السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالسه التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم اما بعد فهذا هو الدرس السابع في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى ثلاثين بعد الاربع مئة والالف واحدى وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن جماعة رحمه الله ويتلوه الكتاب الثاني وهو بلوغ القاصد جل المقاصد العلامة عبدالرحمن بن عبد الله البعلي رحمه الله ويتلوه الكتاب وهو فتح الملك الرحيم العلام للعلامة عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله. وقد انتهى بنا القول في الكتاب الاول الى قول المصنف رحمه الله تعالى الثاني عشر الاشتغال بالتصنيف. نعم. احسن الله اليك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى الثاني عشر الاشتغال بالتصنيف والجمع والتأليف لكن مع تمام الفضيلة وكمال الاهلية فانه يطلع فانه يطلع على حقائق الفنون ودقائق العلوم للاحتياج الى كثرة التفتيش والمطالعة والتنقيب والمراجعة وهو كما قال الخطيب البغدادي يثبت الحفظ ويزكي القلب ويشحذ الطبع ويندي وهو كما قال الخطيب البغدادي يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشهد الطبع ويجيد البيان ويكسب جميل الذكر وجزيل الاجر ويخلده الى اخر الدهر. والاولى ان يعتني والاولى ان يعتني بما يعم نفع نفعه وتكثر الحاجة اليه. وليكن غناءه بما لم يسبق الى تصنيفه متحريا ايضاح العبارة في تأليفه. معرضا عن التطوير الممل والايجاز المخل. مع اعطاء كل مصنف ما يليق به ولا يخرج تصنيفه من يده قبل تهذيبه وتكرير النظر فيه وترتيبه. ومن الناس من ينكر التصنيف او التأليف في هذا الزمان على من ظهرت اهليته وعرفت معرفته. ولا وجه لهذا الانكار الا التنافس بين اهل الاعصار. والا من اذا تصرف في مداده وورقه بكتابة ما شاء من اشعار او حكايات مباحة او غير ذلك لا ينكر عليه. فلما اذا تصرف فيه بتشويد ما ينتفع به من علوم الشريعة. ينكر ويستهجن. اما من لم يتأهل لذلك فالانكار عليه متجه لما يتضمن مؤمن الجهل وتغرير من يقف على ذلك التصنيف به. ولكونه يضيع زمانه فيما لم يتقنه. ويدع الاتقان الذي هو احرى منه لا يزال المصنف رحمه الله تعالى يذكر الاداب المتعلقة بالعالم في نفسه قد ختمها بالادب الثاني عشر وهو الاشتغال بالتصنيف والجمع والتأليف. وقد ذكر رحمه الله تعالى شريطة الثقيلة لذلك بقوله لكن مع تمام الفضيلة وكمال الاهلية. اي لا ينبغي لمن وهب شيئا من العلم ان يظهره بالتأليف والتصنيف حتى يحوز شرطه. وهذا الشرط مستكن في قوله مع تمام فضيلة وكمال الاهلية اي بان يكون فاضلا مشهودا له بالمعرفة في العلم. ودليل الاهلية شهادة اشياخه له كما ذكره اهل العلم رحمهم الله تعالى من المصنفين في علوم مصطلح الحديث فان المصنفين في علوم مصطلح الحديث هم اكثر من اعتنى ببيان هذا الاصل وهو الحض على التأليف وبيان ادابه ومن جملة ما ذكروه ان كمال الاهلية تعرف بشهادة اشياخه له. ومن هنا كان يقدمون يدأبون على تقديم كتبهم لاشياخهم رجاء ان يقرضوها بما يشهد لهم بالاهلية وقد ذكر رحمه الله تعالى منفعة التصنيف فقال فانه يطلع على حقائق الفنون ودقائق العلوم للاحتياج الى كثرة التفتيش والمطالعة والتنقيب والمراجعة. فاذا اشتغل الانسان بالتصنيف والجمع والتأليف اطلعه على حقائق الفنون ودقائق العلوم. وان من مآخذ العلم وموارده التي يزداد بها العلم يزداد بها طالب العلم تحصيلا له الاشتغال بالبحث. فان حقيقة البحث هو التفتيش عن مراده من العلم في مسألة ما او اصل من اصوله فاذا فتش الانسان عن تلك المسألة ببحثه اكسبه علما بها. ثم نقل رحمه الله انا كلاما للخطيب البغدادي في منفعة التأليف هو في كتابه الجامع لاخلاق الراوي واداب السامع ومحصله انه يثبت الحفظ ويذكي القلب ان يجعله ان يجعله ذكيا ويشحذ الطبع ان يقويه ويجيد البيان ويكسب جميل الذكر وجزيل الاجر ويخلده الى اخر الدهر. اي يخلدوا ذكر مصنفه باقيا الى اخر الزمان وهذا معنى ما ذكره ابو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى في صيد الخاطر اذ قال المصنف ولد عالم المخلد انتهى كلامه. فان المرء من اهل العلم قد ينقطع ذكره بموت عقبه. او بالا يكون له عقب البت لكن تصانيفه تبقى من بعده تخلد ذكره. ثم ذكر رحمه الله تعالى طرفا من اداب التأليف. وقد صنف جماعة من اهل العلم في اداب التأليف من اشهرهم السيوطي رحمه الله تعالى ورسالته معروفة مشهورة. قال في اداب التصنيف ها هنا قال والاولى ان يعتني بما يعم نفعه وتكثر الحاجة اليه. اي يشتغل بالتصنيف بامر يحتاج اليه ونفعه يعم المسلمين جميعا ثم قال وليكن اعتناءه بما لم يسبق الى تصنيفه لانه اكمل في اكمل في المنفعة واظهر في الحاجة لان ما سبق التصنيف فيه فان الحاجة اليه تقل كما ان منفعة المتأخر بالحاق شيء لم يأت به السابق قليلة في مثل هذا الجناب. ثم قال في وصف ما ينبغي ان يكون عليه ادبه في تأليفه متحريا ايضاح العبارة في تأليفه معرضا عن التطويل الممل والايجاز المخل مع اعطاء كل مصنف ما يليق به. ثم قال ولا يخرج تصنيفه من يده قبل تهديبه وتكرير النظر فيه وترتيبه. لان الرأي الخمير خير من الرأي الفطير كما يقولون. فان الانسان اذا اعدنا له شيء ما في العلم او غيره فانه ينبغي له ان يخمره بان لا يعاجل باظهاره بل يتأنى في ذلك فربما اطلع على امر من اموره لم يكن عالقا بباله حين النظر الاول فيه. ومن تأنى حصل خيرا كثيرا ثم ذكر رحمه الله تعالى مقالة لا زالت تتردد في قرون الامة بانكار التصنيف والتأليف. على من يشتغل به بعد القرون السابقة في صدر هذه الامة. وقد نحى المصنف رحمه الله تعالى في تعليل مقالة المنكرين من من حمله على ذلك ملاحظة حاله اذ قال ولا وجه لهذا الانكار الا التنافس بين اهل الاعصاب وكانه علل مقالة المنكرين بما يجده هو من لداته واقرانه واهل زمانه. وليس هذا محصورا في ذلك. بل ان من اهل العلم من ينكر التصنيف والتأليف في الازمنة المتأخرة استغناء بمقالات السابقين واكبارا لعلومهم وان درك منازلهم مما يصعب على اكثر الخلق فينكرون التصنيف لاجل هذا لا لاجل مجرد التنافس بين اهل الاعصار كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى بل قد يكون هذا سببا عند قوم لاحظوا هذا في نفوسهم فانكروا حملهم على انكارهم تنافس لاهل عصرهم. واما غيرهم فانهم كرهوا التصنيف وذموه وعابوه عند المتأخرين بكتب السلف الاول رحمهم الله تعالى. ولا شك ان هذا الامر الثاني وهو الاستغناء بكتب المتقدمين واكبار ان يكون احد يأتي بعدهم بما لم يأتوا به دليل على كمال العقل. فان التصنيف ليس منتهاه مجرد جمع الاوراق وتحبير الكلام فيها. بل المقصود بل المقصود ايصال الخلق الى ما ينفعهم ممن لم يبتدره احد قبلك او ابتدره احد قبلك لكن مقالته تقصر عن الوفاء بما يحتاجه اهل زمانك فاذا وجدت تلك العلة فحبذ التصنيف حينئذ وان لم توجد فان الاولى الا يشتغل الانسان بالتصنيف ثم بين المصنف رحمه الله تعالى في خاتمة كلامه ان انكار التصنيف انما يتجه في حق لمن لم يتأهل له فمن لم يتأهل له فان الانكار عليه متجه. وعلل ذلك بامرين اثنين. اولهما ان ذلك يتضمن الجهل والتغرير بمن يقف على تصنيفه ذلك ظانا ان من صنف هذا التصنيف من اهل العلم وان كتابه ممن مما يؤخذ به ويستفاد منه فيكون في التغرير مضرة بالخلق ويكون في اظهار جهله ضرر عليه. وثانيهما في قوله ولكونه يضيع زمانه فيما لم يتقنه ويدع الاتقان الذي هو احرى به منه. فهو اشتغل بامر عن امر وكان الاولى به ان يشتغل باتقان العلوم التي يتعلمها والا يبادر الى التصنيف لانه يضيع زمانه في مثل هذا. وهذه القاعدة من القواعد العظيمة سواء في العلم او العمل او الدعوة او غيرهما. وان الانسان مأمور ان يشتغل بتحصيل ما فيه تكميل حاله واما ما زاد عن ذلك او لم يتأهل له بعد فان الحلي بالعاقل الا يترقى اليه. لان الزمن يفوت واذا اشغلت نفسك بغير ما هي متأهلة له الان عطلتها عما ينبغي ان تكون عليه بعده تطلع الانسان الى تعليم او عمل او دعوة من غير اكتمال اهلية اضره الاشتغال بذلك في زمن تأهيل نفسه فينبغي ان يعرف طالب العلم خاصة هذه القاعدة النافعة وان يعمر زمنه بعبادة وقته فان لكل وقت عبادة كما قال المتكلمون في السلوك في السلوك والرقائق فالانسان عليه قبل السبع وبعد السبع شيء وبعد البلوغ شيء وبعد مناهزة سن الشباب شيء سواء فيما يحصل به العلمية او بما يحصل به قوته العملية او بما يبادر به الخلق باصلاحهم ودعوتهم. نعم السلام عليكم. الفصل الثاني في اداب العالم في درسه وفيه اثنى عشر نوعا الاول اذا عزم على مجلس التدريس اذا طهر من الحدث والخبث وتنظف وتطيب ولبس من احسن ثيابه اللائقة به بين اهل زمانه قاصدا بذلك تعظيما علم وتبديل الشريعة كان مالك رضي الله عنه اذا جاءه الناس لطلب الحديث اغتسل وتطيب ولبس ثيابا جددا ووضع رداءه عن بضمتين يقولون كسرير وسرور نعم ولبس ثياب جدد ووضع رداءه على رأسه ثم يجلس على منصة ولا على منصة بالكسر والفتح غلط مشهور انما هي منصة اي كرسي سلام عليكم. ثم يجلس على منصة ولا يزال يبخر بالعود حتى يفرغ. وقال احب ان اعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي ركعتي الاستخارة ان لم يكن وقت كراهة وينوي نشر العلم وتعليمه وبث الفوائد الشرعية وتبليغ احكام الله تعالى التي اؤتمن عليها وامر ببيانها والازدياد من العلم واظهار الصواب والرجوع الى الحق. والاجتماع على ذكر الله تعالى والسلام معنا اخوانه من المسلمين والدعاء للسلف الصالحين. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من ذكر اداب العالم في نفسه اتبع ذلك بفصل ثان في اداب العالم في درسه. وجعله رحمه الله تعالى اثني عشر نوعا اولها قوله اذا عزم على مجلس التدريس اي التعليم تطهر من الحدث الحدث والخبث وتطيب ولبس من احسن ثيابه اللائقة به بين اهل زمانه قاصدا بذلك تعظيم العلم وتبجيل الشريعة لان تعظيم العلم يؤذن بتعظيمه في نفوس متعلميه. فاذا عظم المعلم العلم بما يكون عليه من حال في طهارته ونظافته وتطيبه ولبسه احسن الثياب اورث ذلك المتلقين تعظيم العلم وتبجيل الشريعة. ولاجل هذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحب لطلاب العلم ان يلبسوا البياض كما رواه عنه مالك في موطأه بلاغا لما في ذلك من تعظيم العلم واجلاله فان البياض ممدوح شرعا وعرفا. ولما كان كذلك كان من تعظيم العلم ان يجعله صاحب العلم حلة لباسه التي