السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التكريم. اما بعد فهذا الدرس العشرون في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى ثلاثين بعد الاربع مئة والالف وثلاثين بعد اربع مئة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن جماعة رحمه الله ويريد الكتاب الثاني وهو بلوغ الخاسر جل المقاصد. للعلامة عبدالرحمن بن عبد الله البعلي الله ويليه الكتاب الثالث وهو فتح الرحيم الملك العلام بالعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله فقد انتهى من البيان في الكتاب الاول الى قول المصنف رحمه الله تعالى في الفصل الاول من الباب الثالث السابع ان يأخذ بالورع نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين ولجميع المسلمين قال رحمه الله تعالى السابع ان يأخذ نفسه بالورع في جميع شأنه ويتحرى الحلال في طعامه وشرابه ولباسه وفي جميع ما يحتاج اليه هو وعياله ليستدير قلبه ويصلح ويصلح لقبول العلم ونوره والنفع به. ولا يقنع ولا لنفسه بظاهر الحمل شرعا مهما امكنه التبرع ولم تدره حاجة او يجعل حظه جواز بل يطلب الرتبة العالية ويقتضي بمن سلف من العلماء الصالحين بالتورع عن كثير بما كانوا يفتون بجوازه. واحق من ابتلي به في ذلك سيدنا رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث لم يأكل التمرة التي وجدها في الطريق خشية ان تكون من الصدقة مع بعد كونها منها. ولان اهل العلم يقتدى بهم ويؤخذ عنهم اذا لم يستعمله رأى فمن يستعمله وينبغي له ان يأخذ الروح ان يستعمل الرخص في مواضعها عند الحاجة اليها ووجود سببها ليقتدى به ليقتدى به فيها فان الله تعالى يحب ان يؤتى وان تؤتى رخصه كما يحب ان تؤتى عزائمه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادبا اخر من اداب المتعلمين. وهو الحض على استعمال الورع. فقال مرشدا اليه ان يأخذ نفسه الورع في جميع شأنه اي مستعملا له. وقد اختلف المتكلمون في السلوك والرقائق في حد الورع على المتفرقة احسنها ما ذهب اليه ابو العباس ابن تيمية الحبيب وتلميذه ابن القيم ان الورع هو وترك ما يخشى ضرره في الاخرة. فكل شيء يخاف العبد ان يكون له ضرر في الاخرة. فان تركه هو ثم حظا متعلما على تحري الحلال فقال ويتحرى الحلال في طعامه وشرابه ولباسه ومسكنه الى اخر ما ذكر وعلل ذلك بقوله ليستنير قلبه ويصلح لقبول العلم ونوره والنفع به فان الحلال له اثر في صلاحية المحل. فاذا كان العبد اذا سأل داعيا الله عز وجل ملتمسا فضله وكان مطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بحرام فانه يبعد الاجابة له كما جاء في حديث عن ابي هريرة رضي الله عنه عند مسلم وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغضب كل يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فانى يستجاب لذلك اي يستبعد ان يستجاب له وهو على هذه الحال. فاذا كان هذا في حق الزائد الطالب فكيف يكون الامر في حق من يتوقف ما يناله على فضل الله عز وجل وامداده وهو طالب العلم. فان طالب العلم لن يكون نائبا للعلم حتى يكون صالحا له فاذا صلح قلبه ان يكون محلا للعلم. ومن جملة ذلك تحريه الحلال فانه يرزق العلم ثم ارسل الطالبة الى انه لا ينبغي له ان يقنع بظاهر العلم مهما امكنه التضرع ولم تنتهي حاجة او يجعل حظه بل يطلب الرتبة العالية ويقتدي بمن سلف من العلماء الصالحين في التورع عن كثير بما كانوا يؤدون بجوازه لان امر الحلال الجائز هو من الامر الذي وسع الله عز وجل به على خلقه. لما في ذلك من مصالحهم في والمعاد ومن اراد ان راتبا عالية فانه يستغني عن كثير من هذا لا بالنظر اليه على وجه الحرمة ولا التحرز من الشبهة ولكن اشتغالا بما فوقه فانه من اشتغل في اداء الواجبات والاستثمار جاري من النوافل المستحبات شغله ذلك عن كثير من المباحات. فهذا وجه ما يذكره المتكلمون في الرقائق فمن اراد الرتبة العالية فليحترز من كثير من الحلال لا على وجه تحريمه على نفسه ولا جعله شبهة بل على شغل نفسه بما هو اعظم من ذلك من واجب ونفل. ثم ذكر ان من احق من اقتضي به في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فانه لم يأكل التمرة التي وجدها في الطريق كما في الصحيحين خشية ان تكون من الصدقة مع بعد كونها منها لان الطريق ليس محلا وحرزا لحفظ الصدقات التي كان الناس يؤدونها الى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه صلى الله عليه وسلم عن ذلك لما تدعو اليه الرتبة العالية من عبادة الله عز وجل من ترك في هذا وعلى هذا كان اهل العلم المقتدى بهم رحمهم الله تعالى. وما جرى عليه هؤلاء الصلحاء من العلماء حاملوا كما سلف هو اشغال النفس بما هو اعظم من ذلك لا على ترك الحلال تحريما له على النفس ولا بالنظر الى كونه شبهة ومن لا يعي هذا المطلب يظن ذلك من تضييق العبد على نفسه. وهذا من القلق فان من يشرع هذا وينهجوا فيه فانما يريد ان يشغل نفسه بالمرتبة العالية من فرض واجب ونبذ مستحب لا يريد بذلك منع الخلق مما احل الله عز وجل لهم. ثم قال وينبغي له ان يستعمل الرخص في مواضعها اي ما اذن الله عز وجل بخلقه فيه مما هو توسعة عليهم قصر الصلاة او الجمع بين الصلاتين وغير ذلك من الرخص الشرعية فينبغي ان يحرص الانسان على استعمالها اذا احتاج اليها ووجد سببها ليقتدى به فيها فان الناس يحتاجون الى تعريفهم بعزائم الشرع ورخصه ومن طرائق تعريفهم بالرخص استعمالهم في موضعها عند الحاجة اليها ووجود اسبابها. فانهم اذا عقدوا ذلك عرفوا ان هذه الرخص مما اذن الله عز وجل به مناطق بسببه. ثم قال المصنف فان الله تعالى يحب ان تؤتى رخصه كما يحب ان تؤتى عزائم وهذه الجولة رويت مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة وفي اسانيدها ضعف لكن معناها صحيح فان محبوبات الله عز وجل منها عزائم واجبة ومنها مأذون فيها وكل ما شرعه الله عز وجل لنا فهو من محبوباته التي يحب ان تؤتى وان يتعبد سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى اتى من ان يقلل استعمال المطاعم التي هي من اسباب البلادة وضعف كالتفاح الحامض والباقي الله وشرب الخمر وكذلك ما يكثر استعماله البلغم المبلد للذهن. المثقل للبلغ ككثرة الالبان السمك واشباه ذلك وينبغي ان يستعمل ما جعله الله تعالى سببا لجودة الدين كمضع اللبان والمشتكى على حسب العادة واكل الزبيب والطلاب ونحو ذلك مما ليس هذا موضع موضع شرحه. وينبغي ان يتجنب ما يورث النسيان بالخاصية كأكل اثر سبل وقراءة الواح القبور والدخول بين جبلين مقطورين والقاء القمل ونحو ذلك من المجربات ونحو ذلك من المجربات في ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ادبا اخر من اداب العلم يتعلق بحفظ القوتين اللتين يحصل بهما العلم وهما قوة الذهن. الحفظ والفهم فان العلم انما ينال بهاتين القوتين وهاتان القوتان مردهما الى الذهن. واذا حفظ الذهن وامد باسباب قوته توسع طالب العلم في تحصيله بفهمه وحفظه. واذا اضعف الدين بالعوادي التي تعتريه كلا عن الحفظ والفهم فعجز الطالب عن تحصيل مراده منه ومن جملة ما يحصل به حفظ الذهن ويفترض فيه من افساده المطعم