السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التكريم. اما بعد فهذا الدرس السادس والثلاثون في شرح الكتاب الاول من برنامج التعليم المستند في سنته الثانية احدى وثلاثين بعد الاربعمائة والالف واثنتين وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تذكرة السامع والمتكلم للعلامة محمد بن ابراهيم بن جمال رحمه الله ويريه الكتاب الثاني وهو بلوغ القاصد جل المقاصد. من علامة عبد الرحمن بن عبد الله البعدي رحمه الله ويليه الكتاب الثالث وهو فتح الرحيم الملك العلام بعلامة عبد الرحمن ابن ناصر ابن سعدي رحمه الله. وقبل الشروع في الدرس انوه بامرين احدهما انه سيكون غدا درس تعليقات الملا عن القارئ على البخاري بعد الفجر وبعد العصر وبعد العشاء باذن الله تعالى. وثانيهما اننا سنزيد في برنامج التعليم المستمر الاسبوع المقبل يوما اخر وهو يوم الثلاثاء. فسيكون الدرس السابع والثلاثون منه يوم الثلاثاء والدرس الثامن والثلاثون منه يوم الاربعاء باذن الله تعالى. وقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول الى قول المصنف الباب الخامس السابع ان يختار بجواره ان امكن. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين طلبوا الجماعة رحمهم الله تعالى السابع ان يختار بجواره ان امكن اصلحهم حالا واكثرهم اشتغالا واجودهم طبعا ارضاه ليكون معينا له على ما هو بصدده. ومن الامثال الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق. وانطباع سراقة من الجنس التشبه بجنسه والمساكن العارية لمن لا يضعف عن الصعود اليها اولى بالمشتغل واجمع بخاطره اذا كان الجيران صالحين وقد تقدم قول الخطيب ان الغرف اولى بالحفر. واما الضعيف والمتهم ومن يقصد للفتية والاشتغال عليه. فالمساكن السرية واولى بهم والمرافق التي تقرب من الباب او من التحريز اولى بالموثوق بهم. والمراقي الداخلة التي يحتاج فيها الى المرور بارض مدرسة اولاد المجهولين والمتهمين والاولى الا يسكن المدرسة وزير الوجه او صبي ليس له فيها ولي خطيب والا نساء في امكنة تمر الرجال على ابوابها او لهاكم ان تشرفوا على ساحة المدرسة. وينبغي للفقيه الا يدخل الى بيته من فيه ريبة او شر او قلة دين. ولا يدخل الى بيت ولا يدخل الى بيت من فيه ريبة او قلة دين. ولا يدخل لمن يكرهه اهلها او من ينقل سيئات سكانها او ينم عليهم او يوقع بينهم او يشغلهم عن تحصيلهم ولا يعاتب فيها واهلها الثامن اذا كان سكنه في مسجد المدرسة او في مكان الاجتماع ومروره على حصره وفروشه فليتحفظ عند صعوده اليه من سقوط شيء من نعليه ولا يقابل باسفلهما القبلة ولا وجوه الناس ولا ثيابه بل يجعل اسفل الى اسفل الاخرى بعد نقدها ولا يلقيها الى الارض بعنف ولا يتركها في مظنة مجالس الناس والوالدين اليها غالبا بل يتركها اذا تركها في اسفل الوسط ونحوه. ولا يضعها تحت الحصر في المسجد بحيث تنكسر. واذا سكنت بيوت عليا خفف المشي والاستغفار عليها ووضع ما يثقل كي لا يؤذي من تحته. واذا اجتمع اثنان من سكان العلو او غيرهم في الدرج النزول بدر اصغرهما بالنزول قبل الكبير والادب للمتأخر ان يلبث ولا يسرع بالنزول الى ان ينتهي المتقدم الى اخر درجة من الاسفل الى اخر الدرجة من اسفل فان كان كبيرا تأكد ذلك وان اجتمعا في اسفل الدرجة بالطلوع تأخر اصغرهما ان يصعد اكبرهما قبله. التاسع الا يتخذ باب المدرسة مجلسا. بل لا يجلس فيه اذا امكن الا لحاجة او في لقبض او ضيق صدر ولا في ذهنتها المهجوق الى الطريق فقد نهي عن الجلوس على الطرقات وهذا منها او في معناها لا سيما ما ان كان ممن استحيا منه او ممن هو في محل تهمة او لعب. ولانها في مظنة دخول فقيه بطعامه وحاجته. فربما استحيا من الدارس او تكلف سلامه عليهم. وفي مظنة دخول نساء من تعلم من يتعلق بالمدرسة ويشق عليه ذلك ويرضيه ولان في ذلك بطالة وتبذلا ولا يكثر التمشي في ساحة المدرسة بطالا من غير حاجة الى راحة او رياضة او انتظار احد ويقلل الخروج والدخول ما امكنه ويسلم على من بالباب اذا مر به ولا يدخل ميقاتها العامة عند الزحام من العامة الا بالهمز من اضاءتها. احسن الله اليكم. ولا يدخل مطبأتها العامة عند الزحام من العامة الا لضرورة. لما فيه من التبدل ويتأنى عنده. ويطرق الباب ان كان مردودا ضربا خفيف ثلاثة ثم يفتحه بتأن ولا يستثمر بالحائط فينجسه ولا يمسح يده المتنجسة بالحائط ايضا العاشر الا ينظر في بيت احد في مروره من شقوق الباب ونحوه. ولا يلتفت اليه اذا كان مفتوحا. وان سلم وهو مار من غير التفات ولا يدفع الاشارة الى الطاقات لا سيما ان كان في علم نساء ولا يرفع صوته جدا في تكرار او نداء احد او بحث ولا يشوش على بل يخفضهم ما امكنهم التقى لا سيما في حضور المصلين او حضور اهل الداس ويتحفظ من شدة الوقع الكبرى والعنف في اغلاق الباب وازعاج المسجد الخروج والدخول والصعود والنزول وطرق باب المدرسة بشدة لا يحتاج اليها. ون دائما المدرسة من اسفلها الا ان يكون بصوت معتدل عند الحاجة. واذا كانت المدرسة مكشوفة الى الطريق السالت من باب او شهود لكن تحفظ فيها من التجرد عن الثياب وكشف الرأس الطويل من غير حاجة. ويتجنب ما يعاب كالاكل ماشيا وكلام الهزل غالبا لست بالفعل وطلب التمضي والتمايل عن الذنب والقفى والضحك الفاحش بالقهقهة ولا يصعب الى سطحها المشرف من غير حادث او ضروء الحادي عشر ان يتقدم على المدرس في حضور موضع الدرس ولا يتأخر الى بعد جلوسه جلوس الجماعة في كلفهم المعتاد من القيام ورد السلام وربما فيهم معذور فيجد في نفسه منه ولا يعرف عذره. وقد قال السلف من الادب مع المدرس ان الفقهاء ولا ينتظرهم وينبغي ان يتأدب في حضور الدرس بان يحضره على احسن الهيئات واكمل الطهارات. وكان الشيخ ابو يقطع من يحضر من الفقهاء الدرس مخففا بغير عمامة مخففا مخففا بغير او مفكك ازرار فردية. او مفتكة ازرار فرج ويحسن جلوسه واستماعه وايراده وجوابه وكلامه وخطابه ولا يستفتح القراءة وجود قبل المدرس واذا دعا المدرس اول الدرس على العادة اجابه الحاضرون بالدعاء له ايضا. وكان بعض اكابر مشايخ السهاد يصدر تارك ذلك ويغلظ عليه ويتحفظ من النوم والنعاس والحديث والضحك وغير ذلك مما تقدم في ادب الم تعلم لا يتكلم بين الدرسين اذا ختم المدرس الاول بقوله والله اعلم الا باذن منه. ولا يتكلم في مسألة اخذ المدرس الكلام ولا يتكلم بشيء حتى ينظر فيه فائدة وموضعا. ويحذر المماراة في البحث والمغالبة فيه. فان ثارت نفسه لجام الصمت والصبر والانقياد لما روي عنه صلى الله عليه وسلم من ترك المراء وهو محق بنى الله له بيتا في اعلى الجنة فان ذلك اقطع لانتشار الغضب وابعد عن منافرة القلوب. ويجتهد كل من الحاضرين على طهارة القلب لصاحبه والا يكون له في نفسه شيء منه. واذا قام من الدرس فليكن ما جاء في الحديث. سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا انت. اتى المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة عن البقية الباقية من اداب سكنى المدارس. فانه سلف منه ذكر ستة اداب من اداب بسكناها ثم اتمها بهذه البقية واولها الادب السابع وهو ان يختار بجواره اي في سكناه في المدرسة ان امكن اصلحهم حالا اي اصلح المشتغلين فيها بالعلم حالا. واكثرهم اشتغالا اي طلبا ورغبة بالعلم فان لفظ الاشتغال يراد به في هذا المقام طلب العلم والتماسه. وتجد في كتب كان مشتغلا في المدرسة الفلانية. يقصدون كان قائما بالتدريس في المدرسة الفلانية. وينتقي في بصفاته ايضا ان يكون اجودهم طبعا واصونهم عرضا ليكون معينا على ما هو بصدده من طلب العلم واقتباسه. ثم وذكر رحمه الله تعالى من الامثال الدالة على هذا المعنى قول الناس الجار قبل الدار. والرفيق قبل الطريق والطباع سر ومن دأب الجنس التشبه بجنسه. ومعنى قولهم الجار قبل الدار ان الجار يطلب قبل طلب الدار من اراد ان يختص دارا ويلتمسها فانه يسأل عن جيرانها. ومعنى قولهم الرفيق قبل الطريق اي ان الصاحبة الملتمسة في صحبة السفر مقدم على ارادة السفر. فمن رام سفرا فانه يلتمس رفقته قبل سلوك طريقه ومعنى قولهم الطباع سراقة يعني ان اخلاق الناس يعدي بعضهم بعضا بها وليس الجليس الجليس بمجرد مجالسته بل بالنظر اليه كما ذكره الراغب الاصفهاني رحمه الله تعالى وصدق فان فمن ادام النظر الى شيء اثر فيه. وكذلك من ادام صحبة احد ولو بالنظر فيه اكثرت تلك الصحبة فيه ثم قال ومن دأب الجنس التشبه بجنسه يعني من عادة المشتركين في امر ما كجنس البشر ان ليس بعضهم من بعض الاخلاق والطباع. وبهذا المعنى قال ما لك بن دينار فيما رواه ابن بطة في الابانة الكبرى ان اسراب القضا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض. واخذ هذا المعنى عنه ابو العباس ابن تيمية الحفيد في بعض كتبه والمعنى ان الناس كاسراب القطا وهو نوع من الطير يميل بعضهم الى التشبه ببعض والايات والاحاديث والاثار في تقرير معنى طلب الصحبة الصالحة المعينة على الخير والتحذير من الصحبة السيئة كثيرة مستفيضة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان المساكن العالية لمن لا يضعف عن الصعود اليها اولى بالمشتغل اجمع لخاطره اذا كان الجيران صالحين. لان الشغل والتشويش يكون فيها قليلا. بخلاف من كان على الارض فان شغله بالمال عليه واصول الضجيج اليه اكثر ممن كان في المساكن العالية. ثم ذكر ان الضعيف القوة والمتهمة ومن يقصد للفتية يعني يطلبه الناس والاشتغال عليه اي الدراسة عليه فالمساكن السفلية اولى بهم لصلاحيتها لحالهم. فالضعيف لا يقدر على العلو فيلزم السبل. والمتهم يجنب نفسه عن الاماكن لان الاماكن العالية مظنة الاستشراف على البيوت والاطلاع على عورات الناس. فمن كان مرميا بتهمة فان ان يجنب نفسه مورد التهم فلا يتخذ سخنا عاليا لئلا يظن الناس به الظنون. ثم ذكر من يقصد الفتيا والاشتغال عليه لانه ارفق بمريديه. فمن اراده وقف عليه بيسر وسهولة. ثم ذكر ان المراقي التي من الباب او من الدهليز اولى بالموثوق بهم والمقصود بالدهليز ممر المدرسة. فما كان من المراقي والاماكن المرتفعة القريبة من الباب او الممر اولى بالموثوق بهم والمراقي الداخلة اي التي تكون في داخل المدرسة التي يحتاج فيها الى المرور المدرسة اولى بالمجهولين والمتهمين. فمن اراد ان يرتب الجالسين فانه يرتب في مقدمة المدرسة من كان معروفا بثقة دينه ورغبته في العلم ويؤخر في سكناها في اخرها من كان مجهولا او متهما يطلع على حاله ان كان فيه ريبة في خروجه ودخوله ثم ذكر ان الاولى الا يسكن المدرسة وسيم الوجه او صبي ليس فيها ولي فطن لان لا يتضرر او يضر غيره. ثم ذكر انه ينبغي الا يسكنها النساء في امكنة تمر الرجال على ابوابها فاذا سكنت امرأة في مدرسة فان اللائق ان تكون سكناها في مقام ومن لا يمر عليه الرجال والا يكون له ايضا كوى تشرف على ساحة المدرسة والكوى جمع قوة وهي فتحة كالنافذة وغيرها ثم ذكر انه ينبغي للفقيه الا يدخل الى بيته من فيه ريبة او شر او قلة دين ولا يدخل الى بيت فيه ريبة او قلة تأبين ولا يدخل اليه من يكرهه اهلها يعني اهل المدرسة او ما ينقل سيئات سكانها الى اخر ما الذكر لما جاء عند ابي داود وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصاحب الا مؤمنا. ومن كان اليه من المعلمين والمفتين فانه ينبغي ان يتحرى صدق الصحبة للمؤمنين ولا يشتغل بصحبة غيرهم من اهل الريب والشر فلا يدخل عليهم ولا يدخلهم الى بيته ولا الى مدرسته حفظا لدينه وعرضه. ثم ذكر الادب الثامن وهو انه اذا كان سكنه في مسجد المدرسة او في مكان الاجتماع ومروره على حصوله وقرشه بل يتحفظ عند صعوده اليه من سقوط شيء من نعليه على مكان الجلوس. لئلا يتضرر غيره بهذه القذارة اذا جلس عليها ولا يقابل باسفلهما القبلة اي لا يقابل بنعليه اذا وضعهما القبلة ولا وجوه الناس ولا ثيابه ادبا مع الناس ومع المكان. ومن العادة الجارية عند الناس اليوم اذا وجدوا نعلا مقلوبة عدلوها. هذا ليس فيه شيء مأثور وانما هو من الادب السائق. فاذا فعل ادبا فذلك حسن اما اذا اعتقد انه مشروع مأمور به فليس في الاحاديث والاثار ما يدل على شرعيته وانما هو ادب تعارف عليه الناس ثم ذكر ما ينبغي من حال النعلين وهو ان يجعل اسفل احديهما الى اسفل الاخرى بعد نقضها. فيدخل احداهما الاخرى على وجه القلب لهما ثم قال ولا يلقيها الى الارض بعنف اي لا يلقي نعليه الى الارض بعنف. لان لا تكون فيها قذارة اذا ضربت الارض طاشت منها وتحركت وانتقلت الى مواضع الجلوس ولا يتركها في مظنة مجالس الناس والواردين عليها غالبا كطرفي الصفة والصفة هي البهو الواسع المعد للجلوس. بل يتركها اذا تركها في اسفل الوسط ونحوه فيما لا يظن ان الناس يتخذونه مجلسا ولا يضعوها تحت الحصر في المسجد بحيث تنكسر يعني تنكسر الحصر والحصر تكون قاسية يابسة فتتضرر بشيء قاس يوضع تحتها فربما انكسرت بسبب وضع نعليه اسفل تلك الحصر مع الوطئ عليها ثم ذكر انه اذا سكن في البيوت العليا خفف المشي والاستلقاء عليها ووضع ما يدخل كي لا يؤذي من تحته فانه اذا شد في مشيه او رمى بنفسه مستلقيا او وضع شيئا ثقيلا بقوة هذا من تحته واذ اجتمع اثنان من سكان العلو او غيرهم من الدرجة للنزول بدر اصغرهما بالنزول قبل الكبير. فاذا خرج من غرفتيهما يقصدان النزول فان الصغير ينزل قبل الكبير لئلا يعلوه فانه اذا تقدم الكبير وتأخر الصغير صار الصغير في الاعلى والكبير في الاسفل والادب ان يقدم الصغير نفسه هنا ليكون الكبير فيكون كالحاجب بين يديه. واما اذا كان في حال الصعود فانه يعكس ذلك. فيتقدم فيكون الصغير بعده ليكون بمنزلة الحارس من وراء ظهره. فهو في الجانبين يستعمل الادب لئلا يعلو الكبير واذا تقدمه فانه كالحاجب بين يديه واذا تأخر عنه كان كالحارس له ثم قال ولا يسرع بالنزول الى ان ينتهي المتقدم الى اخر الدرجة من اسفل. اي اذا تساوى في ذلك فانه لا يسرع الى ان ينتهي المتقدم الى اخر الدرجة من اسفل لئلا اضايقه في نزوله. ثم ذكر الادب التاسع وهو الا يتخذ باب المدرسة مجلسا اي محلا للجلوس والقعود بل لا يجلس فيه اذا امكن الا لحاجته. كانتظاره وافدا نريده. او في ندرة في حال الندرة لقبض في نفسه او ضيق صدر وحرج يجده. ولا يجلس في دهليزها المهتوك الى الطريق يعني في البهو الذي يؤدي الممر الذي يؤدي الى الطريق اذا كان مفتوحا ومعنى المفتوك يعني المفتوح الى الطريق فقد نهي عن الجلوس على الطرقات كما ثبت في الصحيح ثم قال وهذا منها او في معناها يعني الجلوس على الممر الذي يوصل الى الطريق هو منها او في معناها لا سيما ان كان ممن يستحي منه بجلالة قدره او ممن هو في محل تهمة او لعب. ولانها بمظنة دخول فقيه من سكان المدرسة بطعامه وحاجته فربما استحيا من الجالس او تكلف سلامه عليهم وفي مظنة دخول نساء من يتعلق المدرسة اي من يتخذها سكنا من مدرس او طالب فربما كانت بعض اقاربه من النساء محتاجة اليه فاذا وردت الى باب فوجدت احدا جالسا عليها شق ذلك عليها واذاها واذى من تريد. ولان في ذلك بطالة اي فراغا وتبذلا اي امتهانا ثم قال ولا يكثر التمشي في ساحة المدرسة بطالا من غير حاجة الى راحة او رياضة او انتظار احد فالمرء لا يبتغي في تمسيه في محل سكنى المدارس الا ان تكون له حاجة الى الراحة او الرياضة او انتظار احد. اما المشي بطالة وفراغا فان ذلك من امارات عدم صلاحيته للعلم لان العلم لا يصلح للبطالين وهم اهل الفراغ واللعب واللهو. كما قال سحنون لا ينال بطال ولا كسل ولا ملول ولا من يألف البشر. ثم قال ويقلل الخروج والدخول ما امكنه ويسلم على من اذا مر به لان طالب العلم لا ينبغي ان يكون من صفاته ان يكون خراجا ولاجا فان كثرة الدوران للخروج والدخول دلالة على عدم المبالاة بقيمة الزمن ورأس مال طالب العلم هو زمانه ووقته وهو مأمور بحفظه تبع منه واذا كان خراجا ولاجا فان الوقت ضائع ثم ذكر من الادب انه لا يدخل ميظأة لها اي محل الوضوء فيها العامة اي المفتوحة للناس جميعا عند الزحام من العامة يعني عند اجتماع العامة فيها للوضوء الا لضرورة اي لحاجة شديدة داعية الى ذلك بما فيه من التبدل اي الامتهان فانه اذا خالط عوام والطغاة ربما عاملوه بما لا تليق معاملته به. فربما وقع في مجاراتهم في احوالهم واخلاقهم وطالب العلم يترفع عن حال الدهماء والعامة. وينبغي له ان يتأنى عند ذلك. ويطرق الباب ان كان طرقا خفيفا ثلاثا ثم يفتحه بتأن فاذا احتاج الى الدخول الى الكنف معدة لقضاء الحاجة في الخلاء وهي التي يسميها الناس اليوم الحمام فانه يطرق الباب ان كان موجودا طرفا خفيفا ثلاثا ثم يفتحه بعد ذلك بتأني ولا تجمر بالحائط فينجسه ولا يمسح يده المتنجسة بالحائط اي بالجدار فلا ينجسه ايضا ثم ذكر الادب العاشر وهو الا ينظر في بيت احد في مروره من شقوق الباب ونحوه. لان الاستئذان انما جعل للنظر. ومن نظر مع شقوق الباب فقد هتك حرمة الاستئذان ولا يلتفت اليه اذا كان مفتوحا فاذا مر بباب مفتوح فان من قبيح الخلق ان يلتفت اليه الانسان ويربط ما فيه. وكانت العرب في الجاهلية تستعظم هذا. وبقيت عليه العرب العرباء في الاسلام الى زمن قريب واما اليوم فان الناس صاروا لا يبالون اليه اعناقهم يمنة ويسرة وطالب العلم حقيق به ان يلزم الادب الكامل فاذا بابا مفتوحا فلا يبادر بالتفات اليه. بل لا يعيره اهتماما ولا يلوي عنقه اليه. وان سلم سلم وهما من غير التفات فلو وجد احدا رآه من بعيد عند الباب فانه اذا صار ازاءه يسلم دون التفات لانه ربما كان الباب مفتوح ووراءه احد من الحرم من النساء او غيرهن ولا يكثر الاشارة الى الطاقات وهي النوافذ وما في معناها لا سيما ان كان فيهن نساء ولا يرفع صوته جدا في تكرار او نداء احد او بحث لان من الادب الكامل ان يغض الانسان صوته كما قال تعالى واضبط من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير. فالصوت المرفوع دون حاجة مما يستقبح ولا يشوش على غيره بل يخفضه ما امكنه مطلقا لا سيما بحضور المصلين او حضور اهل الدرس فلا يجهر بصوته على احد بان لا يشوشه في غير عليه باله وخاطره ثم ذكر من ادبه فيها ان يتحفظ من شدة وقع القطاط. والقطاط خشبة توضع في اخر الحذاء تقوية له فان اظعف الحذاء واسرعها ثناء هي اخرها لشدة وطأ القدم عليها فيجعل الناس في اخر النعل خشبة تطيل مدة الانتفاع بذلك الحذاء ولها وقع على الارض اذا مشى الانسان فينبغي له ان يتحفظ من ذلك وهي تحفظ من العنف في اغلاق الباب وازعاج المشي في الخروج والدخول والصعود والنزول وطرق باب المدرسة بشدة لا يحتاج اليها ون دائما باعلى المدرسة من اسفلها لان ذلك كله مما يشوش على الساكنين فيها ويغير خواطرهم عليه. الا ان يكون بصوت معتدل عند الحاجة. فاذا احتاج الى نداء احد في اعلى المدرسة وهو في اسفلها فانه يناديه بصوت معتذر عند حاجته اليه دون رفع صوت. ثم ذكر ان المدرسة اذا مكشوفة الى الطريق السالك من باب او شباك بحيث يمكن الاطلاع عليها فانه ينبغي ان يتحفظ من التجرد عن الثياب يعني التعلم الثياب وكشف الرأس الطويل من غير حاجة. لان كشف الرأس في اكثر بلاد المشرق من خوارم المروءة. وانما يغتفر لحاجة واما بدون حاجة فانه من خوارم المروءة. وينبغي له ايضا ان يتجنب ما يعاد. لان الوقوف في ما يعيبه الناس من خوارم العادات كالاكل ماشيا وكلام الهزل غالبا والهزل هو المزح بخفة فهو مزح يشتمل على قلة عقل وسفه في صاحبه يجتنب ايضا مما يعاب البسط بالفعل يعني التوسع في الافعال التي لا يحتاج اليها. فان الانبساط في الافعال انما في احوال معينة مع صحبة موثوقة. واما فعل ذلك مع كل احد دون مبالاة بالناس فذلك من خوارم ويجتنب ايضا فرط التمطي يعني شدة التمطي والتمطي هو التكاقل السحب في المشي كأنه يسحب سحبا ويجتنب ايضا التمايل على الجم يعني المشي بالقاء جانبيه كأنه او يمشي مهتزا فان المشي على هذه الحال من خوارم المروءة ويجتنب كذلك المشي متمايدا على كمشية الطاووس وهو يمشي مؤخرا رأسه مقدما صدره متبخترا بذلك وذلك كله من المروءة ويجتنب الضحك الفاحش بالقهقهة وهو الضحك المصحوب بصوت ولا يصعد الى سطحها اي سطح المدرسة المشرفة من غير حاجة او ضرورة. ثم ذكر الادب الحادي عشر وهو خاتمة اداب هذا الباب خاص وخاتمة اداب هذا الكتاب عامة. وهو ان يتقدم على المدرس بحضور موعد الدرس. ولا يتأخر الى بعد جلوسه وجلوس الجماعة في كلفهم المعتاد من القيام ورد السلام وربما فيهم معذور فيجد في نفسه منه ولا يعرف عذره. وقد قال السلف من الادب مع المدرس ان ينتظره الفقهاء ولا ينتظرهم. ان يتقدموا اليه الملتمسون بالعلم فيجلسون في موضع حلقته قبل جلوسه فيسبقونه بحيث اذا اتى الى مقام الدرس وجده ومن الادب الفاضل ان يتحقق طالب العلم بذلك فلا يتأخر عن درس شيخه سواء كان في محل ذلك الدرس في مسجد او مدرسة او ان يتأخر بعدم الحضور في الميعاد المؤقت له. بل الادب الكامل ان يتقدم الانسان الى موعد الدرس ولا يتأخر عنه وان يجلس في الحلقة قبل شيخه. ويكون جلوسه مع جلوس رفقته ليسلم عليهم ولا يشق عليهم اذا جاء وقد جلسوا قبل حضور معلمه فيقومون له على ما تعارف من القيام المعتاد السلام فربما قصد الى مصافحتهم فقاموا له. فعند ذلك يشق عليهم لانه تأخر عن رفقتهم في الاجتماع في الحضور ولو انه صاحبهم في المجيء الى الدرس وهو قائم وهم قيام لخفف ذلك عنه وعنهم. ثم ذكر ان انه ينبغي ان يتأدب في حضور الدرس بان يحضره على احسن الهيئات واكمل الطهارات. تعظيما له وكان عمر رضي الله عنه يحب لطالب العلم ان يلبس البياض. ذكره ما لك بن الموطأ بلاغا موجب ذلك كما ذكره الطوفي لما في ذلك من اعظام العلم واجلاله. فمن اعظام العلم واجلاله ان يحضره المرء على احسن الهيئات الطهارات وكان الشيخ ابو عمرو يعني ابن الصلاح فانه المشهور بهذه الكنية من متأخر الشافعية والمصنف منهم من يحضر من الفقهاء الدرس يعني لا يصله مخففا بغير عمامة. فمن كان من الفقهاء الملتمسين للعلم يحضر متخففا من زيه الكامل بدون لبس عمامة فكان من حال ابي عمر ابن الصلاح معه انه يقطعه ولا يصله وكذلك كان يقطع من يحضر مفكك ازرار الفرجية والفرجية ثوب واسع الاكمام وهو ثوب من لباس الاقدمين وكان الغالب كونه من ادب الفقهاء فكان ابو عمر ابن الصلاح رحمه الله تعالى يقطع ايضا من كان يحضر وهو مفكك لاسرارها فانها كانت تشد بالازرار. ثم ذكر مما ينبغي ان يمتثل ويتأدب به على وجه الاتقان ان يحسن جلوسه واستماعه واراده وجوابه وكلامه وخطابه فينبغي ان يسلك فيها الطالب الطريق الامثل من الاتقان والاحسان لها اذا جلس جلسة حسنة واذا استمع استمع استماعا حسنا واذا اورد اعتراضا اورده ايرادا حسنا واذا جوابا اجاب جوابا حسنا واذا تكلم تكلم كلاما حسنا واذا خاطب خاطب بخطاب حسن كما قال الله تعالى وقولوا للناس حسنا وفي القراءة الاخرى لنافع وغيره وقولوا للناس حسنا فانها اصل في ذلك كله ولا يستفتح القراءة والتعود قبل المدرس كما جرت عليه العادة فيما سلف من تقديم عوديه قبل قراءة الدرس ثم الاستئذان من المعلم في الشروع فيه فيأذن له المعلم فلا ينبغي للمرء ان يشرع في القراءة دون ان يأمره شيخه بذلك واما ما ذكره من الدعوذ فتقدم الانباه الى ان الاستعاذة مختص بقراءة القرآن فلا يشرع الاتيان بها في غير هذا المحل. فمن اراد ان يقرأ حديثا او يقرأ كلاما غيره فانه لا يشرع له ان يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يشرع فيه لان هذا الذكر مجعول لشيء واحد وهو قراءة القرآن الكريم فان الله عز وجل قال فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله فجعله مخصوصا بقراءة القرآن فلا يشرع في غيره وليس هو من الاذكار التي يتعبد الله عز وجل بها بتكرارها نظير البسملة فانه لا يشرع للانسان ان يذكر الله ذكرا مطلقا بقوله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا قوله بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم. بسم الله الرحمن الرحيم. فهي من الاذكار المقيدة بمواضعها. ثم ذكر انه اذا دعا المدرس اول الدرس على العادة فانهم كانوا يستفتحون دروسهم بالدعاء للحاضرين. اجابه الحاضرون بالدعاء له ايضا. ومن اجابته التأمين فان المؤمن داع وكان بعض اكابر اشياخ المصنف كما ذكر هنا يزبر تارك ذلك يعني يزجره فالزبر الزجر وزنا ومعنى ويغلظ عليه اي يعظم عليه ذلك الامر. ثم ذكر من الادب اللازم له ان يتحفظ من النوم والنعاس في الحديث والضحك وغير ذلك مما تقدم في ادب المتعلم. فان الدين والعلم جد ولا يؤخذ الا بالحزم على النفس فينبغي ان يتحفظ الانسان من النوم وان يبالغ في التشدد منه وكذا سائر ما ذكره المصنف بعد من النعاس والحديث والضحك بما فيها من الاخلال. وقد حدثني الشيخ عمار باطلة رحمة الله عليه من اخر علماء جمعية العلماء في الجزائر انه كان ذات يوم بعد صلاة الفجر في الدرس العام لشيخه عبدالحميد بن باديس رحمه الله وكان في شرح الصبان على الالفية فبينما هو في الدرس وكان قريبا من الشيخ نعس فسقطا كتابه من يديه فانتبه الشيخ له وانتبه الطالب لحاله فاخذ الكتاب فقال له الشيخ عبد الحميد يا بني انك لست الذي لم تنم وحدك فاني لم انم من الليل الا ساعتين. انتهى كلامه. قال الشيخ عمار وكان اكثر حال شيخنا ابن باديس الا ينام من الليل الا ساعتين او ثلاثة وانما مات الرجل قبل ان تكبر سنه فانه مات في ابناء خمسين لما اعتراه من العلة والضعف في بدنه فانه كان قليل النوم. فينبغي ان يعامل الانسان نفسه بالحزم لان المرء لا يدرك معاني الامور الا بالحزم مع نفسه والعزيمة عليها. ثم ذكر انه ينبغي ان يتحفظ من الكلام بين الدرسين اذا ختم المدرس الاول بقوله والله اعلم او نحو ذلك الا باذن من المعلم. ولا يتكلم في مسألة هذا المدرس الكلام في غيرها اي تحول المدرس منها الى مسألة اخرى ولا يتكلم بشيء حتى ينظر فيه فائدة وموضعا يعني كلامهم فلا يتفوه بشيء حتى ينظر موضع هذا الكلام. وكان ما مضى من السلف يحفظون كلامهم ويحرصون على انفاسهم في الحديث كما يحفظ الانسان دراهمه ودنانيره فلذلك قل كلامهم فعظم علمهم ثم ذكر مما ينبغي ان يتأدب به الانسان ان يحذر المماراة. يعني الجدال والخصومة في البحث والمغالبة لان ذلك مما يوغل الصدور ويفسد القلوب وينقلها من القصد الحسن الى القصد السيء لان الانسان مطبوع على محبة ظهور نفسه فانه يحب ان يرى مكانه وان تعرف منزلته فينبغي للانسان ان يخلد نفسه من هذه الآبدة وان ثارت نفسه لجمها يعني منعها بلجام الصمت والصبر والانقياد فينبغي ان يعود الانسان نفسه الفطام من الكلام. وقد روى ابن سعد في الطبقات في ترجمة مورق العجري. احد عباد اهل العراق وعلمائهم انه قال تعلمت الصمت عشر سنين فهو انفق من عمره عشر سنوات يتعاهد نفسه بالصمت فان اللسان كثير الزلق بما يحيطه من اللعاب. ولا يتمكن الانسان من فطمه الا بنجمه بتأديبه وقد روى ابن ابي الدنيا في كتاب الصمت بسند صحيح عن ابن مسعود انه قال ما رأيت شيئا احق بطول حبس من لسان ويتأكد هذا المعنى اذا وجد الانسان في نفسه شهوة للكلام فان شهوة الكلام تفسد الدين كما تفسده شهوة الطعام والجماع وغيرها فانها تغضب الانسان الى الوقوع في الحرام. وكان السلف رحمهم الله تعالى يتحفظون من شهوة الكلام تحفظهم من الشهوات المعروفة فان النفس فواقة الى تنميق الفاظها وتحسين كلامها. فمما يعين على تهذيبها دوام ملاحظة هذا الامر فيها والجامها عن مواقع غيها في هذا المورد العطر. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما يدعو ذلك من السنة الشريفة فقال لما روي عنه صلى الله عليه وسلم من ترك المراء فهو محق يعني صاحب حق بنى الله له بيتا في على الجنة وهذا الحديث لا يوجد بهذا اللفظ في الاحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروي بغير هذا اللغو واحسن الالفاظ المروية في هذا الباب حديث ابي امامة عند ابي داود وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ترك المراء وهو حق بني له بيت في ربض الجنة. يعني في جوانب الجنة. وروي في حديث ابي هريرة في وسط الجنة لكن الاشبه المحفوظ هو في ربض الجنة يعني في جوانبها المتسعة. ثم علل المصنف ذلك بقوله فان ذلك اقطع لانتشار الغضب وابعد عن منافرة القلوب. فالمرء اذا الزم نفسه ترك البراء قطع اسباب وفي صحيح البخاري ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اوصني فقال لا تغضب. ونهي صلى الله عليه وسلم عن الغضب يشمل النهي عن الاسباب الموصلة اليه المهيجة له. ومن جملتها المراء. فان المراء يولد الغضب غضبه يولد النقرة بين القلوب ويفصم عروة الوصال بين المتآخين وما افسد ود بمثل غضب. ثم ذكر رحمه الله تعالى انه ينبغي ان يجتهد كل من الحاضرين على طهارة القلب لصاحبه وخلوه عن الحقد والا يقوم وفي نفسه شيء منه لان مدار الامر كله على طهارة القلب. فان العلم جوهر لا يصلح الا للقلب النظيف. فطالب العلم ان لم يتعاهد قلبه بدوام التطهير فان كثيرا من العلم يحجز عنه يمنع منه بسبب وسخ قلبه. وان احدنا يأتي الى درس معلمه متعاهدا ظاهره من بدنه ولباسه ان يكون على اكمل الوجوب وجدير بطالب العلم المقصود بموارده ان يعتني بطهارة قلبه فيجتهد في تطهير قلبه حتى يكون مخموما فقد روى ابن ماجة بسند قوي من حديث عبدالله ابن عمر قال قلنا يا رسول الله اي الناس افضل؟ فقال كل مخموم القلب صدوق اللسان. قال قلنا صدوق اللسان قد عرفناه. فما مخموم القلب؟ فقال هو التقي النقي الذي لا بغي فيه ولا اثم ولا غل ولا حسد. فمخموم القلب هو الذي يكون على هذه الحال. وهذه الحال هي اشرف الاحوال التي ينبغي ان يكون عليها طالب العلم. واكثر فساد الناس في العلم هو من فساد قلوبهم. سواء في المعلمين او في المتعلمين وطهارة القلوب وزكاتها هي من اعظم ما جاءت الشريعة به وكررته مرارا وجعلت له مرتبة من الدين هي مرتبة التزكية كما قال الله عز وجل قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها اي قد افلح من زكى نفسه الاحوال والاعمال والافعال المقربة الى الله عز وجل. وقد خاب من دسها في الاثم والفجور. ومن اعظم الاثم والفجور القلب فان ذنوب القلب هي اشد الذنوب كما ان اعمال القلب هي اعظم الاعمال فينبغي ان يتعاهد الانسان طهارة قلبه ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بذكر ما ينبغي ان يأتي به المعلم والمتعلم اذا قام من الدرس نقول ما جاء في الحديث سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك الى اخره. ولا يوجد الحديث بهذا التمام. وانما هو مؤلف من قطعتين من حديثين منفصلين فان الجملة الاخيرة فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا انت. هي قطعة من لابي بكر الصديق في الصحيحين الا انها ليست مما يقال عند الختم وانما المشهور عند الختم كما جاء في حديث لابي هريرة عند الترمذي وغيره كفارة الميت سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. وهو حديث يروى من وجوه عدة اطنب في تخريجها الحافظ ابن حجر في اخر فتح الباري وفي الافصاح في النكت على ابن الصلاح بما يفضي بالناظر الى القول بثبوت هذا الحديث وهذا الذكر شهر بكفارة المجلس والوارد في الاحاديث تفسير هذه الكفارة انه ان كان فيه لغط او شيء من ذلك كان كفارة له وان كان خير كان كالخاتم له. فجعل الغالب اسما له. فالغالب في مجالس الناس استمالها على اللغط والوقوع السيئات فجعل كفارة باعتبار هذا المقام والا فمجالس الخير يكون كالخاتم والطابع الذي يطبع عليه ليحفظها ويكون اجرها عند الله سبحانه وتعالى. ومن لطائف المصنف ختمه بالانباه الى هذا الادب فان اهل البديع من علماء البلاغة ذكروا من انواع البديع حسن الاختتام وهو ان يأتي في اخر الكلام بما يحسن الختم عليه وهو قد ذكر من الكلام ما يحسن الختم عليه بذكر كفارة المجلس. وبهذا نكون بحمد الله قد فرغنا من بيان معاني هذا الكتاب على وجه متوسط مناسب لعموم الاخرين وهو كتاب نافع مفيد ينبغي ان يعيد طالب العلم النظر فيه والقراءة مرة بعد مرة بين الفينة والفينة فنسأل الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا بما قرأنا فيه وان يجعله حجة لنا ولا يجعله حجة علينا وان يلهمنا رشدنا فيقينا شر انفسنا وان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. بختم هذا الكتاب نكون قد ختمنا كتابا ثانيا من الكتب السبعة المبتدأ بها في هذا البرنامج وسيصير وقت المغرب بعد مخلل للكتابين الباقيين وهما بلوغ القاصد وفتح الرحيم الملك العلام حتى نفرغ منهما باذن الله سبحانه وتعالى فيكون الدرس القادم يوم الثلاثاء بعد المغرب وبعد العشاء ايضا ويكون بعد المغرب الكتابان الباقي من المعتاد بعد صلاة المغرب ويكون درس الاربعاء على وقته وهذا اخر البيان على هذا الكتاب وبالله التوفيق