بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين احسن الله اليكم قال الشيخ حافظ رحمه الله تعالى سؤال ماذا يتضمن اسمه الاعلى وما في معناه والقاهر والمتعالي. جواب يتضمن اسمه العلي الاعلى الصفة المشتقة منها وهو ثبوت العلو له عز وجل بجميع معانيه فوقيته تعالى على عرشه عال على جميع خلقه بائن منهم رقيب عليهم يعلم ما هو عليه قد احاط بكل شيء علما. لا تخفى عليه منه خافية. وعلو قهره فلا مغالب له ولا منازع ولا مضاد ولا ممانع بل كل شيء خاضع لعظمته دليل لعزته. مستكين لكبرير تحت تصرفه وقهره. لا خروج من قبضته وعلو شأنه. فجميع صفات الكمال له ثابتة جميع النقائص عنه منتجية عز وجل وتبارك لكم. وعلو شأني بعدها فاصلة غلط هذه الفاصلة وعلو شأنه فجميع صفات الكمال هذا تفسير له. نعم نعم. عز وجل وتبارك وتعالى وجميع هذه المعاني للعلوم متلازمة لا ينفك منها معنى عن الاخر. لما فرغ المصنف رحمه الله الله تعالى من تقرير باب الصفات الذاتية والفعلية شرع يذكر طرفا من صفات الله سبحانه وتعالى وابتدأ ذلك بصفة العلو. واورد سؤالا يفصح عنها فقال ماذا يتضمن اسمه الاعلى وما في معناه كالظاهر والقاهر والمتعالي. فهو يسأل عما تتضمنه هذه الاسماء الاربعة وهي الاعلى والظاهر والقاهر بياء في اخره كما في قراءة ابن كثير وقفا ووصلا فان الله سبحانه وتعالى قال عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال لقراءة الاكثر وفي قراءة ابن كثير المكي المتعالي فتكون اسماء ربنا سبحانه وتعالى المتعلقة بالعلو صراحة هي ثلاثة العلي والاعلى تعالي وفي معناها الاسماء الدالة على العلو كالظاهر والقاهر. فان الظاهر قد فسره النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم بقوله فليس فوقه شيء والقاهر فيه قوله تعالى وهو القاهر فوق عباده فجعله دالا على علو الله عز وجل. وهذه الاسماء دلت على علو الله عز وجل لما تقرر ان اسماء الله سبحانه وتعالى تتضمن اثبات الصفات له. فاذا اثبت هذه الاسماء له فقد اثبت ما في ضمنها من الصفات فان من دلائل اثبات الصبا مجيء الاسم كما قلت فيما سلف اسماؤه الحسنى على الصفات من الادلة لدي الاثبات اي لصاحب الاثبات. وفي معناه ايضا قول ابن عدود اسماء ربنا على الصفات دلت فذلت اوجه النفات. فاسم العلي والاعلى والقاهري والظاهر كلها دالة على اثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى. وهذا العلو كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى في تضاعيف كلامه ينقسم الى ثلاثة اقسام الاول علو الذات وهو علو فوقيته تعالى على عرشه فهو وعال على جميع خلقه بائن منهم مستو على عرشه. فعلو الفوقية هو المراد به علو الذات والثاني علو القدر والصفات والمراد به كمال صفات ربنا عز وجل قال تعالى ولله المثل الاعلى اي الوصف الاعلى كما قال ابن عباس رضي الله عنه واختاره ابن القيم رحمه الله تعالى وثم نوع ثالث وهو علو القهر والمراد بعلو القهر اثبات ان الله عز وجل لا مغالب له ولا منازع ولا مضاد ولا ممانع بل كل شيء خاضع لعظمته. والمثبتة لهذا النوع بقول الله سبحانه وتعالى وهو القاهر فوق عباده. فقالوا ان الفوقية المذكورة في هذه الاية هي فوقية القهر وحينئذ فان من علو الله عز وجل وفوقيته علو قهره. واضح هذا؟ طيب ما عن هذا ان علو القهر راجع الى الصفات. كيف يكون راجع؟ نعم؟ كيف يكون راجع؟ صفة من صفات الله جل وعلا. لان القهر صفة؟ من صفات من صفات الله عز وجل. والجواب عما ذكروه هو ان القهر صفة من صفات الله عز وجل. وعلوه فيها اي كماله عز وجل في هذه الصفة. فتكون من هذا الجنس. فان قالوا ان ذكر الفوق فيها يدل على تخصيصها بهذا المعنى لان الله قال وهو القاهر فوق عباده. وفوق موضوع في لسان العرب للعلو فما الجواب؟ يعني يقول نحن نعم نقر بهذا لكن خصصناها لاجل سياق الاية. فما الجواب يقال ان هذا الذي ذكرتموه لا تختص به صفة القهر. بل قد قال الله عز وجل ان الذين يبايعونك ايش؟ يد الله فوق ايديهم. فلا تختص الفوقية بالقهر. بل ان هذه الاية فيها فوقيته سبحانه وتعالى بصفة اخرى فان هذه الاية فيها اثبات صفة اليد المتضمنة لاثبات علمه سبحانه وتعالى ومعيته وحضوره البيعة وفي ذلك تعظيم لها كما ذكر هذا المعنى ابن كثير في تفسيره فحين اذ لا تختص الفوقية بالقهر والاكمل لان لا تتعدد الافراد ان ترجع الى اصل واحد وهو علو الصفات. ولذلك قلت علو ربنا لدى الثقات علو ذاته مع الصفات ايوه اما علو قهره فردوا لسابق اذ منه مستمد اما علو قهره فردوا بسابق اذ منه مستمد. اي ردوا علو القهر الى السابق وهو علو الصفات لانه مستمد منه وراجع اليه وحينئذ فان علو الله عز وجل الثابت له يقسم الى قسمين اثنين احدهما علو والمراد به علو فوقيته سبحانه وتعالى على عرشه ومباينته خلقه والثاني علو القدر والصفات والمراد به كمال صفاته سبحانه وتعالى. نعم. احسن الله اليكم. سؤال ما دليل الفوقية من كتاب جواب الادلة الصريحة عليه لا تعد ولا تحصى فمنها هذه الاسماء وما في معناها. ومنها قوله تعالى الا الرحمن على العرش استوى في سبعة مواضع من القرآن. ومنها قوله تعالى اامنتم من في آآ الايتين ومنها قوله تعالى يخافون ربهم ومنها قوله تعالى الرحمن على العرش استوى في سبعة مواضع من القرآن نعم نعم ومنها قوله تعالى اليه يصعد الكلم الطيب والعمل يرفعه وقوله تعالى تعرج الملائكة والروح اليه. وقوله تعالى يا عيسى اني متوفي فيك ورافعك الي وغير ذلك كثير. لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى اثبات صفة العلو اورد سؤال يتعلق ببيان دليل علو الفوقية من الكتاب اي من الايات القرآنية. ثم اجاب عنه بان الادلة الصريحة عليه لا تعد ولا تحصى. فمن تلك الادلة هذه الاسماء اي الالهية التي تقدمت وما في معناها فانها تتضمن اثبات صفة العلو له ومنها قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وهذا البناء لم يرد في القرآن الا في موضع واحد انما قال الله عز وجل ثم استوى على العرش في ستة مواضع وقدماء المصنفين في علم الاعتقاد من اهل السنة قولون ومنها ذكر استواء الله على عرشه في سبعة مواضع. ثم يذكرون ان هذه المواضع السبعة احدها الرحمن على العرش استوى والستة الباقية ثم استوى على العرش. ففي هذا الكلام المركب هنا نظر وانما صوابه كما ذكرنا وربما كان في النسخة سقط فوقعت الجملة على هذا وصوابها كما ذكرت لك. ومنها قوله تعالى امنتم من في السماء فان هذه الاية مصرحة بعلو الله عز وجل لكونه في السماء. وليس معنى قوله تعالى