احسن الله اليك. قال المؤلف رحمه الله تعالى الحميد المجيد اي الذي له جميع المحامد والمدائح كلها وهي جميع صفات فكل صفة من صفاته يحمد عليها ويحمد على اثارها ومتعلقاتها. فيحمد على كل تدبير نبره ويدبره الكائنات ويحمد على ما شرعه من الشرائع واحكمه من الاحكام ويحمد على توفيقه اولياءه وعلى خذلانه اعدائه كما يحمد على اثباته اثابته للطائعين ان توفيقه اولياءه على توفيقه اولياءه على خذلانه لاعدائه كما يحمد على اثابته للطائعين وعقوبته للعاصين وله الحمد على ما تفضل به العباد من النعم والخيرات والبركات التي لا يمكن العباد احصاؤها ويتعذر عليهم استقصاؤها. فحمده تعالى قد العالم العلوي والسفلي وله الحمد في الاولى والاخرة. وقد عم حمده كل ما يتقلب فيه. وقد عم حمده كل ما يتقلب فيه العباد لكون ذلك راجعا الى حكمته وعدله وفضله واحسانه. ووضعه الامور ووضعه الامور مواضعها وهو الحميد الذي يحمده انبيائه واصفيائه وخيار خلقه وهو تال الحميد الذي يحمدهم على ما انعم به فمنه السبب والمسبب. واما المجد فهو سعة الصفات وعظمتها. فالمجيد يرجع الى عظمة اوصافه وكثرتها والى عظمة وسلطانه والى تفرده بالكمال المطلق والجلال المطلق والجمال المطلق الذي لا يمكن ان يحيطوا بشيء من ذلك فاذا اجمع بين الحميد المجيد صار اسم الحميد اخص بكثرة الاوصاف وسعتها بعظمتها وتوحده بالمجد. لا يزال المصنف رحمه الله تعالى يبين ما التزمه في القسم الثالث من العقائد وهو شرح اسماء الله الحسنى الواردة في القرآن. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا اسمين جاء مقرونين في القرآن الكريم وهما الحميد المجيد. وبين رحمه الله تعالى ان الحميد هو الذي له جميع المحامد. والمراد بالمحامد المحاسن التي توجب الحمد فان لله سبحانه وتعالى محاسن اوجبت حمده وهي صفات كماله عز وجل فهو سبحانه وتعالى محمود على هذه المحاسن. مما يتعلق بذاته او يتعلق بخلقه فان الله عز وجل له كمال متعلق بذاته كحياته وعلمه وله كمال متعلق بخلقه ككرمه وعفوه سبحانه وتعالى. فيحمد الله عز وجل على هذا وهذا من محاسنه وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى افرادا من هذه المحامد فان الله يحمد على كل تدبير دبره ويحمد على كل شرع شرعه ويحمد على توفيقه اولياءه وعلى خذلانه لاعدائه الى اخر ما ذكر رحمه الله تعالى من المحاسن ثم بين ان المجد هو سعة الصفات وعظمته واي سعة صفات الكمال وعظمتها فالمجيد يرجع الى عظمة اوصافه وكثرتها وسعتها. فالاتساع اي تلك الصفات وكثرتها مع لزوم العظمة لها سمي الله سبحانه وتعالى مجيدا فالملاحظ في الحمد كون المحمود عليه من محاسنه والملاحظ في المجد كون ما وجد به مما دل على عظمته. والى هذا اشار المصنف بقوله فاذا جمع بين الحميد المجيد واسم الحميد اخص بكثرة الاوصاف وسعتها. اي بالمحاسن. واسم المجيد اخص بعظمتها وتوحده بالمجد فاذا كثرت الصفات واتسعت محاسنه صار الحمد اوصق به اسما. واذا كان ما ذكر ومن صفاته عظيما كصفة الجلال والعظمة وغيرهما من صفاته سبحانه وتعالى كان المجيد الصق بصفته سبحانه وتعالى. نعم. احسن الله اليك. الحكيم اي الموصوف بكمال وبكمال الحكم بين عباده. فالحكمة هي سعة العلم والاطلاع على مبادئ الامور وعواقبها. وعلى سعة الحمد حيث يضع الاشياء امواضعها وينزلها منازلها ولا يتوجه اليه سؤال ولا يقدح في حكمته ما قال على سعة الحمد. ها ما يجي هذا وش فسر هذا؟ قال وعلى سعة الحمد ايش قال بعدها؟ طيب هذا حمد؟ لا الحكمة كما ذكرها قبل تعريف الظلم الظلم ما هو وضع الشيء في هذا مقابله لازم العدل الذي فسر به وعلى سعة العدل وعلى سعة العدل حيث يضع اشياء مواضيعها والتعليل بحيث ليس صحيحا لغة وهو شائع عند المتأخرين. واورده مساق التعليل قال حيث يضع الاشياء يعني بتقدير لانه يضع اشياء هذا التركيب غلط في اللغة لكن هو اراد هذا المعنى. نعم وينزلها منازلها ولا يتوجه اليه سؤال ولا يقدح في حكمته مقال فله الحمد في خلقه وامره. اما الحكمة في خلقه فانه خلق الخلق بالحق ومشتملا على الحق وكان غايته ونهايته الحق. خلقها باحسن نظام ورتبها باكمل اتقان واعطى كل مخلوق خلقه خلقه اللائق به. بل اعطى كل جزء من اجزاء المخلوقات وكل عضو من اعضاء الحيوانات. خلقته وهيئته اللائقة به بحيث لا يرى لا يرى الخلق في خلقه بحيث لا يرى الخلق في خلق الرحمن تفاوتا ولا خطورة ولا خللا ولا نقصا بل لو اجتمعت عقول الخلق ليقترحوا مثلا واحسن من هذه الموجودات لم يقدروا. وهذا امر معلوم قطعا من العلم بصفاته فاذا كان من المعلوم لكل منصف مؤمن ان الله له الكمال الذي لا يحيط به العباد وانه ما من كمال تفرضه الاذهان ويقدره المقدرون الا والله اعظم من ذلك واجل. كانت افعاله ومخلوقاته وجميع ما اوصله الى الخلق اكمل الامور واحسنها وانظمها واتقنها صنع الله الذي اتقن كل شيء. فالفعل يتبع في كماله وحسنه فاعله. والتدبير منسوب الى مدبره والله تعالى مدبره للمدبر احسن الله اليك فالفعل يتبع في كماله وحسنه فاعله والتدبير منسوب الى مدبره. الله تعالى كما لا يشبهه احد في صفاته في العظمة والحسن والجمال فكذلك لا يشبهه احد في افعاله. وقد تحدى عباده في مواضع كثيرة من كتابه هل يجدون او في مخلوقاته نقصا وخللا. ومن ادعى شيئا من ذلك بسفاهة عقله وعظم جرائته فقد نادى على عقله بين العقلاء اي بالحمق والجنون. واما الحكمة في شرعه وامره فانه تعالى شرع الشرائع وانزل الكتب. وارسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدون فاي حكمة اجل من هذا واي فضل وكرم اعظم من هذا فان معرفته تعالى وعبادته وحده لا شريك له واخلاص عمله وحمده وذكره وشكره والثناء عليه افضل العطايا منه لعباده على الاطلاق واجل المناقب لمن يمن الله عليه بها واكمل السعادة والفلاح والسرور للقلوب والارواح كما انها هي السبب الوحيد للوصول الى السعادة الابدية والفلاح السرمدي ولم يكن في امره وشرعه الا هذه الحكمة التي هي اصل الخيرات واكمل اللذات واكبر الوسائل والمقاصد ولاجلها خلقت خليفة ولاجلها حق الجزاء حق الجزاء. حقت الجزاء حقا ولاجلها خلقت الخليقة ولاجلها حق الجزاء ولاجلها خلقت الجنة والنار ولاجلها جرت على الخليقة احكام الملك جبار الشرعية والجزائية لكانت كافية شافية. هذا وقد اشتمل شرعه على كل خير. فاخباره تملأ القلوب علما عقائد صحيحة وتستقيم بها القلوب ويزول انحرافها ويحصل لها من المعارف افضل الغنائم والمكاسب واوامره كلها ومصالح وتثمر من الاخلاق الجميلة والمناقب الثمينة والاعمال الصالحة والهدي الكامل والاجر العظيم والثواب الجسيم ونواهيه كلها موافقة للعقول الصحيحة والفطر المستقيمة لانها لا تنهى الا عن ما يضر الناس في عقولهم واخلاقهم واعراضهم وابدانهم واموالهم وبالجملة فالمصالح الخالصة او الراجحة تأمر بها. والمفاسد الخالصة او الراجحة تنهى عنها. فهو حكيم في خلقه وامره وكذلك احكام الجزاء عن الاعمال في غاية المناسبة والموافقة للحكمة جملة وتفصيلا اعلم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اسما اخر من اسماء الله سبحانه وتعالى وهو اسم الحكيم وفسره رحمه الله تعالى بقوله اي الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم بين عباده ان هذا الاصل وهو الحاء والكاف والميم دالان على حكمة الله سبحانه وتعالى وحكمه فالحكيم اما ان يكون متعلقا بالفعل الثلاثي حكم فتكون الصفة حكم واما ان يكون متعلقا بالرباعي احكم فتكون الصفة الحكمة هذا الاسم دال على صفتين لله سبحانه وتعالى هما صفة الحكمة والحكم. والى الاول اشار بقوله الموصوف بكمال الحكمة والى الثاني اشار بقوله وبكمال الحكم بين عباده. وهذه الاشارة في الجملة الثانية دالة على صواب التصحيح الذي فيه وعلى سعة العدل لان متعلق الحكم هو العدل كما ان متعلق الحكمة هو العلم كما قال مصنف للحكمة هي سعة العلم والاطلاع على مبادئ الامور وعواقبها فالمناسب ان يكون ما بعده وعلى سعة العدل حيث يضع الاشياء مواضعها وينزلها منازلها. فحكمة الله سبحانه وتعالى هدية على علمه وحكمه سبحانه تعالى بالفصل بين المخلوقين مبني على عدله. وقد افاض المصنف رحمه الله تعالى في بيان متعلق الصفة وهي الحكمة ثم اهمل رحمه الله تعالى بيان ما يتعلق بالصفة الثانية وهي الحكم مع كونها اشار اليها في قدر كلامه. فبين بعد ان حكمة الله سبحانه وتعالى جارية في خلقه و شرعه وهذا موجب لقسمة الحكمة الى قسمين اثنين احدهما حكمة قدرية محلها القدر والثاني حكمة شرعية محلها الشرع. فالله سبحانه وتعالى قد اتقن قدره في هذا الكون خلقا وتدبيرا على اكمل وجه. وكذلك جاء شرعه وما امرنا به من الدين على اكمل وجه. فان حكمته في خلقه اوجبت ان يجري هذا الخلق على ما فيه صلاح المخلوقين وتدبير امورهم. وكذلك جاء شرعه لايصال الى اعظم الكمالات واجل المكاسب والغنائم. فحشي هذا الشرع باعظم المنافع والمصالح المتمرة للاخلاق الجميلة والمناقب الجليلة من العلم النافع والعمل الصالح. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان اعظم الحكمة في شرعه وامره ما امر به الخلق من عبادته سبحانه وتعالى فانها اعظم حكمة خلق لاجلها الخلق وانزلت لاجلها الشرائع كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فان اللام ها هنا هي لام التعليل الكاشفة عن الحكمة من خلق المخلوقين خلافا للاشاعرة فان الله سبحانه وتعالى انما خلق الخلق وانزل عليهم الشرائع بارسال الرسل وانزال الكتب لعبادته سبحانه وتعالى. وانما وقع هذا الامر لكمال الحكمة فان سعادة الخلق وبلوغهم اجل الخيرات واكمل اللذات انما كونوا بعبادتهم لربهم سبحانه وتعالى لاضطرارهم اليه. وفقرهم ولا يسد هذا الفقر والحاجة والفاقة الا بعبادة الله سبحانه وتعالى. واهمل المصنف كما ذكرنا الاشارة الى حكم الله سبحانه تعالى فان الله سبحانه وتعالى له الحكم كما قال الله تعالى والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سبحانه تعالى افضل الحاكمين كما قال تعالى وهو خير الحاكمين. والافضلية هنا المشار اليها بقوله تعالى وهو اخير ليست على وجهها الذي يراد به تفضيل احد على ما يقاربه بل المراد بها اثبات والكمال من غير مقاربة وهذا معروف في كلام العرب لان خير اصلها في لسانهم هي اخير فهي صيغة تفضيل لكن العرب لكثرة استعمالها هاتين الكلمتين خير وشر حدثت الهمزة تخفيفا كما قال ابن مالك في الكافية قال وغالبا اغناهم خير وشر عن قولهم اخير منه واشر. فتقدير الاية وهو خير الحاكمين اي وهو اخير الحاكمين صيغة تفضيل لكن لا يراد بها وجهها فان الله سبحانه وتعالى لا يقاربه احد في حكمه. وهو سبحانه وتعالى يحكم ما يريد كما قال عز وجل ان الله يحكم ما يريد. وكما ذكرت لكم فان الاطلاع على ما تتضمنه الاسماء من الصفات وما انتظم فيها من المعاني من اعظم ما يقرب العبد الى ربه سبحانه وتعالى. فقد تجد اسما من اسماء الله عز وجل يتضمن صفة او اكثر ثم تلك الصفات تتضمن معان عظيمة. فاذا افرغ الانسان وسعه وجعل من وقته ما يحصن به ادراك هذه المعاني حصل له من الاطلاع على عظمة الله سبحانه وتعالى وامتثال قلبه لعبوديته ما لا يكون لغيره. ومما ال اليه امر الناس باخرة ان غالب ما درسوا في توحيد الاسماء والصفات هو بيان عقيدة اهل السنة مع بيان عقيدة المخالفين. وانما يقصدون بهذا البيان انما هو بيان الاثبات والنهي. اما بيان المعاني الذي هو من عقيدة اهل السنة والجماعة فقد اهمله كثير من المصنفين او المتكلمين في فاذا اراد امرئ ان يبين عقيدة اهل السنة والجماعة في الاسماء والصفات فليس محط النظر ومنتهاه ان يبين الاثبات والنفي عند وما يقابله من اقوال المخالفين بل ينبغي ان يكون له شغل ببيان معاني هذه الصفات التي تتضمنها هذه ولاجل هذا صارت بعض اسماء الله عز وجل تتضمن صفات قل من يذكرها كما ذكرنا سابقا ان من صفات الله عز وجل المستكنة باسمه البصير وصفه سبحانه وتعالى بالبصيرة. وهذه الصفة قل من ذكرهم من ذكرها العلامة ابن رحمه الله تعالى في تفسيره والمراد بها كمال الاطلاع على المعلوم اطلاعا يجعل الامر بينا غير خفي له سبحانه وتعالى. نعم. السميع البصير العليم الخبير اي السميع لجميع الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات سرها وجهلها سواء منكم من اسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. البصير الذي ابصر كل شيء دق وجل. فيبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في ظلمة الليل ويبصر جريان الاغذية في عروق الحيوانات وابصار النباتات. ولقد احسن من قال يا من يرى مد البعوض في ظلمة الليل البهيم الالين ويران عروقها في نحرها والمخ من بين العظام النحل علي بتوبة تمحو بها ما كان مني في الزمان الاول. العليم بكل شيء الذي لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ولا يعزب عن علمه شيء احاض علمه بالواجبات والمستحيلات والجائزات وبالماضيات والحاضرات والمستقبلات العلوي والسهلي وبالخفيات والجنيات وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض. ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين يعلم السر واخفى ويعلم ما اكنته الصدور وما توسوس به النفوس وما فوق السماوات العلى وما تحت الثرى الخبير الذي ادرك علمه السرائر والطلالة على مكنون الضمائر. وعلم خفيات البدور ولطائف الامور. ودقائق الذرات في فالخبير يرجع الى العلم بالامور الخفية التي هي في غاية اللطف والصغر. وفي غاية الخفاء من باب اولى واحوى علمه والامور الجلية والعليم يدل يدل بالمطابقة على الامرين وكثيرا ما يأتي ذكر هذه الاسماء الكريمة في سياق الاعمال ليوقد القلوب وينبهها على اكمالها واحسانها. واتقانها واخلاصها وليرغبهم ويرهبهم ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا اربعة اسماء اخرى من اسماء ربنا سبحانه وتعالى هي السميع والبصير والعليم والخبير. ثم فسر السميع بقوله اي السميع لجميع الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات اي اختلاف الحاجات فان التفنن هو الاختلاف. فالله سبحانه وتعالى يسمع جميع اصوات مهما اختلفت اللغات وتعددت الحاجات في سر او جهر كما قال تعالى سواء منكم من اسر القول ومن جهر به فسمعه سبحانه وتعالى لمن اسر كسمعه سبحانه وتعالى لمن جهر. ثم فسر البصير بقوله البصير الذي صار كل شيء دق وجل فيبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في ظلمة الليل ويبصر جريان الاغذية في عروق الحيوان واوصاني النباتات كما قال القائل وهذه الابيات تنسب الى ابي العتاهية ونسبت لغيره وهي قوله يا من يرى مد البعوضة جناحها في ظلمة الليل البهيم الاليل اي الحالك شديد السواد ويرى نياط عروقها في نحلها والمخ من بين لعظام النحل وفي رواية والمخ في تلك العظام النحل. امن علي بتوبة تمحو بها ما كان مني في الزمان الاول فهو توسل الى الله سبحانه وتعالى بكمال بصره واطلاعه سبحانه وتعالى على ما دق. ثم فسر العليم بقوله العليم بكل شيء الذي لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ولا يعزب عن علمه اي لا يغيب عن علمه شيء احاط وعلمه بالواجبات والمستحيلات والجائزات وبالماضيات والحاضرات والمستقبلات وبالعالم العلوي والسفلي وبالخفيات والجليات الى اخر ما ذكر ثم فسر الخبير بقوله فالخبير يرجع الى العلم بالامور الخفية التي هي في غاية اللطف وهذا يدل على ان اسم العليم والخبير يشتركان في قدر وهو ادراك المعلومات. لكن الخبير الصقوا بامر دقيق من ادراك المعلومات وهو ادراك ما لطف وصغر وخفي. فان الخبرة بعض العلم ولهذا يخص الناس اسم الخبير بمن له اطلاع على خفايا الشيء المشتغل وان كان غيره يشاركه في اصل العلم بذلك الشيء. ثم بين رحمه الله تعالى من اسرار السياق القرآني ان هذا الاسم وهو الخبير يأتي غالبا في سياق الاعمال وجزائه كما قال تعالى ان ربهم بهم يومئذ لخبير فذكر اسم الخبير بعد ذكر الاعمال والجزاء عليها المراد به ايقاظ القلوب وتنبيهها الى ما ينبغي ان تكون عليه من حال الكمال والاحسان والاتقان والاخلاص. والله سبحانه وتعالى قد نشر اسمائه الحسنى في ايات كتابه به وكل اية ختمت باسم من اسماء الله سبحانه وتعالى او علق فيها فعل باسم من اسماءه سبحانه وتعالى فان لذلك التعلق او الختم معنى روعي في السياق. فاذا لاحظ الانسان هذه القاعدة في سياقات القرآن باعتبار المعاني فانه يطلع من معاني القرآن والفهم عنه ما لا يطلع عليه غيره ومن ذلك ان الله سبحانه وتعالى مثلا حيث جاء ذكر الحمد قال الحمد لله. ولم يأتي غيره الحمد الرحمن او غيره من الاسماء. وانما جعل اسم الله متعلقا بالحمد. لان حمد الكامل الذي وقع له سبحانه وتعالى هو على الوصف الكامل الذي له عز وجل وهو وصف الالوهية فان وصف الالوهية هو اكمل صفات ربنا سبحانه وتعالى وجميع الصفات ترجع اليه. ولذلك جاء هذا الاسم متبوعا لغيره ولم يأتي تابعا لغيره بل الاسماء تتبعه ولا يتبع شيئا منها. فليجلي كونه ادل في كمال الله سبحانه وتعالى. جاء الحمد معلقا به واذا فهم الانسان كليات المعاني في القرآن اعانه ذلك على فهمه فان كليات القرآن الكريم نوعان اثنان احدهما كليات مباني والاخر كليات المعاني. والمراد بكليات المباني ان يأتي اللفظ على معنى كما روى الفريابي وغيره بسند صحيح عن ابن عباس انه قال كل سلطان في القرآن فهو حجة حيثما تصرف هذا اللفظ في القرآن فالمراد به في هذا المعنى وكليات المعاني هو ان يضطرد سياق الاي على معنى معين مراد فيعلم به تصرف هذا السياق انه يحمل على هذا المعنى فمن كليات المعاني مثلا في القرآن ان الله سبحانه وتعالى اذا آآ ذكر جزاء اهل الجنة ذكر جزاء اهل النار. وانما قرن بينهما تبيين الفرق في المآل فمن اطاع اتابه الله وجزاه بجزاء اهل الجنة. ومن عصى امر الله سبحانه وتعالى عاقبه الله سبحانه وتعالى وجزاه اهل النار وهذا الباب من ابواب فهم القرآن الكلام فيه قليل عند المتأخرين ويوجد منثورا في كلام ابن جرير الطبري ثم في كلام ابي العباس ابن تيمية وتلميذ ابن القيم وكلام الشاطبي رحمهم الله تعالى. واذا جعله الانسان اصلا فاعتنى بكليات في مبانيه او معانيه اعانه على فهم كتاب الله سبحانه وتعالى فهما يطلع به على اسراره ويتبين له اغواره وتكون لذته بقراءة القرآن وفهمه اعظم من لذته بغيره من الكتب. وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب في هذا المجلس وان شاء الله تعالى نبدأ بعد العشاء الليلة في الكتابين للمزيدين بعد الصلاة والله اعلم وصلى الله وسلم عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين