بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اما بعد فقال المؤلف رحمه الله تعالى كتاب الصلاة وهي لغة الدعاء وشرعا اقوال وافعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم تدب الصلوات الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم مكلف اي بالغ عاقل الا حائضا ونفساء فلا تجب عليهما ومن تركها اي الصلاة جحودا يعني من جحد وجوب الصلاة تركها او فعلها ولو جهلا وعرف واصر على جحوره فقد ارتد عن الاسلام اي صار مرتدا لانه مكذب لله ورسوله واجماع الامة. وجرت عليه احكام المرتدين. وكذا لو ترك تهاونا او كسلا اذا دعاه امام او نائبه لفعلها. وابى حتى تضايقت تضايق وقت التي بعدها بان يدعى للظهر مثلا فيابى حتى يتضايق وقت العصر عنها فابى حتى يتضايق وقت العصر عنها فيقتل كفرا. ويستتابه وهو جاحد وجوبها بعد الدعاية والارجاء ثلاثة ايام. فان تاب بفعلها مع مع اقرار الجاحد لوجوبها والا ضربت عنقهما السيف ولا قتل ولا تكفي قبل الدعاية بحال لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من كتاب الطهارة اتبعه ببيان كتاب الصلاة. لان هذا الكتاب موضوع لربع العبادات. واول العبادات عند فقهاء هي الصلاة لكن لما كانت الطهارة شرطا من شروطها جرى جمهور الفقهاء اهل العلم من الحنابلة وغيرهم على تقديم الطهارة خلافا للمالكية الذين يقدمون كتاب وقوت الصلاة اي وقت الصلاة وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ابتداء هذا الكتاب جملة من المسائل جعلها كالديباجة المقدمة بين يدي مسائل كتاب الصلاة. وقد ذكر رحمه الله تعالى في هذه المقدمة ست مسائل فالمسألة الاولى في تعريف الصلاة لغة وشرعا. وقد ذكرها به وهي لغة الدعاء. وهذا التعريف المشهور معدول عنه. على التحقيق. فان الدعاء فرض من لافراد معنى الصلاة عند العرب. والصحيح ان الصلاة عند العرب هي الحنو والعطف. وافراد الحنو والعطف كثيرة متنوعة من جملتها الدعاء. وقد ذكرنا فيما سبق ان هذا قول جماعة من المحققين وضبطنا ذلك بقولنا وفسر الصلاة في اللسان ايش؟ بالعطف والحنو في ايقان عن عن السهيلي وولد القيم وابن هشام في كلام قيمي يعني كلام قيم ايش احسنت كلام مستقيم وليس ذا قيمة اي كلام مستقيم. والملوي في شرحه للسلم وما عداه فاليه ينتمي واما تعريفها شرعا فقد ذكره المصنف بقوله اقوال وافعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. والعلم المذكور في قوله معلومة يشير اليه غيره من الحنابلة ايضا بقولهم مخصوصة ولابد من زيادة قيد في هذا الحد تكمن به الحقيقة الشرعية للصلاة وهي قول على صفة مخصوصة. كما تقدم نظيره في الوضوء. فان الوضوء كما عند الحنابلة هو استعمال الماء في الاعضاء الاربعة على صفة مخصوصة. فلابد من زيادة قيد الصفة المخصوصة لتتحقق الحقيقة المرادة شرعا بالصلاة. وها هنا ايراد اورده بعض متأخرين وهو اهمال ذكر النية فيه. فزادوا في كل عبادة من العبادات ومنها الصلاة قولهم اقوال وافعال بنية معلومة او مخصوصة مفتتحة الى اخره فما الجواب؟ وما الصواب؟ واضح الايراد؟ هذا الحد المشهور عند الحنابلة اورد عليه بعض المتأخرين قالوا لابد من زيادة بنية. اي نعم من اشار الى هذا احسنت هذي مسألة مهمة قلنا ان قيد النية التي زادوه الذي زاده بعض المتأخرين هو عند الحنابلة في قولهم بصفة مخصوصة فان هذا داخل في جملة النية كما اشار اليه مرعي الكرمي في موضع كتاب الغاية فلا حاجة الى هذا القيد. واما المسألة الثانية فذكرها بقوله تجب الصلوات الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم مكلف وفسر كونه مكلفا بقوله اي بالغ عاقل فالتكليف يجمع امرين اثنين احدهما البلوغ والاخر العقل. فاذا صار العبد مكلفا اي بالغا عاقلا فقد وجبت عليه الصلاة واستثنى المصنف من ذلك نوعين مخصوصين فقال الا حائضا ونفساء. وتقدم آآ نعت الحيض والنفاس في كتاب الطهارة. فاذا كانت المرأة حائضا او نفساء فلا تجب عليهما الصلاة ولا يقضيانها. ثم ذكر المسألة الثالثة بقوله ومن تركها اي ترك الصلاة جحودا يعني لمن جحد وجوب الصلاة فقال ان الصلاة غير واجبة. اما على الناس جميعا او عليه هو. فكل ذلك مما يدخل في جحد الوجوب. فاما ان يكون جاحد الوجوب توب قائلا ان الصلاة ليست واجبة. بل هي مستحبة او غير ذلك. واما ان يقول ان الصلاة واجبة لكن ليست واجبة علي. فاما ان يكون خاصا نفسه بعدم الوجوب او نافية الوجوب عن للجميع وكل ذلك جحود. فاذا جحدها سواء تركها او فعلها ولو جهلا وعرف واصر على جحوده فقد ارتد. ومعنى قولهم وعرف اي له ادلة وجوب الصلاة وقوله ولو جهلا اي اذا كان ممن لا يجهل وجوبها بان يكون في بلد معالم الدين فيه ظاهرة. اما اذا كان في بلد بعيد كناشئ ببادية بعيدة او حديث في عهد باسلام وادعى الجهل بها فانه لا يحكم بكفره بل يعرف بوجوبها. فمن جحدها ثم عرف اي بينت له ادلة الوجوب واصر على جحوده فقد ارتد عن الاسلام اي صار مرتدا عنه وعلة ارتجاده هي المذكورة في قول المصنف لانه مكذب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم واجماع الامة ومن كذب بالله ورسوله واجماع الامة فهو مرتد. راجع عن الاسلام وتجري عليه احكام المرتدين. ثم ذكر المسألة الرابعة بقوله وكذا لو تركها تهاونا او كسلا. وهذه حال ثانية من الترك مخالفة للحال الاولى فان الحالة الاولى موجب التكفير فيها هو الجحود. اما الثانية فليس موجب التكفير فيها الجحود. بل هو مقر بوجود بها ولكنه يتركها تهاونا او كسلا. والمقصود بالتهاون الاستخفاف بها. والمراد بالكسل العجز عنها. وبين الكسل والعجز عموم وخصوص ليس هذا محل بيانه ومن تركها تهاونا او كسلا فانه لا يكفر الا بشرط معين عند الحنابلة ذكروه بقولهم اذا دعاه امام او نائبه لفعلها وابى حتى تضايق وقت التي بعدها بان يدعى للظهر مثلا فيابى حتى يتضايق وقت العصر عنها فيقتل كفرا. فالشرط عند الحنابلة مؤلف من شيئين اثنين. احدهما ان يدعوه امام او نائبه في فعلها فاذا دعاه غيرهما فانه لا عبرة بدعوته. لان اقامة احكام وامضاء الحدود مناطة بالامام او من ينيبه الامام. واما من عداه فلا تثبت به احكام وثانيهما انياب ان يأبى بعد تلك الدعوة. حتى يضيق وقت الصلاة التي بعدها. ومثل المصنف لهذا بقوله بان يدعى للظهر. اي يؤمر بصلاته الظهر فيأبى عن ادائها حتى يتضايق وقت العصر. فيكون قد خرج وقت الظهر ثم دخل وقت العصر وتضايق وقت العصر حتى اوشك الا يكفي لاداء صلاة وقته اي العصر فيقتل حينئذ كفرا. فعلم انه اذا ابى وخرج وقت الصلاة التي امر بها فانه لا يكفر بل لا بد ان يتضايق وقت الصلاة التي بعدها. كما مثل المصنف رحمه الله تعالى حينئذ كفرا. ثم ذكر المسألة الخامسة بقوله ويستتاب هو وجاحد وجوبها. بعد الدعاية لارجاء ثلاثة ايام اي تطلب توبته وهذا معنى الاستتابة. لان الالف والسين والتاء موضوعة في اصل كلام العرب للدلالة على الطلب. فاذا قيل يستتاب فالمعنى تطلب منه التوبة. فيستتاب من تركها تهاونا وكسلا او جحد وجوبها بعد الدعاية. اي بعد الدعوة. وشرط الدعوة ان يدعيان ان يدعي في كل وقت صلاة اليها. ان يدعي في كل صلاة وقت صلاة اليها لا لا مدة الارجاء. والمقصود بالارجاء التأخير. فيؤخران ثلاثة ايام بلياليها فلو مضى يومان فلو مضى مضت ثلاثة ايام وليلتين فلا بل لابد من مضي ثلاثة ايام بلياليها. وفي كل صلاة من الصلوات التي تكون في تلك الايام يدعيان الى اداء الصلاة. فان تاب بفعلها مع اقرار الجاحد لوجوبها والا ضربت عنقهما بالسيف ان يقيما فيهما الحج بكفرهما ردة بضرب عنقهما بالسيف وهو المختار الاقامة القصاص عند الحنابلة. والفرق بين توبة المتهاون او الكسلان وتوبة الجاحد ان من تركها تهونا او كسلا فانه يتوب بفعلها. اما الجاحد فلا بد ان يتوب بفعلها مع الاقرار بوجوبها ولا يكفي مجرد الفعل منه فان الجاحد قد يجحد وهو يفعل. فيقول ان الصلاة ليست واجبة بل المستحبة ويصليها فلا تصح توبته الا بان يفعل مع الاقرار بوجوبها. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى مسائل هذه الديباجة بقوله ولا قتل ولا تكفير قبل الدعاية بحال اي لا يحكم قتل احد من تارك الصلاة ولا يكفر قبل ان يدعى ابدا بل لا بد من دعوته ثلاثة ايام بياليها ويدعى في كل صلاة عند وقتها ويغلظ عليه. فاذا اخذ دعي اذا دخلت صلاة الفجر دعي الى الصلاة وغلظ عليه. ثم ان بقي على اصراره فجاء وقت صلاة ظهر اعيد عليه الدعاية والتغليط. ثم هكذا في الصلاة التي تليها ثم في التي تليها حتى يتم ذلك في الصلوات كلها فلا يكفي ان يغلظ عليه وان يدعى في اول صلاة ثم يترك. بل لا بد من اعادة الدعاية والتغليظ عليه مرة بعد مرة. نعم فصل الاذان لغة الاعلام وشرعا اعلام بدخول وقت الصلاة او قربه لفجر فقط بذكر مخصوص والاقامة والاقامة مصدر اقام وحقيقته اقامة القاعد وشرعا اعلام بالقيام الى الصلاة بذكر مخصوص وهو افضل منها وهي افضل من امامة وهما فرض كفاية للصلوات الخمس المؤداة الى المقضيات. والجمعة ايضا على الرجال اثنين فأكثر لا الواحد ولا النساء والخناثة الاحرار الاحرار لا الارقاء والمبعضين ويسنان اي الاذان والاقامة لمنفرد ويسنان سفرا ايضا ويكرهان لخناثة ونساء ولو بلا رفع صوت. ويقاتل اهل بلد تركوهما. ولا يصحان اي الاذان والاقامة الا ذكر المصنف رحمه الله تعالى فصلا من فصول كتاب الصلاة ابتدأ به بيان احكامها فان كل كتاب من كتب بداية العابد مقسم الى فصول. والعادة الشائعة عند اهل العلم ان الكتب تقسم الى ابواب ان وان الابواب تقسم الى فصول وان الفصول تقسم الى مسائل الا ان المصنف فرحمه الله تعالى عدل عن ذلك مراعاة لوضع الكتاب فانه اراد ان يجعل الكتاب وجيزة في الفقه مختصة بربع العبادات. ومن جملة الاختصار ادماج مسائل الكتاب كلها تحت اسم كتاب وتقسيمها بوضع فصل بين نهى فكأنه ارتضى هذا طلبا للمقصود الذي ذكرناه في كون الكتاب مختصرا. وهذا الفصل الاول من فصول كتاب الصلاة موضوع لبيان احكام الاذان والاقامة. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى الا في هذا الفصل اربعا وعشرين مسألة. نأتي على جملة منها بحسب ما يتهيأ من الوقت قبل الاذان. فالمسألة الاولى في بيان حد الاذان لغة وشرعا وقد فسره بقوله الآذان لغة الإعلام. ثم فسره شرعا بقوله اعلام بدخول وقت الصلاة او قربه لفجر فقط بذكر مخصوص. فالاذان موضوع شرعا للاعلام بدخول وقت الصلاة او قم بدخوله. وذلك خاص بالفجر. لان كل صلاة يؤذن لها في وقتها الا الفجر كما سيأتي فانه يؤذن له قبل وقته للاعلام قربه ثم يؤذن له ثانية في وقته. وهذا الاعلام كائن بذكر مخصوص اي الفاظ معينة ولابد من زيادة قيد على صفة مخصوصة. وهي الصفة المأثورة شرعا. لاداء الاذان وهذا التعريف الشرعي للاذان الذي ذكره الحنابلة رحمهم الله تعالى يخرج عنه مسائل ذكروا هم بعضها ومنهم المصنف رحمه الله تعالى في اخر الفصل انه قال مثلا في الصفحة الثانية والستين في اخره قال وسن اذان في يمنى اذني مولود حين يولد والسنة اقامة في اذنه اليسرى. فان هذا الاذان ليس اعلاما بدخول وقت الصلاة فحينئذ يكون هذا التعريف تعريفا للاذان بايش باشهر احكامه تعريفا للاذان باشهر احكامه. لان اشهر احكام الاذان هو الاذان للصلاة وقد يؤذن المولود حين يولد في اذنه اليمنى على المذهب. كما انه يؤذن ايضا الشيطان وغيرها من احكام الاذان. فما يذكره اهل العلم رحمهم الله تعالى من حج الاذان شرعا يريدون به الاذان الذي يكون للصلاة فيكون قولهم الاذان شرعا يعني الاذان الاشهر شرعا هو الاعلام بدخول وقت الصلاة او قربه لفجر فقط بذكر مخصوص ثم ذكر تعريف الاقامة بقوله الاقامة مصدر اقامة وحقيقته اقامة القاعد. وهذا تعريف لغوي ثم التعريف الشرعي بقوله اعلام بالقيام الى الصلاة بذكر مخصوص ولابد من زيادة على صفة مخصوصة كما تقدم والاقامة لا تكون الا للصلاة بخلاف الاذان فانه يكون للصلاة وغيرها فاذا قيل الاقامة شرعا اختصت بهذا المعنى الاعلام بالقيام الى الصلاة بذكر مخصوص اما الاذان شرعا فانه لا يختص بالصلاة. ولذلك نقول في حده حدا جامعا لاحكامه نقول الاذان شرعا ذكر مخصوص ذكر مخصوص لاحوال مخصوصة على صفة مخصوصة ذكر مخصوص لاحوال مخصوصة على صفة مخصوصة. فقولنا ذكر مخصوص اي مبينة الفاظه في الشرع لاحوال مخصوصة اي لاحكام معينة. وعلم به انه لا تعبدوا بالاذان بدون تلك الاحوال. فمن اراد مثلا ان يذكر الله فهل له ان يؤذن؟ على ارادة الذكر الجواب لا لان الاذان ذكر معلق باحوال مخصوصة. فقولنا على صفة مخصوصة اي على الصفة الشرعية ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الثالثة بقوله وهو افضل منها وهي افضل من امامة. اي ان الاذان افضل من الاقامة. والاقامة افضل من الامامة. ثم ذكر المسألة الرابعة بقوله وهما فرض كفاية وهما فرض كفاية للصلوات الخمس المؤداة ليست المؤداة صححوا النسخة للصلوات الخمس المؤداة لا المقضيات. اي للصلوات الخمس التي تؤدى في وقتها دون الصلوات المقضية. فحكمهما فرض كفاية. فاذا اذن بعض المسلمين في البلد كفى عن غيرهم وسقط الاثم عن سواهم. ومن جملة الخمس الجمعة في يومها. لانها احدى الصلوات الخمس في يوم في الجمعة وهذا اخر التقرير على هذه المسائل وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين