نعم السلام عليكم. قلتم غفر الله لكم الاصل الاول معرفة العبد ربه. والرب في الشرع اسم من اسماء الله بالحسنى ولا يسمى احد الرب الا هو. والواجب من معرفة الرب على كل احد يرجع الى اربعة اصول الاول معرفة وجود الله فيؤمن بان الله موجود لا عدم. الثاني معرفة ربوبيته فيؤمن به ربا متفردا بنفسه المقدسة وافعاله الكاملة. الثالث معرفة اسمائه الحسنى وصفاته العلى نؤمن باسماء الله وصفاته التي اخبر الله بها عن نفسه او اخبر بها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم رابع معرفة الوهيته فيؤمن بان الله وحده هو الاله المستحق جميع انواع العبادة لا شريك له ولا معبود سواه فهو المفرد بافعال العباد التي يتقربون بها. والرب هو المستحق للعبادة. والدليل قوله تعالى اتقون الذي جعل لكم الارض فرشا والسماء بناء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون فامر بعبادته في قوله اعبدوا ربكم ثم ذكر موجب استحقاقها هو هو التفرد بالربوبية في قوله الذي خلقكم الايتين فان الاقرار بربوبيته يستلزم الاقرار بالوهيته وجميع عن العبادة التي امر الله بها كلها له وحده لا شريك له. والدليل قوله تعالى لله فلا تدعو مع الله احدا. فمن جعل منها شيئا لغيره فهو مشرك كافر. والدليل قوله تعالى ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له. لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون. والشرك هو جعل شيء من حق الله لغيره. ومنه جعل شيء من لغير الله وحقوق الله اثنان حق في المعرفة والاثبات وحق في الارادة والطلب. والواجب الله على العبد لاداء الحقين السابقين توحيده في ثلاثة انواع. الاول توحيده في الربوبية. كما قال وهو رب كل شيء والثاني توحيده في الالوهية. كما قال تعالى فاعبد الله مخلصا له الدين والثالث توحيده في الاسماء والصفات. كما قال تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وقال به المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه في وصفه والتوحيد هو افراد الله بحقه ومنه وافراد الله بالعبادة لما فرغ المصنف وفقه الله من تقرير وجوب تلك الاصول الثلاثة واهميتها. وبين جلالتها وعلو ركبتها. شرع يبينها واحدا واحدا وابتدأ بمعرفة العبد ربه لجلالة موقعها من تلك المعارف فانها مفتاح بقيتها ومقدم ما ورائها. فقال الاصل الاول معرفة العبد ربه ثم شرع يبين ما يتعلق بتلك المعرفة فقال والرب في الشرع من اسماء الله الحسنى. ووقع في القرآن خاليا من الاقتران بال وجاء في احاديث عدة من السنة النبوية ذكر هذا الاسم مقترنا بال فمن اسماء الله عز وجل اسم الرب. وهو اسم وقع منه نوعين من الاسماء الحسنى. احدهما الاسم المفرد الرب. ومنه حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال واما الركوع فعظموا فيه الرب. رواه ابو داوود وغيره والاخر الاسم المضاف ومنه رب العالمين. قال تعالى الحمد لله رب العالمين. ومنه رب هذا البيت قال تعالى فليعبدوا رب هذا البيت ومنه قوله تعالى قل انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة. في مواقع اخرى من القرآن جاء فيها اسما مضافا. والاسماء الالهية باعتبار الافراد والاضافة نوعان احدهما الاسماء الالهية المفردة. مثل الله والرحمن رحيم. والاخر الاسماء الالهية المضافة. مثل ما لك الملك وعالم الغيب والشهادة. وذو القوة ذكر هذين النوعين ابن تيمية الحفيد في الفتاوى المصرية. وشيخنا ابن باز في بعض اجوبته. ثم قال ولا يسمى احد الرب الا هو. فاسم الرب من الاسماء الالهية المختصة وهي الاسماء التي لا يجوز جعلها لغيره. فان الاسماء الالهية باعتبار اختصاصها بالله وعدمه نوعان. احدهما الاسماء الالهية مختصة به سبحانه فلا تجعل لغيره. مثل الله. والرحمن والرب والاخر الاسماء الالهية التي لا تختص بالله فتجعل لغيره. مثل الرؤوف والرحيم والعزيز الله تعالى في نبيه صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم. وقال عن متولي مصر في سورة يوسف يا ايها العزيز. وكما ذكر المصنف فان اسم الرب حال كونه محلا بال لا يسمى به الا الله. فان جرد منها واضيف الى شيء جاز ان صحت الاضافة كقول رب البيت او رب المال فان امتنعت الاضافة لم يجوز كالقول عن مخلوق انه رب الكون. او رب الدنيا. فتلخص ان اسم الرب المحلى بان لا يكون الا لله. واما المجرد منها بالاضافة فيجوز ان صحت الاظافة شرعا. كالذي مثلنا جوازا ومنعا واصل الرب في كلام العرب السيد والمالك والمصلح للشيء عليه السيد والمالك والمصلح للشيء القائم عليه. فالى هذه المعاني الثلاث يرد اسم الرب في كلام العرب. ذكره ابن الانباري وغيره. ومطول المذكورة في كلام المتأخرين للرب يرجع الى هذه الاصول الثلاثة. فمعاني الرب المبلغة عند جماعة ثلاثين معنى نظمها احمد بن احمد الشجاعي الازهري في ارجوزة هي كلها ترجع الى تلك المعاني الثلاثة. واليها اشرت بقول سيدهم ومالك والمصلح للرب معنى في اللسان افصح. سيدهم ومالك للرب معنى في اللسان افصح. ثم بين المصنف وفقه الله الواجب من معرفة الرب على كل احد. لانه مما يقطع به ان تلك المعارف الثلاث التي بين فيما سلف انها اوجب الواجبات واهم المهمات يكون منها ولابد قدر يتعلق بذمة كل احد لما سلف ان امتثال العبادة المأمور بها متوقف على تلك الاصول الثلاثة. واعتنى المصنف وفقه الله ببيان تلك الاقدار الواجبة من كل اصل منها. والمذكور هنا هو الواجب من معرفة ربي على كل احد. وقد بين انه يرجع الى اربعة اصول. فقال الاول معرفة جود الله فيؤمن بان الله موجود لا عدم. اذ ما يستقبل ذكره من الربوبية والاسماء والصفات والالوهية متعلق بموجود. اذ لو كان الرب عدما لما تعلقت به المذكورات. ومقدمة ما يعتقد في الله اعتقاد العبد ان الله موجود. قال تعالى افي الله شك؟ وهو استفهام استنكاري يراد به ابطال اعتقاد عدمه سبحانه. وفيه اثبات وجود الله عز وجل. ثم ذكر والثاني فقال والثاني معرفة ربوبيته. وحقيقة الربوبية شرعا الله بذاته وافعاله افراد الله بذاته وافعاله. وتحقيق الايمان بها في قوله فيؤمن به ربا متفردا بنفسه المقدسة وافعاله الكاملة. فمدار توحيد الربوبية على امرين احدهما افراد الذاكر الالهية والاخر افراد الافعال الالهية. ثم ذكر الثالثة فقال والثالث معرفة واسمائه الحسنى وصفاته العلى. والاسماء الحسنى جمع اسم والاسم الالهي هو ما دل على ذات الله مع كمال متعلق بها. ما دل على ذات الله مع كمال متعلق بها. والصفات العلى جمع صفة. والصفة الالهية ما دل على كمال متعلق بالذات. ما دل على كمال متعلق بالذات ووصفت الاسماء بالحسنى لقوله تعالى ولله الاسماء الحسنى. ووصفت فاتوا بالعلا لقوله تعالى ولله المثل الاعلى. قال ابن عباس الوصف الاعلى واختاره ابو عبد الله ابن القيم وتحقيق الايمان بالاسماء الحسنى والصفات العلا هو المذكور في قوله فيؤمن باسماء الله وصفاته التي اخبر الله بها عن نفسه او اخبر بها عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم فيكون العبد مؤمنا بالاسماء الالهية الحسنى صفات ربنا العلا بتصديقه الجازم بما اخبر الله به او اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم عن الله. فطريق معرفة الاسماء الالهية والصفات الربانية هو الوحي ليس غير لان علمنا بالله متعذر عنا الا بطريق الوحي من الله. ووحيه سبحانه فينا هو كتابه القرآن وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فلا يتجاوز العبد في معرفة الاسماء والصفات هذا الطريق. وهو معنى قول اهل العلم ان معرفة والصفات توقيفية اي موقوفة على ورود الدليل من كلام الله او كلام صلى الله عليه وسلم والى ذلك اشار السفاريني بقوله في الدرة لكنها في الحق توقيف لنا بها ادلة وفية. ثم ذكر الاصل الرابع فقال والرابع معرفة الوهيته وحقيقة الالوهية شرعا هي افراد الله بالعبادة وتحقيق الايمان بها في قوله فيؤمن بان الله وحده هو الاله المستحق جميع انواع العبادة لا شريك له ولا معبود سواه فهو المفرد بافعال العباد التي يتقربون بها فيكون العبد مؤمنا بالوهية الله باعتقاده استحقاق الله عز وجل جميع انواع العبادة وانه لا يكون شيء منها لغير الله. فهو سبحانه المفرد اي الموحد عن غيره. بافعال للعباد التي يتقربون بها اي المفعولة على وجه طلب القربة. فمدار ما يجب على العبد في معرفة الله سبحانه هو على هذه الاصول الاربعة. بان يعرف ان الله موجود لا عدم اولا. ثم يعرف ان الله هو الرب فله وحده الربوبية ثانيا ثم يعرف ان الله له الاسماء الحسنى والصفات العلى ثالثا ثم ان يعرف ان العبادة كلها لله وحده فتحق معرفة العبد بربه سبحانه تكون باجتماع هذه الاصول الاربعة. ثم بين المصنف استحقاق الله العبادة فقال والرب هو المستحق للعبادة. اي هو الذي تثبت له العبادة وتلزمنا. فان اسم الحق شعار لما لزم وثبت ومن جملة ما ثبت ولزم احدنا اعتقاده ان الرب هو الذي تكون له العبادة دون غيره. وذكر المصنف دليل استحقاق الله العبادة فقال والدليل قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم. الاية والتي بعدها ثم بين وجه دلالة الاية على استحقاق الله العبادة. فقال فامر الله بعبادته في قوله اعبدوا ربكم. الدال على امره سبحانه ايانا بعبادته. قال ثم ذكر موجب استحقاقها اي مقتضي جعلها له سبحانه قال وهو التفرد بالربوبية في قوله الذي خلقكم. الايتين فان الاقرار بربوبيته يستلزم الاقرار بالوهيته انتهى كلامه. فمن اقر بالله ربا لزمه ان يقر به معبودا وهو سبحانه المستحق للعبادة. لانه المنفرد بالربوبية. فهو سبحانه الذي خلق وهو سبحانه الذي رزق وهو سبحانه الذي ملك وهو سبحانه الذي بيده الامر كله فلما اجتمعت ازمة الربوبية بيده سبحانه كان هو المستحق للعبادة دون غيره فان الذي لا يخلق ولا يرزق ولا يملك ولا يدبر الامر لا يستحق شيئا من العبادة واوسع طريق في نصب الادلة على استحقاق الله العبادة هو طريق الربوبية وهو اظهر دليل جاء تقليبه في القرآن على وجوه متنوعة والقرآن مملوء من ايات الربوبية. قال ابن الوزير اليماني رحمه الله في ترجيح اساليب القرآن على اساليب اليونان ذكر صاحب كتاب مذاهب السلف ولم يسم ولم اعرفه ان في القرآن خمس مئة اية تدل على الربوبية. انتهى كلامه فالقرآن مملوء بايات الربوبية. لتحمل العبد على الاقرار الله عز وجل وبث شواهد الربوبية في الكون الفسيح هداية للعقل الرجيح على معرفة الله وجعل العبادة له. واعظم منفعة تجنى من توحيد الربوبية ملء القلوب بتعظيم الله الموجب جعل العبادة له. فان توحيد الربوبية لا يراد منه استرسال النفس في الوقوف على تفاصيل عظمة الله فقط. لكن يراد منه ان تحمل تلك المعرفة على الازدياد من التأله لله وعبوديته. فانه لا يمدح المرء في علمه كذا وكذا من متعلقات الربوبية. لكن يمدح على كون تلك المعرفة حاملة له على جعل عبادته كلها لله. والا فاي شيء من المدح يكون لمن ينسب الى معارف الربوبية من تفاصيل الخلق او الملك او الرزق او التدبير. فينسب الى معرفة الفلك او الطب او غيرهما ثم تراه جاحدا عبودية الله او متلطخا بجعل شيء من العبادة لغير الله. والعارفون بالتوحيد حقيقة يتوصلون بتوحيد الربوبية الى تعبيد قلوبهم لله عز وجل في وحدانيته. فارسالهم بصر وتقليبهم الفكر وتعديدهم النظر في ايات الربوبية كونا وشرعا مرادهم فيه حمل نفوسهم على افراد الله بالعبادة. والازدياد من التقرب له سبحانه بما يحبه ويرضاه. فذوق الربوبية عند الموحدين غير ذوق الربوبية عند غير ثم قال وجميع انواع العبادة التي امر الله بها كلها له وحده لا شريك له فليس شيء من العبادة ولو قدر انملة كائن لغير الله. لانه المستحق للعبادة كلها كما تقدم وبين المصنف دليله فقال والدليل قوله تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. فالاية المذكورة اصل في افراد الله بالعبادة. وهي تدل على ان جميع انواع العبادة المأمور بها كلها لله وحده. ودلالتها على ذلك من وجه اين احدهما في قوله وان المساجد لله؟ فمدار المنقول في تفسيرها هو ان انواع الاجلال والاعظام والاكبار لله وحده فتكون جميع العبادة لله. لاندراجها في اكباره واعظامه واجلاله. والاخر في قوله فلا تدعوا مع الله احدا. نهيا عن دعوة غير الله معه. والدعاء يطلق ويراد به العبادة كلها. لحديث النعمان ابن بشير رضي الله عنهما ان النبي الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة. رواه اصحاب السنن واسناده صحيح. فتقدير الاية فلا تعبدوا مع الله احدا. والنهي عن عبادة غير الله يستلزم افراده سبحانه بالعبادة. وهذان الامران المذكوران في الاية خبرا في الاول ونهيا في الثاني تفظيان الى الاثبات والنفي في حقه سبحانه في استحقاق شيء من العبادة عن غير الله واثباتها لله وحده والجمع بين النفي والاثبات غاية التبيين للحق. فانك تنفي شيئا عن احد تثبته لغيره فتمحض احقيته فيه بلا منازع. فالجمع بين النفي والاثبات هو تخليص حق العبادة لله وحده. فلا ينازعه احد في شيء منه. واذا كانت العبادة حقا لله وحده فان الله لا يقبل في حقه الشرك. ومن جعل من حق الله شيئا لغيره وقع في السر. وهو الذي صرح به المصنف فقال فمن جعل منها اي من انواع العبادة شيئا لغيره فهو مشرك كافر. فتصير العبادة لغير يصير به العبد من اهل الشرك والكفر. والفرق بين الشرك والكفر ان الشرك نوع من انواع الكفر. فالكفر عام والشرك خاص. فحقيقة الكفر شرعا ستر الايمان. ستر الايمان ومن ستر الايمان الشرك. لاختصاصه بجعل شريك لله. لاختصاصه بجعل شريك لله فليس كل كفر يشتمل على جعل الشريك لله. وما وجد فيه هذا المعنى سمي شركا وكان نوعا من انواع الكفر. وقول المصنف وغيره فهو كافر امعان في بيان عاقبته الوخيمة وتحقيق خروجه من دائرة الاسلام واهله. ثم ذكر المصنف الدليل فقال والدليل قوله تعالى من يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به. فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرين ودلالة الاية المذكورة على الامر الذي اراده من وجهين. احدهما فعل متوعد عليه ذكر فعل متوعد عليه. وهو عبادة غير الله في قوله ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به. والاخر تهديده مع بيان المآل تهديده بالحساب مع بيان المآل في قوله فانما حسابه ربه انه لا يفلح الكافرون. فذكر الحساب للتهديد ونفي الفلاح بيان المآل والفلاح لا ينفى الا عن الكافر فمن دعا مع الله الها اخر فقد وقع في الكفر وكفره من جنس الشرك كما دم وقوله في الاية لا برهان له به اي لا حجة له على الوهيته. وهي صفة كاشفة لا تفيد تقييدا ولا تخصيصا. فكل من دعا الها غير الله فلا حجة له به فقوله تعالى الها اخر لا برهان له به. لا يفيد ان من الالهة الها ان يكون لداعيه حجة على الوهيته. فالوصف المذكور هو وصف كاشف. والوصف الكاشف هو ما لا يفيد تخصيصا كقوله تعالى وقتلهم الانبياء بغير حق فقوله بغير حق صفة كاشفة لحقيقة قتلهم الانبياء. لا تفيد تخصيصا ان من قتل الانبياء نوع يكون بغير حق. ونوع يكون بحق. ثم بين مصنف حقيقة الشرك الذي حكم به على من جعل شيئا من العبادة لغير الله فقيل فيه هو مشرك كافر فقال مبينا حقيقة الشرك والشرك هو جعل شيء من حق الله لغيره منه جعل شيء من العبادة لغير الله. فالشرك له في الشرع معنيان. احدهما عام وهو جعل شيء من حق الله لغيره. ويندرج فيه كل نوع من انواع شرك والاخر خاص وهو جعل شيء من العبادة لغير الله. فيختص بشرك العبادة المتعلق بالالوهية. والمعنى الخاص هو المعهود شرعا فاذا اطلق قسم الشرك في خطاب الشرع اريد به شرك العبادة ولما ذكر المصنف ان الشرك في معناه العام هو جعل شيء من حق الله لغيره بين ما لله من حق فقال وحقوق الله اثنان حق في المعرفة والاثبات وحق كن في الارادة والطلب. انتهى كلامه. فما ثبت لله متعلقا بتعظيمه من الحق نوعان احدهما حق في المعرفة والاثبات اي في معرفة واثبات ما له من الكمالات. والاخر حق في الارادة والطلب. اي حق في توجه القلوب وطلبها وخضوعها له سبحانه. ثم ذكر بعد ان الواجب لله على العبد لاداء الحقين السابقين توحيده في ثلاثة انواع. فسبيل وفاء العبد بالحقين المتقدمين يكون بتوحيد الله في ثلاثة انواع ثم ذكرها فقال الاول توحيده في الربوبية. وتقدم ان الربوبية افراد الله بذاته وافعاله والدليل هو المذكور في قوله كما قال تعالى وهو رب كل شيء. الدال على عموم الله عز وجل ثم قال والثاني توحيده في الالوهية. وهو افراد الله بالعبادة كما تقدم ودليله هو المذكور في قوله كما قال تعالى فاعبد الله مخلصا له الدين. وحقيقة الاخلاص الا يوجد في قلب العبد ارادة لسوى الله عز وجل. ثم قال والثالث توحيده في الاسماء والصفات وحقيقته افراد الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا كما تقدم. ودليله المذكور في قوله كما قال تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وقال سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. فنزه نفسه عما وصفه به المشركون وسلم فعلى المرسلين بسلامة ما قالوه في وصفه. واحتيج الى زيادة البيان في الاية الثانية وبطريق استفادة اثبات الصفات منها. فان الاية الاولى صريحة في اثبات الاسماء الحسنى في قوله ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها. واما الاية الثانية وهي قوله تعالى سبحان ربك رب عزة عما يصفون وسلام على المرسلين. فاخبر المصنف عن طريق استفادة الصفات الالهية منها قوله فنزه نفسه عما وصفه بالمشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه في وصفه وتبيين هذه الجملة تفصيلا ان طريق استفادة اثبات الصفات الالهية من هذه الاية هو من ثلاثة وجوه اولها في تنزيه الله نفسه عما يصفه به المشركون فالمشركون يتقدمون بوصف الله باشياء مختلفة. برأ الله نفسه منها بتنزهه عنها فلم يبطل الله اصل الوصف. لكن ابطل نوعه فليس وصف الله باطلا في نفسه بل المبطل الوصف الذي وصفه به المشركون. وثانيها في قوله وسلام على المرسلين بتسليمه سبحانه على المرسلين. الناشئ من سلامة ما قالوه في وصفه اذ لما سلم الله من السوء في وصفهم استحقوا السلام عليه. وثالثها في قوله والحمدلله رب العالمين. ففيه اثبات جميع الكمالات لله. وحقيقة كمالاته هي انواع صفاته. وحقيقة كمالاته هي انواع صفاته. ثم بين المصنف حقيقة التوحيد شرعا فقال والتوحيد هو افراد الله بحقه ومنه افراد الله بالعبادة. فالتوحيد في الشرع له معنيان. احدهما معنى عام. وهو افراد الله بحقه. والاخر معنى خاص وهو افراد الله بالعبادة. والمعنى الثاني هو المعهود شرعا. فاذا اطلق التوحيد في خطاب الشرع فالمراد به توحيد ده