معاني سورة الفاتحة. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم الدين اياك نعبد واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. الله قوله الله. قوله الله علم على ربنا ومعناه المألوه المستحق لافراده بالعبادة. قوله ومعناه المألوه اي المعظم بالحب والخضوع. اي المعظم بالحب والخضوع فان حقيقة التأليه ترجع الى وجود هذين المعنيين فاذا انطوى القلب في العمل على حب الله والخضوع له سمي ذلك تأليها. وكان الله مألوها والعبد متألها فمدار العبادة على الحب والخضوع والى ذلك اشرت بقول وعبادة الرحمن غاية حبه وخضوع قاصده هما قطبان وعبادة الرحمن غاية حبه وخضوع قاصده هما قطبان والذل قيد ما اتى في وحينا والذل قيد ما اتى في وحينا والوحي قطعا اقوم التبيان نعم الله عليك. قوله رحمن رحيم. اسمان من اسمائه تعالى. دالان على رحمته. ذكر المصنف وفقه الله ان الرحمن والرحيم اسمان من اسماء الله تعالى فان لله اسماء حسنى. قال تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها الاية وهذان الاسمان دال على رحمته اذ كل اسم من اسماء الله فيه صفة لربنا او اكثر فاسم الرحمن فيه صفة الرحمة واسم الرحيم فيه صفة الرحمة فقوله تعالى الرحمن الرحيم دال على امرين احدهما اثبات ان الرحمن والرحيم من اسماء الله الحسنى والاخر اثبات ان الرحمة صفة من صفاته العلا وطريق استفادة صفة الرحمة له من اثبات اسم الرحمن والرحيم له فالاسماء الالهية من دلائل الصفات الربانية فالاسماء الالهية من دلائل الصفات الربانية والى ذلك اشرت بقول اسماء ربنا على الصفات من الادلة لذي الاثبات اسماء ربنا على الصفات من الادلة لذي الاثبات والفرق بين هذين الاسمين ان الرحمن اسم لله تعالى دال على صفة الرحمة حال تعلقها بذاته ان الرحمن اسم لله تعالى. دال على صفة الرحمة حال تعلقها بذاته والرحيم اسم لله تعالى دال على صفة الرحمة حال تعلقها بالمرحومين. الذين وقعت عليهم الرحمة ذكره ابو عبد الله ابن القيم في بدائع الفوائد والى ذلك اشرت بقول ورحمة لله مهما علقت بذاته فالاسم رحمن ثبت ورحمة لله مهما علقت بذاته فالاسم رحمن ثبت او علقت بخلقه الذي رحم فسمه الرحيم فاز من سلم او علقت بخلقه الذي رحم فسمه الرحيم فاز من سلم. نعم قوله الحمد هو الاخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه. هذا الذي ذكره المصنف في حقيقة مم يبين ان الحمد مركب من امرين احدهما الخبر عن محاسن المحمود اي وجوه حسنه الدالة على كماله والاخر اقتران ذلك الخبر بحبه وتعظيمه فحمدنا ربنا سبحانه وتعالى جامع للامرين فنحن اذا حمدنا الله فاننا نخبر عن وجوه حسنه من صفات كماله مع حبنا له وتعظيمنا اياه. نعم قوله رب الرب في كلام العرب المالك والسيد والمصلح للشيء. ذكر المصنف وفقه الله ان مرد معنى كلمة الرب في لسان العرب الى ثلاثة معان احدها المالك وثانيها السيد وثالثها المصلح للشيء اي القائم على تدبير شؤونه اي القائم على تدبير شؤونه بما يصلحه في العاجل والاجل والى هذه المعاني اشرت بقول سيدهم ومالك والمصلح سيدهم ومالك والمصلح للرب معنى في اللسان صرحوا للرب معنى في اللسان صرحوا فالى هذه المعاني الثلاثة ترجع كلمة الرب في الوظع العربي. ذكره ابن الانباري وغيره ووسع المتأخرون القول في معاني الرب حتى بلغها احمد بن احمد الشجاعي الازهري ثلاثين معنى وتلك المعاني الثلاثين ترجع عند التأمل الى هذه المعاني الثلاثة نعم قوله العالمين جمع عالم وهو اسم للافراد المتجانسة من المخلوقات فكل جنس منها يطلق عليه عالم يقال عالم الانس وعالم الجن وعالم الملائكة. ذكر المصنف وفقه الله ان العالمين في لسان العرب جمع عالم ثم بين معنى العالم بقوله وهو اسم للافراد المتجانسة من المخلوقات اي المشتركة في جنس واحد اي المشتركة في جنس واحد فالمخلوقات المشتركة في جنس واحد تسمى عالما والحكم على المخلوقات باشتراكها في جنس عمدته كلام العرب لا مواضعات المتأخرين في علومهم فان متأخر اهل العلوم تواطؤوا على وضع اصطلاحات يجمعون فيها اشياء متفرقة باعتبار علومهم لكنها لا تكون كذلك باعتبار الوضع العربي فاذا اردت ان تعلم كون شيء عالما وجب ان تنظر في لسان العرب هل يعدون افراده جنسا مشتركا ام لا فاذا وجد في كلامهم ذلك سمي علما كالمذكور في قوله فكل جنس منها يطلق عليه عالم. فيقال عالم الانس وعالم الجن وعالم الملائكة. فالافراد المشتركة من تلك الاجناس سميت عالما واذا لم تكن الافراد متجانسة لاختلافها او انفرادها لم تسمى عالما فمثلا العرش الالهي طرد لا شريك له من جنسه ومثله الكرسي الالهي المذكور في سورة الكرسي. فهو فرض لا شريك له في جنسه وكذا الجنة والنار فلا شريك لهما في جنسهما فهذه مخلوقات منفردة لا جنس لها فالمخلوقات نوعان احدهما الافراد المتجانسة وهي المشتركة في جنس واحد كالجن والانس والملائكة والاخر المخلوقات المنفردة وهي المستقلة برأسها فلا تسمى عالما لانها لا يجمعها مع غيرها جنس كالعرش والكرسي الالهيين والجنة والنار اللتين هما دار الجزاء ويختص العالم بالافراد المتجانسة ولا يسمى غيره عالما والحكم بكون اشياء مختلفة هي جنس مرده الى الكلام العربي فمثلا ما يمكن ان يقال عن هذه الاربع العرش والكرسي والجنة والنار بانها افراد متجانسة وعالم باعتبار كونها جمادات هو غلط على لسان العرب ومخالف لاسرار الله في مخلوقاته فان اسم الجماد في عرف متأخر علوم اهله ليست موافقة لوضع الخطاب الشرعي فالنبات والجدار وغيرهما لا يحكم عليها عند علماء المعرفة المتأخرين بانها من الاحياء اي ما لها صفات الحي كالعلم والارادة وغيرهما. واما في الخطاب الشرعي فجاء اثبات صفات كالعلم والحياة والارادة لما يسميه الناس في معارفهم العصرية بانه جماد فلا بد من التفريق بين الوضع الشرعي واللغوي وبين الطارئ في المعارف المتأخرة ولا يفسر خطاب الشرع بهذا الطارئ ومنه مثلا الجاري في عرف علماء الهيئة الحديثة في الفلك من التفريق بين الكوكب والنجم بان الكوكب جرم معتم والنجم جرم مضيء فان هذا المعنى لا يساعد عليه القرآن ومن الغلط تفسير النجم والكوكب في القرآن خاصة وفي الخطاب الشرعي عامة بتفسير هؤلاء نعم احسن الله اليك قوله يوم الدين يوم الحساب والجزاء على الاعمال هذا الذي ذكره المصنف يدل على ان الدين جامع بين امرين ان الدين جامع بين امرين احدهما الحساب وهو مقدمته والاخر الجزاء وهو خاتمته. فالعبد يحاسب اولا ثم يجزى ثانيا وكون احد من الخلق لا يحاسب تفضلا من الله ونعمة لا يرفع هذا الاصل فان الاصل عموم الحساب للخلق ورفعه عن بعضهم كالسبعين الفا. ومن يتبعهم فضل من الله عز وجل نعم قوله اياك نعبد نخصك وحدك بالعبادة قوله واياك نستعين نستعين