اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال يا قومي اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا يسألكم اجرا وهم مهتدون وما لي لا اعبد الذي فطرني واليه ترجعون. ثم قال الله تعالى وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال المؤلف هو حبيب النجار كان قد امن بالرسل ومنزله باقصى البلد قوله عز وجل جاء رجل من اقصى المدينة اي من ابعدها الى اي الى اي مكان جاء جاء الى المكان الذي فيه الرسل والمكذبون لهم وهو وسط المدينة لان الغالب ان العلم والحضارة وكثرة وكثرة السكان تكون في الوسط وهذا الرجل كان في ابعد المدينة فسمع ان هؤلاء كذبوا الرسل وكان رحمه الله قد امن فجاء ينصح قومه والله عز وجل يقول رجل وهو نكرة غير معرف والمؤلف يقول انه حبيب النجار وهذا الخبر او هذا الاسم والتعيين لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولعله متلقن عن بني اسرائيل وموقفنا في مثل هذا ان لا ننكر ولا ولا نثبت جاء رجل وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى وهنا بدأ ببيان مكانه قبل ذكره وفي وفي قصة موسى حين قتل القبطي ذكر الرجل قبل مكانه هناك قالوا وقال رجل وجاء رجل من اقصى المدينة يسعى قال يا موسى ان الملأ يأتمرون بك وهنا ذكر المكان قبل ذكر الرجل وذلك لان هذا الرجل كان مؤمنا فسهل عليه ان يأتي من المكان البعيد فذكر مكان مكانه لبعده ليستدل به على قوة محبة هذا الرجل للخير ودفع الشر اما ذاك فالمقصود به العلم ان يأتي احد بالعلم فبدأ بالاتي وهو الرجل قبل ذكر مكانه وقال رجل مؤمن نعم فيسعى قال يشتد عدوا لما سمع بتكذيب القوم بتكذيب القوم الرسل ها عندي بالهمز يسعى يعني يشتد يرفض لئلا تفوته فرصة حين سمع بتكذيب قال يا قومي اتبعوا المرسلين قال هذه جملة مفصولة عما عما قبلها اي انها اتت بدون حرف العطف كانها جواب عن سؤال مقدر فماذا قال حين جاء قال قال يا قومي اتبعوا المرسلين هنا القوم منادى منصوب بالنداء لانه مضاف وقد حذفت منه ياء المتكلم واصلها يا قومي ولكن حذفت الياء للتخفيف او لالتقاء الساكنين لان اتبعوا مبدوءة بهمزة وصل وهمزة الوصل ساكنة على كل حال قال الرجل يا قومي اتبعوا المرسلين ولم يقل يا ايها السفهاء يا ايها الجهال بل قال يا قوم توددا وتعطفا لهم ولم يقل يا اخوتي لانه لا اخوة بين المؤمن والكافر فهو مؤمن وهم كفار لكن يا قومي نعم ويصح ان يقال قوم ولو كانوا كفارا قال الله تعالى مخاطبا رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وكذب به قومك وهو الحق قال يا قومي اتبعوا المرسلين تبعوهم بما دعوكم اليه من الايمان والعمل الصالح. لان هؤلاء الرسل دعوا الى ما دعت اليه الرسل كلهم وهو قوله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا وش بعدها فاعبدوه انه لا اله الا انا فاعبدوه فهم دعوا الى هذا الى الايمان والعمل الصالح اتبعوا المصيرين اتبعوا تأكيد للاول من لا يسألكم اجرا كرر الامر بالاتباع من باب التأكيد اتبعوا المرسلين اتبعوا ولو حذفت التبعة الثانية وقيل اتبعوا المرسلين من لا يسألكم اجرا اصح الكلام لكن ذكرت او كررت للتأكيد لانها هي محط الخطاب وهي المقصود الاول بالخطاب ان يتبعوا المرسلين وقول اتبعوا من لا يسألكم اجرا من اي الذي وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام فانهم يدعون الناس ولا يتخذون ولا يطلبون على دعوتهم اجرا يعني اجرا من الناس لكنهم يؤملون او يرجون من الله الاجر اما من الناس فلا يأخذون اجرهم للبشر هو الدعوة فهم لا يتخذون اجرا على دعوتهم وعلى دلالتهم الى الخير وانما يرجون الاجر والثواب من الله عجرا هنا محلها في الاعراب مفعول ثاني ويسأل والكاف مفعول اول وهذان المفعولان من باب مفعولي ظن واخواتها اوكس واخواتها كسوا اخواتها لا يسلوكم اجرهم وهم مهتدون وهم مهتدون فبين هنا ان هؤلاء الرسل على هدى وليسوا على ضلال وهم لا يسألون اجرا على ما دعوا اليه وقوله وهم مهتدون يحتمل ان تكون الواو الاستئناف وان تكون للحال يعني لا يسألكم اجرا مع كونهم مهتدين. ويحتمل ان تكون الاسناف وهو الاقرب لبيان حال هؤلاء الدعاة انهم على هدى ثم قال المؤلف فقيل له انت على دينهم فقال ومالي لا اعبد الذي فطرني ما قدره المؤلف من انه من انه قيل للرجل انت على دينهم لا لا يتعين بل يجوز ان يكون الرجل قال وهم مهتدون وما لي لا اعبد الذي فطرني على ان على ان على ان المراد به هؤلاء القوم كأنه قال وما لكم لا تعبدون الذي فطركم. لكن اضافه الى نفسه من باب من باب التلطف للخطاب وهذا هو الاقوى هل هو الاقرب اولا لان ما ذكره المؤلف لا دليل عليه والسياق لا يستلزمه واذا كان لا دليل عليه من حيث النقل ولا دليل عليهم حتى السياق لانه لا يستلزمه الاصل عدمه ولا وجوده؟ الاصل عدمه ثانيا ان ما قلناه ابلغ التلطف بالدعوة بدل ان يقول وما لكم لا تعبدون الذي فطركم قال وما لي فاضاف الامر الى نفسه تلطفا وقول ما لي الاستفهام هنا بمعنى الانكار يعني اي شيء يمنعني ان اعبد الله تعالى وحده ولهذا قال لا اعبد اي لا اتذلل للذي فطرني خلقني اي لا مانع لي من عبادته الموجود مقتضيها وانتم كذلك قول لا اعبد تقدم لنا ان العبادة هي التذلل لله عز وجل بفعل اوامره واجتناب نواهيه محبة وتعظيما وان العبادة تطلق على التعبد الذي ذكرناه وعلى المتعبد به وهي الافعال التي يتعبد بها الانسان او الاقوال وعلى هذا حدها شيخ الاسلام ابن تيمية بانها هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الباطنة والظاهرة وقولها الذي فطرني لم يقل لا اعبد الله ليقرن بين الحكم والتعليم وان شئت فقل بين الحكم والدليل لان قوله الذي فطرني مقتض لكونه هو المعبود اذا انه هو الخالق فلزم ان يكون هو المعبود وهذا كقوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلك فقال الذي خلقكم وفي التعليل للامر بعبادته وحده فكما انه الخالق وحده فيجب ان يكون ان يكون المعبود وحده. ولهذا قال المؤلف الموجود مقتضيه ما هو مقتضيها انه هو الذي فطر الخلق وابتدأ خلقهم فلزم ان يكون هو المستحق للعبادة وان يعبد طيب وقولها الذي فطرني اي خلقني لاول مرة والفقر والابداع بمعنى الايجاد لاول مرة. قال الله تعالى الحمد لله فاطر السماوات والارض وقال بديع السماوات والارض فالذي فطر الخلق لاول مرة وعلى غير مثال سبق هو الله اذا فيجب ان يكون هو ليش؟ هو المعبود اما ان ان تعبد غير الله وهذا الغيب لا يخلق بل هو مخلوق نعم وكما قال الله عز وجل لا يخلقون شيئا وهم يخلقون. فكيف يصح ان يعبد هؤلاء المهم ان هذا الرجل من فقهه وحكمته وحسن دعوته انه قرن الحكم لماذا؟ بالدليل الحكم لا اعبد الذي فطرني الدليل الذي فطرني طيب قال واليه ترجعون هذا مما يؤيد ما قلنا من انه يريد قومه لكن من باب التلطف في خطابهم قال وما لي لا اعبد الذي فطن كما تخاطب صاحبة الان تحاوره او تخاصمه وما لي لا افعل كذا وكذا يعني وش المانع؟ فاذا كان لا مانع عليه فهو لا مانع لك ايضا قال واليه ترجعون بعد الموت فيجازيكم قال المؤلف في كفركم ولو قال بعملكم لكان اشمل لانه يجازيهم بالكفر ان استمروا عليه ويجازيهم بالاسلام ان اسلموا فلو عبر المؤلف بقوله فيجازيكم بعملكم لكان اولى. من فوائد الاية الكريمة بيان نصح هذا الرجل لقومه من وجهين الوجه الاول انه جاء من مكان بعيد وجاء من اقصى المدينة الوجه الثاني انه جاء يشتد يسعى فيستفاد منه انه ينبغي للانسان انتهاز الفرص بانذار قوم ومناصحتهم والا يتوانى فيقول غدا اذهب اليهم او في اخر النهار او ما اشبه ذلك يعني المبادرة المبادرة بالنصيحة والموعظة من هذا الرجل كما تشاهدون من فوائد الاية الكريمة انه يجوز للانسان ان نبادر بالانذار قبل ان يقدم له مقدمة اذا دعت الحاجة الى ذلك لقوله اتبعوا امرهم من اول الامر لم يأتي بمقدمة تهيئهم للقبول لان الحال تستدعي ذلك ومنها ايضا انه ينبغي التلطف في القول دعوة الغيب لقوله يا قومي يا قوم فان هذا يستوجب اتباعه وقبول نصحه لماذا؟ لان للانسان حدبا على قومه طيب من فوائد الاية الكريمة ايضا ان الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يسألون الناس اجرا على ما اتوا به من الدلالة والهداية كقوله اتبعوا من لا يسألكم اجرا ومن فوائدها ايضا انه ينبغي ان يقدم الوصف الموجب للقبول قبل الوصف المفضل للقبول فهنا قال اتبعوا المرسلين والرسالة وصف يقتضي وجوب قبول المرسل اتبعوا من لا يصلكم اجرا هذا من باب الكمال من باب الكمال ومن فوائدها انه ينبغي للداعية الى الله عز وجل ان يترفع عن عن اخذ ما في ايدي الناس من الاموال حتى وان اعطوك لانه ربما تنقص ميزانيته اذا قبل ما يعطى من اجل دعوته وموعظته لان الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يسألون الناس اجرا لا بلسان الحال ولا بلسان المقال وبه نعرف قبح ما يستعمله بعض الناس. وان كان الحمد لله الان قد قل يقوم ويعظ الناس موعظة قد تكون بليغة فاذا انتهى قال اني انا في حاجة وصاحب عائلة وما اشبه ذلك صارت الموعظة الان ها للدنيا للاجر طيب هل يستفاد من هذا انه لا يجوز الاخذ على تعليم العلم لا يجوز اخذ الاجر على تعليم العلم لمخالفته لطرق لطريق الرسل ها او يقال لا لان الذي لا يجوز له عنه الدعوة الى الله عز وجل هذه لا يجوز للاخذ اخذ الاجر عليها لوجوب الدعوة على الانسان اما التعليم الذي يحتاج الى معاناة والى تعب والى تفهيم خاص فهذا لا بأس به وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ان احق ما اختم عليه اجرا كتاب الله طيب هل يفهم منه؟ او هل يستفاد من الاية انه لا يجوز اخذ رزق من بيت المال للدعوة والارشاد ها؟ لا يستفاد يعني لا ولكن لا شك ان التنزه عن ذلك اولى يعني كون الانسان يذهب يدعو الى الله عز وجل بدون ان يأخذ مقابر ولا من الحكومة لا شك ان هذا افضل واقرب الى الاخلاص واشد وقعا في نفوس الناس حتى وان لم يعلموا انه لم يأخذ لان الله تعالى يلقي ذلك في قلوب الناس ان يلقي القبول من هذا الناصح والداعي وان لم يعلموا انه لا يأخذ شيئا ومن فوائد الاية الكريمة ان انه من طريق الدعوة ان يذكر الانسان حال الداعية بوصفه بما يوجب قبول قوله بقوله وهم مهتدون وهم مهتدون فهنا ذكر ما يوجب قبول قولهم في اول الدعوة تدعو المرسلين وفي اخرها في قوله وهم مهتدون طيب من فوائد الاية الكريمة ايضا انه يجب على من دعا الى الله ان يكون على بصيرة وعلى علم لان هذه لان هذا هو وصف الرسل وهم يدعون الى الله تعالى على على هدى منه واما من يدعو على غير هدى فانه قد يفسد اكثر مما يصلح لان الذي يدعو على غير علم ربما يجعل الشيء الحرام حلالا والحلال حراما وهو لا يدري فيحصل بذلك فساد في الدين والعقيدة ومن فوائد الاية الكريمة ايضا جواز في قوله نعم نعم وفي قوله ومالي الاعب الذي فطرني من فوائدها انه لا بأس للانسان ان نظيفة الشيء الى نفسه على سبيل الفرض تلطفا كقوله وماليا لا اعبد الذي فطرني يعني على فرض انني لم انني اتخذ من دون الهة فما الذي يمنعني ان اعبد الله عز وجل وحده ومن فوائدها الاشارة الى وجوب الاخلاص في العبادة لقوله الذي فطرني فان الله تعالى منفرد بفضل الخلق فيجب ان يفرد في العبادة يجب ان يفرد بالعبادة فلا يدعي احد ان الالهة تخلق اذا لا يجوز ان تعطى شيئا من العبادة التي يختص بها من من هو؟ من يخلف وهو الله ومنها انه من كمال الدعوة والتعليم قرن الحكم بدليله او علته لقوله الذي خطرني فان هذا كالتعليم لقوله ما لي لا اعبد ولهذا عدل عن قوله ما لي الا اعبد الله الى قوله ما لي لا اعبد الذي فطرني ليكون هذا كالدليل والتعليل لوجوب افراده سبحانه وتعالى بالعبادة نظير هذه الاية قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقه ولم يقل اعبدوا الله بل قال ربكم الذي خلقكم ليكون ذلك كالتعليل لوجوب عبادته وهذا في القرآن والسنة كثير ومن فوائد الاية الكريمة انه ينبغي ذكر ما يكون به الحذر والخوف بعد ان يذكر ما ما يكون فيه الرعب او الترغيب والحث لقوله واليه ترجعون هداك راه بحداه الخلق وانتهائه وانه كله الى من الى الله عز وجل وهنا نجد الفرق بين التغيير الاول ومالي العبد الذي فطرني ولم يقل واليه ارجع لانه كما قلنا انما اضاف ذلك الى نفسه وهو يعني قومه لكن اضافه تلطفا وتوبيخا لهم طيب فكانه يقول انا لا اعبد الا الذي فطرني فلماذا تعبدون انتم معه غير غيره؟ واليه ترجعون