السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس التاسع عشرون في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الثانية احدى وثلاثين بعد الاربع مئة والالف واثنتين وثلاثين بعد اربعمائة والالف وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد بن ابراهيم بن جماعة رحمه الله الكتاب الثاني وهو بلوغ القاصد جل المقاصد العلامة عبدالرحمن بن عبد الله البعلي رحمه الله. غيره الكتاب الثالث وهو فتح رحيم من الملك العلام للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله فقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول الى الادب السابع من اداب بالمتعلم في قراءته وحلقة شيخه. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع قال المصنف رحمه الله تعالى السابع اذا حضر مجلس الشيخ سلم على الحاضرين بصوت بصوت جميعهم وخص الشيخ بزيادة تحية واكرام. وكذلك يسلم اذا انصرف. وعد بعضهم حلق العلم في لاخذهم فيه من المواضع التي لا يسلم فيها. وهذا خلاف ما عليه العمل والعرف. لكن يتجه ذلك في شخص واحد مشتغل بحفظ درسه وتكراره. واذا سلم فلا يتخطى رقاب الحاضرين الى قرب الشيخ من لم من لم تكن منزلته كذلك بل يجلس حيث انتهى به المجلس كما ورد في الحديث. فان صرح له الشيخ بالتقدم او كانت منزلته او كان يعلم ايثار الشيخ او كان يعلم ايثار الشيخ والجماعة لذلك فلا ولا يقيم احدا من مجلسه او يزاحمه قصدا فان اثره الغير مجلسه لم يقبل الا ان يكون في كمصلحة مصلحة الا ان يكون في ذلك مصلحة يعرفها القوم وينتفعون من به وينتفعون بها من مع الشيخ لقربه منه لكونه كبير السن او كثير الفظيلة والصلاح عندك لكونه ولا لكونه؟ احد معه نسخة اخرى؟ ها؟ نسختك اللي معك ايش هي او لكونه كبير السن اي هذا اوفق. نعم. او لكونه كبير السن او كثير الفضيلة والصلاح ولا ينبغي لاحد ان ان يؤثر بقربه من الشيخ الا لمن هو اولى بذلك الفراق ولا ينبغي لاحد ان يؤثر بقربه من الشيخ الا لمن هو اولى بذلك. لسنه او علمه او صلاحه قال لي احرص على القرب من الشيخ اذا لم يرتفع في المجلس على من هو افضل منه. واذا كان الشيخ في صدر مكان فافضل جماعة احق بما على يمينه ويساره وان كان على طرف صفة او نحوها فالمبجلون مع الحائط ومع طرفها مبالغة وينبغي للرفقاء في درس واحد او دروس ان يجتمعوا في جهة واحدة ليكون نظر الشيخ اليهم عند الشرح ولا يخص بعضهم في ذلك دون بعض. وقدرت العادة في مجالس التدريس بجلوس المتميزين قباء وجه المدرس والمبجلين من معيد او زائر عن يمينه او ويساره. الثامن ان يتأدب مع مجلس الشيخ فانه ادب معه واحترام لمجلسه وهم رفقاؤه فيوقر اصحابه ويحترم كبراءه ولا يجلس واسطح الوسط الحلقة ولا قدام احد الا لضرورة. كما في مجالس التحديث ولا يفرق بين رفيقين ولا بين متصاحبين الا باذنهما معا. ولا فوق من هو اولى منه. وينبغي للحاضرين اذا جاء القادم ان يرحبوا به ويوسعوا له ويتمسحوا لاجله ويكرموه بما يكرم به مثله. واذا فسح له في وكان حرجا ضم نفسه ولا يتوسع ولا يعطي احدا منهم جنبه ولا ظهره. ويتحفظ من ذلك ويتعهدون عند بحث الشيخ له ولا يجنح على جاره او يجعل مرفقه قائما في جنبه او يخرج عن بقية الحلقة بتقدم من او تأخر ولا يتكلم ولا يتكلم في اثناء درس غيره او درسه بما لا يتعلق به او بما يقطع اليه بحثه واذا شرع واذا شرع بعضهم في درس فلا يتكلم بكلام يتعلق بدرس بدرس فرغ ولا مما لا تفوت فائدته الا باذن من الشيخ وصاحب الدرس. وان اساء بعض الطلبة ادبا على غيره لم ينهره غير الشيخ الا باشارته او سرا بينهما على سبيل النصيحة. وان اساء احد ندبه على تعين على الجماعة انتهاره ورده والانتصار للشيخ بقدر الامكان. وفاء لحقه ولا يشارك احد من الجماعة ولا يشارك احد من الجماعة احدا في حديثه ولا سيما الشيخ قال بعض الحكماء الادمي من الادب الا يشارك الرجل في حديثه وان كان اعلم به منه. من الادب الا يشارك الرجل غيره صابر هذا الرجل غيره في حديثه. قال بعض الحكماء من الادب الا يشارك الرجل غيره في حديثه وان كان اعلم به منه وانشد الخطيب في هذا المكان ولا تشارك في الحديث اهله وان عرفت فرعه واصله فان علم اشي ثار الشيخ ذلك او المتكلم فلا بأس تقدم ذلك مفصلا في الفصل قبله. التاسع الا يستحيي من سؤال ما اشكل عليه وتفهم ما لم يتعقل بتلطف وحسن خطاب وادب وسؤال. فقال عمر رضي الله عنه من رق وجهه رق علمه وقال مجاهد لا يتعلق. احنا كده في النسخة الثانية وقال عمر لقال عمر. ها قال بدون هوى الاوفق منها بدون واو لانه ما فيه قول تقدمها العادة ان تكون اذا كان تقدم معقول تعطف عليه مثل كتب الاحاديث المجردة يستفتحون الباب دائما يقولون عن ابي هريرة واذا ذكروا الحديث الذي بعده قالوا وعن ابن عمر يأتون بواو العطف. هذا نظيره. اسمعوا ان الصواب قال عمر. نعم. قال عمر رضي الله عنه من رق وجهه رق علمه؟ فقال مجاهد لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر. وقالت عائشة رضي الله عنها رحم الله نساء الانصار لم يكن الحياء يمنعهن ان يتفقهن في الدين. وقالت ام سليم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لا يستحي من الحق هل هل على المرأة من غسل اذا احتلمت؟ وهل على المرأة من غسل اذا اختلمت ولبعض العرب وليس العمى طول السؤال وانما تمام العمى طول السكوت على الجهل وقد قيل من رق وجهه عند السؤال ظهر نقصه عند اجتماع الرجال ولا يسأل عن شيء في غير موضعه الا لحاجة او علم بايثار الشيخ ذلك. واذا سكت الشيخ عن الجواب لم يلح عليه وان اخطأ في الجواب فلا يرد في عليه وقد تقدم. وكما لا ينبغي للطالب ان يستحي من السؤال فكذلك لا يستحي من قوله لم افهم اذا سأله الشيخ بان ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة والآجلة. اما العاجلة فحب المسألة ومعرفتها اعتقاد الشيخ فيه الصدق والورع والرغبة والاجلة سلامته من الكذب والنفاق واعتياده التحقيق. قال الخليل منزلة الجهل بين الحياء والانفة. وقد تقدم في اداب العالم انه لا يسأل المستحيي هل فهمت؟ بل يتوصل الى العلم بفهمه بطرح المسائل فان سأله فلا يقل نعم حتى يتضح له المعنى اتضاحا جليا كي لا يفوت ويدركه بكذبه الاثم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ثلاثة اداب اخرى تلحق بسابقتها من الاداب المتعلقة بادب المتعلم مع درسه في حلقة شيخه وقراءته العلم عليه. واولها الادب السابع. وذكر فيه رحمه الله تعالى انه واذا حضر مجلس الشيخ سلم على الحاضرين بصوت يسمع جميعهم. وخص الشيخ بزيادة تحية واكرام لان له حظوة سواه فانه معلمهم الخير. فلما اختص بهذه الحظوة اختص بحق زائد في التحية فيحيى جميع المجلس بالسلام عليه ثم يزاد بحق الشيخ تحيته بزيادة مما تعارف عليه الناس وامثاله ما جاء في الشرع. وكذلك يسلم اذا انصرف من المجلس. فالسلام بدءا وختما من السنن المروية الثابتة في الهدي النبوي. ثم ذكر ما اتفق ايراده عند جماعة من الشافعية والحنابلة في المواضع التي لا يسلم فيها وهي حلق العلم. فان الفقهاء رحمهم الله الا يدخلون في مطولات الكتب الفقهية في ابواب الاداب منها او في الكتب المفردة عندهم في الاداب المواضع التي لا يسلم على المرء فيها. وهي عديدة ومن الفقهاء من زادها عن العشرة ومن جملة تلك المواضع التي ذكروها السلام على المشتغلين بالعلم في حلقه. وهذا خلاف ما عليه العمل والعرف كما قال رحمه الله تعالى لان الشرع امر بافشاء السلام ولم يخص محلا دون محل الا بما ورد فيه دليل معين وهذا المحل لم يرد فيه دليل معين فهو باق على اندراجه في عموم الامر بافشاء السلام ومن الفقهاء من جعلوا ذلك مخصوصا بمن كان واحدا مشتغلا بحفظ درسه وتكراره. فان الواحد مقبل على الشيء يكون مشغولا به في ترك السلام عليه لئلا يقطع فكره ويشوش اقباله. وهذا الذي قاله من قاله من الفقهاء اعظم منهم الشرع السلام على المصلي. وقد جاءت السنة بالسلام عليه. فاذا كان المصلي مع عظيم شغله وصدق الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح ان في الصلاة لشغلا يسلم عليه فاولى منه ان يسلم على مشتغل بحفظ درسه وتكراره. والاظهر المناسب للشريعة والادب ان من وصل الى علم سلم عليهم تسليما لطيفا رفيقا يسمعه ادناهم. اما رفع الصوت فيه فانه خلاف لانه يشوش عليهم في امرهم الذي هم فيه من العلم. فاذا وصل ملتمس العلم الى حلقة من حلق العلم سلم بصوت خفيظ يسمعه الذي يجلس قريبا منه ولا يلزمه ان يسمع السلام عن ذلك خلاف الادب ثم ذكر انه اذا سلم فلا يتخطى رقاب الحاضرين الى قرب الشيخ الا ان تكون من منزلته كذلك فان كان مما يقرب لاجل فضيلته تقدم الحاضرين متخطيا رقابهم الى والسنة فيمن لم تكن له منزلة يلاحظ فيها ان يجلس حيث انتهى به المجلس كما ورد به الحديث الذي رواه ابو داوود والترمذي باسناد لا بأس به من حديث جابر ابن سمرة رضي الله عنه قال كنا اذا اتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس احدنا حيث ينتهي اي حيث انتهى به المجلس ما لم يكن له رتبة يقدم بها كمن له منزلة في العلم فصرح له الشيخ والحاضرون بالتقدم او كان يعلم ايثار الشيخ لذلك فلا بأس ان يتقدم الى المحل الذي قدموه اليه. ثم قال ولا يقيم احدا من مجلسه ليجلس موضعه للنهي الوارد عن ذلك في الصحيح من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ولا ينبغي له ان فهمه قصدا اي عمدا فان اثره الغير مجلسه لم يقبل الا ان يكون في ذلك مصلحة يعرفها القوم ينتفعون بها من بحثه مع الشيخ لقربه منه او لكونه كبير السن او كثير الفضيلة والصلاح. فاذا قام له رجل يجلس موضعه وكان في ذلك مصلحة فالانسب ان يجلس في الموضع الذي قام له صاحبه منه وكان ابن عمر رضي الله عنهما كما في الصحيح اذا قام له احد من مجلسه لا يجلس مكانه تأديب للناس بان يجلس الانسان حيث انتهى به المجلس فكان ابن عمر يهضم حقه ابتغاء تعليم