والمشرب ومن الاداب المعلقة به التقليل من استعمال المطاعم والمشارف التي تؤدي الى ثقل الذهن. وتجعل المرء بريدا ضعيف الحواس. وقد مثل المصنف رحمه الله الله تعالى لها بقوله كالتفاح الحامض والبغلاء وشرب الخل. ثم قال وكذلك ما يكثر استعماله البلغم المبلد للذهن المتقن للبدن كفترة الالبان والسمك واشباه ذلك فان البلغم اذا كثر كان له اثر في اعتلال الذهن وضعفه ما يكل الذهن ويضعفه هو المواد الحامضة. فكل حامض مضر بالذهن. لان الحموضة لها اثر على العقل في اظعاف وتبليده وذلك مضر بطالب العلم في تحصيله. ويقابل ما حذر منه النصيحة بما ويديهم وقد ارشد الى بعض ذلك بقوله وينبغي ان يستعمل ما جعله الله تعالى سببا لجودة الذهن كمضغ اللباني والمصطفى على حسب العادة. وهو نوع من انواع العلم. معروف عند الرابع العبارة الى اليوم فيستعمله الانسان بحسب العادة الجارية وهو انما كان يستعمل عند الناس فيما سلفا في اول اليوم او اذا اكلوا طعاما وتغيرت طوائف افواههم اصابوا من اللبان والمصطفى لاجل تحسين رائحة الفم واعادته الى ما كان عليه قبل هذا المطعم. ومن جملة ذلك اكل الزبيب بكرة اي اول النهار وهو ماء ورد ونحو ذلك مما ليس هذا موضع شرحه مما يعرف في كتب الطب وعند اربابه. ومن قواعده الجامعة ان كل كحلو مقو للحفظ كما ان كل حامض مظعف له كما سلف ذكره ثم رحمه الله تعالى اشياء ينبغي ان يجتنب لانها تورث النسيان بالخاصية. ومعنى قوله الخاصية بما استكنا فيها مما طبعه الله سبحانه وتعالى عليها فهي مخلوقة مؤدية الى هذا الامر. ويعلم بهذا القيد ان هذه الامور المذكورة فيما يستقبل مما عرف بطريق القدر فهي اسباب قدرية. ومن قواعد سبب انه لابد من ثبوت كونه سببا اما بطريق شرعي او بطريق كوني. وهذه الامور المذكورة عرف من خصائصها بالتجربة والكائنات القدرية انها تؤدي الى ذلك ومثل رحمه الله تعالى لذلك بقوله كاكل اثر سؤل الفار اي بقية ما يصيبه الفار من طعام لادمي وقراءة الواح القبور اي الالواح التي تكون منصوبة على القبور وفيها كتابة والدخول بين جملين مقذورين اي انيق كل واحد منهما بالاخر في مسيره فبينه حبل به احدهما الاخر. والقاء القمل من الراس ونحو ذلك من المجربات فيه وانما اجتمعت هذه الاشياء على توثيق النسيان لما فيها من تشويش الذهن ويرهاقه واشغاله. فان الذي يشتغل بقراءة الواح القبور يشوش ذهنه تخله وتضعفه كالانزعاج من ترك الدنيا مما يحمله على عدم ما ينفعه في معاشه ومعاده وكذلك من يكون بين جملين مستورين فان انه يكون مشوشا مشغولا كافا بمتابعتهما. والاصل ان العلم لا يصلح الا لمن جمع دينه على النافع. واما من يشوش دينه بامور مشغلة له فان ذلك يضعف ذهنه. ومن جملة ذلك حتى في العلم نفسه اشتغال طالب العلم بعلم لم يرتفع اليه بعد ولا ترشح لاخذه. فانه اذا دخل فيه تشوش ذهنه وكلا فهمه وعجز عن ادراك العلم. كمن يشرع في دراسة النحو بقراءة الفية ابن مالك. وهو بعد لم يحصل هذا الفن فيحصل له تشويش وتشغيب على ذهنه ربما كره به هذا الفن او نفسه عاجزا عنه مع ان الحقيقة قدرته عليه لكنه اتى الامر من غير بابه ولذلك شغل ابنه بما اضعفه فعجز عن العلم. ومن جملة ذلك ادخال نفسه فيما لم يتهيأ له بعد اما من امر الدنيا كالاكتساب وطلب الرزق في الدنيا فان الانسان لا ينبغي له ان يتزيد من ذلك وانما يأخذ قدر الحاجة ومن يكون متأهلا متزوجا فانما به من طلب الرزق لاعانة من هو تحت كفالته ليس حاله كحال اعزب لم يتزوج معه. فاذا كان طالب العلم في المبادئ اعزبا ثم توسع في طلب الرزق الجار فيه فان ذلك يشغل دينه ويضعفه. ومن جملة ذلك ايضا الانسان في امور السياسة فان اشتغال طالب العلم في المبادئ والتوسط بالامور السياسية يضعف الانسان عن مطلوبه ويشوش دينه. لان امور السياسة مما يعجز كبار العقول واصحاب التجربة عن فهم تفاصيلها. فاذا ارهق الانسان نفسه بالدخول بما لم يتعلق به دينه ولا طلب منه فيه شيء ولا يتصور ذلك في حاله فان ذلك يضر به والقاعدة الجامعة ان كل شيء لم تترشح له فان دخولك فيه يكن لك يحل ذهنك ويضعفه. كانسان يترشح ايضا لامامة الناس في الصلاة او نفعه بتعليم وهو لم يتهيأ لذلك ويريد ان يطلب العلم. فمثل هذا يضعف ذهنه بتشتيت شمله بهذه المطلوبات المتفرقة سيكون ذلك عائدا على انزعاجه وبينه عن العلم بعجزه عنه. نعم قال رحمه الله تعالى التاسع ان يقلل نومه ما لم يلحق ضرر في بدنه ودينه ولا يزيد في نومه في اليوم والليلة على ساعات وهو ثلث الزمان فان احتمل حاله اقل منها فعل. ولا بأس ان يريح نفسه وقلبه ودينه وبصره اذا كل شيء من ذلك او ضعف بتنزه وتفضل في المستنزهات بحيث يعود الى حاله. ولا يضيع عليه زمانه ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن منه انه انه ينعش الحرارة ويذيب فضول الاخلاق وينشط البدن. ولا بأس ايضا بالوقت الحلال اذا احتاج اليه. فقد اطال بانه يخفف الفضول وينشط ويصفي الدين اذا كان عند الحاجة باعتدال. ويحذر كثرة وحذر العدو فانه كما قيل ماء واعطوا الارحام يضعف السمع والبصر والعصب والحرارة والهضم وغير ذلك من الامراض الردية والمحققون من الاطباء يرون ان اركان اولى الا ضرورة او استشفاء. وبالجملة فلا بأس ان يريح نفسه اذا خاف مللا. وكان بعض اكابر العلماء يجمع اصحابه في بعض اماكن التنزه في بعض ايام السنة ويتمازحون بما لا ضرر عليهم في دين ولا علم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادبا اخر من اداب طالب العلم وهو ان يقلل نومه. ثم ذكر ضابطا حسنا في تقليد النوم فقال ما لم يلحقه ضرر في بدنه وذهنه. فالانسان ان يقلل نومه ما استطاع الى ذلك سبيلا لان النوم احد الموتتين الا ان يرجع تقليله عليه بالضرر في بدنه وذهنه فعند ذلك يمتنع من تقليده الى حد يوصله الى ذلك. ولا ينبغي ان يزيد في نومه في اليوم والليلة على ساعات كما قال المصنف رحمه الله وهو ثمن الزمان فان احتمل حاله اقل منها فعل. والقاعدة عند باب الطب ان الانسان اذا كان صغيرا يحتاج الى نوم كثير. واذا كان خبيرا يحتاج الى نوم قليل والمرء بين الصغر والكبر ينظر ما يصلح له في تدبير حياته. فلا يزيد فيه ولا منه الا بحسب ما يصلح حاله. ثم ذكر انه لا بأس ان يريح المتعلم نفسه وقلبه ودينه وبصره كل شيء من ذلك او ضعف بتنزه وتفرج في المستنزهات. بحيث يعود الى حاله اي من النشاط والاجتهاد ولا يضيع عليه زمانه. فالتنزه والتفرج انما يراد به اعادة المرء الى نشاطه اذا حصل له عارظ اكل دينه او اظعف بدنه. ولا بأس ان يتعاطى في ذلك معاناة المشي ورياضة البدن باي نوع من انواع الرياضات المباحة لانها تنعش الحرام اي تقوي طبيعة وتذيب فضول الاخلاق الفاسدة التي تضعف البدن وتنشط البدن وتقويه وليس لذلك ضابط منتهى اليه بل الامر كما قال المصنف وبالجملة فلا بأس ان يريح نفسه اذا خاف مللا فاذا خاف الانسان الملل فله ان يروح نفسه. ومن الناس من يمل من نشاط يوم فيحتاج في راحة بدنه في اليوم نفسه. ومن الناس من يبقى على نشاطه واجتهاده ثلاثة ايام. ثم يحتاج الى يوم يستريح فيه بتنزه وتفرج. ومنهم من يبلغ اسبوعا واحدا ثم يحتاج الى ذلك والظاهر والله اعلم ان الابدان تنتهي في ذلك اذا مدة اسبوع. ومن هنا جاء الشرع يوم الجمعة الذي يعد عيدا بالاسبوع بما فيه من طلب اراحة البدن وانقطاع الانسان عن العمل في امر دنياه واقباله على الله سبحانه وتعالى بالعبادة في اول نهاره ثم بصلة ارحامه والنظر فيما ينفعه من غير اجلال لبدنه في اخر نهاره. وعلى ذلك جرى عرف الناس في عامة البلاد الاسلامية الى ان حدث ما حدث في امر العطل الرسمية. وقد كان قبل في العالم الاسلامي يوم الجمعة هو اليوم الذي يتخذه ذات عقبة لاراحة ابدانهم من اعمالهم. ثم قال المصنف في تحقيق هذا وكان بعض اكابر العلماء يجمع اصحابه في بعض اماكن التنزه في بعض ايام السنة ويتمازحون بما لا ضرر عليهم في دين ولا عرظ. وقد كان ابن رحمه الله تعالى له بستان في ظاهر بلده يخرج اليه مع اصحابه كل اسبوع فكان يذهب مع اصحابه الى ذلك البستان ويستريحون في التنزه والتفرج وللانسان ان يمزح بما بما لا ضرر عليه في دين ولا عرض. فان المزاح مما اذن به شرعا وانما يستقبح منه شيئان احدهما كثرته واتصاله والثاني قدسه وسخافته. فاذا من هذين العارظين فانه مما اذن الله عز وجل به. وقد روى البخاري رحمه الله تعالى في كتاب المفرد بسند صحيح عن بكر ابن عبد الله المزني احد التابعين قال كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون هنا بالبطيخ ان يرمي بعضهم على بعض البشرى البطيخ فاذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى من جملة ما يحصل به اراحة البدن الوطء الحلال اذا احتاج اليه فانه يخفف الفضول وينشط ويصفي الذهن اذا كان عند الحاجة باعتدال فينبغي ان يحذر الانسان من كثرته لما في ذلك من الضرر عليه في سمعه وبصره وعصى به. وكل شيء يتناوله الانسان لاراحة البدن اذا زاد عن قهره كيف انه يضر بالبدن؟ ثم قال والمحققون من الاطباء يرون ان تركه اولى اي الاكثار منه الا ضرورة لمن يضطر اليه كمن يخاف التشقق انثيه او استشفاء استشفاء لمن به علة في ظهره فلا يحصل شفاؤها الا باخراج مائه وذلك بالوطء الحلال. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى العاشر ان يترك العشرة فان تركها من اهم ما ينبغي لطالب العلم ولا سيما لغير الجنس. وخصوصا ولمن كثر لعبه وقلت فكرته فان الطباع سراقة. وافة العشرة ضياع العمر بغير فائدة وذهاب المال والعرض ان كانت لغيره ذهاب الدين ان كانت لغير اهله. والذي ينبغي لطالب العلم الا يخالط الا من يفيده او يستفيد منه كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لمن تعلما ولا تكن في ذلك فتهلك. فان شرع او تعرض لصحبة من يضيع عمره معه ولا يفيده ولا يستفيد منه ولا يعينه على ما هو فليتلفظ بقطع عشرته في اول الامر قبل تمكنها. فان الامور اذا تمكنت تعسرت ازالتها ومن الجاري على السنة الفقهاء هو اسفل من الرب الدفع اسهل من الرب. فان احتاج الى من يصحبه فليكن صاحبا صالحا بينا تقيا. ورعا زكيا كثير الخير قليل حسن المداراة قليل المماراة. ان نسي ذكره وان ذكر اعانه. وان احتاج واساه وان فجر صبره. ومما يروى عن علي رضي الله لا تصعد اخا الجار واياك واياه. فكم من جاهل ارضى حليما حين واخاه يقاس المرء بالمرء اذا هو ما شاء. ولبعضهم ان اخاك صدق من كان معك ومن يضر نفسه ان ينفعك ومن اذا اذا ريب زمان صد عنك شتت شمل شمل نفسه ليجمعك المصنف رحمه الله تعالى اداب المتعلم في نفسه بادب عظيم وهو ان يترك العشرة اي مخالطة الناس فان اي مخالطة الناس فان مخالطة الناس لا تأتي بخير ودخان انفاسهم يضر بالقلب. ومن احسن المنقول من كلام قول الحميدي صاحب الجدوى تلميذ ابن حزم رحمه الله تعالى لقاء الناس ليس يفيد شيئا سوى الاكثار من دين وقال فاقلل من لقاء الناس الا لاخذ العلم او اصلاح حاله. فلقاء الناس لا يفيد المرء شيئا وانما يستحسن منه ما كان فيه مصلحة معاش كاكتساب مال او مصلحة معادن كتحصيل علم وما عدا ذلك فان ضرره اكبر من نفعه. والامر في كما قال المصنف فان تركها من اهم ما ينبغي لطالب العلم ولا سيما لغير الجنس اي لغير من لم يكن من اهل العلم وخصوصا لمن كثر نعيمه وقلت فكرته فان الطباع سراقة اي ان المعاشر يتأثر بطباع من يعاشره فيسرقها منه دون ان يشعر واعداء الجليس للجليس ليس بمجالسة بل للنظر اليه كما ذكره الراغب الاصفهاني رحمه الله تعالى. وصدق رحمه الله تعالى فان العرب اهل الطب يرون ان للنظر في بعض الاشياء خاصية تعود بالنفع او بالضرر. ولا ريب ان الى الحمقى ومن لا تصلح عشرته من الثقلاء ومن لا نفع فيه يضر قلب الانسان دينه ويقطعه عن المقاصد العظيمة. ثم قال وافة العشرة ضياع العمر بغير فائدة وذهاب المال والعرض ان كان في بغير اهل اي لغير مستحق وذهاب الدين ان كانت لغير اهله اي ان كانت صحبة لغير اهل الدين. فان من يصاحب الفساق قول جامع والبطالين ينسحب الى اخلاقهم وطباعهم فيضر ذلك بدينه. والذي ينبغي لطالب العلم ان لا يخالطا الا من يفيده او يستفيد منه كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم هود عالما او متعلما الحديث رواه البزار وغيره ولا يصح الا انه يروى موقوفا باسانيد امثل من ذلك عن ابي الدرداء وغيره. وقد روى ابو نعيم الاصبهاني بسند حسن عن كمير ابن زياد عن علي رضي الله عنه انه قال الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق. ثم قال رحمه الله فان شرع تعرض لصحبة من يضيع عمره معه من يضيع عمره معه ولا يفيده ولا يستفيد منه ولا يعينه على من هو بصدده بل يتلطف في قطع عشرته في اول الامر قبل تمكنها. فان الامور اذا تمكنت عصرت ازالتها ومن الجاري على السنة الفقهاء الدفع اسهل من الرفع. فاذا ابتلي الانسان بابتداء عقد عشرة مع من لا يصلح في ذلك انه يتلطف في قطعها. واذا ابتلي الانسان بما لا بد منه من العشرة كما صار عليه الامر في المدارس النظامية او في الوظائف الحكومية فينبغي للانسان ان يحتال في اصلاح عشرته مع من يكون مع فليس كل من يكون معك في دائرة درسك في الجامعة او ما دونها او من يكون معك في دائرة عملك بمكتبك او غيره يسطع للعشرة فينبغي ان تعقد هذا وان تحتال بالتلطف فيما تعامله به والاغلب ان عشرة هؤلاء انما تصلح في اماكن وجودهم. واما الزيادة على ذلك بالامتداد خارج دائرة الدراسة او العمل فانها تزره بصاحبها. فينبغي للانسان ان يحتال لنفسه في من ابتلي بعشرة اضطرارا كمتعلم يشاركه الدراسة او موظف يعمل معه في دائرة عمله. ثم قال فان احتاج الى من يصحبه كن صاحبا صالحا جيدا تقيا الى اخر ما ذكر من صفات من يصلح للعشرة وهو اخو المنفعة فان الذي ينفعك ويزيدك علما وقربا الى الله سبحانه وتعالى هو الذي يصلح لذلك ومن دونه فلا يصلح بشيء منها ثم ذكر ما يروى عن علي في التحذير من صحبة الجهاد ثم ختم ذلك بقول بعضهم ان الصدق من كان معك اي اخوك الصادق الصالح للعشرة والصحبة هو من يكون معك ومن يضر نفسه لينفعك ان يؤثرك بامر من الدنيا وان كان في ذلك اسعاف بحقه رجاء انتاعك. ومن اذا ريب زمان اي اذا حلت بك داهية من دواهي الدهر التي تظعفك وتفرق شملك فانه يبذل نفسه دونك فيشتت شمل نفسه ليجمع شمل نفسك. وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق