بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اما بعد. فقال المؤلف رحمه الله تعالى القدوس السلام. اي الذي له كل قدس وطهارة وتعظيم. وتقدس عن صفات النقص. فالقدوس يرجع الى صفات عظمتي والى السلامة من العيوب والنقائص. كما ان السلام يدل على كما ان السلام يدل على المعنى الثاني فهو السالم من كل بعيب وافة ونقص ومجموع ما ينزه عنه شيئان احدهما. نعم ومجموع ما ينزه عنه شيئان احدهما انه منزه عن كل ما ينافي صفات كماله فان له المنتهى في كل صفة كمال وموصوف بكمال العلم وكمال القدرة. منزه عما ينافي ذلك من النسيان والغفلة. وان يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر. ومنزه عن العجز والتعب والاعياء واللغوب. وموصوف بكمال الحياة والقيومية. منزه عن من الموت والسنة والنوم وموصوف بالعدل والغنى التام منزه عن الظلم والحاجة الى احد بوجه من الوجوه. وموصوف بكمال الحكمة والرحمة منزه عما يضاد ذلك من العبث والسفه. وان يفعل او يشرع ما ينافي الحكمة والرحمة. وهكذا جميع صفاتهم منزه عن كل ما ينافيه ما ينافيها ويضادها الثاني انه منزه عن مماثلة احد من خلقه او ان يكون له ند بوجه من الوجوه فالمخلوقات كلها وان عظمت وشرفت وبلغت المنتهى الذي يليق بها من العظمة والكمال اللائق بها. فليس شيء منها يقارب او يشابه الباري بل جميع اوصافها تضمحل اذا نسبت الى صفات باريها وخالقها. بل جميع ما فيها من من المعاني والنعوت والكمال هو الذي اعطاها اياه. فهو الذي خلق فيها العقول والسمع والابصار والقوى الظاهرة والباطنة. وهو الذي الهمها والهمها وهو الذي نماها ظاهرا وباطنا وكملها. قالت الرسل والملائكة لا علم لنا الا ما علمتنا. وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى يا عبادي كلكم ضال الا من هديته فاستهدوني اهدكم. يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته الى اخر الحديث فهو المنزه عن كل ما ينافي صفات المجد والعظمة والكمال وهو المنزه عن الضد والند والكفء امثال وذلك داخل في اسمه القدوس السلام. لا يزال المصنف رحمه الله تعالى يبين ما يتعلق بالقسم الثالث من النوع الاول نوع العقائد وهو شرح الاسماء الحسنى لربنا عز وجل المذكورة في القرآن. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى من اسمائه عز وجل القدوس والسلام. فان الله عز وجل يسمى بالقدوس والسلام. والفرق بينهما ان القدوس دال على التعظيم. وان السلام دال على التنزيه فيعظم الله سبحانه وتعالى بان يوصف بكل كمال. وذلك اسم القدوس. وينزه الله سبحانه وتعالى عن كل نقص وذلك باسم السلام. والنقص الذي ينزه الله سبحانه وتعالى عنه نوعان احدهما ما هو نقص في نفسه كالبخل والظلم والطيش والسفه فان الله عز وجل منزه عنه. والثاني ما ليس نقصا في نفسه لكن ينزه الله عز وجل عن عدم بلوغ الكمال منه كالعلم والكرم والحلم. فان هذه الاشياء ونظائرها ليست نقصا بل هي كمال لكن ينزه الله عز وجل عن عدم بلوغ الغاية منها. فالمقطوع به ان الله عز وجل له الغاية الكاملة العالية من كل كمال. كما قال الله عز وجل ولله المثل الاعلى قال ابن عباس ولله الوصف الاعلى. فكل كمال فلله عز وجل منه الكمال والغاية. وينزه الله عز وجل عن النقص فيه. فلا يلحق الله عز وجل نقص في علمه ولا نقص في حلمه ولا نقص في كرمه ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان مجموع ما ينزه عنه الله سبحانه وتعالى يرجع الى شيئين اذان الشيئان مذكوران في كلام ابن عباس ابن تيمية الحفيد. احدهما انه منزه عن كل ما ينافي صفات كماله فكل شيء ينافي صفة كمال لله عز وجل فان الله عز وجل ينزه عنه فان العجز ينافي قيومية الله عز وجل فينزه الله سبحانه وتعالى عن والموت ينافي حياة الله سبحانه وتعالى فينزه الله عز وجل عنه. وهكذا جميع صفاته منزه عن كل لما ينافيها ويضادها. والتاني انه منزه عن مماثلة خلقه. فليس فيهم من هو ند ولا كفؤ ولا مثل ولا سمي لربنا سبحانه وتعالى فمهما بلغ شيء من المخلوقات الكمال فانه لا يقارب الله سبحانه وتعالى لانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فكلما بالخلق من كمال فانه من كمال الله عز وجل الذي تفضل به عليها. فالعالم مثلا من كماله العلم والحاكم مثلا من كماله الحكم والعدل وهذه الكمالات مهما بلغت في حق مخلوق فان الله عز وجل له كمالها البالغ مما لا يشابهه ولا يقاربه احد من المخلوقات فعلم الخلق يقصر عن علم الله كما قالت الرسل لا علم لنا وقالت الملائكة لا علم لنا الا ما علمتنا. فقول المصنف رحمه الله تعالى قالت الرسل والملائكة لا علم لنا الا ما علمتنا باعتبار المعنى العام والا الذي في الاية في المنسوب للملائكة هو لا علم لنا الا ما علمتنا كما في السورة البقرة واما الرسل فانما قالت لا علم لنا انك انت علام الغيوب. وكذلك كل كمال من كمالات الصفات كالحلم والكرم والحياة والقوة والقدرة فلله سبحانه وتعالى كما ولا يبلغ الخلق شيئا يقاربه منها. فالله سبحانه وتعالى منزه عن كل ما ينافي صفات مجده وكماله. هم عن الضد والند والكفء والامثال. نعم. المؤمن الايمان يرجع معناه الى التصديق والاعتراف وما يقتضيه ذلك من الارشاد وتصديق الصادقين واقامة البراهين على صدقهم. فهو تعالى المؤمن الذي هو كما اثنى على نفسه وما عرفه رسله وعباده من اسمائه وصفاته واثار ذلك مما هو اعظم مما هو اعظم اوصاف خيار الخلق من والايمان به هو شيء يسير بالنسبة الى ما له من الكمال المطلق من كل وجه. فهو كما اثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه وهو تعالى الذي صدق رسله وشهد بصدقهم بقوله وفعله واقراره حيث اخبر عن صدقهم. وفعل تعالى اعالا كثيرة من معجزات وايات وخوارق كثيرة وبراهين متنوعة تعرف العباد تعرف العباد بصدقهم وتشهد بالحق الذي جاؤوا به وتشهد بالحق الذين جاءوا به فكل المطالب والمسائل العظيمة لم يبقى منها شيء الا اقام عليه من البراهين شيئا كثيرا بالحق الذي جاءوا بهذه غلط اشهدوا بالحق الذي جاءوا به وتشهد بالحق الذي جاءوا به فكل المطالب والمسائل العظيمة لم يبق منها شيء الا اقام عليه من البراهين شيئا كثيرا. وقال تعالى سنريهم اياتنا في في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق. فالايمان الراجع الى المعرفة والمحبة الله احق به واولى به ولنقتصر على هذه الاشارة في هذا المحل في هذا المحل العظيم في تفسير المؤمن. ذكر رحمه الله تعالى شرح اسم اخر من اسماء الله سبحانه وتعالى وهو المؤمن اسم المؤمن في حق ربنا سبحانه وتعالى يرجع الى اصلين اثنين. احدهما مؤمن من الايمان مؤمن من الامان. فاما الامر الاول وهو مؤمن من الايمان. قد بين المصنف رحمه الله تعالى ان الايمان يرجع معناه الى التصديق والاعتراف. وينبغي زيادة الجازم كما بينه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضع منها الايمان الكبير. فليس الايمان هو مجرد التصديق والاعتراف. بل لابد ان يكون مقترنا الجزم. واسمه سبحانه وتعالى المؤمن. الراجع الى الايمان يجمع معنيين اثنين احدهما مؤمن لنفسه والاخر مؤمن لغيره. فاما ايمانه لنفسه فبما يظهره الله سبحانه وتعالى من دلائل كماله وصفات جلاله وشواهد وحجج الوهيته وبراهين اسمائه وصفاته. مما يحمل النفوس على الايمان به. واما ايمانه لغيره فبما يجريه سبحانه وتعالى لانبيائه من دلائل وبينات وحجج وخوارق تعرف الناس بصدقهم اشهد بالحق الذي جاءوا به. فالمؤمن الذي هو من اسماء الله عز وجل مما يتعلق بالايمان يرجع الى هذين الاصلين واحدهما انه مؤمن لنفسه بما يبديه من كمالاته والثاني انه مؤمن لغيره بما يظهره من حجج صدقهم. واما الاصل الثاني وهو المؤمن من الامان فذلك ان الله سبحانه وتعالى امان الخائفين. فمن لجأ اليه وفر منه اليه والتجأ به سبحانه وتعالى امن الله سبحانه وتعالى خوفه وازال رهبه وفرج كربته فصار الله عز وجل مؤمنا بهذا الاعتبار. نعم الشهيد المهيمن المحيط اي المطلع على جميع الاشياء الذي احاط علمه بالظواهر والبواطن والخفيات والجليات والماضيات وسمع جميع الاصوات خفيها وجليها. وسمع جميع الاصوات خفيها ولدليات وابصر جميع الموجودات دقيقة وجليل وصغيرها وكبيرها واحاط علمه وقدرته وسلطانه واوليته واخريته. وظاهريته وباطنيته بجميع موجودات فلا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن ولا كبير عن صغير ولا قريب عن بعيد. ولا يخفى على علمه شيء. ولا اشد عن ملكه وسلطانه شيء ولا ينفلت عن قدرته وعزته شيء. ولا يتعصى عليه شيء ولا يتعاظمه شيء. وجميع اعمال العباد قد احصاها وقد علم مقدارها ومقدار جزائها في الخير والشر. وسيجازيهم بما تقتضيه حكمته وحمده وعدله ورحمته والملك والملوك والجبابرة وان عظمت سوطتهم وان عظمت سطوتهم وعظم ملكهم واشتدت واشتد جبروتهم وتفاقم طغيان فان الله لهم بالمرصاد قد احاط باحوالهم واحصى وراقب كل حركاتهم وسكناتهم ونواصيهم بيده. ليس لهم خروج عن وارادته ومشيئته اين المفر والاله الطالب والمجرم والمجرم المغلوب ليس الغالب؟ فهذه الاسماء ثلاثة ترجع الى سعة علمه واحاطته بكل شيء. والى عظمة ملكه وسلطانه والى شهادته لعباده وعلى عباده باعمالهم والى الجزاء وانفراد الرب بتصريف العباد واجرائهم على احكام القدر واحكام الشرع واحكام الجزاء والله اعلم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مما يرجع الى هذا الاصل ثلاثة اسماء في نسق واحد من اسماء الله هي الشهيد والمهيمن محيط وتجتمع هذه الاسماء في دلالتها على علم الله سبحانه وتعالى. وتفترق من جهة متعلق العلم. فان الشهادة تتضمن علما يصحبه الاطلاع فان معنى الشهادة في لسان العرب يقترن اطلاع ومعرفة بما يشهد عليه. فعلم الله سبحانه وتعالى باطلاعه على جميع الاشياء اوجب له اسم الشهيد. والمهيمن هو علم مقترن بالقدرة. فالله عز وجل عليم بالخلق مع القدرة عليهم فلا يخرج عن علمه سبحانه وتعالى شيء لكمال قدرته محيط دال على علمه سبحانه وتعالى مع ساعته. فاحاطته بكل شيء تقتضي احاطة سعة علم الله سبحانه وتعالى وانه لا يخرج عن علمه سبحانه وتعالى صغير ولا كبير ولا دقيق ولا جليل وتقدم ان من قواعد باب الصفات ان تعلم ان كل اسم من اسماء الله سبحانه وتعالى على وان دل على صفة وقع لغيرها معها اشتراك فلابد من وجود افتراق بينها فمثلا صفة الغضب ليست كصفة الانتقام ليست كصفة الاسى. وان وجد بينها معنى مشترك. الا ان اعتقاد كمال الله عز وجل يوجب الاخذ بهذا. اذ لا يوصف الله عز وجل بصفة الا وفيها معنى زائد عن الصفة الاخرى. وهذا مقتضى كل اسم من اسمائه عز وجل شهيد والمهيمن والمحيط وان اشتركت في الدلالة على العلم لكن بينها فرق على ما ذكر وهذا هو اللائق بكمال الله سبحانه وتعالى. واصل الترادف في لسان العرب قليل. بل انكره بعض اهل اللغة رحمهم الله تعالى وهو فيما يوجب كمال الله عز وجل اولى بنفيه. فالاسماء ليست مترادفة الا باعتبار دلالتها على اداة واحدة اما باعتبار المعاني فبكل اسم من اسماء الله سبحانه وتعالى معنى غير معنى الاسم الاخر ذلك في كل صفة من صفاته. فمن فسر شيئا من اسمائه باخر منها او صفة من صفاته باخرى منها قد غلط كمن فسر مثلا الغضب الاسف بالغضب فان الغضب شيء والاسف شيء اخر وقل مثله في سائر صفات الله سبحانه وتعالى وهذا اخر على التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين