احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا التوحيد هو معنى قولك لا اله الا الله فان الاله عندهم هو الذي يقصد لاجل هذه الامور سواء كان ملكا او نبيا او وليا او شجرة او قبرا او جنيا. لم يريدوا ان الاله هو الخالق الرازق المدبر فانهم يعلمون ان ذلك لله وحده كما قدمت لك. وانما يعنون بالاله ما يعني به المشركون في زماننا بلفظ السيد فاته النبي صلى الله عليه وسلم فيدعوهم الى كلمة التوحيد وهي لا اله الا الله والمراد من هذه الكلمة معناها لا مجرد لفظها والكفار يعلمون ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة هو افراد الله تعالى بالتعلم والكفر بما يعبد من دونه منه فانه لما قال لهم قولوا لا اله الا الله قالوا اجعل الالهة اله واحدا ان هذا لشيء عجاب. فاذا عرفت ان جهال الكفار يعرفون ذلك فالعجب ممن يدعي الاسلام وهو لا يعرف من تفسيرها هذه الكلمة ما عرف جهال الكفار بل يظن ان ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني والحاذق منهم يظن ان معناها لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الامر الا الله وحده. فلا خير في رجل اهل الكفار اعلم منه بمعنى لا اله الا الله. بين المصنف رحمه الله في هذه الجملة ان توحيد العبادة الذي دعت اليه الرسل هو معنى لا اله الا الله فمعناها لا معبود حق الا الله فهي تنطوي على نفي واثبات تأمل نفيها ففي قوله لا اله الدال على ابطال عبادة كل احد سوى الله تعالى. الدال على ابطال عبادة كل احد سوى الله تعالى واما اثباتها ففي قوله الا الله الدال على اثبات العبادة لله وحده واذا نفيت العبادة عن غير الله سبحانه وتعالى. واثبت العبادة له وحده كان هو وحده المعبود الحق وكان كل ما سواه معبودا باطلا. وهذا هو الذي ادركه المشركون من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم الى لا اله الا الله فان الاله عندهم هو الذي يتوجه اليه في كشف الملمات واغاثة اللهفات وتحصيل الحاجات فيتوجهون اليه بما يتوجهون اليه من عباداتهم لادراك تلك المطلوبات. فدعاهم النبي الله عليه وسلم الى ما يبطل اعتقادهم في الاله بان لا يكون لهم اله حق سوى الله اي سبحانه وتعالى فانكروا وهذا فانكروا هذا وقالوا اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب. ثم ذكر المصنف ان من يدعي الاسلام من متأخر هذه الامة لا يدري من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال كفار قريش وذكر من هؤلاء الطائفتان الطائفة الاولى هم المذكورون في قوله بل يظن ان ذلك هو التلفظ بحروفها من غير فقاد القلب لشيء من المعاني فيظنون ان المقصود هو قولها باللسان فقط وانه اذا قال لا اله الا الله صار من اهلها ولو فعل ما فعل مما لا اله الا الله فاذا ذبح لغير الله او نذر لغير الله او دعا غير الله او استغاث بغير الله وهو يقول لا اله الا الله فهو عند هذه الطائفة الجاهلة حقيقة لا اله الا الله من اهل لا اله الا الله لانهم يظنون ان ان المقصود هو مجرد التلفظ بها. والطائفة الثانية هم من ينتسب الى الحدق والمعرفة والفهم منهم الذين يزعمون ان معناها انه لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الامر الا الله ويفسرون الاله بانه القادر على الاختراع فكلمة التوحيد لا اله الا الله معناها عندهم لا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت ولا مدبرا سوى والله سبحانه وتعالى فيجعلون التوحيد الذي دعت اليه الرسل ودعا اليه محمد صلى الله عليه وسلم هو توحيد الربوبية ومما يعجب منه العاقل حال هاتين الطائفتين اللتين ادعتا ما ادعتا في لا اله الا الله. فان من اطلع على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجهاده المشركين علم انه صلى الله عليه وسلم لم يرد منهم مجرد القول بان يقول لا اله الا الله ولا اراد منهم صلى الله عليه وسلم ان يقروا بان الله هو الخالق المدبر فان العرب امتنعت من اللفظ لمعرفتها بالمعنى فانهم لم يذعنوا بقول لا اله الا الله لانهم يعلمون ان من قالها يلزمه من الاعتقاد الجازم والعلم والعمل اللازم ما يبطل عبادة غير الله سبحانه وتعالى. فمن قال منهم لا اله الا الله لزمه عندهم ان يكون دعاؤه كله لله وان يكون ذبحه كله لله وان يكون نذره كله لله فهموا هذا امتنعوا منه. ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يريد منهم بدعوتهم لا اله الا الله ان يؤمنوا بان الله هو الخالق الرازق المالك المحيي المميت المدبر فانهم كانوا يؤمنون بهذا كما تقدم بادلته في صدر هذا الكتاب. والامر كما قال المصنف فلا خير في رجل جهال الكفار اعلم منه بلا اله الا الله لانه عمي عن الحق فجهل المعنى. لانه عمي عن الحق فجهل المعنى. واولئك عقلوا معناها لكنهم امتنعوا منها ومن اجل نعم الله سبحانه وتعالى على العبد ان يعرفه بلا اله الا الله. قال سفيان ابن عيينة رحمه الله ما انعم الله على عباده نعمة اعظم من لا اله الا الله. ما انعم الله على عباده نعمة اعظم من لا اله الا الله. اي لم اليهم الله سبحانه وتعالى نعمة هي اعظم من عرفهم سبحانه وتعالى بكلمة التوحيد فامنوا بها. فان من امن بلا اله الا الله واعتقد انه لا معبود حق الا الله اطمأن قلبه وانشرح صدره وانس بربه لان في النفس كسرا ونقصا وضرورة من التأله لا يسدها الا توجه العبد الى الله وحده فمن توجه الى غير الله عز وجل لم يزل مضطربا قلقا متململا شعثا في قلبه. وربما اداه ما يجده من الضيق في صدره الى ان نفسه لان من ضل ربه ضاق عيشه ومن ضاق عيشه ربما ابتغى الخروج من هذا العيش. فنعمة التوحيد في معرفة لا اله الا الله لا يعدلها نعمة. نعم