الله وبركاته الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات. واشهد ان لا اله ان الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى صلى الله عليه وسلم ما عقدت التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس السادس عشر في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى سنة ثلاثين بعد الاربع مئة والالف واحدى وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن جماعة رحمه الله ويتلوه الكتاب الثاني وهو بلوغ القاصد جل المقاصد لعلامة عبد الرحمن بن عبد الله البعلي رحمه الله. ويتلوه الكتاب الثالث وهو فتح الرحيم الملك العلام للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله. وقد انتهى بنا القول في الكتاب الاول الى الادب الثالث عشر من ادب العالم مع طلبته مطلقا وفي حلقته. نعم. احسن الله اليك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا او للحاضرين ولجميع المسلمين. قال المصنف رحمه الله تعالى الثالث عشر ان يسعى في مصالحه الثالث عشر الثالث هذي دائما تبنى على فتح الجزئين الثالثة عشر الرابعة عشر والخامسة عشر. نعم. احسن الله اليك. الثالث عشر ان يسعى في مصالحه الطلبة وجمع قلوبهم ومساعدتهم بما تيسر عليه من جاه ومال عند قدرته على ذلك وسلامة دينه لضرورته فان الله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه. ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته ومن يسر على معسر يسر الله عليه حسابه يوم القيامة. لا سيما لا سيما اذا كان ذلك اعانة طلب العلم الذي هو افضل القربات. واذا غاب بعض الطلبة او موازي للحلقة زائدا على العادة سأل عنه وعن وعن من يتعلق به فان لم يخبر عنه بشيء ارسل او قصد منزله بنفسه وهو افضل. فان كان مريضا وان كان في غم خفض عليه وان كان في غم خفض عليه وان كان مسافرا تفقد اهله ومن وسأل عنهم وتعرض لحوائجهم ووصلهم بما امكن وان كان فيما يحتاج اليه فيه اعانه وان لم يكن من ذلك تودد اليه وذله واعلم ان الطالب الصالح اعود على العالم بخير الدنيا والاخرة من اعز الناس واقرب اهله اليه وكذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم ومن بعدهم ولو لم يكن للعالم الا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وعمله وارشاده لتباه ذلك الطالب عند الله تعالى فانه لا يتصل شيء من علمه الى احد فينتفع به الا كان الا كان له نصيب من الاجر. كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم. اذا مات انقطع عمله الا من ثلاثة صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له وانا اقول اذا نظرت وجدت معاني الثلاثة موجودة في معلم العلم. اما الصدقة فاقراءه اياه العلم وابادته اياه الا ترى يا قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصلي وحده من يتصدق على هذا اي بالصلاة معه لتحصل فضيلة الجماعة ومعلم العلم ومعلم العلم يحصل للطالب فضيلة العلم التي هي افضل من صلاة في جماعة ينال بها شرف الدنيا والاخرة. واما العلم المنتفع به فظاهر. لانه كان سببا لايصال ذلك العلم الى لمن انتفع به واما الدعاء الصالح له فالمعتاد المستقرأ على السنته هكذا في المشرق الاخرى مع الاخوان واما الصالح كذا عندك في النسخة اللي غير نسختنا هذه دعاء الصالح له والحديث ما فيه الدعاء الصالح دعاء الولد الصالح له. فاخشى ان يكون فيه هناك سقط وتتابعوا عليه. واضح الاشكال؟ الحديث قال او ولد صالح يدعو له فكان ينبغي ان يقول واما دعاء الولد الصالح له فالمعتاد الى اخر ما ذكر. فان صحت النسخة فالامر كما هي والا فتوجيهها على ما ذكرنا ان اصل الكلام واما دعاء الولد الصالح له. نعم احسن الله اليكم. من الدعاء لمشايخ وائمتهم وبعض اهل العلم يدعون لكل من يذكر عنه شيء من العلم. ربما يقرأ بعضهم الحديث بسنده فيدعوني رجال السند فسبحان من اختص من شاء من عباده بما شاء من جزيل عطائه ذكر المصنف رحمه الله على ادبا اخر من اداب العالم. وهو ان يسعى في مصالح طلابه. وان يجتهد في جمع قلوبهم ومساعدتهم لانهم كما سلف اولاده على الحقيقة. فهم من جملة ذريته الروحية فانه ان لم ينسلهم من صلبه نسبا الا انهم منتسبون اليه في اخذ الدين. وان من تصحيح انتسابهم اليه ان يكون ساعيا في مصالحهم. رفيقا بهم معتنيا في جمع قلوبهم. حريصا على معاونة كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ذلك مشروطا ثلاثة شروط احدها ان يكون قادرا على ذلك لقوله عند قدرته على ذلك فان الواجبات مناطة بالقدرة. كما قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم والثاني سلامة دينه بحيث يأمن من وقوع خلل في دينه اذا شرع في مساعدة احد منهم فانني من الناس من يجتهد في طلب المساعدات للخلق تكون نيته صحيحة في المبتدأ ثم تتحول هذه النية الى غير الصحيح ويدخل على العبد انواع من للشيطان فيه وثالثها الا يكون مضطرا محتاجا اليهم فانه ربما الحاجة على ان يثلم دينه. فاذا وجدت هذه الشروط الثلاثة فعلى المعلم ان يسعى في نفعهم بما يتيسر عليه من الجاه والمال. وذكر المصنف رحمه الله تعالى موجبات ذلك مما صح عن النبي صلى الله الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة عند مسلم وفيه فان الله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته ومن يسر على معسر يسر الله عليه يوم القيامة. وذكر المصنف الله تعالى تعلق التيسير بالحساب وليست هذه اللفظة واردة في المحفوظ من الحديث انما الحديث يسر الله عليه يوم القيامة. لكن المصنف لعله اوردها لان من اشد ما يكون يوم القيامة هو الحساب فخص حصول التيسير به. وان كان الحديث عاما غير مخصص مطلقا غير مقيد بشيء. ثم ذكر ان هذا العون يتأكد اذا كان في مساعدة اعانة له على طلب العلم الذي هو من افضل القربات. ثم ذكر رحمه الله تعالى مما ينبغي ان به المعلم ان يتعاهد من يتعلق به من الطلبة ويسأل عنه وعن احواله. وجعل ذلك مشروطا بما زاد على العادة فاذا زاد على العادة المعروفة بين الخلق فانه ينبغي ان يسأل عنه. واما اذا كان جاريا عن العادة كمن يغيب درسا او درسين فان هذا امر معتاد بحسب احوال الناس وازمنتهم. فانما ينبغي ان فيما زاد على العادة ويتأكد ذلك في حق من كان له حق من المتعلمين بدوام الصحبة وطول الالفة مع فاذا طالت صحبة المعلم الم تعلم للمعلم وكان من خواص اصحابه تأكد السؤال عنه وذلك كما سلف مشروط بما زاد على العادة الجارية. اما من غاب درسا او درسين وشبيها بهذا فان الانسان يكتفي بالسؤال العام عنه او بتفقده بعينه. فان الذي يعرف اصحابه يعرفهم بالنظر اليهم. ثم ذكر انه ان لم يخبر عنه بشيء ارسل اليه او قصد منزله بنفسه وهو افظل فان كان مريظا عاده وان كان في ومنخفض عليه يعني خفف عليه منه وسلاه عنه وان كان مسافرا تفقد اهله ومن تعلق به وسأل عنهم وتعرض لحوائجهم ووصلهم بما امكن وان كان فيما يحتاج اليه فيه اعانه وان لم يكن شيء من ذلك اليه ودعا له ثم ذكر رحمه الله تعالى كلاما نفيسا فيما ينبغي ان يكون عليه المعلم من تحري الطلاب الصالحين. فقال رحمه الله واعلم ان الطالب الصالح اعود على العالم بخير الدنيا والاخرة من اعز الناس اليه واقربهم اليه واقرب اهله اليه اي من جهة النسب. وكذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبكة الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم ومن بعدهم. ولو لم يكن للعالم الا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وعمله وهديه وارشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى. فانه لا يتصل شيء من علمه الى احد فينتفع به الا كان له نصيب من الاجر. وهذا كلام عظيم. فان المعلم ينبغي ان يكون موجب تعليمه الخلق الحرص على تخريج من ينتفع الناس بعلمه. وكما كان السلف رحمهم الله تعالى يلقون الاجتهاد لاقتناص الطلاب الصالحين لذلك ينبغي ان يجتهد المعلم في تصفح احوال اصحابه ومعرفة مقاديرهم في العلم فمن رأى انه يفلح فيه ولمح منه فطنة وذكاء اعتنى به رجاء ان ينتفع الناس علمه فالحامل له ابتغاء تخليف احد بعده ينفع الناس بالعلم والعمل والهداية والارشاد. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان من موجبات هذه العناية انه لا يتصل شيء من علم المعلم الى احد من الخلق من طريق الم تعلم عليه فينتفع به الا كان له نصيب من الاجر. فهو شريك له. كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم اذا مات العبد انقطع عمله الا من ثلاثة الى اخر ما ذكر. وهذا الحديث في صحيح مسلم لكن بغير هذا اللفظ فان هذا الحديث يذكر بثلاثة الفاظ احدها اذا مات الانسان وهو في صحيح مسلم وثانيها اذا مات العبد وهو عند البخاري في الادب المفرد وثالثها اذا مات ابن ادم وهو عزيز المخرج. فقد رواه ابن بالدنيا في كتاب النفقة على العيال. واللفظ الثالث هو اشهرها دورانا على الالسنة. مع عزة مخرجه فانه لم يخرجه من المسندين الا ابن ابي الدنيا في كتاب النفقة على العيال. والمحفوظ من هذه الالفاظ الثلاثة هو اللفظ الاول اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاثة اي الا من ثلاثة اعمال. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هذه الاعمال الثلاثة توجد في معلم العلم الخير. فاما الصدقة فان اقراء المعلم للعلم وافادته الناس هو من الصدقة عليهم. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصلي وحده عند ابي داود رواه الترمذي من يتصدق على هذا اي بالصلاة معه لتحصل له فضيلة الجماعة. وابلغ من هذا ما في في حين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال والكلمة الطيبة صدقة ولا اطيب من كلم العلم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان معلم العلم يحصل للطالب فضيلة العلم التي هي افضل من صلاة في جماعة وينال بها شرف الدنيا والاخرة. وقوله في فضيلة العلم انها افضل من صلاة في جماعة اي العلم مفروض على الانسان فان العلم المفروض اللازم للانسان افضل من صلاة في جماعة سواء كنا بوجوب صلاة الجماعة او انها مستحبة كما هو مذهب الشافعية والمصنف منهم. واما انتفاع الخلق بعلمه من بعده فظاهر لان المعلم الذي يعلم الناس الخير يوصل اليهم العلم فينقله طلابه من بعده فينتفعون به. واما دعاء الولد الصالح له الذي ذكره المصنف بقوله واما دعاء الصالح له وتوجيهه كما سلف انه دعاء الولد الصالح له. لانه هو المذكور في الحديث. قال فالمعتاد تقرأ على السنة اهل العلم والحديث قاطبة من الدعاء لمشايخهم وائمتهم الى اخر ما ذكر. فان الاخذين عن المعلم من اصحابه وتلاميذه هم اولاد له من جهة الروح كما سلف. وهم يدعون له من بعده فان العادة الجارية في العلم الدعاء للشيخ سواء في حياته او بعد مماته. وكان من اهل العلم من يدعو لكل من يذكر عنه شيء من العلم سواء كان من شيوخه ام من غير شيوخه؟ وفيه ممن يدعو لمن استفاد منه ولمن استفاد منه من الجهتين سواء شيخا او تلميذا كما كان ابو حنيفة فتى رحمه الله يقول اني لاستغفر لمن استفدت منه ولمن استفاد مني اي لمن اخذت عنه ولمن اخذ عني قال وربما يقرأ بعضهم الحديث بسنده فيدعو لجميع رجال السند فسبحان من من شاء من عباده بما شاء من جزيل عطائه اي باجتماع هذه الهبات الثلاث لمعلم الخير فان هذه الاعمال الثلاثة من الصدقة الجارية والعلم الذي ينتفع به والولد الصالح الذي يدعو له قل ان تجتمع لاحد وان ممن تجمع لهم هذه الثلاث معلم الناس الخير. وهذا من اعظم الامور التي تحمل العبد على بهذه الوظيفة تعبدا لله عز وجل. فان تعليم الناس الخير وظيفة لا تنال عليها عطايا السلاطين واموالهم وانما تنال بها هبات الله الجزيلة. وكلما كان الانسان وهابا للخير. حريصا على تعليم الناس اياه كلما زاده الله سبحانه وتعالى رفعة وعلوا وثبته على القول الثابت فان من اعظم ما يرسخ قدم على الحق ويجعل الانسان ثابتا عليه دوام لهجه بالعلم تعلما وتعليما. نعم. احسن الله اليك عشر ان يتواضع مع الطالب وكل مسترشد سائل. اذا قام بما يجب عليه من حقوق الله وحقوقه ويخفضها وله جناحه ويلين له جانبه. قال الله تعالى لنبيه واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ضحى عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى اوحى الي ان تواضعوا وقوله وما تواضع احد لله الا رفعه الله وهذا لمطلق الناس فكيف بمن له حق الصحبة وحرمة التردد وصدق التودد وشرف الطلب وفي تلينوا لمن تعلمون ولمن تثق ولمن تتعلمون منه وعن الفضيل من تواضع لله ورثه الحكمة وينبغي ان يخاطب كلا منهم لا سيما الفاضل المتميز بكنيته ونحوها من احب الاسماء اليه وما فيه تعظيم وتوقير فعن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكني اصحابه اكراما لهم وكذلك فينبغي ان يترحل بالطلبة اذا لقيهم وعند اقبالهم عليه ويكرمهم اذا جلسوا اليه ويؤنسهم بسؤاله عن واحوال من يتعلق بهم بعد رد سلامهم ويعاملهم بطلاقة الوجه وظهور البشر وحسن المودة واعلان ام المحبة واضمار الشفقة؟ لان ذلك اشرح لصدره واطلق لوجهه واوصغ لسؤاله ويزيد في ذلك لمن جاء فلاحه ويظهر صلاحه. وبالجملة فهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيما رواه ابو سعيد الخدري رضي الله فيما رواه ابو سعيد الخدري الخدري عنه صلى الله عليه وسلم قال ان الناس لكم تبع وان رجالا من اقطار الارض يتفقهون في الدين. فاذا اتوكم فاستوصوا بهم خيرا. وكان البويطي يدني القراء ويقرر اذا طلبوا العلم ويعرفهم فضل الشافعي وفضل كتبه ويقول كان الشافعي يأمر بذلك ويقول اصبر ابائي وغيرهم من التلاميذ. وقيل كان ابو حنيفة اكرم الناس مجالسة واشدهم اكراما لاصحابه ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادبا اخر من اداب العالم مع طلبته ختم به هذا الفصل وهو ان يتواضع مع الطلاب بل مع كل مسترشد سائل سواء كان من المتعلمين الاخرين عنه او من عموم الناس المسترشدين به. وقد تكلم اهل العلم الله تعالى في بيان حقيقة التواضع. والكلام في الاخلاق من اشق منازع العلم. لانها احوال النفس ربما يعزب لسان البيان عن الافصاح عنها. الا ان النبي صلى الله عليه وسلم اشار الى كذلك بما يستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه انه قال الكبر الحق وغمط الناس. فاشار النبي صلى الله عليه وسلم الى حقيقة التكبر. وانها غمط الحق اي دفع الحق وانها مشتملة ايضا على احتقار الناس وغمطهم. فيكون التواضع هو قبول الحق واعظام الخلق اخذا له من مقابله مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم. فاتم حد يبين به التواضع انه قبول الحق واعظام الخلق كما استفيد من الحديث الانف. ويتأكد هذا اذا كان الطالب او المسترشد قائما بما يجب عليه من حقوق الله وحقوقه. فعلى المعلم ان يخفض له جناحه تواضعا ويرين له جانبه متقربا ممتثلا امر الله عز وجل لنبيه اذ قال وفر مناحك لمن اتبعك من المؤمنين. واحق المؤمنين بخفض الجناح هم اكدهم واكملهم وهم الساعون في حمل العلم ونقله. واورد المصنف رحمه الله تعالى احاديث. عن النبي صلى الله عليه وسلم في مدح التواضع والامر به رواها مسلم في صحيحه فقال وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى اوحى الي ان تواضعوا. وقوله صلى الله عليه وسلم ايضا وما تواضع احد لله الا رفعه ومن لطائف الاحاديث المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتواضع رواه الامام احمد بسند صحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله قال من تواضع لي هكذا واشار بيده رفعته هكذا واشار بيده ونعت الراوي هذه الصفة بانه خفضها الى باطن الارض اولا ثم اشار بها الى السماء فالحديث على صفته ان الله قال من تواضع لي هكذا رفعته هكذا اي جعلته مكانة عالية ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هذا الامر لمطلق الناس فالانسان مأمور بان للخلق جميعا ومن كان له معه حق صحبة وحرمة تردد وصدق تودد وشرف طلب فهو اولى بان وضع له ثم اورد حديثا اخر لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه وما سبق من احاديث التواضع يغني عنه وعن الفضيل ابن عياض قال من تواضع لله ورثه الحكمة وانما كان التواضع مورثا للحكمة لان حقيقته كما سلف قبول الحق واعظام الخلق فمن اعتاد قبول الحق من كل متكلم به. وكان معظما للخلق. لا يحقر احدا منهم فان الله عز وجل يفتح له باب الفهم في العلم والعمل وهذه هي حقيقة الحكمة. ثم ذكر من جملة ما يتعلق بادب العالم مع اصحابه ان يخاطب كلا منهم لا سيما الفاضل المتميز بكنيته ونحوها من احب الاسماء اليه وما فيه تعظيم له وتوقيره واورد رحمه الله تعالى في ذلك حديثا معينا عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكني اصحابه اكراما لهم. وهذا الحديث رواه بهذا اللفظ الخطيب في الفقيه والمتفقه واسناده لا يصح الا ان معناه محفوظ من احاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كنا فيها جماعة من اصحاب به الا ان هذا الادب انما يكون مع اهل الصحبة التامة والود الخاص والتقدم في العلم فان العرب جعلت الكنية اكراما فلا تصرف الا لاهلها والمستحق للتكريم هو الذي عرف بالعناية باخذ العلم رسوخ القدم فيه فاذا كان كذلك كان من طرائق تعظيمه ان يخاطبه يعلمه بكنيته واما جعل هذا شعارا مع كل احد فان هذا مما لا تعرفه العرب والعرب انما فعلت الاسماء دليلا على الذوات. فالاصل مناداتها للخلق باسمائها. الا معظما فانها باسمه وكان الامام احمد رحمه الله تعالى لا ينادي علي ابن المدين الا بكنيته تعظيما له وهذا عند العرب في كلامهم. واما الالقاب فكما سلف فان العرب ازهد الخلق في الالقاب. لان الغالب ان لقب من جنس المدح وباب المدح عظمه على الكذب. فان اكثر ما يجري في كلام الناس نثرا ونظما من المدائح انما هو مبني على كذب او امر متكلف. فكان العرب ممن يتنزهون عن هذا ومن لطائف ما يدل على تنزه العرب عن هذا ان الحاكم رحمه الله تعالى خرج حديثا في المستدرك فقال هذا اسناد اعرابي واشار بعض اهل العلم واظنه الذهبي رحمه الله تعالى الى ان معنى هذا انهم عرب اشراف يتنزهون عن الكذب. وان كانت لا تعرف اعيانهم فانهم ربما كانوا من جملة من لا يعرف اي ممن اما مجهولا في حاله لكن العربي الاصيل ممن يستنكف ويستعظم من امر الكذب ومن جملة خلائقهم ما ذكرت لك من تجافيهم للالقاب بناء على ان جلها مرجعه الى المدح الزائد عن حقيقة الامر. وقد وسع الناس بهذا الامر في اخر هذا الوقت فصار كل يلقب بالقاب فظاظة واشنع ذلك ان يلقب المعلم تلاميذه باسماء المشيخة والحفظ والعلم وهم لا زالوا صغارا. فان هذا مما يضره ويضرهم ثم ذكر رحمه الله تعالى من الادب الذي ينبغي ان يكون عليه العالم ان يترحم بالطلبة اذا لقيهم وعند اقبال عليه ويكرمهم اذا جلسوا اليه ويؤنسهم بسؤاله عن احوالهم واحوال من يتعلق بهم بعد رد سلامهم ويعاملهم بطلاقة الوجه ظهور البشر وحسن المودة واعلام المحبة واظمار الشفقة لان ذلك اشرح لصدره اي لصدر المتعلم. واطلق لوجهه وابسط لسؤاله اي اهيا له ان ينبسط في سؤاله وان يبينه. ثم ذكر انه ينبغي ان يزيد في ذلك لمن يرجى فلاحه ويظهر صلاحه وهذا المعنى معنى عظيم عند اهل العلم وقد بوب عليه ابن عبد البر في جامع بيان علمه وفضله وكذلك الخطيب في كتاب الفقيه والمتفقه واورد في ذلك عدة احاديث واثار وقصص عن السلف رحمهم الله تعالى. ثم قال وبالجملة فهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ان علمينا هم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر في ذلك حديثا مشهورا رواه ابو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم. لكن كون طلبة العلم من جملة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه دلائل متكاترة. من اشهرها ما رواه احمد بسند قوي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال استوصوا باصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وانما اراد النبي صلى الله عليه وسلم وصية لاصحابه وبالصفات التي اتصفوا بها حتى اوجبت الوصية بهم. ومن جملة صفاتهم انهم كانوا بالعلم تعلما وتعليما وكذلك كان من بعدهم ثم من بعدهم من الصدر الاول والرعيل السالف في القرون ثلاثة فهذا يدل على ان من اتصف بصفاتهم ومن جملتها اخذ العلم وحمله انه مما ينبغي ان يكون به من النبي صلى الله عليه وسلم ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم هي احق الوصايا بالوفاء واعظمها ما ذكره ابو عبيد القاسم ابن سلام في كتابه الاموال وقد تقدم ان اسم الوصية موضوع في الشرع لما ومن جملة ذلك وصيته صلى الله عليه وسلم باخذ العلم وحملته على المعنى الذي ذكرته لك انفا ثم وذكر رحمه الله تعالى من وقائع ذلك في احوال من مضى ان البويطي صاحب الشافعي كان يدني القراء ان يقربوا طلاب العلم والقراء لقب في الصدر الاول لاخذ العلم وملتمسيه من طلابه وليس مختصا بحملة في القرآن وحفظته ورواته. بل كان اسم القراء موضوعا على اخذ العلم وطلبته كما في الصحيح ان اصحاب عمر كانوا هم القراء شبابا ام كهولا فالمراد بهم المشتغلون بطلب العلم في اثار اخرى بهذا المعنى. ويقربهم اذا طلبوا العلم ويعرفهم فضل الشافعي وفضل كتبه. ليعظموا وما فيها من العلم وكان يقول لهم كان الشافعي يأمر بذلك. اي يأمر بادناء الطلبة وتقريبهم. وليس المعنى ان يأمر بالتعريف بفظله وبفظل كتبه وانما كان الشافعي يأمر بادناء القراء وتقريبهم كان يقول اصبر للغرباء وغيرهم من التلاميذ. وانما خص الشافعي رحمه الله تعالى الوصية بالصبر على الغرباء. لان الغرباء لهم احوال اضطرار لا اختيار فانهم يقدمون بلدا في مدة يسيرة ويريدون ان ينتفعوا فربما حملهم حرصهم على الانتفاع على الوقوع فيما لا يحسن منه. فينبغي ان يصبر المعلم عليهم اكثر من صبره على غيرهم. وتقدم هذا المعنى في احد الاداب السالفة ثم قال المصنف وقيل كان ابو حنيفة اكرم الناس مجالسة واشدهم اكراما اصحابه يعني كان اكرم الناس في معاملة الخلق في مجلسه. وكان شديد العناية باكرام اصحابه. وهكذا ان يكون بادل العلم حريصا على اكرام الجالسين عليه متحريا افادتهم معاملا لهم بما ينبغي من اكمل الاخلاق وهذا الفصل من هذا الباب الثاني المتعلق بالمعلم من اثقل الامور التي تكون على النفس لانها تخاطب المعلم قبل ان تخاطب اصحابه. فان المعلم الذي تصدروا الى الناس هو المعني بهذا القول. وهو مفتقر الى اعادة النظر فيها مرة بعد مرة. وتلقينها للمتعلمين في ابتداء طلبهم على رجاء ان يكونوا معلمين فيما يستقبل من ايامهم. فاذا وقع لهم هذا الحظ الاوفر من التصدر تعليم فانه يحسن ان يكون مما تقدم من اخذهم للعلم تعلمهم للاداب التي يكون عليها المعلم ولهذا قدم رحمه الله تعالى هذا الباب على الباب التالي وهو اداب المتعلم وان كان الاحق من جهة النظر ان اداب المتعلم اولى بالدرس قبل اداب المعلم لكن للعلة التي ذكرنا قدم المصنف رحمه الله تعالى هذا. فاسأل الله سبحانه وتعالى الا ان يعيننا جميعا على القيام بهذه الاداب وان ييسر لنا القيام بحق الاصحاب. واعلموا ايها الاخوان ان جلوس المتعلم في هذا الدرس اعز واعظم واشق على نفسي من جلوسه عندي في بيتي. لان جلوسه هنا هو جلوس لاجل امر الاخرة وهو جالس في بيت من بيوت الله عز وجل. ومن يجلس في بيته فربما جلس لامر الدنيا وهو جالس في بيته وليس في بيت من بيوت الله سبحانه وتعالى. وهذه العناية توجب عليك ان تعتني بهذا المجلس. من كل وجوهه عندما نعيد ونبدي في اداب مجالس العلم ونشير اليها فالمقصود بذلك حفظ وقار العلم لان حفظ الوقار ان يوجب تعظيمه ومن عظم العلم ناله ومن لم يبالي به لم ينله. وعندما نؤكد على هذا بالارشاد فنقول لا يمدن ان احد منكم قدميه او لا يرضى عن كتابه على الارض فليس المقصود من ذلك اخلاق البنوك من التسلط على الخلق وانما مقصود ارشاد الخلق وقد يرى بعض الناس ان في مثل هذا الارشاد تعاليا وتعاظما وهذا من قصور نظره وقلة علمه فان الطبيب اذا رأى علة في المريض وجب عليه ان يداويه. وان ظن المريض ان الطبيب يعطيه سواء مرا او شديدا عليه او لا يرعاه حق رعايته لكن الطبيب اذا علم ما لله عز وجل في مداواة علل الناس كفاه ذلك وكذلك معلم الناس الاديان اذا علم حق الله عز وجل فانه لا ينبغي له ان يبالي بالخلق وانما مدار الامر على مراقبة الله سبحانه وتعالى. وهذا كما يكون في حق المعلم فانه يكون في حق المتعلم. فانت ات الى الحلقة تقربا الى الله سبحانه وتعالى. فاننا لا نقسم فيها دراهم وذهبا. وانما نقسم فيها العلم وعندما يأتي احدكم ليحمل العلم فانه يقبل على مكان عبادة. فينبغي له ان يتأدب بادابها. وان يعرف لها قدرها وان يحفظ لها حقها. ومن جملة ذلك دوام حرصه عليها. فان دوام حرصك على هذه الحلقة لا اريد به ان تحرص علي وانما اريد به ان تحرص على العلم. وعندما نتفقد بعض الاخوان فانما المقصود بتفقدنا عندما نسأل عنهم عن غيابهم عن الدرس وليس غيابهم عن المدرس. فان المدرس لا يريد لنفسه شيئا وانما يريد للمتعلم ان يتعلم وعندما تغيب فانه يفوتك شيء من العلم. وقد لا تعود اليه وقد يكون فيه من جواهر الدرر ما لا تجده في غير هذا المحل ولهذا اؤكد ان من اداب العلم ان الانسان اذا غاب ففقدناه في المجلس فانه ينبغي له ان يحرص على الدرس وان يراجعه وان يستمع الى الدرس اما باخذ التفسير من الاخوان او بالرجوع الى الشبكة العنكبوتية اخذ الدرس من موقع البث الاسلامي وهذا اخر البيان على هذا المجلس وبالله التوفيق