بك وحدك في جميع امورنا. ذكر المصنف وفقه الله في تفسير هاتين الجملتين من هذه الاية ما يدل على ارادة تخصيص الله بما ذكر فيها فقال اياك نعبد نخصك وحدك بالعبادة واياك نستعين نستعين بك وحدك في جميع امورنا والتخصيص المذكور مستفاد من تقديم ما حقه التأخير فان تقدير الكلام نعبد اياك ونستعين اياك فلما قدم ما حقه التأخير. فقال الله اياك نعبد واياك نستعين علم ان المراد هو افادة تخصيص الله سبحانه وتعالى بذلك فلا يجعل شيء من العبادة لغيره ولا يستعين العبد في تحقيق مطلوباته والوصول اليها الا به عز وجل وهذا التخصيص يسميه علماء المعاني بالقصر ويسميه الاصوليون بالحصر والى معناه اشار الاخضري في الجوهر المكنون بقوله تخصيص امر مطلق بامر هو الذي يدعونه بالقصر نعم سلام عليكم قوله اهدنا دلنا وارشدنا. ذكر المصنف وفقه الله ان قول الله في سؤال الخلق اهدنا مرادهم فيه دلنا وارشدنا فهم يسألون الله عز وجل الدلالة والارشاد الى الصراط المستقيم والهداية التي يطلب العبد حصولها من الله الى الصراط المستقيم نوعان احدهما هداية وصول اليه هداية وصول اليه والاخر هداية ثبات عليه هداية ثبات عليه فانت بقولك اهدنا الصراط المستقيم تسأل الله ان يوصلك الى معرفة الصراط المستقيم وهو دين الاسلام كما يأتي بمعرفة ما فيه من الخبل والطلب وتسأله سبحانه ان يثبتك عليه فالواصلون الى الصراط المستقيم مفتقرون اشد الافتقار الى الثبات عليه حتى يلقوا ربهم عز وجل وقول احدنا في كل صلاة اهدنا الصراط المستقيم مع كونه مسلما دعاء يضطر اليه اشد الاضطراب ومنفعة دعاء المسلم بالهداية الى الصراط المستقيم ترجع الى امرين احدهما دوام هداية الله له في افراد الخبر والطلب دوام هداية الله له في افراد الخبر والطلب فانت ايها المسلم المهدي الى الصراط المستقيم مفتقر في كل خبر وطلب الى ان يهديك الله عز وجل الى محبوبه فيه فانت اذا قصدت الصلاة مفتقر الى ان يهديك الله الى محبوبه في تلك الصلاة والاخر ثباتك على ما هديت اليه من الاسلام ثباتك على ما هديت اليه من الاسلام فان القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن من شاء اقامه ومن شاء ازاغه فالمسلم المهتدي الى الصراط المستقيم مضطر الى سؤال الله ان يثبته على الصراط المستقيم حتى يلقى الله عز وجل نعم قوله الصراط المستقيم. الاسلام فسر المصنف وفقه الله الصراط المستقيم بالاسلام لانه ثبت تفسيره به عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النواس ابن سمعان عند احمد باسناد حسن والمراد به الصراط الدنيوي فان اسم الصراط يقع على اثنين احدهما الصراط الدنيوي وهو دين الاسلام والاخر الصراط الاخروي وهو جسر منصوب على متن جهنم فقول العبد اهدنا الصراط المستقيم يراد به سؤال الله عز وجل ان يهديه الى الصراط الدنيوي وهو الاسلام ومن دقائق تصرفات خطاب الشرع ان الصراط الدنيوي وصف بالاستقامة فقال تعالى اهدنا الصراط المستقيم اما الصراط الاخروي فلم يوصف بالاستقامة بل يذكر باسم الصراط فقط واضح طيب لماذا لماذا الصراط الدنيوي وصف بانه مستقيم واما الصراط الاخروي فلم يوصف بذلك ما الجواب لانه معروف دنيوي والاخروي غير معروف جسر منصوب على متن جهنم فهو معروف اي نعم لكن لماذا وصف هذا بمستقيم وذاك لم يوصف بانه مستقيم؟ هذا كلام صحيح تفضل الاخروي له هذا جزاء هذا جزاء والداعي الى ركاء لان الطرق المدعى انها توصل الى الله في الدنيا كثيرة ان الطرق المدعى انها توصل الى الله ورضوانه في الدنيا كثيرة فارباب الضلال كلهم يدعي ان ما هو عليه هو الحق. فاليهود والنصارى والمشركون والشيوعيون واضرابهم يدعون ان ما هم عليه هو الحق فميز الحق في هذه الدنيا بوصف الاستقامة فالصراط المستقيم والطريق القويم في الدنيا واحد هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فميز عن غيره بوصف الاستقامة واما في الاخرة فلا طريق يوصل الى الله ورضوانه ودار كرامته الا صراط واحد فلا يدعى غيره ولا يوجد سواه. فلم يحتج الى تمييزه بوصف الاستقامة نعم عليكم قوله صراط الذين انعمت عليهم المتبعين للاسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم قوله المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به وهم اليهود قوله الضالين الذين تركوا الحق عن جهل فلم يهتدوا وضلوا وضلوا الطريق وهم النصارى وظلوا الطريق وهم النصارى. طريق لا عن الطريق عندكم طريقنا عن الطريق وهم النصارى هذا الذي ذكره المصنف في هذه الايات التلات يبين افتراق الخلق الى ثلاث فرق فالفرقة الاولى الذين انعم الله عليهم وهم المتبعون لدين الاسلام والفرقة الثانية الذين غضب الله عليهم وهم الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به وهم اليهود والفرقة الثالثة الذين ضالوا وهم النصارى فالفرقة الاولى تجمع بين العلم والعمل والفرقة الثانية وهم اليهود لهم علم لكن لا عمل عندهم فهم يتركون العمل بالعلم والفرقة الثالثة هم يعملون لكن بلا علم فالذي يحبه الله ويرضاه منا هو العلم والعمل فاذا اردت ان تكون من المنعم عليهم فتحرى علمك بما يحبه الله ويرضاه ثم عملك به. فالحاج مثلا يكون من المنعم عليهم اذا اجتهد اولا في العلم بالمناسك ثم اجتهد ثانيا في العمل بذلك العلم ولا يكون الحاج منعما عليه اذا كان فعله للمناسك بلا علم بل منتهى اخذه المناسك مما يرى عليه الناس دون بينة او يسأل من لا يحل له ان يسأله كرجل رأيته بالمسعى اخذ بيد رجل ممن يدفع بالعربات فسأله عن كيفية السعي فاخبره الخبر فهذا مما لا يحل له فعله لان الله عز وجل قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. اي اهل العلم لا ان يسأل المرء من اتفق له وجوده بين يديه وقد هيأ بحمد الله في المسجد الحرام وفي غيره من مواقع المشاعر المقدسة اماكن معينة لمن اراد ان يسأل مما يتبع لوزارة الشؤون الاسلامية او للرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء فاذا اراد الحاج ان قصد هؤلاء ثم اذا عرف علم مناسكه عمل به فمتى جمع بينهما صار من عليهم في الحج واذا كانت هذه عادة مطردة له في دينه كله صار من المنعم عليهم الجامعين بين العلم والعمل فان كان يعمل بلا علم تخوف عليه الضلال او كان له علم لكن لا يعمل به تخوف عليه الغضب فيقع له مشابهة اليهود او النصارى فيما كانوا عليه وقوله تعالى صراط الذين انعمت عليهم اضيف فيه الصراط الى الخلق السالكين له واضيف في موضع اخر من القرآن الى الله عز وجل. فقال تعالى وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه الاية والفرق بين الاظافتين ان اضافته الى الله هي باعتبار انه واضعه وشارعه واضافته الى الخلق باعتبار انهم سالكوه السائرون عليه