يتزين بها لا فرق بين شتاء ولا صيف في اضطراب هذه السنة. وكل شيء اكسب العلم تعظيما مما يتعلق بطهارة او نظافة او لباس فانه مأمور به اندراجا في هذا الادب وعلم منه ان كل ما يسلم حرمة العلم ويضعف هيبته فانه منهي عنه سواء تعلق ذلك بطهارة او نظافة او طيب او لباس فلا يليق بطالب العلم ان يخرج عن هذا ناموس العظيم بل يقتفي سنن من كان قبله من ائمة الهدى في تحريهم حال الكمال في طهارتهم ونظافتهم ولباسهم ويحذر كل الحذر من مشابهة اهل الفسق والمجون والبطالة والناقصين من اهل زمانه او غيره لان العلم له هيبة ينبغي ان تحفظ وتجل. ثم ذكر رحمه الله تعالى من احوال اهل العلم رحمهم الله تعالى في اجلال العلم وتعظيم الشريعة ما كان عليه امام دار الهجرة ما لك بن انس رحمه الله تعالى فانه كان اذا جاءه الناس لطلب الحديث اغتسل وتطيب ولبس ثيابا جدد ووضع رداءه على رأسه ثم جلس على منصة اي مكان مرتفع ولم يزل يبخر بالعود حتى يفرغ وكان يقول احب ان اعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر رحمه الله تعالى من الادب المندرج في هذا النوع ان يصلي المعلم ركعتين استخارة ان لم يكن وقت كراهة ولعل ذلك في ابتداء تدريسه في مسجد او مدرسة موقوفة لا في كل درس فاذا اراد الانسان ان يبتدئ التدليس في مكان ما فان المشروع له ان يصلي صلاة الاستخارة فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم بها اذا هم العبد بامر كما في في حديث جابر في صحيح البخاري. وقوله رحمه الله تعالى ان لم يكن وقت كراهة اي على مذهب الشافعية منهم المصنف رحمه الله تعالى فان صلاة الاستخارة ينهى عنها في وقت الكراهة عند الشافعية وان كان مذهب الشافعية ان ذوات الاسباب النذوات الاسباب تصلى في وقت النهي لكن ان صلاة الاستخارة مما استثنوه وعللوا ذلك بان سببها يتأخر عنها. فللإنسان قدرة في تصريف وقتها فاذا كان سببها متأخرا عنها وللانسان قدرة في تصريف وقتها لم يكن له ان في وقت كراهة كما هو مذهب الشافعية رحمهم الله تعالى. ثم ذكر رحمه الله تعالى طرفا من النية التي ينبغي ان يكون عليها معلم العلم. فقال وينوي نشر العلم وتعليمه وبث الفوائد الشرعية وتبليغ احكام تعالى التي اؤتمن عليها وامر ببيانها والازدياد من العلم واظهار الصواب والرجوع الى الحق والاجتماع على ذكر الله تعالى والسلام على اخوانه من المسلمين اي اذا حضر الى مجلس الدرس كما سيأتي في ادبه والدعاء للسلف الصالحين اي من المصنفين او غيرهم ممن يرد لهم ذكر في اثناء درسه. وهذا جملة من النيات التي تدخل في هذا الباب وهو تفصيل لما سبق من نيات العلم فان العلم له اربع نيات كما ذكرناها مجموعة فيما ذكرنا ونية للعلم رفع الجهل عم عن نفسه فغيره من النسم التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن. فان نية العلم مبنية على اربعة امور. اولها ان تنوي رفع الجهل عن نفسك وثانيها ان تنوي رفع الجهل عن غيرك. وثالثها ان تنوي العمل بالعلم. ورابعها ان تنوي حفظ العلوم وصيانتها من الضياع وهذا مما يندرج تفصيلا تحت نية رفع الجهل عن غيره فان من جملة ما يندرج في هذا ان تنوي بذلك نشر العلم وتعليمه وبث الفوائد الشرعية الى اخر ما ذكره رحمه الله تعالى. وهذا المقام مقام عظيم وقد ذكر ابن الحاج في المدخل من امانيه انه تمنى ان يتصدر بعض الفقهاء للجلوس للناس لتعليمهم النية في اعمالهم. فان الاعمال ان اتحدت في صورها فانها تتفاضل بحقائق ما بقلوب عامليها وطالبوا العلم ومعلمه كلما كان اعرف بنية العلم كان ذلك اعظم بركة العلم وظهور اثره عليه وافادته نفسه وافادته غيره به. نعم. احسن الله اليك اذا خرج من بيته دعا بالدعاء الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو اللهم اني اعوذ بك ان اضل او اضل او اذل او اظلم او اظلم او اجهل او يجهل علي عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك. ثم يقول بسم الله وبالله حسبي توكلت على الله لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. اللهم ثبت جناني وادر الحق على لساني. ويديم ذكر الله تعالى الى ان يصل الى مجلس التدريس فاذا وصل اليه سلم على من حضر وصلى ركعتين ان لم يكن وقت كراهة فان كان مسجدا تأكدت مطلقا ثم يدعو الله تعالى بالتوفيق والاعانة والعصمة يجلس مستقبل القبلة ان امكن بوقار وسكينة وتواضع نوع متربع او غير ذلك مما لم يكره من الجلسات ولا يجلس مطعيا ولا مستوفزا ولا رافعا احدى رجليه على الاخرى ولعن رجليه او احديهما من غير عذر ولا متكئا على يده الى جنبه او وراء ظهره وليصم بدنه عن الزحف والتنقل عن ويديه عن العبث والتشبيك بها وعينيه عن تفريق النظر من غير حاجة. ويتقي المزاح وكثرة الضحك فانه يقلل الهيبة ويسقط الحشمة كما قيل من مزح استخف به ومن اكثر من شيء عرف به. ولا يدرس في وقت جوعه او عطشه او همه او غضبه او نعاسه او قلقه ولا في حال برده المؤلم وحره المزعج. فربما اجاب او افتى بغير الصواب ولانه لا يتمكن مع ذلك من استيفاء النظر. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادبا نوعا ثانيا من ادب العالم في درسه وهو انه اذا خرج من بيته دعا بالدعاء الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو اللهم اني اعوذ بك ان اضل او ضل ثم قال ثم يقول بسم الله وبالله حسبي الله توكلت على الله الى اخر ما ذكر وهذا الدعاء الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى منه شيء مأثور مروي وهو قوله اللهم اني اعوذ بك ان اضل او اضل او ازل او ازل او اظلم او اظلم او اجهل او يجهل علي فان هذا مروي في حديث ابن سلمة رضي الله عنها عند الاربعة والثاني قوله بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة الا الا بالله فان هذا مروي ايضا من حديث انس عند ابي داوود والترمذي وكلا الحديثين ضعيف لا عن النبي صلى الله عليه وسلم وما عدا ذلك مما ذكره المصنف كقوله عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك قوله وقوله في الاخر وبالله حسبي الله الا بالله العلي العظيم اللهم ثبت جناني واجر الحق على لساني هذه الفاظ لا تعرف في المأثور لكن الزيادة على المأثور جائزة عند اهل العلم رحمهم الله تعالى ان لم يقصد التعبد بالدعاء نفسه فاذا قصد التعبد بالدعاء نفسه لم يكن للانسان ان يزيد فيه كادعية الاستفتاح والتشهدات مثلا فان هذه الادعية متعبد بالفاظها فليس للانسان ان يزيد فيها واما ما كان المحل فيه قابلا للزيادة كأن يسأل الانسان ربه بعد فراغه من تشهده قبل سلامه بقوله اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ويزيد فيها والامان والرضا كان ذلك جائزا وفيه اثار عن جماعة من التابعين فمن بعدهم رحمهم الله تعالى والاصل في ذلك الجواز ما لم يتعبد بالفاظ الدعاء المحل غير قابل للزيادة فيه كما مثلنا. والمقطوع به ان الذكر الملازم للانسان عند كل عمل يعمله او يشرع فيه هو ذكر الله سبحانه وتعالى بالتسمية فاذا خرج الانسان كان مشروعا بالاجماع ان يقول بسم الله. ثم ذكر مما ينتظم في هذا الادب ان يديم ذكر الله تعالى الى ان يصل الى مجلس التدريس وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في الوالد الصيب عن شيخه ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى انه كان اذا خرج الى مجلس الدرس قال اللهم انت عضدي ونصيري بك اصول وبك اجول وبك اقاتل وكانه استأنس بالحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث انس عند ابي داوود وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا غزا قال وذكر هذا الذكر فهذا من جملة الدعاء الذي يدعو به الانسان اذا كان في طريقه الى مجلس في درسه فاذا وصل اليه سلم على من حضر وصلى ركعتين تنفلا ان لم يكن وقت كراهة لان الصلاة في وقت النهي منهي عنها. فان كان مسجدا اي مكان الدرس تأكدت مطلقا. لان مذهب الشافعية منهم الندوات الاسباب تصلى في وقت النهي وهو رواية عن الامام احمد واختارها جماعة من المحققين من اصحابه وهي اقوى من جهة الدليل الندوات الاسباب تصلى في وقت الكراهة ثم يدعو الله تعالى بالتوفيق والاعانة والعصمة ويجلس مستقبل القبلة ان امكنه ذلك. فان لم يمكنه ذلك فليس له ان يتقصد طلبه لان الاحاديث الواردة في مدح استقبال القبلة حال تعليم او غيره لا يثبت منها شيء ومنها حديث اكرم مجالس ما استقبل به القبلة. بل الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا كما في صحيح مسلم من حديث جابر ابن سمرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج من مصلاه اذا صلى الفجر حتى ترتفع الشمس ومقتضى ذلك ان يكون وجهه صلى الله عليه وسلم الى المأمومين من ورائه وهو عكس اتجاه القبلة وكانوا يحدثونه ويذكرون من اهل الجاهلية كما في حديث جابر نفسه في صحيح مسلم. ثم ذكر ما ينبغي ان عليه ادب جلوسه ان يكون بوقار وسكينة وتواضع وخشوع متربعا او غير ذلك مما مما لم يكره من الجلسات ثم ثم قال ولا يجلس مقعيا اي ناصبا ساقيه مفضيا بمقعدته الى الارض ولا مستوفزا اي للقيام فان الاستفاز هو التهيء القيام ولا رافعا احدى رجليه على الاخرى ولا ماد رجليه او احداه او احديهما من غير عذر ولا متكئا على يده الى جنبه او وراء ظهره لما في ذلك من مخالفة هيبة العلم وادبه وليصم بدنه عن الزحف والتنقل عن مكانه ويديه عن العبث والتسبيك بها وعينيه عن تفريق النظر من غير حاجة. ثم قال اتقي المزاح وكثرة الضحك فانه يقلل الهيبة ويسقط الحشمة كما قيل من مزح استخف به ومن اكثر من شيء عرف به ولا سيما اذا كان الانسان محل اقتداء واهتداء من الناس. فان الانسان يسعه امر ما لم يكن للخلق فاذا كان محلا للاقتداء والاهتداء فانه ينبغي له ان يحمل نفسه على العزائم صيانة للشريعة وحفظا لها ثم ذكر مما يندرج في هذا الادب الا يدرس في وقت جوعه او عطشه او همه او غضبه او نعاسه او قلقه ولا في برده المؤلم وحره المزعج لما في ذلك من اضعاف الذهن وتشتيت فاذا ضعف ذهن الانسان وتشتت قواه فانه ربما وقع في الخطأ ولم يتمكن من استيفاء النظر هذا مبني على اصل عظيم موروث من علم النبوة وهو حديث ابي بكرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحكم احد بين اثنين وهو غضبان متفق عليه واللفظ لمسلم. فهذا اصل لان الانسان اذا عرظت له حال تمنعه عن جمع نفسه وادمان فكره فيما يخاطب فيه فانه ينبغي له ان ينصرف عنه سواء كان في تعليم او قضاء او غيرهما وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق