السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم ما عقد مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التكريم. اما بعد فهذا الدرس السابع عشر في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى سنة ثلاثين بعد الاربع مئة والالف واحدى وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن جماعة رحمه الله ويليه كتاب بلوغ القاصد جل المقاصد لعلامة عبد الرحمن بن عبد الله البعلي رحمه الله. ويليه الكتاب الثالث وهو كتاب فتح الرحيم الملك العلام للعلامة عبدالرحمن ابن ناصر ابن سعدي رحمه الله وقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول الى الباب الثالث. نعم. احسن الله اليك. بسم الله الرحمن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المصنف رحمه الله تعالى الباب الثالث في اداب المتعلم وفيه ثلاثة فصول لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من البابين المتقدمين واولهما يتعلق العلم والثاني يتعلق باداب المعلم اعقبهما بباب ثالث في اداب المتعلم وقد سبق ان ترجم له رحمه الله تعالى في ديباجة كتابه بقوله الباب الثالث في اداب المتعلم في لنفسه ومع شيخه ورفقته ودرسه. وهذه الترجمة المتقدمة في ديباجة الكتاب ومما اقتصر عليه المصنف ها هنا فان الترجمة التامة التي تقدمت هناك تفصح عن فصول هذا الباب الثلاثة فهي اليق مما اقتصر عليه المصنف ها هنا. نعم. احسن الله اليك. الفصل الاول في ادابه في نفسه وهو عشرة انواع الاول ان يطهر قلبه من كل غش ودنس وغل وحسد. وسوء عقيدة وخلق. ليصلح بذلك لقبول العلم وحفظه والاطلاع على دقائق معانيه وحقائق غوامضه. فان العلم كما قال بعضهم صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطل وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة الا بطهارة الظاهر من الحدث والخبث فكذلك لا يصح العلم الذي هو عبادة القلب الا بطهارته عن خبيث الصفات وحدث مساوئ الاخلاق ورديئها. واذا طيب القلب للعلم ظهرت بركته ونما كالارض اذا طيبت للزرع لما زرعها وزكاة. وفي الحديث ان في الجسد مضغة اذا صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. وقال سهل حرام على قلب يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل. شرع المصنف رحمه الله تعالى يذكر اداب المتعلم في نفسه وجعلها عشرة انواع. وقدم في صدرها ان يطهر الم تعلم قلبه من كل غش ودنس وغل وحسد وسوء عقيدة وخلق. وجماع ذلك ان ينفي المتعلم من قلبه كل نجاسة تضر به. ونجاسة القلب مرجعها الى نوعين اثنين نجاسة الشهوات والاخر نجاسة الشبهات. ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد تلميذه ابن القيم رحمه الله تعالى. وحقيقة ذلك ان يكون قلب العبد مخموما. اي سالما من هذه النجاسات وفيه الحديث الذي رواه ابن ماجة بسند قوي من حديث عبدالله ابن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل اي الناس افضل؟ فقال كل مخموم القلب صدوق اللسان قالوا هذا صدوق اللسان نعرفه. فما مخموم القلب؟ قال هو التقي النقي لا اثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد. فاذا كان قلب المتعلم بهذه المنزلة فانه يكون وانما تستدعى طهارة القلب في حق المتعلمين لما ذكره المصنف بقوله ليصلح بذلك لقبول للعلم وحفظه والاطلاع على دقائق معانيه وحقائق قوامضه. فكما ان النفوس لا تستمرئ ان تشرب شيئا في كأس نجسة ملطخة بشيء من القاذورات فان القلوب لا يصلح وان يدخلها شيء من العلم وهي متلطخة بشيء من النجاسات. قال المصنف فان العلم كما قال بعضهم صلاة وعبادة القلب وقربة الباطن. وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة الا بطهارة الظاهر من الحدث والخبث فكذلك لا يصح لا يصح العلم الذي هو عبادة القلب الا بطهارته عن خبيث الصفات وحدث مساوئ الاخلاق ورديئها. ولو ان المصنف قال وكما ان الصلاة تطلب فيها طهارة الباطن والظاهر والعلم من جنس الصلاة لكان ذلك اولى. فان الطهارة المأمورة بها في الصلاة لا على طهارة الظاهر بل يطلب فيها طهارة الباطل. ويشار اليها بالزينة كما في قوله تعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد. فان الزينة هنا تشمل نوعين. احدهما زينة الظاهر وهي التي بها الاحكام الظاهرة عند الفقهاء والثاني زينة الباطن وهي التي تتعلق بتطهير القلب من النجاسات واقباله على الله سبحانه وتعالى ذكر هذا المعنى ابو العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابن القيم في كتاب مدارج السالكين فما كما ان الصلاة تطلب فيها زينة الظاهر والباطن فكذلك العلم عبادة قلبية شبيهة بالصلاة فتطلب فيها طهارة الباطن كما تطلب طهارة الظاهر. قال المصنف واذا طيب القلب للعلم ظهرت بركته ونمى كالارض اذا طيبت للزرع نمى زرعها وزكى. وفي الحديث اي المتفق عليه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. فرد النبي صلى الله عليه وسلم جميع امر صلاح البدن الى صلاح القلب لان القلب بمنزلة الملك الذي يحرك الجوارح والجوارح تابعة له. فاذا طاب الملك طاب تلك الجوارح واذا خبث الملك خبثت تلك الجوارح. كما قال ابو العباس ابن تيمية في الفتاوى المصرية وهو اخذ له من يروى عن ابي هريرة رضي الله عنه قال القلب ملك البدن والاعضاء جنوده فاذا طاب الملك طاب جنوده واذا خبث الملك خبثت جنوده. وان طيب القلب بطهارته. وخبثه بنجاسته. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذا الادب بما نقله عن سهل وهو ابن عبد الله التستري احد الزهاد المشهورين ممن لهم كلمات نيرة منها هذه القولة التي يقول فيها حرام على قلب يدخله النور اي نور معرفة الله سبحانه وتعالى والعلم به وفيه شيء مما يكره الله عز وجل والمراد بما يكره الله سبحانه وتعالى كل ما حرمه الله سبحانه وتعالى من اعمال القلوب واحوالها. فاذا كان القلب مشتمل على شيء من ذلك فان نور العلم والمعرفة لا يدخله. وبحسب ما يكون في القلب مما يكره الله عز وجل تنكسف الانوار. فمن الناس من يكون فيه شيء يسير من مباغض الله سبحانه وتعالى في القلب فيحجب عنه شيء من النور ويمنح بعض النور. ومن الناس من يغلب عليه ذلك فيحرم كثيرا من العلم معرفة ومن الناس من يرزقه الله سبحانه وتعالى طهارة قلبه فيفسح له سبحانه وتعالى من نور معرفته وشبيه بما ذكرهم سهل هنا ما ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد فيما نقله عنه تلميذه ابن القيم في مدارج السالكين في منزلة الانس قال اذا كانت الملائكة المخلوقة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة. كما في حديث لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة فكيف تلج معرفة الله والانس به ومحبته قلبا فيه كلاب الشهوات وصورها انتهى كلامه. وهذا من احسن التفسير الاشاري. وهو صحيح بشروطه فان هذا المعنى الذي ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى صحيح فان الملائكة اذا كانت تحجب عن البيوت اذا كانت فيها كلاب او صور والمراد بها في اصح اقوال اهل العلم الرحمة فكيف تدخل معرفة الله سبحانه وتعالى والانس به ومحبته قلبا يشتمل على كلاب شهوات وصورها ومن اعظم الامور التي ينبغي ان يتزود بها طالب العلم في احواله كلها طهارة قلبه فان طهارة القلب ليست حالا تعرض في اول الطريق بل هي مقام مستديم مستقر ينبغي ان يكون العبد في جميع عمره فلا يخلو منه في حال ابدا. واذا حصل له نقص فيه فانه يجب عليه ان يتداركه وربما عظم عند احدنا طهارة بدنه وثيابه عند خروجه الى حلق العلم. ولا يعظم عليه ان يخرج الى تلك الحلق. وفي قلبه شيء مما يكرهه الله سبحانه وتعالى ويأباه. ولذلك فان حلق العلم محل لتجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى بتعاهد تطهير القلب. فان قلوب العباد لا تنفك عن المعصية. فان كل بني ادم خطاء كما في حديث ابي ذر الغفاري في صحيح مسلم وهو حديث الهي وفيه يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار ومن من جملة تلك الذنوب الذنوب القلبية. فلا يعاب العبد ان تصدر منه. ولكن يعاب على بقائها فيه. فلا بد ان يجتهد في نفيها عن قلبه ومن المقامات التي ينبغي ان يتعاهد فيها قلبه ليحصل له النفع اذا خرج في طلب العلم والتماسه فانه يرجع الى قلبه فينظر فيه فما وجد فيه من نجاسة نفاها. واعلموا ان الانسان لا يدرك العلم بقوة حفظه ولا جودة فهمه ولا كثرة ما له ولا تأثر اهل بيته فيه وانما يدركه بطهارة قلبه. فان العلم ميراث النبوة وجواهر الله سبحانه وتعالى في الارض. ولا يضع الله سبحانه وتعالى ميراث النبوة وجواهره في قلوب متنجسة. فان الجوهرة لا ترمى في البزبلة. ولا يكون العلم عند قلب متنجس وانما توجد صورته عند بعض المتنجسين بالنجاسات القلبية. واما حقيقة العلم التي قربوا المرء الى الله سبحانه وتعالى وتجعل له بصيرة نافذة يمكنه بها ان يتدرأ من كل لفتنة واقعة وباقعة نازلة فان هذا لا يكون لاولئك المتنجسين. بل ان من تنجس قلبه ممن ينتسبوا الى العلم تظهر فضيحته وتبين رزيئته وتكشف خبيئته عند حلول الفتن. فان نجاسات القلوب المستكنة فيها تظهر على فلتات السنة اصحابها وقسمات وجوهها وجوههم اذا ورد الاختبار عليه فينبغي ان يتعهد طالب العلم هذا الامر في نفسه وان يعيد اليه النظر مرة بعد مرة وان يكثر مما يلين قلبه ويرققه ويقربه الى ربه سبحانه وتعالى. فانك لن تنال العلم بمثل ذلك. ولن تنتفع في علمي ابدا بقدر انتفاعك بتطهير قلبك. وامضاؤك شيئا من الوقت في هذا الباب ليس بمنأى ولا عن العلم فان بعض الشادين للعلم يعسر عليهم ان يوقفوا انفسهم عند مجالس الوعظ او في قراءة كتب الزهد والرقائق ويرون ذلك شيئا يصلح في البدايات وهم قد ارتقوا عن ذلك وفي حقيقة هذا شيء لا تنفك عنه النفس حتى تقضي نحبها وتفضي الى ربها سبحانه وتعالى. فينبغي ان يجتهد العلم في تدارك هذا الامر في نفسه ودوام ملازمته وايصاله اليها بانواع مختلفة من الطرق حتى تحصل له هذه المنفعة العظيمة في العلم. والا فان المرء الذي يبقى قلبه متلطخا بنجاسات وهو يطلب العلم فانه مهما حصل منه فانه لا يحصل العلم على الحقيقة. وليس العلم على الحقيقة بكثرة المعلومات ولكن العلم عن الحقيقة هو الذي يعصم صاحبه من مخالفة امر الله سبحانه وتعالى. واذا كان علماء المنطق يقولون في هي الة قانونية تعصم الذهن عن الخطأ. فان طهارة القلب للمتعلم الة قلبية اعصمه من كل ما يخالف امر الله سبحانه وتعالى. اسأل الله العلي العظيم ان يرزقنا جميعا طهارة قلوبنا. وان يعيننا على انفسنا نعم. احسن الله اليك. الثاني حسن النية في طلب العلم بان يقصد به وجه الله عز وجل. والعمل به واحياء الشريعة وتنوير قلبه وتحلية باطنه والقرب من الله تعالى يوم لقائه. والتعرض لما اعد لاهله من رضوانه وعظيم قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي ولا يقصد به الاعراض الدنيوية من تحصيل للرئاسة والجاه والمال ومباهاة الاقران وتعظيم الناس له. وتصديره في المجالس ونحو ذلك. فيستبدل بالذي هو خير. قال ابو يوسف قال ابو يوسف رحمه الله اريدوا بعلمكم الله تعالى فاني لم اجلس مجلسا قط انوي به ان اتواضع الا لم اقم حتى اعلوهم. ولم اجلس مجلسا قط اني فيه الا ان ان اعلوهم لم اقم قط حتى افتضح حتى افتضح. العلم عبادة من العبادات وقربة من القرب فان خلصت فيه النية لله قبل وزكا ونمت بركته. وان قصد به غير وجه الله حبب وضاع وخسرت صفقته. وربما تفوته تلك المقاصد ولا ينالها فيخيب قصده ويضيع سعيه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادبا اخر من اداب المتعلم في نفسه وهو حسن النية في طلب العلم. فان النية هي المحركة الى الاعمال وانما ينفع العبد حسنها. وقد بين المصنف رحمه الله تعالى وجه معنى حسنها فقال بان يقصد به وجه الله عز وجل والعمل به واحياء احياء الشريعة وتنويع قلبه الى اخر ما ذكر. وسبقت ان ذكرت لكم ان مقاصد النية في العلم ترجع الى اربعة امور اولها ان يقصد رفع الجهل عن نفسه وثانيها ان يقصد رفع الجهل عن غيره وثالثها ان ينوي حفظ علوم الشريعة من الضياع. ورابعها ان يقصد العمل بالعلم واشرت الى ذلك بقول ونية للعلم رفع الجهل عم عن نفسه فغيره من النسم وبعدها التحصين للعلوم من ضياعها وعملها به زكن ومعنى زكن اي ثبت. فهذه الامور الاربعة هي مقاصد النية التي ينبغي ان عليها قلب طالب العلم. فانت في طلبك للعلم ينبغي ان تقصد رفع الجهل عن نفسك. فانك مخاطب بالامر والنهي والخبر فلا بد ان ترفع الجهل عن نفسك فيما يتعلق باقامة ما خلقها الله خلقك الله عز وجل له من عبادته. ثم تقصد ايضا ان ترفع الجهل عن غيرك فتسعى في بيان الشريعة وايضاح احكامها لينتفع الخلق بذلك وتكون معينا لهم على امتثال امر العبادة التي خلقوا لاجلها. وتقصد ايضا ان تكون حافظا للعلوم من الضياع فان العلوم اذا تركت ضاعت وهذا مآل كثير من علوم الامة الاسلامية في هذه الاعصار. فان كثيرا من الكتب التي كانت تقرأ في حلق العلم درسا قد روي بساطها ولم يبقى الا ذكرها في تراجم من مضى رحمهم الله تعالى فينبغي ان يستحضر طالب العلم في نيته حفظ العلوم من الضياع. وهذا القصد يتأكد اذا عظم الجهل ورفعت الوية الكفر والبدعة والهوى كهذه الازمان فيكون من مقاصد طالب العلم في نيته ان يكون حافظا لعلوم الدين من الضياع. ثم يقصد في نيته ايضا ان يعمل بالعلم الذي تعلمه فاذا جمع طالب العلم هذه المقاصد الاربعة فانه قد جمع النية المطلوبة فانه قد جمع النية المطلوبة للعلم التي ينبغي ان يتمثلها طالبه في ابتداء طلبه ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى كلمة عن سفيان الثوري في تعظيم امر النية قال فيها ما عالجت شيئا اي ما كابدت شيئا اشد علي من نيتي. فذكر سفيان رحمه الله تعالى شدة مكابدة النية ومشقة ذلك. وانما يتفق هذا لان النية محلها القلب والقلب يتقلب وما سمي الا لذلك. كما قال الشاعر ما سمي القلب قلبا الا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل. فاذا كان القلب هو وعاء النية وهو متقلب فان النية حينئذ يعسر استقرارها. فتتقلب بتتقلب القلب اذا وضعتها في وعاء فقلبت ذلك الوعاء على الجهات كلها فان الكرة لا تستقر فيه بل تكون متحركة بحركة الجهات كلها. فكذلك القلب. لا تستقر النية فيه ليه؟ لانه يتقلب فيحتاج المرء الى مشقة عظيمة في طلب استقرار نيته ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى من الامور التي ينبغي ان يحذرها طالب العلم في نيته فقال ولا يقصد فيه الاعراض الدنيوية من تحصيل الرياسة والجاه والمال ومباهاة الاقران اي الفخر على لداته وابناء جنسه ممن هم في طبقته وسنه وتعظيم الناس له وتصديره في المجالس ونحو ذلك فيستبدل الادنى بالذي هو خير لان هذه الاعراض يجمعها جميعا انها زائلة والعاقل لا يطلب السائل وانما يطلب الباقي وان من حماقة المرء ان يستبدل الفان الخسيس بالغالي النفيس. في عرض عن النية المطلوبة في العلم مما يقربه الى الله سبحانه وتعالى ويخلده فلاح الدنيا والاخرة الى امثال هذه النيات الفاسدة من تحصيل الرئاسات والجاه والمال الاقران وغيرها. ثم ذكر كلمة ثانية عن ابي يوسف الانصاري ابي حنيفة رحمه الله تعالى اذ قال ناصحا اريدوا بعلمكم الله تعالى اي اقصدوا بعلمكم وجه الله تعالى فاني لم اجلس مجلسا قط انوي فيه ان اتواضع الا لم اقم حتى اعلوهم لم اجلس مجلسا قط انوي فيه ان اعلوهم الا لم اقم قط حتى افتضح. فان العبد اذا فسدت نيته نيته ربما عاجله الله سبحانه وتعالى بعقوبته كما كان يعرض لابي يوسف القاضي رحمه الله تعالى فانه كان اذا جلس مجلسا ينوي فيه التواضع رفعه الله سبحانه وتعالى. واذا قلب هذه النية الله عز وجل بضد ذلك. وتقدم حديث عمر بن الخطاب الذي رواه الامام احمد بسند صحيح في مسنده ان ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن عن ربه تبارك وتعالى من تواضع لهكذا واشار بيده الى باطن الارض رفعته هكذا واشار بها الى السماء فاذا صلحت نية الانسان وقصد ان يصيب العلم متواضعا لله رفعه الله سبحانه وتعالى واذا قلب هذه النية اذلها الله اذله الله سبحانه وتعالى. وهذا امر لا يختص بالعلم. بل كل المطلوبات عظمى اذا تواضع الانسان لله سبحانه وتعالى اعزه الله. واذا عكس القضية ادله الله. كما قال تعالى تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين. فانما يورث الله الله سبحانه وتعالى الدار الاخرة لمن سلم من طلب العلو والتكبر والتجبر ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بيانه بان العلم عبادة من العبادات وقربة من القرب فان خلصت فيه النية لله تعالى قبل وزكى ونمت بركته وان قصد به غير وجه الله حبط وضاع وخسرت صفقته كما قال عبدالله بن المبارك رحمه الله تعالى فيما رواه ابو نعيم الاصبهاني في كتاب الحلية كم من عمل عظيم صغرته قنية وكم من عمل صغير عظمته النية. فاذا صحت نية الانسان عظم الله سبحانه وتعالى له وان كان قليلا. وبه تعرف حقيقة الامر فيما يجزيه الله سبحانه على من النفع على ايدي اناس لا يوصفون بمكنة في العلم ولا امامة فيه وقد يكون في من يبزهم ويتقدم عليهم في العلم ولكن مع صلاح نياتهم وحسن مقاصدهم يجري الله سبحانه وتعالى النفع على ايديهم فوق ما يجري على ايدي غيرهم. ثم قال المصنف وربما تفوته تلك المقاصد ولا ينالها فيخيب قصده ويضيع سعيه وهذا من اعظم الخذلان واشد حرمان اذ يكون المرء طالبا للعلم لاجل الاغراض والاعراض والاعواض فاذا آآ مضت به السنون يخرج صفر اليدين لم يدرك شيئا من مطالبه التي كانت فيكون قد خسر في مطالبه الدنيوية وقد خسر في مطالبه الاخروية فلا هو احرز موعود الله سبحانه وتعالى من صلحت نيته في طلب العلم ولا هو حصل ما يقصده ويطلبه من امر الدنيا فظاع منه هذا وهذا هذا من اشد الخذلان والحرمان الذي يعرض للعبد والامر كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في نونيته والعلم يدخل قلب كل موفق من غير بواب ولا ولا استئذان ويمنعه المخذول من لا تسقنا اللهم بالخذلان او قال لا تسقنا اللهم بالحرمان. فينبغي ان يجتهد طالب العلم في تصحيح نيته فانها مطيتك ومن استثمن مطيته ابلغته مأمنه. ومن استضعف مطيته ان انقطع في منتصف الطريق وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب وبالله التوفيق