فاصل واعلم ان الله امر بلزوم الجماعة ونهى عن التفرق. وقد توعد الله من اتبع غير سبيل المؤمنين. وخير الدنيا والاخرة في لزوم الجماعة ومن فارقها فمات فميتته جاهلية. وامرنا بلزوم الجماعة لحمد عاقبة لزومها. مع فقد العبد فيها وسوء عاقبة الفرقة مع حصوله عقد المصنف وفقه الله فصلا اخر يدعو فيه الى مزعا اخر من خير المساعي وهو ان الله امرنا بلزوم الجماعة ونهانا عن التفرق فقال واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. وقال تعالى ولا تكونوا من المسرفين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون. ثم قال وقد توعد الله من اتبع غير سبيل المؤمنين اي اخذ في طريق غير طريقهم. فمن اخذ في طريق غير طريقة جماعة المسلمين فان الله سبحانه على توعده فقال ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. ثم قال وخير الدنيا والاخرة في لزوم الجماعة. اي ما يناله الخلق من خير عاجل او اجل مرهون بلزوم العبد لجماعة المسلمين ولاجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بالجماعة واياكم فرقة رواه احمد وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصححه ابن حبان والحاكم. واذا عدل العبد عن عن سبيل المؤمنين وخرج عن جماعتهم فقد توعده الله سبحانه وتعالى بان يوليه ما تولى وان يسليه جهنم مصيرا ومن جملة ما توعد به ما ذكره المصنف في قوله ومن فارق الجماعة فمات فميتته جاهلية. اي توافق موطئ اهل الجاهلية اي توافق حال موت اهل الجاهلية فان اهل الجاهلية كانوا يأنقون من الاجتماع كانوا يأنفون من اجتماع لما جبل عليه العرب من الحمية والانفة والاستبداد بنفسه ورأيه. فجاء الشرع بخلاف ذلك فتوى الى الجاهلية دليل على قبحها وبشاعتها وحرمتها. فكل ما نسب الى الجاهلية من قول او فعل او اعتقاد انه محرم. ثم قال وامرنا بلزوم الجماعة بحمد عاقبة لزومها مع فقد العبد محبوبه فيها عاقبة الفرقة مع حصوله. فالعبد امر بلزوم الجماعة لان عاقبة بقائه فيها خير له من ان يحصل مطلوبه مع الفرقة فان من حصل مطلوبه مع الفرقة لن يفرح به. فان من حصل مطلوبه مع الفرقة لم يفرح به. فمن نادى مالا او منصبا او رئاسة. حال فرقة الناس فانها تكون غصة في حلقه فان القلب اذا صار شجر مدر مما يتجدد بين الناس من النزاع والفرقة والخلاف ولن يطمئن فعند لا يهنأ بمنام ولا بمطعم ولا بمشرب. فحين اذ فقد الانسان شيئا مع لزوم جماعة خير له من ان يذوق علقما عند انفلات امر جماعة المسلمين. والمرء لا يلحظ في دينه المصالح الخاصة لكنه يلحظ المصالح العامة للمسلمين اجمعين. فهو اذا فاته في ذات في شيء فقد ادرك مع جماعة المسلمين اشياء. والمؤمن العاقل لا تحمله نفسه على ان يطلب ما له في اضاعة مال المسلمين. ولما كان الامام احمد رحمه الله رجلا مؤمنا عاقلا واصابه ما اصابه من ثم المعتصم اراده الناس واجتمع اليه الفقهاء على الخروج بالسيف. فقال رحمه الله ان الدماء الا الدماء. يعني ان امر الدخول في في شيء يجب على المسلمين سفك الدماء بينهم شيء عظيم. ولئن فقد الانسان شيئا من الدنيا يختص به مع بقاء مال المسلمين في جماعتهم لهو خير له وللمسلمين في الدنيا والاخرة. ومن فاته شيء في الدنيا ادركه عند الرب سبحانه وتعالى الذي لا يظلم عنده احد. نعم