السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات. وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس الثامن والثلاثون في شرح الكتاب الخامس من برنامج التعليم المستمر في سنته الثالثة اثنتين ثلاثين بعد الاربعمائة والالف وثلاث وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب اعلام السنة المنشورة بالعلامة حافظ ابن احمد الحكمي رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا البيان الى قوله رحمه الله تعالى سؤال ما الواجب لولاة الامور نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. احسن الله اليكم قال الشيخ حافظ رحمه الله تعالى سؤال ما الواجب لولاة الامور جواب الواجب لهم النصيحة بموالاتهم على الحق وطاعتهم فيه وامرهم به وتذكيرهم برفق والصلاة خلفهم والجهاد معهم واداء الصدقات اليهم والصبر عليهم وان جار وترك الخروج بالسيف عليهم ما لم يظهروا كفرا بواحا والا يغروا بثناء الكاذب عليهم وان يدعى لهم بالصلاح والتوفيق. تقدم ان مصنف رحمه الله تعالى لما فرغ من بيان اصول الايمان وهي جملة المعتقد اللازم ذكر تتمات تابعة له دأب اهل السنة رحمهم الله تعالى على الحاقها بالكلام في المعتقد من جملتها ما اورده في هذه النبذة مستفتحا اياه بقوله سؤال ما الواجب لولاة الامور؟ والمراد بولاة الامور من كان متوليا تدبير شأن من شؤون المسلمين. فولي الامر اسم لمن يتولى تدبير من من شئون المسلمين فاعلاهم الامام الاعظم وهو الحاكم والناس دونه في ذلك طبقات فمن ولي ولاية فيها تدبير لشأن المسلمين صار مندرجا في جملة اسم ولي الامر. لكنه لا عند الاطلاق الا الى الحاكم. اما مع التقييد فان مدير المدرسة ولي لامر الطلاب والمدرسين فيها وكذلك امير المنطقة هو ولي امر الخلق فيها دون بقية المناطق. وهلم والمعروف في خطاب القرآن والسنة افراد الامر لا جمعه. فلا يوجد في القرآن ولا السنة ذكر الامور وانما يقال ولي الامر او ولاة الامر لان هذا هو المناسب لما يقصد من اتخاذ ولي الامر ان المراد من اتخاذ ولي الامر في ولاية صغيرة او كبيرة هو جمع كلمة المسلمين ودفع التفرق عنهم فلا ايناسب حين اذ للدلالة على هذا المعنى الا الافراد دون الجمع. ولذلك قال الله عز وجل واطيعوا الرسول اولي الامر منكم وجاء نظيره في القرآن والسنة وجمعه على ارادة تفرق هذه الولايات وكونها متعددة تحتها الحاكم الاعظم سائغ لغة لكنه لم ياتي في الشرع. والقول فيه نظير القول في سبيل الله سبحانه وتعالى ان الله سبحانه وتعالى امر باتباع سبيله ثم قال في اية اخرى يهدي به الله من اتبع رضوانه السلام على وجه الجمع. فكان التأليف بين الافراد والجمع بان يقال ان السبيل اسم للصراط كله وان الجمع اشارة الى الافراد المتعلقة به ولو وقع هذا في هذا اللفظ وهو الامور والامر لامكن المصير الى مثل هذا التأليف. لكن لما هجر في القرآن والسنة ولم يأتي الا على الافراد. علم ان ذلك لنكتة مرادى وهي التنبيه الى ان المقصود من اتخاذ ولي الامر هو تأليف قلوب المسلمين وجمع كلمتهم فكان اللائق المناسب للخطاب الشرعي ان يكون الشيخ ما الواجب لولاة الامر؟ او ما الواجب لولي الامر وانما القول في جمع الامر وافراده لا في جمع ولي ولاه. وهذا السؤال الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى صدره بقوله ما الواجب؟ ومراده المعروف شرعا لان المتبادر عند اهل علم الشريعة ولا سيما ما ان مرادهم بالواجب هو ما اوجبه الله عز وجل او اوجبه رسوله صلى الله عليه وسلم. فما ذكره المصنف رحمه الله تعالى مما يجب لولي الامر لم توجبه الاقليمية ولا البلدية ولا الضعف وانما اوجبه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا الذي اوجب في الكتاب والسنة لا يراد به كما يتوهم بعض الناس حماية بيضة ولي الامر وتقوية ملكه وتثبيته. وانما المراد مصالح ولي الامر هو المسلمين جميعا فالمراد بذلك حفظ الدين والدنيا لا ينظر فيه الى احد دون احد. ولا يرقب فيه الحكم في برهة من الزمن دون غرفة اخرى ومن الوهن الظاهر في فهم الكتاب والسنة هو بيان شناعة تسرب افكار الكفار الى المسلمين من يظن ان هذا الواجب الذي ذكره المصنف وغيره هو من املاءات التاريخ السياسي. ولذلك يسمون ما يذكر هنا بفقه المشهد السياسي وان هذه اشياء عظمها الفقهاء تبعا للحال السياسية التي مرت بها الامة اسلامية في حال من احوالها وزمن من ازمانها حتى قال قائلهم ان كل حاكم في كل زمن يحيط نفسه باناس من الفقهاء يذكرون الايات والاحاديث التي تثبت ملكه. وغفل عن ان الله سبحانه وتعالى دينه باولياء يحفظون هذا الدين ولا يزال الله يغرس في الارض غرسا يحفظ بهم دينه ولا تزال طائفته من هذه الامة على الحق منصورة ولو قدر ان حاكما او حكاما من حكام المسلمين احاطوا انفسهم بهالة من الفقهاء التي تقدسهم وتمجدهم وتذكر الاية والاحاديث فمن المقطوع به شرعا انه سيكون في الامة من علمائها وفقهائها من استخلفهم الله عز وجل في حفظ الشريعة قائمين بالحجة بين خلق الله عز وجل. وكما يقول هذا القائل ان كل حاكم يحيط نفسه بمن ويذكر الايات والاحاديث التي تثبت ملكه يقال له ايضا ان كل حزب وجماعة اليوم تحيط انفسها بجملة ممن ينسبون الى الفقه والشريعة وقد لا يكونون من اهلها يخرجون الفتاوى التي تناسب مسار الحزب او الجماعة فالتهمة التي تجعل لهؤلاء هي صالحة ان تجعل لهؤلاء. والمخرج بين الطائفتين ان يعلم الانسان ان الدين دين الله عز وجل وان الله عز وجل حافظ دينه ولا يمكن ان يجتمع فقهاء الامة وعلماؤها في زمن من الازمان على مخالفة امر الله عز وجل وان لا يكون في ارض من يقوم لله عز وجل بالحجة الظاهرة المبينة للاحكام الشرعية. والمقصود ان المذكور في هذا الباب مما ذكره مصنف او غيره هو كله بدلائله من الكتاب والسنة. فليس مخرجا من مخرجات التاريخ السياسي كما يقوله بعض الناس من مثقفين وغيرهم وانما هذه دلائل القرآن والسنة كما سيذكرها المصنف رحمه الله تعالى في سؤال مستقبل مع جوابه لكن صدور بعض الناس ضاقت عن الكتاب والسنة ووجدت ملاذها الامن في كتابات الشرقيين والغربيين فهي تستمطر من اذهانهم وحثلات افكارهم ما تهيج به الجماهير وتسير به خطابها ولكن الله سبحانه وتعالى يحفظ دينه فيلقاه ناصعا ظاهرا ابيض لا يمكن لاحد ان يلطخه بسواد. والخوف على القلب ان يلطخ بسواد اذا اشرب بمثل هذه المقالات وقد رأينا في الناس من صار صدره يضيق بالاية والقرآن اذا قرئ عليه. فمن الناس من لا يحب وان يقرأ مثل الايات والاحاديث التي تذكر في هذا حتى ان بعضهم اذا جاء الى هذه الابواب في الكتب التي تقرأ على الناس في مجامعهم كرياض الصالحين ثم مرت به الاية والاحاديث في هذا الباب طواها ولم يقرأها على جماعة المسجد ونظائره في احوال الناس كثير حتى ان بعض الطلبة الذين ينتسبون الى طلب العلم كان اذا مر اقراء كتاب الامارة في بعض كتب الصحيح او كتاب الجهاد واحكامه في كتب الفقه عند بعض العلماء قاموا ولم يشهدوا هذا. فهم يأخذون من العالم ما قبله وما بعده لكن لا يأخذون هذه الاحكام من العالم ظنا ان هذا العالم يجلس على كرسي التعليم ليوقع عن الحاكم وما علموا ان العالم يجلس على كرسي التعليم وان الذي اجلسه الله فالذي منحه العلم ليس الحكام وانما الذي منحه العلم هو الله سبحانه وتعالى والعالم الذي يخاف سلب النعمة التي اوصلها الله اليه يعرف انه اذا تكلم بكلام فينبغي ان يوقع عن الله لا ان يوقع عن غيره وان يذكر من براهين الكتاب والسنة ما تبرأ ذمته فينبغي ان يعرف طالب العلم هذا المأخذ وان يحيط نفسه ودينه بما يكون سياجا واقيا له من الشبهات في هذا الباب فان الشبهات في هذا الباب قد كثرت وعظمت وارتفعت اعناقها وامتدت حتى صار بعض الناس فقهاء في هذا باشياء يوهمون انها وفق الدليل وهي في الحقيقة على خلاف الكتاب والسنة. واذا اراد الانسان ان يبرأ ذمته فلا يقرأ اهل العصر على اي حال كانوا وانما ليقرأ للعلماء الذين اجمعت الامة على تعظيمهم واجدادهم وتقديمهم في هذه الابواب ثم ليجد ما ذكروه هل يوافق هؤلاء او يوافق هؤلاء؟ ثم يتبع ما يظهر له مما ذكره العلماء قاضبة فان بذلك له وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى افرادا من الواجب لولاة الامر فذكر من الواجب لهم النصيحة بموالاتهم على الحق فهم لا يوالون ولا ينصرون الا عن الحق وطاعتهم فيه فانما الطاعة في الحق والمعروف وامرهم به يعني بالحق وتذكيرهم برفق لان نفوس اهل السلطنة تأبى الانقياد للحق مع الشدة وانما يصلح لها الرفق والله سبحانه وتعالى يقول فذكر ان نفعت الذكرى. فاذا علم الانسان ان الذكر تنفع دفعها الى من يرجو نفعه. واما اذا غلب على علمه انها لا تنفع فانه لا يدفعها اليه ولا تكون نافعة في الغالب مع اهل الحكم والسلطان الا كانت ممزوجة برفق لان للحكم والسلطان صولة. كما قال الامام احمد رحمه الله تعالى اتق سيف السلطان. يعني ان وليه الامر انما ينظر الى حكمه وسيادته وولايته فلا بد ان يكون الانسان ملاحظا ذلك لا خوفا على ذهاب روحه فان الروح تذهب في سبيل الله عز وجل ولكن حفظا لمهجة نفسه فيما يرجو نفعه للمسلمين. ثم قال رحمه الله تعالى والصلاة خلفهم فيصلي الانسان ورائهم اذا كانوا ائمة هو الجهاد معهم فيقاتل معهم واداء الصدقات فيدفع اليهم صدقات ماله والصبر عليهم وان جاروا يعني وان ظلموا وبغوا فلا بد ان يصبر عليهم وترك الخروج بالسيف عليهم ما لم يظهروا كفرا بواحا اي كفرا بينا. لا شك ولا ربة فيه فهو امر يجمع على كونه كفرا بلا خلاف بين العلماء مما ثبت كونه كفرا بالكتاب والسنة. ويرجع فيه الى اقوال العلماء الراسخين فاذا علم انه كفر بواح اي لا ريبة فيه ولا شك ولا تردد فهو ظاهر بين فانه عند ذلك لاهل العلم في تلك الحال معهم قولان احدهما ان يخرج عليهم بالسيف بشرط القدرة ان يخرج عليهم بالسيف بشرط القدرة. والقول الثاني ان يصبر عليهم حتى يفتح الله عز وجل من عنده فرجا ان يصبر عليهم حتى يفتح الله سبحانه وتعالى من عنده فرجا والاول اقرب الى الجواز والثاني اقرب الى السنة. فان الاول يكون جائزا. واما الظاهر ان السنة المستحبة هو ان يصبر الناس حتى يكتب الله عز وجل لهم مخرجا. وكل ذلك كما سبق بشرط ان يكون لهم قدرة مع تحقق الكفر البواح الظاهر الذي لا ريبة فيه بحكم العلماء الراسخين لا بحكم الدهماء والغوغاء وانصاف المتعلمين ثم ذكر من الواجب لهم الا يغروا بالثناء الكاذب عليهم بان يذكر فيهم ما ليس فيهم فيذكر انهم فعلوا وفعلوا وفعلوا اشياء يعلم السامع ان ذلك كذب وهذا من تغرير بهم واقحامهم امورا لا علم لهم باخرها وهذه مطية ركبها من ركبها. كما ان مطية التهييج والخروج ركبها من ركبها وهذه حال الامة لا تخرج فيها باقعة الا وتقابلها باقعة اخرى. فكما صار في الناس من يغمز ويلمز في ولاة امرهم صار فيهم ايضا من يبذل لهم الثناء الكاذب والمدح الزائف يستمطر به حظا من الدنيا فكل هؤلاء وهؤلاء على غير الجادة السوية هو ان يدعى لهم بالصلاح والتوفيق لان صلاحهم صلاح للمسلمين كما ان في فسادهم بلاء على وقد جاء عن الفضيل بن عياض والامام احمد انه كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها للامام كما ذكر ذلك ابو العباس ابن تيمية وغيره. نعم. احسن الله اليكم سؤال ما الدليل على ذلك؟ جواب الادلة على ذلك منها قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. الاية النبي صلى الله عليه وسلم اسمعوا واطيعوا وان تأمر عليكم عبد. وقال صلى الله عليه وسلم من رأى من اميره شيئا يكرهه يصبر عليه فانه من فارق الجماعة شبرا فمات الا مات ميتة جاهلية. وقال عبادة ابن الصامت رضي الله عنه دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما اخذ علينا ان بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثرة علينا والا ننازع الامر اهله. الا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان وقال صلى الله عليه وسلم ان امر عليكم عبد مجدع اسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له واطيعوا وقال صلى الله عليه وسلم على المرء المسلم السمع والطاعة فيما احب وكره الا ان يؤمر بمعصية فان امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. وقال صلى الله عليه وسلم انما الطاعة في المعروف. وقال صلى الله عليه وسلم وان ضرب ظهره واخذ مالك فاسمع واطع. وقال صلى الله عليه وسلم من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية. وقال صلى الله عليه وسلم من اراد ان يفرق امر هذه الامة وهو جميع فاضربوه بسيف كائنا من كان. وقال صلى الله عليه وسلم ستكون امراء. فتعرفون فمن عرف بريء ومن انكر سلم قالوا افلا نقاتلهم؟ قال لا ما صلوا وغير ذلك من الاحاديث وهذه كلها في الصحيح. لما بين المصنف رحمه الله تعالى جواب السؤال المتقدم فيما ذكره من الواجبات او سؤالا لازما فقال ما الدليل على ذلك؟ اي مما ذكر انفا ثم اجاب عنه بقوله رحمه الله تعالى الادلة على ذلك كثيرة. فما سلف ذكره من الواجب لولي الامر. دل عليه دلائل من القرآن والسنة وهي كثيرة كما قال قال المصنف منها قول الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. امر الله عز جل بطاعته وطاعة رسوله وطاعة من ولاه الله سبحانه وتعالى. الامر ومعنى قوله سبحانه تعالى واولي الامر منكم يعني من اهل الاسلام. لان الاصل ان من يكون عليهم مدبرا ولايتهم هو مسلم مثلهم. ولو كان فاسقا فما بقي عليه اسم الاسلام فانه مندرج في قوله تعالى واولي الامر منكم. وما يوجد في بعظ تفاسير المتأخرين من قولهم واولي الامر منكم اي من الصالحين امثالكم. فهذا من تفسير الخوارج لان الخوارج هم الذين يشترطون ان يكون ولي الامر صالحا وان الفاسق الجائر لا تصح ولايته وانه يجب الخروج عليه لكفره بفسقه واما اهل السنة والجماعة والحديث والاثر فانهم يصححون من تولى الولاية وكان فاسقا جائرا ظالما ما دام مسلم كما تدل على ذلك الاحاديث المصرحة مما ذكره المصنف رحمه الله تعالى. ثم اورد رحمه الله تعالى عدة احاديث ختمها قوله رحمه الله وهذه كلها في الصحيح. يعني مما حكم بصحته اما اتفاقا او عند البخاري وحده او عند مسلم وحده وليس في شيء منها حديث انتقده احد من الحفاظ الا حديث حذيفة وهو قوله صلى الله عليه وسلم وان ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع واطع فان هذه اللفظة وان ضرب ظهرك واخذ مالك رواها مسلم في حديث حذيفة الطويل في الفتن من رواية ابي سلام من طور الحبشي عن حذيفة وانتقدها الدار قطبي بان ابا سلام الحبشية لم يسمع من حذيفة وهو كذلك ورويت من وجه اخر محتمل للتحسين عند ابي داود وهي بلفظها فيها مقال واما من جهة معناها ففي دلائل القرآن والسنة ما يدل على معناها واما لفظها المذكور ففيه كلامه كما سبق اما بقية ذلك من الاحاديث فهي احاديث مصرحة بالسمع والطاعة لولاة الامر. كما قال النبي صلى الله وسلم في الحديث الاول اسمعوا واطيعوا وان تامر عليكم عبد اي من كان اصله مملوكا فالاحرار يأنفون من تولي حر اخر عليهم فكيف اذا كان المتولي عليهم رقيقا في اصله؟ تغلب على الولاية فصار حاكما قال في حديث اخر ان امر عليكم عبد مجدع اسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له واطيعوا فليس محصورا في كونه في اصله مملوكا بل هو مجدع اي مقطع الاطراف وعلى حال دون ذلك من حال الكمال ولكنه يقودكم بكتاب الله ثم امر بالسمع والطاعة له فقال فاسمعوا واطيعوا وقال في الحديث التالي من رأى من اميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فانه من فارق الجماعة شبرا فمات الا مات ميتة جاهلية يعني على حال اهل الجاهلية بان اهل الجاهلية لم يكونوا يلتزمون ببيعة لاحدهم. وهذه احدى المسائل الكبار التي خالف فيها النبي صلى الله عليه وسلم اهل الجاهلية وبها صدر امام الدعوة رسالته المعروفة مسائل الجاهلية. وقال في حديث عبادة فكان فيما اخذ علينا ان بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثرة علينا يعني استئثارا بالدنيا والامر دوننا والا ننازع الامر اهل الا ان تروا كفرا بواحا يعني بينا ظاهرا لا ريبة فيه ولا مرية. وقال في الحديث الاخر على المرء المسلم السمع والطاعة فيما احب يعني فيما وافق نفسه وكره فيما خالف نفسه الا ان يؤمر بمعصية فان امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. فالمعصية التي حرمها الله عز وجل لا يسمع فيها ولا يطاع لاحد. وقال في الحديث اخر انما طاعة في المعروف يعني ما كان معروفا شرعا او عرفا فهو لا يخالف احكام الشريعة التفصيلية ولا احكامها اجمالية وقال في الحديث الاخر من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية وقال في تاليه من اراد ان يفرق امر هذه الامة وهو جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان. وقال ايضا ستكون امراء فتعرفون وتنكرون اي تكون لهم امور مخلطة فبها شيء مستقيم موافق للشرع والعرف وفيها شيء على خلاف ذلك فمن عرف بريء ومن انكر سلم فحال المعرفة والمباعدة لهم حال كمال ومن انكر عليهم على الطريقة الشرعية كان اعلى في مقامه ولكن من رضي وتابع اي فذلك عليه الدمار وله البوار والتبار فمن رضي بحالهم وتابعهم مع معرفة ان ما هم عليه مخالف لامر الله عز وجل فانه قد باء بالاثم واذا كان من المتسرع الذين يعرفون حكم الله في ذلك فان الاثم عليهم مضاعف لان المعصية قد تضاعف في حجمها وان لم تضاعف في عددها اذا اقترن بذلك موجب لها ومن موجبات تعظيمها ان يكون المرء عالما بحرامها متبوعا معظما في ذلك فالعالم المفتون الذي يرظى ويوافق ويخرج من مشكاة الكتاب والسنة ما انه يدل على هذه الاهواء المخالفة للكتاب والسنة فان اثمه اعظم والمقصود بذلك ما كان بين الحكم حرمة من الشريعة اما المسائل المتشابهة التي يدخلها التأويل ويجري فيها الخلاف فليست من هذه البابة. ولكن من هذه البابة ما كان مقطوعا كونه واجبا او كونه حراما ثم يخرج ما يزعم انه يوافق الكتاب والسنة وان هذا الامر لا مرية فيه قد كثر هذا باخرة لما غلب على الناس انصاف المتعلمين من المنتسبين للشريعة والعلم فصاروا يخرجون من فمن ما يوافق الحالة التي صار عليها ولاة امر المسلمين في البلاد قاطبة. كما ان في هؤلاء من كان من قبل يخرج من الادلة ما يكون غامزا ولامزا لحكام المسلمين ولكن الاهواء تلعب باهلها فتارة يأخذ جادة يقارع فيها ولي الامر وتارة يأخذ جادة يعبد فيها الطريق بشهوات ولي الامر. وهؤلاء هم المفتونون. وهم في كل زمان موجودون ولكن الله سبحانه وتعالى يظهرهم للخلق ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ومن عرف تاريخ الناس قديما وحديثا اذا وجد امثال هؤلاء فينبغي للانسان ان يصون نفسه ودينه ان يكون تابعا او متبوعا في مثل هذه الجواد المهلكة ولا نجاة له الا باتباع الكتاب والسنة. والسير على طريقة المعظمين من العلماء والراسخين. فمن اخذ بذلك فانه الناجي حقا ومن عدل عن ذلك فانه يعدل عن جادة سوية الى سبل تهلكه وتدفعه الى امور تقلقه اثارها في الدنيا والاخرة هو الانسان الذي يخاف الله سبحانه وتعالى لا يرجو الا ان يكون عالم ملة. اما من يكون عالما سلطان او عالم امة فكلا هذين الصنفين هم سائرون الى بوادي اما في الدنيا عاجلا واما في الاخرة اجلا. اما عالم الذي لا يرقب الا دلائل الكتاب والسنة فهو الذي على سبيل نجاة ولكن هذا امر يحتاج الى جهاد عظيم والى صبر كبير ومن وقاه الله عز وجل ومن توكل على الله سبحانه وتعالى كفاه. فينبغي ان يستمطر طالب العلم براهين الرشد من الكتاب والسنة وان يهتدي بطريقة من سبق من العلماء وان يحذر من مضلات الفتن في هذه الابواب التي كثرت وعظم نتن عند هؤلاء وهؤلاء على حالهم سواء وان يجاهد نفسه في لزوم هذه الجادة دون ظلم لاحد من الخلق فالظلم لكل احد غير ممدوح شرعا ولو لكافر. فينبغي للانسان ان يحمله متابعة امر الشريعة على ان يوقع الظلم بغيره وان انما يبين امر الشريعة دون ظلم احد من الخلق ويبين ما دل عليه الكتاب والسنة. اخذ الناس به ورضوا من الحكام ايها المحكومين ام سخطوا ذلك فانه اذا فعل ذلك برئت ذمته وسلم دينه. فاذا اخذ في شيء دون ذلك لحقت ذمته التبعة في الدنيا والاخرة وعطب دينه بقدر ما يذهب من موافقة هؤلاء او هؤلاء على اهوائهم. نعم احسن الله اليكم سؤال على من يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وما مراتبه؟ جواب قال الله عز وجل ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون قال النبي صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك الايمان رواه مسلم. وفي هذا الباب من الايات القرآنية والاحاديث النبوية ما لا يحصى. وكلها تدل على وجوب امر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل من رآه. لا يسقط عنه الا ان يقوم به غيره. كل بحسبه وكلما كان العبد على ذلك اقدر وبه اعلم كان عليه اوجب ولو الزم. ولم ينج عند نزول العذاب باهل المعاصي الا الناهون عن وقد افردنا هذه المسألة برسالة بهوى فيها. ولطالب الحق كافية ولله الحمد والمنة. لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما سلف مما يجب ولي الامر اتبعه بسؤال عظيم يتعلق بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر للتنبيه الى ان القيام بهذه الشعيرة لا يخالف ما سبق ذكره من اصل اصيل من طاعة ولي الامر فيما امر الله سبحانه وتعالى به. فاذا كان ولي الامر امر بامور متعددة في شؤون الحياة فان الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم امر باصل عظيم في حفظ الدين وهو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يمكن ان يكون فيما امر به الله عز وجل او ما امر به رسوله صلى الله عليه وسلم ما يضاد بعضه بعضا بل كلاهما على جادة سواء فما سلف من الامر بطاعة ولي الامر والسمع له انما يكون في المعروف فان كان في معصية لم يسمع ولم يطع له. وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر انما يكون الاتيان به على جادة شرعية لا على ما توجبه الاهواء والاراء فمن جاء به على الجادة رعية سلم ومن خرجت به الاهواء والاراء الى خلاف الجادة الشرعية فانه قد باء باثمه وان سماه امرا بالمعروف ونهيا عن المنكر فان المعتزلة جعلوا من اصولهم الخمسة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومع ذلك هم معدودون فيه في مخالفة الكتاب والسنة والخروج عن جماعة المسلمين لكن من اقام هذه الشعيرة على ما امر الله سبحانه وتعالى لم يكن منازعا ولي الامر بما اوجب الله عز وجل من طاعته. وقد سأل المصنف رحمه الله تعالى عن ذلك سؤالا فقال على من يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وما مراتب ولم يذكر رحمه الله تعالى الحد الذي يتبين به شرعا اسم المعروف واسم المنكر. وسلف القول بان المعروف شرعا اسم جامع لكل ما عرفه الشرع. اسم جامع لكل ما عرفه الشرع بالامر به اسم جامع لكل ما عرفه الشرع بالامر به. فالمعروف لا يكون الا مأمورا به. اما امر ايجاب او امر واستحباب واما المنكر شرعا فهو اسم جامع لكل ما انكره الشرع اسم جامع لكل ما انكره الشرع بالنهي عنه اسم جامع لكل ما انكره الشرع بالنهي عنه على وجه ايش؟ الالزام يعني التحريم على وجه التحريم على وجه التحريم. فعلم بهذا ان المكروه ليس من المنكر وانما يتعلق المنكر بالمحرمات ثم اجاب المصنف رحمه الله تعالى عن السؤال الذي اورده قائلا قال الله عز وجل ولتكن من انكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون. وهذه الاية اصل عظيم في بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقوله تعالى ولتكن منكم تبعيضية في اصح قولي اهل العلم. فلابد ان يكون في المسلمين من يقوم بهذا الفرض الذي هو من فروض الكفاية عليهم. واذا كان فيه من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يدعو الى الخير مع الكفاية فقد سقط الاثم عنهم. اما ان كان فيهم من لا تقوم به الكفاية. او لم يكن فيهم من يدعو الى خيره ولا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فانهم اثمون جميعا بترك ذلك. ثم ذكر حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه في صحيح مسلم المبين لوجوب النهي عن المنكر فقال فقال النبي صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع لسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان. وهذا الحديث اصل في بيان وجوب النهي عن المنكر وبيان مراتبه وانها ثلاث الاولى التغيير باليد لمن كان من اهله ممن له ولاية كحاكم او من ينوبه التغيير باللسان. والثالث التغيير بالقلب. والمراد بالتغيير بالقلب كراهة المنكر وبغضه النفرة منه فاذا وجد هذا المعنى في القلب كان كافيا في انكار المنكر ولا يشترط تمعر الوجه يعني تغيره فان تغير الوجه شيء قد يأتي وقد لا يأتي وانما الذي يشترط هو وجود بغض ذلك المنكر في القلب عند عدم القدرة على تغييره باليد لا باللسان ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان في هذا الباب من الايات القرآنية والاحاديث النبوية ما لا يحصى وقد افرده المصنفون بالتأليف قديما وحديثا وكلها تدل على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل من رآه لا يسقط عنه الا ان يقوم به غيره كل بحسب وكل ما كان العبد على ذلك اقدر به اعلم كان عليه اوجب وله الزم. فيجب على العبد ان يكون امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر بقدر الوسع والطاقة بحسب ما يتهيأ له من القدرة والمكنة الولاية ولا يجوز له ان يسكت عن شيء من ذلك يمكنه ازالته او يمكنه اقامته من المعروف فمن كانت له قدرة على اقامة المعروف وجب عليه ان يقيمه ومن كانت له قدرة على النهي عن المنكر وجب عليه ان ينهى عن المنكر وكثير من المتشرعة انما يكون همه انكار المنكرات واما اقامة المعروف فهذا فيهم قليل. فتجد الانسان يتولى في مسجد فلا يكاد يعلم الناس فيه ولا يتكلم بكلمة المدة المديدة فاي معروف امر به مع مكنته منه فهو امام للمسجد ومن وظائف امام المسجد ان يبين للناس فهذه وظيفة شرعية عرفية وتعطيلها تعطيل لما يجب عليه من الامر بالمعروف فكما يجب النهي عن المنكر يجب على ان يأمر بالمعروف على حسب قدرته ووسعه. ثم قال رحمه الله تعالى ولم ينج عند نزول العذاب باهل المعاصي الا الناهون عنها. ثم انه افرد رسالة وهي رسالة مطبوعة كافية وافية في بيان المحجة واقامة الحجة في هذا الباب هذا الباب باب عظيم وهو من شرائع الدين وشعائره التي تميز بها عن غيره فلا بد ان يحرص طالب العلم على اقامة وعلى الفقه فيه بتلمسه من الكتاب والسنة والاطلاع على مقيدات العلماء رحمهم الله تعالى ولا ينبغي ان يجفوا الانسان الورود على هذا المورد في قليله او كثيره فاذا كانت له مكنة على شيء منه فانه يجب على الانسان ان يبذله ولا ينبغي له ان عنه حتى صار من المتهيأ للناس ان طلاب العلم لا يقومون بهذه الشعيرة وانما يقوم بها اناس دونهم وهذا من الغلط في فهم الشريعة فان احق الناس في القيام بالامر وبالمعروف والنهي عن المنكر هم العلماء وطلاب العلم لانه هم الاعلم بمراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فاذا خرج الامر الى غيرهم وقع الناس في حيصا وبيص ونسب الى المعروف اشياء ليست منه ونسب الى المنكر ليست منه نعم. سؤال ما حكم كرامات الاولياء؟ جواب كرامات الاولياء حق وهو ظهور الامر الخانق على الذي لا صنع لهم فيه ولم يكن بطريق التحدي. بل يجريه الله على ايديهم وان لم يعلموا به كقصة اصحاب الكهف اصحاب الصخرة وجريجن الراهب وكلها معجزات لانبيائهم ولهذا كانت في هذه الامة اكثر واعظم لعظم معجزات نبيه وكرامته على الله عز وجل كما وقع لابي بكر في ايام الردة. وكنداء عمر لسارية وهو على المنبر فابلغه وهو بالشام وككتابته الى نيل مصر فجرى وكخيل العلاء ابن الحضرمي. ان خاض بها البحر في غزو الروم ابي مسلم الخولاني في النار التي انقذها له الاسود العنسي. وغير ذلك مما وقع لكثير منهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده في عصر الصحابة والتابعين لهم باحسان. ومن بعدهم الى الان والى يوم القيامة. وكلها في الحقيقة معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم لانهم انما لا نو ذلك بمتابعته فان اتفق شيء من الخوارق لغير متبع النبي صلى الله عليه وسلم فهي فتنة وشعوذة لا كرامة وليس من اتفقت له من اولياء الرحمن بل من اولياء الشيطان والعياذ لله ذكر المصنف رحمه الله تعالى سؤال يتعلق بتتمة اخرى من التتمات التي يذكرها المصنفون في المعتقد وهي فرع عن الكلام فيما سماه المتكلمون في المعتقد بالمعجزات وهي شرعا اعلام النبوة واياتها ان المتكلمين في الاعتقاد لما ارادوا بيان ما تثبت به الرسالة والنبوة عقدوا فصلا سموه معجزات الانبياء وهي في خطاب الشرع كما سلف اية الانبياء واعلام النبوة وبيناتها. ثم تولد من هذا الاصل القول فيما شابهها كالقول في الكرامة والقول في السحر. واصل الكلام في هذه المسائل مأخوذ اكثره عن المعتزلة. فان معتزلتا كانوا يصنفون في منابذة الملاحدة ومنكري البعث والرسالة فالفوا تأليف جعلوا لها اصول ترد على اولئك لكنهم خالفوا في كثير مما كتبوه الكتاب والسنة لاستبدادهم بتقديم العقل على النقل حتى وقعوا في مقالات المخالفة من جملتها كلامهم الذي بنوه في النبوة والكرامة. فقد سلف الاعلام بان كلام اولئك مبني على ما سموه بالامر الخارق للعادة وذكرنا ان العادة التي تذكر في هذا المقام يراد بها اما العادة المطلقة في حق الانبياء اما عادة اهل الزمان في حق الاولياء. وهذا القيد للمعجزة والكرامة. لا يوجد في كتاب الله عز وجل ولا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا في كلام السلف فلا يوجد منهم ارشاد الى تعلق ايات النبوة او كرامات الاولياء بالامر الخارق وانما الموافق كما ذكرناه فيما ذكرناه عند الكلام عن المعجزة ان متعلقها اية عظيمة فهي اية عظيمة جليلة في النفوس والمصنفون هنا في المعتقد يقول محققوهم عند ذكر الكرامة هي الامر الخارق للعادة الذي يظهره الله على يد ولي من اولياءه كرامة له الامر الخارق للعادة الذي يظهره الله على يد ولي من اوليائه كرامة له غير مقترن بدعوى النبوة غير مقترن بدعوى النبوة. واذا جرد مما ذكر فيه من الامر الخارق متابعة للكتاب والسنة تكون كرامات الاولياء هي ايات عظيمة يجريها الله سبحانه وتعالى على يد من يشاء من خلقه كرامة له اية او ايات عظيمة يجريها الله عز وجل على يد من يشاء من خلقه كرامة له غير مقترنة بدعوى النبوة فهذا الوضع هو الموافق للكتاب والسنة ولسان العرب. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انواعا منها فقال كقصة اصحاب الكهف واصحاب الصخرة وجريج الراهب وكلها معجزات لانبيائهم ثم قال وكما وقع ابي بكر في ايام الردة وكيداء عمر ابن سارية وهو على المنبر الى اخر ما ذكر. هذه كلها من جملة كرامات الاولياء. ومن احسن من صنف فيها ان لا لكائي فانه صنف كتابا هو اخر كتابه المعروف في المعتقد وافرده بعضهم قديما يذكرونه وباسم كرامات الاولياء للالكاء وهو مطبوع مفردا ومجموعا فهو من احسن الكتب التي جمعت كرامات الاولياء في هذه الامة وفي الامم السابقة. وكرامات الاولياء يرجع جماعها كما ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد الى نوعين احدهما كرامات تتعلق بانواع العلوم والمكاشفات. كرامات تتعلق بانواع والمكاشفات. والثاني كرامات تتعلق بانواع القدرة والتأثيرات. كرامات يتعلق بانواع القدرة والتأثيرات. ومن قواعد هذا الباب التي ذكرها المعتزلة هو من تبعهم وهي اصل ان ما يجري من الكرامات يعد معجزة النبي الذي يكون ذلك الولي من اتباعه. فتكون تابعة لاعلام النبوة وهذا امر صحيح. ولاجل ذلك صارت الكرامات في هذه الامة اكثر واعظم لعظم اعلام نبوة نبيها صلى الله عليه وسلم ولجلالة قدره عند ربه سبحانه وتعالى. فكلها في الحقيقة معجزات على قولهم واعلام وايات بينات للنبوة على الصحيح لنبينا صلى الله عليه وسلم بان هؤلاء ما نالوا ذلك الا بمتابعة صلى الله عليه وسلم ثم قال المصنف رحمه الله تعالى في اخر كلامه فان اتفق شيء من الخوارق غير متبع النبي فهي فتنة وشعوذة لا كرامة. وهذا هو الحد الفاصل بين كرامات الاتقياء شعوذات الدجالين فان ما يجري من الخوارق اذا كان على يد متبع فهو كرامة واما اذا كان على يد مخالف النبي صلى الله عليه وسلم فهو فتنة وشعوذة وسحر. وهذا الباب التبس بعضه ببعض عند المعتزلة. فكثر كلامهم للتفريق بين اعلام النبوة واحوال السحرة والدجالين وما يجري من الكرامات على الاولياء حتى افضى بهم الى القول بانكار السحر كما هو معروف من مقالاتهم واما اهل السنة فاخذوا طريقا صحيحا في كل باب من هذه الابواب التي تشترك فيما سموه بالخالق للعادة وتشترك عند اهل السنة فيما يسمى بالاية العظيمة الجلية. ثم قال وليس من اتفقت له من الرحمن بل او من اولياء الشيطان فمن جرى له ذلك فهو على حال بغيضة مباعدة للكتاب والسنة فهذه من خوارق الشياطين والاعيبها بالخلق. ولا ابن عباس ابن تيمية رحمه الله تعالى كتاب حافل اسمه الفرقان بين اولياء الرحمن واولياء وهو كتاب عظيم النفع والناس تشتد حاجتهم اليه باخرة فان من بواقع هذا الزمن مع ظعف التوحيد والدين ان بدأت هذه الامور التي كان يذكرها ابو العباس ابن تيمية فيعجب الانسان منها صارت تسمع ها هنا وها هنا في اطراف وفي البلاد مما يدل على ان تلاعب الشيطان لا يزال بالناس شيئا فشيئا حتى يردهم الى ما كانوا عليه من الشرك الاعظم كما صحت بذلك كالاخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم فانما تسمعه اليوم من انباء خفية عن بعض من يستعين بالجن هو حذو القدة بالغدة بما ذكره ابو العباس ابن تيمية في كتابه من تلاعب الشياطين باوليائهم. ينبغي ان يجود الانسان تحصين ايمانه للتفريق بين رياء الشيطان واولياء الرحمن فانك لن تبنى بولي شيطاني مباعد في صورته بل ستجد من يظهر اتباع السنة وتجد في ظاهره لحية واظهارا للدين وهو في باطنه على مخالفة الشريعة. ممن صار يعظم الشياطين ويتبعها ويسمي ذلك استعانة بهم في الامور المباحة وتحفظ عنهم في خلواتهم امور قبيحة تدل على انه من تلاعب الشيطان بهم. واذا استمر هذا الامر فسيرجع الى الاحوال الشيطانية التي ذكرها ابو العباس وربما اشد منها لان اذا كان الناس يرذلون من بني ادم بنقص ايمانهم فان الشياطين اولى ان ترذل وان يكون في متبردة الشياطين من المتأخرين ما لم يكن في الاولين فلا بد ان يكون طالب العلم على بينة ظاهرة بالتفريق بين اولياء الشيطان واولياء الرحمن وان لا تروج عليه الاعيب الشيطان كما راجت على اناس فتنتهم في دينهم كما ذكر ذلك العلامة محمود التويجري في اخر كتابه الرؤيا ممن زين لهم في اشياء يرونها في المنام انهم يخرجون بخلافة اسلامية ويعيدون الناس الى ما كانوا عليه فوقعوا في مواقع عظيمة من تلاعب الشياطين بهم في احلامهم التي يرونها في منامهم حتى جعلوها حقيقة وتعبدوا الله عز وجل بها في الامور الظاهرة. ويسمع الانسان في الناس من هذه الانباء ما لا يزال الى يومنا هذا احسن الله اليك. سؤال من هم اولياء الله؟ جواب هم كل من امن بالله واتقاه واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ثم بينهم فقال الذين امنوا وكانوا يتقون. الايات وقال تعالى الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور. الاية وقال تعالى انما وليكم الله هو الذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. ومن يتولى الله ورسوله والذين امنوا فان حزب الله هم الغالبون. وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان ابي فلان ميسوني باغنياء انما اوليائي المتقون. وقال الحسن رحمه الله تعالى ادعى قوم الله فامتحنهم الله بهذه الاية. قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله الاية وقال الشافعي رحمه الله تعالى اذا رأيتم الرجل يمشي على الماء او يطير في الهواء فلا تصدقوه ولا تغتروا به حتى تعلموا متابعته للرسول صلى الله عليه وسلم. لما ذكر المصنف رحمه الله على كرامات الاولياء اورد سؤالا يطلب فيه بيان هؤلاء الاولياء في نعتهم الذي يتميزون به فقال سؤال من هم اولياء الله؟ ثم اجاب عنه بقوله هم كل من امن بالله واتقاه واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى يخرج به الرسول لقوله واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا هو الحد الاصطلاح الى الحد الشرعي اما ولي الله شرعا فهو كل مؤمن تقي. وكل مؤمن تقي كما يدل عليه قوله تعالى الذين امنوا وكانوا يتقون وقوله صلى الله عليه وسلم انما اوليائي المتقون. فالولي لله شرعا كل مؤمن واما اصطلاحا فان علماء الاعتقاد اوردوا قيدا زائدا يخرجون به الرسول فقالوا الولي كل مؤمن تقي غير نبي يميز بين مرتبة النبوة والوداية. فجعلوا الولاية حظا للمؤمن التقي الذي لا كن نبيا واما في الخطاب الشرعي فان ولي الله سبحانه وتعالى اسم لكل مؤمن تقي ويندرج في ذلك الرسول. ومن من ذكر حدا نفيسا الولي ابن ابي العز رحمه الله تعالى في شرع الطحاوية فقال الولي ايش ذكرناه لكم اكثر من مرة بموافقة محبوباته والتقرب اليه بمرضاته. احسنت. هو من والى الله بموافقة محبوباته قروا باليه بمرضاته هو من والى الله بموافقة محبوباته والتقرب اليه بمرضاته. هذا من احسن ما ذكره اهل العلم في حد الولي لله عز وجل شرعا ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى ما اورده من ادلة بقول الحسن البصري ادعى قوم محبة الله فامتحنهم الله بهذه الاية قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله تنبيها الى ان ولي الله سبحانه وتعالى لابد ان يكون كما ذكر ابن ابي العز موافقا لله في محبوباته متقربا اليه بمرضاته وكان الحسن البصري يسمي هذه الاية اية المحنة. لان الله عز وجل امتحن الخلق بها. ومن بدائع ابن القيم رحمه الله الله تعالى قوله لما كثر المدعون للمحبة طولبوا باظهار الحجة. فقال الله تعالى قل ان كنتم تحبون الله تبعوني يحببكم الله انتهى كلامه. يعني ان الحجة في صدق المحبة لله عز وجل هو طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم اورد كلام الشافعي في التمييز بين المحق والمبطل في هذا الباب فقال اذا رأيتم الرجل يمشي على الماء او يطير في الهواء لا تصدقوه ولا تغتروا به حتى تعلموا متابعته للرسول صلى الله عليه وسلم. اي فان كان متابعا للرسول صلى الله عليه وسلم فمثل ذلك يحتمل الكرامة والولاية. واما ان كان مخالفا للنبي صلى الله عليه وسلم فان ذلك من فعل اهل المخرقة والشعوذة. واذا كان هذا في امر عظيم فما بالك بامور دونها؟ صار الناس يرونها فتأخذ بعقولهم ولا يمرون ما يسمعون من الكلام على ميزان الكتاب والسنة فيعظمون احدا من الخلق ويرفعونه فوق قدمه اغترارا التي لو امروها على الكتاب والسنة لكان مباينا لطريقة الكتاب والسنة. ومن الابيات السيارة في هذا المعنى قول الاخضري رحمه الله تعالى في الروضة الانسية والحضرة القدسية اظنها هذا اسمها حفظت منها ابيات قديم لكن اظنها الروضة الانسية والحضرة القدسية وهي منظومة لعبدالرحمن الاخظر في التصوف وفيها ابيات جميلة منها هذان البيتان التي جماعة من اهل السنة وهي قوله اذا رأيت رجلا ايش؟ يطير وفوق ماء البحر قد يسير اذا رأيت رجلا يطير وفوق ماء البحر قد يسير. ولم يقف عند حدود الشرع فانه مستدرك رجل وبدعي ولم يقف عند حدود الشرع فانه مستدرج وبدعي. اذا رأيت رجلا يطير وفوق ماء البحر قد يسير ولم يقف عند حدود الشرع فانه مستدرج وبدعي. نعم. هذا نظم يعني كلام الشافعي رحمه الله تعالى نعم احسن الله اليكم سؤال من هي الطائفة التي عاناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لا تزال طائفة من من امتي على الحق ظاهرة لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي امر الله تبارك وتعالى. جواب هذه الطائفة هي الناجية من الثلاث وسبعين فرقة كما استثناها النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الفرق بقوله كلها في النار الا واحدة وهي الجماعة وفي رواية قال هم من كان على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي ختم المصنف رحمه الله تعالى بهذا السؤال العظيم فقال سؤال من هي الطائفة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرة لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي امر الله تبارك وتعالى. وانما ختم بهذا السؤال تنبيها الى ان ما ذكر في هذا الكتاب من اصول المعتقد جار على ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم من حال هذه الطائفة المنصورة الناجية ثم اجاب عنه بقوله رحمه الله تعالى هذه الطائفة هي الفرقة الناجية من الثلاث وسبعين فرقة فهي الطائفة المنصورة كما اخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم وهي الفرقة الناجية كما اخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث افتراق المشهور من حديث جماعة من الصحابة وفيه قوله صلى الله عليه وسلم كلها في النار الا واحدة وهي الجماعة. وفي رواية عند الترمذي وغيره قال هم من كان على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي. وفي اسنادها ضعف. والوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم مما ثبت في تبيين وصف هؤلاء وصفان اثنان احدهما الجماعة والثاني السواد الاعظم فاما الجماعة فبوي في كثيرة واما السواد الاعظم فمروي في حديث ابي امامة عند احمد بسند حسن. واما نعتهم بانهم من كان على مثل ما كان عليه لي النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فهذا صحيح دراية واما رواية فالرواية الواردة في ذلك ضعيفة ولا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وها هنا اشكال حقيق بالحل. وهي ان المصنف رحمه الله تعالى قال هذه الطائفة هي الفرقة الناجية. والله سبحانه وتعالى يقول في سورة التوبة قال فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة فجعلت طائفة بعض الفرق جعلت طائفة بعض الفرقة فعلى ذلك تكون هناك فرقة ناجية وتكون منها طائفة منصورة وهذا يخالف جوابه جعلهما وصفان لمسمى واحد او اسمان لمسمى واحد فقال هذه فهي هي الفرقة الناجية. واضح الاشكال؟ يعني على كلام المصنف لو قدروا انهم ها هنا فانهم يسمون فرقة ناجي ويسمون ايضا طائفة منصورة وهم هم لكن على ما يتبادروا من قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين فتكن الطائفة المنصورة في اثنائها. وهذا موافق لظاهر القرآن وموافق للسان العربي فكيف يحل الاشكال؟ واضحة الاشكال الغير واظح. طيب ما جوابه؟ جوابه سهل. الامام ما لك رحمه الله ذكر عظيمة جعلها بعده ابو العباس ابن تيمية قاعدة شيد اركانه في عدة كتب انه لا يأتي صاحب بقالة بما يخالف الكتاب والسنة الا وفيما ذكره ما يرد ما قاله. هذا القول الذي تجعل فيه الطائفة بعض الفرقة يرده الحديث النبوي الذي ذكره المصنف وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي ما قال لا تزال طائفة على الحق ظاهرة. قال طائفة من امتي. فهي طائفة بالنسبة للامة. كما ان الفرقة نادية نادية بالنسبة لمن؟ للامة فهي ناجية بالنسبة للفرق وطائفة بالنسبة للامة. فهي اختلاف لاختلاف اعتبارات اختلاف عبارات لاختلاف اعتبارات. سميت طائفة لما كانت مأخوذة في العد من الامة وسميت فرقة ناجية لما كانت مأخوذة في العد من فرق الامة. واضح الحل؟ حل الاشكال انها سميت بذلك لاختلاف المأخذ لا لاختلاف الوصف. فالاختلاف المأخذ الذي سميت به طائفة مع ما سميت به فرقة جعل لها اسم الطائفة واسم الفرقة فهي طائفة منصورة بالنظر الى اخذها من الامة وهي فرقة ناجية بالنظر الى نجاتها من بين الفرق التي فارقت الجماعة فهي ليست فرقة بانها فارقت وانما هي فرقة لانها فرقت فهي باقية على الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. لكن لما انقسمت فرق الامة عنها فرقة فرقة كان الباقي من هذه الفرق فرقة واحدة هي الجماعة لانها باقية على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. فحينئذ يكون اسم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة والجماعة وسواد الاعظم اسماء لمسمى واحد كما يقال ان الله والرحيم والكريم والعليم والحليم كل اسماء لمسمى واحد هو ربنا سبحانه وتعالى. لكن الاختلاف متعلق الوصف في كل اسم عبر بهذا الاسم مرة وعبر بهذا الاسم مرة وعبر بهذا الاسم مرة فكذلك عندما قيل فيها الفرقة الناجية او الطائفة المنصورة او المسلمون او الجماعة او كلها اسماء لمسمى واحد لكن اختلف هذا الاسم باعتبار الصفة التي اليط بها وعلق بها فجعل تارة لها اسم باعتبار وجعل لها اسم باعتبار وجعل لها اسم باعتبار. ومتى رعى الانسان في فهمه الجمع بين دلائل القرآن والسنة لم يدر في خلده ما يشكل عليه. لكن اذا استرسل الانسان في الذهاب بذهنه كيفما غدا به في اودية فكر خرج الى مثل هذه المقالات ولابد ان يكون الانسان في فهمه لهذه المسائل مقتديا بطريقة من قبله ولا يمكن ان يكون اهل العلم تدابعوا على فهم شيء على وقف معين ثم يتبادر الى من جاء في هذه القرون قول يخالف ما كانوا عليه وان اذا في كلام بعض العلماء المتأخرين ما يخالف ذلك استئناسا الى ما فهمه من اية التوبة لان ما ذكرناه من المعنى كاف في رد ذلك فهو مأخوذ من الاحاديث الواردة في بيان ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. نعم. نسأل الله ان يجعلنا منهم والا يزيغ قلوبنا بعد اذ هدانا. وان يهب لنا من لدنه رحمة انه هو الوهاب سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. يقول غفر الله تعالى له ولوالديه فرغت من تزويده نهار الاثنين اول يوم من شهر شعبان عام خمس وستين بعد ثلاث مئة والالف من هجرة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين. وفرغت من تبييضه نهار الاحد رابع عشر من الشهر المذكور. جعل الله الله جميع سعينا خالصا لوجهه امين. ختم المصنف رحمه الله تعالى كتابه بسؤال الله سبحانه وتعالى ان يجعله ومن يتناول كتابه هذا حفظا وفهما ودرسا بان يكونوا من تلك الطائفة المنصورة والفرقة الناجية والا يزيغ قلوبهم اي الا يميلها بعد اذ هداها وان يهب لهم ان يمنحهم لدنه رحمة انه هو الوهاب وهو شبيه بما ختم به ابو العباس ابن تيمية الحفيد الرسالة الواسطية في احد نسخها المشهورة وفي الدعاء ختما تنبيه الى ان العلم بهذه الاصول لا يكفي فانه ان لم يكن لله عز وجل معونة للعبد بالتوفيق لم يستفد مما درسه بل لابد ان يرزقه الله عز وجل التوفيق في فهم طريقة اهل السنة والجماعة والعمل بها والا يظنن انه يجد فلاحا ولا نجاحا في غيرها. وهذا يحتاج الى جهاد عظيم. في الثبات. وابو عبد الله احمد بن حنبل رحمه الله الا لما حضرته الوفاة كان يقول في غمرات حاله ليس بعده ليس بعد. فلما سري عنه سأله ابنه عبد الله اعن حال فقال عرظ لي الشيطان يقول وهو عاض على ابهامه فتني يا احمد فتني يا احمد فكان يقول رحمه الله على لا ليس بعد ليس بعد. يعني انه لا يزال يخاف على نفسه الا يختم له بشيء يخالف ما امر الله سبحانه وتعالى به. واراد الشيطان ان يغره بنفسه ليرظى بذلك ويقول نعم فتك ولكنه رحمه الله تعالى كان يعرف الخوف من الله سبحانه وتعالى فخشي ان تكون فتنة يفتن بها فيفتن به على غي ما يحبه الله سبحانه وتعالى ويرضاه. فلا بد ان يديم طالب العلم سؤال الله وتعالى ان يحييه على اعتقاد اهل السنة والجماعة وان يميته على اعتقاد اهل السنة والجماعة. فانه اذا لم يشددك الله ولم يعنك تمر بك مضلات فتن ونوازل محن ربما زلت بها القدم او القلم عن طريقة اهل السنة والجماعة فوقع الانسان في موافقة اقوى من خارجين عن السنة والجماعة ويتأكد دوام اللهج بالدعاء اذا اشتدت الفتن وغلب الجهل ورفعت الوية الكفر بدع ونعق دعاتها فلا ملاذ للعبد ولا منجاة له الا بلزوم سؤال الله سبحانه وتعالى ان يحييه على الاسلام السنة هو ان يميته على الاسلام والسنة فنسأله سبحانه وتعالى ان يحيينا جميعا على الاسلام والسنة وان يميتنا على الاسلام والسنة. ثم ذكر المصنف رحمه الله على تاريخ فراغه من هذا الكتاب تسويدا وتبييضا يعني تقييدا له في اول وهلة وهذا يسمى تسويد ثم اذا رجع اليه وصححه او سمي هذا بالتبييض فبين انه سوده في نهار الاثنين اول يوم من شهر شعبان عام خمس وستين بعد الثلاث مئة فكان فراغه في ذلك اليوم منه ثم رجع الى تبييضه وتنقيحه ففرغ منه في نهاره الاحد رابع عشر من الشهر المذكور اي بعد ثلاثة عشر يوما من الفراغ منه وهذا يدل على عظم همته وشدة اعتنائه رحمه الله تعالى بتقييد الكتب النافعة التي ينتفع بها طلاب العلم ومن محاسن العلامة حافظ رحمه الله تعالى انه اعتنى بتقييد الكتب التعليمية فصنف كتبا يستفيد منها المتعلمون ككتابه هذا اعلام السنة المنشورة وككتابه دليل ارباب الفلاح الى فن الاصطلاح وكغيره من كتبه فالغالب على كتبه انها اسست للمعونة في تعليم الناس فكانت مناهج التعليم تخرج بها ضعيفة كثيرة من العلماء في زمانه رحمه الله تعالى وانتفع الناس بها من بعده الا انه مات صغيرا ولم يطل الانتفاع به وبقي هذه الكتب من بعده نافعة وهذا يبين ان من اراد نفع الناس في التصريف والتأليف فعليه ان يتلبس حاجاتهم. فاذا وجد حاجة من الحوائج لهم صنف فيها واشد حاجة المتعلمين. فاذا كان للانسان قدرة ان يصنف فيما ينفع في فهم من علوم الشريعة فعليه ان يجتهد في نفع نفسه واخوانه فان نفع ذلك عظيم. وبهذا الدرس الاخير نكون قد ختمنا بحمد الله ومنه وكرمه كتابا اخر وهو الكتاب الخامس من كتب المرحلة الاولى ولم يبقى بحمد الله عز عز وجل الا كتابين هما فتح الرحيم الملك العلام وبلوغ القاصد جل المقاصد وسنأتي عليهما بعون الله عز وجل في مستقبل الايام فيكون الدرس القادم باذن الله سبحانه وتعالى في الكتابين الباقيين. ويجعل درس الفقه في المدة الاولى التي بين المغرب والعشاء ويجعل درس التفسير في المدة التالية التي بعد العشاء حتى نستوفيه باذن الله سبحانه وتعالى. مسيرة الدرس الثلاثة وانبه قبلها الى ان الدرس القادم هو ليلة السابع والعشرين. ويكون ان شاء الله تعالى اخر دروس هذا الفصل الدراسي و وعندما بعده في يوم الخميس والجمعة برنامج مفاتيح العلم في خمسة كتبه المعروفة في مدينة الخرج وهي احدى المدن قريب وبعد ذلك ان شاء الله تعالى نبتدي الدروس في الاسبوع الاول باذن الله من الفصل الدراسي الثاني وربما يكون فيه دروس مكذبة في الاسبوع الاول بعد العشاء الكتابين الباقيين رغبة في ان ننهيهما ونستقبل الفصل الدراسي الجديد بكتب المرحلة والثانية وسنفيدكم ان شاء الله تعالى بما يكون عليه ختم الامر في تخطيطه