احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى الثامن اذا انتهيت الى مجلس فسلم واجلس حيث ينتهي المجلس ولا تجلس بين الشمس ولا تفرق بين اثنين الا باذنهما. ولا تقم احدا من مجلسه وافسح لمن دخل. واذكر الله فيه واقله وكفارته فتقول سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. ذكر المصنف وفقه الله الادب الثامن من الاداب العشرة وهو يتعلق بادب المجلس. وفيه ثمان مسائل. فالمسألة الاولى في قوله اذا انتهيت الى مجلس فسلم. اي اذا بلغت مجلسا ووصلت اليه فالق السلام على اهله واكملوا القاء السلام. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كما تقدم بيانه. والمسألة الثانية في بقوله واجلس حيث ينتهي المجلس. اي اتخذ مكانا لجلوسك فيما انتهى اليه المجلس فان الناس كانوا اذا جلسوا انضم بعضهم الى بعض ولم تكن العرب يجلس احدها في طرف والاخر في طرف بل كانوا يجلسون متقاربين فاذا جاء احد الى المجلس جلس قريبا مما انتهى اليه المجلس. فاذا دخل داخل جلس بعده. فاذا دخل داخل جلس بعده فهذا هو المجلس المنتظم الذي يتحقق به هذا الادب. الوارد في السنة اما مجالس المتفرقة التي صارت عليها حال الناس فليست مما يجري فيه هذا فتجد ثلاثة في مجلس كبير يجلس احدهم غربا. ويجلس الاخر جنوبا. فاذا دخل الداخل فلا بأس شمالا لان المجلس قد تفرق اهله فهو يتخير منه ما شاء اذ لا منتهى له. اما المجلس الذي يصطف فيه اهله متقاربين. يجلس بعضهم ازاء بعض. فالسنة حينئذ ان يجلس الداخل حيث انتهى المجلس اي في اخره مما بلغه مقام الجالسين. والمسألة الثالثة في قوله ولا تجلس بين الشمس والظل بان يكون بعضك في الشمس وبعضك في الظل للنهي الوارد عن ذلك عند ابن ماجة واسناده حسن. وروي انه مجلس الشيطان في احاديث لا يثبت منها شيء نهي عنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. واما تعليله بكونه مجلس الشيطان فيروى فيما لا يثبت اسناده والمسألة الرابعة في قوله ولا تفرق بين اثنين الا باذنهما. اي لا تجلس بين اثنين جلس احدهما الى الاخر الا باذنهما. بان تستأذن بقعودك بينهما فان الاصل ان يجلس احدهما قريبا من الاخر. فاذا اريد الدخول بينهما طلب اذنهما في الجلوس. فان اسقطاه بمباعدتهما لم يستحقا الاذن شرعا ان يجلس احدهما الى الاخر في قاعة ونحوها وبينهما مقعدين او مقعد فارغ. فاذا اراد احد ان يجلس فليس لهما حق في الاذن. وانما حقهما في الاذن لو كانا متقاربين فليس له ان يطلب من احدهما التنحي ليجلس بينهما. فان اسقطاه بالمباعدة صار مباحا والمسألة الخامسة في قوله ولا تقم احدا من مجلسه. اي بامره بالقيام منه والتحول عنه فينهى العبد اذا دخل مجلسا ان يعمد الى جالس في موضع منه ثم يقيمه ليجلس مكانه ما لم يعرف عادة لزومه له ما لم يعرف عادة لزومه له كمجلس افتاء او اقراء او تعليم فان صاحبه الذي الفه واعتيد جلوسه فيه احق به من غيره. والمسألة السادسة في قوله وافسح لمن دخل. اي وسع له التوسعة. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا. افسح الله لكم اي اذا قيل لكم توسعوا في المجالس فتوسعوا يوسع الله عليكم. وتوسيع الله على الجالسين اذا وسعوا نوعان. احدهما توسيع حسي. توسيع حسي بان يطيب لهم المقام ويجد في جلوسهم راحة فلا يضيق احدهم على غيره. والاخر توسيع معنوي بانس نفوسهم والتذاذهم بجلوسهم. والمسألة السابعة في قوله واذكر الله فيه. وذكر الله شرعا هو حضوره هو حضوره هو وشهوده في القلب واللسان او احدهما. فيحظر ذكر الله في قلب العبد ويشهد تارة وتارة يجري به لسانه وتارة تكمل حاله. فيكون لسانه مواطئا قلبه في اعظام الله واجلاله واحضاره. والمسألة الثامنة في قوله واقله فتقول سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اي اقل ما يؤتى به من ذكر الله في المجلس ان يؤتى بكفارة المجلس. الواردة في الاحاديث النبوية ولفظها هو المذكور. وسميت كفارة مجلس لان الغالب على مجالس الخلق على اللغط والغلط. لان الغالب على مجالس الخلق اشتمالها على اللغط والغلط. فتكون تارة لما اقترفوه فيها. فان كان مجلس خير شرع الاتيان بها وكانت عليه فان كان مجلس خير شرع الاتيان بها وكانت كالخاتم عليه. صح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن الخطأ توهم انه لا يؤتى بها الا مع وجود غلط ولغط في المجلس فانه يؤتى بها مطلقا وجعل لها هذا الاسم ملاحظة لحال الخلق في مجالسهم. نعم