الناس الادب فاذا عرف الادب بينهم وشهر فلا بأس حينئذ ان يتقدم من كان له مقام من التقدم كالاحوال التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى ثم قال ولا ينبغي لاحد ان يؤثر بقربه من الشيخ الا لمن هو اولى بذلك اي لا يحسن به ان يقدم غيره في هذا الحق مؤثرا. له على نفسه فان القربى من الشيخ المعلم ادعى للانتفاع به. فاذا قدم احدا لاجل سنه او علمه او صلاحه ممن هو اولى منه فذلك سائغ. والاصل ان يحرص الم تعلم على القرب من الشيخ اذا لم يرتفع في المجلس على من هو افضل منه مقاما واكثر فضلا. ثم ذكر انه اذا كان الشيخ في صدر مكان فافضل الجماعة احق بما على يمينه ويساره اي بالقرب منه يمنة ويسرة. وان كان على طرف صفة مما يتكأ عليه او نحوها المبجلون مع الحائط اي متكئون كذلك ومع طرفها قبالته هم اما ان يكونوا عن يمينه متكئين على الحائط او قبالته ناظرين اليه اي في الجهة المقابلة له ثم ذكر ما ينبغي للرفقاء وهم المتصاحبون في العلم في درس واحد او دروس ان يجتمعوا في جهة واحدة ليكون نظر الشيخ اليهم جميعا عند الشرح. ولا يخص بعضهم في ذلك دون بعض. لانهم في الامر وهو التماس العلم سواء وقد جرت العادة بين المتعلمين في مجالس التدريس بجلوس المتميزين قبالة وجه درس والمبجلين من معيد وهو الذي يجلس ليفيد الطلاب بدرس شيخه بعد انقضاءه او زائر عن يمينه ويساره. ثم ذكر الادب الثامن وهو ان يتأدب مع حاضر مجلس الشيخ. وعلله قوله فانه ادب معه واحترام لمجلسه ومجالس العلم تحاط بالخشية والهيبة. قاله يحيى ابن ابي كثير رحمه الله وهؤلاء الحاضرون عند الشيخ هم رفقاؤه فلهم حق الرفقة ومن حق الرفقة ما ذكره بقوله فيوقر اصحابه ويحترم كبراءه واقرانه. ثم ذكر من اداب الجلوس عند الشيخ الا يجلس وسط الحلقة. وروي فيه حديث عند ابي داود وغيره عن حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله وعليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة. واسناده ضعيف لانقطاعه. وهو مما يخالف الادب فان الادب ان يجلس الانسان في الحلقة. فاذا لم يمكنه الجلوس في الحلقة جلس وراء الحلقة وقع ذلك في حديث ابي واقد الليثي عند البخاري في قصة الثلاثة الذين مروا على النبي صلى الله عليه وسلم هو في حلقة فام احدهم فوجد فرجة في الحلقة فجلس واما الثاني فجلس وراء الحلقة واما الثالث فاعرض عنها فيستنبط منه ان الجلوس المقدم ان يكون المرء في الحلقة اذا وجد فرجة فان لم يجد فيها فرجة وسعة جلس وراء الحلقة. فاذا جاء اخر جلس معه فربما كانوا حلقة ثانية بعد الحلقة الاولى وربما عظم المجلس حتى يكون قلقا كثيرة. ثم ذكر من ادابه ايضا لا يجلس قدام احد اي امامه لان ذلك من جملة ما يندرج في معنى التدابر المنهي عنه في حديث ابي هريرة في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ولا تدابروا. وعرف العرب الاستنكاف من ان يجلس الرجل وراء من يوليه ظهره لان هذا احتقار له ولولا عظمة الشريعة في نفوس العرب لما اجابوا الى ان يتقدمهم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة موليهم ظهره. لكن لما وطنتهم الشريعة على حقائقها المقررة فيها صار النبي صلى الله عليه وسلم يتقدمهم اماما في الصلاة وهم وراءهم. وما عدا ما الشرع بترتيبه على هذه الصفة فانه لا ينبغي ان يجعل المرء ظهره في وجه اخيه لان ذلك من جملة ما يندرج في حقيقة التدابر المنهي عنه وانما يسوغ ذلك ان كان لضرورة كما قال المصنف الا لضرورة كما في مجالس التحديد لان المجلس ربما ضاق فوقع مثل هذا ثم قال ولا يفرق بين رفيقين ولا بين متصاحبين الا ابنهما معا ولا فوق من هو اولى منه اي ولا يجلس فوق من هو اولى منه. والفوقية تكون وباعتبار القرب من الشيخ فالقريب من الشيخ فوق من وراءه ومن بعده فوق من وراءه الى اخر الحلقة ثم ذكر ما ينبغي للحاضرين عند الشيخ ان يفعلوه اذا جاءهم قادم وهو ان يرحبوا به ويوسعوا له ويتفسحوا لاجله ويكرموه بما يكرم به مثله. وهذه اداب مذكورة في جملة من الاحاديث النبوية. واذا فسح له في المجلس وكان حرجا اي ضيقا ضم القادم نفسه ولا يتوسع بل ليسوا بحسب الحاجة دون توسع يضر بمن اوسع له. ولا يعطي احدا منهم جنبه ولا وظهره فالجالس في حلقة الشيخ لا ينبغي له ان يولي احدا جنبه ولا ظهره ويتحفظ من ذلك ويتعهده عند بحث الشيخ له اي اذا تكلم مع الشيخ في العلم فانه ينبغي ان يتحفظ من ذلك واذا لكان هذا منهيا عنه في حق الجالس في الحلقة مع اصحابه فان حقه مع الشيخ اعظم فمن في الادب ما يفعله بعض الناس من الجلوس في حلقة الدرس وتجده قد جعل جنبه الى الشيخ والادب ان يقبل عليه بوجهه فان الشيخ يجلس اليه كما هو جالس للبقية فينبغي له ان يجلس معه على الادب من الاقبال عليه بوجهه ثم قال ولا يجنح على جاره اي لا يجعله كالجناح له او يجعل مرفقه قائما في جنبه بحيث يؤذيه او يخرج عن بقية الحلقة بتقدم او تأخر لان الادب في حق من جلس في حلقة ان يكون معها ورعاية ادب الحلقة كرعاية ادب الصف في الصلاة. والجمهور ان الاداب المتعلقة في الصف في الصلاة الاصل فيها انها من ابواب النوافل. وذهب بعض الفقهاء الى ايجاب جمل منها ليس هذا محلها. لكن ان المقصود ان رعاية الادب في الاجتماع مع الناس في صلاة او حلقة علم هي من الامور التي رعتها الشريعة وبينت احكامها وتقدم ان الصلاة التي يصليها الناس في المساجد الحق بها العلم في كثير من المسائل سبق قول المصنف ان العلم صلاة القلب. فاذا كان حاضر الحلقة في العلم جالسا فيها فهو مصل بقلبه. فينبغي له ان يرعى اداب صلاته قلبه ثم ذكر من ادبه في الحلقة الا يتكلم في اثناء درس غيره او درسه بما لا يتعلق به او بما عليه بحثه واذا شرع بعضهم في درس فلا يتكلم بكلام يتعلق بدرس فرغ وانتهى وانقضى ولا بغيره مما لا تفوته فائدته الا باذن من الشيخ وصاحب الدرس. والمراد بصاحب الدرس من يقرأ الكتاب على الشيخ وكان من طرائقهم في التعليم فيما سبق ان كل تلميذ يأخذ كتاب ويقرأ على شيخه وربما اجتمع نفر يسير على كتاب واحد فصار اسم صاحب الدرس يشملهم جميعا فلو قدر ان واحدا يقرأ في شرح الالفية واخر يقرأ في شرح كتاب التوحيد وثالث يقرأ في شرح اربعين نوية فكل واحد منهم له درسه الذي اختصوا به فلا ينبغي لاحد ان يتعدى على درس غيره ولا يتكلم في مسائله الا باذن من الشيخ او من صاحب الدرس ثم قال وان اساء بعض الطلبة ادبا على غيره لم ينهره غير الشيخ اي لم يزجره عن غيه في سوء ادبه الا شيخه. الا ان يشير احد اليه بشيء اشارة لطيفة دون عبارة فاذا لوحظ منه سوء ادب فاشار اليه غيره منبها كان ذلك سائغا اما النهر القول والزجر به فانه حق الشافي وحده او يكون بين الرفيقين سرا على سبيل النصيحة دون ابداءه علانية لان ابداء النصح علانية نوع من التوبيخ والتقريع يوجب في النفوس رده وعدم قبوله ومن عيون المروي من شعر الشافعي رحمه الله تعالى قوله تعمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة فان النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا ارضى سماعه. ثم قال وان اساء احد ادبه على الشيخ تعين على الجماعة انتهاره ورده كما كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلون مع من كان يسيء الادب معه صلى الله عليه وسلم. ثم اذا زجروه عن غيه ان انتصروا للشيخ بقدر الامكان وفاء لحقه بحسب ما تستدعيه الحال. وتقتضيه الشريعة والعرف فليس المقصود بالانتصار للشيخ التغيظ على من اساء الادب ومعاملته بالسوء. لكن المقصود كف ضرره وشرره فاذا كف بالطف امر وايسر سبب كان هذا هو المأمور به فان حلق العلم اداب تحاط بها وليس من ادب العلم اللغط في مجالسه ورفع الصوت فيه بل يزجر زجرا يقطع وشره وقد ذكر ابن مفلح رحمه الله تعالى في كتاب الاداب الشرعية ان ابا عبدالله احمد بن حنبل دخل درسه في المسجد فرأى بعض اصحابه يدفعون رجلا ويقولون كبش الزنادق كبش الزنادقة فقال رحمه الله عمن اخذتم هذا من امركم بهذا يجلس يسمع خيرا او ينصرف فلا للانسان ان يحيف في قصد الانتصار لشيخه حتى يقع فيما لم تأذن به الشريعة بل ينتصر في كف احد او ضرره في حلقة الشيخ بما لا يخالف الادب. والله سبحانه وتعالى يقول ان الله يدفع عن الذين امنوا وفي القراءة الاخرى ان الله يدافع عن الذين امنوا. فاهل العلم قد جعل الله عز وجل لهم حرصا بلا جنود وحماية بلا مال فهم في كنف الله سبحانه وتعالى ورعايته وملاحظته. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى من ادب المتعلم في الحلقة ان لا يشارك احد من الجماعة احدا في حديثه ولا سيما الشيخ فاذا تكلم احد في الحلقة انصت اليه. واذا كان ذلك المتكلم هو الشيخ كان احق بالانصات وهذا امر يعظم على النفوس فان الجام الالسنة وطيب بساطها عن القول يثقل على النفس الا من رحمه الله عز وجل. وقد روى ابن سعد في كتاب الطبقات الكبرى في ترجمة العجلي رحمه الله احد التابعين انه قال تعلمت الصمت عشر سنين ثم ذكر له كلاما اخر في ذلك الموضع انه لم يزل يؤدب نفسه على الصمت حتى استقامت له نفسه واعظم اذا كان الانسان بحضرة من يتكلم فان اعظم الصمت ان تلجم لسانك وتسمع كلامه وخلاف ذلك سوء ادب. قال بعض الحكماء من الادب الا يشارك الرجل غيره في حديثه. وان كان اعلم به منه وروى الخطيب البغدادي في الجامع الاخلاقي الراوي واداب السامع ان رجلا اعترض رجلا في حديثه عند عطاء ابن ابي رباح رحمه الله فقال ما هذه الاخلاق؟ ما هذه الاحلام؟ ان الرجل ليحدثني الحديث فاظهر له اني لا اعلمه الا من قبله او كلاما هذا معناه. واورد الخطيب في هذا الموضع من كتاب جامعه الذي قصده المصنف بقوله وانشد الخطيب في هذا المكان اي في هذا الموضع من كتاب الجامع قول بعض الادباء ولا تشارك في الحديث اهله وان عرفت فرعه واصله. ثم ذكر ما يستثنى من ذلك بقوله فان علم ايثار الشيخ ذلك اي محبة الشيخ ان يشاركه صاحبه في الكلام او علم محبة المتكلم ذلك فلا بأس. وقد تقدم ذلك مفصلا في الفصل له ثم ذكر الادب التاسع وهو ادب عظيم يتعلق بالسؤال في العلم وقد طوى المصنف رحمه الله تعالى مقاصده في عدة اسطر وهو حقيق ان يفرد افرادا ومن نفائس المقيدات ما اورده ابن القيم في اعلام الموقعين والشاطبي في كتاب الموافقات من اداب جمة تتعلق باداب السؤال في العلم. فان الفصلين المذكورين في هذا في كتاب الموافقات للشاطئ واعلام الموقعين لابن القيم من عيون العلم التي ينبغي ان يقف عليها طالب العلم فان ادب السؤال من اعظم الاداب التي ينبغي ان تتحقق بها وكلامهما فيها حقيق بالافراد انهما قررا جملة من القواعد وبين طرفا من الاداب في مقاصد السؤال مما يحسن الاخذ به والوقوف عليه وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى من ادب السؤال ان لا يستحيي الم تعلم من سؤالي عما اشكل عليه ومن تفهم ما لم يتعقل ويكون ذلك بتلطف وحسن خطاب وادب وسؤال ثم اورد رحمه الله تعالى اثارا تحث على التماس العلم بالسؤال. ومن المروي عن الزهرية رحمه الله انه كان يقول العلم خزائن تفتحها المسألة اي تستفتح خزائن العلم بالسؤال عنه فمما اورده رحمه الله تعالى قول عمر رضي الله عنه من رق وجهه رق علمه الدارمي واسناده منقطع. ورواه الدارمي من كلام عامل الشعبي. وابراهيم النخعي من التابعين والاسناد اليهما صحيح ومعنى هذه الجملة ان من رق وجهه حياء رق وعلمه ضعفا فالذي يكون حيا لا يقدم على المسألة لا يستنبط العلم من اشياخه فيطوى عنه علم كثير ثم اتبعه المصنف بقول مجاهد لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر. علقه البخاري في صحيحه وصله البيهقي في المدخل الى السنن الكبرى وابو نعيم الاصبهاني في كتاب الحلية باسناد صحيح ومعنى قول مجاهد ان من كان متصفا باحد هذين الوصفين لم ينل العلم. فالمستحي يمنعه ان يقدم على المسألة والمستكبر يأنف لغلظة قلبه ان يسأل عما لم يفهمه فاذا بلي المرء بحياء قاطع او كبر مانع حرم العلم وحجب عنه ثم اورد قول عائشة رضي الله عنها رحم الله نساء الانصار الى اخره وهو عند مسلم في صحيحه لفظ نعم النساء نساء الانصار لم يكن يمنعهن الحياء ان يتفقهن في الدين ثم اورد قول ام سليم رضي الله عنها ان الله لا يستحيي من الحق ثم سألت رضي الله عنها عما اشكل عليها فيما يعرض للنساء اذا احتلمت احداهن في منامها هل عليها غسل ام لا؟ والمقصود بالحياء المذكور في هذا الموضع هو والحياء الذي يمنع من الاقدام ويحمل على الاحجام. فالحياء الموقوت في العلم هو ما منعك اما تريد واما الحياء الممدوح في السؤال هو ما حملك على التماس الطف العبارات في عرض السؤال فالحياء هنا نوعان احدهما حياء ممقوت وهو الذي يحمل على الاحجام ويمنع من الاقدام على السؤال. والثاني حياء ممدوح وهو الذي يحمل على ابتغاء الطف العبارات في السؤال عما اشكل من المهمات. وهذا واقع في الخطاب الشرعي. فان الشرع في القرآن والسنة جاء على وفق الادب كما ذكره جماعة من اهل العلم منهم ابو العباس وابن تيمية الحبيب وتلميذه ابن القيم في جماعة اخرين فان الخطاب الشرعي يعدل فيه عن لفظ الى اخر ابتغاء لزوم الادب في الخطاب بطالب العلم ان يتخير الالفاظ التي يسأل بها فليس كل سؤال عنا له. وخطر في يبادر بابداءه بل يتخير لفظة حسناء يعرض بها هذا السؤال فان قد يسأل عن شيء يسأل عنه قرينه فيجاب قرينه ويترك هو لان القرين التمس صيغة مناسبة للادب وذاك الاخر جاء بعبارة تنبو عن الافهام او فيها سوء ادب او لا يحب الشيخ ان يبادر بمثلها في مثل ذلك المجلس في عرض عنه. ثم ذكر قول بعض الشعراء وليس العمى طول السؤال وانما العمى طول السكوت على الجهل ثم قال وقد قيل من رق وجهه عند السؤال ظهر نقصه عند ارتماع الرجال والمعنى ان من كان حييا رقيق الوجه لم يعود نفسه سؤال الاشياخ حرم علما كثيرا بان نقصه اذا اجتمع مع رداته واقرانه وبحثوا في العلم فانه يفوته علم كثير بسبب عدم سؤاله ثم ذكر من الادب الا يسأل عن شيء في غير موضعه الا لحاجة او علم باذهال الشيخ في ذلك. واذا الشيخ عن الجواب لم يلح عليه لان من مآخذ الجواب عند اهل العلم السكوت. وقد صح عن الاعمش رحمه الله انه كان يقول السكوت جواب. فربما لاحظ الشيخ المجيب ان الاليق بهذا هل هو السكوت عن الجواب؟ فامتنع منه. فاذا سكت الشيخ عن الجواب لزم الادب معه ولم يلح عليه لان المعلم الذي يرقب الله عز وجل لا يبسط شيئا ولا يطويه الا مسوغ شرعي وقد عجب علم كثير من ملتمس العلم والمتكلمين فيه في هذه الازمان فظنوا ان ان السكوت عن الجواب ضعف وخوار. واكثر ما يقع في قلوبهم ان هذا ضعف للخوف ممن اتاهم الله عز وجل سلطانا وهذا من الجهل بالله وبامره فان العارفين بالله وبامره يعظمون امر الله وشأنه ويخافون هيبته وسلطانه اعظم من خوفهم وهيبتهم سلطانا من سلاطين الارض فهم ان سكتوا انما يسكتون لمصلحة داعية وموجب شرعي حامل على ذلك. فينبغي ان يعرف المتعلم موقع هذا وان السكوت ربما ورد على هذا المورد ثم ذكر من الادب مع الشيخ جواب الا يرد في الحال عليه وقد تقدم. ثم ذكر انه كما لا ينبغي للطالب ان يستحي من السؤال فكذلك لا يستحي من قوله لم افهم اذا سأله الشيخ لان ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة والاجلة. ثم بين رحمه الله وجه فوات المصلحة العاجلة والاجلة فقال اما العاجلة فحفظ المسألة ومعرفتها واعتقاد الشيخ فيه الصدق والورع والرغبة فانه يفوته اصابة العلم هو يعتقد فيه ما ليس كذلك. واما الاجلة فهو سلامته من الكذب والنفاق واعتياده التحقيق قال الخليل يعني ابن احمد الفراهيدي منزلة الجهل بين الحياء والانفة اي ان آآ العبد لا يزال متربعا في الجهل بين حيائه وانفته فاما ان يكون حيا فلا يتعلم او تكون له انفة كبرياء فلا يتعلم. ثم ذكر انه قد تقدم في اداب العالم ان لا يسأل المستحيي. دون غيره. بل هذا ادب خاص فلا يسأله هل فهم فليتوصلوا الى العلم بفهمه بطرح المسائل. وقد كان هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فانه كان يطرح المسألة على اصحابه ليستخرج ما عندهم من العلم. وبوب على هذا المعنى البخاري في صحيحه في كتاب العلم منه. فان سأله الشيخ الا يقل نعم حتى يتضح له المعنى اتظاحا جليلا كي لا يفوته الفهم ويدركه بكذبه الاثم وهذه خاتمة ما ذكره المصنف مما يتعلق بادب السؤال وما يندرج في ذلك اطول مما ذكر وجدير بكم ان ترجعوا الى قراءة المباحث المذكورة في كتاب اعلام الموقعين والموافقات للشرط مما يتعلق بادب السؤال فان فيها نفعا عظيما وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب وبالله التوفيق