اعوذ بالله من الشيطان الرجيم نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين عربي مبين. وانه لفي زبر الاولين. اولم يكن لهم آية ان يعلمه علماء بنيه اسرائيل فلو نزلناه على بعض الاعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين كذلك سلكناه في قلوب المجرمين. لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الاليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون. فيقولوا هل نحن من انظرون افبعذابنا يستعجلون. ضمير في قوله وانه يعود الى القرآن كما قال المؤلف وان لم يثبت له ذكر لكنه يعينه السياق ومرجع الضمير كما هو معروف قد يكون مذكورا وقد يكون معلوما والمذكور قد يتقدم وقد يتأخر الا انه من القواعد المحرمة انه لا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبا الا في مسائل معينة قال وانهم لتنزيل رب العالمين اللام بالتوكيد سيكون هذا الخبر مؤكدا باثنين وهما ان واللام وقول تنزيل رب العالمين تنزيل مصدر لكنه بمعنى المفعول اي لمنزل لان القرآن نفسه ليس تنزيلا بل التنزيل فعل الله والقرآن عبارة عن شيء منبه نعم كما قال الله تعالى وانزلنا تبارك الذي نزل الفرقان وقول رب العالمين هذه الربوبية العامة اشارة الى انه من مقتضى ربوبيته ان يكون منزلا لعباده هذا الكتاب المفيد المفيدة لهم وفي قوله رب العالمين ايضا ما يشير الى عموم شريعة هذا الكتاب كما عم الربوبية منزله فهو ايضا عام في التفسير. نزل به الروح الامين على قلبه الروح الأمين هو جبريل عليه الصلاة والسلام وصف نوصي في المنحة بالروح لانه ينزل لما فيه الحياة وهو الوحي الذي فيه حياة القلوب ووصف بالامانة لان المقام يقتضيه وامانة جبريل عليه الصلاة والسلام من عدة اوجه بالنسبة للقرآن اولا امينا بحيث لا لا ينزل به الا على من امر به وعلى هذا فيكون قول الرافظة قبحهم الله ان ابريل امر ان ينزل بالقرآن على علي ولكنه خان فنزل به على محمد صلى الله عليه وسلم هذا ينافي جبريل بالامانة ثانيا الامانة ان ينزل به كما سمعه من الله. لا يزيد فيه ولا ينقص ولا يقدم ولا يؤخر ثالثا ان ينزل به في الوقت الذي امر بانزاله فيه فلا يتأخر اذا اوحي اليه به الا باذن الله فهذه الاوصاف الثلاثة من مصدر امانة جبريل عليه الصلاة والسلام وقوله على قلبك قبض القلب لانه محل الوعي وفيه دليل على عناية الله سبحانه وتعالى بالقرآن وعلى كمال حفظ الرسول له صلى الله عليه وسلم لان ما نزل على القلب يسجد ويركع بخلاف ما صنعت عقودا فان الاذن قد توصل الى القلب وقد لافوح قد يكون القلب غافلة ولكن هنا كان على القلب وقوله لتكون من المنذرين اللام للتعليل او للعاقبة للجميع هما متلازمان فاذا قلنا للتعليل صار مكلفا بذلك واذا كانت العاقبة كانت عاقبته ان يكون منذرا وان لم يكن هناك تكريم ولكن الصحيح انها شاملة الامرين وقوله من المنذرين اي الرسل ثم ظل تعالى رسلا مبشرين ومنذرين وقوله بلسان عربي مبين بلسان عربي بلسان بلغة واطلق اللسان على اللغة لانه محل الكلام الذي هو عنوان اللغة قال عربي نسبة الى العرب وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم كان عربيا. وقد قال الله تعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم وفي هذا اشارة الى انه ينبغي ان تكون اللغة العربية لغة جميع الخلق لان الشرع الذي نزل بها فرع جميع الخلق فكان ينبغي ان تكون اللغة العربية لغة جميع الخلق خلافا لمن يريدون ان يذيبوها في عصرنا الحاضر بان يطالبوا رجال اللغة العامية مكان اللغة العربية المكاتبات والمراسلات وغيرها واقبح من ذلك من يحاولون ان يتكلموا باللغة الاعجمية كما يوجد من بعض الناس الذين يفخرون بلغة الانجليز وغيرهم وتجده يتصدقون بالكلام بها ثمان قوله بلسان عربي متعلق بقوله نزل نزل به وقوله مبين بين وفي قراءة في التشديد نزل ها بتشديدي نزل ونصب الروح والفاعل الله وانه لتنزيل رب العالمين نزل بفروح الامين نزل به الروح الامينة نعم. وفي اختلاف القراءتين فائدة وهي ان الذي امره بالنزول هو الله فنزل جمعت بين فعل جبريل الصادر عن امر الله وبين الدلالة على امر الله له بذلك نزل به اولم يكن وانه اي ذكر القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لفي زبر كتب الاولين كالتوراة والانجيل وانه لا في زبر الاولين المؤلف جعل الظمير يعود على القرآن يعني ان ذكر القرآن موجود في زبر الاولين كتبهم والمراد وصف القرآن لان النبي عليه الصلاة والسلام طواف الانجيل بصفاته وصفات الكتاب الذي نزل به وقوله لفي زبر الاولين ظاهر الاية الكريمة العموم وان كل الكتب السابقة ذكر فيها القرآن واشير اليه ومنها الثورات والانجيل فيكون الكاف هنا للتشبيه كان بالتشبيه وفي هذا دليل واضح على عناية الله تعالى بهذا القرآن وتشريفه وتعظيمه اذ ذكر في كل كتاب سبق وفيه ايضا دليل على انه لو جاء هذا الكتاب لوجب على جميع من يعتنقون الكتب السابقة ان يؤمنوا به اولم يكن لهم لكفار مكة اية على ذلك يعني علامة على انه حق ان يعلمه علماء بني اسرائيل اية حريمة خبر يكون مقدما وان يعلمه اسمها مؤخر يعني او لم يكن لهم اية علم يعني ان يعلمه اي علمه من من علماء بني اسرائيل وبنو اسرائيل هم بنوا يعقوب ابن اسحاق الذين تفرغوا منه وهذا من الايات البينة على انه مذكور في الكتب السابقة ان علماء بني اسرائيل يعلمونه نعم لانه لو لم يكن مذكور في كتبهم ما علموا وانما يعلمونه لانه مذكور في كتبهم وفي هذه الاية دليل على ان المرجع في مثل هذه الامور الى العلماء اذا العلماء اهل العلم وقولك عبد الله ابن سلامة واصحابه ممن امنوا فانهم يخبرون بذلك هذا مهوب لازم لان كونهم يعلمون به هم عالمون سواء اخبروا ام لم يخبروك ولذلك القرآن ما قال او لم يقل له معاذ ان يخبر به بل قال ان يعلمه ومجرد علم هؤلاء هؤلاء به هو اية وان لم يخبروا به ونقول ان عبد الله ابن السلام رضي الله عنه ومن امن هم من علماء بني اسرائيل اعلموا واخبروا وغيرهم من العلماء الذين لم يؤمنون علموا لكن لم يخبره ويكن بالتحتانية ونصب اية وبالفوقانية ورفع اية نعم اولم تكن لهم اية فعليه يكون ان يعلمه خبر تكن وعلى الاول يكن لا يكون اية منصوبة على انها خبر مقدم. وان يعلمه اسم مؤخر لا تكون لانك ما تم الكلام اولم تكن لهم اية طيب او لم تكن لهم اية؟ هل تم الكلام متى؟ اذا فهي ناقصة اولم تكن لهم اية ان يعلموا انما الفرق بين القراءتين ان اية بالرفض اسم تكن وخبرها اني اعلمه قال ولو نزلناه اي القرآن على بعض الاعجمين جمع اعجم فقرأه عليهم اي كفار مكة ما كانوا به مؤمنين انفة من من اتباعهم نعم لو نزلناه على بعض الاعجمين هذا اللسان العربي سواء بلسان العرب او بغيره فقرأوا عليهم ما امنوا به ما امنوا به المعنى انهم لن يؤمنوا سواء جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو من صميم العرب ويعرفونه او جاء من رجل اعجمي ذلك لانهم معاندون والمعاند والعياذ بالله لو جيء بكل اية ما امن يعني فرق بين الانسان الذي يتحرى الحق والانسان الذي يعاند الحق المعاند مكابر يصعب عليه ان يرجع عن الحق والمعنى انه لو نزل الله هذا القرآن على بعض العجمي. ان كان بلغتهم فانهم لن يؤمنوا به لانهم لم يفهموه بلغة العجم وان كان باللغة العربية ما امنوا ايضا انفة من ان يتبعوا رجلا اعجمية كذلك اي مثل ادخالنا التكذيب به بقراءة الاعجمي تركناه وادخلنا التكذيب به في قلوب المجرمين اي كفار مكة بقراءة النبي لا يؤمنون به كذلك اي مثل ذلك اي مثل ذلك الاسلام او السلك والمعنى والمرض بالسلك الادخال وكذلك مفعول مطلق لسلكناه يعني مثل ذلك دائما تأتي في القرآن كذلك فعلنا كذلك كذب وما اشبهه فيقولون ان الكاف اسم بمعنى مثل وهي مضافة الى اسم الاشارة العائد على المصدر المفهوم من الفعل وعليه فيكون اعراب الكاف اسم بمعنى مثل مفعولا مطلقا. عاملها الفعل الذي بعدها يعني ان الله جل وعلا ادخل التكذيب في قلوب المجرمين والمراد بالمجرمين ما هو اعم من كبار مكة خلافا بما قال المؤلف فالمجرم الكافر سواء كان من اهل مكة او من غيره ولما دخل التكذيب في قلوبهم والاستكبار لا يؤمنون به الى اخره ليس في هذه الاية حجة لاهل الكفر والمعصية الذين قالوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا لان الله سبحانه وتعالى بين في اية اخرى ان سبب كفرهم وشركهم هم انهم كانوا لا يريدون الحق فلما زاغوا ازاق الله قلوبهم ولو كانوا يريدون الحق لشرح الله صدورهم له لكنهم عندهم والعياذ بالله انفا وكبرياء وغطرسة فلذلك حرموا من الوصول الى الصواب لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الاليم فيأتيهم بعثة وهم لا يشعرون به اي بالقرآن واذا قلنا ان المجرمين عام لا انا به اي بما نزل من عند الله وقول حتى يروا للغاية ولا للتعليم للغاية المعنى انهم اذا رأوا العذاب الاليم وقد يؤمنون ولكن يقول الله عز وجل فلم يكن ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا وقوله فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون هذا هو الغالب على المكذبين المعاندين ان الله يملي لهم ايوغر والعياذ بالله في الكفر وفي الفسق وفي المعصية حتى اذا جاءهم العذاب اتاهم بغتة على غرة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ان الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته لان هؤلاء لو ان الله سبحانه وتعالى اذاقهم البأس شيئا فشيئا لربما امن وراجعوا ولكنه والعياذ بالله يمهلهم حتى اذا وصلوا الى قمة الكفر والفسق وهذا شيء مشاهد حتى في عصرنا الحاضر الان نرى ان بعض البلاد لما اوغلت في الكفر ووصلت الى غايته اخذت والعياذ بالله قال فيقول هل نحن منظرون لنؤمن فيقال لهم لا قالوا متى هذا العذاب؟ قال الله تعالى افي بعذاب يستعجلون الى اخره يعني انه اذا اتاهم العذاب بغتة يفولوا هل نحن منظرون هذا الاستفهام للتمني يعني ليتنا ننظر هذا هو الظاهر والمؤلف حمله على ظاهره على انه الاستفهام الاستغفار ولهذا يقال قال فيقال لهم لا يعني لن تنظروا ولكن اذا جعلناه للتمني انهم يتمنون ان ينظروا ما احتاج الى جواب قال الله تعالى اف بعذابنا يستعجلون سبق ان الهمزة في مثل هذا التركيب اما انها داخلة على جملة مقدرة بحسب السياق او انها داخلة على الجملة الموجودة واصل العطف الذي بعدها حق العطف اللي بعدها قبلها قبلها اف بعذابنا يستعجلون وهذا من باب التوبيخ والانكار عليه يعني ايستعجلون بعذاب الله والله سبحانه وتعالى قريب الاخ فهو ينكر عليهم هؤلاء الذين يستعجلون بعذاب الله كيفية استهجانهم بالعذاب؟ هل هو بالفعل ولا بالقول قولها نقول بالقول وبالفعل اما القول فانهم يقولون متى هذا الوعد؟ ان كنتم صادقين واما الفعل فان ايغالهم بالكفر والمعاصي موجب بان يعاجلوا بالعقوبة فصار هذا الانكار عليهم سواء كانوا يستعجلون قولا كما قال المؤلف قالوا متى هذا العذاب او كانوا يستعجلون فعلا بان يوغلوا ويتعمقوا في الكفر والمعاصي فان ذلك من استعجال عقوبة الله