بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اما بعد قال المؤلف رحمه الله تعالى فصل والوضوء استعمال ماء طهور في الاعضاء الاربعة. الوجه واليدين والرأس والرجلين على صفة مخصوصة والتسمية والتسمية اي قول بسم الله لا يقوم غيرها مقامها واجبة فيه اي في الوضوء وفي غسل وفي تيمم وفي غسل يدي قائم من نوم ليل ناقض لوضوء وفي غسل ميت وتسقط سهوا وجهلا في هذه الخمسة وسهوا فقط في الذكاة ولا تسقط مطلقا عند ارسال الالة الى الصيد. ويجب غسل يدي القائم من نوم الليل ثلاثا بنية تسمية تعبدا اي فلا يعقل معناه. وشروط الوضوء ولو مستحبا ثمانية. الاول انقطاع ما يوجبه من نحو حيض ونفاس والثاني النية ويأتي تعريفها في شروط الصلاة. وهي اي النية شرط لكل طهارة شرعية غير ازالة خبث ونحوها كغسل نجاسة اي فلا يشترط لذلك نية. لانهم جعلوها من قبيل التروك. ولا ثواب في غير منوي اجماعا والثالث الاسلام والرابع العقل والخامس التمييز. والسادس الماء الطهور المباح. والسابع ازالة ما يمنع وصوله اي الماء بشرتك عجين وشمع والثامن الاستنجاء او الاستجمار وفروضه اي الوضوء جمع فرض وهو ما يترتب الثواب على فعله والعقاب على تركه ستة اشياء. احدها غسل الوجه ومنه اي من الوجه فما وانف لدخولهما في حجه ويصح ان تسمى المضمضة والاستنشاق فرضين. والثاني غسل اليدين مع المرفقين والثالث مسح الرأس كله ومنه اي الرأس الاذنان فيجب مسحهما. والرابع غسل الرجلين مع الكعبين. والخامس ترتيب بين الاعضاء كما ذكر الله وتعالى والسادس موالاة وهي الا يؤخر غسل عضو حتى يجف ما قبله او بقية عضو حتى يجف اوله بزمن معتدل او قدره من غيره ويسقطان اي الترتيب والموالاة مع غسق ويسقطان اي الترتيب والموالاة مع غسل عن حدث اكبر لاندراج بوضوء فيه كاندراج العمرة عن الحد. اكبر ويسقطان اي الترتيب والموالاة مع غسل عن حدث اكبر لاندراج الوضوء فيه. كاندراج العمرة في الحج. عقد رحمه الله تعالى هنا فصلا يتعلق باحكام الوضوء ذكر فيه ست مسائل اولها في بيان حقيقة الوضوء اذ قال والوضوء استعمال ماء في الاعضاء الاربعة ثم بينها ثم قال على صفة مخصوصة. وهذا بيان لحد الوضوء شرعا فالوضوء شرعا استعمال ماء طهور في الاعضاء الاربعة على صفة مخصوصة. والاعضاء الاربعة هي الوجه واليدان والرأس والرجلان. وهذا الحد كما سلف حد شرعي ومن المعلوم ان الحدود الشرعية مردها الى خطاب الشرع. وقد استدرك بعض المتأخرين على ما ذكره الحنابلة رحمهم الله تعالى في حد الوضوء وغيره لزيادة بنية للدلالة على الشرعية. فذكر انه ينبغي زيادة النية للدلالة على الشرعية. وهذا الذي ذكره بعض المتأخرين غلط على الاصحاب. فان الاصحاب رحمهم الله تعالى في قولهم على صفة مخصوصة بالصفة المخصوصة الصفة الشرعية والصفة الشرعية لا تكون الا مع وجود النية. وقد صرح العلامة مرعي الكرمي في غاية المنتهى عند هذا الموضع بان النية من جملة الصفة المخصوصة فيكون الحد الذي ذكره الاصحاب صحيحا لا حاجة للتعقيب عليه بالزيادة المذكورة. فالوضوء شرعا استعمال ماء في الاعضاء الاربعة على صفة مخصوصة. وقيد النية مندرج في قولهم على صفة مخصوصة. وهذا الحد كما سبق شرعي والمصنف رحمه الله تعالى يضطرب في طريقته في الحدود فانه تارة يذكر اللغوي ويترك الشرعية كما وقع في السواه وتارة يذكر الشرعية ويترك اللغوي كما وقع في هذا المحل. والوضوء لغة هو النظافة مأخوذ من الوضاءة وهو بالضم للدلالة على الفعل وبالفتح وضوء للدلالة على الماء المستعمل في تلك الاعضاء على الصفة المخصوصة ثم ذكر المسألة الثانية وهي بيان واجب الوضوء فان الوضوء له واجب هو التسمية كما قال والتسمية واجبة فيه وهذا معنى قول غيره من الاصحاب وواجبه التسمية الواجب الوضوء التسمية فان للوضوء واجبات وفروضا. كما ان للصلاة واجبات وفروضا. الا ان واجب ان اركان ان فروض الصلاة عبروا عنها بالاركان وفي الوضوء عبروا عنها بالفروض وكلاهما بمعنى واحد لتعلقهما بحقيقة الشيء. والواجبات في الصلاة متعددة اما في الوضوء فان الواجب واحد في المذهب وهو التسمية وهي عندهم مقيدة بالذكر. فيقولون وواجبه التسمية مع الذكر. اي التذكر وقد استطرد المصنف رحمه الله تعالى فذكر المواضع الخمسة في الطهارة التي تكون تسمية واجبة فيها عند الحنابل. واولها الوضوء وثانيها الغسل. وثالثها التيمم ورابعها غسل يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء ورابعها غسل ميت فهذه المواضع الخمسة هي المحال المعينة في الطهارة في وجوب التسمية عند الحنابلة وباعتبار الفقه كله فان التسمية عند الحنابلة تجب في سبعة مواضع اولها الخمسة المتقدمة وسادسها الذكاة وسابعها الصيد. ولذلك ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا مما يتعلق بحكمها فقال وتسقط سهوا وجهلا في هذه الخمسة اي التي في الطهارة وسهوا فقط في الذكاة ولا تسقط مطلقا عند ارسال الالة الى الصيد. فاذا توضأ الانسان وجب عليه ان يسمي وهذا معلق بالتذكر فاذا سهى او جهل فانه يسقط عنه هذا الواجب. وان في اثناء وضوءه فالمذهب انه يسمي ويبني على ما فات ولا يستأنف من وضوء وضوءه الاول فلو ان انسانا لم يسمي في اول وضوءه ثم ذكر عند غسل مرفقيه فانه يسمي ويبني على وضوءه ولا استأنفوا مبتدأ من اوله. ثم ذكر المسألة الثالثة في قوله ويجب غسل يد القائم من نوم ليل ثلاثا بنية وتسمية وقوله رحمه الله تعالى من نوم ليل الاصحاب بقولهم ناقض لوضوء. فالحكم معلق بنوم الليل اذا كان ناقضا لوضوء وسيأتي ان شاء الله تعالى حد النوم الناقض للوضوء في نواقض الوضوء عند الحنابلة وقوله رحمه الله تعالى بنية وتسمية الفرق بينهما عند الحنابلة ان النية شرط والتسمية واجب. ولاجل هذا قالوا بنية شرطت وتسمية ان وجبت ثم قال رحمه الله تعالى تعبدا اي فلا يعقل معناها وهذا تفسير معنى التعبد فالاحكام التعبدية هي الاحكام التي لا يعقل معناها. فالامر بغسل يدي القائم من نوم ليل لا تعرف العلة الحاملة له. فهو مما يتعبد به دون عقل لعلته والتسمية اذا اطلقت فالمراد بها عند الاصحاب هو قول بسم الله ولذلك قال المصنف مفسرا لها فيما سلف قال والتسمية اي قول بسم الله. لا يقوم غيرها مقامها. فلو قال الانسان باسم او بسم الرحيم او بسمك اللهم لم تقم مقامها. ثم ذكر المسألة الرابعة وهي بيان شروط الوضوء ولو مستحبة فهي شروط مطردة في الوضوء بنوعيه الواجب والمستحب وعددها رحمه الله تعالى ثمانية. فالاول انقطاع ما يوجبه. اي انقطاع ما يوجب الوضوء وهو نواقضه فموجبات الوضوء هي نواقضه ستأتي ومن جملتها الحيض والنفاس والثاني النية وقال الشارح ويأتي تعريفها في شروط الصلاة وربما قال قائل كان ينبغي على المصنف ان يأتي بها في هذا المحل لانه اول موضع ذكرها فيه. الا ان العلماء رحمهم الله تعالى من قواعدهم في العلم ملاحظة محل اللائق الانسب. فلما كانت الصلاة اعظم من الطهارة لان الطهارة انما هي شرط لها اخر الفقهاء رحمهم الله تعالى بيان معنى النية في الموضع الانسب وهو الصلاة فلاجل ملاحظة هذا الاصل ارجأ الكلام عليها هناك. وسيأتي بيانه في ذلك المحل ثم ذكر ان النية شرط لكل طهارة شرعية غير ازالة خبث ونحوها غسل نجاستنا اي فلا يشترط لذلك نية لانهم جعلوها من قبيل التروب. فالازالات من قبيل التلوك والتروك لا تشترط لصحتها نية. فلو ان نجاسة وقعت على موضع طاهر ثم مر عليه ريح او شمس قد طهر المحل فقد زالت النجاسة ولا تشترط لصحتها اما الطهارة الشرعية المتعلقة برفع الحدث كالوضوء والغسل والتيمم فلابد فيها من النية. ثم ذكر من القواعد المتعلقة بالنية قوله ولا ثواب في غير منوي اجماعا وهذا معنى قول الفقهاء لا ثواب الا بنية. اي لا يثاب العبد على العمل الا بنيته ثم ذكر الشرط الثالث وهو الاسلام والرابع وهو العقل والخامسة وهو التمييز والسادس وهو الماء الطهور المباح فيجب ان يكون الماء طهورا لا طاهرا ولا نجسا. ويجب ان يكون مباحا لا مسروقا ولا منصوبا ثم ذكر الشرط السابع وهو ازالة ما يمنع وصوله اي يمنع وصول الماء الى البشرة والمانع هو ما له جرم. فاذا كان شيء ما على البشرة وله جرم كعجين وشمع فانه مانع وان لم يكن له جرم كحناء او نحوه فانه لا يكون مانعا. ثم ذكر الشر الثامن وهو الاستنجاء او استجمار لمن لزمه ذلك كما تقدم فيكون شرطا باعتبار من لزمه ذلك. وبقي شرط تاسع وهو دخول وقت على من حدثه دائم لفرضه. دخول وقت على من حدثه لفرضه كمن به سلس بول او امرأة مستحاضة فان من به سلس بول لا ينقطع وكذلك المستحاضة فما كان من هذا الجنس فانه لا يتوضأ لفرضه الا بعد دخول وقته فلا يتوضأ للعشاء الا بعد اذانه ثم ذكر المسألة الخامسة وهي متضمنة لبيان فروظ الوضوء فقال وفروضه اي الوضوء جمع فرض ثم عرف الفرض بقوله وهو ما يترتب الثواب على فعله والعقاب على تركه التعريف هو تعريف شرعي عند الاصحاب. فانهم يقولون الفرض شرعا ما يترتب الثواب على فعله والعقاب على تركه هذا الحد المشهور تقدم انه منتقد لان ترتب الثواب في الفعل والعقاب في الترك ليس معلقا ما انيط به الامر من له شرائط خارجة عن ذلك تتعلق بالعامل او غيره لابد من شفائها لحصول ما رتب عليها. وذكرنا فيما سلف ان الحد السالم من الاعتراض في الفرض ان فرض هو الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي ليش للفعل احسنت. المقتضي للفعل اقتضاء لازما. والخطاب الشرعي الطلبي المقتضي للفعل اقتضاء لازما ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان فروض الوضوء ستة احدها غسل الوجه ومنه فم وانف وحد الوجه طولا من منابت شعر الراس المعتاد ومعنى قولهم المعتاد اي الجاري في عادة الناس غالبا مع من حضر من اللحيين والذقن وما استرسل من اللحية ومن الاذن الى الاذن عرضا. فهذا حد الوجه عند الاصحاب. والحقوا ما استرسل من اللحية بالوجه لحصول المواجهة به. فهو عندهم داخل في الوجه. ومما يدخل في الوجه ايضا فم وانف وقال ويصح ان تسمى المضمضة والاستنشاق فرضين اي باعتبار فصلهما عن الوجه. والمشهور ادراجهما في الوجه في كونهما من جملته ثم ذكر الفرض الثاني وهو غسل اليدين مع المرفقين. والمرفق هو العظم الذي يتفق به الانسان عند وهو موصل الذراع مع او في العضد. والثالث مسح الرأس كله والرأس عند الاصحاب ما بين الوجه والقفا. ما بين الوجه والقفى. فالوجه مبدأه من منابت شعر الى هنا فما بين الوجه والقفى والقفى اعلى العنق. كله يسمى رأسا. وفرضه المسح كله كما قال ومسح الرأس كله. ومن الرأس الاذنان. فيجب مسحهما. ثم ذكر الفرض الرابع وهو غسل الرجلين مع الكعبين وهذا في حق غير لابس الخف اما لابسه فغسله فغسلهما في حقه غير متعين والكعب هو العظم الناتئ في مؤخر القدم عند العقب ثم ذكر الفظ الخامس وهو الترتيب بين الاعضاء كما ذكر الله تعالى يعني في اية الوضوء. وسبق ان ذكرنا ان الترتيب هو تتابع افعال الوضوء وفق صفته الشرعية هو تتابع افعال الوضوء وفق صفته الشرعية. ثم ذكر الفرظ وهو الموالاة والموالاة هي اتباع المتوضئ اتباع المتوضئ الفعل الفعل الى اخره من غير تراخ بين ابعاضه من غير تراخ بين ابعاضه ولا فصل بما ليس فمنه اتباع المتوضئ الفعل الفعل الى اخره من غير تراخي بين ابعاضه ولا فصل بما ليس منه. وضابطه كما ذكر المصنف ان لا يؤخر غسل عضو حتى يجف اي حتى ينشف ما قبله. فاذا مسح الرأس ينبغي الا يؤخر غسل قدميه بحيث يجف الرأس. او ان يجف بقية عضو او بقية عضو حتى يجف اوله بزمن المعتدين او قدره من غيره. فاذا اخر استكمال بقية العضو كمن شرع في غسل ذراعيه او يديه الى فغسل اولها ثم تراخى حتى جف اوله فانه قد اخل بالموالاة. وقوله بزمن معتدل يعني بين والبرودة قوله بزمن معتدل اي بين الحرارة والبرودة. فاذا خرج عن الاعتدال بان يكون الزمن حاظا او باردا لم يعتد به وانما يعتد بالزمن المعتدل ويلحق به قدره من غيره. فاذا كان الوقت وقت حرارة كصيف او برد كشتاء فان قدره يعدل فان وقته يعدل بقدره من الزمن المعتدل. متى يكون الزمن المعتدل ها الربيع والخالي متى الوقت اللي ما فيه برودة ولا فيه حرارة قال مرعي الكرمي في غاية المنتهى ويتجه ان الزمن المعتدل هو زمن اعتدال الليل والنهار. فاذا استوى الليل والنهار وقتا كان ذلك زمن الاعتدال حرارة وبرودة. فاذا كان النهار اثني عشر ساعة انا الليل اثني عشر ساعة فهذا محل لاعتدال الحرارة والبرودة ذكره مرعي في غاية المنتهى ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بالمسألة السادسة وهي قوله ويسقطان اي الترتيب والموالاة مع غسل عن اكبر فاذا اغتسل الانسان عن حدث اكبر سقط عنه الترتيب والموالاة في وضوئه لاندراج الوضوء فيه. كاندراج العمرة في الحج اي في حق القارن القارن هو الذي تندرج عمرته في حجته. وكذلك اذا اغتسل الانسان سقط عنه الترتيب والموالاة في وضوءه لاندراج الوضوء في الغسل وهذه القاعدة عند الفقهاء يذكرونها باندراج الاصغر من دراج للاصغر في الاكبر فالوظوء عبادة صغرى من الطهارة والغسل عبادة كبرى فيندرج الاصغر في الاكبر وكذلك العمرة هي صغرى بالنسبة الى الحج كما قال جماعة من السلف العمرة الحج الاصغر وهذا الى اخر التقرير على هذا الكتاب الحمد لله رب العالمين