السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات. وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه سلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس الثاني والثلاثون في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستمر في سنته الثانية احدى وثلاثين بعد الاربعمائة والالف واثنتين وثلاثين بعد اربعمائة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد بن ابراهيم من جماعة. ويليه الكتاب الثاني وهو فتح الرحيم الملك العلام للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعد رحمه الله تعالى ويليهما الكتاب الثالث وهو بلوغ القاصد جل المقاصد في العلامة عبدالرحمن بن عبدالله البعلي رحمه الله تعالى. وقبل الشروع في قراءة كتابه الاول اود ان انبه الى امور احدها تقديم اعتذاري اليكم عن تخلفي في الدرسين الماضيين لامر خارج عن طاقتي. وثانيهما يوجد في جنبتي المسجد عدة كتب للتوزيع الخيري. فمن اخذ منها شيئا قبل الدرس فقد اصاب حظه. ومن لم يأخذ منها شيئا فانه يأخذ نسخة واحدة من هذه الكتب الموجودة في هذا الجانب من هذه الجهة وفي الجانب الاخر من الجهة الاخرى. وثالثها فسيعقد ان شاء الله تعالى في هذا المسجد في الاسبوع المقبل محاضرات توجيهية حول موضوع الفتن في اربعة ايام بعد صلاة المغرب. وتوجد الاعلانات التي تتعلق بهذه المحاضرات في جنبات المسجد منشورة التوزيع ومن الواجب عليكم ان يجتهد كل احد منكم فيما يقدر عليه في توزيع هذه الاعلانات رجاء وصول الخير الى الناس في ايضاح الحق اللازم عليهم في هذا الموضوع الملبس قديما وحديثا. ورابعها اذكر ان اختبار هذه الليلة المقرر وهو في برنامج التعليم المستمر في كتاب تعليم الاحب سيكون بعد صلاة العشاء ان شاء الله تعالى وسنذكر بعد ذلك تنسيق بقية الاختبارات باذنه تعالى. فقد انتهينا في بيان معاني الكتاب الاول الباب الرابع وهو المتعلق بادب طالب العلم مع الكتب. وبلغ البيان بنا الادب الرابع نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المصنف رحمه الله الله تعالى الرابع اذا استعار كتابا فينبغي له ان يتفقده عند ارادة اخذه ورده. واذا اشترى كتابا تعهد هدى اوله واخره ووسطه وترتيب ابوابه وكراريسه. وتصفح اوراقه واعتبر صحته. ومما على الظن صحته اذا ضاق الزمان عن تفتيشه ما قاله الشافعي رضي الله عنه قال اذا رأيت الكتاب فيه واصلاح فاشهد له بالصحة. وقال بعضهم لا يضيء الكتاب حتى يظلم. يريد اصلاحه الخامس اذا نسخ شيئا من كتب العلوم الشرعية فينبغي ان يكون على طهارة مستقبل القبلة طاهر البدن والثياب ابحبر ظاهر ويبتدأ كل كتاب بكتابته بسم الله الرحمن الرحيم. فان كان الكتاب مبدوءا فيه بخطوة تتضمن حمد الله تعالى الصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم. كتبها بعد البسملة والا كتبه وذلك بعدها ثم كتب ما في الكتاب وكذلك يفعل في ختم الكتاب اواخر كل جزء منه بعدما يكتب اخر الجزء الاول او الثاني مثلا ويتلوه كذا وكذا ان لم يكن كمل الكتاب ويكتب ويكتب اذا تم الكتاب الفلاني ففي ذلك فوائد كثيرة. وكلما كتب اسم الله تعالى اتبعه بالتعظيم مثل تعالى او سبحانه او عز وجل او تقدس ونحو ذلك. وكلما كتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم كتب عليه بعد الصلاة عليه والسلام ويصليه عليه بلسانه ايضا. وجرت عادة السلف والخلف بكتابة صلى الله عليه وسلم لعل ذلك لقصد موافقة الامر في الكتاب العزيز في قوله صلوا عليه وسلموا تسليما. وفيه بحث يطول ولا يختصر الصلاة في الكتابة ولو وقعت في السطر مرارا. كما يفعل بعض المحرومين المتخلفين صلع او او صل سلم وكل هذه ايش؟ رموز الرموز لا تقرأ برسمها فاذا كان هناك مثلا رمز خاء فان هذا لا اذا قرأ ما يقال البخاري ما يقال خاء وانما يقال البخاري. فمثلا لو ان انسانا يقرأ في الجامع الصغير وهو كتاب تختم فيه الاحاديث برموز. فاذا بلغ اخر الحديث قال اخرجه اذا وجد حرف الدال مثلا يقول اخرجه ابو داوود. فالاصل ان الرمز لا يقرأ بلفظه وانما يقرأ بالمعنى المراد منه الا فيما يغتفر فيه ذلك ككتب الرجال مثلا لان هذا اصطلاح شائع عندهم فمثلهم هذه الاشياء اذا بلغها الانسان يقرأها بلفظها فيقول في كتب صلى الله عليه لان الصاد واللام رمز الى الصلاة الصلاة والعين الى عليه. اذا الرمز الاول يكون ايش؟ صلى الله عليه صلى الله عليه. والرمز الثاني صاد لام ميم وصلى الله وسلم. صلى الله وسلم. احسنت. والثالث صلى الله وسلم. لكن بعضهم يكتبها هذا وبعظهم يكتبها بهذا. نعم. احسن الله اليك. في كتب صلى الله عليه او صلى الله وسلم او صلى الله وسلم وكل ذلك غير لائق بحقه صلى الله عليه وسلم. وقد ورد في كتابة الصلاة بكمالها وترك اختصارها اثار كثيرة واذا مر بذكر الصحابي لا سيما الاكابر منهم كتب رضي الله عنه ولا يكتب الصلاة والسلام احد غير الانبياء والملائكة الا تبعا لهم. وكلما مر بذكر احد من السند فعل ذلك او كتب رحمه الله ولا سيما الائمة الاعلام وهداة الاسلام. السادس ينبغي ان يتجنب الكتابة الدقيقة في النسخ ان الخط علامة فأبينه احسنه. وكان بعض السلف اذا رأى خطا دقيقا قال هذا خط من لا يوقن بالخلف من الله عز وجل وقال بعضهم اكتب ما ينفعك وقت حاجتك اليه ولا تكتب ما لا ينتفع به وقت الحاجة وقت الكبر وضعف البصر. وقد يقصد بعض السف وقد يقصد بعض السفارة بالكتابة الدقيقة خفة المحمل وان كان قصدا صحيحا الا ان المصلحة الفائتة به في اخر الامر اعظم من المصلحة الحاصلة بخفة الحمل الكتابة بالحبر اولى من المداد لانه اثبت قالوا ولا يكون القلم صلبا جدا فيمنع سرعة الجري ولا فيسرع فيسرع اليه الحفاء. قال بعضهم اذا اردت ان تجود خطك فاطل جلفتك واسمنها وحرر واي منها ولتكن السكين حادة جدا لبراية الاقلام وكشط الورق خاصة ولا تستعمل ولا تستعمل في غير ذلك وليكن ما يقط ما يقط عليه القلم صلبا جدا وهم يحملون القصب الفارسي اليابس جدا قل امنوا سل صلب السطل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ثلاثة اداب لاحقة بما قبلها من الاداب المتعلقة بالكتب. وابتدأها بالادب الرابع المتعلق بادب استعارة الكتب وذكر فيه ان من استعار كتابا فيحسن له ان عند ارادة اخذه ورده. فيقلبه وينظر في اوله واخره. ويتعرف كيفية نسق اوراقه وتماسك ملازمه وحسن تجديده او وجود خلل في ذلك اذا اشترى كتابا لاحظ هذا ايضا فيه فتعهد اوله واخره ووسطه واذا امكن ان يمر عليه مرورا سريعا بتقليب اوراقه فان ذلك اولى. لانه قد يغفل عن بياض فيه فيشق عليه بعد ذلك ابداله بغيره او تعويض هذا البياض الذي هو فيه ويلاحظ وايضا ترتيب ابوابه وكراريسه ويتصفح اوراقه ويعتبر صحته وهذا هو المقصود من الجملة المتقدمة جميعا فان تصفح الكتب عند استعارتها او شرائها انما يراد منه الوقوف على جودتها فاذا اعتبر المرء صحة الكتاب وقف على جودته وحسن طبعه او سوء ذلك وحسن تجريده او او سوء ذلك ثم ذكر رحمه الله تعالى ان مما يغلب على الظن صحة الكتاب اذا ضاق الزمن تفتيشه ما قاله الشافعي رضي الله عنه قال اذا رأيت الكتاب فيه الحاق واصلاح فاشهد له بالصحة اي ان الكتاب الذي يوجد في حواشيه وطرره الحاقات واصلاحات هي دليل تصحيح فهو كتاب مقابل مصحح معروض على نسخة اخرى او مقروء على عالم بين عيوب هذه واصلح ما فيها. فاذا اوجد هذا المعنى في الكتاب كان دليلا للصحة. ومن هذا جنس اذا وجدت الحواشي المتعلقة بتحرير متن الكتاب فانها دليل جودته وهي الغاية الكبرى ان المطلوب من الحواشي هو تقويم نص الكتاب وذلك بايضاح الخلاف الواقع بين النسخ وتقديم ما التقديم منها. واما ما وراء ذلك فهذا شيء فضل يتفاوت فيه الناس. ثم ذكر عن بعضهم انه قال لا يضيء الكتاب حتى يظلم اي لا يكون الكتاب مضيئا بجودته الا اذا اظلم بسواد حواشيه فانه اذا كثرت الاصلاحات والالحاقات في حواشيه دل ذلك على جودته المشاري اليها بالاظاءة في قوله لا يضيء الكتاب حتى يظلم. وفسر هذا بقوله يريد اصلاحه. اي ان هذا الاظلال الواقع عليه مقصود منه اصلاحه بما يحتاج اليه من الحاق وتصحيح وتنبيه وغير ذلك من مقاصد اصلاح الكتب ونظير هذه الكلمة في منفعة الظلم في اصلاح احوال الخلق ما جاء عن بعض السلف انه قال ظلمة الليل اضوأ للقلب. اي ان القيام لله عز وجل بالعبادات السرية في ظلمة الليل من دعاء وقراءة قرآن وتهجد وصدقة وغيرها ينتفع بها القلب اكثر من انتفاعه بالعبادات الظاهرة التي تبرز للعيان ويطلع عليها الناس. ثم ذكر رحمه الله الادب الخامس فقال اذا نسخ شيئا من كتب العلوم الشرعية فينبغي ان يكون على طهارة مستقبل القبلة طاهر البدن والثياب بحبل تعظيما لعلم الشريعة. والعلم انما يحصل للعبد على قدر تعظيمه. ومن بلغ في تعظيم العلم وراعى مثل هذه المعاني رزق العلم. ومن لم يبالي بذلك لم ينل العلم ان اعظم اسباب بلوغ العبد حظه من العلم تعظيمه له. ثم ذكر ان من الادب في نصح الكتب ان يبتدأ كل كتاب بكتاب يا ابتي بسم الله الرحمن الرحيم فان كان الكتاب مبدوءا فيه بخطبة متضمنة للحمد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم كتبها ما بعد البسملة والا كتب هو ذلك بعدها ثم كتب ما في الكتاب. فاذا نقل كتابا ليس فيه حمد لله ولا صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وانما فيه البسملة فانه يكتب بسم الله الرحمن الرحيم ثم يبتدأ بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكتب بعد ذلك قال المصنف وينقل كلام المصنف لئلا يتوهم ان الحمد والصلاة هي من المصنف للكتاب. فليس المقصود ان ينسخه بان يزيد فيه ولا ينبه على ذلك بان يدخل الحمد والصلاة ثم يتابع الكتاب دون تنبيه ان هذا ليس من كلام المصنف. وكانت طريقتهم انهم البسملة اتفاقا من مصنف او ناسخ ومن المصنفين من يهمل ذكر الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم عموم الاوائل فكان المتأخرون اذا نقلوا شيئا من هذه الكتب اثبتوا البسملة ثم اثبتوا ما شاءوا من استفتاح يتضمن الحمد والصلاة دعى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قالوا بعد ذلك قال المصنف رحمه الله تنبيها الى ان كلام المصنف بعد البسملة يبتدأ بهذا الموضع وليس مما قبله من ذكر الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر مما يستحسن ايضا ان يفعل في ختم الكتاب او اخر كل جزء منه بعدما يكتب اخر الجزء الاول او الثاني مثلا ويتلوه كذا وكذا فاذا فرغ من نسخ جزء منه كتب اخر الجزء الاول ثم كتب بعدها ويتلوه كذا وكذا من الابواب او الفصول او الاقوال التي تلي هذه الجملة. وسيذكر المصنف رحمه الله تعالى منفعة ذلك ثم قال ويكتب اذا كمل تم الكتاب الفلاني. اشارة الى ختمه ومنافع ذلك كثيرة اشار اليها المصنف بقوله ففي ذلك فوائد كثيرة ومن جملة هذه الفوائد فوائد احسان ترتيب الكتاب اذا تفرقت كراريسه واجزاؤه فان كتب الاوائل كانت تشد بوثاق ضعيف ربما انحل فكانوا يهتمون بهذا حتى اذا انفصلت بعض هذه الاجزاء عن بعض عرف ترتيبها فينظر الى اخر هذا الجزء وما كتب بعده من انه يتلوه كذا وكذا فضم اليه بعده وكانوا يلاحظون هذا حتى في نهاية الصفحات وبداية ما بعدها فيكتبون في اخر الصفحة في كره يكتبون الكلمة الاولى من الصفحة التي تليها. ومن كابد كتب الاوائل من المخطوطات وقف عظيم منفعة ذلك في اعادة ترتيب الكتاب اذا ساء ومن غفل عن هذا ربما طبع كتابا على خطأ في ترتيبه فان بعض الكتب التي طبعت كمعجم العلاء وقع فيها تقديم وتأخير تبعا لخطأ وضع النسخة الاولى من التجديد لكن من اطلع على النسخة الخطية امكنه ان يعيد الكتاب الى ترتيبه لكن من لم تكن له معرفة باصول الاوائل في النسخ جعل الكتاب منشورا على هذه الصورة التي ظهرت وفيها تقديم وتأخير ثم ذكر بعد ذلك ان من الادب كلما كتب اسم الله تعالى اتبعه بالتعظيم له والاجلال كأن يقول اذا ذكر الله تعالى او يقول سبحانه او عز وجل او تقدس ونحو ذلك من الالفاظ. وامثال ما كان في كتاب الله سبحانه وتعالى. واكثر ما في كتاب الله عز وجل عند ارادة تعظيم الله وتقديسه هو ذكر التسبيح هو ذكر علو الله عز وجل. فهذان اكمل الالفاظ التي ينبغي ان يصحبها الانسان عند ذكر الله عز وجل ادبا فان جاء بلفظ اخر كتقدس او تعاظم ونحو ذلك جاز ذلك ثم ذكر من الادب عند كتابة اسم النبي صلى الله عليه وسلم ان يكتب بعده الصلاة عليه. كأن يكتب الصلاة والسلام او يكتب صلى الله عليه وسلم ويصلي هو عليه بلسانه ايضا. لان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من عبادات الذكر. واكمل الذكر ما كان باللسان المواطئا القلب فاكمل احوال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ان يصلي عليه العبد بلفظه مع قلبه وبها يتحقق اكمل الجزاء الوارد في من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر رحمه الله تعالى ان عادة السلف جرت بكتابة صلى الله عليه وسلم دون غيرها من الالفاظ ولعل ذلك لقصد موافقة الامر في الكتاب العزيز في قوله صلوا عليه وسلموا تسليما. لاقترانهما معا في الامر القرآني وفيه بحث يطولها هنا لان مذهب الشافعية ومنهم المصنف كراهة افراد الصلاة عن السلام وفي ذلك بحث تقدم اقراء رسالة مفردة فيه وهي رسالة الملا علي طاري في الرد على القاضي زكريا الانصاري في هذه المسألة وهي احدى الرسائل التي تقدم اقرؤها في برنامج الدرس الواحد التاسع. ثم ذكر من الادب في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند كتبها الا يختصرها. والمراد بالاختصار الرمز اليها. فان الاختصار يقع عند اهل العلم على وجوه عدة منها الرمز. فان الرمز ويسميه المتقدمون الرقم يراد به الكلام فيشيرون مثلا الى البخاري بالخاء والى مسلم بالدال واشبه ذلك مما هو متنوع في علوم لكن اكثرها هو علم الحديث. فمن الادب عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كتابة الا يرمز اليها لان ذلك غير لائق بحقه صلى الله عليه وسلم فربما جاء من يجهل هذه الرقوم في مقاصدها فقرأها على هذا الوجه. فربما وجد مكتوبا صاد لام عين ميم وهي رمز الى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فربما قرأها قارئ فقال صلعا فيكون قد بكلمة لا معنى لها في جناب النبي صلى الله عليه وسلم. وكما ان هذا امور به في كيفية الكتابة فان ذلك مأمور به اعظم في كيفية اللفظ فان من الناس ولا سيما في البلاد النجدية من يهزرم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فتجده اسقطا بعض حروفها وربما سوغوا لانفسهم تحت دعوى السرعة ولا بركة في سرعة تفسد عبادة يتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى ويعظم بها جناب النبي صلى الله عليه وسلم. فينبغي ان يلاحظ هذا المعنى فاذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لا يقل كما يقوله بعض الناس صلى الله عليه وسلم بل يفصح بذلك ويقول صلى الله عليه وسلم ولاجل درء هذه المفسدة الموجودة في هذا القطر فان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كان يجتنب الصلاة بهذا اللفظ وانما كان يقول صلى الله عليه وعلى اله سلم لان لا يقع في الحد المشهور فيفضي الى المحذور. ثم ذكر رحمه الله انه ورد في كتابه في الصلاة بكمالها وترك اختصارها اثار كثيرة لم يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم واما المنقول عن السلف في هذا ثم ذكر انه اذا مر بذكر الصحابي ولا سيما الاكابر منهم كتب رضي الله عنه. واذا كان هو وابوه من الصحابة جاء بها مثناة فقال رضي الله عنهما كعبد الله ابن عمر او عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما والوارد في الخطاب الشرعي تعدية فعل رضي بعنه ودأب بعض المتأخرين عند ذكر الصحابة على قولهم رضوان الله عليهم. وهذا جائز لكن الاكمل ان يقال رضي الله عنهم لانه الوارد في الخطاب الشرعي. وقول رضي الله عليهم او رضوان الله عليهم صحيح فان ابا البقاء الكفوي رحمه الله ذكر في الكليات ان على يضطرد في معنى عن مع خمسة افعال هي خفي علي وبعد علي واستحال علي ورضي علي وغضب ايش؟ عليه. عليه. وغضب عليه. فهذه خمسة افعال تقع فيها على بمعنى عن فاذا قيل خفي علي فهي بمعنى خفي عنه. فان الاصل في فعل المجاوزة ان تكون اداته عنه. لكن وقع في هذه هي الافعال الاتيان بعلى في موقعها. ثم ذكر انه لا تكتب الصلاة والسلام لاحد غير الانبياء والملائكة الا تبعا لهم واذا جعلت الصلاة والسلام على غير الانبياء والملائكة ولم تكن شعارا جاز ذلك لانها من جنس الدعاء وكلما مر بذكر احد من السلف فعل ذلك او كتب رحمه الله اي ذكر الترضي او قال رحمه الله فاذا ذكر مثلا سعيد بن المسيب او سعيد بن جبير جاز ان يقول رضي الله عنه او ان يقول رحمه الله ولا سيما الائمة الاعلام وهداة الاسلام. ثم ذكر الادب السادس وهو انه ينبغي ان يتجنب الكتاب الدقيقة في النسخ اذا نسخ فلا يدقق خطه اي يجعله دقيقا فان الخط علامة احسنه فهو علامة ترشد وتدل وابين العلامات ما كان واضحا. وانت اذا كنت في طريق فرأيت واضحة فرحت بها واطمأن اليها قلبك. واذا رأيت علامة دقيقة تشوش خاطرك برؤيتها فينبغي ان يبين الانسان خطه ولا يدققه وكان بعض السلف اذا رأى خطا دقيقا قال هذا خط من لا يوقن بالخلف من الله عز وجل اي لا يوقن بالعوض من الله عز وجل. لان الورق كان حينئذ قليل ويدفعون في تحصيله مالا وفيرا فربما دققوا الخط مخافة فقد الورق او غلاء قيمته ومشقة ذلك عليهم فذكر بعض السلف ان هذه الفعلة هي فعلة من لا يوقن بالعوض من الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر عن بعضهم انه كان يقول اكتم ما ينفعك وقت حاجتك اليه. ولا تكتب ما لا ينتفع به وقت الحاجة. والمراد وقت الكبر وضعف البصر فان الانسان اذا كبر ضعف بصره فاذا اراد ان ينظر الى شيء قيده وكان بخط دقيق ربما شق عليه ذلك. ثم ذكر ان بعض السفارة وهو بمعنى الوارد في القرآن على هذه الزنا السيارة في سورة يوسف فان ارى اسم للجماعة السائرة في الارض وكذلك اسم للجماعة المسافرين الضاربين في ارجاء الارض ان هؤلاء ممن شهر بكثرة السفر ربما دقق الكتابة رجاء خفة المحمل اي لئلا تكثر الكتب معه فتشق عليه ثم ذكر ان هذا القصد وان كان قصدا صحيحا الا ان المصلحة الفائتة به في اخر الامر اعظم من المصلحة الحاصلة بخفة الحمد ثم ذكر ان الكتابة بالحبر اولى من المداد لانه اثبت. والمداد والحبر في الوضع اللغوي هما واحد واهل اللغة اذا ذكروا المداد قالوا هو الحبر واذا ذكروا الحبر قالوا هو المداد لكن التفريق بينهما هنا اصطلاحي صناعي. ففي الزمن الفائت كان يجعل الحبر اسما لما ثقل. ويجعل المداد اثما لما خف وسأل كثيرا فقوله الكتابة بالحبر اي ما ثقل وكان غليظا مع سيولته فبه صلابة افضل من الكتابة بالمداد وهو الخفيف السائل. لانه اثبت. ومن هذا الجنس الكتابة بالقلم الجاف فانها اكمل من القلم السائل لان الكتابة بالقلم الجاف تبقى واما بالقلم السائل فربما قطرت عليها قطرة من ماء فذهبت بها. ثم ذكر بعض الاداب المتعلقة بالقلم وهو والة الكتابة فقال قالوا ولا يكون القلم صلبا جدا فيمنع سرعة الجري اي سرعة مرور مع كاتبه على الورقة ولا رخوا اي ضعيفا فيصلح اليه الحفاء يعني الذهاب من رصاص اذا بري فانه اذا نحت نحتا شديدا صار رفوا ضعيفا يذهب بسرعة ثم ذكر عن بعضهم قوله وهو عبد الحميد الكاتب المشهور انه قال اذا اردت ان تجود خطك فاطل جلفتك بالكسر ويجوز فتحها والجلفة هي الفتحة التي يستمد منها المداد هي الموجودة في قلم الكبر فان قلم الحبر اذا ظغطت اخره انفتحت فتحة في رأسه ارتفع بها المداد الى اعلى القلم فبقي فيه فهذه تسمى عند الاقدمين الجلفة قال منها اي كبرها لي طول امدها وحرف قطتك وايمنها. والمراد بالقطة قطع القلم وهو شبيه ببريه. فكانوا اما ان يقطوه اي يقطعوه بالسكين. كي يكتب به على جهة اليمين. فتجعل الجهة الايمن من القلم اعلى من الجهة الايسر فتغلظ كتابته. واما ان يعكس ذلك كتابته اي تخف واما ان يجعلوه مستوي الطرفين. ويسمى قلما مستويا. لكن اكمل ذلك هو ما عظم ايمنه اكثر من ايسره فان الخط عند ذلك يكون عريضا وهذه الصنعة باقية عند ارباب الخط من صنعة القلم في بلاد قليلة من بلاد المسلمين. فان هؤلاء لهم معرفة الباقية بهذا الاصل. وهم نفر قليل في بلاد تركيا والعراق. والشام ومصر وباكستان. فهذا هذه البلاد الخمسة هي بلاد الخطاطين واهل الخط عندهم سند في الخط يتلقاه الخطاط عن وذلك الاستاذ عن استاذ ولا تجد خطاطا صار ذا في الخط الا بتلقيه عن عارف به وهذا مقيد في الكتب التي تبين فيها احوال الكتابة عند الاقدمين ثم بعض المتأخرين من اهل العراق صنف فيها ثم ذكر من ما يتعلق بحال القلم وما يحتاج اليه فقال ولتكن السكين حادة جدا لبراية الاقلام وكشط الورق خاصة. والمقصود بكشط الورق ترقيقه. فان ورق الكتاب كان سميكا فكي يرق ويصير ثقيلا فانه تمر عليه السكين حتى ان يكون ثقيلا يقبل الكتابة بسهولة ويسر. والقلم يحتاج الى دراية بتقليمه وقطه فلابد ان تكون حادة ثم قال ولا تستعمل في غير ذلك اي لا تستعمل السكين المعدة للقلم في غيره لئلا تفسد يكن ما يقط عليه القلم صلبا جدا اي ما يقطع عليه القلم يكون صلبا قويا حتى تكون قطته حسنة وهم يحمدون القصب الفارسية اليابسة جدا والاب نوس الصلب الصقل. وهذه من الاوضاع التي كانوا يستعملونها من النباتات والات الكتابة والخط. وهذا الباب فيه رسائل مفردة يحسن ان يقف طالب علمي عليها وكان عند بعض من سبق في المقررات الدراسية مقرر يسمى علم الخط وهو مقرر مهم جدا ينبغي ان لا يغفله الانسان. وكثير من الناس اذا ذكر مثل هذا المعنى يذكر ان خطوط العلماء وهذا الذي يقوله الانسان يتطلب به عذرا لنفسه فانما يقع فيه الخلق من قصور لا يكون عذرا وما يذكره بعض الناس عن خطوط العلماء انها رديئة يخالف ذلك وجود كثير من العلماء لهم خطوط حسنة فينبغي ان يعتني الانسان بتجويد خطه والا يهمله لان الخط والكتابة احد اللسانين كما قال الادباء فان الانسان له لسان ناطق وهو ما بين فكيه وله لسان جار بين اصبعيه وهو القلم وهذا القلم ينبغي ان يحسن من وجوه كثيرة مادية ومعنوية. ومن جملة ذلك تعلم علم الخط ورسم القلم وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب وبالله التوفيق