اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك كما كنت منه تحيد. ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد. وجاء كل نفس معها سائق وشهيد. لقد كنت في غفلة من هذا
اه فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد. الاية يقول تعالى وجاءت سكرة الموت بالحق  ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد. وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد
جاءت سكرة الموت السكرة هنا هي تغطية العقل كالاغماء ونحوه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان للموت سكرات وعلى هذا فيكون قول سكرة الموت مفردا مضافا فيشمل الواحدة او اكثر
وقوله بالحق اي ان الموت حق كما جاء في الحديث الموت حق والجنة حق والنار حق فهي تأتي بالحق وتأتي ايضا بحق اليقين فان الانسان عند الموت يشاهد ما توعد به وما وعد به لان
انه ان كان مؤمنا بشر بالجنة وان كان كافرا بشر بالنار اعاذنا الله واياكم منها ذلك اي الموت ما كنت منه تحيد اختلف المفسرون فيما هل هي نافية فيكون معنى ذلك الذي لا تحيد منه ولا تنفك منه. او انها موصولة والمعنى ذلك الذي كنت
تحيد منه ولكن لا مفر منه. فعلى الاول ذلك اه يقومان الاية ذلك الذي لا تحيدونه بل لا بد منه. وقد قال الله تعالى قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيه. وتأمل يا اخي
قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم ولم يقل فانه مدرككم وما ظنك بشيء تفر منه وهو يلاقيك؟ ان فرارك منه يعني يعني دنوك منه في الواقع لو كنت فاظا من شيء وهو يقابلك فكلما اسرعت في الجري اسرعت في ملاقاتك
ولهذا قال فانه ملاقيكم. في الاية الثانية اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة لانه ذكر في هذه الاية الثانية ان الانسان مهما كان في تحصنه فان الموت سوف يدركه وعلى كل حال
هنا يقول ذلك ما كنت منه تحيد يعني ذلك الذي لا محيد لك عنه المعنى الثاني في ماء ان تكون ايش؟ موصولة. اي ذلك الذي كنت تحيد منه. وتفر منه في حياتك
قد وصلك وادركك وعلى كل حال ففي الاية التحذير من التهاون بالاعمال الصالحة والتكاسل عن التوبة وان الانسان يجب ان يبادر لانه لا دين متى يأتيه الموت ثم قال ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد
النافخ في الصور هو ملك وكله الله تعالى به يسمى اسرافيل نفختان الاولى نفخة الصعب فيسبقها فزع ثم صام والثانية نفخة البعث وبينهما اربعون وقد سئل ابو ابو هريرة راوي الحديث ما المراد بالاربعين؟ فقال ابيت اي اني لا ادري ما المراد بالاربعين التي ذكرها النبي صلى الله
عليه وسلم المهم ان المراد بقوله هنا نفخ في الصور النفخة الثانية بدليل قوله ذلك يوم الوعيد  وهذا يعني انه بهذه النفخة صار يوم القيامة. الذي هو يوم الوعيد فان قال قائل يوم القيامة يوم وعيد ويوم وعد
وعيد لمن الكفار ووعد للمؤمنين فلماذا ذكر الله تعالى هنا الوعيد دون الوعي؟ لان السورة كلها في مبدوءة تكذيب المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام فناسب ان ان يغلب فيها جانب الوعيد
قاف والقرآن المجيد بل عجبوا ان جاءهم منذر منهم الى اخره فكان من الحكمة ان يذكر الوعيد دون الوعي ومع ذلك فقد ذكر الله تعالى اصحاب الجنة فيما بعد لان القرآن مثاني
وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد جاءت يعني يوم القيامة كل نفس اي كل انسان كل بشر ويحتمل ان يكون المعنى كل نفس من بني الانسان ومن الجن ايضا ممن يلزمون بالشرائع
لاننا ان نظرنا الى السياق وهو قوله ولقد خلقنا الانسان ونعلم نفسه الى اخره. قلنا المراد بالنفس هنا نفس الانسان. واذا الى ان الشرائع تلزم الجن كما تلزم الانس قلنا ان وان الانس وان الجن يحشرون يوم القيامة ويدخل مؤمنهم الجنة
انه كافرهم النار قلنا ان هذا عام فالله اعلم بما اراد. معها سائغ يسوقه وشهيد يشهد عليها بما عملت لان هؤلاء الملائكة عليهم الصلاة والسلام قد وكلوا بكتابة اعمال بني ادم
من خير وشر وكما سبق انهم يكتبون كل شيء الخير والشر واللغو لكن لا يحاسب الانسان الا على الخير او الشر ثم قال تعالى لقد كنت في غفلة من هذا. كنت الخطاب لمن؟ للانسان
وفيه ما يسب عليه يرحمك الله. فيه ما يسمى بالتفات الالتفات معناه ان ينتقل الانسان في اسلوبه من خطاب الى غيبه او من غيبة الى خطاب او من تكلم الى غيبة المهم ان تختلف الضمائر
وفائدة ذلك الالتفات انه يشد ذهن السامع فبينما الكلام على نسق واحد اذا به يختلف انظر الى قوله تعالى ولقد اخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعده وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ولم يقل وبعث
وانظر الى الفاتحة نقرأها كل يوم في كل ركعة من صلواتنا الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين بعد اياك نعبد ولم نقل اياه نعبد. وسياق الايات للغائب الحمد لله ما هو ان المخاطب؟ ما قلت الحمد
لك يا رب فالمهم ان الالتفات اسلوب من اسلوب اللغة العربية وفائدته شد ذهن السامع لما يلقى اليه من الكلام لقد كنت في غفلة من هذا وكما تعلمون ان الجملة هنا مؤكدة بثلاثة مؤكدات لقد كنت
وهي كثيرة كثيرة الوقوع في القرآن دائما لقد كنت لقد كان لقد جاء هذه الجملة يقول العلماء انها مؤكدة بثلاث مؤكدات الاول القسم والثاني اللام والثالث قد اذا ان التقدير والله لقد كنت في غفلة من هذا
وهنا نطرح سؤالا اليس خبر الله تعالى حقا وصدقا سواء اكد ام مؤكد؟ بلى لا شك. لكن ما دام القرآن نزل باللسان العربي فانه لا بد ان يكون التأكيد في موضعه
وعدم التوكيد في موضعه. لان المقصود ان يكون هذا هذا القرآن في اعلى مراتب البلاغة لقد كنت اي ايها الانسان في غفلة من هذا اي كنت غافل عن هذا اليوم. ساهي في الدنيا
كانك خلقت لها فكشفنا عنك غطاءك يعني هذا اليوم كشف الغطاء. وبان الخفي واتضح كل شيء فبصرك اليوم اي قوي بعد ان كانت الدنيا اعشى اعمى غافل لكن يوم القيامة يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا يتبين كل شيء. نسأل الله تعالى ان يحسن لنا ولكم الخاتمة
والعاقبة وان يحشرنا مع الذين انعم الله عليهم من نبينا والصديقين والشهداء والصالحين