السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله جعل طلب العلم من اجل القربات. وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه فائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا هو الدرس الثامن من شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنة الاولى ثلاثين بعد الاربع مئة والالف واحدى وثلاثين بعد الاربع مئة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد بن ابراهيم بن جماعة رحمه الله. ثم يتلوه بلوغ القاصر جل المقاصد العلامة عبدالرحمن ابن عبد الله البعلى رحمه الله. ثم يتلوه فتح رحيم الملك العلام للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن رحمه الله تعالى وبخصوص درس بعد العشاء فاني اعتذر عنه لعارض الزكام ومن قواعد لعلماء قطرنا رحمهم الله تعالى انهم كانوا ما استطاعوا الى ذلك سبيلا لا يعتذرون من الدروس. الا انهم اذا غلبوا فلهم في ذلك مذهبان. احدهما اذا كان الطلاب مجموعين على كتاب او كتب معينة. فانهم يقرأون ما استطاعوا منها فيقتصرون على بعضها. والمذهب الثاني اذا كان الطلاب يقرأ كل احد منهم في كتاب. فانهم كل طالب شيئا من ذلك الكتاب تطيبا لنفسه. ولما كان هذا الدرس قد جمع فيه طلابه على كتب معينة فاخترنا ان نقتصر على الدروس التي تكون بعد المغرب ونلجأ دروس العشاء ان شاء الله تعالى من الاسبوع المقبل. نعم احسن الله اليك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى الثالث ان يجلس بارزا لجميع الحاضرين ويوقر افاضلهم بالعلم والسن. والصلاح والشرف ويرفعهم على حسب على حسب تقديمهم في الامامة ويتلطف بالباقين ويكرمهم بحسن السلام وطلاقة الوجه ومزيد الاحترام ولا يكره القيام لاكابر اهل الاسلام على سبيل الاكرام. فقد ورد اكرام العلماء واكرام طلبة العلم في نصوص كثيرة. ويلتفت الى الحاضرين التفاتا قصدا بحسب الحاجة ويخص من يكلمه او يسأله او يبحث معه على الوجه عند ذلك بمزيد التفات اليه. واقبال عليه كان صغيرا او وضيعا فان ترك ان ترك ذلك من افعال المتجبرين والمتكبرين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ادبا ثالثا من اداب العالم في درسه. استفتحه ببيان المحل الذي ينبغي ان يتخذه المعلم مكانا لدرسه من صفته فقال ان يجلس بارزا لجميع الحاضرين حتى لا يتكلف احد منهم مشقة النظر اليه والاقبال عليه. وهذه سنة مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى ابو داوود والنسائي بسند صحيح من حديث ابي هريرة وابي ذر رضي الله عنهما مقرنين في قصة جبريل واوله فسألنا النبي فطلبنا النبي صلى الله عليه وسلم ان نجعل له مكانا ليعرفه الغريب. فبنينا له دكانا من طين فكان يجلس عليه. ومعنى دكانا من طين اي موضعا مرتفعا من طين. وتقدير الدكان كما ذكره الاحمد النقي في كتاب دستور العلماء هو على قدر ذراع وهذه هي السنة الموافقة لمقصد الشريعة بالا يتخذ المعلم ولا غيره موضعا مرتفعا. لان الارتفاع في الجلوس عن الخلق من افعال الجبابرة. ولهذا جاءت السنة بعدم المبالغة في رفع منبر الخطبة في الجمعة ولا في غيرها تحقيقا لهذا الاصل في النفوس علم منه ان مجافاة هذا والمبالغة في رفعة المكان الذي يتحدث فيه المتحدث من كرسي او منبر او غيرهما انها خلاف السنة المشروعة بل خلاف قاعدة الشريعة في هضم النفوس والازراء عليها. وملاحظة تواضعها وكسر وشموخها فينبغي امتثال هديه صلى الله عليه وسلم في حق المعلمين بان يتخذ المعلم مكانا بارزا ككرسي او نحوه ليجلس عليه فيطلع المستفيدون عليه ويأخذ المتعلمون عنه. ومن جملة الادب المجهول ها هنا ان يوقر المعلم افاضل المتعلمين مراعيا العلم والسن والصلاح والشرف. وان يرفعهم في مجلسه على حسب تقديمهم في الامامة المشاري اليه في حديث ابي مسعود البدري رضي الله عنه في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة فان في السنة سواء فاقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فاقدمهم سلما وفي رواية سنا فينبغي ان يلاحظ المتعلم ترتيب الشريعة في الامامة فينبغي ان يلاحظ المعلم ترتيب الشريعة في الامامة فيقدم واصحابه في مجلسه ان كان تم تقديم على هذا النحو. ويتلطف بالباقين ويكرمهم بحسن السلام وطلاقة الوجه ومزيد الاحترام اي يعاملهم بمكارم الاخلاق التي جاءت الشريعة بمدحها. وكما اثر عن ابن لعمر بسند فيه انقطاع وهو مشهور عن جماعة من السلف انهم كانوا يقولون البر شيء هين وجه طليق وكلام لين وقد ذكر الغزي في فضل الله المجيد وحتوه المجيد في تراجم علماء زبيد من انشاء بعض ال الاهدل من متأخرين قوله مكارم الاخلاق في ثلاثة مختصرة مكارم الاخلاق في ثلاثة مختصرة لنو الكلام والسخاء والعفو عند المقدرة فينبغي ان يمتثل المعلم معاملة الخلق بهذه الاخلاق الكريمة التي جاء الشرع بالحث عليها. ولا يكره القيام لاكابر اهل الاسلام على سبيل الاكرام كما هو مذهب الجمهور وكل دليل على خلاف هذا فاما مقدوح فيه من جهة الرواية واما مقدوح فيه من جهة الدراية فان اتى بحفظ حقوق من له حق. ومن جملة تلك الحقوق اكرامهم بما تعارف عليه الناس. واذا تعارف الناس وعلى القيام للاكابر من اهل الاسلام كان ذلك من جملة الحقوق التي ينبغي ان تصرف اليهم. وقد ورد باكرام العلماء وطلبة العلم نصوص كثيرة. ثم ذكر من الادب المندرج في هذا ان يلتفت الى الحاضر التفاتا قصدا بحسب الحاجة دون مبالغة في ذلك. لان حقيقة الالتفات عدم الاقبال على المتكلم اليه وما يذكره بعض الناس من ان المتكلم ينبغي له ان يأخذ في الالتفات كثيرا فهذا خلاف السنة بل خلاف مقتضى العقل فان الالتفات عن المتكلم اليه حقيقته عدم الاقبال عليه ولما كانت الصلاة اقبالا على الله سبحانه وتعالى نهي عن الالتفات فيها في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الالتفات اختلاس يختلسه الشيطان من العبد. والعلم القلب فاذا صرف المعلم بصره ها هنا وها هنا دون حاجة كان هذا من الانصراف عن المتعلمين كذلك المتعلمون احوج الى هذا الخلق فان المتعلم الاصل فيه ان يقبل على معلمه فاذا انصرف عنه وبالتفات لا حاجة فيه كان هذا من سوء الادب لانه ينصرف عن المقبل عليه. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان المعلم فصوا من يكلمه او يسأله او يبحث معه على الوجه عند ذلك اي عن مسألة معينة ووجه مذكور فيها بمزيد التفات اليه واقبال عليك لما في ذلك من المقتضي الداعي. فاذا خطب المعلم بمباحثة في امر ما كان الادب ان يقبل على معه وان كان صغيرا او وضيعا فان ترك ذلك فان ترك ذلك من افعال المتجبدين المتكبرين الا لملاحظة حاجة داعية لعدم الاقبال عليه كاتمام حديثه او بيانه وتأخير ذلك حتى يفرغ من حديثه فان ذلك امر مأذون فيه كما في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم جاءه اعرابي يسأله عن الساعة فمضى النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه فقال بعضهم سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم بل لم يسمع فلما قضى حديثه قال اين السائل عن الساعة؟ قال الاعرابي انا يا رسول الله. قال اذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة قال وما تضيع وقال اذا وسد الامر الى غير اهله. فهذا الحديث دليل على ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يراع الاعرابي في سؤاله بل مضى وفي حديثه حتى فرغ منه فلما فرغ اقبل على الاعرابي. فاذا قطع المعلم في اثناء حديثه كان له ان ينصرف عن قاطعه حتى اذا فرغ من درسه فله ان يقبل عليه اذا شاء. نعم. الرابع ان يقدم الشروع في البحث والتدريس قراءة شيء من كتاب الله تعالى تبركا وتيمنا وكما هو العادة فان كان ذلك من مدرسة شرط فيها ذلك شرط فيها ذلك اتبع الشرط. ويدعو عقيد القراءة لنفسه وللحاضرين وسائر المسلمين. ثم يستعيذ بالله من الشيطان ويسمي الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه. ويترضى عن ائمة المسلمين ومشايخه ويدعو لنفسه وللحاضرين ووالديهم اجمعين وعن واقف وعن واقف مكانه ان كان في مدرسة او نحوها جزاء لحسن فعله تحصيلا لقصده. وكان بعضهم يؤخر ذكر نفسه في الدعاء عن الحاضرين تأدبا وتواضعا. لكن الدعاء لنفسه قربة وبه حاجة والايثار بالقرب وما يحتاج اليه شرعا خلاف المشروع. ويؤيده قوله تعالى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ابدأ بنفسك ثم بمن تعول. وهذا الحديث وان ورد في الانفاق فالمحققون يستعملونه في امور الاخرة وبالجملة بل كل حسن وقد عمل بالاول قوم وبالثاني اخرون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادب رابعا من اداب العالم في درسه وهو ان يقدم على الشروع في البحث والتدريس قراءة شيء من كتاب الله تعالى تبرك وتيمنا وكما هو العادة. واليمن بمعنى التورك لكن الفرق بينهما ملاحظة الاصل الذي اشتق منه كل فقولهم التبرك اي طلب البركة. واشير اليها بهذا الاصل طلبا لثبوتها استقرارها فان البنوك دليل على الثبوت. واما التيمن فملاحظة لاصل كون البركة لكون البركة قدرت في الشرع باليمين غالبا. ولذلك اختصت اليمين بالمكرمات كما اختصت الشمال بالمحقرات فالابتداء بالقرآن الكريم في اوائل الدروس يطلب منه حصول البركة واليمن بكلام الله سبحانه وتعالى وقد كانت العادة جارية في هذا حتى في قطرنا. فقد كان العلماء اول ما يستفتحون دروسهم بقراءة شيء من القرآن اما بتناوب الطلبة انشاء حفظا وانشاء نظرا من المصحف واما بان يقرأ بعضهم ولهذا فان عامة من مضى من الاشياخ قد قرأوا القرآن الكريم على الاشياخ الذين تخرجوا بهم جريا على هذه العادة التي كانت باقية الى عهد قريب ثم طويت فيما طويا وكانوا يخصون هذا بدرس الفجر فكانوا يستفتحون درس الفجر بان يقرأ احد من الطلبة القرآن اما مفردا او بالتناوب ان شاء نظرا وان شاء غيبا. فتحصل من هذا انهم يقرأون القرآن على الاشياخ الذين تخرجوا بهم كما اتفق لبعض البقية الباقين من من تلاميذ ابن سعد ومنهم شيخ ابن عقيل فانه قرأ القرآن الكريم عليه وقل ما تجد شيخا من الاشياخ الاول الا قرأ القرآن على شيخه على هذه صفة وان كان الدرس في مدرسة موقوفة شرط فيها هذا الشرط من شرط الواقف كان ذلك لازما للمعلم ثم يدعو بعد ذلك عقب القراءة لنفسه وللحاضرين. فيقال عقيم ويقال عقيب كبعد وبعيد فيدعو عقب القراءة لنفسه وللحاضرين وسائر المسلمين اي بقية المسلمين ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه ويتوضأ على عن ائمة المسلمين ومشايخهم ويدعو لنفسه وللحاضرين ووالديهم اجمعين وعن واقف مكانه ان كان في مدرسة او نحوها جزاء لحسن فعله وتحصيلا لقصده وكل هذا من جملة الاداب العامة التي جاءت الشريعة بالحث عليها. لكن الاستعاذة في الشرع بقراءة القرآن الكريم. ولا تشرع في غيره الا ان قصد بها معنى الدعاء. والالتزام بها على هذا النحو ليس فيه معنى الدعاء اما ان ادرجها في دعاء يدعو به كان ذلك سائغا. اما الكلام الذي يستفتح بالاستعاذة فان ذلك مخصوص بالقرآن كريم فليس لانسان ان يقرأ شيئا من الحديث فيقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما الاعمال بالنيات الحديد الى اخره او ان يقدمه بين يدي شيء من كلام اهل العلم رحمهم الله تعالى نثرا او شعرا بل الاستعاذة مخصوصة بقراءة القرآن الكريم وان ادرجت في غيرها من الدعاء كان ذلك جائزا. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان بعض اهل العلم كانوا اخروا ذكر نفسه في الدعاء عن الحاضرين تأدبا وتواضعا. ومنهم من يقدم نفسه وفي صحيح مسلم من حديث ابي بن كعب رضي الله عنه في حديث طويل قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا ذكر احدا من المنبياء بدأ بنفسه فقال رحمة الله علينا وعلى اخي فلان كذا وكذا. وجاءت السنة وايضا بتقديم غير النفس كما في حديث التشهد المشهور في الصحيحين وغيرهما وفيه عليك ايها النبي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فانه قدم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وهو من جنس الدعاء على السلام على نفسه فذلك جائز في الحالين لكن الاظهر ان الانسان اذا ذكر غير مختص تقديم قدم نفسه اما ان دعا داع للتقديم فذلك لا بأس به كما دعا داعي التقديم الى تقديمه صلى الله عليه وسلم في السلام عليه في التشهد وقد روى ابن ابي شيبة بسند صحيح ان رجلا ترحم على رجل عند ابن عمر عند ابن عمر رضي الله عنه عنهما فضرب بصدره وقال ابدأ بنفسك. وقد علل المصنف رحمه الله تعالى تقديم النفس بان الدعاء لنفسه قربة وبه اليه حاجة. والايثار بالقرب وما يحتاج اليه شرعا خلاف وهذه قاعدة مذكورة بالقواعد الفقهية في قولهم لا ايثار في القرب. والتحقيق ان الاثار في القرب مكروه الا في حالين اثنين. احدهما الا يفوته تقديمه غيره القربة والثاني ان يمكنه الاشتغال بمثلها او او بما فوقها. فمن الاول اذا دخل الانسان في مكان في مسجد مزدحم مع غيره لا يمكن فيه موضع لاداء تحية المسجد الا لواحد منهما فقد فمه فصلى الركعتين ثم اخره فصلى في مكانه كان ذلك غير خادم لهذه القاعدة استدراك تلك القربة. واما الامر الثاني وهو الاشتغال بمثلها او بما فوقها كما اذا دخل مسجدا ليس فيه الا مصحف واحد اذ وكان حافظا للقرآن وغيره ممن معه ليس حافظا له فجعل له ان يقرأ في المصحف وترك ذلك وقرأ من كان ذلك اقامة لقربة من جنس تلك القربة او فوقها. ثم ذكر رحمه الله تعالى من الادلة الدالة على تقديم النفس قوله تعالى قوا انفسكم واهليكم نارا اي علموا انفسكم واهليكم ما يتقون به من النار كما جاء عن علي وغيره من اهل العلم رحمهم الله تعالى ثم اورد حديثا مشهورا عند الفقمة ثم اورد حديثا مشهورا عند الفقهاء وهو حديث ابدأ بنفسك ثم بمن تعول. وهذا الحديث بهذا السياق كما ذكر ابن الملقن في البدر المنير وخلاصته لا يوجد بهذا اللفظ. بل هو مركب من حديثين مرويين في الصحيح. احدهما حديث جابر في صحيح مسلم ابدأ بنفسك والاخر حديث افضل الصدقة ما كان عن ظهر الغنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وهو في الصحيح عين فمجموع هذين الحديثين ركب منه عند الفقهاء حديث واحد وهو ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ولا يعرف بهذا التمام وهذا الحديث وان ورد في الانفاق فالمحققون يستعملونه في امور الاخرة لان امر الاخرة اعظم من امر الدنيا فملاحظة حظ النفس اولى فملاحظة حظ النفس منها اولى من ملاحظة حظها من امور الدنيا نعم. احسن الله اليك. الخامس اذا تعددت الدروس قدم الاشرف هل اشرف والاهم فالاهم؟ فيقدم تفسير القرآن ثم الحديث ثم اصول الدين ثم اصول الفقه ثم المذهب ثم الخلافة او النحو او الجدل. وكان بعض العلماء الزهاد يختم الدروس رقائق يفيد به الحاضرين تطهير الباطن ونحو ذلك من عظة ورقة وجهد وصبر. فان كان في مدرسة ولواقف هذه الدروس شرط من تبعه ولا يخل بما هو اهم اهم ما ولا يخل بما هو اهم ما بنيت له تلك البنية ووقفت لاجل احد معه نسخة اخرى غير هذي نقرأ منها الاخ ابراهيم طبعة اخرى غير هذه وش فيها سياق الكلام ولا يخل بما هو اهم لعلها مما بنيت له تلك البنية مما هو ها بدون ما قبلها ولا يقل بما هو اهم مما مما ها ولا ماء ما ولا يخل بما هو اهم يجوز يجوز اهم ما بنيت له تلك الدنيا. نعم. ولا يخل بما هو اهم ما بنيت له تلك البنية واوقفت لاجله. ويصل في درسه ما ينبغي وصله ويقف في مواضع الوقف ومنقطع الكلام ولا يذكر شبهة من قطع الكلام. انقطع احد انقطع ويصل في درسه ما ينبغي وصله ويقف في مواضع الوقف ومنقطع ومنقطع الكلام. ولا يذكر شبهة في الدين في درس ويؤخر الجواب عنها الى درس اخر بل يذكرهما جميعا او يدعهما جميعا ولا يتقيد في ذلك بمصنف يلزم منه تأخير جواب الشبهة عنها بما فيه من المفسدة لا سيما اذا كان الدرس يجمع الخواص والعوام. وينبغي الا يطيل الدرس تطويلا يمل ولا يقصره بصيرا يخل ويراعي في ذلك مصلحة الحاضرين في الفائدة والتطويل ولا يبحث في مقام او يتكلم على فائدة الا في موضع ذلك فلا يقدمه عليه ولا يؤخره عنه الا لمصلحة تقتضي ذلك وترجحه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ادب خامسا من اداب العالم في درسه وهو انه اذا تعددت الدروس وتنوعت قدم الاشرف فالاشرف والاهم فالاهم وهذا البناء المشهور عند اهل العلم من قولهم الاشرف فالاشرف والاهم في الاهم ويريدون به التدلي للترقي ان يبدأ بالاعظم شرفا ثم ما دونه او الاعظم اهمية ثم ما دونه. فاما ان تكون الاشرف والاهم الثانية لا على وجهها بان تكون افعل ويراد ويراد بها فعيل كما في قدم الاشرف وقدم الاهم فالمهم. واما ان يكون هذا غلطا اشتهر ثم تتابع عليه الناس. وسواء المناسب لسان العرب ان يكون الكلام قدم الاشرف فالشريف والاهم فالمهم فيقدم الانسان يقدم الانسان مستحق التقديم ثم يتلوه بما بعده على وجه التدلي. بخلاف هذه العبارة فانها تدل على الترقي انه يقدم شيئا ثم يقدم ما هو اعظم منه. والقاعدة لغة وعقلا على خلاف ذلك كما فقال الهلالي في منظومته قال وقدم الاهم فالمهم فالعمر كن زار او ضيف الم اي يقدم الانسان مما يطلبه ويشتغل به الاهم ثم يعقبه بالمهم لان العمر اما ان يكون بمنزلة الخيال الذي يحل بالانسان او بمنزلة ظيف او بمنزلة ضيف الم به ثم ارتحل عنه ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى مثلا لهذا الترتيب فقال فيقدم تفسير القرآن ثم الحديث فيقدم تفسير القرآن ثم الحديث ثم اصول الدين ثم اصول الفقه ثم المذهب ثم الخلاف او النحو او الجدل والفرق بين المذهب والخلاف ان المذهب بيان الفروع وفق مذهب من المذاهب الاربعة. كالشافعي مثلا بالنسبة للمصنف واما الخلاف فهو الذي يسمى اليوم بالفقه المقارن اي بذكر مذاهب العلماء في المسألة ونشر ادلتها والترجيح بينها وهو علم اخر غير علم الفقه لا ما صار عليه حال الناس اليوم من الخلط بينهما يدرسون الفقه مخلوطا بين المذهب والخلاف فيخرج المتفقه خلوا من هذا ومن ذاك ثم ذكر رحمه الله تعالى ان بعض العلماء الزهاد كان يختم الدروس بدرس رقائق بدرس رقائق يفيد به حاضرين تطهير الباطن ونحو ذلك من عظة ورقة وزهد وصبر. وكان هذا موجودا في قطرنا وغالب اشتغالهم بكتاب الزهد للامام احمد او بكتاب الجواب الكافي المسمى بالداء والدواء لابن القيم رحمه الله وكم ختم هذان الكتابان في حلقات الاشياخ فيما مضى لانهم كانوا اذا فرغوا من احدهما مرة ثانية ولا سيما كتاب ابن القيم رحمه الله تعالى لما فيه من عظة وزهد وترقيق للقلوب ثم تبين انه ان كان الدرس في مدرسة شرط لها الواقف ذلك فانه يتبع ما شرط الواقف فاذا شرط الواقف تقديم شيء او الاختصاص بشيء فانه يدرس ما اوقف عليه ذلك الموضع من مدرسة او غيرها. ثم ذكر ومن ادب الدرس انه ينبغي ان يصل في درسه ما ينبغي وصله. ويقف في مواضع الوقف ومنقطع الكلام اي الموضع الذي ينبغي الوقف عنده وملاحظة انتهاء جملة منه. فليس التدريس كما اتفق كما صار عليه الناس اليوم بل ينبغي ان يلاحظ المعلم مواضع الفصل لما فيها من جمع القلوب على المقصود والشريعة ضاعت هذا فان القرآن انزل سورا انزل سورا ليكون في ذلك عون لاخره تفهما او حفظا او ترتيلا فانه اذا فرغ من شيء نشط لشيء اخر واما عدم رعاية المناسبة بان يقرأ الطالب كيفما اتفق يقف الشيخ كيف ما اتفق فهذا مضر للمعلم والمتعلم. وكم من انسان تسمعه يشرح جملة من الكلام ثم يبني عليها ظنونا لو انه امهل نفسه شيئا لوجد في كلام المستقبل من كلام المتكلم من المصنفين ما يحمله على واحد منها دون سائر الظنون التي توهمها. وهذا امر تنبغي ملاحظته ومراعاته في تصنيف الكتب وقراءتها وشرحها لما فيه من وضوح المقصود. بخلاف عدم رعاية ذلك والضرب خبط عشوائي كيفما اتفق فانه يضر بالمتعلمين. ثم ذكر من اداب التعليم انه لا ينبغي للمتعلم ان يذكر شبهة في الدين في درس ثم يؤخر نقدها في درس اخر. بل اما ان يذكرهما جميعا او يدعهما جميعا. ولا يتقيأ في ذلك بمصنف يلزم منه تأخير جواب الشبهة عنها. لما فيه من المفسدة لا سيما اذا كان الدرس يجمع الخواص والعوام بل اذا كان الوقت لا يسع سوى قراءة الشبهة سوى قراءة الشبهة فانه يقرأها وينقدها ولو لم يأتي نقد المصنف الا في درس مقبل لانه لا ينبغي تقديم الشبهة حاضرا وتأجيل نقدها انسيئة وقد ذكروا من عيوب الرازي المتكلم المشهور انه كان يقدم الشبهة نقدا ويؤخر كشفها واظلمت كتبه لهذا كما بسط هذا المعنى ابن حجر في ترجمته في لسان الميزان وغيره من اهل العلم لان ابن حجر استوفى كلام اهل العلم رحمهم الله تعالى في هذا المأخذ على الرازي الذي حشى به كتبه كالتفسير وغيره فكان يذكر شبهة المشبهين ثم يترك او يؤخر كشفها الى موضع متأخر وربما في الاستدلال للمشبهين وضعف رده على مقالاتهم وهذا مما يعاب على المعلم. ثم ذكر من ادب الدرس انه ينبغي الا يبطل الدرس تطويلا يمل ولا يقصره تقصيرا يخل ويراعي في ذلك مصلحة الحاضرين في الفائدة والتطويل هو يلاحظ حال المتعلم فاذا كان المتعلم من عموم الناس اعتبر به حديث عثمان في الصحيح من ام الناس فليخفف واما ان كان من خواص المتعلمين فليعتمر به هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل اذا صلى معه فان النبي صلى الله عليه وسلم صلى فصلى معه غيره كابن عباس وحذيفة وغيرهما في الصحيح وغيره فطول صلى الله عليه وسلم بهم فاذا كان المتعلم من خواص المتعلمين والدرس معقود لهم فله ان يطول بما يكون في ذلك نفعهم من غير املال لهم واذا كان الدرس لعموم الناس فلا بد من رعاية هذا الاصل. ثم ذكر من ادب المعلم في درسه ان لا هذا في مقام او يتكلم على فائدة الا في موضعها فلا يقدمه عليها ولا يؤخره عنها الا لمصلحة تقتضي ذلك وترجحه لان البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال. واعظم البلاغة بلاغة التعلم بان يضع كل كلمة في فلا يقدم بشرح شيء ولا تأخيره عن موضعه بما في ذلك من خلاف مقتضى البلاغة الذي يضر بالمتعلمين بل لا بد ان تلاحظ تعليمه المتعلمين حتى يقع تعلمه منهم موضع حاجتهم. واما عدم رعاية ذلك فانه يضر بهم ومن هنا استقبحوا ان يعلم المعلم من غير نظر في كتاب لانه اذا اخذ الكتاب معه جمع نفسه عليه ان يقف على ما يحتاج الوقوف عليه من منقطع الكلام ومن وظع الكلام في مواظعه بخلاف اذا استرسل في كلامه دون التقيد بالكتاب ومن قول علماء شنقيط رحمهم الله تعالى انهم كانوا يقولون من درس دون كتاب فهو كذاب وليس مرادهم انه يحدث بما هو خلاف الحق وانما مرادهم ان تعليمه لا يقع على الموقع الذي ينبغي ان فيه الصدق فان المعلم لا ينفع المتعلمين الا اذا كان صادقا في تعليمهم وليس الصدق في التعليم مقصورا على ان يطابق الكلام حقيقة الامر بل من الصدق ان يكون كلامه وفق ما يحتاجونه دون زيادة ولا نقصان ولا تقديم شيء عن موضعه ولا تأخير عن موضعه وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق