السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحاجزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس الحادي والعشرون في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته ان احدى وثلاثين بعد الاربعين والالف واثنتين وثلاثين بعد الاربع مئة والالف. وهو كتاب تذكرة وفي السامع والمتكلم في العلامة محمد بن ابراهيم من جماعة رحمه الله. ويليه الكتاب الثاني وهو غلو جل المقاصد للعلامة عبد الرحمن بن عبد الله البعدي رحمه الله. ويليه الكتاب الثالث وهو فتح الرحيم الملك العلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله. فقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول الى قوله رحمه الله الفصل الثاني في ادابه مع شيخه وقدوته. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا الحاضرين ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى الفصل الثاني في ادابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من عظيم حرمته. وهو ثلاثة عشر نوعا. الاول انه ينبغي للطالب ان يقدم النظر الله فيمن يأخذ العلم عنه ويكتسب حسن الاخلاق والاداب منه وليكن ان امكن ممن كملته فقد شفقته فظهرت مروءته وعرفت عفته واشتهرت صيانته وكان احسن تعليما واجود تنكيما ولا يرغب الطالب في زيادة العلم مع نقص في ورع او دين او عدم خلق جميل. فعن بعض السلف هذا العلم العلم المدين هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم وليحذر من التقيد بالمشهورين وترك الاخذ عن فقد عز الغزالي وغيره ذلك من الكبر على العلم وجعله عين عين الحماقة. لان الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها ويغتنمها ويغتنمها حيث ظفر بها ويتقلد المنة لمن ساقها اليه. فانه المخافة كما يهرب من الاسد والهارب من الاسد لا يألف من دلالة من يدله على الخلاص كائنا من كان فاذا كان الخامل ممن ترجى بركته كان النفع به اعم والتحصيل من جهته اثم. واذا صبغت احوال السلف وان لم تجدوا النفع يحصل غالبا والبلاح يدرك طالبا الا اذا كان للشيخ من التقوى نصيب وافر وعلى شفقته الطلبة دليل ظاهر وكذلك اذا اعتبرت المصنفات افتراء به اكثر وليجتهد على ان يكون الشيخ ممن له على العلوم الشرعية تمام الاطلاع وله مع من يوثق به وله مع من يوثق بهم مشايخ عصره كثرة بحث وطول الجماع. لم لا ممن اخذ عن بطون الاوراق ولم يعرف بصحبة المشايخ قال الشافعي رضي الله عنه من تفقه الكتب ضيع الاحكام كان بعضهم يقول من اعظم البرية فمشيوخ الصحيفة اي الذين تعلموا من الصحف. تمشط الصحفية وقال المحقق في الحاشية البيضاء اه الصحفية وهي اولى والتي يناسبها هو اي الذين تعلموا جمع صحفي الصحيح تمسك الصحفية. نعم. وكان بعضهم نقول من اعظم البرية تمشيق الصحفية اي الذين تعلموا من الصحف. الثاني ان ينقاد لشيخه في اموره ولا عن رأيه وتدبيره بل يكون معه كالمريض مع الطبيب الماهر. فيشاوره فيما يقصده ويتحرى رضاه فيما يعتمده ويبالغ في حربته ويتقرب الى الله بخدمته. ويعلم ان ذله لشيخه عز وخضوعا له فخر وتواضعه له ويقال ان الشافعي رضي الله عنه عتب على تواضعه للعلماء فقال اهين لهم نفسي فهم يكرمونها فلن تكرموا النفس ولن تكرم ولن تكرم ولن اهين لهم نفسي فهم يكرمونها ولن تكرم النفس التي لا تهينها واخذ ابن عباس رضي الله عنهما مع جلالته وبيته ومرتبته بركاب زيد في ثابت من انصاره وقال هكذا منا ان نفعل بعلمائنا. وقال احمد بن حنبل لخلف احمر لا اقعد الا بين يديك امرنا ان نتواضع لمن تعلموا منه وقال الغزالي لا ينال العلم الا بالتواضع والغاء السمع. قال ومما اشار عليه شيخه بطريق بالتعذيب فيقلبه منهم من يدع رأيه فخضع موسمه انفع له من صلابه في نفسه. وقد نبه الله تعالى على ذلك في قصة موسى والخضر عليه السلام بقوله عليهم وعليهما السلام بقوله انك لن تستطيع معي صبرا الآية هذا مع في الرسالة والعلم حتى شرط عليه السكون. فقال لا تسألوني عن شيء حتى احدث لك منه ذكرا بعين الاجلال ويعتقد فيه درجة الكمال. فان ذلك اقرب الى نفعه به وكان بعض السلف اذا ذهب الى شيخه تصدق بشيء وقال اللهم استر عين شيخي عني ولا تذهب بركة علمه مني. قال الشافعي كنت اصفح الورقة بين يدي ما لك صفحا رفيقا صفحا رفيقا هيبة له لان لا يسمع وطعها. وقال الربيع والله ما ان اشرب الماء والشافعين ينظر الي هيبة له. وحضر بعض اولاد الخليفة المهدي عند شريك فاستند الى الحائط سأل مو عن حديث فلم يلتفت اليه شهيد ثم اعاد فاعاد شريك بمثل ذلك. فقال اتستخف باولاد الخلفاء؟ قال لا ولكن العلم اذل عند الله من ان نضيعه. ويروى العلم ازين عند اهله من ان يضيعوه. وينبغي الا يخاطب شيخه وكامل ولا يناديه من بعد كمن يقول يا سيدي ويا استاذ وقال الخطيب يقول ايها العالم ايها الحالب ونحن ذلك وما تقولون لي كذا وما رأيكم في كذا وشبه ذلك؟ ولا يسميه في غيبته ايضا باسمه الا رب قرونا بما يشعر بتعظيمه. كقوله قال الشيخ او الاستاذ كذا او قال شيخنا او قال حجة الاسلام ونحو ذلك لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من ذكر ادب المتعلم المتعلق بنفسه اتبعه بادب بالله وهو ادبه مع شيخه وترجم الفصل الثاني بقوله الحصن الثاني في ادابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من عظيم حرمته اي حقه. فالحرمة هي الحق. فقد ذكر رحمه الله تعالى ان مضمن هذا الفصل هو ثلاثة عشر نوعا. وسردها واحدا واحدا. فالنوع الاول من ادابه مع انه ينبغي للطالب ان يقدم النظر ويستخير الله في من يأخذ العلم عنه. ويلتزم حسن والاداب منه لان اخذ العلم عبادة وكلما كمل من تأخذ عنه تلك العبادة كمل انتفاعك بها ولا طريق الى الفوز بالظفر بمن تأخذ عنه العلم على وجه اتم حتى تستخير الله سبحانه وتعالى فان الله عز وجل بخلقه اعلم فينبغي للطالب ان يقدم الاستخارة لله عز وجل بين يدي من يقصد اخذ العلم عنه فانه اذا وصل الامر الى الله وفقه الله ثم قال رحمه الله وليكن ان امكن ممن كملت اهليته وتحققت فقدوا الى اخر ما ذكر لان الطالب انما يكون انتفاعه بشيخه اذا جمع امرين. احدهما اهديته تاما والثاني حرصه على نفع المتعلمين. فاذا وجدت اهليته الكاملة من وقود الديانة ومتانة العلم واقترن بها حرصه على المتعلمين وشفقته بهم ورغبته في نفعهم كان ذلك من اعظم ما يوصل العلم الى المتعلم. ولا ينبغي ان يرغب الطالب في اخذ العلم عن احد مهما بلغ علمه اذا كان ممسوسا بنقص في ورع او دين او عدم خلق جميل. بل ينبغي ان يتحرى الانسان الاكمل من المعلمين لان الامر عظيم كما قال محمد ابن سيرين فيما رواه مسلم في مقدمة صحيحه ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم وهذه الكلمة تؤثر عن جماعة من السلف اقدمهم محمد ابن سيرين كما رواه مسلم في مقدمة صحيحه مرفوعة في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يثبت. ومقصوده في قوله هذا العلم دين اي ان هذا العلم الذي تتلقونه دين يتدين به الانسان ويتعبد الله به. فينبغي ان ينظر عمن يأخذه حتى حقق له صلاح الدين الذي يعبد الله به. ثم حذر من ابدة من اوابد الاخذ عن المعلمين فقال وليحضر وليحذر من التقيد بالمشهورين وترك الاخذ عن الخاملين بحيث تكون له رغبة ان يلتحق باهل الشهرة من المعلمين دون انتفاع بمن خمل ذكره منهم. فان هذا معدود من الكبر كما ذكره الغزالي وغيره الكبر فيه ان الانسان يفرح اذا نسب الى مشهور معظم عند الناس. فهذا من حظ نفسه بخلاف اذا نسب الى الاخذ عمن خبل ذكره ولم يجتهد فان الانسان لا يحصل له بذلك فرح ثم علل اخذ عن الخاملين بقوله لان الحكمة ضالة المؤمن يعتقدها حيث وجدها الى اخر ما قال. فمقصود الم تعلم العلم اينما كان وحيث كان فاذا وجده عند خامل اخذه ولا ينبغي له ان يتقيد بالاخذ عن مشهود ومما يؤكد الاخذ عن الخامل وهو الذي لم ينتفع ذكره ولم يشتهي خبره اذا كان ممن ترجى بركته كما قال فاذا كان ومنه ممن توجى بركته كان النفع به اعم. والتقصير من جهته اتم. كأن يقترن به كبر سن وخدم وفي الاسلام وحسن سابقة فاذا وجدت هذه المعاني مع خامل الذكر كان ذلك ارجى للانتفاع به ثم ذكر ان من سفر احوال السلف والخلف لم يجد النفع يحصل غالبا والفلاح يدرك طالبا الا اذا كان من التقوى نصيب وافر وعلى شفقته ونصحه للطلاب دليل ظاهر. وكذلك اذا اعتبرت المصنفات وجدت الانتزاع بنصيب الاتقى الازهدي اوفر والفلاح بالاشتغال به اكثر. فينبغي ان يكون معلمه استطاع الى ذلك سبيلا ممن عرف عنه تقواه وظهرت منه عنايته بطلابه. وليجتهد على ان يكون الشيخ ممن له على الشرعية تمام اطلاع لان اطلاعه على علوم الشرع واخذه من كل منها بنصيب يؤمن السابدة في ايصال العلم ومعرفة انواعه باختلاف من يقف على نوع واحد منه فان الغالب ان المعلمين الذين يقفون على نوع واحد منه يحجبون بهذا اصحابهم عن بقية العلوم. وربما بالغ احدهم في بيان فضل علمه وتقديمه على العلوم فيثق المتعلم فيما يقول وينتج من ذلك الا يعرف من العلم الا هذا. وينبغي ان يكون معلمه ايضا له نعمة مع من يوثق به من مشايخ عصره كثرة بحث وطول اجتماع لا ممن اخذ عن بطون الاوراق ولم يعرف بصحبة المشايخ الحذاق. فقد قال عبد الله بن عوف رحمه الله تعالى لا يؤخذ العلم الا عن من عرف بالطلب وقال الشافعي كما اورده المصنف هنا من تفقه من بطون الكتب ضيع الاحكام. وكان بعضهم يقول من اعظم بلية تمسك الصحفية اي الذين تعلموا من الصحف فهم منسوبون اليها. فينبغي ان يكون طلبة المتعلم من من عرف بصلته باشياخ عصره واخذه عنهم وتخرجه على يديهم. لان ذلك امن له في للدين فان الدين لا يؤخذ من الاوراق وانما يؤخذ من الرجال. كابرا عن كابر. وقد روى ابو داوود بسند في صحيح من حديث عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم وهذا الحديث اصله في التلقي كما اشار الى ذلك الشاطبي رحمه الله تعالى في مقدمات الموافقات. فينبغي ان يكون اخذك للعلم عمن عرف باخذ العلم عن اهله. والهدف الثاني ان ينقاد لشيخه في اموره ولا عن رأيه وتدبيره من يكون معه كالمريض مع الطبيب الماهد فيشاوره فيما يقصده ويتحرى رضاه فيما يعتمده ويبالغ في حرمته ويتفرغ الى الله بخدمته ويعلم ان ذله لشيخه عز وخضوعه له فخر وتواضعه له رفعة فتمام او الانقياد لمشورة الشيخ والانتفاع بنصحه وملاحظة توجيهه مما يزيد الطالب انتفاعا بشيء ولذلك حظ المصنف عليها حتى جعله بمنزلة المريض مع الطبيب الماهر. فان المريض مسلم امره لمن بمهارته في الطب. وهكذا ينبغي ان يكون المتعلم مع من وثق بمعرفته من المعلمين في انواع العلوم ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى اقوالا للسلف في تواضعهم مع اشياخهم وعلمائهم فقال ويقال ان الشافعي رضي الله عنه عوثب على تواضعه للعلماء فقال اهين لهم نفسي فهم يقدمونها ولن تقوم النفس التي لا تهينها. فاذا اهالي الانسان نفسه لمعلمه والمراد باهانة نفسه له الا يعاتب ولا يطالب ولا يغالب في شيء وليس معنى اهانته لنفسه ان يضعها في موضع جن ولكن المقصود ان يحرمها مما تتوق اليه فان النفس تتوب الى المشاركة والمنافسة حتى مع من يحسن اليها فينبغي ان يقسمها عن مألوفيها وان يلزمها حدها مما ينبغي ان يستعمله من الادب مع معلميه من التواضع. ثم ذكر ايضا ما كان متفقا ابن عباس عندما اخذ بركاب زيد ابن ثابت الانصاري والركاب اسم للابل التي تحمل الناس. وقد اخذ رضي الله عنه بزمام ناقة زيد ابن ثابت وقال هكذا امرنا ان نفعل بعلمائنا اي بالتواضع لهم والقيام على خدمتهم. وقال احمد ابن حنبل لخلف الاحمر لا اقعد الا بين يديك. قدرنا ان نتواضع لمن نتعلم منه وذلك ان الامام احمد خرج الى خلف الاحمر وهو من ائمة اللغة المعروفين ليأخذ عنه حديثه عن ابي عوانه فاراد خلقوا ان يجلس بين يديه مرتفعا فابى عليه احمد وقال لا اقعد الا بين يديك امرنا ان نتواضع لمن نتعلم منه وقوله العالم ممن بعد عن العهد الاول امرنا يريد به ما جاءت به الادلة الشرعية المقصوده امرنا بالشرع ان نتواضع لمن نتعلم منه. ثم قال وقال الغزالي لا ينال العلم الا بالتواضع والقاء سمع والمراد بالقاء السمع اصغاؤه المشتمل على جمع القلب. فان سبوق السمع الى المسموع الى الاذن المقتصر على الادراك ليس هو المراد وانما المراد سمع يقارنه جمع القلب على ما يلقى اليه ثم قال ومهما اشار عليه شيخه بطريقة تعليمه فليقلده. وليدع رأيه فخطأ مرشده انفع له من صوابه في نفسه بان مرشده له من الخبرة والدراية ما ليس له. وقد يظهر عنده ان ارشاد مرشده غلط لكنه ان اخذ به وتمادت به الايام تبين له ان مرشده اليه مرشده صواب ثم ذكر ان هذا الادب منبه عليه في القرآن في قصة موسى والخضر فان الخضر قال له انك لن تستطيع معي صبرا مع علو قدر موسى الكريم عليه الصلاة والسلام حتى شرط عليه السكوت فسلم له الخضر بذلك فسلم له موسى لذلك وانتفع كما خصه الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه والامام الدعوة النجدية لشيخ محمد بن عبد الوهاب رسالة نافعة اسمها فوائد قصة الخضر مع موسى عليه الصلاة والسلام. ذكر فيها كثيرا من الاداب المتعلقة بالمعلم والمتعلم. والهدف الثالث ان ينظره بعين الاجلال. ويعتقد فيه درجة الكمال. والمقصود الكمال هنا الكمال المناسب للمخلوق فان الكمال الانسانية المقصورة على قدر العبد مما يوصف للعبد فان من الناس من كملت اوصافه وحلاه باعتبار ما يصل اليه الخلق من الاوصاف. فالناس في ذلك درجات ينبغي ان ينظر المعلم المتعلم الى معلمه بعين الاكبار والاجلال والاعظام. ويعتقد فيه درجة الكمال المناسب له فان ذلك اقرب الى نفعه به. وكان بعض السلف اذا ذهب الى تصدق بشيء وقال اللهم استر عيب شيفي عني ولا تذهب بركة علمه مني. وقال الشافعي كنت اصفح الورقة اي ارفعها بين يدي ما لك رقيقا هيبة له لان لا يسمع وقعها. وهذا من ابلغ الاعظام. وقال الربيع بن سليمان والله ما اجترأت ان اشرب الماء الشافعي ينظر الي هيبة له. ثم ذكر بعد هذه الاقوال ما اتفق لشريك ابن عبد الله رحمه الله تعالى لما حضر اليه بعض اولاد الخليفة المهدي من خلفاء العباسيين فاستند ولد الخليفة الى الحائط عن حديث فلم يلتفت اليه شريك ثم اعاد فعاد شريكه بمثل ذلك فقال اتستخف باولاد الخلفاء؟ قال لا. ولكن ما اجل عند الله من ان اضيعه ويروى العلم ازين عند الله من ان يضيعوه. ووجه اضاعته هو وضعه عند من لا يرفع اليه رأسا ولا يعظم له شأنا فان هذا المتهتك بحرمة العلم الذي استند على الجدار ثم رغب من شيخه ان يسأله ان ان يحدثه بحديث كان حقيقا بحرمانه منه بان حاله حاله استخفاف بالعلم واهله. ولا ينبغي لاهل العلم ان يضيعوه. وقد قال ربيعة الرائي رحمه الله تعالى لا ينبغي لاحد عنده شيء من العلم ان يضيع نفسه. ومن عدم اضاعة العلم حرمانكم من ليس اهلا له ممن لم يتأدب بادبه. ومن اعظامه واجداده بذله لاهله. ثم ذكر ممن مما بهذا ما ذكره في قوله وينبغي الا يخاطب شيخه بداء الخطاب وكافه كأن يقول قلت او ذكرت او نحوها من الالفاظ ولا يناديه من بعد بان يرفع صوته او اليه ليستوقفه من بعيد بل يقول يا سيدي ويا استاذ وقال الخطيب يقول ايها العالم ايها الحافظ ونحو ذلك وما تقولون في كذا وما رأيكم في كذا وشبه ذلك وقاعدة الشريعة في المخاطبات لزوم الادب مع عدم المبالغة خشية الفتنة فان الادب مرغب فيه شرعا فمن اراد ان يخاطب احدا فانه مأمور بالادب لكنه ينهى عن المبالغة في اعظامه واجلاله كما اتفق للنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له انت سيدنا وابن سيدنا فقال قولوا بقولكم او بعض قولكم اي ما تعرفونه من قولكم في اعظام من تخاطبون دون خروج عن ذلك واكملوا تلك الالفاظ انتساب الانسان الى شيخه دون مبالغة بتلقيبه كان يا شيخنا او يا استاذنا او نحو ذلك من الالفاظ بان ينسب نفسه اليه مع تعريفه بحقه وقدره ثم قال ولا يسميه في غيبته ايضا باسمه الا مقرونا بما يشعر بتعظيمه كأن يكنيه فان الدنيا عند العرب التعظيم او قوله قال الشيخ او الاستاذ كذا او قال شيخنا بين هذا كله فان هذا كله مما يدل التعظيم ثم ذكر المصنف مما يدل على التعظيم او قال حجة الاسلام ونحو ذلك. وهذا من الالقاب مولدتي في الاسلام. والعرب لا تعرف مثل هذه الالقاب المبالغ فيها. فينبغي العدول عنها لزوم ما تعرفه العرب من الفاظ الاجلال والاعظام دون ولاع بهذه الالقاب التي اقبل عليها الناس كقولهم حجة او حافظ الاسلام او امام الاسلام او شيخ الاسلام او غير ذلك فان هذه الالقاب لا تصرف لكل احد وانما يستحق ما يستحق منها نفر قليل في علماء المسلمين. وقد استبيح حماها اليوم حتى صارت الالقاب تصرف بلا ضابط وترسل لكل احد فصار في الناس من يخاطب باسم الامامة والتجديد والهداية وغيرها من التعظيم والاجلال وهو علي من ذلك. والالقاب لا يمنحها الخلق وانما يمنحها الخالق سبحانه وتعالى فان الله سبحانه وتعالى اذا اراد لاحد من الخلق ان يكون اماما للمتقين جعله اماما وان ابى الخلق اجمعون. وان اراد الخلق ان يجعلوا احدا منهم اماما ولم يرد الله سبحانه وتعالى ان يجعله اماما فان الله عز وجل لا يكتب له هذه الايمان فلا ينبغي ان يمتلئ قلب الانسان بهذه الالقاب الفارغة اليوم المرسلة قبل اسم فلان او فلان او فلان. وانما مدار الارض على النفع والاتباع فان من صدق في نفع الخوف رفعه الله سبحانه وتعالى. واذا كان الانسان ذا ولع بهذه الالقاب اما في نفسه او في مدح غيره بها فانه يضر بنفسه ويضر بغيره. ومن مقاصد بعض الناس في ارسال هذه الالقاب والحكم على الخلق بها ان يعظموا معظما من معظميهم فتجد ان بعض الناس له تعلق باحد من الخلق فيبالغ برفعه حتى يعلق الخلق به ولا ريب ان هذا قد يكون فيه نوع خيانة له. اذا كان المرفوع بهذه ليس اهلا لها فيكون قد انزله في منزلة ليس له فهو ليست له فغر الخلق بذلك فقلدوه او اذعنوا او اخذوا باقواله. وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق