السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم اما ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس هادي والثلاثون في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الثانية احدى وثلاثين بعد الاربعمائة والقلب واثنتين وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد بن ابراهيم جماعة رحمه الله ويليه الكتاب الثاني وهو بلوغ القاصد جل المقاصد العلامة عبدالرحمن بن عبد الله البعلي ويليه كتاب ثالث وهو فتح الملك العلام للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله. وقد انتهى بنا البيان في الكتاب الى قول المصنف رحمه الله الباب الرابع في الادب مع الكتب. نعم. احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال ابن جماعة رحمه الله تعالى الباب الرابع في الادب مع الكتب التي هي الة العلم وما يتعلق بتصحيحها وضبطها وحملها ووضع وشرائها وعاريتها ونسخها وغير ذلك. وفيه احد عشر نوعا لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من عظم من مقاصد كتابه بما سرده في الابواب الثلاثة المتقدمة التي انتظم فيها بيان فضل العلم والعلماء وفضل تعلمه وتعليمه مع بيان اخر في باب ثان لادب العالم اتبعه ببيان ثالث في ادب الم تعلم عقد ها هنا بابا رابعا ذكر فيه الادب مع الكتب. وموجب التنويه بهذا الادب ما اشار اليه بقوله التي هي الة العلم. والمقصود بالالة هنا ما يتوصل بها الى العلم. وحقيقة الامر ان الكتب اوعية العلم. فان علم الخلق محفوظ في موضعين اثنين. احدهما الصدر والاخر السطر. فاما الصدر فهو العلم المحفوظ مع العلماء. واما السطر فهو العلم المحفوظ في الكتب المدونة ولما كان طرف العملية التعليمية كما يقال معلم وكتاب فرغ المصنف فيما سلف من الطرف الاول وهو المتعلق بالمعلم وما يناسبه من الاداب اللازمة للمتعلم فاتبعه ها هنا بالطرف الثاني وهو الكتب التي يدرك بها العلم فما فات متعلق بكيفية اخذ العلم من العلماء التي صدورهم اوعية للعلم كما قال تعالى بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وهذا الباب معقود لبيان الادب مع العلم في السطور اي في الكتب. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه في هذا الادب يشير الى ما يتعلق بتصحيحها وضبطها وحملها ووضعها وشرائها وعريتها ونسخها وغير ذلك مما يلتحق بما فات. الا انه رحمه الله تعالى اوجز ولم يسبل القول مع ان اللائق في هذا ارساله والافاضة فيه نظير وما تقدم فان العلم بين علم كائن في صدر عالم فالابواب المتقدمة تتعلق به وبين علم كائن في كتاب فينبغي ان يفاض في بيان ادابه. لان تعظيم الكتاب لازم كتعظيم العالم. والناس باعتبار جبلة البشرية يبالغون في تعظيم رؤسائهم وعلمائهم ومقدميهم لكنهم اذا تعاطوا العلم من الكتب ضعف الادب معها لانهم في ظنونهم يتعاملون مع جامد وعلى الحقيقة هم يتعاملون مع وعاء من اوعية العلم فمن عظمه وبجله وقام بأدبه انتفع منه. ومن لم يرفع اليه رأسه ولا اقام له في الادب عمادا فانه تقل افادته منه فينبغي ان يرعى الانسان حق الكتاب. فالله عز وجل امتن على هذه الامة بحفظ العلم في كتبها واعظمها كتاب الله سبحانه وتعالى. فينبغي للانسان ان يعرف قدره. ومن امعن النظر في احوال السلف الهدى في ادبهم مع الكتاب وقف على احوال عظيمة وناهيك بالخبر المذكور في ترجمة الامام احمد رحمه الله تعالى ان اسحاق بن راهوين دخل عليه ومع اسحاق كتاب فرمى به اسحاق فغضب احمد رحمه الله وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ واعتبر هذا في كل حال تكون فيها مع الكتب فانك تتناول كتاب رجل لعله حط رحاله في الجنة. او يقال ان النفع والانتفاع به ظاهر قديما وحديثا صحيح البخاري او غيره من كتب الهدى فينبغي للانسان ان يعرف مقادير المدونات العلمية وان يعتني بها وان يبالغ في بتعظيمها وليعلم ان هذا من اعظم اسباب نهل العلم. فمن احسن ادبه مع الكتاب فاز بما فيه من العلم والمعايير ومن اساء ادبه مع الكتاب حجب عنه العلم المذكور فيه. وقد ذكر المصنف رحمه الله انه يذكر في هذا الباب احد عشر نوعا عن من انواع الادب مع الكتاب. نعم. احسن الله اليكم. الاول ينبغي لطالب العلم ان يعتني بتحصيل الكتب المحتاج اليها ماء امكنه شراءه والا فاجارة او عارية لانها الة التحصين. ولا يجعل تحصيلها وكثرتها حظه من العلم وجمعها نصيبه ومن الفهم كما يفعله كثير من المنتحلين الفقه والحديث. وقد احسن القائل اذا لم تكن حافظا واعيا فجمعك للكتب لا واذا امكن تحصيلها شراء لم يشتغل بنسفها. ولا ينبغي ان يشتغل بدوام النسخ الا فيما يتعذر عليه تحصيله لعدم ثمنه او اجرة استنساخه ولا يهتم المشتغل بالمبالغة في تحسين الخط. وانما يهتم بصحيحه وتصحيحه. ولا يستعير كتابا وان كان شرائه او ايجارته. الثاني يستحب اعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها ممن لا ضرر منه بها. وكره عاريتها والاول اولى بما فيه من الاعانة على العلم مع ما فيه مع ما في مطلق العارية من الفضل والاجر. قال رجل لابي العتاهية كتابك قال اني اكره ذلك. فقال اما علمت ان المكارم موصولة بالمكاره فاعاره. وكتب الشافعي الى محمد بن الحسن يا ذا الذي لم تر عين من رآه مثله العلم يأبى اهله ان يمنعوه اهله. وينبغي للمستعير ان يشكر للمعير ذلك ويجزيه ولا يطيل مقامه مقامه عنده من غير حاجة بل يرده اذا قضى حاجته ولا يحبسه اذا طلبه المالك او استغنى عنه ولا يجوز ان يصلحه بغير اذن صاحبه ولا يحشيه ولا يكتب شيئا في بياض فواتحه او خواتمه الا اذا علم رضا صاحبه وهو كما يكتب يكتبه المحدث على جزء سمعه او كتبه ولا يسوده ولا يعيره غيره ولا يودعه لغير ضرورة حيث ولا ينسخ منه بغير اذن صاحبه فان كان الكتاب وقفا على من ينتفع به غير معين فلا بأس بالنسخ منه مع الاحتياط ولا باصلاحه ممن هو اهل لذلك وحسن ان يستأذن الناظر فيه. واذا نسخ منه باذن صاحبه او ناظره فلا يكتب منه القرطاس في بطنه او على كتابته ولا يضع المحبرة عليه ولا يمر بالقلم الممدود فوق كتابته وانشد بعضهم ايها المستعير ومني كتابه ارض لي فيهما لنفسك ترضى وانشد في اعارة الكتب ومنعها قطعا كثيرة لا يحتملها هذا المختصر انشد باعارة الكتب ومنعها قطع كثيرة. احسن الله اليكم. وانشد في اعارة الكتب ومنعها قطع كثيرة لا يحتملها هذا المختصر الثالث اذا نسخ من الكتاب او طالعه فلا يضعه على الارض مفروشا منشورا بل يجعله بين كتابين او شيئين او كرسي الكتب المعروف كي لا يسرع تقطيع حبكه. واذا وضعها في مكان مصفوفة فلتكن على سين او تحت خشب او او نحوه. والاولى ان يكون بينه وبين الارض خلو. ولا يضعها على الارض كي لا تتندى او تبلى. واذا وضعها على خشب او نحوه جعل فوقها وتحتها ما يمنع تآكل جلودها به. وكذلك يجعل بينها وبين ما يصادفها او يسندها من فائض او غيره ويراعي الادب في وضع الكتب باعتبار علومها وشرفها ومصنفيها وجلالتهم فيضع الاشرف اعلى الكل ثم التدريب فان كان فيها المصحف الكريم جعله اعلى الكل والاولى ان يكون في خريطة ذات عروة في مسمار او وتد في حائط طاهر نظيف في صدر المجلس ثم كتب الحديث الصرف كحديث كصحيح مسلم ثم كتب الحديث الصرف كصحيح مسلم ثم تفسير ثم تفسير الحديث ثم اصول الدين ثم اصول الفقه ثم الفقه ثم النحو والتصريف ثم اشعار العرب ثم العروض. فان استوى كتابان في فن اعلى اكثرهما قرآنا او حديثا. فان استويا فبجلالة المصنف فان استويا فاقدمهما كتابة واكثرهما وقوعا في ايدي العلماء والصالحين فان استويا فاصحهما. وينبغي ان يكتب اسم الكتاب عليه في جانب اخر الصفحات من اسفل جعل رؤوس حروف هذه الترجمة الى الغاشية التي من جانب البسملة وفائدة هذه الترجمة معرفة الكتاب وتيسير اخراجه من بين الكتب واذا وضع الكتاب على ارض او تحت فلتكن الغاشية التي من جهة البسملة واول الكتاب الى فوق ولا يكثر وضع الردة في اثناء كي لا يسرع تكسرها ولا يضع ذوات القطع الكبير فوق ذوات الصغير كي لا يكثر تساقطها ولا يجعل الكتاب خزانة لكراريس او غيرها ولا مخدة ولا مروحة ولا مكبسا ولا مسندا ولا متكأ ولا مقتلة للبق وغيره لا سيما في الورق فهو الورق اشد ولا يطوي حاشية الورقة او زاويتها ولا ولا يعلم بعود او شيء جاف بل بورقة او نحوها اذا ظفر فلا يكبس ظفره قويا ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ثلاثة اداب من الاداب التي يحسن بطالب العلم ويجمل به ان يتعامل بها مع كتابه. وفاتحة تلك الانواع وهو اولها ما ذكره بقوله ينبغي لطالب العلم ان يعتني بتحصيل الكتب المحتاج اليها ما امكنه شراء الا فاجارة او عارية وقيد الحاجة قيد لازم لان الكتب كثيرة العدد مختلفة الانواع والذي ينبغي جمع الهمة عليه وامضاء المال فيه هو ما يحتاج اليه المرء في تعلمه ويحصله بطريق تؤدي اليه كالشراء او الاجارة او العادية. وعلل رحمه الله تعالى ما امر به من العناية بتحصيل الكتب المحتاج اليها بقوله لانها الة التحصيل طريق الى تحصيل العلم. فان المرء مفتقر اليها بعد تدوين العلوم في الكتب. فان الناس من قبل كانت في صدورهم ثم صارت الكتب اوعية لها. فلكون الكتب اوعية العلم احتاج المرء اليها. ثم على المصنف ولا يجعل تحصيلها وكثرتها حظه من العلم وجمعها نصيبه من الفهم كما يفعله كثير من المنتحلين الفقه والحديث وقد احسن القائل اذا لم تكن حافظا واعيا فجمعك للكتب لا ينفع. ومقصوده ان تكون الكتب بمنزلة الالة المعينة لا بمنزلة الاصل المستقل الذي يكون علم المرء فيه فان الكتب انما عظمت لانها الة للتحصيل. فلا ينبغي ان تكون هي الاصل الذي يكون تحصيل الانسان فيه. فلا يكون له علم في صدره وان انما اذا رام مسألة فزع الى كتاب عنده ثم استخرجها منه. وكثير ممن له ولع بالكتب قديما وحديثا تجده وحاله كالحال التي ذكرها المصنف من التحصيل والكثرة في جمع الكتب مع الخلو من حقيقة العلم في صدره وفي مثل هذا يحسن قول القائل اذا لم تكن حافظا واعيا فجمعك للكتب لا ينفعك فانما تنفع الكتب اذا كان الانسان ذا حفظ ووعي اي معرفة بالعلم وفهم له. ثم قال واذا امكن تحصيلها شراء لم يشتغل بنسخها توفيرا للزمن وحفظا للوقت ولا ينبغي ان يشتغل بدوام النسخ الا فيما يتعذر عليه لعدم ثمنه او اجرة استنساخه فاذا امكنه ان يشتريه او ان يستأجر اجيرا ينسخ له فان هذا آآ او لا حفظا للزمن. ثم قال ولا يهتم المشتغل بالمبالغة في تحسين الخط. وانما يهتم بصحيحه تصحيحه اي لا يحفل بكتاب اذا خط حسن ولتكن عنايته بصحة الكتاب والعناية بتصحيحه فان بعض الكتب التي طبعت قديما في اوائل طفرة الطباعة في البلاد العربية والاسلامية اقام على تصحيحها علماء راسخون فالفوز بها مع عدم حسن خطها امثل من كثير من الطبعات الاخيرة التي حسن خطها وجود تجليدها مع خلوها من التصحيح والعناية ثم قال ولا يستعير كتابا مع امكان شرائه او اجارته لان الاستعارة فيها منة اما فوز الانسان بالكتاب بشرائه او في مقابل بذل مال بالاجارة اليه فهذا احفظ لهيبته واوفر لحرمته. ثم ذكر الادب الثاني وهو استحباب اعارة الكتب لمن لا عليه فيها ممن لا ضرر منه بها. فالاستعارة مستحبة بقيدين. احدهما ان يكون المستعير لا ضرر عليه في الكتاب الذي استعاره. هو الاخر الا يكون المعير ممن له ضرر بالكتب. فاذا كان المستعير لا يتضرر بما يطلب اعارته كأن يطلب شيئا لا يحتمله عقله واستحبت اعارته. واذا كان المعير ممن يخشى ضرره على الكتب كغير عارف بمقدارها او غير قائم بما فيجب لها من الحق فانه ينبغي استنقاذ الكتب منه بغير الاعارة كالشراء او نحو ذلك مما يؤدي الى حفظ العلم وصيانته عن غير اهله. ثم ذكر ان قوما من المشتغلين بالعلم كرهوا اعارة الكتب وقال والاول اولى اي استحباب اعارتها بالشرطين المتقدمين لما فيه من الاعانة على العلم مع ما في مطلق العالي يأتي من الفضل والاجر وورد في ذلك خبرين احدهما ان رجلا قال لابي العتاهية اعذني كتابك قال اني اكره ذلك فقال اما علمت ان المكارم موصولة بالمكاره اي ان الامور العظيمة منوطة بالمكاره تكرهها وتأباها فبذل الكتاب مما يأنف صاحبه المحب له عن بذله لكن اذا عرف ان ذلك مما ينتفع به حسن منه اعارته ثم اورد بيتا للشافعي كتبه الى محمد ابن الحسن وموجب كتابته كما ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك وغيره ان الشافعية التمس من محمد بن الحسن الشيباني ان يعيره كتابا فامتنع محمد فكتب اليه الشافعي بهذا البيت فاعاره محمد بن الحسن لما قرأه ثم ذكر انه ينبغي للمستعير ان يشكر للمعيل ذلك ويجزيه خيرا ولا يطيل مقامه عنده من حاجة بل يرده اذا قضى حاجته ولا يحبسه اذا طلبه المالك او استغنى عنه لان صاحب الشيء حق واولى به فاذا قضى نهمته منه اطلاعا او استنساخا او غير ذلك من مقاصد المستعير فانه ينبغي ان يرد الكتاب الى من اعاره. ثم قال ولا يجوز ان يصلحه بغير اذن صاحبه. اي يجري فيه قلم اصلاح او غير ذلك من وجوه الاصلاح اذا لاح له شيء منها بل لا بد ان يستأذن صاحب الكتاب لانه ليس في ملكه ومما لا يجوز له ايضا الا يحشيه اي لا يكتب عليه حواس ولا يكتب شيئا في بياض فواتحه او خواتمه اي في الاوراق التي جرت العادة بان تكون بيضاء في اول الكتاب او في اخر الكتاب حفظا له فانه كانوا يضعون اوراقا بيضاء لا كتابة فيها في اول كتاب واخره كي تحفظ ما بينها من الورق المكتوب فيه واستثنى من ذلك فقال الا اذا علم رضا صاحبه اي اذا علم ان صاحبه يرضى منه فعله باصلاح او او تحشية او كتابة جاز ذلك. ومثل له بما يكتبه المحدث على جزء سمعه او كتبه فان عادة المحدثين ان يثبتوا السماع المدونة في اخر الجزء او يثبت ذلك عند كتابته فاذا عار محدث من احد جزءا ثم سمع هذا الجزء على احد المحدثين ثم كتب السماع في اخره فان هذا مما جرت المسامحة فيه ثم قال ولا يسوده اي لا يزيد في حبره اذا لاح فيه موضع قليل الحبر يحتاج الى تقويته وتجويده فيمر قلمه عليه حتى يبين كتابته فلا يجوز له ان يسوده الا باذن صاحبه ولا يعيره لان صاحب الملك انما اعاره هو ولا يودعه لغير ضرورة ان يجعله وديعة عند احد الا لضرورة حيث يجوز شرعا فان الضرورات تبيح المحظورات. ثم قال ولا ينسخ منه بغير اذن صاحبه. اي لا ينقل منه شيئا الا باذن صاحبه فان كان الكتاب وقفا على من ينتفع به غير معين فلا بأس بالنسخ منه مع الاحتياط اي ان ينسخ منه مع الاحتياط في مقصود النسخ ولا باصلاحه ممن هو اهل لذلك اي لا محظور في اصلاحه اذا كان الكتاب وقفا على غير معين فاصلحه احد بشرط ان يكون المصلح اهلا لذلك. وحسن ان يستأذن الناظر فيه من يحسن به ان يستأذن ناظر هذا الكتاب من القائمين على ذلك الوقت فيما يبتغيه واذا نسخ منه باذن صاحبه او ناظره اي باذن مالكه او ناظر الوقف فلا يكتب منه والقرطاس في بطنه اي في داخلته فلا ما ينقل منه شيئا وقد بالقرطاس فوضعه في داخله ثم اخذ يكتب منه لئلا يضر ذلك بالكتاب او على كتابته يعني على ما هو مكتوب فيه لان في ذلك اضرارا بالكتاب ايضا ولا يضع المحبرة عليه وهي وعاء الحبر فانها ربما انسكبت فافسدت ولا يمر بالقلم الممدود فوق كتابته اي بالقلم المهيأ للكتابة. فانه ربما مر بقلم مهيأ الكتابة القلم في زماننا هذا فوقع شيء من خط القلم على هذا الكتاب. ثم قال وانشد بعضهم ايها المستعير مني كتابا اوض لي فيهما لنفسك ترضى اي اقم نفسي في هذا الكتاب مقام نفسك لو كان الكتاب ملكا لك ثم ذكر ان اهل العلم انشدوا في اعارة الكتب ومنعها قطعا كثيرة لا يحتملها هذا المختصر مذكورة في كتب الاداب والادب ثم ذكر الادب الثالث وقال اذا نسخ من الكتاب او طالعه فلا يضعه على الارض مفروشا منشورا بل يجعله بين كتابين او شيئين او كرسي الكتب المعروف وهو الموجود اليوم بايدينا مما يسمى بحامل المصحف فان حامل المصحف هذا هو كرسي الكتب التي كانت الكتب توضع فيه حال القراءة والمطالعة. وموجب ذلك كي لا يسرع تقطيع حبكه اي لا تنقطع خياطته فان الكتب تجلد قديما وحديثا بخياطة لكنها زيدت باخرة في الازمنة الاخيرة بكبس الي وصمغ يوثق الخياطة والا فان اصل التجديد هو الخياطة واذا وضع الكتاب مفروشا اظعف الخياطة ولذلك حذر المصنف منه ثم قال واذا وضعها في مكان مصطوفة فلتكن على كرسي او تحت او نحوها لان لا تميل بل تكون قائمة محفوظة ثم قال والاولى ان يكون بينه وبين الارض خلوة اي يكون بين الكتاب وبين الارض فراغ ولا يضعها على الارض كي لا تتندى او تبلى اي يصلها ندى الارض. وهو طراوتها او تبلى تخلق وتنحل واذا وضعها على خشب او نحوه جعل فوقها وتحتها ما يمنع تآكل جلودها وكذلك يجعل بينها وبين ما يصادفها او يشددها من حائط او غيره. ثم قال ويراعي الادب في وضع الكتب باعتبار علومها وشرفها ومصنفيها وجلالتهم. فيضع الاشرف اعلى الكل ثم يراعي التدريج فان كان فيها المصحف الكريم جعله اعلى الكل والاولى ان يكون في خريطة ذات عروة في مسمار او في حائط طاهر نظيف بصدر المجلس فيفرده بوعاء خاص له وهو خريطة وهي بمنزلة وتكون لها عروة اي يد تعلق فيها وتعلق هذه العروة في مسمار او وتد يجعل في حائط طاهر نظيف في صدر المجلس تعظيما المصحف ثم يأتي بعد المصحف في التعظيم كتب الحديث الصرف اي الخالص فصحيح مسلم وانما مثل بمسلم دون البخاري لان صحيح مسلم اقوى في تخليصه من سوى الحديث المرفوع فان مسلم قلت فيه التراجم وندرت فيه الاثار فهو اكثر في خلوصه في صحة كونه حديثا صرفا من البخاري ثم يدع بعد ذلك تفسير القرآن ثم تفسير الحديث يعني شرحه ثم كتب اصول الدين اي المعتقد ثم اصول الفقه ثم الفقه ثم النحو والتصنيف ثم اشعار العرب ثم العروض فان استوى كتابان في فن اعلى قرآن وحديثا اي جعل اعلاهما هو قرآنا او حديثا فان استويا فبجلالة المصنف اي عظمة قدره فان استوي اي المصنفان فاقدمهما اي تأليفا واكثرهما وقوعا في ايدي العلماء والصالحين اي تداولت هذه النسخة ايدي العلماء والصالحين فان استوي الكتاب في هذه الاحوال فاصحهما اي اكثرهما صحة واتقنهما ظبطا. وقد كان هذا الامر في زمن كانت توضع فيه الكتب بعضها فوق بعض. اما اليوم وقد وجدت الالة التي يتمكن بها الانسان من وضع الكتب على الارض وفي على الجدران فتغيرت الحال لان الكتب تكون حينئذ مستوية في وضعها على هذه الحال لكن ينبغي ان يراعي في ما يقدم في مكتبته ما ذكر المصنف فان خزانة الكتب ينبغي ان ترتب على اوضاع مستقيمة وليست خط عشواء ومن جملة الاوضاع المستقيمة ان يرتبها الانسان باعتبار جلالة العلوم فيقدم ما يتعلق بالقرآن والتفسير وعلومه ثم ما يتعلق بالحديث ثم ما يتعلق بالمعتقد الى اخر مراتبها. والاوفق ان يرتب كل فن بحسب تاريخ مصنفه فيجعل الاقدم مقدما. فلو قدر ان احدكم يريد ان يرتب كتبه فانه يقدم في اولها ما كان مصنفه اقدم وفاة. فيقدم مثلا صحيفة همام ابن منبه ثم ما بعدها مما حفظ من نسخ التابعين او اتباع التابعين كنسخة وكيع عن الاعمش او هذه الطبقة ثم اتبعها بما بعدها كمصنف ابن ابي شيبة وعبد الرزاق ثم بما بعدها كصحيح البخاري وصحيح مسلم الى اخرها وكان شيخنا بكر رحمه الله تعالى يقول لي انه يتحرق لو ان المكتبات رتبت على تاريخ الوفيات ومأخذ هذا عنده معرفة اقدمية الاقوال. فان الانسان اذا اراد ان يطالع فنا ينبغي ان تكون مطالعته له منتظمة فاذا كانت هذه المطالعة باعتبار الاقدم فوجد قولا عرف ان هذا القول لم يتقدمه احد فيما هو بايدينا من الكتب ما لو بدأ الانسان فاخذ كتابا لرجل في القرون المتوسطة فقرأ فيه فانه يقف على هذا الكلام ولا يعرف ان احدا قد تقدم بذلك وهذا ظاهر في الصنعة الحديثية. فان الذي يقدم صحيفة همام ابن منبه فيجعلها في صدر كتبه سيعلم بعد ذلك ان ما وراءها مما خرج عند احمد في مسنده او مسلم في صحيحه من هذه النسخة ان هذا راجع الى الاحاديث المذكورة في هذه الصحيفة فالاقدمية ملاحظتها في العلم نافعة ويظهر هذا لاخذ العلم معرفة اقدمية الاقوال كما سلف ويحيط امور تنسب الى المتأخرين وهي موجودة في كلام المتقدمين. ومن ذلك قول القرافي في الفروق وابن القيم في اعلام الموقعين ان العلم الواجب معلق بالعمل فكل ما وجب به وجب تقدم العلم عليه. فان هذه القاعدة ممن اشاد بها وذكرها هذان العالمان وهي قاعدة عظيمة لكن من كانت كتبه مرتبة في العلم على الاقدمية سيجد ان الاجري رحمه الله تعالى وهو قبلهما بنحو ثلاث مئة سنة قد ذكر هذه القاعدة وكثير من كلام ابي العباس ابن تيمية وابن القيم في ابواب الزهد والرقائق هو كلام لبعض السلف الاقدمين فالذي يطالعوا مثلا اعتلال القلوب للخرائط يجد كثيرا من كلام ابي العباس ابن تيمية وابن القيم في احوال القلوب والنفوس هو مما كلم به جماعة من السلف رحمهم الله تعالى. ومنه قول ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى الناس كاسراب الخطأ مجبولون على تشبه بعضهم ببعض فان هذه المقالة هي مقالة ما لك بن دينار رواها عنه ان لك اي في كتاب اعتقاد اهل السنة والجماعة. فاذا رتب اخذ العلم على هذا النحو افاد في مثل هذا المسائل ومنفعة ذلك ابطال بعض مقالات المتأخرين الذين يزعمون ان بعض مآخذ العلم ومواقع الفهم التي توجد في كلام المحققين ان لها من بديهياتهم التي ابدوها في العلم ولا توجد لسابق كما قالوا ان هذه القاعدة وهي القول في الصفات فرع عن القول في الذات ان هذه قاعدة تيمية. ومن عرف صناعة العلم واعتبر الاقدمية وجدها مذكورة في كلام الخطاب والخطيب رحمهم الله تعالى ولهذه الاطلالة اطالة في مقام اخر فهي مأخذ من اعظم مآخذ فهم العلم وادراكه لكن الوقت عن استيفاء المقصد فيها. ثم ذكر المصنف بعد ذلك انه ينبغي ان يكتب اسم الكتاب عليه في جانب اخر الصفحات من اسفل. ويجعل حروف هذه الترجمة من الغاشية التي من جانب البسملة يكتب اسم الكتاب في اخره في الصفحات التي تكون في اخره في اسفل لانهم كانوا فيما سلف يجعلون للكتب غاشية. والغاشية هي ما زاد من غلاف الوجه وجعل على اخره وقد اظمحل هذا الامر اليوم الا في اشياء يسيرة فكانت كتب الاقدمين يحرص على حفظها بجعل عشية ترد على اخرها فهذه يسمونها غاشية وهذه يسمونها ردا وهي الزيادة التي تكون في اخره اذا جعلت على هذا الوضع يفتح صاحب الكتاب الغاشية ثم يرفع الغلاف الاخير ثم ينظر اسم الكتاب في اخيه فيقف عليه باسرع وقت ثم قال ولا يكثر وضع الردة في اثنائه كي لا يسرع تكسيرها والردة كما ان فاته هي زيادة تكون من الغاشية وبعض الناس يضع هذه الردة في منتصف الكتاب او في الموقف الذي يريد والاصل انها تغطي الكتاب فاذا وضعها في اثنائه قصر عن مكانها فاثر ذلك فيها وعجل بكسرها. ثم قال ولا يضع ذوات القطع الكبير فوق ذوات القطع الصغير كي لا يكثر تساقطها ولا يجعل الكتاب خزانة لكراريس او غيرها ولا مخدة ولا مروحة ولا مكبسا يعني شيئا يكبس على امر يريده فيضغط بها شيئا يصنعه ولا مسندا يستند عليه ولا متكئا يتكئ عليه ولا مقتلة للبقي لا سيما في الورق فهو على الورق اشد ولا يطوي حاشية الورقة او زاويتها ولا يعلم بعود او شيء جاف يعني يضع علامة في وسط الكتاب بعود او شيء جاب بل بورقة او نحوها. واذا ظفر فلا يكبس ظفره قويا. يعني اذا احتاج اصلاح شيء ظفره في الكتاب فلا يكبسه قويا لان لا يؤثر في ورقه فانه ربما وجد انطواء او نحو ذلك فيحتاج تعديله الى ضغط بظفر ونحوه. فاذا اشتد في كبسه ربما اضر بالكتاب وهذه اخر الجملة المقصودة من المعاني التي بينها المصنف رحمه الله تعالى وهي كما سلف حقيقة بالعناية لاهميتها ومضى شيء مما يتعلق بجملة من هذه الاقوال في المحاضرة المسماة بهموم الطلب فانه ذكر فيها هم كتب وبينا بعض الامور التي تنبغي مراعاتها في ذلك فيحسن الاطلاع عليها والاستفادة منها