احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللمؤمنين. قال العلامة ابن السعدي رحمه الله تعالى العزيز الجبار المتكبر القهار القوي المتين فالعزيز الذي له جميع معاني العزة. قال الله تعالى ان العزة لله جميعا. فهو العزيز كمال قوته وهذه عزة القوة. ويرجع الى هذا المعنى القوي المتين. وعزة الامتناع عن مغالبة احد. وعن ان قدر عليه احد او يبلغ العباد ضره فيضره. او نفعه فينفعه وامتناعه وتكبره عن جميع ما لا يليق عظمته وجلاله من العيوب والنطائس. وعن كل ما ينافيك ماله ويرجع اليها معنى المتكبر. مع ان المتكبر رسم دال على كمال العظمة ونهاية الكبرياء. مع دلالته على المعنى المذكور وهو تكبره وتنزهه عما لا يليق وبعظمته ومجده وجلاله. المعنى الثالث عزة القهر. الدال عليه اسم القهار. الذي طهر جميع المخلوقات ودانت له جميع الكائنات. فنواصي العباد كلهم بيده وتصاريف وتدبيراته بيده والملك بيده فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. فالعالم العلوي فالعالم العلوي والعالم السفلي بما فيها من المخلوقات العظيمة. كلها قد خضعت في حركاتها وسكناتها وما تأتي وما تذر لمليكها ومدبرها. فليس لها من الامر شيء ولا من الحكم شيء. بل الامر كله والحكم الشرعي والقدري والجزائي كله لله. لا حاكم الا هو ولا رب غيره. ولا رب غيره ولا اله سواه. والعزة بمعنى القهر هي احد معاني الجبار. ومن معاني الجبار انه العلي الاعلى الذي على العرش استوى وعلى الملك احتوى وعلى السلطان وانواع التصاريف استولى. ومن معاني الجبار معنى يرجع الى لطف الرحمة والرأفة وهو الذي يجبر الكسل وهو الذي يجبر الكسير. ويغني الفقير ويجبر المريض والممكن ويجبر جبرا خاصا قلوب المنكسرين لجلاله الخاضعين لكماله الراجعين لفضله ونوى لما يفيضه على قلوبهم من المحبة وانواع المعارف الربانية. والفتوحات الالهية والهداية والارشاد والتوفيق والسداد. لا يزال المصنف رحمه الله تعالى يبين الاسماء الحسنى التي وردت في القرآن الكريم مما يندرج تحت القسم الثالث الذي اختطه وهو شرح الاسماء الحسنى الواردة في القرآن مما يرجع الى النوع الاول وهو العقائد. وقد ذكر رحمه الله تعالى هنا ستة اسماء من اسماء ربنا سبحانه وتعالى هي العزيز والجبار والمتكبر والقهار والقوي والمتين. وبين رحمه الله تعالى اولها والعزيز الذي جمع معاني العزة كلها فالعزة كلها لله سبحانه وتعالى. وهذه المعاني الى ثلاثة فرقها المصنف رحمه الله تعالى اولها عزة القوة وثانيها عزة الامتناع وثالثها عزة القهر. وقد اشرت الى هذه الاقسام ثلاثة بقول عزة قهر وامتناع القوة عزة قهر وامتناع قوة اقسام ما لربنا من عزة اقسام ما لربنا من عزتي. وقد بين المصنف رحمه الله تعالى ان عزة القوة ترجع الى معنى القوي المتين. فالله سبحانه وتعالى من اسمائه القوي من اسمائه المتين واليهما ترجع عزة القوة التي هي احد معاني العزة. والفرق بين القوي والمتين ان المتين هو واسع القوة. فوصله سبحانه وتعالى بها يشتمل على معنى زائد عن مجرد وصفه بالقوي فان القوي يشتمل على اثبات اتصافه سبحانه وتعالى بالقوة لكن وصفه سبحانه وتعالى باسمه المتين دال على سعة هذه القوة. وبهذا ماذا يحصل الفرق بين اسمه المتين وبين اسمه الاخر الواسع. فكلاهما دال على السعة. لكن المتين يجمع مع الدلالة على السعة الدلالة على قوة الله سبحانه وتعالى. ثم فسر عزة الامتناع بان امتناع الله عز وجل عن مغالبة احد له وعن ان يقدر عليه احد من عباده في ضرر او نفع ثم ذكر ان عزة الامتناع يرجع اليها معنى المتكبر فان المتكبر اسم دال على كمال العظمة ونهاية الكبرياء. وهذا مما يتعلق بمعنى الامتناع. فان الله سبحانه وتعالى لما بلغ غاية في الكبرياء وصار من اسمائه المتكبر علم انه سبحانه وتعالى قد امتنع على خلقه فلا حول لهم ولا قوة عليه. ثم ذكر المعنى الثالث من معاني العزة وهو عزة القهر. ويدل عليها القهار فان القهار دال على هذا المعنى من معاني العزة فالله سبحانه وتعالى هو الذي قهر بقدرته الخلق ودانت له جميع المخلوقات فبيده سبحانه وتعالى ملكهم وتدبيرهم وتصفيفهم ورزقهم فلا خروج لهم عن امره سبحانه وتعالى ثم ذكر بعد ذلك ان العزة بمعنى القهر هي احد معاني الجبار وما تضمنه كلامه رحمه الله تعالى فيما يتعلق بالجبر دال على ان جبر الله سبحانه وتعالى ثلاثة اقسام اولها جبر قهر وثانيها جبر علو وثالثها جبر لطف. جبر لطف والى هذه الاقسام اشرت بقول انواع لربنا فلتدروا انواع جبر ربنا فلتدروا هي العلو بسكوت الواو هي العلو ولطفه والقهر. هي العلو ولطفه والقهر. فجبره سبحانه وتعالى راجع الى هذه الاقسام الثلاثة فجبر القهر قهره وقدرته على الخلق جميعا وجبر العلو بكونه سبحانه وتعالى على العرش استوى وعلى الملك استوى. وجبر اللطف اي ما يصدر عنه سبحانه الا من افعال اللطف والرحمة والرأفة بخلقه بجبر الكسير واغناء الفقير ورد الضائع واشباه هذه الافراد نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الملك المالك للملك اي الذي له جميع النعوت العظيمة الشأن التي تفرد وبها ملك الملوك من كمال القوة والعزة والقدرة والعلم والعلم المحيط والحكمة الواسعة ونفوذ وكمال التصرف وكمال الرأفة والرحمة والحكم العام للعالم العلوي والعالم السفلي. والحكم والحكم في الدنيا والاخرة والحكم العام للاحكام الثلاثة التي لا تخرج عنها جميع الموجودات. الاول الاحكام القدرية حيث جرت الاقدار كلها والايجاد والاعدام والاحياء والاماتة والايجاد والاعداد والامداد كلها على مقتضى قضائه وقدره. الثاني والاحكام الشرعية حيث ارسل رسله وانزل كتبه شرائعه وخلق الخلق لهذا الحكم وامرهم ان يمشوا على حكمه في عقائدهم واخلاقهم. واقوالهم وافعالهم مظاهرهم وباطنهم ونهاهم عن مجاوزة هذا الحكم الشرعي. كما اخبرهم ان كل حكم يناقض حكمه فهو جاهلي من احكام الطاغوت. الثالث والاحكام الجزائية. وهو الجزاء على الاعمال خيرها وشرها في الدنيا والاخرة واثابة الضائعين وعقوبة العاصين وتلك الاحكام كلها تابعة لعدله وحكمته وحمده العام فهذه البيوت كلها من معاني ملكه. ومن معاني ملكه ان جميع الموجودات كلها ملك وعبيد اليه المضطرون اليه في جميع شؤونهم. ليس لاحد خروج عن ملكه ولا لمخلوق ان يوجدني وامداده ونفعه ودفعه. ومن معاني ملكه انزال كتبه وارسال رسله. وهداية وارشاد الضالين واقامة الحجة والمعذرة على المعاند من المكابرين ووضع الثواب والعقاب مواضع ايهاب وتنزيل الامور منازلا. كما ان من معاني ملكي انه كل يوم يبكي شأن يغفر ذنبا ويفرج كرب ويكشف غما ويزيل المشقات ويغيب. ويغيث اللهفات ويجبر ويغني فقير ويهدي ضالا ويخذل معرضا موليا. ويعز قوما ويؤذ يؤخرين يرفع قوما ويضع اخرين ويغير ما شاء من الامور الجارية على نظام واحد ليعرف العباد ليعرف العباد جمال ملكه ونفوذ مشيئته وعظمة سلطانه. فالملك فالملك يرجع الى ثلاثة امور. صفات صفات الملك التي هي صفاته العظيمة. وملكه للتصاريف والشؤون في جميع العوالم. وفي جميع العوالم جميع العوالم وان جميع الخلق مماليكه وعبيده. فهو الملك الذي له ملك العالم الشفق العلوي والسفلي فله التدبيرات النافذة فيها ليس لله في شيء من ذلك مشارك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يرجع الى الاسماء الحسنى الواردة في القرآن. اسمين اثنين احدهما الملك والثاني المالك للملك وهذا من محاسن تصرفه رحمه الله تعالى اذ لم يطلق اسم المالك. لان اسم المالك لم يأتي مطلقا في القرآن كريم وانما جاء مضافا كما في قوله تعالى قل اللهم ما لك الملك. وفي قوله تعالى ما لك يوم الدين قدم ان الاسماء الحسنى تنقسم الى قسمين اثنين باعتبار الافراد والاضافة. احدهما الاسماء المفردة مثل الله الرحمن والرحيم. والثاني الاسماء المضافة مثل رب العالمين ومالك الملك. ذكر هذا ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى في الفتاوى المصرية. ويعلم به ان ما كان من الاسماء مضافا لا يكون اسما الا على وجه الاضافة ما لم يأتي مفردا في محل اخر فمثلا رب العالمين جاء مضافا وجاء ايضا مفردا باسم الرب. ومن الاسماء المضافة ما لم يأتي الا على وجه الاضافة ولم يجيء على وجه الافراد فيلتزم بهذا مثل تسميته سبحانه وتعالى بمجري السحاب كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمى الله بالمجري وانما يسمى بمجري السحاب كما جاء في النص وهذا اسم وليس خبرا. لان الاسماء تقصد بالدعاء والنبي صلى الله عليه وسلم انما دعا بهذا. فلا يقال انه خبر بل هو اسم مضاف. ثم فسر رحمه الله تعالى هذين الاسمين العظيمين من اسماء الله سبحانه وتعالى بان معناهما اي الذي له جميع النعوت العظيمة التي تفرد بها ملك الملوك. الى اخر ما ذكر. وقد لخص رحمه الله تعالى تفسيره هذين الاسمين بقوله فالملك الى ثلاثة امور صفات الملك التي هي صفاته العظيمة الى اخره. وحاصل ما ذكر رحمه الله تعالى ان ملك الله سبحانه تعالى يرجع الى ثلاثة اشياء احدها عظمة صفاته والثاني تدبير مخلوقاته والثالث دخول جميع الخلق في ملكه دخول جميع الخلق في ملكه فملك الله عز وجل يرجع الى هذه الاقسام الثلاثة. وقد بين المصنف رحمه الله تعالى في صدر كلامه مما يتعلق بصفة الملك ان الخلق لا يخرجون عن حكم الله سبحانه وتعالى قسم رحمه الله تعالى ملك حكم الله عز وجل الى ثلاثة اقسام. احدها الحكم القدري وثانيها الحكم الشرعي وثالثها الحكم الجزائي. والمراد بالحكم القدري ما جرى قدرا. والمراد بالحكم الشرعي ما امر به شرعا. والمراد حكم الجزاء ما وقع به الثواب والعقاب في الاخرة. ومن قواعد العلم كما سبق ان الرد اولى من المد اي رد الاشياء بعضها الى بعض عند الامكان اولى من مد العبارة فيها. وهذا الذي نحاه المصنف في هذا وفي غيره من كتبه من هذا الجنس فانه مد فيما ينبغي فيه الرد. فان حكم الله سبحانه وتعالى ينقسم الى قسمين اثنين لا لهما احدهما الحكم الشرعي وهو ما امر به شرعا اي ما جاءت به الشرائع. والثاني حكم القدر وهو ما جرت به المقادير. وهذا الحكم القدري نوعان اثنان احدهما حكم قدري في الدنيا حكم قدري في الاخرة. وهو الجزاء المرتب. فان الجزاء المرتب كما ثبت في احاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هو من جملة المقدر على العبد فينبغي رد الحكم الى هذين القسمين وطوي وطي الحكم الجزاء في جملة الحكم القدري. والى هذا اشرت بقولي حكم الاله تقسم الاثنين شرعيا وقدر الدارين حكم الاله فاقسم الاثنين شرعيه وقدر الدارين قسمان الى ثلاثة تعد وما يرى سواهما يرد قسمان الى ثلاثة تعد وما يرى سواهما يرد. وهذا اخر تقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبد الرسول محمد واله وصحبه اجمعين