احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى العاشر البس الجميل من الثياب وافضلها الابيض. ولا يجاوز كعبيك سفلى وابدأ بيمينك لبسا وبشمالك خلعا. تمت بحمد الله. ذكر المصنف وفقه الله الادب العاشر من الاداب العشرة ويتعلق بادب اللباس وفيه خمس مسائل. فالمسألة الاولى في قوله البس الجميل من الثياب امرا بلبس الجميل من الثياب. والثياب جمع ثوب. وهو اسم لما يلبس على شيء من البدن كالقميص او العمامة. فكل ما يلبس على البدن يسمى ثوبا سمي ثوبا لانه يثاب اليه. اي يرجع اليه. في لبس مرة بعد مرة والجميل من الثياب المستحسن شرعا او عرفا. والجميل من الثياب المستحسن شرعا او عرفا ولبسه تغطية البدن او بعضه به تغطية البدن او بعضه به. والمسألة الثانية في قوله وافضلها الابيض فهو المفضل منها شرعا وطبعا. فالابيض سيد الالوان فان الشريعة اختارته تقديما في المأمور به مما يتخذ من الثياب. صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال البسوا البياض. والملبوس من البياض ما استحسنه العرف دون ما استقبحه والعرف يختلف باختلاف الازمنة والامكنة. فمن الممدوح في عرف قطر مما يلبسه الرجل عادة بياضا ان يلبس عمامته او ثوبه. دون بيشتهي او حذائه. فان الناس يستقبحون ذلك. فيجري فيما يلبس من البياض فيما جرى العرف بمدحه فيه دون ما استقبحه. فان الاعراف ترعى وتجري الاحكام وفقها مسألة الثالثة في قوله ولا يجاوز كعبيك سفلى. ذاكرا منتهى الثوب سفلا وهو كعبان وهما العظمان الناتئان اسفل الرجل عند ملتقى القدم بالساق وكل رجل لها كعبان في اصح قولي اهل اللغة احدهما باطن والاخر ظاهر. فينتهي لبس الثوب سفلا الى الكعبين. ومحله حال الاختيار. دون الاضطرار. ككون وبه يتسفل دون كعبيه عند نزوله ساجدا او نحو ذلك او كون العمل الذي هو فيه يحتاج عادة الى اسباغ الثياب عليه كالمشتغلين في الامور الطبية ونحوها ممن يضطرون الى ذلك في الاماكن المخصصة للعدوى وغير ذلك. ولم يذكر منتهاه علوا اذ لا حد له من البدن. فله ان يجعله الى اعلى عند بطنه وله ان يجعله الى اعلى صدره وله ان يجعله الى كتفيه. واقل ما يعلو منه ما يتحقق به ستر العورة. واقل ما يعلو منه ما يتحقق به ستر العورة الى السرة بالنسبة الى الرجل البالغ. فالرجل البالغ اقل ما يكون علو الثوب على بدنه ان ينتهي الى سرته. وهي ليست من العورة. فان انخفض عنها كان ذلك ممنوعا منه شرعا. والمسألة الرابعة في قوله وابدأ بيمينك لبسا. فيقدمها عند لبس الثوب فيما له جهتان. يمنى ويسرى كاليد في قميص والرجل في سراويل ونحويهما. اما ما له جهة واحدة كلبس شيء في وجه او رأس فلا يدخل في هذا فمن اراد ان يلبس شيئا على رأسه القاه ولم يتعمد طلب جهة منه لانها لا تتميز عن غيرها في اللبس بخلاف ما تقابل كيد او رجل فيبدأ باليمنى. والمسألة الخامسة في قوله وبشمالك خلعا فتقدمها عند خلع الثوب فيما له جهتان يمنى ويسرى دون ما له جهة واحدة كما تقدم دم ثم ختم المصنف بقوله تمت بحمد الله. لان الحمد كلمة الشكر. وحمد الله مأمور به عند رؤية نعمه ومنها تمام التصنيف من المصنفين وهذا اخر البيان على هذه النبذة من الاداب العشرة وهي طليعة لما وراءها من الاداب. تستدعي بما ادركت من احكامها الى استيفاء باب الاداب وعدم اغفاله فان نقص الاداب علما وحالا نقص بالعبودية وكمالها علما وحالا كمال في العبودية. وهي من وظائف العبودية اللازمة في مبادئ اي الاقبال على الله سبحانه وتعالى فينبغي ان يتحرى ملتمس العلم خاصة والمسلم عامة معرفة الاداب والقيامة بها