ثم ذكر الله عز وجل ما للمتقين من النعيم لان القرآن مثاني اذا ذكر فيه العقاب ذكر فيه سواء. واذا ذكر الثواب ذكر العقاب. واذا ذكر اهل الخير ذكر اهل الشر واذا ذكر الحق ذكر الباطل مثاني حتى يكون سير الانسان الى ربه بين الخوف وايش؟ والرجاء. لانه ان غلب عليه الرجا وقع في الامن من مكر الله وان غلب عليه الخوف وقع في القنوط من رحمة الله وكلاهما من كبائر الذنوب كلاهما شر. لا الامن من مكر الله ولا القنوط من رحمة الله. لذلك تجدون القرآن نأتي بهذا وبهذا ولان لا تمل النفوس من ذكر حال واحدة والاسهام فيها دون ما يقابلها وهذا من بلاغة القرآن الكريم ونقف الى هذا الحد ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعله لقاء مباركا نافعا نستمر في تفسير سورة النبأ حيث وقفنا على قول الله تعالى ان للمتقين مفازا. حدائق واعنابا وكواعب اترابا الى اخر ما ذكر الله عز وجل هذه الايات جاءت بعد قوله ان للطارين مئابا ان جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا وذلك ان القرآن الكريم متان تثنى فيه الامور اذا ذكر فيه الثواب ذكر العقاب واذا ذكر العقاب ذكر الثواب واذا ذكرت صفات المؤمنين ذكرت صفات الكافرين وهكذا لاجل ان يكون الانسان حين يقرأ القرآن راغبا راهبا اذا قرأ ما فيه الثواب للمؤمنين رغب وراجع وامل واذا قرأ ما فيه عقاب الكافرين خاف فيكون سائرا الى الله تعالى بين الخوف والرجاء لا يأمن مكر الله ولا ييأس من رحمة الله. قال الامام احمد ابن حنبل رحمه الله ينبغي ان يكون الانسان في عبادته لربه بين الخوف والرجاء فايهما غلب؟ هلك صاحبه يقول عز وجل ان للمتقين مفازا المتقون هم الذين اتقوا الذين اتقوا عقاب الله وذلك بفعل اوامر الله واجتناب نواهيه احيانا يأمر الله بتقواه واحيانا يأمر بتقوى يوم الحساب. واحيانا يأمر بتقوى النار قال الله تعالى واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار فجمع بين الامر بتقواه والامر بتقوى النار. وقال تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. فامر بتقوى يوم الحساب. وكل هذا يدور على معنى واحد وهو ان يتقي الانسان ان يتقي الانسان محارم ربه فيقوم بطاعته وينتهي عن معصيته. فالمتقون هم الذين قاموا باوامر الله. واجتنبوا نواهي الله. هؤلاء لهم مفازا لهم مفاز. والمفاز هو مكان الفوز وزمان الفوز ايضا فهم فائزون في امكنتهم وفائزون في ايامهم يقول عز وجل حدائق واعنابا هذا نوع المفاسد حدائق اي بساتين عظيمة عظيمة الاشجار كثيرة الاشجار منوعة الاشجار واعنابا الاعناب جمع عنب وهي من جملة الحدائق. لكنه خصها بالذكر وكواعب اكراما الكواعب جمع كاعب وهي التي تبين ثديها ولم يتدلى بل برز وظهر كالكعب. وهذا اكمل ما يكون في جمال الصدر وترابا اي على سن الواحدة. لا تختلف احداهن عن الاخرى كبرا كما في نساء الدنيا لانها لو اختلفت احداهن عن الاخرى كبرا فربما تختل الموازنة بينهما وربما تكون احداهما محزونة اذ لم تساوي الاخرى لكن لكنهن اتراب. وكأسا دهاقا. اي كأسا ممتلئة والمراد بالكأس هنا كأس الخمر وربما يكون للخمر وغيره. لان الجنة فيها انهار من ماء غير اثم انهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى الدهاق يعني المملوءة من الخمر وربما يكون من الخمر وغيره لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا لا يسمعون في الجنة لغوا اي كلاما باطلا لا خير فيه. ولكن كذابا اي ولا كذبا فلا يكذبون ولا يكذب بعضهم بعضا. لانهم على سرر متقابلين قد نزع الله ما في صدورهم من غل. وجعلهم اخوانا جزاء من ربك عطاء حسابا. اي انهم يجزون بهذا جزاء من الله سبحانه وتعالى. على اعمالهم الحسنة سنة التي عملوه عملوها في الدنيا واتقوا بها محارم الله وقوله عز وجل حسابا اي كافيا مأخوذة من من الحصد وهو الكفاية اي ان هذا الكأس كأس كافي لا يحتاجون معه الى غيره لكمال لذته وتمام منفعته ثم قال عز وجل رب السماوات والارض وما بينهما الرحمن الله سبحانه وتعالى هو رب كل شيء قال الله تعالى قل انما قال الله تعالى انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء فهو رب السماوات السبع الطباع ورب الارض وهي سبع كما ثبت ذلك في السنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وما بينهما اي ما بين السماوات والارض من المخلوقات العظيمة كالغيوم والسحب والافلاك وغيرها من ماء نعلمه ومما لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى وقوله لا يملكون منه خطابا يوم يقوم الروح. يعني ان الناس لا يملكون خطابا من الله. ولا يستطيع احد ان ان يتكلم الا باذن الله وذلك يوم يقوم الروح وهو جبريل والملائكة صفا اي صفوفا صفا بعد صف لانه كما جاء في الحديث تنزل ملائكة السماء الدنيا فتحيط بالخلق ثم ملائكة السماء الثانية من ورائهم ثم الثالثة والرابعة والخامسة وهكذا صفوفا لا يعلم عددهم الا الذي خلقهم سبحانه وتعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا اي لا يتكلمون ملائكة ولا غيرهم كما قال تعالى وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا. الا من اذن له الرحمن بالكلام. فانه يتكلم كما اذن له وقال صوابا اي قال قولا صوابا موافقا لمرضاة الله سبحانه وتعالى وذلك بالشفاعة اذا اذن الله لاحد ان يشفع شفع فيما اذن له فيه على حسب ما اذن له قال الله تعالى ذلك اليوم الحق اي ذلك الذي اخبرناكم عنه هو اليوم الحق وهو والحق ضد الباطل اي الثابت الذي يقوم فيه الحق ويقوم فيه العدل يوم لا ينفع نفس. يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم اعانني الله واياكم على ذلك اليوم فمن شاء اتخذ الى ربه مآبا اي من شاء عمل عملا يؤوب به الى الله ويرجع به الى الله وذلك العمل الصالح الموافق لمرضاة الله تعالى وقوله لمن شاء فمن شاء اتخذ الى ربه مأبا قيدتها اية اخرى وهي قوله تعالى لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين. يعني اننا لنا لنا الخيار. فيما نذهب اليه لا احد يكرهنا على شيء لكن مع ذلك خيارنا وارادتنا ومشيئتنا راجعة الى الله وما تشاؤون الا ان يشاء الله وانما بين الله ذلك في كتابه من اجل ان لا يعتمد الانسان على نفسه وعلى مشيئته. بل يعلم انها مرتبطة بمشيئة الله حتى يلجأ الى الله في سؤال الهداية لما يحب ويرضى. لا يقول الانسان انا حر اريدك ما شئت. واتصرف كما شئت. نقول الامر كذلك لكنك مربوط بارادة الله عز وجل ثم قال تعالى انا انذرناكم عذابا قريبا اي خوفناكم من عذاب قريب وهو يوم القيامة. يوم القيامة في الحقيقة يا اخواننا انا قريب. ولو بقت الدنيا ملايين السنين. فانه قريب كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها فهذا العذاب الذي انزله الله قريب. ليس بين الانسان وبينه الا ان يموت. والانسان لا يدري متى يموت. قد يصبح ولا يمسي او يمسي يصبح ولهذا كان علينا ان نحزم في اعمالنا وان نستغل الفرصة قبل فوات الاوان يوم ينظر المرء ما قدمت يداه المرء اي كل امرئ ينظر ما قدمت يداه ويكون بينه وبين ويكون بين يديه ويعطى كتابه ويقال اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. ويقول الكافر من شدة ما يرى من الهول وما يشاهد من العذاب يقول يا ليتني كنت ترابا اي ليتني لم اخلق او ليتني لم ابعث او اذا رأى البهائم التي التي يقضي الله بينها ثم يقول كوني ترابا فتكون ترابا يتمنى ان يكون مثل البهائم. فقوله كنت ترابا تحتمل ثلاثة معاني. المعنى الاول يا ليتني كنت ترابا فلم اخلق. لان الانسان خلق من تراب. المعنى الثاني يا ليتني كنت ترابا فلم ابعث. يعني كنت ترابا في اجواف القبور. او المعنى الثالث انه اذا رأى البهائم التي قضى الله وبينها وقال لها كوني ترابا فكانت ترابا قال ليتني كنت ترابا اي كما كانت هذه البهائم والله اعلم والى هنا تنتهي سورة النبأ وفيها من المواعظ والحكم وايات وايات الله عز وجل ما يكون موجبا للايقان والاماء. نسأل الله ان ينفعنا واياكم بكتابه. وان يجعله موعظة لقلوبنا وشفاء لما انه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. درسنا في هذا اليوم هو اول سورة النازعات قال الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم. والنازعات غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا فالسابقات سبقا فالمدبرات امرا البسملة اية من كتاب الله مستقلة لا تتبع السورة التي قبلها ولا ولا التي بعدها ولهذا كان القول الراجح ان البسملة ليست من الفاتحة بل هي مستقلة ودليل ذلك حديث ابي هريرة الثابت الثابت في الصحيحين ان الله تعالى قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فاذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي وذكر تمام الحديث كما انها ايضا ليست اية من السور الاخرى