد لها ولكن حصول النفع للخلق انما يكون في جمع ذلك بما يدركونه فينتفعون به. فوقع تنزيل القرآن في اربع عشرة ومئة سورة. وكذا الاحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه سلم من عيون الاسلام التي ترجع اليها الاحكام خبرا وطلبا هي مظبوطة مجموعة فاذا عقلت هذه المعاني بجمعها حصل الانتفاع ووقع للخلق ما يأملون من قوة تاركهم ومعرفة ما ينتفعون به في الدنيا والاخرة. فاللائق باحدنا معلما او متعلما هو الاعتناء بتحصيل ما ينفع. لا الغرام بالبسط والاتساع الذي قد يضيع ما فان في كثير القول ما يضيع بركة قليله. ثم ذكر ان السير على هذه الاصول المذكورة في الرسالة جادة شرعية وطريقة سنية سنية فانه ليس شيء من هذه الاصول الا وهو مشيد على اية محكمة او سنة مصدقة او عمل عن خير القرون الماضية من السلف الصالح من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم او من اتباعهم او من اتباع التابعين فهي جادة تعظيم العلم. واجلاله واعظامه في هذه الامة وضعفها في الناس لا يصيرها امرا منسوبا الى التعمق او التنطع فان كثيرا مما به صلاح الخلق قد ترك ومن جملة ذلك حفهم العلم بتعظيمه. فان تعظيم العلم صار غريبا في الناس. والة هذه الغربة الى نزع العلم منهم. فانك ترى جموعا من الخلق على طلب العلم اما بحفظه او بالسعي في فهمه بالحضور عند اشياخه او القراءة في دواوين العلم او غير ذلك من طرائق تحصيل العلم. ثم لا يرجعون بعد المدة المديدة. الا بشيء قليل ومنشأ ذلك ان تعظيم العلم نزع من اكثر قلوب الخلق. لان العلم اخرج من كونه عبادة الى كونه مظهرا من مظاهر ما يسمى بالحياة الاجتماعية او الحياة العلمية والثقافية. فلما الخلق عن كون العلم عبادة تقرب الى الله سبحانه وتعالى ضعف في قلوبهم اعظامه واجلاله. ولما ضعف هذا التعظيم هو الاجلال ظعف وصول ما ينفع من العلم اليهم. ومما يعانون به على تعظيم العلم على معاقد تعظيم العلم من الاصول الجامعة عظمة العلم في القلب مما اذا اخذ به العبد صار للعلم فانتفع بالعلم ومن جملة ذلك هذه الاصول العشرون المذكورة في هذه الرسالة فانها معاقد لتعظيم العلم يصل بها الانسان الى ما ينفعه من العلم. والعلم النافع هو ما حصل ابي العبد للعبد به الهداية في الدنيا والاخرة. فان من الناس من قد يرى في الخلق من لا يقوم بتعظيم العلم وينسب الى كثرته. وهذا ليس هو العلم النافع. فليس العلم النافع بالكثرة والوفرة. ولكن العلم النافع بحصول الهداية والخير في النفس والخلق. واذا قرن الى ذلك البسط والاتساع فيه مع حسن تعليمه فهذا منة الهية وعطية ربانية. لكن الامر الحقيقة بالشغل اعتناء العبد بما ينفعه من علم فانه ولو كان قليلا اوصل الى النفس والخلق كثيرا من الخير. نعم