في السماء ان السماء تظله او تقله ولكن المراد اثبات انه في جهة العلو. ومنها قوله تعالى يخافون ربهم من فوقهم. فان الفوقية تختص بالعلو ومنها قوله اليه يصعد الكلم الطيب الاية فان الصعود انما يكون من السفل الى العلو وكذلك في تمام الاية والعمل الصالح يرفعه فان الرفع انما يكون لمن هو في جهة العلو. ومنها قوله تعالى تعرج الملائكة والروح اليه. فان العروج الصعود انما يكون لمن كان في جهة العلو. ومنها قوله يدبر الامر من السماء الى الارض فان من لابتداء الغاية لانتهائها فتدبير الامر يكون ابتدائه من السماء. فبهذا اثبات علو الله عز وجل وانه في السماء. ومنها قوله تعالى قال يا عيسى اني متوفيك ورافعك الي فان قوله تعالى ورافعك الي متضمن اثبات العلو لان انما يكون الى جهة العلو دون غيره. وغير ذلك كثير فالايات الدالة على علو الله عز وجل كثيرة جدا نعم احسن الله اليكم. سؤال ما دليل ذلك من السنة؟ جواب ادلته من السنة كثيرة لا تحصى. منها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث اوعال والعرش فوق ذلك والله فوق العرش وهو يعلم ما انتم عليه. وقوله بن سعد في قصة قريظة فقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبعة ارقعة. وقوله صلى الله عليه وسلم عن الجارية يا اين الله؟ قالت في السماء قال اعتقها فانها مؤمنة. واحاديث معراج النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث تعاقب الملائكة ثم يعرج الذين باتوا فيكم. فيسألهم وهو اعلم بهم وقوله صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد الى الله الا الطيب وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث وحي اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعان قوله كانه سلسلة على صفوان الحديث وغير ذلك وقد اقر بذلك جميع المخلوقات الا الجهم لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادلة الكتاب من الايات القرآنية اتبعها بسؤال اخر عن دليل علو الله عز وجل علو فوقية من السنة اي من الاحاديث النبوية واجاب عنه بان ادلته من السنة لا تحصى منها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الاوعال والعرش فوق ذلك والله فوق العرش وهو يعلم ما انتم عليه. رواه ابو داود وغيره. واسناده ضعيف. وهذا الحديث بحديث الاوعان لذكر الملائكة فيه مسمين بالاوعال. والاوعال جمع وعل وهو تيس جبل والاحاديث الملقبة نوع من انواع علوم الحديث. ذكره الحاكم رحمه الله تعالى في معرفة علوم الحديث ثم تجافاه المصنفون في علوم الحديث فلم يذكره ابن الصلاح ولا من تبعه الا ان ابن حجر رحمه الله تعالى صنف كتابا في الاحاديث الملقبة وهو مفقود واخذه رحمه الله تعالى من بعض الحنفية الذين ترجم لهم في الدرر الكامنة الذي صنف في فروع مذهب الحنفية المسائل الملقبة فبنى عليه وجعله الاحاديث الملقبة. ومنها حديث العنبر وحديث البحر وغيرها من الاحاديث وهو من لطائف علوم الحديث. ومن تلك الاحاديث الدالة على العلو ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم لمن يساعد في قصة قريظة لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبعة ارقعة ومعنى ارقعة اي سماوات وهذا الحديث في الصحيح بغير هذا اللفظ. وانما روي هذا اللفظ في احاديث ضعيفة منها عند ابن اسحاق في سيرته ويحيى بن سعيد الاموي في مغازيه وغيرهما من اهل العلم وروي موصولا ايضا ولا يثبت فالمحفوظ في هذا الحديث انما هو سبع سماوات وهو دال على اثبات صفة العلو لقوله من فوق سبعة ارقعة اي من فوق فوق سبع سماوات ثم ذكر حديثا اخر وهو حديث الجارية وهذا من الاحاديث الملقبة وهو قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح الجارية عند الله فقالت في السماء. فقال اعتقها فانها مؤمنة. ومنها ايضا احاديث معراج النبي صلى الله عليه وسلم. من بيت المقدس الى السماء فانها دالة على علو الله لان العروج يكون ليما في العلو وقوله في حديث تعاقب الملائكة في الصحيحين ثم يعرج الذين فيكم فان العروج يكون الى جهة العلو. ومنها ما في الصحيح ايضا ولا يصعد الى الله الا الطيب. ومنها حديث الوحي اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله كانه سلسلة صفوان فان قوله في الحديث اذا قضى الله الامر في السماء في ذلك اثبات علو الفوقية ومعنى قوله ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا اي خظوعا لله سبحانه وتعالى. كانه سلسلة على صفوان والضمير راجع الى ايش؟ ما الجواب؟ يجيب يرفع يده. ها يا اخي يعني كأن صوت الله سلسلة على صفوان السلسلة معروفة حديدة هذي صفوان الصخر هذا قول ذكره جماعة من شراح كتاب التوحيد. وفي هذا ايش؟ تشبيه لانك اذا قلت صوت الله كأنه طرد السلسلة ماذا يسمى هذا؟ بلا خلاف لان كأن عند اهل اللسان موضوعة للدلالة على التشبيه فحين اذ يكون هذا القول بانه صوت الله سبحانه وتعالى تشبيه. ولما ذكر هذا للامام احمد رحمه الله قال هذا قول الجهمية. فيكون حينئذ المشبه ها هنا ليس صوت الله. ولكن تشبيه السماع بالسماع لا المسموع بالمسموع. كما في الصحيح في حديث جرير انكم سترون ربكم كرؤية القمر ليلة تاء البدر فان التشبيه هنا تشبيه الرؤيا بالرؤية لا تشبيه المرء بالمرء فيكون ها هنا المشبه تشبيه السماع بالسماع اي ما يقع في اذانكم وهو تشبيه للسماع بالسماع وليس للمسموع بالمسموع بان صوت الله عز وجل الذي يسمع كانه سلسلة على صفوان. وغير ذلك كما ذكر المصنف من الادلة في السنة الدالة على اثبات الله سبحانه وتعالى وقد اقر بذلك جميع المخلوقات حتى البهائم العجماوات كما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى في اجتماع الجيوش الاسلامية وذكر اخبارا وحكايات عن البهائم العجماء من والطي وغيرها فيها الاقرار بعلو الله سبحانه وتعالى. وهذا الذي ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى لم يجعله اصلا في اثبات هذه الصفة كما قال بعض جهال القرن الماضي معقبا على ابن القيم انه اثبات العلو بادلة الحيوانات. فان ابن القيم انما ذكر هذا على جهة التبعية ووقوع ذلك كخلقة عند البهائم العجماء لا انه دليل مستقل باصله. والعقلاء في كل ملة مقرون بان ما ثبت بدليل قاطع جاز ان يذكر معه من الادلة ما ليس بمقنع فان الادلة التي لا تكون مقنعة فيها تكون تابعة لما يثبت به الاقناع استقلالا. فمن ادلة اثبات العلو كما تقدم يخافون ربهم من فوقهم ومنها الاحاديث النبوية وسائر الايات والاحاديث ايضا. فهي ادلة مستقلة مثبتة للعلو. وحينئذ يجوز ان تذكر الادلة التي لا تستقل بنفسها وانما تذكر اعتضاضا. ولم يخرج عن هذا الامر الا الجهمية. اتباع الجهمية ابن صفوان الذين انكروا علو الله سبحانه وتعالى وتفوهوا بتلك المقالة القبيحة المتضمنة لانكار ما عليه ادلة الشرع والنقل والعقل والفطرة. فلا تختلف الادلة على اثبات علو الله عز وجل. وكما ذكرت لكم كلام ابن القيم في اجتماع جيوش الاسلامية ان ادلة العلو تزيد على الف دليل من الادلة. وكتاب اجتماع الجيوش الاسلامية من الكتب النافعة التي ينبغي ان يطالعها طالب العلم وان يقرأها. نعم. احسن الله اليكم. سؤال ماذا قال ائمة الدين من السلف الصالح في مسألة الاستواء. جواب قولهم باجمعهم رحمهم الله تعالى الاستواء مجهول والكيف غير معقول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة. ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ. وعلينا والتسليم وهكذا قولهم في جميع ايات الاسماء والصفات واحاديثها امنا به كل من عند ربه امنا بالله واشهد باننا مسلمون. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من ادلة العلو من الكتاب والسنة وهو علو الفوقية اورد سؤالا عن قول ائمة الدين في مسألة الاستواء لان استواء الله عز وجل على عرشه على علوه فان العرش في السماء. واذا ثبت كون الله عز وجل مستو عليه فان في ذلك اثبات كونه سبحانه وتعالى في السماء وادلة استواء الله عز وجل على عرشه منها في القرآن الرحمن على العرش استوى ومنها قوله سبحانه وتعالى في ستة مواضع ثم استوى على العرش. وقد اجاب المصنف عن هذا السؤال ببيان ان قول ائمة الدين من السلف اجمعين الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق والتسليم. وهذا الجواب يتضمن امورا احدها قوله الاستواء غير مجهول اي معلوم فلا يحتاج لفظه الى تفسير كما قال الذهبي رحمه الله تعالى في كتاب العلو وهذا معنى ما جاء في رواية عن الامام مالك الاستواء معلوم. وهذا الجواب روي عن ام سلمة رضي الله عنها وعن ربيعة بن عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي وعن مالك ابن انس رحمهما الله تعالى وانما يصح عن ربيعة وعن تلميذه مالك واشتهر عن مالك رحمه الله تعالى وثانيها قوله والكيف غير معقول اي ان كيفية هذه الصفة غير معقولة لنا فان عقولنا تنقطع عن ادراك حقيقتها وليس في هذا نفي الكيف فان الكيف موجود الا انه لا يعقل اذ ليس شيء من الصفات الا وله كيفية كما يعرف بدلالة الوضع اللغوي وببداهة العقل. لكن علمنا بكيفية صفة ربنا سبحانه وتعالى غير ممكن ولذلك قالوا والكيف غير معقول اي اننا لا نعقله لم يقولوا والكيف غير موجود. لان عدم الوجود يدل على النفي. فيستلزم ذلك نفي الصفة نفسها. لكنه نفوا علمنا به واننا لا نعلم كيفية صفة ربنا سبحانه وتعالى. وهذا مبني كما تقدم على جهلنا بكيفية ذاته سبحانه وتعالى. وثالثها ان الايمان به واجب. فيجب الايمان بهذه الصفة باستواء الله عز وجل على عرشه كما جاءت في كتابه والسنة ورابعها ان السؤال عنه بدعة. وهذه الجملة الرابعة انما وقعت هكذا تبعا لجواب مالك رحمه الله فانه سأله رجل فقال كيف الاستواء؟ فاجاب عنه بقوله الاستواء غير مجهول وكيف غير معقول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة. اي السؤال عن الكيفية. وليس السؤال عن تفسير الصفة فان السؤال عن تفسير الصفة لا يكون بدعة. فان من الناس من قد يجهل دلالة الوضع اللغوي لصفة فيسأل عن معناها وانما السؤال عنه بدعة اي عن الكيفية. وربما يكون السؤال عن المعنى بدعة اذا علم انه من متعنت وليس من متفقه مسترشد. فالسؤال عن معاني الصفات على وجه التعنت وابتغاء الجدل هذا من البدع والى هنا انتهى جواب ام سلمة وربيعة ومالك وما بعده وهو قوله ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ علينا التصديق والتسليم هي من كلام محمد بن شهاب الزهري كما رواه عنه الصابوني باعتقاد اهل الحديث ويتضمن الامور السبعة وخامسها من الله الرسالة اي ان الله عز وجل ارسل الينا رسلا يأمروننا وينهوننا مبشرين ومنذرين وسادسها وعلى الرسول البلاغ اي ان الواجب الذي يقوم به الرسول هو ابلاغنا امر الله ونهيه. وسابعوها علينا التصديق والتسليم. اي يجب على العبد ان يصدق في الاخبار وان يسلم في باب الطلب فكل ما اخبر الله سبحانه وتعالى به فاننا نصدقه وكل ما طلبه منا امرا او نهيا فاننا نسلم له والامر كما قال ابو جعفر الطحاوي في عقيدته ولا تثبت قدم الاسلام الا على ظهر التسليم والاستسلام ثم قال المصنف رحمه الله تعالى وهكذا قوله في جميع ايات الاسماء والصفات واحاديثها امنا به كل من عند ربنا امنا بالله واشهد بانا مسلمون. فقانون الايمان بالاسماء والصفات عندهم مطرد لا يتغير. ولهذا اثر الجواب بمثل هذا في غير هذه الصفة كما روى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن محمد ابن اسماعيل احد الحفاظ انه قال النزول معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة او كلاما قريبا من هذا فقاعدتهم رحمهم الله تعالى في اسماء الله وصفاته واحدة لا تتغير. ومن دلائل صحة مذهب ما قواعده وانتظامها بحيث لا تتخلف في شيء من الافراد. واما الذين يفرقون بين الافراد المتناظرة فانهم يقعون في الحيرة والاضطراب كما وقعت فيه طوائف من نفاة الصفات الذين يثبتون شيئا من الصفات وينفون شيئا او كما وقع فيه من اثبت الاسماء ونفى الصفات فان هذا فعل المتحيرة المضطربة اقوالهم واما من يعمل قانونا واحدا فانه لا يضطرب. وهذا من خصائص مذهب اهل الحديث والاثر والكتاب والسنة. فان قولهم واحد لا يتغير ولهذا فانك اذا سألت احدا منهم في المشرق عن مسألة اجابك نظيره من المغرب بمثل جوابه لان هذا الدين عندهم مأخوذ بالاثار وانما يعثرونه عمن قبلهم وليس هو من بدائه اذهانهم ولا زبناء في اذهانهم ولا حثالات ارائهم بل هم يأثرون هذا عمن قبلهم. ولا يختص هذا المذهب بمحمد بن عبد الوهاب ولا بابي العباس ابن تيمية بل ولا احمد ابن حنبل رحمه الله تعالى. وانما هؤلاء من ائمة الهدى الذين قاموا بنصرة دين الله عز وجل في ازمانهم. واما ان هذا المذهب هو مذهبهم فلا. فاننا بحمد الله نجد هذه الاقوال لغيرهم تخرج من مشكاة واحدة. وانظر الى ما يذكره ابن عبد البر حافظ المغرب في العقائد وما يذكره الحفاظ من اهل المشرق كابي بكر اسماعيل وابي عثمان الصابوني لا تجد بينهما فرقا بل تجد في كلام ابي عمر ابن عبد البر التصريح باثبات الاسماء والصفات وابطال من يدعي انها مجاز وانها تؤول فهذا رجل كان قبل محمد بن عبد الوهاب وقبل ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى ولجهل المعتنين بنصرة الاعتقاد بمثل هذه الاقوال صاروا يظنون ان هذه الاقوال هي لهؤلاء فاذا عليهم احد شبهة في غلط لاحد الائمة المتبوعين ظن انه دك الدين وهذا من جهل بعظ المنتسبين الى السنة والحديث فان هذه العقائد لا تنسب الى هؤلاء وانما هذه العقائد هي التي جاءت في القرآن والسنة. وكل من اشتبه عليه شيء من ذلك فمن كتابه والسنة ما يبطله وتجد اليوم من ينقل بعض المقالات عن بعض الصحابة فمن بعدهم ويستدل بها على التأويل وعلى الرد على ابي العباس ابن تيمية ومحمد ابن عبد الوهاب. ولو انه كان عالما لما قال ان ذلك على هذين الرجلين فان هذه المقالة توجد في كلام اناس قبل ابي العباس ابن تيمية وقبل محمد ابن عبد الوهاب كالخطيب وكالخطابي وكابي عمر ابن عبدالبر. ومن لا يطلع على مقالات هؤلاء الائمة يظن ان عقيدتنا هي عقيدة فلان وفلان وليست عقيدتنا بحمد الله هي عقيدة فلان ولا فلان. ونحن انما نقبل من فلان وفلان ما وافق الكتاب والسنة. وقد قال بعض اهل اليمن لبعض اصحاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذين وصلوا في الدعوة الى بلاد اليمن انكم انما تعظمون محمد بن عبد الوهاب وتتبعون له فقال انما نعظم محمد ابن عبد الوهاب لانه دلنا على ادلة الكتاب والسنة. ولو ان محمد بن عبد الوهاب قام من قبره فقال لنا اتركوا ما قلت لكم لما اطعناه. لاننا عرفنا الحق بما بينه من الادلة. ولم نعرف الحق به. وانما الحق بدليل الكتاب والسنة وهذا هو الذي ينبغي ان يكون عليه طالب العلم. فانت تعرف الدليل بالكتاب والسنة. وليس بفلان ولا بفلان ولا فلان وان وجد شيء من الغلط المنقول عن بعض المنسوبين الى اهل السنة والجماعة فان في قلط غيرهم اضعاف اضعاف ذلك وقد رأيت بعض الناس ينقل ثناء من بعض الكتب على ابن عربي. وفي نفس الكتاب النقل عن بعض ائمة من ان ابن عربي ان سلمت له احواله لا تسلم له اقواله. فانظر كيف اخذ شيئا مما ذكر في هذا الكتاب وهو التسليم لابن عربي في حاله دون التسليم له في اقواله. وان اقواله لا تقبل منه. ولكن الهوى هكذا يصنع باهله. والسني اذا لم الادلة ربما لعبت به الاهواء وهذا هو الذي ظهر باخره. فانتحل بعظ المنسوبين الى بلاد السنة مذهب الاشاعرة ومذهب ظنا بان هذه البلاد والدعوة التي قامت عليها انما هي دعوة سياسية واكبت خروج رجل دعا الى الدين لها فخرجت بذلك عن جماعة المسلمين وصارت هذه البلاد التي كما يسمونها الوهابية متميزة عن غيرها بعقيدة انما وجدت من مئتي سنة وهم يقولون ان دينكم من مئتي سنة. ونحن نقول بحمد الله ان ديننا من الف واربع مئة سنة. واما فينتهي الى ابي الحسن الاشعري وابي منصور ما تريدي. فنحن نقول اننا لا ندرس عقائد ابن عباس ابن تيمية ولا محمد ابن الوهاب وانما ندرس ما دل عليه الكتاب والسنة. واما انتم فانكم تنتسبون الى هؤلاء فتسبون انفسكم الماتوريدية وتسمون انفسكم واما نحن فلا نسمي انفسنا الوهابية ولا نسمي انفسنا التيمية ولا نسمي انفسنا ايضا الحنبلية على وجه المقابلة والمضاهاة جماعة المسلمين وانما ينتسب الى مذهب الحنابلة في الفروع وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب والله اعلم