السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا هو درس العاشر في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى ثلاثين بعد الاربع مئة والالف وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن رحمه الله تعالى ويتلوه كتاب بلوغ القاصد جل المقاصد العلامة عبدالرحمن بن عبدالله رحمه الله تعالى ويتلوه كتاب فتح الرحيم الملك العلام للعلامة عبدالرحمن ابن ناصر ابن سعدي رحمه الله تعالى قد انتهى بنا الايضاح في الكتاب الاول الى قول المصنف رحمه الله تعالى العاشر ان يتودد لغريب حضر عنده نعم ما شاء الله عليك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى العاشر ان يتودد لغريب حضر عنده وينبسط له لينشرح صدره. فان للقادم دهشة ولا يكثر ولا يكثر الالتفات والنظر استغرابا له فان ذلك مخجله. واذا اقبل بعض الفضلاء وقد شرع في مسألة امسك عنها حتى يجلس. وان جاء وهو يبحث في مسألة اعادها له او مقصودها واذا اقبل فقيه وقد بقي لفراغه وقيام الجماعة بقدر ما يصل الفقيه الى المجلس فليؤخر تلك البقية ويشتغل عنها ببحث او غيره الى ان يجلس الفقيه ثم يعيدها او يتم تلك كي لا يخجل المقبل بقيامهم عند جلوسه. وينبغي مراعاة مصلحة الجماعة في تقديم وقت الحضور وتأخيره لم تكن عليه فيه ضرورة ولا مزيد كلفة. وافتى بعض اكابر العلماء ان المدرس اذا ذكر الدرس في مدرسة قبل طلوع الشمس او مؤخرة اواخره الى بعد الظهر لم يستحق معلوم التدريس الا ان يقتضيه شرط واقف بمخالفته العرف المعتادة في ذلك لا يزال المصنف رحمه الله تعالى يذكر الاداب التي تتعلق باداب العالم في درسه وقد انتهى بها رحمه الله تعالى الى الادب العاشر. وحاصل ما ذكره فيه ان من الاداب التي ينبغي ان يرعاها المعلم ان يتودد لغريب حضر عنده وينبسط له لينشرح صدره فان للقادم دهشة وللغريب حرمة ومن حفظ حرمته التودد اليه رغبة في تأليفه وتقريبه الى العلم. وكان السلف رحمهم الله تعالى يرعون حق الغريب من الطلبة ويعرفونه له واشتهر ذلك ذلك عندهم حتى ذكر الخطيب رحمه الله تعالى هذا الادب من جملة الاداب التي ينبغي ان يرعاها المحدث في كتابه الجامع لاخلاق الراوي واداب السامع ومما ذكره رحمه الله تعالى في تحلي السلف رحمهم الله تعالى بهذا الادب ما جاء عن علي ابن حجر احد ثقات المحدثين انه كان ينشد وظيفتنا للغريب مئة في كل يوم سوى ما يعاد شريكية او هشيمية احاديث فقه قصار جياد. فكانوا رحمهم الله تعالى يولون الغريب العناية. وهذا الامر مما طوي بساطه وحتى سوى المعلمون بين الغريب وغيره. والعادة جارية ان الغريب اذا وفد الى بلد انما يبقى فيها مدة يسيرة وكان اهل العلم رحمهم الله تعالى يرغبون في نفعه فيلاحظون هذا فيه ولا يسوون الغريب بمن داره واقامته هي دار واقامة الشيخ فيجعلون له من الاقبال والعناية ما ليس لغيره وعسى الله عز وجل ان يفتح بفتح عنده في باب العناية بالغرباء من الطلبة. ثم ذكر من حفظ حرمة الغريب من المتعلمين الا يكثر الالتفات والنظر اليه لحظوره فان ذلك مخجله. واذا وجد الخجل نشى منه الوجل. فاندفع الطالب عن حضور الدرس بسبب خجله من نظرات معلمه اليه. ومن جملة ما يلتحق بهذا ما ذكره بقوله. واذا اقبل بعض الفضلاء قد شرع اي المعلم في مسألة امسك عنها عنها حتى يجلس. اي حبس القول فيها حتى يجف ذلك الفاضل وان جاء وهو يبحث في مسألة اعادها له او مقصودها ليحصل انتفاعه بها ولتحفظ بها حرمته فان الفاضل له حرمة بخلاف من لا يعرف. فان الذي يحظر حلقة الدرس وهو لا يعرف ليس حاله كحال الفاضل الذي يعرض فلا بد من رعاية هذا ائتمارا بامر الشريعة في رعاية مراتب الناس. فان من مسالك الشرع التي استفاضت بها الادلة قرآنا وسنة ان الناس لهم منازل وقدر منازل وقدر تنبغي رعايتها ومن جملة ذلك ما ذكره المصنف ها هنا ومنه ايضا ما ذكره بقوله واذا اقبل فقيه وقد بقي لفراغه وقيام الجماعة اي الطلبة بقدر ما يصل الفقيه الى المجلس فليؤخر تلك البقية ويشتغل عنها ببحث او غيره الى ان يجلس الفقيه ثم يعيدها او يتم تلك البقية كي لا يخجل المقبل بقيامهم عند جلوسه. فاذا صدف حضور انسان مشار اليه مقبلا الى حلقة الدرس وكان المعلم على وشك على وشك الانقضاء منه فانه ينبغي له ان يطيله بما يحفظ لهذا القادم من الفضلاء والفقهاء مقامه لئلا ينفظ الجماعة عند جلوسه بينهم فيحصل له خجل بذلك. ثم قال وينبغي مراعاة مصلحة الجماعة في تقديم وقت الحضور وتأخيره اذا لم تكن عليه فيه ضرورة ولا مزيد كلفة وهذا من جنس اقامة الصلاة ومراعاة الجماعة فيها فان الامام يلاحظ حضورهم فاذا اجتمعوا صلى واذا تاخروا اخروا كما كان ذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم والعلم صلاة القلب فينبغي مراعاة هذا الادب فيه. ثم ذكر من جملة شواهد هذه المراعاة في كلام بعض المفتين ان بعض اكابر العلماء افتى ان المدرس الذي يدرس في مدرسة موقوفة اذا شرع في درسه قبل طلوع الشمس او اخاه الى بعد الظهر لم يستحق معلوم التدريس. لان العادة جارية حينئذ ان لا يشرع فيه الا بعد طلوع الشمس ولا يؤخر الى بعد او الى بعد الظهر. فاذا اخل المعلم بهذا لم يستحق ما شرط له الواقف الا ان يقتضيه شرط الواقف لان الواقف له حق النظر في بما يشرطه فاذا شرط تقدم الدرس قبل طلوع الشمس او تأخره بعد الظهر كان الامر اليه وانما حكم من افتى بذلك لان العرف الجاري هو كما ذكر والعرف المعتاد محكوم به ومن قواعد العلماء الجارية قولهم رحمهم الله تعالى العادة محكمة وصوابها كما سلف العرف محكم ومن جنس هذا المسألة المذكورة هنا. نعم الحادي عشر جرت جرت العادة ان يقول المدرس عند ختم كل درس والله اعلم. وكذلك يكتب المفتي بعد الجواب لكن الاولى ان يقال قبل ذلك كلام يشعر بختم الدرس. كقوله وهذا اخره او وما بعده يأتي ان شاء يا الله ونحو ذلك ليكون قوله والله اعلم خالصا لذكر الله تعالى ولقصد معناه ولهذا ينبغي ان يستفتح كل ببسم الله الرحمن الرحيم ليكون ذاكرا لله تعالى في بدايته وخاتمته والاولى للمدرس ان يمكث قليلا بعد الجماعة فان فيه فوائد وادابا له ولهم منها عدم مزاحمتهم ومنها ان كان في نفس احد بقايا سؤال سأله ومنها عدم ركوبه بينهم ان كان يركب وغير ذلك. ويستحب اذا قام ان يدعو بما ورد به الحديث سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. ذكر المصنف رحمه الله على الادب الحادي عشر من اداب العالم في درسه. وعاد فيه رحمه الله تعالى المعلمين الذين يتخذون قولا والله اعلم شعارا لختم الدرس. فان جعلها شعارا لختم الدرس يذهب المقصود منها من ذكر الله سبحانه وتعالى ورد العلم اليه. فكأنها صارت كلمة جارية من باب العادة يجعلها المعلم مشعرة ختم فيذهب المقصود منها. ورأى رحمه الله تعالى ان الاولى ان يأتي المعلم بكلام يشعر بختم الدرس كقوله وهذا اخره او وما بعده يأتي ان شاء الله ثم ان قال بعد ذلك والله اعلم حصل المقصود منها لان الختم اشعر بغيرها وخلصت هذه الكلمة في كونها ذكرا لله سبحانه وتعالى وايقاعا لمعناها كما ينبغي وقول القائل والله اعلم في مسائل العلم له مأخذان اثنان احدهما الاعلام بان هذا العلم الذي يبثه وينشره هو مما علمه الله سبحانه وتعالى الا اياك ففي رد العلم الى الله سبحانه وتعالى اخبار بالمنعم حقا والمتفضل صدقا وهو الله سبحانه وتعالى فانه لولا سيب جوده ومحض فضله لم يكن للمعلم قدرة على البيان والابادة ولكن الله عز وجل اخدمه ما شاء من ابكار العلم وهيأ له اسبابه حتى جعله من المعلمين والاخر الاعلام بان مشكل العلم وغامضه رد علمه الى الله سبحانه وتعالى. فان العلم على درجات في بيانه ووضوحه ومنه غامض تحاروا فيه العقول فيكون قول القائل بعده والله اعلم اخبارا برد العلم التام الى الله سبحانه وتعالى. والغالب استعمال هذا المأخذ الثاني في المسائل المختلف فيها. ومن هنا ذكر جماعة من اهل العلم رحمهم الله تعالى التفريق بين الختم بقول والله الموفق وقول والله واعلم في مسائل العلم فجعلوا الاول مختصا بالمسائل الظاهرة البينة المقطوع بها. والثاني مختصا بالمسائل الاجتهادية المشكلة المتنازع فيها. فاذا سئل سائل عن عدد الصلوات المفروضة على العبد فاجاب الصلوات المفروضة على العبد في اليوم والليلة خمس وذكر دليل ذلك في الصحيح من حديث طلحة خمس صلوات في اليوم والليلة ثم قال والله الموفق كان هذا مناسب تبا للمحل واذا سئل المفتي هل الوتر واجب؟ فقال الاظهر من قولي اهل علم ان الوتر ليس بواجب حسن ها هنا ان يقول والله اعلم لان المسألة مسألة اجتهادية مختلف فيها وهذا من تفنن اهل العلم رحمهم الله تعالى في رعاية ما يتكلمون به اذا كانت الكلمة امانة يؤمر العبد بحفظها فاحق الناس بحفظها هم اهل العلم رحمهم الله عالم ولاجل هذا كان لهم كلمات وجيزة يعبرون بها عن مقاصد عظيمة كما ذكرت لك في هاتين الكلمتين والله الموفق والله اعلم. وانما يؤخذ هذا بالدربة وصحبة اهل العلم. واما من يألف الكتب ويفزع اليها ويلتمس العلم منها دون اخذ للعلم عن اهله فانه يكون بمنأى عن سلوك اهل العلم ودربهم في مثل هذه المواضع فتجد في كلامه العبارات الواسعة الفجة التي لا يتكلم واهل العلم رحمهم الله تعالى بهم كمن يقول عن مذهب الجمهور في مسألة باطلة في مسألة مختلف فيها مرجحا سواه يقول في حق قول الجمهور وهذا قول باطل عاطل عن الدليل فمثل هذه الكلمة ليست من ادب العلم ولا عرفها الناس في الذين عرفوا بالعلم وهم جمهور اهله. وانما توجد في السنة اناس لم يأخذوا العلم عن اهله او توجد في كلام من عد ذلك من زلاته كابي محمد ابن حزم وابي عبدالله الشوكاني في اخرين رحمهم الله تعالى وعفا عنهم ثم ذكر رحمه الله تعالى انه ينبغي ان يستفتح المعلم كل درس ببسم الله الرحمن الرحيم ليكون ذاكرا لله تعالى في بدايته وخاتمته ولا ريب ان التزام الادب بذكر الله عز وجل في البدء والختم في كل محل مناسب انه ادب عظيم. لكن توقيت البسملة دون غيرها في استفتاح الدروس فيه نظر فالاشبه ان الدروس تلحق بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخطب والمأثور عن النبي الله عليه وسلم في الخطب انما هو استفتاحها بالحمد لاستفتاحها بالبسملة. فالاولى ان يستفتح المعلم درس بحمد الله سبحانه وتعالى ثم يختمه بذكر الله عز وجل وامثله كما ذكر المصنف فيما يستقبل كفارة المجلس اذ قال ويستحب اذا قام ان يدعو بما ورد به الحديث سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. هذا حديث رواه الترمذي وغيره من طرق يقطع الناظر فيها انه حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وقد اسبل الحافظ ابن حجر الكلام عليه في فتح الباري وفي الافصاح بالنكت عن ابن الصلاح رحمهما الله تعالى هذا الذي ذكرناه من التزام ذكر الله سبحانه وتعالى في مفاتح الدرس وخواتمه هو من الادب. والاشبه والله اعلم انه ينبغي للانسان ان يجتهد في التزام بداية معينة لان ضرب خط العشوائي مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم. فان النبي صلى الله عليه وسلم نقل في استفتاحه خطبة الحاجة الحمد لله نحمده ونستعينه الى اخره. فالتزام هباجة يستفتح بها كل مقام مناسب هذا اشبه لاصول الشريعة وقواعدها. اما ارتجال الكلام كيفما اتفق فانه ربما اخل بمقصود المتكلم واحاله عن شيء هو بمنأى عنه في مقصوده الذي يريد ان يتكلم فيه. ثم ذكر ومن الادب المندرج في هذا الادب الحادي عشر ان الاولى للمدرس ان يمكث قليلا بعد قيام الجماعة اي الطلبة وذكر في فوائد وادابا له ولهم منها عدم مزاحمتهم اي اذا خرج وخرجوا والاشبه هدي النبي صلى الله عليه وسلم فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل من باب حجراته الى المسجد ثم اذا خرج من باب حجراته صلى الله عليه وسلم. فاذا تهيأ هذا للمعلم فهو اولى له. واذا لم يكن قدرة على هذا وكان باب خروجه هو واياهم واحد فان الاولى ان يتأخر لان لا يزاحمهم. ومنها ان كان في نفس احد بقايا سأله وذلك فيما كان فيه المجلس مجلس بحث كما في بعض مجالس اهل العلم فان اخر الاسئلة مكتوبة كما نصنع فالاولى ان يقتصر الانسان فيها عليها لان هذا احرى في حصول الفائدة المرجوة من كتابتها فان الذي يؤخر سؤاله ليسأل بنفسه شفاها يحرم غيره من الفائدة. فالاكمل ان يكتبه يجاب عنه في درس قادم او بعده بحسب ما يتهيأ من ترتيب الاسئلة كما ان الناس في هذه الازمان دخل نفوسهم الدغل والعبد ينبغي له ان يتفطن لحال قلبه فان اجتماع الخلق لا محمدة فيه ولا ثناء. وقد كان السلف رحمهم الله تعالى يذمون اجتماع الخلق على احد منهم وكانوا يفرون من ذلك. واولى اهل واولى الناس بذلك هم اهل العلم ومنها عدم ركوبه بينهم ان كان يركب غير ذا وغير ذلك لانه اذا تأخر تهيأ له الركوب دون اخلال بهم نعم. احسن الله اليكم. الثاني عشر الا ينتصب للتدريس اذا لم يكن اهلا له. ولا يذكر الدرس من علم الا يعرفه سواء اشترط الواقف ام لم يشترطه. فان ذلك لعب في الدين وازدراء بين الناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. وعن الشبلي من تصدر قبل اوانه فقد تصدى لهوانه. عن ابي حنيفة رضي الله الله عنه من طلب الرئاسة في غير حينه لم يزل في ذل ما بقي. واللبيب من صان نفسه عن تعرضها لما يعد فيه ناقصا او بتعطيه ظالما او باصراره عليها فاسقا فانه متى لم يكن اهلا لما شرطه الواقف في وقفه او لما يقتضيه ومثله كان باصراره على تناول ما لا يستحقه فاسقا. فان كان الواقب شرط في الوقف بان يكون المدرس عاميا عاميا او جاهلا لم يصح شرطه. وان شرط جعل ناقص مخصوص مدرسا سقط اسم الفسق وخطر الاثم به. سقط الفسق وخطر الاثم ويبقى التنقص به والاستهزاء به بحاله. ولا يرضى ذلك لنفسه قريب ولا يتعاطى مع الغنى لبيب ولا يظهر من واقف شرط ذلك قصد الانتفاع ولا يؤول امر وقفه الى الا الى ضياع واقل مفاسد ذلك ان يفقدون الانصاف لعدم من يرجعون اليه عند الاختلاف لان رب الصدر لا يعرف المصيبة فينصره او المخطئ فيزجره وقيل لابي حنيفة رحمه الله في المسجد حلقة ينظرون في الفقه فقال لهم رأس قالوا لا قال لا يفقه هؤلاء ولبعضهم في تدريس من لا يصلح تصدر للتدريس تصدر للتدريس كل مهوس جهول تسمى بالفقيه للمدرس فحق لاهل العلم ان يتمثلوا ببيت قديم شاع في كل مجلس. فقد هزلت حتى بدا منه زارها كلاها وحتى وحتى استامها كل مفلس. ختم المصنف رحمه الله تعالى اداب العالم في درسه بالادب الثاني عشر وهو الا ينتصب المعلم للتدريس اذا لم يكن اهلا له ولا يذكر الدرس من علم لا يعرفه سوى سواء اشترط الواقف ام لم يشترطه. فان ذلك لعب في الدين وازدراء بين الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. والمراد بقوله اذا لم كن اهلا له اي فاقدا للاهلية. وحقيقة الاهلية ان يكون محلا للافادة وكون المعلم محنا للافادة يشترط له شرطين اثنين احدهما معرفته بالعلم الذي يتعاطى تعليمه والثاني معرفته بطرائق ايصاله للمتعلمين. ونفعه لهم فاذا فقد احد الشرطين اخل ذلك بالاهلية. وعلى قدر ضعف احدهما تضعف اهلية المعلم. ولا يجوز للمعلم ان يذكر الدرس من علم لا يعرفه كاي يدرس النحو وهو لا يحسنه او ان يدرس الفقه وهو لا يحسنه او ان يدرس اعتقاد وهو لا يحسنه فان دخوله فيما لا يحسنه جناية على العلم. وكلام في شيء لا علم له به. وذلكم لعب في الدين وازدراء بين الناس. وفي ذلك الحديث المتفق عليه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المتشبع بما لم يعطى اي المظهر حصوله شيء ليس عنده كلابس ثوبي زور. وثوب الزور هو ثوب الكذب والبطلان والبهتان فشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بمن لبس ثوبين زورا. والثوب هو في هذا في اصح قولي اهل العلم على حقيقته. اي الملبوس المعروف. فكأن انسانا تحلى بثوبين ليس له وانما اخذهما استعارة او غصبا او سرقة فهما في حقه زور. وانما جعل النبي صلى الله عليه وسلم التشبيه على التثنية وجود طرفين احدهما الاخذ والثاني الابداء. فهو مزور في اخذه. اذ اخذ هذا الثوب بغير وجه حق وهو مزور في ابداءه اذ اظهر نفسه للعيان كأن هذا الثوب ملك له هو ثوبا له ومثل ذلك القول في تعليم علم لا يحسنه المعلم انه مزور في انه يحدث بشيء لم يتلقه وكذلك مزور اذ يحدث بشيء ان يلقيه فهو في الطرفين تحملا واداء مزور فاستحق التشبيه بالتثنية. واورد المصنف رحمه الله تعالى من كلام اهل العلم رحمهم الله تعالى ما يصدق ذلك فاورد قول الشبري من تصدر قبل اوانه فقد تصدى لهوانه وهذا شبدي هو ابو بكر الزاهد الشبري الصوفي المعروف وقد سبق ان ذكرت لكم ان كان مما يعد من غرائب بغداد فيما سلف اشارات الشبلي. فانه كان له كلام حسن خفي كهذه الكلمة. وان كانت هذه الكلمة في الاصح انها لابي الطيب الشافعي الفقيه المعروف سهل ابن ابي سهل الصعلوكي شيخي الحاكم والبيهقي رحمهم الله تعالى واحد فقهاء الشافعية الكبار كما ذكرها عنه السبكي الذهبي في سير اعلام النبلا ثم تلميذ تلميذه السبكي في طبقات الشافعية الكبرى وغيرهما من اهل العلم وانما نسبها للشبل بعض المتأخرين. والاشبه انها من كلام ابي الطيب الشافعي الفقيه. ثم اتبعها بقول ابي حنيفة من طلب الرئاسة في غير حينه لم يزل في ذل ما بقي. وكلا القولتين تدل على ان المتعاطي لصنعة العلم ان تصدر قبل بلوغه غايته منه فانه قد تصدى في غير حينه فيلحقه ذل وهوان لفوات ما كان ينبغي ان يدركه من هذا العلم او وقوع في الغلط فيه فليس الذل متأتيا من جهة واحدة وهو ان يتكلم اغلط في كلامه بل لو قدر انه تكلم في هذا العلم دون غلط فانه بتبكير تصدره يكون قد فوت على نفسه زيادة الاخذ لهذا العلم. ثم ذكر ان اللبيب هو من صان نفسه وعن تعرضها لما يعد فيه ناقصا او بتعاطيه ظالما او باصراره عليها فاسقا وبين وجوه ذلك. فبين متى يكون تناوله متى يكون بتناوله ما لا يستحقه فاسقا فقال فانه متى لم يكن اهلا لما شرطه الواقف في وقت او لما يقتضيه عرف مثله كان باصراره على تناول ما لا يستحقه فاسقا. كان تكون المدرسة موقوفة على تعلم القراءة السبع فلا يجوز ان يتقلد التدريس فيها الا متقن لها. فلو تقلده متقن لقراءة او قراءتين لم يجز له ذلك لانه يتناول ما لا يستحقه فيكون فاسقا بذلك. وان كان الواقف شرط في الوقف بان يكون عاميا او جاهلا لم يصح شرطه. لانه يناقض قصد الوقف. فان قصد الوقف التعليم والجاهل والعامي لا يعلم فعاد ذلك على شرط الوقف بالابطال. ثم ذكر ان الواقف انشرط جعل ناقص من مخصوص مدرسا اي عين احدا ممن ليس له تقدم في هذا العلم بالنسبة الى غيره فعينه مدرسا وجعل الوقف عليه فانه يسقط اسم الفسق وخطر الاثم من ذلك المعلم لكن يبقى التنقص به والاستهزاء به بحاله لانه دون درجة ما شرط له الوقف. فاذا وقف الواقف وقفا على انحاء اهل الزمان ثم جاء بقريب له فوضعه في هذا الوقف وله معرفة بالنحو لكنه ليس انحى اهل زمانه فيقع في غلط وسهو وعجز عن تدريس بعض ابواب النحو فيحصل نقص بوجوده ويلحقه استهزاء بحاله ولا يرضى ذلك لنفسه قريب ولا يتعاطاه مع الغنى عنه لبيب ولا يظهر من واقف شرط ذلك قصد الانتفاع ولا يؤول امر وقفه الا الى ضياع كما قال المصنف. وذكر رحمه الله تعالى من مفاسد ان يتصدر للتدليس بوقف ناقص مخصوص قال اقل مفاسد ذلك ان الحاضرين يفقدون الانصاف لعدم ممن يرجعون اليه عند الاختلاف. لان رب الصدر لا يعرف المصيب اي رب المجلس المتصدر فيه لا يعرف المصيبة من هذه الاقوال فينصره او المخطئ فيزجره. ثم اورد رحمه الله تعالى قول ابي لما قيل له في المسجد حلقة ينظرون في الفقه فقال لهم رأس قالوا لا قال لا يفقه هؤلاء ابدا اي لهم مرجع يرجعون اليه ويعلمهم ويفقههم لكونه اعلى رتبة منهم فهو معدود معلم من لهم فلما اخبروه انه لا يوجد قال لا يفقه هؤلاء ابدا. وكما يقول ابو حنيفة هذا في حلقة ينظرون في العلم لا رأس لهم فاولى ان يقال ذلك في المناهج مقترحة لنيل العلم مما تتضمن الاحالة على قراءة كتاب كذا وكتاب كذا وكتاب كذا بكذا فان هذه بدعة محدثة حلت بالامة بعد سنة اربعمئة بعد الالف فالف من الف في درجات العلم وطريقة اخذه ورتب ذلك درجات وعددها بقوله المرتبة الاولى ان يقرأ الطالب كذا وكذا ثم اقرأ كذا وكذا ثم يقرأ كذا وكذا ثم تتابع الناس باخرة على هذا وصار اخذ العلم عن الشيوخ بمعزل فصار الطالب يزعم ان المنهج الذي يأخذ به العلم هو ان يقبل على هذا المنهج الذي اقترحه بعضهم فيقرأ شرح ثلاثة الاصول للعلامة ابن عثيمين مثلا ثم يقرأ القول المفيد شرح كتاب التوحيد لعلامة ابن عثيمين ثم اقرأوا شرح للعلامة ابن عثيمين قال كاتبه ويكون بهذا قد حصل قدرا جيدا من معرفة الاعتقاد بل لم يحصل شيئا جيدا من معرفة الاعتقاد. لانه لا فهم له وليس المقصود في الفهم مجرد قدرتك على معرفة معنى الكلام ولكن المقصود بالفهم هو استقرار هذه المعاني في قلبك ولا يمكن ان تستقر هذه المعاني في قلبك متعاطي العلم حتى يكون عنده من يلقي اليه هذه المعاني القاء. فان علامة علم هذه الامة انه علم بالاخذ عن الرجال كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابو داوود بسند صحيح عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم وهذا الحديث اصل في كون العلم في هذه الامة يؤخذ بالتلقي كما بينه الشاطبي رحمه الله تعالى في كتاب الموافقات. ومن اسباب الضعف التي حلت بالعلم واهله في الازمنة هو فشو مثل هذه المناهج وامتثالها من بعض من سلك طريق العلم فربما قرأ يسيرا على بعض الاشياخ ثم اغرق في تتبع مثل هذه الطرائق او سلك لنفسه طريقة وقرأ بها بعض الكتب ثم صار يتكلم في العلم من غير اخذ له ومن هنا ظهرت هذه العجائب والاوابد والمصائب التي صارت تنسب الى الشريعة في هذه الاوقات فما هذا الركام الذي نراه الا نتاج مولود نكد لاخذ العلم ولد بعد الاربع مئة والالف وكانت بواكيره موجودة في التسعينات لكن انه صنف في في عشر التسعين لكنه صنف وكتب ونشر واغري به الشباب بعد ذلك وصار منتشرا مكتوبا والجامع لهؤلاء الذين كتبوا في هذا انهم لم يتلقوا العلم عن العلماء كما ينبغي ربما يكون بعض قد قرأ يسيرا اما ان يكون منهم من صحب شيخا تخرج به فدون ذلك خرط القتاد. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذا المعنى بهذه الابيات التي عزاها الى بعضهم ولم يسمه وقد اختلف اهل العلم فيه. والصحيح ان قائد هذه الابيات هو ابو الحسن ابن المفضل المقدسي كما رواه عنه بسند صحيح الشاطبي في كتاب الافادات والانشادات وابياته تصدر للتدريس كل مهوس اي صاحب هوس جهول تسمى بالفقيه المدرس اي لقب بهذا اللقب فحق لاهل العلم ان يتمثلوا ببيت قديم شاع في كل مجلس لقد نزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها او حتى استامها كل مفلس. ومن طرائف المتعلقة بهذه الابيات ما اخبرنا به الشيخ عبد الله بن عثمان التويجري رحمه الله تعالى ان الشيخ حمد بن فارس العلامة النحوي المعروف انه خرج مبعوثا من ولي الامر الى بعض جهات سدير فوجد جماعة بعد الفراغ من الصلاة اجتمعوا عند رجل فاحب ان يجلس في حلقة العلم ويستمع الى ما يقولون فلما سمع كلامه خرج من المسجد وكتب على بابه تصدر كل التدريس كل مهوس جهول تسمى بالفقيه المدرس الى اخر هذه الابيات المذكورة ها هنا لهذا انتهى التقرير على هذا الكتاب في هذا المجلس. وبالله التوفيق. فيه قصيدة النسخة منها. لا خلاص اللي يزول القبل. بعد الدرس حطه هناك اللي ياخذ ياخذ هذه القصيدة سبق وعدناكم بها قصيدة في عزة العلم. اولى ما وعدناكم بها؟ ولماذا ما سألتم عنها ما الجواب ها لا ما فيه يعني بالعكس يستحثني اللي يسألني عنها مشيئة يعني ان شاء الله ان شاء الله تحقيقه مهوب يعني ان شاء الله تمشية ترى نحن يا اخوان الى الان مع الطلبة الى الان دايم يقولون المعلمين والمشايخ يقصرون يقصرون لا تخلونا نقلب ونقول لا الطلبة مفروض اذا ذكرت لكم او غيري ذكر لكم شيئا ان يحرص انسان على ان يلتمسه لان لا تفوت الفائدة. وهذه القصيدة في عزة العلم لها روايات لكن ان اصحها هذه الرواية التي ذكرتها من طريق السبكي في طبقاته رحمه الله تعالى. اقول بسم الله الرحمن انشدنا حسين ابن علي الحسن قراءة عليه قال انشدنا احمد بن عبد الرحمن الحسني اجازة عن داوود ابن عباس السالمي عن عبدالرحمن بن سليمان الاهدل عن محمد بن محمد الحسيني عن داوود ابن سليمان الخيبتاوي عن محمد الفيومي مصري عن يوسف بن عبدالله او ميوني عن عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي عن محمد بن محمد بن فهد المكي محمد بن يعقوب الشيرازي عن عبد الوهاب بن علي السبكي انشد قال انشدنا ابو العباس ابن مظفر بقراءة عليه قال انشدنا الحسن ابن عدي الخلال بقراءته قال انشدنا جعفر بن علي همداني سماعا عليه قال اشهدنا عبد الله بن عبد الرحمن العثماني قال كتب الي محمود بن عمر الزمخشري من مكة واجاز لي. معروف الزمخشري صاحب الكشاف قال انشدنا احمد بن محمد الخوارزمي قال انشدنا المحسن بن محمد الجشمي قال انشدنا اسماعيل ابن محمد ابن حسن قال انشدنا علي ابن عبد العزيز جرجاني نفسه قال يقولون لي فيك انقباض وانما رأوا رجلا عن موقف الذل احجما ارى الناس من دناه مهان عندهم ومن اكرمته عزة النفس اكرم وما كل برق لا حديث يستفزني ولا كل من لاقيت ارضاه منعما واني اذا ما فاتني الامر لم ابت اقلب كفي اثره متندما ولم افضح العلم ان كان كلما بدا طمع سيرته لسلما اذا قيل هذا منهل قلت قد ارى ولكن نفس الحر تحتمل الظمأ ولم ابتذل في خدمة العلم مهجتي لاخدم من لاقيت لكن لاخدم ااشقى به غرسا واجنيه بلة اذا فاتباع الجهل قد كان احزما ولو ان اهل العلم صانوا اوصانهم ولو عظموه في النفوس لعظم. هكذا الرواية والسبكي يستحصي انه كان يكون لعظم. ولكن اهانوه فهان ودنسوا محياه بالاطماع حتى تجهما. واستحسان السبكي ذكره في معيد النعم ومبيد النقم وليس في الطبقات. طيب هذه القصيدة اذا جاء واحد منكم يرويها ماذا يقول انشدنا مو الشيخ صالح ما في شيخ في الاسانيد ما في شيخ وعلامة هذي من زيادات المتأخرين هذا شيخي وانظر الى شيخي ومن فوقه وجدت في البخاري قال حدثنا الشيخ علي بن مديني لا ولكن لما ضعف المتأخرون احتاجوا الى الالقاب ولما كمل المتقدمون استغنوا عن الالقاب. والمقصود يقول القائل انشدنا فلان بن فلان من لفظه. قال انشدنا حسين بن علي. وتقييد العلم له فن وان شاء الله تعالى لعل في اذا جاء في الادب هنا في عندي بعض الافكار في تقييد العلم لعل ازودكم بها والمقصود الانسان يحتفظ بمثل هذه يضعها في والافضل يكون له هناك افادات انشادات وافادات يسمعها مثل هذه الانشادة ويظعها في ظمنه هذا ويحفظها ويكتب تاريخها تاريخ سماعها