اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. واذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم وما خلفه لعلكم ترحمون. وما تأتيهم من اية من ايات ربهم الا كانوا عنها مرضين واذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم من عذاب الدنيا لان الهم ما هو العلاقة من عذاب الدنيا كغيره كغيرك وما خلفكم من عذاب الاخرة لعلكم ترحمون اعرضوا قوله اذا قيل لهم الجملة هذه الشرطية فعل الشرط فيها وجوابه محذوف قدره المؤلف بقوله اعربوا وهذا التقدير لا شك انه التماس للمؤلف والا فقد يكون الامر اوسع مما قال المؤلف وحذف مثل هذا فيه من البلاغة ان ان الذهن يقدر كلما كل ما يمكن ان يقدره مما يترتب على هذا القول هذا من جهة من جهة اخرى ان الناس اذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم وما خلفكم تختلف اجاباته منهم من يعرض ويسكت ومنهم من يستكبر ويسب ومنهم من يقاتل الى غير ذلك من من الامور التي لا تخف فكان في حذف هذا من البلاغة ما هو ظاهر ليكون ليذهب الذهن كل مذهب في تقدير هذا المحذوف قوله واذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم وما خلف من القائل القائل هنا مبهم لان الفعل مبني للمجهول ليشمل اي واحد يقول لهم هذا القول سواء كان من قول الله عز وجل في كتابه او كان من قول الرسول عليه الصلاة والسلام في سنته او كان من قول الدعاة بعد ذلك فهؤلاء الكفار اذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم وما خلفهم ما بين ايديكم من هم الدنيا من عذاب الدنيا فان الله سبحانه وتعالى قد يعذب الكافر في الدنيا كما عذب الامم السابقة وكما عذب هذه الامة ايضا لكن عذاب هذه الامة يكون بابتلاء بعضهم ببعض ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض يوم نقش البطشة الكبرى انا منتقمون كانت هذه في غزوة بدر حين قتل صناديد قريش فسماه الله تعالى بطشة كبرى اما الامم السابقة فعقوباتهم معروفة فهنا اتقوا ما بين ايديكم من عذاب الدنيا العذاب المتنوع سواء كان بايدي المؤمنين او كان من فعل الله عز وجل كالقحط والزلازل والغرق وغير ذلك وما خلفكم من امر الاخر وعذاب الاخرة اشق واشد وهنا قال ما خلفكم قد يقول قائل لو كان الامر بالعكس لكان اقرب الى الصواب يكون ما بين ايديكم من عذاب الاخرة لانهم استقوا وما خلفكم من عذاب الدنيا لان الدنيا هي التي يخلفها الانسان وراءه ولكن يجاب عن هذا بان الذي بين ايديهم حقيقة هو الدنيا واما ما خلفهم فان الخلف والوراء قد يطلق بمعنى الامان ومنه قوله تعالى وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفير واصلا قال العلماء معناه نعم امامهم وكقوله تعالى ومن ورائه عذاب غليظ اي امامه ثالث مذكور وهو ان المراد بما بين ايديهم المعاصي التي التي في مستقبلهم ويخشى ان يفعلوها وما خلفهم المعاصي الماضية فيجعل المراد بما بين ايديهم وما خلفهم من الاعمال لا من عذاب الله وسبق ان قلنا ان الاية اذا كانت تحتمل معاني المقولة فيها بدون تعارض فانها تحمل على على الجميع. طيب وقوله لعلكم ترحمون لعل هنا للتعليق اي لاجل ان يرحمكم الله عز وجل اذا قيل لهم هذا الشيء فجمع لهم بين الترغيب والترهيب الترغيب يا خالد في قوله لعلكم ارحموه والترهيب في قوله اتقوا ما بين ايديكم ومعهم هؤلاء يدلون عليهم بين الترغيب والترهيب ومع ذلك لا يستجيبون بل يعرضون ويستكبرون ويسخرون ويقولون هذا اساطير الاولين وما اشبه ذلك مما هو معروف عن هؤلاء اذا دعوا الى الله نعم في هذه الاية الكريمة ان هؤلاء الكفار قد اقيمت عليهم الحجة وبلغتهم الدعوة ووعظوا ولكن لم ينفعهم ذلك لقوله واذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم وما خلفهم ومن فوائدها ان الانسان اذا اعرض عن دين الله واستكبر كان عرضة للعذاب اما في الدنيا او في الاخرة او في الدنيا والاخرة لقوله اتقوا ما بين ايديكم وما خلفكم ومن فوائدها ان الاقبال الى الله عز وجل واجتناب معصيته سبب للرحمة لقوله لعلكم ورحموه ومن فوائدها ايضا اثبات العلل والاسباب لقوله لعلكم فان لعل هذه للتعليم ولا احد ينكر ان للاسباب تأثيرا الا من صرف عن مقتضى الفطرة والناس اختلفوا في الاسباب والعلل على ثلاثة اقوام فمنهم من قال ان الاسباب والعلل مؤثرة بذاتها وانه لا بد لكل سبب من تأثيره في مسببه ولابد في كل علة من تأثيرها في معلومها ومنهم من قال بالعكس وقال انه لا تأثير للعلل والاسباب وانما هي علامات مؤامرات فقط فاذا وجد المسبب او المعلول لم يقولوا ان ذلك بسبب العلة ان لم يقولوا ان ذلك من اجل السبب او العلة ولكن يقولون ان ذلك حصل عنده لا به ولا ريب ان هؤلاء خالفوا المنقول والمعقول ولا احد يوافقهم على ما ذهبوا اليه والقول الثالث وصف يقول ان للاسباب والعلل تأثيرا في معدولاتها ومسبباتها لكن بجعل الله ذلك فيها فهي ليست مؤثرة بنفسها بل بما اودعه الله تعالى فيها من من الامر الموجب السبب او للمعلومة وهذا القول هو المتعين وهو الصراط بدليل ان الله تعالى قد يثبت هذه العلة او هذا السبب قد يسلبه التأثير ولا يبقى له تأثير اطلاقا وما قصة ابراهيم عليه الصلاة والسلام بغريبة حيث القي في نار تتأجج فقال الله لهذه النار كوني بردا وسلاما على ابراهيم. فكانت بردا وسلاما مع انها هي سبب للاحراق ولكنها صارت فردا وسلاما على ابراهيم وهذا يدل على ان الاسباب والعلل انما تؤثر بماذا بارادة الله عز وجل وجعل هذا هذه العلة والسبب مؤثرا طيب ومن ومن فوائد الاية هذه والتي قبلها ايضا اثبات الرحمة لله عز وجل وهي من صفات الذاتية الفعلية الذاتية لان الله لم يزل رحيما بعباده ولا يزال الفعلية باعتبار تعلقها بالمرحوم فانها تتجدد باعتبار المرحوم لا باعتبار انها صفة من صفات الله فهذا الذي رحمه الله من من البشر حادث بعد ان لم يكن تعلقت به الرحمة ولا يخفى عليكم ما ذهب اليه الاشاعرة من انكارهم الرحمة على وجه الحقيقة وادعائهم انه يراد بها ها الاحسان او ارادة الاحسان ففسروها بالارادة لانهم يثبتون للاهل ارادة او بالاحسان لانه مخلوق منفصل ليس من صفات الله وهذا بلا شك قول باطل وضعيف وقد مر علينا بيان تعليلهم لانكاره والرد عليه قالوا ان رحمة تقتضي ليش رفقة ولينا وضعفا وهذا لا يليق بالله عز وجل وقالوا ايضا ان الرحمة لا يدل عليها العقل ونحن لا نلتفت من الصفات الا ما دل عليه العقل وقد بينا ان هذا القول ليس بصواب اولا ان الرحمة قد تقع من انسان قوي سلطان ويوصف بالرحمة حتى من البشر وثانيا ادعاء من العقلات لا يدل عليها باطل فان العقل يدل عليها اكثر دلالة واوضح دلالة من دلالة من دلالة التخصيص على الارادة وما تأتيهم من اية من ايات ربهم الا كانوا عنها معرضين ايضا سبق لنا الكلام عن الاية هذي طيب قال الله تعالى وما تأتيهم من اية من ايات ربهم الضمير هنا يعود على المكذبين للرسل يقول الله عز وجل ما تأتيهم اية من ايات ربهم ومن هنا زائدة زائدة زائدة لفظا لكنها تزيد في المعنى فهي زائدة في اللفظ وزائدة للمعنى اي تعطيه معنى جديدا ما هو المعنى الجديد المعنى الجديد تأكيد النهي والتنصيص على عموده اي اي اية تأتيهم فانهم لا يقبلونه بل يعرضون عنه ويستكبرون والايات التي تأتي من الله عز وجل تنقسم الى قسمين ايات كونية وايات شرعية فالايات الشرعية ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام والاعراض عنها يكون بالتكذيب والاستكبار التكذيب للاخبار والاستكبار عن الاحكام واما الايات الكونية فالاعراض عنها الا يهتم الانسان بها والا تحرك منه ساكنا والا يوجل منها قلبه وان يقول كالذين رأوا العذاب ينزل من السماء وان يروا رزقا من السماء ساقطا يقول سحاب مرفوم او كالذين يقولون ان الكسوف ليس امرا مخيفا لانه شيء طبيعي ولا ينبغي ان نثيه او كالذين يرون الزلال والغرق والدمار من الرياح العافية وغيرها ثم يكون هذا امر طبيعي لا يحرك لهم ساكنا ولا ريب ان هذا يدل على قسوة القلوب وموتها والا فان الواجب على الانسان ان يتعظ بهذه الايات فالاعراض عن الايات الكونية معناه ليش؟ عدم المبالاة بها وعدم الاكتراث بها والا تحرك من الانسان ساكنا ولا ولا تهز له عاطل هذا الاعراب انا فيقول الله عز وجل ما تأتيه من اية من ايات ربهم الا كانوا عنها معرضين يعني الا قابلوها بالاعراض ولا ولا يتأملونه ولا يفكرون فيها فاذا جاءت الايات الشرعية بخبر كذبوها على طول وقالوا هذا كذب هذا سحر هذا شعر واذا جاءت الاحكام الشرعية تكبر عنه ولم يذهلوا لها ولم ينقادوا لها بدون ان نتأمل فيها وما فيها من المصالح وكذلك بالايات الكونية لا يكترثون بها ولكن الا كانوا عنها معرضين نعم لكن ففي هذه الاية دليل على ان الله عز وجل يذكر او يبين لعباده من الايات ما يؤمن على مثل البشر وجه ذلك انه لولا هذا لم يكن في الايات فائدة ومن فوائدها ان بني ادم قد يعفون عن الايات ويعرضون عنها بدون نظر والواجب على الانسان ان ينظر اولا ثم يحكم ثانيا ولهذا يقال الحكم على شيء فرع عن تصور فانت انظر اول بالايات شف هل هي ايات مقنعة موجبة للصلاح فلتكن صالحا بها هل هي لا تنفع فحينئذ تعرض لا تعذر بالاعراض عنها ومن فوائد هذه الاية بيان قسوة قلوب هؤلاء فانهم لم يقبلوا اية من الايات دليله وما تأتيهم من ايات من ايات من ايات ربه ومن فوائد الايات الكريمة اثبات الربوبية العامة لقوله من ايات ربهم فاثبت الله تعالى انه رب هؤلاء وهو سبحانه وتعالى رب كل شيء انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة التي حرمها الذي حرمها وله كل شيء كل شيء فالله ربه حتى الكفار اي نعم حتى الكفار لكن نقول احيانا تكون الربوبية خاصة اي انه يراد بها ربوبية خاصة فيها مزيد عناية واعتناء مثل قوله تعالى رب موسى وهارون لان هذه الربوبية غير الربوبية العامة ومن فوائد الايات الكريمة تقبيح حال هؤلاء والتحذير من فعلهم بقوله الا كانوا عنها معرضين مع انها جاءت ممن من ربهم الذي هو مالكه وخالقهم وامره امرهم اليه ومع ذلك يعرضون