السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم على آله وصحبه حاجين مراتب التكريم. اما بعد فهذا الدرس التاسع والعشرون في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمد في سنته الثانية احدى وثلاثين بعد الاربع مئة والالف واثنتين وثلاثين بعد والالف وهو كتاب اعلام السنة المشهورة في علامة حافظ ابن احمد الحكمي رحمه الله ويليه الدرس الرابع والعشرون في شرح الكتاب السادس وهو قرة العين في شرح ورقاتهما من الحرمين في علامة محمد محمد الحطاب الرعيني رحمه الله وقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول منهما الى قول المصنف الله تعالى ان يدخل الجنة او ينجو من النار احد بعمله. كذلك واللي قبله نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله اما بعد قال المصنف رحمه الله تعالى سؤال كم انواع الشفاعة وما اعظمها جواب اعظمها الشفاعة العظمى في موقف القيامة في ان يأتي الله منفصل الفضاء بين عباده. وهي خاصة محمد صلى الله عليه وسلم. وهي المقام المحمود الذي وعده الله عز وجل كما قال تعالى. عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا. وذلك ان الناس اذا ضاق بهم الموقف وطال المقام واشتد والجمهور العرب التمسوا الشفاعة في ان يفصل الله بينهم فيأتون ادم ثم نوحا ثم ابراهيم ثم وعيسى ابن مريم وقل له يقول لنفسي نفسي نفسي اذا اينته الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول انا لها كما جاء مفصلا في الصحيحين وغيرهما. الثانية الشفاعة في استفتاح باب الجنة. واول من نستفتح بابا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. واول من يدخلها من الهموم امته. الثالثة الشفاعة اقوام قد امر بهم الى النلان لا يدخلوها. الرابعة في من دخلها من اهل التوحيد ان يخرجوا منها. فيخرج قدم توحشوا وصاروا فحما. فيطرحون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميد السير خامسة الشفاعة في رفع درجات اقوام من اهل الجنة. وهذه الثلاث ليست خاصة نبينا محمد. ليست خاصة نبينا صلى الله عليه وسلم ولكن خاصة نبينا ولا بنبينا؟ بدون لا احد معه مصطبة؟ اي نسخة اللي معه؟ هذي نبهنا ان النسخة هذه وان اعتمد فيها ناشرها على نسخة خطيتين لكنه خالف الاقوم لماذا؟ لان المصنف طبعه في حياته وكان يصحح تجارب كما ذكر لي بعض تلاميذه وكان ربما قدم واخر وغير في النسخة التي اعدت للطباعة. النسخة المعتمدة من الكتاب هي النسخة التي نشرت في حياته بضمن مجموع طبعه الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فمن وجد هذه النسخة وهي نسخة بها خمسة مصنفات تقريبا للمصنف هذه اولى من هذه النسخة لانها هي التي ارتضاها المصنف وصحح تجاربها في حال حياته واقرأها تلاميذه على تلك النسخة فهي المعتمدة وهذه الابدة وقعت في بعض الكتب التي نشرت باخرة من مصنفات الشيخ ابن سعدي ايضا فصاروا يعتمدون على نسخ خطية متقدمة. ويكون الشيخ قد اجرى قلمه تصحيح في اثناء طباعتها فالمعتمد هي النسخ التي طبعت في حياته. نعم. وهذه الثلاثة ليست خاصة بنبينا ولكنه هو المقدم فيها ثم بعده الانبياء والملائكة والاولياء والاتراك يشفعون ثم يخرج الله تعالى برحمته من النار وهم من دون شفاعة لا يحصيهم الا الله فين يدخلون الجنة. السادسة الشفاعة في تخفيف عذاب بعض الكفار خاصة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في عمه ابي طالب كما في مسلم وغيره. ولا تزال جهنم وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها الى بعض وتقول قط قط وعزتك ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها فينشيء الله تعالى اقواما فيدخلهم الجنة. وفي ذلك من نصوص ما لا يحصى ومن شاء وجدها بالكتاب والسنة. لما بين المصنف رحمه الله تعالى فيما ثلاث ما يتعلق بالايمان بالشفاعة لانها من افراد المسائل المتعلقة باليوم الاخر اورد سؤالا تابعا لما مضى فقال كم انواع الشفاعة وما اعظمها؟ واتى رحمه الله تعالى على ذكر جملة منها ان يكون بهذا الباب مختلفون في عدها بحسب الوارد في الباب. وقد بلغها بعضهم بضعة عشرا نوعا فهي انواع كثيرة من اشهرها عند اهل السنة ما اقتصر عليه المصنف رحمه الله تعالى تبعا لغيره وفي بعضه بحث ونظر يأتي باذن الله سبحانه وتعالى. فمن جملة المعدودات ها هنا اعظمها وهي الشفاعة في موقف القيامة وهي اتيان الله عز وجل لفصل القضاء بين العباد. وهذه الشفاعة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فانه اذا طال بالناس الموقف واشتد عليهم الكرب وعظمت بهم الحال التمسوا القضاء من الله سبحانه وتعالى بشفاعة الانبياء فيأتون ادم ثم نوحا ثم ابراهيم ثم موسى ثم عيسى كلهم يقول نفسي نفسي اي انا مشغول بها الى ان ينتهوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول انا لها فيشفع الوجه المتقدم ذكره في الجواب السابق من سجوده بين يدي ربه وحمده بانواع من حامد ثم يفصل الله عز وجل القضاء بين الخلق وهذه الشفاعة تسمى بالشفاعة العظمى لشدة بها فان الموقف يوم القيامة عظيم وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا يشفع فيها سواه من لم يروا جميعا يتراجعون تلك الشفاعة حتى تنتهي الى النبي صلى الله عليه وسلم فيشفع عند ربه في فصل القضاء بين العباد فهو من ربه سائلا اياه ان يفصل بين الخلق في ذلك الموقف وان يفرج لهم من كربة الموقف فيفصل الله عز وجل بالقضاء بينهم ثم ذكر الشفاعة الثانية فقال الشفاعة باستفتاح باب الجنة فيشفع صلى الله عليه وسلم فيفتح باب الجنة ويستأذن في ذلك واول من يستفتح بابها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واول من يدخلها من الامم امته كما بعد ذلك بالصحيح فثبت قوله صلى الله عليه وسلم يستفتح باب الجنة عند مسلم من حديث انس واما دخول امته اول الامم فثابت في احاديث في الصحيحين وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم فيهما من حديث ابي هريرة نحن الاخرون السابقون اي نحن اخر الامم وجودا واسبقها الى الجنة ولوجا. ثم ذكر الشفاعة الثالثة وهي الشفاعة في اقوام قد امر بهم الى النار الا يدخلوها. وهذا النوع من الشفاعة ذكره جماعة من اهل العلم منهم ابو العباس ابن تيمية الحفيد وخالفه تلميذه ابن القيم فذكر في حاد الارواح ان هذا النوع في الادلة ما يدل عليه والحق معه فانه ليس في الادلة ما يدل على وجود الشفاعة في اقوام قد امر بهم من الا يدخلوها لان الشفاعة لا تكون الا متى؟ تكلمنا في المدينة ما تكلمنا عندكم عنها الظاهر الشفاعة لا الا بعد المرور على الصراط الشفاعة لا تكون الا بعد المرور على الصراط فيلقى في جهنم من يلقى ثم بعد ذلك تكون الشفاعة ففي الصحيحين من حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مرور الناس الصراط فعددهم حتى قال ثم الذين يلونهم ثم تحل الشفاعة فيشفعون لمسلم فقوله ثم تحل الشفاعة يعني يؤذن بالشفاعة فالاذن بالشفاعة لا يكون الا بعد المرور على الصراط على الصراط يكون في عصاة الموحدين من تأخذه كلاليب جهنم فيكون من جثاها فيشفع له حين ذلك جابر بلفظ مسلم مفسر لذلك الموقع. واما ما في الصحيح من دعاء الانبياء عند المرور على الصراط اللهم سلم سلم فهذا هذا ليس بشفاعة وانما هو دعاء بالتخفيف. ثم ذكر الشفاعة الرابعة وهي الشفاعة لمن دخلها اي فيمن دخل النار من اهل التوحيد ان يخرجوا منها فيخرجون قد امتحشوا اي تغيروا فصاروا فحما فيطرحون في نهر ياء او نهي الحياء بالهمس كلاهما في الصحيح فينبتون كما تنبت الحبة يعني البذرة في حميد السيل يعني الجانب الذي يحمله السيل هو هذه الشفاعة ثابت باحاديث كثيرة فيشفع النبيون والملائكة مؤمنون في عصاة الموحدين ليخرجوهم من النار بعد سقوطهم من الصراط فيها. ثم ذكر الشفاعة الخامسة فقال الشفاعة في رفع الدرجات اقوام من اهل الجنة اي في ناس دخلوا الجنة يشفع لهم ان ترفع درجتهم فيها. وهذا النوع ليس في الادلة ما يدل على التصريح به. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان هذه الثلاث ليست خاصة نبينا صلى الله عليه وسلم ولكنه هو المقدم فيها. ويعني بالثلاث الثالثة والرابعة والخامسة. اما الاولى والثانية فانهما خاصتان بالنبي صلى الله عليه وسلم اتفاقا. وما بعدها وهي المرتبة الثالثة والرابعة والخامسة معه شركاء من الانبياء والمؤمنين والملائكة والاولياء والافراط. وتقدم ان الشفاعة الثالثة والخامسة ليس في الادلة ما يدل عليها صراحة. ومعنى قوله والافراط يشفعون يعني الاطفال الذين يموتون صغارا سموا اقراطا لانهم اباءهم ثم يخرج الله تعالى برحمته من النار اقواما بدون شفاعة لا يحصيهم الا فيدخلهم الجنة. وهؤلاء الذين يخرجهم الله عز وجل برحمته. وقع التصريح بان اخراجهم يكون بشفاعته. ففي الصحيحين واللفظ للبخاري في حديث ابي سعيد الخدري الطويل في الشفاعة وفيه قوله صلى الله عليه وسلم ثم يشفع الانبياء والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي. واللفظ للبخاري. هذا جواب المسألة التي سألتكم عنها هل الله يشفع ام لا يشفع؟ والجواب يشفع ولا ما يشفع؟ يشفع. هذي كل المسألة هذي كل الذين صنفوا في الشفاعة لم يذكروها شفاعة الله في قيل كيف يشفع الله عند من؟ جواب عند نفسه. قيل وهل تعلمون لذلك نظيرا في الشرع نعم قوله صلى الله عليه وسلم واعوذ بك منك فهو يستعيذ بالله من الله. وقوله صلى الله عليه وسلم لا بناء عليك كما اثنيت على نفسك. فثناء الله على الله واقع. فكذلك شفاعة الله عند نفسه واقعة فيشفع الله عز وجل عند نفسه فيخرج من النار اقواما. واضحة المسألة؟ واضحة وغير واضحة ثم ذكر النوع السادس من انواع الشفاعة فقال الشفاعة في تخفيف عذاب بعض الكفار وهذه خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم في لعمه ابي طالب كما في مسلم وغيره كما في الصحيحين فهي في عند مسلم وعند كذلك البخاري لكن الاحاديث في اكثر وابين لفظا وهذه الشفاعة شفاعة خاصة لان الكافر ممن حضرت الشفاعة له كما قال الله عز وجل فما تنفعهم شفاعة الشافعين وشفاعة الشافعين لا تنفع الكافرين في اية اخرى في هذا المعنى لكن هذه بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر المصنف انه لا تزال جهنم يلقى فيها فتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة بها قدمه بين ذوي بعضها الى بعض وتقول قط قط وعزتك كما ثبت ذلك في الصحيحين ومعنى قط قط بالسكون و التنوين بالكسر قطن قطن يعني كفى كفى او حسبي حسبي. ثم يبقى في الجنة فضل عمن دخلها فينشأ الله على اقواما فيدخلهم الجنة كما ثبت ذلك في الصحيح. فالنار لا تزال تطلب حتى يضع فيها رب العزة قدمه فينزوي بعضها الى بعض يعني ينجمع بعضها الى بعض وتقول حسبي حسبي واما الجنة فيبقى فيها فضل يعني زيادة عن من دخلها فينشئ الله تعالى اقواما فيدخلهم الجنة ووقع في البخاري قلب في هذا الحديث فينشئ الله اقواما فيدخلهم النار فهذا غلط من الرواة الصحيح ان الخلق الذي ينشأ يجعله الله عز وجل للجنة. ثم قال المصنف ولذلك من النصوص ما لا يحصى. فمن شاءها وجدها من الكتاب والسنة ولمحدث اليمن العلامة مقبل ابن هادي الوادعي اسبغ الله عليه شآبيب الرحمة كتاب جامع ذكر فيه احاديث الشفاعة اسمه كتاب الشفاعة هو اجمع الكتب التي احتوت احاديث الشفاعة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم نعم. احسن الله اليكم. سؤال هل يدخل الجنة او ينجو من النار احد بعمله؟ جواب. قال رسول الله صلى عليه وسلم قاربوا وسددوا. واعلموا انه ولي هو احد منكم بعمله. قالوا يا رسول الله ولا انت قال وما انا الا ان يتغمدا الله برحمة منه وفضل. وفي رواية سددوا وقاربوا وابشروا فانه له دخل الجنة احدا فانه لن يدخل الجنة احدا عمله. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا على ان يتغمدني الله منه رحمة. واعلموا ان احب العمل الى الله ادومه وانقلبه. ذكر المصنف رحمه الله هذا سؤالا اخر من متعلقات اليوم الاخر فقال هل يدخل الجنة او ينجو من النار احد بعمله اي بسبب عمله ثم اجاب عنه بالحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. وهذا من احسن الاجوبة. فان من قواعد الاجوبة كما ذكره ابن القيم في اعلام الموقعين والشاطبي في الموافقات الاكتفاء بخطاب الشرع اذا كان مغنيا وافيا بمقصود المستفتي. فهذا السؤال وقع الجواب عنه بنص الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلو قدر ان انسانا سئل عن ماء البحر اهو طهور فاكمل الاجوبة ان يكون هو الطهور ماؤه الحل ميتته للخطاب النبوي ونظير ذلك ما وقع من المصنف رحمه الله تعالى فاجاب بقوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طالبوا وسددوا واعلموا انه لن ينجو احد منكم بعمله قالوا يا رسول الله ولا انت؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه اي ولا انا انجو من ذلك الا ان يتغمدني الله يعني يشملني الله سبحانه وتعالى برحمة منه وهذا الحديث فيه من الدلالات اللفظية المهمة الاعلام بان ما ورد من الادلة وفيه منكم او فيكم فان النبي صلى الله عليه وسلم يندرج في الخطاب. بهذا الحديث المصرح لانه لو لم يكن مندرجا لما قالوا ولا انت يا رسول الله فلو كان منفصلا عنهم بائنا منهم لما سألوه ذلك السؤال. ولكن لما علموه منهم صلى الله عليه وسلم قالوا ولا انت؟ قال ولا انا. فما وجدت من خطاب الشرح فيه منكم او فيكم؟ ونحو ذلك فاعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ومنه حديث رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمى في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال واعلموا انكم لن تروا ربكم حتى تموتوا فهذا يدل على امتناع رؤية الله عز وجل في الدنيا حتى للنبي صلى الله عليه وسلم من وين وجه الدلالة؟ لانه قال لن تروا ربكم. فيقول هو صلى الله عليه وسلم مندرج في هذا الخطاب لحديث ابي هريرة هنا الذي ذكره المصنف الدال على ان النبي صلى الله عليه وسلم يندرج في جملتهم. نعم. احسن الله اليكم. سؤال بين هذا الحديث وبين قوله تعالى ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم ما كنتم تعملون؟ الجواب لا منافاة بينهما بحمد الله فان الباء المثبتة في الاية هي باء السبب لان الاعمال الصالحة سبب في دخول الجنة. لا يحسن الا بها. اذ يسبب وجوده بوجوده لسببه والبنك في الحديث هو باب الثمنية. فان العبد لو عمر عمر الدنيا وهو الصيام المسبب وجوده بوجود سببه هكذا بعدها عندكم ايش؟ والمنفي هناك. ذلك النسخة الثانية التي هي نسخة فيها زيادة التي اثبتت في الهامش في الحاشية. لكن عدل عنها المصنف فاسقطها في نشرة الكتاب. نعم وفي الحديث في الحديث والمنفي في الحديث هي باء الثمنية. فان العبد لو عمر امر الدنيا وهو يصوم النهار ويقوم الليل ويجتنب المعاصي كلها لم يقاتل كل عمله عشر معشار اصغره عن الله عليم الظاهرة فكيف تكون ثمنا لدخول الجنة؟ ربي اغفر وارحم وانت خير الراحمين. خاتم المصنف رحمه الله تعالى السؤالات المتعلقة باليوم الاخر بهذا السؤال اللاحق بما سبق قال ما الجمع بين هذا الحديث يعني المتقدم وبين قوله تعالى ونودوا انفسكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون فان الناظر يتوهم وجود اختلاف وتنازع بين الدليلين. ففي الحديث الاول ان دخول التي لا يكون بسبب الاعمال وانما برحمة الرب سبحانه وتعالى. وفي الاية ما يتوهم منه عند بعض الناظرين ان دخول الجنة يكون بالعمل فهي سبب له. واجاب المصنف عن ذلك بقوله لا منافاة بينهما بحمد الله فان المثبتة في الاية هي باب السببية. لان الاعمال الصالحة سبب في دخول الجنة لا يحصل الا بها اذ المسبب وجوده سببه لكن تلك الاسباب لا تستقل بنفسها في حصول المسبب بل هي تحت مشيئة الله عز وجل ومشيئة الله عز وجل اقتضت ان دخول الجنة لا يكون فقط بسبب العمل بسبب العمل ورحمة الله سبحانه وتعالى. فوجود لا يلزم منه وجود المسبب فربما تعاطى الانسان سببا ولكن الله سبحانه وتعالى يسلب ذلك السبب سببيته كمن يقدر انه يأكل دواء ثم لا ينفع هذا الدواء معه مع انه ينفع مع غيره فيكون سببا لكن لم تجعلهم تسبيبه وهو اثره وغايته. فيكون العمل سبب لدخول الجنة لكنه لا يستقل بذلك بل مقترن برحمة الله سبحانه وتعالى والمنفي في الحديث هي باء الثمنية. وتسمى باء الثمن وهذه التسمية هي تسمية الفقهاء ولا توجد عند النحاس. ونص الفيومي في المصباح المنير على اختصاص الفقهاء بها وهي من افاداته وكتاب المصباح المنير فيه جمل من ظمائن الافادات وذخائر المعلومات ومن احسن المصنفات اللغوية التي ينبغي ان يقرأها الطالب اشتماله على جملة من الفوائد النادرة ومن جملتها هذا المحل. فان يسمونها باء ايش؟ العوض والمقابلة يسمونها باء العوض والمقابلة. فالمنفي في الحديث هو كون الجنة تكون ثمنا وعوضا عن الاعمال. فالعبد لو عمر عمر الدنيا وهو يصوم النهار ويقوم الليل ويجتنب المعاصي يقابل كل عمله عشر معشاري اصغر نعم الله عليه الظاهرة والباطنة فكيف تكون ثمنا لدخول الجنة؟ فمقابلة نعم الله عز وجل غير ممكنة لقول الله عز وجل وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. فلما اخبر العبد بانه لا يحصيها ان مقابلتها بالشكر الكامل المتعذرة ولكن العبد يجتهد قدر وسعه في شكر نعمة الله سبحانه وتعالى عليه وبهذا يفرغ المصنف رحمه الله تعالى من الركن الخامس من اركان الايمان ويزدلف في الجملة المقبلة ما يتعلق بالركن السادس وهو الايمان بالقدر وهذا اخر البيان على هذه الجملة من بالله التوفيق