السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل وتعبدنا به طول الحياة الى الممات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الفائزين مراتب التقديم اما بعد فهذا الدرس الثلاثون في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمد في سنته الثانية احدى وثلاثين بعد اربعمائة والف واثنتين وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد بن ابراهيم بن جماعة رحمه الله. ويليه الكتاب الثاني وهو بلوغ القاصد جل المقاصد العلامة عبدالرحمن بن عبدالله البعلي الكتاب الثالث وهو فتح الرحيم الملك العلام للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله. وقد انتهى بنا البيان في الاول الى الادب العاشر من الباب الثالث من الفصل الثالث من الباب الثالث وهو في اداب المتعلم في وقراءته في الحلقة. نعم. اسأل الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين قال المصنف رحمه الله تعالى العاشر مراعاة نوبته فلا يتقدم عليها بغير رضا من هي له وروي ان انصاريا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله وجاء رجل من ثقيف فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا اخا ثقيف ان الانصاري قد سبقك بالمسألة فاجلس كيما نبدأ بحاجة الانصار قبل حاجتك قال الخطيب يستحب للسابق ان يقدم على نفسه من كان غريبا لتأكد حرمته ووجوب ذمته وروى في ذلك حديثان عن ابن عباس وروي وروى في ذلك حديثان عن ابن عباس وابن عمر بذلك في ثانية لازم تكون روي وروي في ذلك حديثان الخطيب احسن الله اليك ها عائدة للخطيب بس يمتنع يمتنع الرفع لا بد تكون منصوبة حديثين لو كانت روعة. احسنت. نعم. وروي في ذلك حديثان عن ابن وابن عمر وكذلك اذا كان للمتأخر حاجة ضرورية وعلمها المتقدم او اشار الشيخ بتقدمه فيستحب ايثاره فان لم يكن شيء من ذلك ونحوه فقد كره قوم الايثار بالنوبة لان قراءة العلم مسارعة اليه قربة والايثار بالقرب مكروه. وتحصل تقدم النوبة بتقدم الحضور في مجلس الشيخ او الى ولا يسقط حقه بذهابه الى ما يضطر اليه من قضاء حاجة وتجديد وضوء اذا عاد بعده واذا تساوى اثنان وتنازعا اقرع بينهما او يقدم الشيخ احدهما ان كان متبرعا وان كان عليه اقرائهما فالقرعة ومعيد المدرسة اذا شرط عليه اقراء اهلها فيها في وقت فلا يقدم عليهم غرباء فيه فلا يقدم عليهم الغرباء فيه فيها بغير اذنهم. الحادي عشر ان يكون جلوسه وبين يدي الشيخ على ما تقدم تفصيله وهيئته في ادبه مع شيخه ويحضر كتابه الذي يقرأ منه معه احملوه بنفسه ولا يضعه حال القراءة على الارض مفتوحة. بل يحمله بيديه ويقرأ منه ولا يقرأ حتى يستأذن الشيخ ذكره الخطيب عن جماعة من السلف وقال يجب الا يقرأ حتى يأذن له الشيخ ولا يقرأ لقلب الشيخ او ملله او غمه او غضبه او عطشه او نعاسه او استفازه او تعبه واذا رأى الشيخ تآثر الوقوف اقتصر ولا يحوجه الى قوله اقتصر. وان لم يظهر له ذلك فامره بالاقتصار اقتصر حيث امر ولا يستزيله. واذا عين له قدرا فلا يتعده ولا يقول طالب لغيره اقتصر الا بالاشارة لا بالاشارة الا باشارة الشيخ او ظهور ايثاره ذلك. الثاني عشر اذا حضرت نوبته استأذن الشيخ كما ما ذكرناه فاذا اذن له استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يسمي الله ثم يسمي الله تعالى احمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه ثم يدعو للشيخ ولوالديه مشايخه ولنفسه ولسائر المسلمين. وكذلك يفعل كل ما شرع في قراءة درس او تكراره او مطالعة او مقابلته في حضور الشيخ او في غيبته. الا انه يخص الشيخ بذكره بالدعاء عند قراءته عليه ويترحم على مصنف الكتاب عند قراءته. واذا دعا الطالب للشيخ قال رضي الله عنكم وعن وامامنا ونحو ذلك ويقصد به الشيخ واذا فرغ من الدرس دعا للشيخ ايضا ويدعو الشيخ ايضا كل ما دعا له فان ترك الطالب الاستفتاح بما ذكرناه جهلا او نسيانا نبهه عليه وعلمه اياه وذكره به فانه من اهم الاداب. وقد ورد الحديث في ابتداء الامور المهمة بحمد الله تعالى وهذا منها الثالث عشر ان يرغب بقية الطلبة في التحصيل ويدلهم على مضانه ويصرف عنهم عموم المشغلة عنه ويهون عليهم مؤنته ويذاكرهم بما حصله من الفوائد والقواعد والغرائب وينصحه في الدين فبذلك يستنير قلبه ويزكو علمه. ومن بخل عليهم لم ينبت علمه وان نبت لم يثمر قد جرب ذلك جماعة من السلف ولا يفخر عليهم او يعجب بجودة ذهنه بل يحمد الله تعالى على ذلك ويستزيده منه بدوام شكره. ذكر المصنف رحمه الله تعالى اربعة اداب تتمة الاداب المتقدمة المتعلقة باداب المتعلم في قراءته وحلقة درسه عند شيخه وهي لاحقة بسابقتها في العد. واولها العاشر. وذكر فيه رحمه الله تعالى ان من ادب المتعلم في قراءته ان يراعي نوبته اي القدر له مما يسمى في لساننا دورا فلا يتقدم على احد ولا ينبغي له ان يتأخر عن الوقت المعتاد له في القراءة. بل يراعي ذلك مراعاة حريصا فيها على عدم موت شيء له اما بسبق او تأخر فان العلم اذا فات لا يعوض. قاله المصنف رحمه الله تعالى في موضع متقدم وبينا وجه انه لا يعوض وان ذلك لا يختص بالعلم الملقى بل ما فاته من الخشية والسكينة والرحمة والاقبال على هذه العبادة لا يعوض فوته باعادته بتسجيل صوتي او تقييد قلمي. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى حديثا مرويا في ذلك هو الاصل الذي شيدت عليه هذه المسألة وهو ان انصاريا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله وجاء رجل من ثقيف فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا اخا ثقيف ان الانصاري قد سبقك بالمسألة. فاجلس كيما جاء بحاجة الانصاري قبل حاجتك. وهذا الحديث رواه جماعة منهم الطبراني في الكبير والبيهقي في دلائل النبوة من حديث ابن عمر وحسن البيهقي اسناده وفيه ضعف الا ان له شواهد عن انس وعبادة ابن الصامت ربما يحسن الحديث بمجموعها بملاحظة محله فانه من احاديث الرقائق والاداب ومثل ذلك الامر فيه اوسع. ثم ذكر المصنف ورحمه الله تعالى كلام الخطيب في الجامع اذ قال يستحب للسابق ان يقدم على نفسه من كان غريبا بتأكده حرمته ووجوب ذمته فمن اداب رعاية النوبة ان من وصلت اليه النوبة فوجد غريبا وراءه فان من الادب ان يقدمه بحق الغريب. فان الغريب الوارد على من خارج البلد له حق الضيافة وحرمة رعاية هذا الحق مذكورة في الشرع فان الشرع امر باكرامه ومن طرائق اكرامه رعاية ذلك في حظه من العلم. وسبق التنبيه الى هذا الاصل في ان من جادة السلف ملاحظة حقوق الغرباء في اخذ العلم فان البلدية المقيم يتوفر له من السعة في الوقت والقدرة على العلم ما لا يحصل للوالد الغريب ثم ذكر انه يروى في ذلك حديثان عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما رواهما الخطيب في الجامع واسنادهما ضعيف ثم قال رحمه الله وكذلك اذا كان للمتأخر حاجة ضرورية وعلمها المتقدم او اشار الشيخ بتقدمه فيستحب ايثاره فاذا علم ان للمتأخر من اصحابه حاجة ضرورية تدعو الى تقديم نوبته عليه قدمه او اشار شيخه اليه بان يقدم فلانا استحب له ان يؤثره بحظه في النوبة ثم قال فان لم يكن شيء من ذلك ونحوه فقد كره قوم الايثار بالنوبة. لان القراءة قراءة العلم والمسافرة قرعة اليه قربة والايثار بالقرب مكروه. وهذا الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى فيه نظر لان القاعدة التي بني عليها وهي قولهم الايثار بالقرب مكروه لا تصح على اطلاقها. وان كان الفقهاء رحمهم الله تعالى تارة يصرحون فيها بالحرمة وتارة يصرحون فيها بالكراهة وتارة يصرحون فيها بخلاف الاولى لكن مشهورة عند المذاهب الاربعة ان الايثار بالقرب مكروه اي بما يتقرب به الى الله سبحانه وتعالى واشار الى ذلك الاهدل في الفرائض البهية اذ قال ويكره الايثار شرعا بالقرب وهو فيما سواها مستحب. مع ان بعض المذاهب يفقد نص اصحابها عليه. لكنهم خرجوها على كلام غيرهم فان من فقهاء الحنفية من صرح بانه لم يقف على كلام الحنفية فيها وهو ابن وبناها على كلام الشافعية لكن هذا هو المشهور الذي استقرت عليه المذاهب الاربعة وفي ذلك كما سلف نظر احدهما ان قولهم الايثار بالقرب مكروه محله فوتها اما اذا لم تفوت فحين اذ لا يكون الايثار بالقربة مكروها. وثانيها ان الحامل على ذلك اذا كان هو اسقاط حظ النفس فقد ثبت عن السلف الايثار بالقرب اسقاطا له فان عائشة رضي الله عنها اسقطت حقها من محبة دفنها مع ابيها مع زوجها صلى الله عليه وسلم وابيها رضي الله عنه واثرت به عمر ابن الخطاب والمغيرة بن شعبة اثر ابا بكر الصديق في تبشير النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم وفد اهل الطائف ثمان محل هذه الصورة في هذه المسألة اذا كان الايثار يؤدي الى فوت نوبته بالقراءة. اما ان ادى الى تأخره فليس ذلك محلا لها. ذكره الحموي في غمز عيون فلو ان احدا قدم صاحبه مع بقاء حقه في القراءة بعده فانه لا يعد داخلا في هذه المسألة اما اذا قدم صاحبه بحيث يسقط حقه وتمتنع قراءته لضيق الوقت فهي محل المسألة المذكورة عندهم في هذا الباب ثم ذكر ان تقدم النوبة يحصل بتقدم حضوري في مجلس الشيخ او الى مكانه. لان من سبق الى شيء فهو احق به. فمن تقدم الى مجلس شيخه ودرسه ثبت حقه في التقدم. ثم قال المصنف ولا يسقط حقه بذهابه الى ما يضطر اليه من قضاء حاجة وتجديد وضوء اذا عاد بعده. فيبقى حقه ثابتا في نوبته لا يسقطه العادة الجارية في القيام الى ما يضطر اليه المرء من قضاء حاجة وتجديد وضوء ونحوها مما يلزمه ولا يسعه تأخيره ثم ذكر انه اذا توارد اثنان فساق كل واحد منهما نفسه الى مجلس الدرس وتنازع في الاسبق منهما اقرع بينهما لان القرعة يستعمل في موضعين احدهما الابهام والثاني الازدحام. والمذكور هنا متعلق بالموضع الثاني. فاذا ازدحم اما متنازعين في بيان الاحظ منهما بالتقديم في النوبة اجريت بينهما القرعة او يقدم شيخ احدهما ان كان متبرعا. اي ان كان الشيخ متبرعا بالتعليم. فانه اذا كان متبرعا بالتعليم فالحق له يجعله كيفما شاء. ان شاء اقرع هذا دون هذا او قدم هذا على هذا. اما ان كان عليه تراؤهما للزوم ذلك بشرط الواقف في مدرسة ونحوها فحينئذ يقرع بينهما لانه يلزمه ان جميعا لكن القرعة تفصل في المستحق للتقديم منهما. ثم ذكر ان معيد المدرسة وهو من يقعد لاعادة الدروس فيها اذا شرط عليه اقراء اهلها اي الطلبة المقيمين فيها في وقت معين فلا يقدم عليهم الغرباء فيه. في تلك المدرسة بغير اذنهم. فالاحظ هم الطلبة المقيمون في تلك المدرسة. اذا كان قد ضرب لهم وقتا معينا فلا يقدم غيرهم عليهم ثم ذكر المصنف رحمه الله الادب الحادي عشر وهو ان يكون جلوسه بين يدي الشيخ على ما تقدم تفصيله وهيئته في ادبه مع شيخه ويحضر كتابه الذي يقرأ منه معه ويحمله بنفسه تعظيما له. فان العلم يعظم ولا يفطم ومن تعظيمه ورفع دواوينه المصنفة فيه. فلا يضعها الانسان كانوا على الارض كما صرح به المصنف فقال ولا يضعه حال القراءة على الارض مفتوحا بل يحمله بيديه ويقرأ منه ولا يقرأ حتى يستأذن الشيخ اي لا يبتدأ القراءة على الشيخ في نوبته حتى يستأذن الشيخ في بدئها ذكره الخطيب اي في كتاب الجامع عن جماعة من السلف وقال يجب الا يقرأ حتى يأذن له الشيخ والذي في النسخ التي بايدينا حتى يأذن له المحدث واسند الخطيب رحمه الله الله تعالى في هذا الموضع عن محمد ابن عبد الله ابن المطلب الشيباني قال قدمت لابي بكر ابن اجاهد لاقرأ عليه. فتقدم رجل كث اللحية. كبير الهامة يقرأ عليه فقال حسبك فقد حدثني محمد ابن الجهم قال سمعت رأى يقول ادب النفس ثم ادب الدرس. فانكر عليه ابو بكر ابن مجاهد رحمه الله الا تقدمه بين يدي من كانت النوبة عليه ورده الى طلب الاذن منه قبل ان يشرع في القراءة عليه ثم ذكر انه لا ينبغي ان يقرأ على شيخه عند شغل قلبه او ملله او غمه او غضبه او عطشه او نعاسه او استيفاء او تعبه لان هذه احوال مزعجة مقلقة لا يجتمع القلب معها. فلا ينبغي حمل على ما يزعج قلبه وربما وقع في الغلط او صار في نفسه شيء على من لم يرعى حاله ثم قال واذا رأى الشيخ قد اثر الوقوف اقتصر ولا يحوجه الى قوله اقتصر اي لا الى ان يبادر الشيخ بطلب ايقاف الدرس بل يبتدئ متلطفا بطلب وقفه الدرس لاجل مصلحة لائحة يرقبها اللبيب بثاقب نظره وكنت اقرأ مرة على شيخنا عبد الله بن عقيل شفاه الله. فنزل مطر غزير بعد طول مدة من انقطاعه فجعل الشيخ ينظر اليه فقلت له متلطفا وجوزه عند ان نزول المطر ان يقطع الدرس لاجل النظر. فقال ان يوقف الدرس ولم يحب كلمة القطع ثم قال المصنف وان لم يظهر له ذلك فامره بالاقتصار اقتصر حيث امره ولا يستزيده فاذا امره الشيخ ان يقف عند موضع انتهى اليه. واذا عين له قدر فلا يتعداه فاذا قدر له احاديث معدودة او ابيات وقف عندما قدره شيخه ولم يتعده. وروى الخطيب البغدادي في الجامع ان رجلا جاء الى الاوزاعي فقال يا ابا عمرو اقرأ عليك ثلاثين حديثا فقال نعم فجعل يقرأ والاوزاعي يعد فلما جاوز الثلاثين قال له الاوزاعي يا ابن اخي تعلم الصدق قبل ان تتعلم العلم ثم روى عن عبد الله ابن هارون قال جئت الى محمد ابن يوسف الفتيابي فقلت له اقرأ عليك خمسة احاديث فقال نعم قال فجعلت اقرأ وجعل يعد فلما ابتدأت السادس قال اذهب فتعلم الصدق ثم اكتب في الحديث وقد قال جماعة من السلف لا يرتفع في هذه الصنعة الا صادق. ثم قال المصنف ولا يقول طالب لغيره اقتصر الا باشارة الشيخ او ظهور ايثاره ذلك لان مرد ادارة النوبات بين يمين الى امر الشيخ. فلا ينبغي لاحد ان يتجرأ بالمجازفة بنهي غيره. الا ان يعلم من الشيخ ايثاره ذلك بطول صحبته اياه ومعرفته بعاداته واحواله. ثم ذكر المصنف رحمه الله الادب عشر انه اذا حضرت نوبته في القراءة استأذن الشيخ كما ذكرناه فاذا اذن له استعاذ بالله من شيطان الرجيم. والمختار ان الابتداء باستعاذة مختص بكلام الله عز وجل في القرآن دون غيره فلا يشرع افتتاح شيء من الكلام سواه بقول القائل اعوذ بالله من الشيطان الرجيم كان يستفتح قراءة قرآن على شيخه بدأ بها. اما ان كان يقرأ في كتاب من كتب الحديث او العلم فلا يبتدأ ذلك بالاستعاذة. وقد قام شاب ينشد العلامة ابن عثيمين رحمه الله قصيدة في الثناء عليه في احدى المجامع العامة بالمساجد بالرياض فابتدأها بقوله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم نهاه الشيخ عن ذلك وقال ان الاستعاذة تكون فقط في قراءة القرآن الكريم. ثم ذكر انه الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه ثم يدعو للشيخ ولوالديه ولمشائخه ولنفسه ولسائر المسلمين ثم قال وكذلك يفعل كل ما شرعت في قراءة درس او تكراره او مطالعته او مقابلته في حضور الشيخ او في غيبة الا انه يخص الشيخ بذكره في الدعاء عند قراءته عليه ويترحم على مصنف الكتاب عند قراءته لان للشيخ مزيد فضل عما سواه. فالدعاء له من القيام باداء بعض على الاخذين عنه وكتب العلماء رحمهم الله تعالى لها علينا حق من ذلك الترحم وعليهم اذا قرأ في كتبهم او ذكروا فاذا اراد الانسان ان يقرأ في كتاب على شيخه ذاكرا صنف قال قال المصنف رحمه الله تعالى واولى من ذلك ان يبين اسمه فيقول القارئ مثلا في تذكرة السامع قال العلامة محمد بن ابراهيم بن جماعة رحمه الله لانه قد يحضر الدرس من لا علم له بالكتاب المقروء لا بمصنفه فاذا صرح بمصنفه عرف صاحب الكتاب. ومن اهل العلم من كان يأمر من يقرأ عليه في الكتب المسندة اذا وصل الى الصحابي ان يقول رضي الله عنه ورحمهم فمثلا اذا قرأ عليه في البخاري حدثنا ادم قال حدثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن انا سن رضي الله عنه ورحمهم. اي رضي عن الصحابي المذكور اخرا ورحم من قبله. ثم ذكر المصنف ان الطالب يدعو لشيخه بقوله رضي الله عنكم وعن شيخنا وامامنا ونحو ذلك ويقصد به الشيخ واذا فرغ من الدرس دعا للشيخ ايضا والمأمور به من الدعاء ما وافق الادب اما ما تضمن اطراء ومدحا فهذا مما لا ينبغي لنهي الشريعة عن المباشرة به في الوجه لانه من جملة المدح ثم قال ويدعو الشيخ ايضا للطالب كلما دعا له فان ترك الطالب الاستفتاح بما ذكرناه جهلا او نسيانا نبهه عليه وعلمه اياه وذكره فانه من اهم الاداب اي التي تعارف عليها الناس لان الاداب اما مردها الى الشرع او العرف وهذا من العرف الجاري عند اهل العلم في ابتداء القراءة على الشيوخ. ثم ذكر انه ورد الحديث في ابتداء الامور المهمة بحمد الله تعالى وهذا منها انشروا بذلك الى حديث ابي هريرة رضي الله عنه عند ابي داود وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل امر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو اقطع. وهذا الحديث يروى على وجوه لا منها شيء ثم ذكر الادب الثالث عشر فقال ان يرغب بقية الطلبة في التحصيل ان يحثهم عليه ويبين لهم فضله ومنفعته. ويزيدهم حبا له. ويدلهم على مظانه اي يوضح لهم مآخذه التي ينتزع منها من شيخ معلم او كتاب نافع او غير ذلك اصرف عنهم الهموم المشغلة عنه. ويهون عليهم مؤنته. اي كلفته. ويذاكرهم بما حصله من الفوائد والقواعد والغرائب لانهم ينتفعون بمعرفتهم بها وينتفع هو بتثبيتها في قلبه اذا عوضها عليهم وينصحهم في الدين. فبذلك يستنير قلبه ويزكو علمه. اي يزداد ويظهر. وتكون فيه البركة ومن بخل عليهم لم ينبت علمه. وان نبت لم يثمر. وقد جرب ذلك جماعة من السلف لان البخل ممقوت ومن البخل البخل بالعلم. ولهذا ذكروا باداب المحدث التحذير من البخل بالعلم. كما قال ابن الجزري في منظومته الهداية في علوم الرواية قال وليجعل الحديث من مذهبه ولينشر العلم ولا يبخل به. فنشر العلم مأمور به. والجود بالعلم من افضل انواع فان ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين في مرتبة الجود منها عدد انواع الجود عشرة. ثم على افضلها الجود بالعلم. لان العلم افضل المطلوبات فهو اعلى من الجود بالمال ان العلم يحرص المال فهو افضل منه. فالجود بالعلم اعظم من الجود بالمال. غير ان طريقة الشريعة المأمور بها هي المذكورة في قول الله سبحانه وتعالى ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط. فكما يكون ذلك في الجود بالمال والعطاء. يكون الامر في الجود بالعلم فان من الناس من ينتفع بالجود بالعلم عليه. ومنهم من يضره ذلك وربما افسد العلم فليس العلم حمى مستباحا يدعى اليه كل احد بل من ابوابه ما يجعل لاحد دون احد وقد ترجم البخاري في صحيحه باب من خص بالعلم قوما دون قوم فليس هذا من البخل بالعلم بل من جعله عند اهله الصالحين له. فمن العلم ما يظهر ويروى ومنه ما يكتب ويطوى. الا فيمن المصلحة ظاهرة في انتفاعه به. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذا الفصل بقوله ولا يفخر او يعجب بجودة ذهنه لان القوة الذهنية انما هي مواهب ربانية ليس لانسان قدرة على شيء منها الا بتوفيق الله وعونه ومدده. فالمناسب حينئذ ان لا يفخر الانسان بتلك المواد ولا ان يعجب بها لانها منحة الهية وعطية ربانية. حقها ان تحمد الله عليها وتطلبا منه الزيادة فيها بدوام شكره. كما قال المصنف بل يحمد الله تعالى على ذلك ويستزيده منه بدوام شكره. قال عبدالرحمن بن حسن ال الشيخ رحمه الله ان النعم اذا شكرت قرت واذا كفرت فرت. انتهى كلامه. وشاهده من التنزيل لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد. ولم يقل الله سبحانه وتعالى لانقصنكم مقابل الزيادة بل ذكر انه يعذب عذابا شديدا. فان النقص قلة حال واشد من ذلك العذاب الشديد فتوعده الله عز وجل بالاشد. فلا ينبغي للانسان ان يوقع نفسه في هذه المهلكة بكفر نعمة الله عز وجل عليه في اخذ العلم. ومن فتح الله عز وجل له ابواب بالفهم في الدين رأى ان نعماء الله عز وجل عليه في العلم لا تتناهى. وارقب ذلك في مجلسك الان اخذا كتابك في مقام عبادة بين يدي الله سبحانه وتعالى. فان هذه الحظية التي بها حرمها اخرون. هم تائهون في صحراء الاهواء او الشهوات واذكر قول ابن القيم رحمه الله تعالى واجعل لقلبك مقلتين كلاهما من خشية الرحمن باكيتان لو ربك كنت ايضا مثلهم فالقلب بين اصابع الرحمن. والمواهب القلبية والمعارف الربانية لا تستجاب ولا تستزاد بمثل اقبال القلب على الله سبحانه وتعالى. فان الذكاء لا ينفع بلا زكاء. قال ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في اخر الحموية. ذاكرا حال المتكلم قال اوتوا ذكاء ولم يؤتوا ذكاء واعطوا علوما ولم يعطوا فهوما وجعل الله لهم سمعا وابصارا وافئدة فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. انتهى كلامه. فينبغي ان يعلم اخذ العلم انه لا يناله بقوة فهمه ولا جودة ذهنه ولا طول صحبته ولا كثرة حضوره ولا جمعه الكتب وانما يناله بتنوير الله قلبه. قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد بوصية الصغرى ومن لم يجعل الله له نورا لم تجده كثرة الكتب الا حيرة وضلالا. انتهى كلامه. وهذا يوجب على طالب العلم ان يجتهد في قرع باب سؤال الله سبحانه وتعالى ان يفتح عليه فتوح العارفين وان يجعله ممن يفهم ويدرك احكام الدين فانه اذا ادمن قرح الباب اوشك ان يفتح له. فتح الله علينا وعليكم بفتوح العارفين وبلغنا منازل الايمان واليقين. وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب بالله التوفيق