السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل للعلم اصولا وسهل بها اليه وصولا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ما بينت اصول العلوم. وسلم عليه وعليهم ما ابرز المنطوق منها المفهوم اما بعد فهذا شرح الكتاب الثاني من برنامج اصول العلم في مستواه في سنة سبع وثلاثين واربع مئة والف وثمان وثلاثين واربع مئة والف. وهو كتاب الاداب العشرة ثم يليه المجلس الاول في شرح الكتاب الثالث هو كتاب العروة الوثقى. كلاهما لمصنفهما صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي ابتداء البيان في الاول منهما. نعم. احسن الله اليكم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده رسوله نبينا محمد عليه وعلى اله وصحبه افضل الصلاة واتم التسليم. اما بعد فاللهم اغفر لشيخنا ولمشايخه وللمسلمين. قلتم وفقكم الله تعالى ونفعنا بعلمكم في مصنفكم الاداب العشرة. بسم الله الرحمن الرحيم. اعلم هداني الله واياك لاحسن الاخلاق ان من اعظم الآداب عشرة. ابتدأ المصنف وفقه الله رسالته بالبسملة مقتصرا عليها اتباعا للوالد في السنة النبوية في مكاتباته ورسائله صلى الله عليه وسلم الى الملوك. فالتصانيف تجري مجراها. ثم ذكر ان من اعظم الاداب عشرة. والاداب كثيرة العدد متفرقة الابواب والمعدود منها في هذه الرسالة عشرة. خصت بالعد لاتصافها اعظمية وهي بلوغها غاية الاهمية. وصفت الاداب العشرة المذكورة فيها بانها من اعظم الاداب لامرين. احدهما الاعتناء بها شرعا. فدلائل الشرع متكاثرة في بيان الاحكام المتعلقة بتلك الاداب العشرة والاخر كثرة وقوعها. واستعمالها عرفا. فان من بين الناس اتباع هذه الاداب لكثرة رواج ما يتعلق بها من الاحوال في يوم احدهم وليلته. والاداب جمع ادب. وهو ما حمد شرعا او عرفا وهو ما حمد شرعا او عرفا. فالمحمودات الشرعية والعرفية تسمى اداب. وحقيقتها خصال الخير. ويسمى المتحلي بها مؤدبا ويوصف بانه ذو ادب ووجه نعته بذلك اجتماع خصال الخير فيه ذكره ابن القيم في مدارج السالكين. والاصل الوثيق الذي تبنى عليه الاداب هو الاحكام الشرعية والاعراف المرعية. فتارة يستمد الادب من دليل الشرع وتارة يستمد الادب من داعي العرف. والنزع من هذين الموردين هو اصل الموارد في تعيين الاداب وبيان ما يتعلق بها. وهما سابقان لما اكب عليه الناس باخرة مما استحسنوه من تأليف اهل الشرق او الغرب من غير مسلمين وسموه بروتوكولا او اتيكيتا او غير ذلك من الاسماء التي جعلوها فانما يوجد في الدلائل الشرعية والاعراف المرعية التي نشأت عليها هذه الامة الاسلامية ارفع واعلى مما يوجد في غيرها. فحقيق بالمتحلين بالعلم ان يتحققوا في باب الاداب بامرين احدهما ان يكون مولدهم في معرفة الاداب هو الشرع القويم والعرف المستقيم. ففيهما اغنية عما سواهما. والاخر ان يمتثل تلك الاداب ويتحقق بها. فانهم اولى الخلق بان يكونوا اهل ادب ان صفوة الخلق محمد صلى الله عليه وسلم كان اكمل الناس ادبا. والشارعون في طلب ميراث من العلم حري بهم ان يقتدوا به. فيتحلوا بهديه وخلقه وادبه صلى الله عليه وسلم نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى الاول اذا لقيت مسلما فسلم عليه قائلا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وان سلم عليك فقل وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ذكر المصنف وفقه الله الادب الاول من الادب العشرة وهو يتعلق بادب السلام وفيه ثلاث مسائل. المسألة الاولى في قوله اذا لقيت مسلما فسلم عليه فمن ادب الاسلام بذل السلام. ومحله اذا لقيت مسلما والرقي هو توافي اثنين فاكثر متقابلين. هو توافي اثنين متقابلين او اكثر. فاذا وافى احد احدا وتقابل شرع القاء السلام. والنقي نوعان. احدهما لقي حقيقي. وهو ما كان بلا حجاب. وهو ما كان بلا حجاب. والاخر لقي حكمي وهو ما كان مع حجاب كالواقع في الاتصالات الهاتفية واشباهها كالواقع في الاتصالات الهاتفية واشباهها. فاللقي الحكمي يعطى احكام اللقي الحقيقي وشرط بذل السلام كون من لقيت مسلما. لا كافرا. فالكافر من اهل الكتاب وغيرهم لا يلقى عليه السلام. لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك والمسألة الثانية في قوله قائلا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وهي تبين لفظ السلام المأمور به. اذا القي ان تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وهي صفته الكملى. فان له ثلاث مراتب. فالمرتبة الاولى قول السلام عليكم. والمرتبة الثانية قول السلام عليكم ورحمة الله المرتبة الثالثة قول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. واليها انتهى السلام في اصح قولي اهل العلم وهو المعروف عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والاحاديث الواردة في الزيادة عليها لا يصح منها شيء. وعلى المرتبة الثالثة اقتصر المصنف ترغيبا في تحري الكمال. فانها اكملهن. فالملقي السلام بها ينال ثلاثين حسنة. ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والقاء السلام سنة اجماعا. نقله ابن عبدالبر وغيره يستحب لمن لقي مسلما ان يلقي عليه السلام. والمسألة الثالثة في قوله وان سلم عليك قل وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وهي تبين صفة رد السلام الملقى عليك بان تقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولو اقتصر على اوله جاز وكذا لو اقتصر على ذكر الرحمة معه واتمه هو ما ذكر. فرد السلام له مراتب ثلاث كمراتب القاء السلام. والجملة منهن ان يأتي به فيقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ورد السلام على من القي عليه واجب اجماع. نقله ابن عبدالبر وغيره. ومحل وجوبه من القي عليه دون غيره. ومحل وجوبه من القي عليه دون غيره. فان كان الملقى عليه واحدا صار الرد عليه فرض عين. وان كان الملقى عليهم جماعة صار الرد فرض كفاية عليهم. فاذا رد احدهم اجزأ عن بقيتهم. وقولنا ومحل وجوب رد السلام الملقى عليه يعلم به ان من سمع سلاما لم يلقى عليه لم يكن عليه واجبان. فلو قدر ان احدا يجلس في جانب المسجد ودخل رجل فقصد اخر بجانب اخر منه. فلما اقبل على من يريده قال له السلام عليكم كان مقصوده من السلام القاؤه على هذا الذي اقبل عليه دون ذلك الاخر في تلك الجهة. فيكون الرد واجبا على من اريد بالقاء السلام عليه دون من سمعه. فمن سمع السلام ولم يكن مرادا بالقائه عليه لا يكون رد السلام عليه واجبا. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى الثاني اذا الدخول على احد فاستأذن واقفا عن يمين الباب او يساره. فان اذن لك دخلت وان قيل لك ارجع فارجع. ذكر المصنف وفقه الله الادب الثاني من الاداب العشرة. وهو يتعلق بادب الاستئذان. وفيه اربع مسائل. فالمسألة المسألة الاولى في قوله اذا اردت الدخول على احد فاستأذن. المبين محل الاستئذان وهو عند ارادة الدخول. فمن اراد ان يدخل قدم استئذانه ولم يؤخره حتى يدخل فمحل الادب قبل الدخول لا بعده. والاستئذان هو طلب الاذن والدخول على الشيء هو الولوج عليه والكون معه. والدخول على الشيء هو ولوج اليه والكون معه. والامر بالاستئذان يكون فيما هو محجوب عادة. كدار ومكتب ونحوهما. لا ما هو مفتوح عادة. كدكان سوق او مكتب يطرق عادة فلا يغلق بابه. فاذا كان المراد الاستئذان عليه محجوبا في اتت الجارية كابواب الدور او ابواب المكاتب التي لا يعتاد فتحها تعلق استئذان بهذه الحال فان كان الحجاب مرفوعا عادة كباب دكان سوق او باب مكتب يطرق عادة ولم يجري العرف بغلقه فان الاستئذان يرتفع حكمه هنا الثانية في قوله واقفا عن يمين الباب او يساره. فاذا اراد الداخل الاستئذان وقف عن يمين الباب او يساره. ولم يقف مواجهة. لان مقصود الاستئذان حفظ العورات بعدم الاطلاع عليها لان مقصود الاستئذان حفظ العورات بعدم الاطلاع عليها. وتحققه كونوا بمباعدة الباب لئلا تبدو عورة لا يحل الاطلاع عليها. فيتأذى عليه والوقوف على احدى جنبتي الباب يحفظ العبد من الوقوع في مطالعة العورات المحظورة عليه. والمسألة الثالثة في قوله فان اذن لك دخلت لان الاذن لفظ يستباح به الدخول. فاذا قيل له ادخل. او تفضل وما في معناهما دخل فلا ينحصر حصول الاذن بقول ادخل بل يلحق به ما كان في معناه عرفا كالجاري في قول الناس تفضل او تعال او نحويه ما من الالفاظ العرفية الدالة على ذلك. والمسألة الرابعة في قوله وان قيل لك ارجع فارجع اي اذا لم يؤذن لك فمنعت وقيل لك ارجع فارجع ممتثلا لقوله تعالى وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا. والرجوع اذا لم يؤذن لاحد له حالان والرجوع اذا لم يؤذن لاحد له حالان. احداهما رجوع مع طيب نفس. رجوع طيب نفس فلا يجد المردود في نفسه الما. والاخرى رجوع مع خبث نفس فيجد المردود في نفسه الما. فالاول موافق للشرع تسليما. والاخر منازع للشرع فان الامر بالرجوع هو امر الله سبحانه وتعالى. وحقيقة امتثال امره هو التسليم له بالا يبقى في النفس منازعة لحكمه. وقد امرنا سبحانه وتعالى ان رددنا ان نرجع فان للناس اعذارا واذا انطوت النفس على ملامة مستأذن عليه وجرى اللسان بالوقيعة فيه كانت تلك الحال دليلا على عدم صدق التسليم لامر الله في نفس العبد. وهذه المسألة وسابقتها فيهما حكمان من احكام الاستئذان يتعلقان بالاذن والمنع. وبقي حكم ثالث. وهو عدم اجابة عدم اجابة المستأذن. فان لم يجب رجع. فالاستئذان له حلال احداهما حصول الاجابة بالاذن او المنع. حصول الاجابة بالاذن او المنع فان اذن له دخل وان منع رجع. والاخرى عدم حصولها. فلا يجاب باذنه او منعه عدم حصولها فلا يجاب باذنه او منعه فيرجع نعم احسن الله اليكم وقلتم وفقكم الله تعالى الثالث سم الله في ابتداء اكلك وشربك قائلا بسم الله وكل بيمينك انه كل مما يليك واذا فرغت فالعقى صابعك وقل الحمد لله. ذكر المصنف وفقه الله الادب الثالث من الاداب عشرة وهو يتعلق بادب الطعام. وفيه ست مسائل. فالمسألة الاولى في قوله سمي في ابتداء اكلك وشربك. وهي في ذكر ما يقال عند ابتداء الاكل والشرب والمراد بالابتداء المبادرة بقولها قبل وقوع الاكل والشرب فيأتي بها قبل شروعه في اكله او شربه. والمسألة الثانية في قوله بسم الله اي حال تسميتك في ابتداء الاكل والشرب. فتقول بسم الله فقوله قائلا بسم الله تفسير لقوله سم الله. فتقول بسم الله مقتصرا على الصيام المذكورة لانها امتثال الامر النبوي. في حديث عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنه المخرج في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك. فقوله صلى الله عليه وسلم سم الله اي قل بسم الله. ووقع التصريح بهذا في رواية الطبراني في المعجم الكبير. في الحديث المذكور ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا غلام قل بسم الله. والزيادة عليها بذكر الرحمن او بذكر الرحمن الرحيم او باضافة غيرهما من الاسماء الحسنى او جعله موضعهما او موضع احدهما كاي يقول بسم الله الرحمن الرزاق. او بسم الله الرزاق الكريم. كل ذلك به الامر وزيادة. فالاتي بها حصلت منه التسمية. فقال بسم الله ثم زاد عليها ما زاد. واختلف اهل العلم في الاكمل منهما. اهو الاقتصار وعلى قول بسم الله ام تكملها بالرحمن الرحيم وما جرى مجراها فاختار ابو زكريا النووي وابن تيمية الحفيد ان الزيادة اكمل وافضل ونازعهما ابو الفضل ابن حجر في فتح الباري متعقبا كلام النووي لما ذكره من ان انه لم يقف على دليل خاص يفيد ان الزيادة اكمل. وما ذهب اليه ابن حجر فالاكمل الاقتصار على الوارد في السنة النبوية من قول بسم الله. فان زاد عليها شيئا فقد عدل الى المفضول عن الفاضل. وكان فعله جائزا. وتقدم ان ان التسمية تكون في ابتداء الطعام. ومن لم يسمي في ابتداء الطعام فله احداهما ان يذكر التسمية في اثنائه. فيأتي بها قائلا بسم الله في اوله واخره. والاخرى الا يذكرها الا بعد فراغه من طعامه فلا يشرع له الاتيان بها. الا يذكرها الا بعد فراغه من طعامه. فلا يشرع له الاتيان بها. والمسألة الثالثة في قوله وكل بيمينك. وفيه بيان الة الاكل من وهي اليد اليمنى. وترك التصريح بكونها اليد لانها المعلومة عند الناس كلهم. مؤمنهم وكافرهم. برهم وفاجرهم. فالرجل ليست الة اكل عادة. ولو اكل بها. فالة الاكل عادة هي اليد فالاحكام متعلقة بها. واليد المأمور باتخاذها الة اكل هي اليد اليمنى لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم وكل بيمينك. ومن لم تكن له يد وصارت له قدرة ان يأكل بقدميه فانه يقدم الاكل باليمنى. الا ان عجز فانه يكون معذورا فيأكل بما يستطيع لعجزه. والمسألة الرابعة في قوله وكل مما ايليك اي مما يقرب منك لحديث عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنه المتقدم ذكره ومحله اذا كان الطعام واحدا. فان تعددت انواعه جاز ان يتناول منه ما بعد عنه. فاذا كانت المائدة ذات صنف واحد اكل مما يليه وان تعددت انواعها فقرب شيء وبعد شيء اكل مما يحب. فله ان يأكل من البعيد عنه لانه ليس شيء من جنسه قريبا منه. والمسألة الخامسة في قوله واذا فرغت فالعق اصابعك. وهذه المسألة وتاليتها من ادب الطعام عام المرتب بعده. فاداب الطعام ثلاثة اقسام. احدها ادب قبله. وثانيها ادب في اثنائه وثالثها ادب بعده. فمن الادب بعد الفراغ من الطعام عنه لا عقل اصابع. واللعق هو ايش هو اللحس باللسان هو اللحس باللسان. والادب فيه ان يكون رفيقا دون صوت والادب فيه ان يكون رفيقا دون صوت. فمن يدخل اصابعه في فيه بعد الطعام ثم يجذبها بصوت شديد مفارق الادب. فان حقيقة اللحس المحمود ان يلعقها لعقا خفيفا للاحاديث الواردة في الامر بذلك رجاء بركة ويجري مجرى لحس الاصابع لحس الات الاكل. كملعقة او شوكة او سكين فانما يرجى من البركة في الطعام يبقى في هذا كما يوجد في اصابع المتناول طعامه بيده مباشرة. والمرء مخير في تحصيل هذه الفضيلة الواردة في الاحاديث النبوية بين كونه يلعبها بنفسه او يلعقها غيره وهو كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والمخصوص بلعق غيره من بينه وبين اصابع الملعوق مؤانسة وملاطفة. كزوج او ولد صغير دون من يتقزز عادة من ذلك. فان الحديث الوارد في ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم فليلعقها اي بنفسه او يلعقها محله ما جرت به نفوس العرب الطيبة من الملاطفة والملاعبة بذلك بين زوج وزوجه او بين اب او ام وابنهما. فمثل ذلك كتحقيق للسنة. واما بين من لم تنعقد بينهما قاصرة زوجية او وتين فان هذا مما تتقدر منه العرب وتتقز منه النفوس عادة. ومن معايير ابواب من الاحكام عند احمد وغيره ما طبعت عليه العرب من العادات المستقيمة. ومثل هذا انما يألفه العربي الطيب عند وقوعه على النعت المذكور دون غيره. والمسألة السادسة في قوله وقل الحمد لله وهو في مقابل التسمية بدءا. فيقول بعد فراغه الحمد لله. ومحلها الفراغ من الطعام والانفصال عنه. فاذا فرغ من الطعام كله اكلا او شربا نوعا او انواعا حمد الله عز وجل. والاحاديث الواردة في صيغ الحمد بعد الطعام مختلفة يجمعها حصول الحمد. فهو المأمور به المحقق تلك الفضيلة فاذا قال العبد الحمد لله كفاه. فاذا زاد ما جاء في الوالد كقوله الحمد لله طيبا كثيرا مباركا فيه غير مكفي ولا مكفور ولا مستودع ربنا او غيره من الفاظ الحمد بعد بعد الطعام الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك اكمل. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى الرابع تكلم بطيب القول في خير واخفض صوتك متمهلا في حديثك. وانصت لمن كلمك مقبلا ولا تقاطع ولا تتقدم بين يدي الاكبر بالكلام. ذكر المصنف وفقه الله الادب الرابع من الاداب العشرة وهو يتعلق بادب الكلام. وفيه سبع مسائل. فالمسألة الاولى في قوله تكلم بطيب القول في خير والطيب من القول هو الطاهر السالم من الخبث. والطيب من القول هو الطاهر السالم من الخبث. والخير هو ما رغب فيه شرعا او عرفا. والخير هو ما رغب فيه شرعا او عرفا. والعبد مأمور في منطقه بامرين. هما المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. متفق عليه فاحدنا يؤمر اذا تكلم ان يقول خيرا او ان يحفظ منطقه فلا يتكلم شيء والمسألة الثانية في قوله واخفض صوتك. فالصوت وعاء الكلام الذي يدفع به الى الخلق وخفضه هو الهمس به وترك رفعه. وخفضه هو الهمس به وترك رفعه. فاذا تكلم همس بكلامه ولم يرفع صوته والمسألة الثالثة في قوله متمهلا في حديثك. فاذا تحدث سن له ان يتمهل في حديثه. والتمهل التأني والتؤدة. فيخرج كلامه شيئا فشيئا حتى يتحرز فيما يتكلم به ويعقل عنه حتى حرز فيما يتكلم به ويعقل عنه. فمنفعة التمهل في الكلام امران احدهما حصول احتراز المتكلم في كلامه. فلا يخرج شيئا من الكلام الا وقد وزنه والاخر حصول عقل معنى كلامه حصول عقل معنى كلامه. فيفهم عنه ويدرك ما يريد بكلامه. والمسألة الرابعة في قوله وانصت لمن كلمك. اي بالقاء سمعك وتوجه قلبك اليه. فالانصات المأمور به قدر زائد عن الاستماع قال الله تعالى واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا. فالاستماع القاء السمع للمتكلم. فالاستماع القاء السمع للمتكلم والانصات القاء السمع له وترك الكلام عند كلامه. القاء السمع له وترك الكلام عند كلامه. فالانصات اعلى من الاستماع. وكل ان صاة استماع وزيادة. وليس كل استماع انصاتا وليس كل استماع انصات والمسألة الخامسة في قوله مقبلا عليه اي مشرفا بصورتك الظاهرة من بدنك عليه اعتناء بحقه وحفظا لوده. واكمل الاقبال ما واطأ فيه الباطن الظاهر واكمل الاقبال مواطأ فيه الباطن الظاهر فجمع عليه المسألة السادسة في قوله ولا تقاطع والمقاطعة هي مبادرة المتكلم بالكلام قبل تمام كلامه هي مبادرة المتكلم بالكلام قبل تمام كلامه. فلا يكاد يبين عن مقصوده ولا يفصح عن مراده. والمسألة السابعة في قوله ولا تتقدم بين يدي الاكبر بالكلام. لان الشرع حفظ للكبير حقه. ومنه حقه في الكلام الا يتقدم بين يديه. فلا يشرع من دونه في الكلام فيما قصده لا يشرع من دونه في الكلام فيما قصده. لا ان افترق مبتغاهما. والاكبر هو والمتقدم بالكبر على غيره. والمتقدم بالكبر على غيره. والكبر نوعان احدهما كبر اقدار كالرئاسة والعلم وغيرهما اخر كبر اعمار كبر اعمار ممن يسبق بالسن غيره فالعبد مأمور بتقديم الاكبر بين يديه في الكلام ومنهي عن مسابقته فيه حفظا لحقه لما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم كبر كبر تقديما للاكبر من المتكلمين. فيقدم من عرف كبره بقدر او علم ومن هذا الباب زجر طلاب العلم عن الكلام بين يدي العلماء فان المأمور به شرعا وكل الكلام اليهم. فهو حق ثابت لهم بطريق الشرع وملتمس العلم مأمور بان يستغني بهم لان ذممهم مشغولة بالكلام بيانا عن الشرع وقياما بحق الله. وذمتك وانت دونهم بريئة فاذا بلغت مبلغهم ورمقك الناس بابصارهم واحتاجوا الى علمك فاطلب حينئذ نجاة نفسك بالقيام بحق الله سبحانه وتعالى عليك. نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى الخامس اذا اتيت مضجعك فتوضأ ونم على شقك الايمن واتل اية الكرسي واجمع كفيك واقرأ فيهما سورة الاخلاص والمعوذتين. وانفث فيهما وامسح بهما ما استطعت من جسدك. تفعل ذلك ثلاثا ذكر المصنف وفقه الله الادب الخامس من الاداب العشرة وهو يتعلق بادب النوم. وفيه في ثمان مسائل فالمسألة الاولى في قوله اذا اتيت مضجعك فتوضأ والمضجع هو محل النوم بالليل. فالمعتاد كون النوم ليلا. والعرب اذا اطلقت تريد به محل النوم من الليل. فان الجاري في عادة العرب انها تأوي في نوم الليل الى موضع واحد. واما في نوم النهار فانهم لا يلزمون موضعا واحدا فانهم يسعون في ابتغاء معاشهم وحوائجهم فينامون تارة في النهار في طلب تلك الحوائج في جارة او رعين وتارة يرجعون الى دورهم. فلا يستقرون بمحل مضجع الليل. لان مضجع الليل محل ثقل النوم عادة. فينامون في غيره. والوضوء اذا اطلق المراد به الوضوء الشرعي المأمور به عند الصلاة وغيرها. فاذا اتى احدنا موضع نومه من الليل امر بان يتوضأ وضوءه للصلاة قبل نومه ليلا قصاص اسم المضجع عند العرب بالمقام الذي ينام فيه ليلا. والمسألة الثانية في قوله نم على شركك الايمن اي على جنبك الايمن من جسدك بان يكون مواليا للارض فتطرح نفسك عليها على جنبك الايمن. والمسألة الثالثة في قوله اية الكرسي وهي قوله تعالى في سورة البقرة الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض ما ذا الذي يشفع عنده الا باذنه. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤوده حفظه وهو العلي العظيم. وسمية هذه الاية اية الكرسي لانفرادها بذكر كرسي الالهي. فلم يقع ذكر الكرسي الالهي في القرآن الا في هذه الاية والتلاوة هنا القراءة. فاصل التلاوة الاتباع وتتنوع معانيها بحسب مواقعها من الكلام. ومنها تلاوة القرآن اي قراءته باتباع بعضه بعضا. والمسألة الرابعة في قوله واجمع كفيك. وهما باطن اليد. فكل يد لها كف. هي باطنها. فيجمعهما مضمومتين كهيئة الدعاء بان يصف احداهما جنب الاخرى. بان يصف احداهما جنب الاخرى فتكونان ملتصقتين حذاء بعضهما. والمسألة الخامسة في قوله واقرأ فيهما سورة الاخلاص والمعوذتين. فتقرأ فيهما ثلاث سور سورة الاخلاص قل هو الله احد الى اخرها والمعوذتان وهما قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس الى اخر السورتين. والمسألة السادسة في قوله وانفث فيهما. اي في كفيك دموعتين والنفس هو نفخ مع ريق لطيفة. والنفث هو نفخ مع ريق لطيفة فيكون الهواء المندفع من الفم مصحوبا بريق لطيفة منه والمسألة السابعة في قوله وامسح بهما ما استطعت من جسدك. والمسح هو الامرار فاذا قرأ السور الثلاث ثم نفث في كفيه مسح بكفيه ما استطاع من جسده اي ما يصل اليه عادة دون تكلف. اي ما يصل اليه عادة دون تكلف. على الحال التي هو عليها من الامتداد. فالممتد على ظهره عند ارادة نومه اذا جمع كفيه وقرأ ثم نفث ثم اراد المسح بلغ في المسح فيما يناله بيده عادة من جسده. ولم يتكلف ما يبعد عنه عادة فمن الخطأ الواقع رد شيء من الجسد ابتغاء مسحه. فان من الناس من يرد رجله ثانيا لها. حتى يمسح قدمه. ثم يفعل بيده الاخرى مثل ذلك ويبالغ في امرار كفيه على جسده. وهذا مخالف للوارد في الحديث. فان الوارد في الحديث ان يمسح بهما ما استطاع من جسده اي ما يصل اليه عادة دون تكلف والمسألة الثامنة في قوله تفعل ذلك ثلاثا. اي تكرر قراءة والنفث اسحاق مرة بعد مرة. فتقرأ ثم تنفث ثم تمسح. فهذه واحدة ثم تقرأ ثم تنفث ثم تمسح. فهذه ثانية ثم تقرأ ثم تنفث ثم تمسح. فهذه الثالثة والى الثلاث انتهى عد الوارد من فعله صلى الله عليه وسلم. والنفذ بهؤلاء السور الثلاث له مقامان. احدهما النفس بها عند النوم وهو المذكور هنا والاخر النفث بها عند المرظ النفث بها عند المرظ على نفسه او على غيره. فيقرأ ثم ينفث ثم يمسح. هكذا ثلاثا ثبت هذا في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها. نعم. احسن الله اليكم. قلتم وفقكم الله تعالى. السادس اذا عقست فاغطي وجهك بيدك او بثوبك واحمد الله فان شمتك احد فقال يرحمك الله فقل يهديكم الله ويصلح بالكم. ذكر المصنف وفقه الله الادب الخامسة من الاداب العشرة. وهو يتعلق بادب العطاس. وفيه اربع مسائل. فالمسألة الاولى في قوله اذا عطست فغط وجهك بيدك او بثوبك. والعطاس هو صوت يخرج من الانف مع هواء شديد صوت يخرج من الانف مع هواء شديد. فاذا عطس العبد امر ان يغطي وجهه. لئلا يتناثر اثر عطاسه مما يخرج من انفه فيغطيه بيده او بثوبه ليحصل حبس المتناثر من انفه عند فاما ان يرد ثوبه كعمامة او طرف قميص ونحوه على وجهه له او يمسك بيده على انفه. والمختار كون الامساك باليد اليسرى. لان الخارج عادة عند العطاس هو ايش وهو مستقذر طبعا لا شرعا. لان الخارج عادة عند العطاس هو المخاط وهو مستقذر طبعا لا شرعا. فطباع الناس تنفر من رؤيته واثره وان كان غير مستقدر شرعا. والمستقدرات شرعا او طبعا من الاذى. واليد اليسرى تكون للاذى اما اليمنى فتكون للتكريم. والمسألة الثانية في قوله واحمد الله اي قل الحمد لله. ووقع في الاحاديث النبوية صيغ زائدة على لفظ الحمد. فمن اقتصر على الحمد جاء باقل المأمور به. ومن زاد شيئا مما ورد كان اكمل في الامتثال كالمتقدم في الحمد بعد الطعام. ومن قواعد الديانة ان السنن المتنوعة في المحل الواحد يؤتى بنوع منها تارة وبنوع اخر تارة اخرى ليستعمل العبد جميعا الوارد من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فيتحقق فيه كمال الاتباع ويعظم اجره في احياء السنة وحفظها في الناس. والمسألة الثالثة في في قوله فان شمتك احد فقال يرحمك الله. اي اذا دعا لك احد بعد عطاسك وحمدك الله بان قال لك يرحمك الله. فمن سمع حمد الله قال له داعيا يرحمك الله. والدعاء بالرحمة متعلق بمن بعد عطاسه فان عطس فلم يحمد الله لم يدع له بالرحمة. والمسألة الرابعة في قوله فقل يهديكم الله ويصلح بالكم. ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم والاثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على ان مقصود الشرع وقوع الدعاء اي لا على ان مقصود الشرع وقوع الدعاء باي لفظ فصح عن ابن عمر رضي الله عنه انه كان يقول يرحمنا الله واياكم. ويغفر لنا ولكم. يرحمنا الله واياكم ويغفر لنا ولكم رواه مالك في موطئه عن نافع عنه. وهو من اصح الاسانيد وهو اصل ما اعتاده الناس في هذه البلاد من قولهم يرحمنا ويرحمكم الله. فهذا الدعاء الجاري على السنتهم مروي اصله عن ابن عمر وصح عن ابن عباس رضي الله عنه انه كان يقول يرحمنا ويرحمكم الله. عوضا يهديكم الله ويصلح بالكم. فهذه الاثار وما كان في معناها تدل على ان مقصود الشرع وقوع الدعاء هنا واكمله ان يهديكم الله ويصلح بالكم. فمن دعا بغيره ولا سيما بالاثار الواردة عن الصحابة كان موافقا لمقصود الشرع. فلا يطلق القول بكونها مخالفة. فضلا عن ان يقال انها بدعة فتكاثر هذه الاثار وتنوعها يدل على ان اصل الشرع المقصود في هذا المحل هو الدعاء وحاصل ما تقدم ان اذكار العطاس نوعان احدهما ذكر العاطس وهو الحمد عند عطاسه وهو الحمد عند عطاسه والدعاء لمشمته. بقوله يهديكم الله ويصلح بالكم. او غير ذلك من المأثور عن الصحابة رضي الله عنهم وما كان في معناه. والاخر ذكر سامع العاطس وهو الدعاء له بقوله يرحمك الله. وهو الدعاء له بقوله يرحمك الله. نعم. احسن الله قلتم وفقكم الله تعالى السابع رد التثاؤب ما استطعت وامسك بيدك على فيك ولا تقل اه اه ذكر نصنف وفقه الله الادب السابع من الاداب العشرة وهو يتعلق بادب التثاؤب. وفيه ثلاث مسائل. فالمسألة الاولى في قوله رد التثاؤب ما استطعت. والتثاؤب هو خروج هواء من الفم دون خروج هواء من الفم دون نفخ. فاذا اندفع ذلك الهواء من جوف العبد امر بان يرده. ورده هو حبسه وكتمه. ورده هو وحبسه وكتمه فيكتمه ما استطاع الى ذلك سبيلا. بان يجمع نفسه على انفاسه بان يجمع نفسه على انفاسه حتى لا تتصارع فتخرج على تلك الحال بين الناس والمسألة الثانية في قوله وامسك بيدك على فيك. اي اقبض بيدك الا فيك محكما ثبوتها عليه. لئلا تتمادى فتفخر فاك على وجه مستقبح مستشنع. واكمل ما يستعمل من اليدين هنا ما يناسب الحال فان كان الفم مطيبا ليست فيه رائحة كريهة ولا يتصاعد منه ما يستقذر استعمل يمناه وان كان يخرج منه لعلة او غيرها ما يستقذر ويستقبح مما هو وادم استعمل يسراه. والاكمل استعمال ظاهر اليد. دون باطن الكف. في قلب يده ويضعها على فيه. لئلا تباشر باطن الكف. فان كانت الكف يمنى كان يباشر بها اكله وشربه. فالاولى الا يجعل باطنها على فيه. وان كانت اليسرى كانت احرى بقلب بكفه وان يباشر بظاهرها لئلا يكون في باطنها شيء مما يستقذر من رائحة دفع حاجة وازالتها او نحو ذلك. والمسألة الثالثة في قوله ولا تقل اه اه وهو صوت يصدر اذا تمادى المتثائب في ثغر فيه. فانك تسمع من كبس عليه التثاؤب فاستجاب لداعيه يتوضأ به التثاؤب ممتدا حتى يخرج منه هذا الصوت اه اه او نحوه. ووقع في رواية البخاري ها ها والغالب في حال الناس اه اه وهي رواية ابي داوود. ومثل هذا مما يستقبح يبين بما يدل عليه ادنى دلالة. يعني مثل ما قلنا وارد في الحديث اه اه صار بينة بين بادنى دلالة. والذي لا يفهم يمكن ان ينظر في الناس الى تتثائبوا فيفهم. لكن لا ينبغي ان في البيان بان يقول المبين هكذا ثم يفتح فمه ويرسل هذا الصوت فان هذا من مما يستقبح وبيان الشريعة ينبغي ان يكون على اكمل وجه في القال والحال. فالمبين احكام الشريعة ينبغي ان يتأنق في البيان المعرب عنها. لان الشريعة جاءت بابين الكلام. وكذا اذا بحال بين بحال كاملا دون الوقوع في حال النقص التي يزدري فيها الناس مبينة على تلك الصورة التي يستقبحونها. نعم. احسن الله اليكم. قلتم وفقكم الله تعالى الثامن اذا انتهيت الى مجلس فسلم واجلس حيث ينتهي المجلس ولا تجلس بين الشمس والظل ولا تفرق بين اثنين الا باذنهما لا تقم احدا من مجلسه وفي السحل من دخل واذكر الله فيه واقله كفارته فتقول سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. ذكر المصنف وفقه الله الادب الثامن من الاداب العشرة وهو يتعلق بادب المجلس وفيه ثمان مسائل. فالمسألة الاولى في قوله اذا انتهيت الى مجلس فسلم اي اذا بلغت مجلسا ووصلت اليه فالق السلام على اهله. واكمل القاء السلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كما تقدم بيانه. والمسألة الثانية في قوله واجلس حيث ينتهي المجلس اي اتخذ مكانا لجلوسك فيما انتهى اليه المجلس. فان الناس كانوا اذا جلسوا ضم بعضهم الى بعض ولم تكن العرب يجلس احدها في طرف والاخر في طرف بل كانوا يجلسون متقاربين فاذا جاء احد الى المجلس جلس قريبا مما انتهى اليه المجلس فاذا دخل داخل جلس بعده فاذا دخل داخل جلس بعده فهذا هو المجلس الذي يتحقق به هذا الادب الوارد في السنة. اما المجالس المتفرقة التي صارت عليها حال الناس فليست مما يجري فيه هذا فتجد ثلاثة في مجلس كبير يجلس احدهم غرب ويجلس الاخر جنوبا. فاذا دخل الداخل فلا بأس ان يجلس شمالا. لان المجلس قد تفرق اهله فهو يتخير منه ما شاء اذ لا منتهى له. اما المجلس الذي يصطف فيه اهله متقاربين يجلس بعض ازاء بعض السنة حينئذ ان يجلس الداخل حيث انتهى المجلس اي في اخره مما بلغه مقام جالسين والمسألة الثالثة في قوله ولا تجلس بين الشمس والظل بان يكون بعضك في الشمس وبعضك في الظل للنهي الوارد عن ذلك عند ابن ماجة واسناده حسن روي انه مجلس الشيطان في احاديث لا يثبت منها شيء. فالنهي عنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم واما تعليله بكونه مجلس الشيطان فيروى فيما لا يثبت اسناده. والمسألة الرابعة في قوله ولا فرق بين اثنين الا باذنهما. اي لا تجلس بين اثنين جلس احدهما الى الاخر الا باذنهما. بان تستأذن بقعودك بينهما. فان الاصل ان يجلس احدهما قريبا من الاخر. فاذا اريد الدخول بينهما طلب اذنهما في جلوس فان اسقطاه بمباعدتهما لم يستحقا الاذن شرعا. كان يجلس احدهما الى الاخر في قاعة ونحوها وبينهما مقعدين فارغين او مقعد فارغ فاذا اراد احد ان يجلس فليس لهما حق في الاذن وانما حقهما في الاذن لو كانا متقاربين فليس له ان يطلب من احدهما التنحي ليجلس بينهما. فان اسقطاه بالمباعدة صار المقام مباحا. والمسألة الخامسة في قوله ولا تقم احدا من مجلسه اي بامره بالقيام منه والتحول عنه. فينهى العبد اذا دخل ان يعمد الى جالس في موضع منه ثم يقيمه ليجلس مكانه ما لم يعرف عادة لزومه له ما لم يعرف عادة لزومه له. كمجلس افتاء او اقراء او تعليم فان صاحبه الذي الفه واعتيد جلوسه فيه احق به من غيره. والمسألة السادسة في قوله وافسح لمن دخل اي وسع له. فالافساح التوسعة. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم اي اذا قيل لكم توسعوا في المجالس فتوسعوا يوسع الله عليكم. وتوسيع الله على الجالسين اذا وسعوا نوعان احدهما توسيع حسي. توسيع حسي. بان يطيب لهم المقام. ويجدوا في جلوسهم راحة فلا يضيق احدهم على غيره. والاخر توسيع معنوي. بانس نفوسهم والتذاذهم بجلوسهم. والمسألة السابعة في قوله واذكر الله فيه. وذكر الله شرعا هو حضوره هو حضوره وشهوده في القلب واللسان او احدهما فيحظر ذكر الله في قلب العبد ويشهده تارة وتارة يجري به لسانه وتارة تكمن حاله فيكون لسانه مواطئا لحركة قلبه في اعظام الله واجلاله واحضاره. والمسألة الثامنة في قوله واقله كفارته. فتقول سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اي اقل ما يؤتى به من ذكر الله في المجلس ان يؤتى كفارة المجلس الواردة في الاحاديث النبوية. ولفظها هو المذكور. وسمي كفارة مجلس لان الغالب على مجالس الخلق اشتمالها على اللغط والغلط. لان الغالب على الخلق اشتمالها على اللغط والغلط. فتكون كفارة لما اقترفوه فيها فان كان مجلس خير شرع الاتيان بها وكانت كالخاتم عليه. فان كان مجلس خير شرع الاتيان بها وكانت كالخاتم عليه. صح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم. فمن الخطأ توهم انه لا يؤتى بها الا مع وجود غلط ولغط في المجلس فانه يؤتى بها مطلقا. وجعل لها هذا الاسم ملاحظة لحال الخلق في مجالسهم. نعم. احسن الله اليكم. قلتم وفقكم الله تعالى. التاسع اعطي حقه فغض بصرك وكف الاذى ورد السلام وامر بالمعروف وانهى عن المنكر. ذكر المصنف وفقه الله الادب التاسع من الاداب العشرة وهو يتعلق بادب الطريق. وفيه خمس مسائل. فالمسألة الاولى في قوله اعطي الطريق حقا وهذا هو الاصل الجامع في ادبه. وهو ينتظم فيه ما ذكر بعده وغيره مما لم يذكر. وحق الطريق هو ما ثبت له ولزم الخلق. وما ثبت له ولزم الخلق. وطريق معرفته الدليل الشرعي والعرف المرعي. والادب في الطريق اعطاء حقه اي بذله والقيام به. فما ثبت انه من حق الطريق بطريق الشرع او بطريق العرف لزم بذله والقيام به. ومما يندرج في هذا الاصل المأمور به ما تعارف عليه الخلق من احكام الطريق المقررة في انظمة البلديات. على لا في البلدان فانها من جملة ما ثبت للطريق ولزم السالكين له بطريق وفي المستقل عند الناس. فيكون لازما للعبد لانه من جملة ما يندرج في اعطاء طريق حقه ويعظم هذا اذا تعلق بحفظ حق غيره فانه يكون مطالبا في ذمته بما افسده او اتلفه من حق المسلمين فيه. لانه من الاموال العامة التي يشترك المسلمون في منفعتها. فالاخلال بشيء منها والاظهار به من عدم القيام بحق الطريق. المنهي عنه شرعا. ومن النقص في معرفة احكام الشرع ان كثيرا من المتكلمين في احكامه لا تجاوز مقالاته بيان شيء جاء به الدليل دون تنزيله على الواقع. فكان الادلة صماء لا تستوعب ما يتجدد في احكام الناس. وتضيق عنه. ومن اعمل نظره في احكام الشرع كافة وقف على ما يفي ببيان احكام الشرع فيما يتجدد للناس في ابواب او الاقتصاد او الثقافة او الاجتماعي او غير ذلك. لكن قصور نظر المتكلمين في العلم عن استبانة مكنون الادلة الشرعية سير فينا من يستبيح القبائل سالما لها متوهما ان القيام بذلك فضيلة ويذري على من بها وفاء بحق ما دل عليه الشرع في اصوله وحقائقه وان تجددت صوره وهو متعلقاته فاذا قرأت اية او حديثا فاحسن فهمها بمعرفة ما يندرج فيها مما قرر في كتب اهل العلم وما الحق به مما يتجدد في الناس والعجز عن هذا جعل من المقالات الرائجة الزعم بان المسلمين يفتقرون الى نظام كذا او نظام كذا مما لا توجد في زعمهم اصوله في الشرع. ولو حققوا وكان نافعا لك انت اصوله في فان لم يكن نافعا فان الشرع منه بريء ولا خير فيه للمسلمين وان توهم احد منهم منفعته لهم والمسألة الثانية في قوله فغض بصرك وهذا شروع في تفصيل اعطاء الطريق حقه فمنه غض البصر فيه وهو ادناؤه وحبسه وعدم اطلاقه. فمن ادب الطريق ان فغض بصرك حابسا له مدنيا له غير مرسل بصرك يمنة ويسرة فان هذا فعل مذموم. فان للناس حرمة وقد يبدر من احدهم خلة لا يحب ان يطلع عليها احد فيقبح بك ان تمد بصرك اليهم. زد على هذا ان من امتد بصره كان كمن يمد حبالا يجلب بها الشر اليه. فانه يطلع هنا على شيء وهناك على شيء ويكون في هذا او ذاك شر فيسري الى قلبه بنظره. بخلاف من حبس نظره وادناه وغضه مشى في طريقه حابسا بصره. وفي كتاب التوابين لابن قدامة ان رجلا دخل على احد الصالحين فجلس اليه ثم رفع بصره الى سقف بيته. فذكر له ان سقف البيت يوشك ان يسقط فقال اني لم ارفع رأسي اليه من مدة كذا وكذا. قال ابن قدامة وكانوا يكرهون فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام. اي يكرهون ما يزيد عن الحاجة من النظر كما يكره ما يزيد عن الحاجة من الكلام لانه من اسباب فساد القلوب وهو من موارد عللها على ما بسطه ابن القيم في اغاثة الله فان والمسألة الثالثة في قوله وكف الاذى. والاذى هو ايصال ما يكره. فمن اوصل الى شيئا يكرهه فقد اذى. والعبد مأمور بكف اذاه. اي منعه وحبسه. فلا يتعرض لاحد في الطريق بسوء. والمسألة الرابعة في قوله ورد السلام. اي اجب المسلم عليك اذا القى عليك السلامة. ورد السلام كما تقدم ايش؟ واجب اجماعا. ورد السلام واجب الاجماع نقله ابن عبدالبر وغيره. والمسألة الخامسة في قوله وامر بالمعروف وانهى عن المنكر. فتأمر بالمعروف بالحث عليه والترغيب فيه. وتنهى عن المنكر بالزجر عنه والترهيب منه. وحق الطريق المذكور هنا خمسة انواع. احدها غض البصر. وثانيها كف الاذى. وثالثها رد السلام. ورابعها الامر بالمعروف. وخامسها النهي عن المنكر. وهن مذكورات في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيحين في حق الطريق. نعم. احسن الله اليكم انتم وفقكم الله تعالى العاشر البس الجميل من الثياب وافضلها الابيض. ولا يجاوز كعبيك سفلى وابدأ بيمينك وبشمالك خلعا تمت بحمد الله. ذكر المصنف وفقه الله الادب العاشر من الاداب العشرة وهو يتعلق بادب من لباس وفيه خمس مسائل. فالمسألة الاولى في قوله البس الجميل من الثياب. امرا بلبس الجميل من الثياب. والثياب جمع ثوب. وهو اسم لما يلبس على شيء من البدن كالقميص او العمامة. فكل ما يلبس على البدن يسمى ثوبا. سمي ثوب لانه يثاب اليه. اي يرجع اليه. في لبس مرة بعد مرة. والجميل من الثياب المستحسن شرعا او عرفا. والجميل من الثياب المستحسن شرعا او عرفا ولبسه تغطية البدن او بعضه به تغطية البدن او بعضه به. والمسألة الثانية في قوله الابيض فهو المفضل منها شرعا وطبعا. فالابيض سيد الالوان. فان الشريعة حتى اختارته تقديما في المأمور به مما يتخذ من الثياب. صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال البسوا البياض. والملبوس من البياض ما استحسنه العرف. دون ما استقبحه والعرف يختلف باختلاف الازمنة والامكنة. فمن الممدوح في عرف قطرنا مما يلبسه الرجل عادة بياضا ان يلبس عمامته او ثوبه. دون باشتهي او حذائه فان الناس يستقبحون ذلك فيجري فيما يلبس من البياض فيما جرى العرف مدحه فيه دون ما استقبحه. فان الاعراف ترعى وتجري الاحكام وفقها. والمسألة الثالثة في قوله ولا يجاوز كعبيك سفلى. ذاكرا منتهى الثوب سفلا. وهو الكعبان وهما العظمان الناتئان اسفل الرجل عند ملتقى القدم بالساق وكل رجل لها كعبان في اصح قولي اهل اللغة احدهما باطن والاخر ظاهر. فينتهي لبس الثوب الى الكعبين ومحله حال الاختيار دون الاضطرار. ككون ثوبه يتسفل كعبيه عند نزوله ساجدا او نحو ذلك او كون العمل الذي هو فيه يحتاج عادة الى اسباغ الثياب عليه. كالمشتغلين في الامور الطبية ونحو ممن يضطرون الى ذلك في الاماكن المخصصة للعدوى وغير ذلك. ولم يذكر المصنف منتهاه علوا اذ لا حد له من البدن. فله ان يجعله الى اعلى سرته عند بطنه وله ان يجعله الى اعلى صدره وله ان يجعله الى كتفيه. واقل ما يعلو منه ما لا يتحقق به ستر العورة واقل ما يعلو منه ما يتحقق به ستر العورة كانتهائها الى بالنسبة الى الرجل البالغ. فالرجل البالغ اقل ما يكون علو الثوب على بدنه ان ينتهي الى سرته وهي ليست من العورة. فان انخفض عنها كان ذلك ممنوع نوعا منه شرعا. والمسألة الرابعة في قوله وابدأ بيمينك لبسا. فيقدمها عند لبس الثوب فيما له جهتان يمنى ويسرى. كاليد في قميص والرجل في سراويل ونحوهما اما ما له جهة واحدة كلبس شيء في وجه او رأس فلا يدخل في هذا. فمن بعد ان يلبس شيئا على رأسه القاه ولم يتعمد طلب جهة منه لانها لا تتميز عن غيرها في اللبس بخلاف ما تقابل كيد او رجل فيبدأ باليمنى. والمسألة الخامسة في قوله وبشمالك خلعا. فتقدمها فعند خلع الثوب فيما له جهتان يمنى ويسرى دون ما له جهة واحدة كما تقدم. ثم ختم المصنف بقوله تمت بحمد الله. لان الحمد كلمة الشكر. وحمد الله مأمور به عند رؤية نعمه ومنها تمام التصنيف من المصنفين. وهذا اخر البيان على هذه النبذة من العشرة وهي طليعة لما وراءها من الاداب. تستدعي بما ادركت من احكامها الى باب الاداب وعدم اغفاله فان نقص الاداب علما وحالا نقص في العبودية علما وحالا كمال في العبودية. وهي من وظائف العبودية اللازمة في مبادئ الاقبال على الله سبحانه وتعالى فينبغي ان يتحرى ملتمس العلم خاصة والمسلم عامة معرفة الاداب والقيام بها واجزت لكم رواية هذا الكتاب عني واذا طبعناه ان شاء الله تكتبون طبقات السماع فيه