السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله جعل طلب العلم من اجل القربات. وتعبدنا به طول الحياة الى الممات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا هو الدرس السادس في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد بن ابراهيم في جماعة رحمه الله. ويتلوه شرح الكتاب الثاني وهو كتاب بلوغ جل المقاصد للعلامة عبدالرحمن بن عبد الله البعلي ويتلوه شرح الكتاب الثالث وهو فتح الرحيم لعلامة عبدالرحمن بن سعدي وقد انتهى بنا القول في الكتاب الاول في الفصل الاول منه في تعداد اداب العالم في نفسه الى قول المصنف العاشر دوام الحرص. نعم. احسن الله اليك وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى العاشر دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد والمواظبة على وظائف الاوراد من العبادة والاشتغال والاشغال قراءة واقراء ومطالعة وفكرا وتعليقا وحفظا وبحثا ولا يضيع شيئا من اوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل الا بقدر الضرورة من اكل او شرب او نوم او استراحة لملل او اداء حق زوجة او زائر او تحصيل قوت وغيره مما يحتاج اليه او لالم من او غيره مما يتعذر معه الاشتغال فان بقية عمر المؤمن لا قيمة له. ومن استوى يوماه فهو مغبون. وكان بعضهم لا يترك الاشتغال لعروض مرض خفيف او الم لطيف. بل كان يستشفي بالعلم ويشتغل بقدر الامكان كما قيل تداوينا بذكركم ونترك الذكر اجلالا فلننتكس. هذا غلط اللي اثبته احيانا هذا اثبته في الحاشية قال احيانا الصوب احيانا اذا مرضنا تداوينا بذكركم ونترك الذكر احيانا فننتكس. وذلك لان درجة العلم درجتها ووراثة ولا تنالوا المعاني الا بشق الانفس. وفي صحيح مسلم عن يحيى ابن ابي كثير قال لا يستطاع العلم براحة الجسم. وفي الحديث لحقت الجنة بالحفة الجنة بالمكاره. وكما قيل ولابد دون الشهد من ابر النحل. وكما ولابد دون الشهد من ابر النحل وكما قيل لا تحسب المجد تمرا انت اكله لا تبلغ المجد حتى وقال الشافعي رضي الله عنه حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل دون طلبه واخلاص النية لله تعالى في ادراك علمه نصا واستنباطا. والرغبة الى الله تعالى في العون عليه فقال الربيع لم ارى الشافعي رضي الله عنه اكلا بنهار ولا نائما بليل لاشتغاله بالتصنيف. ومع ذلك فلا يهمل نفسه فوق طاقتها كي لا تسأم وتمل. فربما نفرت نفرة لا يمكنه تداركها. بل يكون امره في ذلك قصدا كل انسان ابصر بنفسه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادبا عاشرا من اداب العالم في نفسه طاعاته طالبه ودرسه وهو دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد فيما هو مقبل عليه من العمل والعلم. واشار المصنف رحمه الله تعالى الى العمل بقوله والمواظبة على وظائف الاوراد من العبادة اشار الى العلم بقوله والاشتغال الاشتغال قراءة واقراء ومطالعة. والاشتغال والاشغال يطلقان عند اهل العلم رحمهم الله تعالى يريدون بهما ممارسة العلم والتعليم. ولذلك تجد في التراجم وكان يشتغل في المدرسة الصالحية او غيرها من مدارس الاوقاف السابقة. ومرادهم بالاشتغال اقباله على تعليم بالخلق ودوام التعلم. وهذه هي الحال التي ينبغي ان يكون عليها العبد. ذلك ان الله سبحانه وتعالى امر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يسأله الزيادة من شيء واحد وهو العلم كما قال تعالى وقل رب زدني علما وكفى بالعلم شرفا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بسؤال ربه الزيادة من شيء الا من العلم كما ذكر هذا المعنى ابو محمد سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى ومقتضى سؤال الزيادة ان يديم العبد حرصه على تلمس العلم وطلبه قراءة واقراء ومطالعة وفكرا وتعليقا وتصنيفا وتأليفا وبحثا وتعليما ان يحفظ وقته فلا ينفقه في غير هذا المطلب العظيم. لانه وراثة النبوة. واذا كانت هذه الدرجة هي درجة وراثة كما اشار المصنف رحمه الله فانه ينبغي ان ينفق العبد قوته وقوته ووقته في التماسها وطلبها ولا يصرف شيئا من وقته الا في ضرورة مقتضية او حاجة داعية. كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى مثلا منها الا بقدر الضرورة من اكل او شرب او نوم او استراحة لملل او اداء حق زوجة او زائر او تحصيل قوت وغيره مما نحتاج اليه او لالم او غيره مما يتعذر معه الاشتغال. فاذا ورد على العبد ضرورة مقتضية او حاجة داعية ترك ما هو فيه من شغل بالعلم لاجله. فاذا انفك عنه رجع الى الاشتغال بالعلم. وعلة ذلك ما ذكره المصنف بقوله فان بقية عمر المؤمن لا قيمة له. ومن استوى يوماه فهو مغبون. لان عمر المؤمن ينبغي ان معمورا باداء حق الله وحق خلقه. واعظم ما يتعلق به تحصيل حق الله وحق خلقه هو العلم. فان الانسان اذا كان له علم امكنه ذلك من اداء ما فرض الله عز وجل عليه من حقه سبحانه وتعالى وحق خلقه. ومن استوى يوم او في نهاره وليله فهو مغمون. فاذا استوى طرفا النهار في حق العبد فهو مغمون كما قبل فاذا لم تغلب الفائدة والمنفعة على يومه والا فقد فاته حظه. فالمرء بين الليل والنهار اما ان يكون جل العمل لنفسه مكتسبا للحسنات واما ان يكون بضد ذلك. واذا استوى فقد حق له الخسر. فكيف اذا كان الاشتغال بالبطالة العمل السيء هو اكثر وقته. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان بعضهم كان لمزيد محبته للعلم. والتماسه لا يترك الاشتغال لعروض مرض خفيف او الم لطيف. بل اذا ورد عليهم شيء من هذه الالام فصبروا وتجلدوا لانهم يرون انهم في مقام مجاهدة. وانما يتميز المجاهدون بالصبر. فاذا مرض الانسان بوعكة يسيرة مرض خفيف كان اللائق به ان يحمل نفسه على التجمل بالصبر في طلب العلم بل كان منهم ممن كملت حاله في التماس العلم يستشفي بالعلم ويشتغل بقدر الامكان. وقد ذكر ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى في روضة المحبين ان ابا العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى بعلة فامره الطبيب بترك بترك الاشتغال بمطالعة الكتب قال له ابو العباس انا اناظرك بعلمك انني اذا قرأت في الكتب وطالعت قويت طبيعتي واذا قويت وازدادت حرارتي اندفعت العلة عني. فقال هذا شيء لا نعرفه في شأننا. اي في علمنا. فلغلبة محبة العلم على قلبه صارت المحبة سببا لدفع العلة. فان كمال الاقبال والانهماك فيما يشتغل فيه من العلم. يوجب ان تندفع عنه مثل هذا هذه العلل وهذا نظير حال الكمال التي كانت تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم في في وصال ثابت في الصحيحين فانه كان صلى الله عليه وسلم مستغنيا بالاقبال على الله سبحانه وتعالى ومناجاته عن الاكل والشرب. فمن حصل له شيء من هذا المعنى حصل له شيء من هذه القوة وقد كان بعض اهل العلم رحمهم الله تعالى لغلبة الحال عليهم في الاشتغال بالعلم لا يحيطون بمن حولهم فربما خوطبوا او نودوا او حدثوا ثم لا ينصرفون عما هم به من انشغال في العلم. وربما احضر لهم طعام وبقي مدة عندهم لم يصيبوا منه شيئا لكمال الاشتغال بالعلم رحمهم الله تعالى. وانما يعلل هذا كما ذكرنا انفا ان محبة الشيء والانهماك فيه والاقبال عليه يوجب للنفس قوة تشغل بها النفس عن مطالبها من تلك المطالب الصحة لمن حل به علة او مرض. واورد المصنف رحمه الله تعالى في ذلك بيت ابي بكر الشبلي احد اعيان المتصوفة ممن عظم قدره في علم الاشارات كما ذكروا ان من عجائب بغداد اشارات ابي بكر الشبلي فانه اشار ها هنا الى اثر ذكر الله سبحانه وتعالى في دفع علة المرض فقال اذا مرضنا تداوينا بذكركم ونترك الذكر احيانا فننتكس وهذا موجود في كلام جماعة من السلف كما قال مكحول الشامي رحمه الله تعالى ذكر الله دواء ذكر شفاء وذكر الناس داء. وقال عبد الله ابن عون رحمه الله تعالى ذكر الله دواء وذكر الناس داء. فاذا غلبت محبة ذكر الشيء على القلب اوجبت له مداواة كما ان العلم يوجب هذه القوة لمن كان محبا له وحلت به علته من هذه الادوية ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان درجة العلم وهي وراثة الانبياء لا تنال الا بمثل هذا ان الامور العظيمة لا تؤخذ الا بالاحوال العظيمة. فالمطالب العليا للنفوس انما تنال بقدر عظيم مما ينفقه الانسان في طلبها كما قال المصنف ولا تنالوا المعالي الا بشق الانفس. وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه المخرج عند الترمذي وابن ماجه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما سأله عن عمل يقربه من الجنة ويباعده عن النار قال لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه. ومن جملة هذا العظيم طلب العلم فقد دل الشريعة كتابا وسنة واجماعا وعقلا وفطرة على تعظيم العلم المتلقى فيها. ولا ينال هذا العلم الا بشق الانفس ولكن الله عز وجل ييسره على من صدقت نيته في طلبه. ولذلك فليس مدار الامر في طلب العلم ان تكون ذا قوة في فهمك او حفظك ولكن مدار الامر ان تكون صادقا في طلبك. فانه مع الصدق يحصل من العون والمدد والغوث والتوفيق ما لا يحصله الانسان بقوته وجهده وكدحه وطلبه. فكم من انسان يكدح طلبا للعلم ليلا ونهارا ولكنه مسلوب التوفيق. ومن اعظم الحرمان سلب التوفيق. ومن اعظم الاعانة التيسير للتوفيق وهذا يوجب للعبد ان يكون دائم الصلة بربه سبحانه وتعالى غافلا عن قواه غير منتبه لما هو عليه من قوة حفظ او تقدم في العلم او نحو ذلك. فان الله عز وجل كما انه قادر على ان يسلبك اعظم ما تحمله وهو ايمانك. قادر ان يسلبك اعظم ما تناله به الايمان وهو طلب العلوم الشرعية. فهذا الامر العظيم يسير على من يسره الله سبحانه وتعالى عليه ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى في تصديق هذا المعنى قولتا يحيى ابن ابي كثير التي اخرجها مسلم في صحيحه انه قال لا يستطاع العلم براحة الجسم واورد مصدقا لذلك حديث انس في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال حفت بالمكاره ثم اورد عجز بيت هو هو ولابد دون الشهد من ابر النحل اي لابد دون نول العسل التي تخرجه النحل من بطونها من ان تصيبك من ان يصيبك النحل بابره اذا اردت ان تلتمس شهده ثم اورد قول الشاعر لا تحسب المجد تمرا انت اكله لن تبلغ. وفي رواية لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبر والصبر الدواء الموت وكما قال سقراط من عقلاء اليونان قال الرذائل حلوة الاوائل مرة الاواخر والفضائل مرة الاوائل حلوة الاواخر. ومن جملة هذه الفضائل طلب العلم وامتثال مقتضاه. فان الانسان يحتاج فيه الى ان يفارق ما عليه الناس من مؤانسة ومجالسة وملابسة حتى يكون غريب عنهم في الاقبال على العلم كما قال بعض السلف لا ينال العبد العلم حتى يموت جيرانه ولا يعلم بهم والمراد بذلك كمال الاقبال على العلم بحيث يفضي به كمال اقباله الى ان ينصرف عن الاشتغال باحوال الناس ثم اورد كلام الشافعي في نصح طالب العلم في هذا المعنى فقال حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم للاستكثار من علمه والصبر على كل عارض طول طلبه واخلاص النية لله تعالى في ادراك علمه نصا واستنباطا والرغبة الى الله تعالى في العون علي وقال ذاكرا ما ذكره الربيع في تصديق قول هذا القائل وهو حال الامام الشافعي قال قال الربيع يعني ابن سليمان لم والشافعية رضي الله عنه اكلا بنهار ولا نائما بليل لاشتغاله بالتصنيف. والمراد بذلك كمال اقباله رحمه الله الله تعالى على العلم ومن كمال اقبالهم صارت لهم احوال لا تدركها العقول ولكن من شفت نفسه وصفى قلبه رأى ان تلك الاحوال هي احوال المقبلين على الامور العظام. فكانوا يشتغلون بالعلم وهم على الطعام. كما كان يقرأ على البلقاص رحمه الله تعالى القراءات وهو يتناول طعامه وكما كان بعضهم يقرأ عليه وهو في الحمام اذا اراد قضاء حاجته كما كان عبدالرحمن ابن ابي حاتم يقرأ على ابيه وهو في حال قضاء حاجته ومن اهل العلم وهو الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى من حفظ متنا حال وضوئه فقد حفظ الفية العراق في الاوقات التي كان يتوضأ فيها فكان هناك من يعرض عليه وهو يحفظ بسمعه حتى اتم حفظ هذا المتن حال وضوئه. وكان بعض اهل العلم في الزمن الماضي يقرأ عليه من اقبال الناس على العلم كان يقرأ عليه حال وضوئه. ذلك انه شهوتهم كذلك ان شهوتهم للعلم كانت عظيمة كانت تستغرق اوقاتهم مع ضعف العدة ومزيد الحاجة والعوز وفقدان الكتب ومع ذلك كانت رغبتهم في العلم عظيمة اما اليوم فقد تبدل الحال فتهيأ للناس من انواع العدد والالات ما يعينهم على العلم لو صدقوا في طلبه لكن شهوتهم للعلم ضعفت فضعف اخذهم له. ثم نبه المصنف رحمه الله تعالى الى قاعدة جليلة فيما ينبغي ان يراعيه العبد في اشتغاله بالعلم فقال ومع ذلك فلا يحمل نفسه فوق طاقتها كي لا تسأم وتمل. فربما نفرة لا يمكن تداركها بل يكون امره في ذلك قصدا وكل انسان ابصر بنفسه. وهذا المعنى اشار اليه ابن الجوزي رحمه الله تعالى في صيد الخاطر ومثل القلوب بالابدان. فان للابدان قوى مختلفة فمن الابدان من يستطيع صاحبه ان يحمل ثقلا لا يستطيع غيره ان يحمله. وكذلك القلوب لها قوى متفاوتة فان لا يستطيعه فلان غير ما يستطيعه فلان باعتبار ما يفتح الله عز وجل عليه وباعتبار ما يروض المرء نفسه عليه فلابد من مراعاة هذه الحال لئلا تفظي بالانسان الى السآمة والملل بل يكون وسطا مراعيا لحاله لئلا ينقطع في الطريق. وهذا الامر يختلف من انسان الى انسان كما قال المصنف رحمه الله تعالى وكل انسان ابصر بنفسه فمن الناس من يقدر على الاشتغال بالعلم خمس ساعات ومنهم من يستطيع ان يشتغل بالعلم عشر ساعات ومنهم من يستطيع دون ذلك او فوق ذلك بحسب ما يهيئ الله عز وجل لهم من القوة. لكن من المقطوع به ان من صدق النية وراظى نفسه على طلب العلم لا يزال يتزايد به امره حتى يغلب العلم عليه تعلما وتعليما. كما ذكر ابو هلال العسكري رحمه الله الله تعالى في كتابه في الحث على حفظ حفظ العلم انه كان يعاني الساعات الطوال في الحفظ فكان لا يستطيع شيئا فلم يروض نفسه على الحفظ حتى حفظ قصيدة لرؤبة ابن العجاج وهي ثلاثمئة بيت في سحر واحد ذكر من قبل عن نفسه انه كان يبقى المدة المديدة في حفظ بيته فلا يستطيع. فاذا اراد الانسان نفسه على العلم لا يزال العلم به حتى يغلب عليه. لكن السير المقتصد ومعرفة الطريق توصل الانسان الى مطلوبه. كما ان الجهل بالطريق والمقصود والمقصود وافاته يوجب على الانسان الانقطاع فيه. نعم. احسن الله اليك الحادي عشر الا يستنكف ان يستفيد ما لا يعلمه ممن ممن منهم ممن هو دونه منصبا او نسبا او سنا بل يكون صنعا للفائدة حيث كانت والحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها. قال سعيد بن جبير لا يزال الرجل عالما ما تعلم فاذا ترك التعلم وظن انه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو اجهل ما يكون. وانشد بعض العرب سلع ما طول السؤال وانما تمام العمى طول السكوت على الجهر. وكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس قال الحميدي وهو تلميذ الشافعي. صحبت الشافعي من مكة الى مصر فكنت استفيد منه المسائل. وكان يستفيد مني الحديث. وقال احمد بن حنبل قال لنا الشافعي انتم اعلم بالحديث مني فاذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى اخذ به وصح رواية جماعة من الصحابة عن التابعين وابلغوا من ذلك كله قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابي وابي على ابي على ابين وقال امرني امرني الله ان اقرأ عليك لم يكن الذين كفروا قالوا من فوائده الا يمتنع الفاضل من الاخذ اي المفضول؟ ذكر المصنف رحمه الله تعالى الادب الحادي عشر من اداب العالم في نفسه وهو الا مستكبرا عن الاستفادة لما لا يعلمه ممن هو دونه في منصب او نسب او سن بل يكون حريصا على الفائدة حيث كانت فالحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجده. ومن ظن انه بلغ في علم غايته فذلك علامة جهالته. فان الانسان لا يزال يخوض في بحار العلم منتقظا درره حيثما وجدت وكانت حتى يصل الى مقصوده منه. فاذا كان هذا هو مدار الامر عنده لم يستنكر عن ان يأخذ العلم من كل احد والامر كما قال سعيد ابن جبير لا يزال الرجل عالما ما تعلم فاذا ترك تعلم وظن انه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو اجهل ما يكون. ذلك ان العلم بحر لا ساحل له ان الله سبحانه وتعالى يفتح فيه ما شاء لمن شاء من خلقه فقد يفهم الله سبحانه وتعالى احدا من الخلق ما لم يفهم غيره كما فهم الله عز وجل سليمان ما فهم وصرف فهم ذلك عن ابيه اود عليهما الصلاة والسلام. ثم ذكر ما انشده بعض العرب اذ قال وليس العمى طول السؤال وانما تمام العمى طول السكوت على الجهل وصدق رحمه الله تعالى فان المرء لا يعاد عميا اذا طال سؤاله عما ينفعه وانما يكون اعمى اذا طال سكوته على جهله. ثم ذكر احوال السلف في استفادتهم من طلبتهم ونقل ما كان يعرض للشافعي رحمه الله تعالى من ذلك وانما خصه بالذكر لانه امام مذهبه فان المصنف رحمه الله تعالى شافعي المذهب فذكر قول عبد الله بن الزبير الحميدية انه قال صحبت الشافعية من مكة الى مصر فكنت استفيد منه المسائل وكان يستفيد مني الحديث بقول احمد قال لنا الشافعي انتم اعلم بالحديث مني فاذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى اخذ به وصح رواية جماعة من الصحابة عن التابعين وافرد ابو الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى كتابا في ذلك بين فيه ما ورد من رواية جماعة من الصحابة عن التابعين الذين هم دونهم. ثم ذكر ما هو اعظم من ذلك فقال وابلغ من ذلك كله قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابي. فان النبي صلى الله عليه وسلم هو اعلم الخلق باداء القرآن وتلقيه وانما امرنا باتباعه صلى الله عليه وسلم في ذلك وتحقيقا لهذا المطلب امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يقرأ على ابي سورة البينة كما ثبت ذلك في الصحيح ومن فوائد هذا الحديث ما ذكره المصنف بقوله قالوا من فوائده الا يمتنع الفاضل من الاخذ عن المفضول فلا ينبغي ان يمتنع طالب العلم عن ان يأخذ شيئا من العلم عن كل احد. ولما كان السلف رحمهم الله تعالى يدركون ان اقتباس العلم المراد به هو الوصول الى الله سبحانه وتعالى وامتثال به ابتغوا الفائدة عند كل احد فلم يكونوا يستنكفون ان يطلبوا العلم ولو كبرت اسنانهم عند احد اصغر منهم فان جماعة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا اكبر منه عمرا وصدقوه وامنوا به التمسوا العلم منه وجل اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انما ابتغوا العلم كبارا كما قال البخاري رحمه الله تعالى في كتاب العلم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كبار. لكن ثم تنبيهان اثنان يتعلقان الامر احدهما ان الاخذ انما يكون عن صاحب للفضل ومحل له لا عن كل احد. ولذلك قالوا لا يمتنع الفاضل من الاخذ عن المفضول. فالدون موصوف بالفضل. اما قليل من الفضل فانه لا يؤخذ العلم عنه. فليس المراد ملاحظة السن فقط بل لا بد من ملاحظة كونه اهلا للاخذ عنه. وبه يعلم بطلان القولة السارية الشائعة ان الحق يؤخذ من كل احد ولو من شيطان فان هذه الجملة في صدرها صحيح فان الحق يؤخذ من كل احد اذا كان طريقا للحق. اما اذا لم كن طريقا للحق فانه لا يؤخذ العلم منه. والشيطان ليس طريقا للعلم. وهم يحتجون بحديث ابي هريرة رضي الله عنه وغيره في قصة الغول التي كانت تعتريهم كل ليلة حتى اطلقتهم بان علمتهم اية الكرسي بانها تحرصهم من الشيطان. فثبتوا بذلك القول بان الانسان يأخذ الحق ولو من الشيطان. وهذا استدلال خاطئ لان الصحابة رضي الله عنهم لم يأخذوا بقولتها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم صدقة وهي كذوب وفي رواية صدقك وهو كذوب والتأنيث للغول والتذكير لجنس الشيطان. فلم يكن هذا علما الا حيث ثبته النبي صلى الله عليه وسلم وصححه فاذا لم يكن الانسان محلا لاخذ العلم منسوبا الى اهله فانه لا العلم منه تحت هذه الحجة التي وسعوها بعد الشيطان الى الاخذ عن الكفار في كتبهم فيما يتعلق باحوال القلوب وعلل النفوس وملاحظة شأن الانسان مما يسمى بعلوم الادارة والبرمجة العصبية وغيرها من العلوم الدخيلة التي سرت الى اهل الاسلام والامر الثاني ان المقصود من هذا الاخذ هو طلب ما اليه الانسان لا مجرد التزيد. فان الانسان لا ينبغي له ان يسعى للاستكثار من الاشياخ لمجرد العدد وقد اجمع السلف قاطبة على كراهة ذلك وعده من التكاثر المذموم في قوله تعالى الهاكم التكاثر فان شيوخ انما يمدح اذا كان فيه زيادة. اما اذا لم يكن فيه زيادة فانه لا يمدح. وقد ال حال الناس لما شاع الاشتغال بالرواية باخرة الى تجميع الاجازات عن الاقران والدول. لا لانهم يروون ما لا يرويه لكن ليستكثر بهم من شيوخه وقد حددت عن قد حددت عن رجل كان يحضر انسانا مقصودا في هذا الامر ربما اجتمع عنده عدد كثير فاذا اجاز لهم قام احدهم دفتر معه فطاف عليه وقال اجزوني باجازة الشيخ لكم ومثل هذا لا ريب انه من المذموم الذي لا يندرج في هذا الاصل. نعم