والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد فقال المؤلف رحمه الله تعالى فصل المسكر المائع خمرا كان او نبيلا نجس وما لا يؤكل من الطير والبهائم مما فوق الهرة النجس كالعقاب والصقر والفيل والبغل ونحوها وكل ميتة نجسة غير ميتة الادمي والسمك والجراد فانها ويعفى عن يسير طين شارع عرفا ان علمت نجاسته لمشقة التحرز منه والا تعلم نجاسته بل ضنت فهو طاهر وكذا ترابه عملا بالاصل. ولا يكره استعمال سؤر حيوان طاهر وهو فضلة طعامه وشرابه غير غير المخلة غير مضبوطة. فيكره سؤرها احتياطا. وقيل وسؤر فأر لانه ينسى. ولو اكل يمسي يوصي بانه ينسي وقيل وسؤر فأل لأنه ينسي ولو اكل هروا ونحوه كنمس وفأر وقنفذ ونحوها او اكل طفل نجاسة ثم بل هر ونحوه او الطفل ولو قبل ان يغيب بعد اكل النجاسة من ماء يسير او ماء فطهور لمشقة التحرز منه وان وقع هر ونحوه مما ينضح دبره في مانع وخرج حيا يملا مما ينضم دبره. ينضم ما معنى ينضح دبره ما له مانع لذلك دائم يا اخوان لابد ان يراعي الانسان الفاظ وقوانين اهل الصنعة. نحن نقرأ في كتاب فقهي. وهذا الذي نشر الكتاب لو انه رجع كتب الفقهاء ما وجدهم يذكرون ينضحوا دبره وجدهم يذكرون ينضم دبره واذا ترك الانسان هذه القاعدة ولم يراعي في كلامه او تعليمه او تحقيقه او تأليفه قوانين والفاظ الصناعة التي يعتني بها وقع في الغلا وقد اشار الى هذه القاعدة ابن السيد البطلوسي احد علماء الاندلس في كتاب المسائل المنثورة في كتاب النحو فذكر كلاما محصله انه ينبغي من اشتغل في صناعة ان يراعي قوانين اهلها فمن اشتغل في صناعة النحو فانه يلاحظ قوانين والفاظ اهل ذلك الفن وكذلك من اشتغل في في صناعة الفقه فانه يلاحظ ما جرى به لسان الفقهاء وانعقدت عليه قوانين صنعتهم فانه اذا سلك ذلك نجح وافلح واذا عدل عن ذلك وقع في الغلط القبيح كهذا الموضع في الكتاب. نعم. احسن الله اليكم وان وقع هر ونحوه مما ينضم دبره في ماء وخرج حيا لم يؤثر. وكذا ان وقع في يمنع انتقال النجاسة فيه لكثافته. وان ما تأوق ميتا في دقيق ونحو سمن جامد القي وما حوله. وان ولم ينضبط حرم الكل تغليبا للحظ. ذكر المصنف رحمه الله تعالى فصلا اخر من فصول كتاب الطهارة يتعلق بذكر النجاسات واحكامها. وهو ملحق من فصل المتقدم لان الفصل المتقدم فيه بيان كيفية ازالة النجاسة. ثم اتبعه بهذا الفصل المبين للنجاسات واحكامها. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى فيه تسع مسائل. فالمسائل الاولى هي المذكورة في قوله المسكر المائع خمرا كان او نبيذا نجس. فالمسكر عند الحنابلة نجس بشرط ان يكون مائعا. ولا فرق بين خمره او نبيبه. وهذا الفرق بينهما باعتبار الصنعة. فان النبيذ يطرح في اناء ويترك كتمر وغيره. حتى يشتد واما الخمر ففي صنعته مشقة اعظم عند اربابه. وكيفما كان فانه اذا كان مسكرا فانه يكون نجسا. وهذا القيد عند الحنابلة يخرج الجامد. فان الجامد اذا عند الحنابلة من المسكرات لا يكون نجسا على المختار في المذهب. وان كانت هذه المسألة مما وقع فيه الخلاف بين المنتهى والاقناع. والتحقيق ان ما كان مسكرا جامدا فانه على ليس بنجس. ومن ذكر الحشيشة من فقهاء المذهب فانما شرطها عندهم اذا ماعت كما صرح به الحجاوي في كتاب الاقناع فاذا ماعت يعني تعرظت للصنعة كي تكون مسكرة فانها عند ذلك تكون نجسة والا قبل ذلك فانها نبات والنباتات طاهرة. ومن نجسي كذلك في المذهب ما ذكره المصنف في هذه المسألة بقوله وما لا يؤكل من الطي والبهائم مما فوق مما فوق الهر خلقة نجس. فكل ما لا يؤكل اي محرم الاكل من طير وبهيمة مما خلقته اعظم من خلق الهرة فانه نجس والهر هو وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى امثلة له كالعقاب والصقر والفيل والبغل. والمقصود البغل ما كان متولدا من الحمار الاهلي بخلاف المتولد من الحمار الوحشي. فان المتولد من الحمار الوحشي على المذهب لا يكون نجسا وانما النجس عندهم هو المتولد من الحمار الاهلي تبعا لاصله. فان الحمار الاهلي على هذه القاعدة على هذا الضابط في المذهب يكون نجسا. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الثانية فقال وكل ميتة نجسة فكل الميتات نجسة على مذهب الحنابلة. واستثني من ذلك عندهم اربعة ميتات اربع ميتات الاولى ميتة الادمي ولو كافرا فانها طاهرة غير نجسة. والثانية ميتة السمك وسائر ما لا يعيش الا في الماء. فكل ما يعيش الا في الماء فميتته طاهرة عند الحنابلة الحاقا له بالسمك. والميتة الثالثة الجراد والميتة الرابعة ما لا نفس له سائلة. اي ما لا دم له. فان النفس يراد بها الدم وهذه الكلمة مأثورة عن إبراهيم النخعي. رحمه الله تعالى ثم شاع ذكرها عند الفقهاء فهم يشيرون الى الدم بقولهم النفس السائلة ويندرج في ذلك النمل الدود واشبه هذا مما ليس له دم اذا قتل هذه الميتات الاربع عند الحنابلة طاهرة. وما سوى ذلك من الميتات فهو نجس. وتحصل من هذا ان النجاسات عند الحنابلة على ما ذكره المصنف ثلاثة انواع النوع الاول كل مسكر مائع والنوع الثاني كل ما لا يؤكل من الطير والبهائم مما خلقته فوق الهر والنوع الثالث كل ميتة سوى الاربع المذكورات انفا. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الثالثة في قوله ويعفى عن يسير طين شارع عرفا ان علمت نجاسته اي اذا فطين الشارع لوجود ماء فيه لامس ترابه وكان ذلك المرطب له الموجب لطينيته نجس وعلمت نجاسته وكان يسيرا فانه يعفى عنه لمشقة التحرز منه. وعلم بهذا انه ما لم يكن يسيرا فانه لا يعفى عنه. فطينوا النجس لا يعفى عنه الا بشرط ان يكون يسيرا فان لم يكن يسيرا فلا لان اليسير يشق التحرز عنه وبخلاف غيره فان الكثير بين مستبين يمكن للانسان ان يتجافاه. واما اليسير فلا يمكن للانسان ان يحققه حتى يتجنبه فيعفى عن يسيره. ثم قال والا تعلم نجاسته بل ظنت فهو طاهر. اي اذا كانت النجاسة مظلولة غير محققة متيقنة فانه طاهر وكذا ترابه اي تراب الشارع عملا بالاصل لان الاصل ان الارض طاهرة كما قال ابن سعدي والارض في الثياب والحجارة ايش وناصوا في الثياب والحجارة. فالاصل في مياهنا الطهارة والارض والثياب والحجارة. فالاصل في وجه الارض انه طاهر. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الرابعة في قوله ولا يكره استعمال سؤل حيوان طاهر. ثم ترى السورة بقوله وهو فضلة طعامه وشرابه. فالسور اسم لما فضل من الطعام والشراب. وذكر والمصنف من مسائله انه لا يكره استعمال حيوان طاهر. واستثني في المذهب من ذلك شيئان اثنان اولهما الدجاجة المخلاة واشار اليها بقوله غير دجاجة مخلاة وفسر ذلك بقوله غير مضبوطة غير محفوظة فيما يحفظها بل هي مرسلة مطلقة فعند ذلك يكره ثؤرها والثانية سؤر الفأر فإنه يكره ايضا والموجب للكراهة في الصورة الاولى وهي سور الدجاجة المخلاة انه يكره صغرها احتياطا لانها لا تنفك عن التقاط النجاسات واكلها. فيكره صغرها لاجل هذا. واما موجب كراهة سوء الفأر فلانه ينسي. وهذا شيء يذكره المصنفون في العلم والحفظ. عند ذكر ما يؤثر على الحفظ ويضعفه وهو سؤر الفأرة. وكأنه شيء عرف بطريق القدر فهو من الاسباب القدرية التي تتابع اهل العلم رحمهم الله تعالى على ذكرها. فما يوجد في مقيدات العصريين من ان هذا شيء لا دليل عليه ان قصدوا من طريق الشرع فنعم. وان قصدوا النفي بالكلية فممتنع. لان اهل العلم لا يذكرون شيئا الا وهو مؤسس على اصل عندهم. فان عرفت فنعم وان جهلت فلا تتعدى عليهم المفتي كهذا الموضع فان هذا عندهم مأخوذ بطريق التجربة القدرية فان التجربة القدرية وما ينعته اهل صنعة الطب من قدماء الحكماء نصوا على ان سؤر الفأر له تأثير في النسيان ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الخامسة فقال ولو اكل هر ونحوه يعني ما كان من جنسه كلمس وفأر وقنفذ ونحوها او اكل مثل نجاسة ثم شرب بعد اكله النجاسة من ماء يسير او ماء يسير فانه طهور لمشقة التحرز منه. فلا يضر اكل الصغير او الهر ونحوه للنجاة ثم شربها من ماء يسير فلا يؤثر فيه بالنجاسة بل يكون طهورا لمشقة التحرز منه. ولا يشترط ان يغيب ولذلك قال المصنف ولو قبل ان يغيب. فان بعض الفقهاء قالوا ان اكل من النجاسة ثم غاب ثم رجع فشرب من ماء يسير فطهور فان لم يغب فان لم يغب فانه ليس بطهور. قالوا لانه اذا غاب غلب على الظن اما استحالة النجاسة او انه شرب قبل ان يشرب من هذا واما حيث قطع بانه لم يغب فان انه حينئذ يكون مؤثرا والصحيح انه لا يشترط في المذهب. ولذلك قال ولو قبل ان يغيب بعد اكل النجاسة من ماء يسير او مايع فطهور بمشقة التحرز منه اي التحرز من هذا فان كف الصبيان الصغار عن مثل هذا او البهائم الصغيرة التي تكون في البيت كالهر فيهما مشقة ثم ذكر المصنف المسألة السادسة فقال وان وقع هر ونحوه اي كضفدع وضب ووزغ مما ينضم دبره في ماء اي اذا سقط في مائع كماء انضم دبره اي ان جمع ولم ينفتح وهذا معنى انضم دبره لانه اذا انفتح دبره لم يؤمن ان تخرج منه نجاة فاذا كان الذي وقع حيوان ينضم دبره وخرج حيا فانه لا يؤثر فيما وقع في ثم ذكر بعد ذلك المسألة السابعة في قوله وكذا ان وقع في جامد وهو ما يمنع انتقال النجاسة فيه كثافته اي اذا وقع الحيوان في جامد فانه لا يؤثر كالمسألة السابقة فلا يكون مؤثرا فيه وبين رحمه الله تعالى حد الجامد فقال وهو ما يمنع انتقال النجاسة فيه فهذا ضابط جامد عند قنابل انه الذي يمنع انتقال النجاسة فيه. وسبب المنع الكثافة. فما كان كثيفا شديدا مستمسكا قويا هذا يسمى بالجامد فاذا وقع فيه حيوان كهر وفأر فانه لا تنتقل فيه لجموده فلا يؤثر فيه سقوطه. ثم ذكر المسألة الثامنة بقوله وان مات او وقع ميتا اي اذا مات الحيوان او وقع ميتا اي اذا مات في نفس ما سقط فيه او وقع ميتا ومات سقوطه في دقيق ونحو سمن جامد القي وما حوله. وهذا من الجامدات المستمسكة فاذا سقط فيها شيء فمات او مات وسقط فيها فانه يلقى وما حوله فيؤخذ هذا الساقط من حيوان ميت ويطرح خارج الوعاء الذي سقط فيه ثم يؤخذ ما حوله والمراد بما حوله ما احاط به. فهذا حد قولهم ما حوله اي المحيط به ولو قل. فلا يشترط ان يأخذ الانسان ما بعد. بل شرطه ان يأخذ ما احاط ولو كان بمقدار شعرة فانه اذا اخذ اخذ ما احاط يكون قد ازال المحل فيلقيه والباقي طاهر. فما بقي بعد هذا فانه يكون طاهرا. وانما المتنجس هو نفس ديوان الميت وما كان محيطا به قريبا منه مصادفا لجسده الميت. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة التاسعة فقال وان اختلط اي النجس بالطاهر ولم ينضبط اي لم يتميز احدهما عن الاخر حرم الكل تغليبا للحظر. اي المنع فاذا لم يتميز النجس من الطاهر واختلط ببعضهما ولم يمكن ضبط حد هذا من حد هذا فان لا يكون نجسا. فاذا كان نجسا فانه حرام. ولهذا قال المصنف حرم الكل للحظر فنجاسته حكمية لا حقيقية فانه لا يقطع بانه صار نجسا كله وانما لاجل ما وقع من الاختلاط جعل له حكم النجاسة جميعا فحرم بعد تناوله تغليبا للمنع وهذه من قواعد الفقهاء فانهم يقولون اذا اختلط مبيح وحاضر غلب الحاضر طلبا للبراءة اي لبراءة الذمة فيمنع منه كهذه المسألة المذكورة وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق