هذا هو الدرس الثالث من الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر. في سنة الاولى سنة ثلاثين بعد الاربع مئة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن جماعة رحمه الله. وقد انتهى بنا القول الى قوله رحمه الله تعالى وصف واعلم ان جميع ما ذكر من فضيلة العلم والعلماء. اقرا محمد بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللمؤمنين. قال المؤلف رحمه الله تعالى فصل واعلمن جميع ما من فضيلة العلم والعلماء انما هو في حق العلماء العاملين. الابرار المتقين الذين قصدوا به وجه الله الكريم والزوفى لديه في جنات النعيم لا من طلبه بسوء نية او خبث طوية. او لاغراء دنيوية من انه مالن ومكاثرة بالاتباع والطلاب. فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طلب العلم ليماري به سفهاء ويكافر به العلماء ويصرف به وجوه الناس اليه ادخله الله النار. اخرجه الترمذي. وعنه الله عليه وسلم من تعلم علما لغير الله او او اراد به غير وجه الله فليتبوأ مقعده من النار. رواه الترمذي وروي من تعلم علما ما ابتغى به وجه الله لا يتعلمه الا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد في الجنة يوم القيامة اخرجه ابو داوود. وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اول الناس يقضى عليه يوم القيامة وذكر الثلاثة. وفيه رجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن اوتي به فعرفه نعمه فعرفها. قال فما عملت بها؟ قال تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت لكن تعلمت ليقال عالم وقرأت لي وقال قارئ فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار. اخرجه مسلم والنسائي. وعن حماد بن سلمة من طلب الحديث لغير الله تعالى مكر به وعن بشر اوحى الله تعالى الى داوود. لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا صدك بسكره عن محبتي. اولئك قطاع الطريق على عبادي. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من سياق الاية والاحاديث والاثار الدالة على فضل العلم والعلماء عقد فصلا ارشد فيه الى ان هذه الفضيلة مختصة بالعلماء العاملين الابرار المتقين الذين قصدوا به وجه الله الكريم الى اخر ما ذكر. وظاهر وكلامه يوهم ان الفضائل المذكورة مختصة بالعلماء دون المتعلمين. لقوله انما هو في حق العلماء العاملين الابرار المتقين الى اخر كلامه. والمحقق ان الاجور والفظائل المذكورة انما تحصل للعبد بشرطين اثنين. احدهما يتعلق بما يطلب وهو ان يكون من علم الشريعة فان الفضائل المذكورة والمناقب المأثورة التي تقدمت انما تختص بعلم الشريعة هو العلم الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وما دار في فلكه ملحق به. فاصل العلوم هو علم القرآن والسنة وما كان خادما لها فهو ملحق بها. وما كان اجنبيا عنها فهو ممنوع منها والثاني شرط يتعلق بقصد الطالب نفسه وهو ان يكون الحامل له على طلب العلم ابتغاء لوجه الله عز وجل لا يريد بذلك شيئا من اعراض الدنيا ولا اغراضها. فمتى وجد الشرط المذكوران فان الفضائل السابقة متحققة في حق هذا العبد الذي يطلب شيئا من الشريعة قاصدا وجه الله سبحانه وتعالى فله تلك الفضائل دون غيره. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى في الباب احاديث عدة اولها حديث من طلب العلم يماري به السفهاء الحديث وعزاه الترمذي والثاني حديث من تعلم علما لغير الله الحديث وعزاه الى الترمذي ايضا. وهذان حديثان ضعيفان ثم اتبعهما بحديث ثالث صدره بقوله وروي وعزاه الى ابي داوود وقد اخرجه ابن ماجة ايضا من الستة واسناده حسن. وروي ليست موضوعة عند اهل العلم للدلالة على ضعف الحديث فقط كما شهر عند المتأخرين بل ربما ارادوا بها تعداد المروي او ذكره كما يفعل ذلك ابو عيسى الترمذي فانه اذا ذكر في الباب حديثا قال متبعا له شواهده قال وروي عن ابي هريرة وعائشة وابن عمر وامثال هذا في كلام ابي عيسى الترمذي كثيرة وقد يريدون بذلك ذكرى المروي كما فعل ها هنا فانه قال وروي من تعلم علما اراد بذلك ذكر المروي. وهذا الحديث الحسن وهو قوله صلى الله عليه وسلم من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه الا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة فيه بيان عقوبة من تعلم شيئا من علوم الشريعة وهي علوم الاخرة وقصده بها غير وجه الله بل يقصد اصابة عاظ من اعراض الدنيا فعقوبته عدم وجدان عرف الجنة اي رائحتها يوم القيامة. وهذا من احاديث الوعيد وقاعدة اهل السنة والجماعة فيها بها لارادتي التخويف والتحذير ولا سيما في مثل مقامات تأديب النفوس وتهذيبها ومن ذلك هذا تاب ثم اتبعه بحديث رابع وهو حديث ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان اول الناس يقضى عليه يوم القيامة وذكر منهم ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فاوتي به فعرفه نعمه فعرفها اي عرفه الله ونعمه فعرفها ثم قال له فما عملت فيها؟ قال تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن. قال كذبت لكن ليقال عالم وقرأت ليقال قارئ فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار. وفي فيه ذكر عقوبة فانية من العقوبات المتوعد بها في حق من طلب العلم لغير الله سبحانه وتعالى واشد شيء على ملتمس العلم ان يكون اول الناس ممن يقضى عليه يوم القيامة احدهم رجل تعلم العلم لكنه خرج بذلك عما امر الله عز وجل به من ابتغاء وجهه والدار الاخرة فعوقب بنقيض قصده وسحب على وجهه حتى القي في النار. وانما سحب على وجهه لانه اراد غير وجه الله. فلما اراد تغير وجه الله كان الجزاء ان يسحب على وجهه على ارادة الاهانة والذلة. فان اشد الاهانة للعبد ان يسحب على وجه فلما كان القصد متعلقا بصرف الوجه عن الله سبحانه وتعالى كان الجزاء ان يسحب وجه العبد على ان يسحب العبد على وجهه حتى يلقى في نار جهنم. وعزاه المصنف رحمه الله تعالى الى مسلم وزاد النسائي جادة اهل العلم في الاحاديث المخرجة في الصحيحين كليهما او احدهما الاكتفاء بهما دون زيادة عليهما الا لنكتة مقتضية لذلك. فاذا كان في غير الصحيحين زيادة لفظة او التنبيه على تفسير لفظة او بيان شيء مما يتعلق بالاسناد زيد العزو الى خارج الصحيحين ونبه على المراد من زيادة العزم. وهذا مما لم يتفق للمصنف رحمه الله تعالى فانه ذكر النسائي ولم على مقصوده من الزيادة. والى هذه القاعدة اشرت بقولي كل حديث للصحيحين انتما كل حديث للصحيحين انتما فعزوه اليهما تحتم كليهما او واحد ولا يزاد كليهما او واحد ولا يزاد سواهما الا لمعنى سواهما الا لمعنى يستفاد. ومن ادمن النظر في تصرفات اهل العلم وجد ذلك وانظر في تصرفات الحافظ بن حجر في بلوغ المرام تجد صدق ما ذكرت لك. ثم اتبع المصنف رحمه الله تعالى هذه الاحاديث باثر حماد بن سلمة الامام المشهور قال فيه من طلب الحديث لغير الله تعالى مكر به اي اخذ بحيلة على حين غفلة. فان المكر يشتمل على الاخذ بحيلة انما يقع على وجه المقابلة كما قال الله عز وجل ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين. في اية اخرى. وطالب العلم لغير الله سبحانه وتعالى مستحق لمعاقبته بجنس ما امتطاه من قصد فيعاقب بمثل ما ذكر حماد رحمه الله تعالى. ثم ختم الفصل باثر قال فيه وعن بشر. وبشر حيث اطلق المراد به بشر ابن الحارث الحافي الزاهد المشهور رحمه الله تعالى. وقد ذكر شيئا من اخبار نبي الله داود عليه الصلاة والسلام. ولم تزل طريقة من سلف ذكر الاخبار المروية عن انبياء بني اسرائيل من قبيل التحديث عنهم. ومن هذا هذا الاثر الذي ذكر فيه بشر قوله اوحى الله تعالى الى داوود عليه الصلاة والسلام ان قال له لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا فيصدك بسكره عن محبة اولئك قطاع الطريق على عباده. ووجه ايراد هذا الاثر بيان شؤم وشرر من طلب العلم لغير الله سبحانه وتعالى ولو بلغ رتبة العالم فانه اذا فتن صارت له سكرة يقطع بها الطريق عن الله سبحانه وتعالى. وهذا الشكر الذي يحل بالعالم المفتون ليس المراد به زوال العقل حقيقة وانما المراد به زوال العقل حكما فانه لا قالوا في الصورة الظاهرة ذا عقل لكنه في الحقيقة قد زال عقله باعتبار ما ال اليه امره من تعظيم الفتنة في قلبه. والفتنة المرادتها هنا هي فتنة القلب. وهي بما يعتريه من امراض الشهوات والشبهات فان المرء عالما او غير عالم يفتن بهذه الامراض واشد الخلق فتنة هم المنسوبون الى العلم. فان العالم اذا زل واخل ضل واضل. ولذلك صار بمنزلة قاطع الطريق فان قاطع الطريق من السواق يسلب الناس اموالهم. وقضى قاطع الطريق من العلماء المفتونين يسلب الناس اديانه ومن مليح الوصايا في الحديث المسلسل في الاثر المسلسل بالتوديع الذي اخرجه الحميري تلميذ ابن حزم في اخر جزءه وفيه اشعار واثار واحاديث وفيه اخره وفي اخره ان ازهر سمان وصى ابا نواس الشاعر المعروف فقال له في وصيته واحذر ثلاثا الرفيق وضجر الطريق وقطاع وضجر الصديق وقطاع الطريق. وجعل هذا اخر لفظة في كتابه. واشد قطع الطريق قطع الطريق الموصل الى الله سبحانه وتعالى. فان الطريق يراد به مستقيم وقطاع الطريق هم الذين يصدون عن الله سبحانه وتعالى. ومن جملتهم العلماء المفتونون وهؤلاء كما سبق تارة يفتنون بشهوة وتارة يفتنون بشبهة. وهذا الامر قد عظم باخره والتبس على الناس دينهم لما تصدر جملة من هؤلاء العلماء المفتونين فتكلموا في امور الدين تارة يتكلمون بما يرضي الحاكمين. وتارة يتكلمون بما يرضي المحكومين ومن الناس من يظن ان العالم المفتون هو الذي يتكلم لاجل الحاكم فقط. وفي الحقيقة ان من العلماء المفتونين من يتكلم لاجل الناس فقط واعتبر هذا في امر محرم كالاختلاط. فان من العلماء المفتونين من يتكلم في مراعاة بزعمه لضرورة العصر ومقتضياته. واخر يتكلم في تحريمه لكنه مفتون. لانه انما تكلم في تحريمه لاجل ارادة موافقة مرادات الناس في الظغط على حاكم ما ولا ادل على ذلك من انه يبش ويضحك ويجلس الى رجال يقيمون اجتماعات مختلطة مع النساء في الجمعيات الاسلامية. والكلام في الجمعيات الاسلامية من جهة الاختلاط كالكلام في الجامعات المدنية من من جهة الاختلاط. والتفريق بينهما دال على هوى. فينبغي ان يعرف طالب العلم خاصة ضرر العلماء المفتونين وانه ليس مناط الفتنة الدوران مع الحاكم بل من اعظم الفتنة في زماننا هذا الدوام قالوا مع المحكومين ايضا بما يسمى بالرأي العام والخيار الشعبي والنمط الديمقراطي وغير ذلك من منظومة الكلام المعروفة بهذا الباب. والنجاة من هذا ان يراقب الانسان ربه دائما. ولا يلتفت الى احد من الحكام ولا احد من المحكومين فان الله سبحانه وتعالى سيقيمه ويسأله ولا يكون له ناصر من حاكم ولا محكوم هذا مضى من مضى من اهل العلم والفضل والنبل في ازمنة الفترات وغلبة الجاهلية وارتفاع الويتها في كل بلاد من بلاد المسلمين واعتبر هذا بزمان شيوع الشيوعية وانتشار القومية وما هذه الفترة الا نظير لهما فينبغي ان يعرف العبد منزلته في السير الى الله سبحانه وتعالى وان يراقب الله سبحانه وتعالى والا يكون دائرا مع مع الخلق في نصب الحق بل يكون دائرا بالحق مع الحق الى الحق. فلا يراقب الا الله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم. الباب الثاني في ادب العالم في نفسه ومراعاة طالبه ودرسه. وفيه ثلاثة فصول تقدم هذا الباب بترجمة اخرى. فقد سبق ان المصنف لما سرد ابواب هذا الكتاب وعد الباب الثاني قال ابو الثاني في اداب العالم في نفسه ومع طلبته ودرسه. والتراجم التي قدمها المصنف رحمه الله تعالى في ديباجة الكتاب افضل من التراجم التي نثرها في اثنائه. وابن جماعة كان معدودا من العلماء المبرزين في العقليات وجادة العقل تقتضي دوام السلوك على من انتهجه المرء فاذا ذكر الانسان في ديباجة في كتابه شيئا فينبغي له ان يلتزمه في اثنائه. لكن حكم الله عز وجل على المخلوق بالسهو والنسيان والنقص يوقعه وفي مثل هذا نعم. احسن الله اليكم. الفصل الاول في ادابه في نفسه وهو اثنا عشر نوعا. النوع الاول الدوام مراقبة الله تعالى في السر والعلانية والمحافظة على خوفه في جميع حركاته وسكناته واقواله وافعاله فانه امين على ما اودع من العلوم وما منح من الحواس والفهوم. قال الله تعالى لا تخونوا الله والرسول تخونوا اماناتكم وانتم تعلمون. وقال تعالى لما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشون. قال الشافعي وليس العلم ما حفظ. العلم ما نفع لذلك دوام السكينة والوقار والخشوع والورع والتواضع لله والخضوع. ومما كتب مالك بن الرشيد رضي الله عنهما فاذا علمت علما فليقل يرى عليك اثره وسكينته وسنته ووقاره وحلمه. لقوله صلى الله عليه وسلم العلماء ورثة الانبياء. وقال عمر رضي الله عنه تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والوقار. وعن السلف حق على العالم ان يتواضع لله في سره وعلانيته. ويحترس من نفسه ويقف عما اشكل عليه. لما المصنف رحمه الله تعالى ان هذا الباب ينتظم فيه ثلاثة اصول شرع يبين ما يتعلق بالفصل الاول وهو الاداب التي تتعلق بالعالم في نفسه وقد جعلها اثنا عشر نوعا. اولها دوام مراقبة الله تعالى في السر العلانية والمقصود بمراقبة الله ملاحظته عز وجل التي ارشد اليها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المخرج في الصحيحين من حديث ابي هريرة وفي صحيح مسلم من حديث عمر وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما سأله عن الاحسان اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. فينبغي ان انا العبد مناط قلبه دوام شهود الله سبحانه وتعالى. وان غبي عليه حال الشهود فليجعل نفسه في منزلة المراقبة وليشهد قلبه ان الله سبحانه وتعالى مطلع عليه شاهد عليه محيط به. فان القلب عمر بهذا المعنى كان العبد مع الله عز وجل. واذا كان العبد مع الله وجد سر الحياة. واذا حبس القلب عن الله سبحانه وتعالى الا فقد اعظم اسباب حياته فقسي قلبه وكان مآله تلين قلبه بالنار فان النار لم تجعل الا لتليين القلوب القاسية وان احق الناس بدوام مراقبة الله سبحانه وتعالى من وهبهم الله عز وجل العلوم وانواع القدر من الحواس والفهوم فانما يتبوأه الانسان من نعمة يخوض فيها انما هي امانة ائتمنه الله سبحانه وتعالى عليها. وقد قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تكونوا الله والرسول وتخونوا امانتكم وانتم تعلمون. ومن الامانات التي اودعت عندك ما منحك الله سبحانه وتعالى من علم وفهم. فحق القيام باداء هذه الامانة بان تراقب الله سبحانه وتعالى فيها ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى في ذكر احبار اهل الكتاب قال بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فان الله سبحانه وتعالى وكل حفظ كتابهم اليهم ولكنهم ضيعوه وخانوا امانة الله سبحانه وتعالى فيه كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى ان الله عز وجل استحفظ اهل الكتاب كتابا فضيعوه وتكفل بحفظ القرآن فحفظه. ثم قرأ قول الله سبحانه وتعالى بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء آآ وقرأ قول الله عز وجل انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. فكتاب اهل الكتاب وكل اليهم حفظه فاضاعوه وكتابنا نحن اهل الاسلام تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه فلا يزال محفوظا حتى يرفع من الارض ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى قول الشافعي ليس العلم ما حفظ العلم ما نفع اي ما اثمر في قلبك خشية الله سبحانه وتعالى ونظير هذا ما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال العلم خشية الله وذكر الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في ترجمة معروف انه ذكر عند احمد فقال له ابنه عبد الله انه كان قليل العلم. فقال الامام احمد وهل يراد من العلم الا ما ما كان عند معروف وقال في رواية كان معه اصل العلم خشية الله فالمراد من العلم ما نفعك وقربك الى الله سبحانه وتعالى. وانما يقع هذا بدوام مراقبة الله عز وجل. ومن جملة ما يتعلق بهذا دوام والوقار والخشوع والورع والتواضع لله والخضوع له. وقد فرق اهل العلم رحمهم الله تعالى بين السكينة والوقار جعلوا السكينة متعلقة بالصورة المتعدية كالحركات وجعلوا الوقار متعلقا بالصورة كغض البصر وخفض الصوت وهما مأمور بهما عند السعي الى الصلاة وكذلك يؤمر بهما عند الى صلاة القلب وهي طلب العلم. ثم ذكر كلاما لمالك رحمه الله تعالى في هذا المعنى قال فيه داعين علما فليرى عليك اثره وسكينته وسمته ووقاره وحلمه. لقوله صلى الله عليه وسلم العلماء ورثة الانبياء. اي فانت في مقام عظيم لانك وارث للنبي صلى الله عليه وسلم فينبغي لك ان تتشبه بحاله. ثم اتبعه بقول عمر تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والوقار ثم ختم بقوله وعن السلف حق على العالم ان يتواضع لله في سره وعلانيته ويحترس من نفسه ويقف عما اشكل عليه. ومعنى يحترس من نفسه اي يكون في صيانة لها من الخواطر تهجم عليها فان خواطر النفس من اشر الشروق واعدى الاعداء نفسك التي بين جنبيك ومن مقامات صيانة القلب حراسته من الخواطر التي تعرض له فمتى استقرت فيه اضرت به. نعم احسن الله اليكم. الثاني ان يصول العلم كما صانه علماء السلف. ويقوم له بما جعله الله تعالى له من العزة والشرف فلا يذله بذهابه ومشيه الى غير اهله من ابناء الدنيا بغير ضرورة او حاجة. او الى من يتعلمه منه منه او من او الى من يتعلمه منه منهم. وان عظم شأنه وبرع قدره. قال الزهري هو ان العلم ان يحمله العالم الى بيت المتعلم. واحاديث السلف في هذا النوع كثيرة. وقد احسن القائل وهو القاضي ابو الحسن الفرجاني ولم ابتذل في خدمة العلم مهجتي. باخذ من لاقيت لكني اخدم. ااشقى به غرسا واجنيه اذا فاتباع الجهر قد كان احزما. ولو ان اهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس فايه؟ ولو عظموه في النفوس لعظم. لعظم فتح العين ولو عظموا في النفوس لعظم. فان دعت حاجة الى ذلك او ضرورة او اقتظته مصلحة راجحة على مفسدة على مفسدة بذله على مفسدة بذله وحسنت فيه نية فلا بأس به ان شاء الله تعالى. وعلى هذا يحمل ما جاء عن بعض ائمة السلف من المشي الى الملوك وولاة الامر كالزوري شافعي وغيرهما لا على انهم قصدوا بذلك فضول الاغرار الدنيوية. وكذلك اذا كان المأتي اليه من العلم والزهد المنزل بمنزلة العلية والمحل الرفيع فلا بأس بالتردد اليه افادته. فقد كان سفيان الثوري يمشي الى ابراهيم ابن ادهم ويفيده وكان ابو عبيد يمشي الى علي ابن المديني الى علي ابن مديني يسمعه غريب الحديث ذكر المصنف رحمه الله تعالى نوعا ثانيا من اداب العالم في نفسه هو صيانة العلم والمراد بصيانة العلم حفظه عن كل ما يخالفه. وكل من درج من الافراد في هذا المعنى فالقيام به هو من صيانة العلم فلا بد ان يجتهد صاحب العلم في حفظه من كل ما يخالفه. ومن جملة ما يخالف العلم حمله الى غير اهله فان من اضاعة العلم حمله الى غير اهله وتعليمه لمن لم يكن له اهلا وهذا معنى ما ذكره الزهري رحمه الله تعالى واورد المصنف رحمه الله تعالى قطعة من القصيدة الشهيرة من رائق الشعر لابي الحسن علي ابن عبدالعزيز الجورجاني رحمه الله تعالى وهي قصيدة مشهورة من احسن ما نضبه اهل العلم في عزة العلم وصيانته. وامثل رواياتها الصحيحة ما ذكره السبكي في طبقاته. واورد بعض متأخري الادباء سياقا لها نافعا خمسين بيتا لكن المعروف في كتب المتقدمين الذين نقلوها انما هي عشرة ابيات وفيها ولو ان اهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظم. وقد ذكر السبكي في معيد النعم ومبيد للنقم ان الرواية هي بفتح العين وتشديد الظاء مفتوحة وبين ان آآ الشاعر لو قال لعظم لكان اولى لان العلم في نفسه معظم ولكن المراد تحصيل تعظيمه عند الناس ولكنها رواية البيت هو على هذا النسق الذي ذكرت لك وبعده في اخر القصيدة ولكن اهانوه فهان ودنسوا محياه بالاطماع حتى تجهما. وعسى ان يتهيأ ياء جمع او طباعة الابيات التي اوردها السبكي وقراءتها في درس قادم ان شاء الله. ثم ذكر بعد ذلك ما يؤذن فيه بحمل العلم الى المتعلم وحاصل ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى ان حمل العلم الى المتعلم يكون بشرطين اثنين. اولهما وجود حاجة او ضرورة داعية او مصلحة مقتضية وثانيهما صلاح النية وسلامة القصد في حمل العلم اليه. ومما يندرج في هذا الجنس في زماننا حمل العالم العلم الى مقاعد التدريس في المدارس والمعاهد والكليات فان هذا من جنس حمل العلم الى المتعلمين. والحاجة دعت الى ذلك لان ترتيب التعليم على هذا النسق صار هو المعمول به منذ قرون. فلا بأس حينئذ لكن لابد من تصحيح النية وتحسينها وان يكون المراد هو تبليغ العلم وبثه ونشره. ثم ذكر ان مما يتأكد فيه وجود الشرطين السابقين اذا كان الماتي واليه من اهل العلم والزهد التام والمحل الرفيع فلا بأس بالتردد اليه لافادته كما جرى على ذلك جماعة من السلف ذكر منهم المصنف رحمه الله تعالى ذهاب سفيان ذهاب سفيان الثوري الى ابراهيم ابن ادهم يفيده وذكر ايضا مشي ابي عبيد الى علي بن المدين يسمعه غريب يسمعه غريب الحديث وهدى اخر التقليل على هذا الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين