قال المؤلف رحمه الله تعالى الحكم العدل اي هو تعالى الملك الحكم الذي له الحكم في الدنيا والاخرة. ففي هذه الدار لا يخرج الخلق عن احكامه القدرية بل بل ما حكم به قدر النفذ. نفذ من غير مانع ولا منازع. وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا يخرج المكلفون عن احكامه الشرعية التي هي احسن الاحكام والتي هي صلاح الامور وكمال ولا يستقيم لهم دين ورشد الا باتباع هذه الاحكام التي شرعها الله التي شرعها على السنة رسله ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. وقال تعالى افغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا وفي الاخرة لا يحكم على العباد الا هو ولا يبقى لاحد قول ولا حكم حتى الشفاعات كلها منطوية تحت ارادته واذنه ولا يشفع عنده احد الا اذا حكم بالشفاعة. وهذه الاحكام كلها بالحكمة والعدل. فهو الحكم الذي تمت كلماته صدقا للاخبار عدلا في الاوامر والنواهي فاوامره كلها عدل لانها منافع ومصالح فهي عدل ممزوجة بالرحمة ونواهيه كلها عدل لكونه لا ينهى الا عن الشر والاضرار وهي ايضا مقرونة برحمته ومجازاته للعباد باعمالهم عدل لا يهضم احدا من حسناته ولا يزيد في سيئاتهم او يعذبهم بغير جرم اجترحوه ولا تزر وازرته وزر اخرى وحكمه بين العباد كله مربوط بالعدل فلا يمنع احدا حقا ولا يغفل عن الظالمين ولا يضيع حقوق المظلومين فعدله تعالى شامل للخليقة كلها حتى الحيوانات غير المكلفة فانه يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء من كمال عدله ومن كمال عدله انه ارسل الرسل مبشرين ومنذرين لان لا يكون للناس على الله حجة. ولان لا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ومن كمال عدله انه اعطى عباده الاسماع والابصار والعقول والقدرة على افعالهم والارادة مكنهم من جميع ما يريدون ولم يجبرهم على افعالهم. فعدله وحكمته ورحمته يبطل يبطل بها مذهب الجبرية ما انك مال قدرته ومشيئته وشمولها لكل شيء حتى افعال العباد. تبطل مذهب القدرية. الذين يزعمون ان انهم اهل العدل وهم في الحقيقة اهل الظلم. فالحق هو ما ذهب اليه اهل السنة وهو ما دلت عليه البراهين العقلية البراهين النقلية ودلت عليه اسماؤه الحسنى كما نبهنا عليه ان افعال العباد واقعة تحت اختيارهم وارادتهم خيرها وشرها ومع ذلك فلا خروج لها عن قضائه وقدره. لا يزال المصنف رحمه الله الله تعالى يفيض في بيان النوع الثالث من القسم الاول وهو بيان ما القرآن من اسماء الله الحسنى. وقد عد رحمه الله تعالى هنا من اسماء ربنا اسمين اثنين هما الحكم العدل فقال الحكم والعدل. فاما الاسم الاول فانه من اسماء الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى افغير الله ابتغي حكما وعند ابي داوود والنسائي بسند صحيح من حديث هاني ابن يزيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله هو الحكم. واما العدل فانه ليس من اسماء الله سبحانه وتعالى. الواردة في القرآن ولا من الاسماء التي جاء عليها برهان بل عده في اسماء الله سبحانه وتعالى المبينة لنا غلق فان الله عز وجل لم يسمي نفسه عدلا ولا عادلا. لماذا هذي ذكرت لكم فيها فائدة لطيفة. نعم فهمت؟ نعم احسنت ذكرنا لكم هذي وهذي فائدة شريفة تساوي رحلة عند من يعقل مثل هذه الفوائد. قلنا لان العرب كانت تتمدح بالظلم. ولا بالعدل. كما قال شاعرهم ومن لا يظلم الناس يظلم. فلتمدحهم جاء القرآن بما يحقق المقصد الاعظم في كفهم عنه بمدح الله سبحانه وتعالى الا بعدم الظلم كما قال الله عز وجل وان الله ليس بظلام للعبيد فقال وما ربك بظلام للعبيد قال وما انا بظلام للعبيد في اية اخر في هذا المعنى فعدل عن اسم العدل والعادل الى نفي الظلم عن الله عز وجل اظهار كماله وابطال ما يعتقده المشركون من الكمال فانهم كانوا يتمدحون بالظلم كما سبق تمدح الله سبحانه وتعالى بعدم الظلم تقريرا لهذا الكمال في نفوسهم. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى معنى هذا الاسم فقال اي هو تعالى الملك الحكم الذي له الحكم في الدنيا والاخرة ثم افاض رحمه الله تعالى في بيان حكمه عز وجل وقد تقدم ان حكم الله سبحانه وتعالى يرجع الى نوعين اثنين احدهما حكمه الشرعي والاخر حكمه القدري وما يذكره المصنف في كتبه من تتليتهما بالحكم الجزائي. واليه اشار ها هنا بقوله وفي الاخرة لا على العباد الا هو الى اخر ما قال سبق ان بينا ان الحكم الجزائي راجع الى الحكم القدري فان قدر الله في الدنيا والاخرة. وقلنا حكم الاله فاقسم الاثنين شرعيه وقدر الدارين ثم بين رحمه الله تعالى ان هذه الاحكام كلها بالحكمة والعدل. فهو العدل الذي تمت كلمته صدقا في الاخبار وعدلا في الاوامر والنواهي فاوامره ونواهيه سبحانه وتعالى كلها عدي لانه لا يأمر الا بما فيه مصلحة. ولا ينهى الا عن ما فيه مفسدة. فالخير عدل كله في امره ونهيه المستبطن في حكمه الشرعي. ثم بين ان حكم الله سبحانه الا مقرون برحمته وحكمته ومجازاته لعباده باعمالهم عدل لا يهضم احدا من حسناته اي لا ينقصه شيئا له ولا يدفعه عنه. ولا يزيد في سيئاتهم ولا يعذبهم بغير جرم جرحوه ثم بين ان حكم الله عز وجل كله مربوط بالعدل فلا يمنع احدا حقه ولا يغفل عن الظالمين ولا يضيع حقوق المظلومين. ثم ذكر من صور كمال عدله سبحانه وتعالى انه ارسل الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولان لا يقولوا ما جاءنا من قبله من بشير ولا نذير. وقال الله عز وجل في تقرير وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. ومن كمال عدله ايضا انه اعطى عباده الاسماع والابصار والعقول واقدرهم على افعالهم وجعل لهم ارادة يتخيرون بها ما يشاؤون. ومكنهم من جميع ما يريدون ولم يجبرهم على شيء من افعالهم فعدله وحكمته تبطل مذهبين مردولين متقابلين احدهما مذهب الجبرية يقولون ان العبد مجبور على افعاله لا اختيار له. والاخر مذهب القدرية الذين يسمون انفسهم اهل العدل فيزعمون ان العبد يخلق فعله وكلا هذين المذهبين مخالف لمقتضى عدل ربنا سبحانه وتعالى والحق هو ما ذهب اليه اهل السنة بدلائله ان افعال العباد تحت وارادتهم فلهم مشيئة واختيار وارادة فيما يفعلون وهم بتلك الارادة والاختيار والمشيئة لا يخرجون عن قدر الله عز وجل وقضائه. وهذا هو عين العدل في افعالهم التي يفعلون. فلم يجبرهم الله سبحانه وتعالى على افعالهم ولا خرجوا بما لهم من ارادة عن حكم الله سبحانه وتعالى العام الشامل نعم. اسأل الله اليك. الفتاح للفتاح معنيان احدهما يرجع الى معنى الحكم الذي يفتح بين عباده ويحكم بينهم بشرعه ويحكم بينهم باثابة الطائعين وعقوبة العاصين في الدنيا والاخرة. كقوله تعالى قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم. وقوله ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين. فالاية الاولى فتحه بين العباد يوم القيامة وهذا في الدنيا بان ينصر الحق واهله ويذل الباطل واهله ويوقع بينه ويوقع بهم العقوبات. المعنى الثاني فتحه لعباده جميع ابواب الخيرات قال تعالى ما يفتح الله انما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. الاية يفتح لعباده منافع الدنيا فيفتح لمن اختصهم برطبه وعنايته اقبال القلوب ويدر عليها من المعارف الربانية والحقائق الايمانية ما يصلح احوالها وتستقيم به على الصراط المستقيم. واخص من ذلك انه يفتح لارباب محبته والاقبال عليه علوما ربانية واحوالا روحانية وانوارا ساطعة وفهموما واذواقا صادقة. ويفتح ايضا لعباده ابواب الارزاق الاسباب ويهيئ للمتقين من الارزاق واسبابها ما لا يحتسبون. ويعطي المتوكلين فوق ما يطلبون ويأملون. وييسر الامور العسيرة ويفتح لهم الابواب المغلقة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا اسما اخر من اسماء الله سبحانه وتعالى وهو اسم الفتاح. وجاء على بناء المبالغة للامعان في وصف الله سبحانه وتعالى بهذه الصفة ولم يأتي على بناء اسم الفاعل فاتح وانما جاء على بناء اسم المبالغة الفتاح. واما مع الاضافة كما في قوله تعالى فقد جاء على بناء ذلك في اسمه خير الفاتحين. فان اسماء الله كما سلف باعتبار الافراد والاضافة تنقسم الى نوعين اثنين احدهما الاسماء المفردة مثل الله والرحمن والرحيم والثاني الاسماء المضافة مثل ما لك الملك واحكم الحاكمين وخير الفاتحين ذكر هذا الاصل ابو العباس ابن تيمية في الفتاوى المصرية. وهذا الاسم الفتاح له معنيان اثنان احدهما انه يرجع الى معنى الحكم اي الذي يفصل بين عباده ويحكم بينهم. والاخر انه هو الذي يجري عليهم انعامه ويفضل عليهم بمواهبه الجزيلة مما تضطر اليه الارواح والاشباح. وقد ذكر هذين المعنيين جماعة منهم الخطابي في شأن وابن القيم في النونية واشار الى ذلك بقوله فتح بحكم وهو وشرع الهنا والفتح بالاقدار فتح ثاني. وفي بيت ابن القيم اشارة الى الفرق بين النوعين بان احدهما متعلقه هو الشرع وان الاخر متعلقه هو القدر. نعم. الرزاق الذي تكفل المخلوقات كلها واوصل اليها ارزاقها ومعايشها وعلم احوالها واماكنها وما من دابة في الارض الا على الله الفقهى ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين. يبسط الرزق لمن يشاء قد هيأ لعباده في الارض جميع الارزاق. قال تعالى انا صببنا الماء صبا. ثم شققنا الارض شقا فانبتنا في حبه وعنبا وقضى وزيتونا ونخلا وحدائق علبة وفاكهة وابا متاعا لكم ولانعام والله تعالى هو الرزاق الذي يرزق قلوب خيار المؤمنين من العلوم والمعارف وحقائق الايمان. ما تتغدى به وتكمل ويرزق الحيوانات كلها من اصناف الاغذية ما تتغذى به وتنمو نموها اللائق بها. فينبغي للعبد اذا سأل الله اذا سأل الله الرزق ان يستحضر الامرين بان يرزقه رزقا حلالا واسعا. ويرزق قلبه العلم والايمان والعرفان. ورزقه ايضا نوعان نوع له سبب كما جعل الله الحراثة والتجارة والصناعة وتنمية المواشي والخدمة ونحوها طرقا يرتزق فيها جمهور الناس قال تعالى وجعلنا لكم فيها معايش اي اسبابا ترتزقون بها. ونوع يرزق الله به بغير سبب منه كأن يقيض الله له رزقا قدريا سماويا محضا او على يد غيره من غير ان يكون من المرتزق سعي في ذلك لاجل الاحترازي عن السؤال فانه من جملة الحرف من جملة الحرف ولاجل الاحتراز عن من تجب نفقته عليه من زوج او قريب او سيد مالك فان هذه اما من عمل الانسان يعني من اثار عمله. واما ان يكون تابعا لغيره. ولكن نريد انه يوجد بعض المخلوقات لا شيء عندها ولا عمل لها ولا سعي منها اما عاجز عجزا كليا او كسلانة عن ظلل معيشتها والله تعالى قد قدر لها من الطاف رزقه ما تستغني به من وجوه لا تحتسبها وطرق لا ترتقبها وكأين من لا تحمل رزقها الله يرزقها واياكم. وهو السميع العليم. ومن لظائف رزقه انه قد يرد على الانسان العاري عن ادراك رزقه قوة حال وقوة توكل ييسر الله له بسببها رزقا عاجلا وقد يأتيه ذلك بدعوة مستجابة وخصوصا عند الاضطرار بغيره اجاب دعوته وفرج كربته. فكذلك المضطر الى طعام او شراب متى وصل الى حالته حالة ييأس من كل احد ويوقن بالهلاك اتاه من رزق ربه والقاذه. ما به يعرف غاية غاية المعرفة ان الله هو المرجود وحده لكشف الشدائد والكروب. فكم من الوقائع الكثيرة في هذا الباب الدالة على لطف الملك الوهاب ومن الطاف رزقه ان كثيرا من المرضى يبقون مدة طويلة لا يتناولون طعاما ولا شرابا. والله تعالى يعينهم على تماسك ابدانه فضلا منه وكرما ولو بقي الصحيح بعض هذه المدة عن الطعام والشراب لهلك. ومن لطائف رزقه ان الاجنة في بطون الامهات جعل جاء هذه ارحام الامهات بالدم الذي يجري مع عروقها لانها لا تحتمل اذا ان تأكله وتشربه ولو فرض ذلك لاضر به رحم اضر بامه بما يخرج منه من الهولات. ثم لما وضعت الحوامل اولادها وكان من ضعفه لا يحتمل الاغذية العادية. اجرا اجرى له الباري من ثديي امه لبن لطيفا خالصا سائرا للشاربين. فيه الغذاء الطعامي والغذاء الشراب. فلم يزل كذلك حتى يا قوي على تناول الاطعمة الغليظة. وكذلك لما كان في حال وكذلك لما كان في حال وضعه غيره غير وضعه. وكذلك لما كان في حال وضعه غير غير مقتدر على مباشرة ذلك بنفسه الله الامهات من الادميين والحيوانات واوقع في قلوبها الرحمة العظيمة والرقة على اولادها فاعانت اولادها على او الارزاق والاغذية فتبارك الله اللطيف الخبير. وتنوع الارزاق وكثرة فنونها لا يحصيها وصف الواصفين. ولا تحيط بها ادارات المعبرين ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا اسما اخر من اسماء الله الحسنى وهو اسم الرزاق كما ذكره الله عز وجل في قوله ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. ولله سبحانه وتعالى اسم اخر او يلاقيه في اصله وهو الرازق. وبه قرئ خارج العشر في هذه الاية. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمية الله سبحانه وتعالى بالرازق. فالله يسمى بالرزاق والرازق. وقد بين المصنف رحمه الله تعالى ان معنى هذا الاسم ان الله عز وجل هو الذي تكفل بارزاق المخلوقات كلها واوصل اليها ارزاقها ومعايشها وعلم احوالها اماكنها لا يغادر ذلك دابة من دواب الارض. ثم بين رحمه الله تعالى ان الرزق الذي ينعم الله سبحانه وتعالى به على خلقه نوعان اثنان احدهما رزق الارواح العلم والايمان والثاني رزق الاشباح وهي الابدان بما تفتقر اليه من غذاء تتغذى وتحفظ قوتها به. فكل ذلك من رزق الله سبحانه وتعالى. وهذا الرزق باعتبار تسبيبه نوعان اثنان كما ذكر المصنف احدهما نوع له سبب كما جعل الله الحراثة والتجارة والصناعة وغيرها من اسباب الرزق كما قال الله عز وجل وجعلنا لكم فيها معايش اي اسبابا ترتزقون بها. والاخر رزق يجيه الله سبحانه وتعالى بغير سبب من العبد. بل يقيض الله عز وجل له رزقا قدريا او على يد غيره من الخلق. ثم ذكر رحمه الله تعالى وجوها من الطاف رزق الله سبحانه وتعالى خلقه فذكر من ذلك ان الله سبحانه وتعالى قد يرد على الانسان العاجز عن ادراك رزقه قوة حال وقوة توكل ان يمده بذلك فيتيسر له بسببها رزقا عاجلا فان العبد اذا صدق في توكله واكمل اقبال قلبه على ربه اجرى الله عز وجل له مطلوبا كما قال الله عز وجل امن يجيب المضطر اذا دعاه. فاذا كان العبد مضطرا الى كفايته من طعام او شراب او غير ذلك من انواع المعايش فان الله عز وجل اذا نظر الى صدق قلبه وكمال توكله اخذ بيده ويسر له سبب رزقه. ومن الطاف رزق الله للمخلوقات ان كثير من المرظى يبقون مدة طويلة لا يتناولون طعاما ولا شرابا. فيمدهم الله عز وجل باسباب من القوة تعينهم على تماسك ابدانهم فضلا منه وكرما. ولو ان الصحيح كان في مقامهم لما استطاع ان يمسك تلك المدة التي امسكوا فيها عن الطعام والشراب ولكن الله عز وجل اذا اجرى عليهم البلاء بالمرض فانه يأخذ بايديهم ويمد باسباب القوة فيعينهم على تقوية ابدانهم وان فقد الطعام والشراب. ثم ذكر من لطائف الله عز وجل خلقه ما يتفق للاجنة في بطون الامهات. فان الله جعل غدائها في ارحام امهاتها بالدم الذي يجري مع العروق لان تلك الاجنة لا تحتمل الغذاء ولا الشراب. ولو انها أكلت وشربت لاضرت بالرحم وتولد من ذلك الاضرار اضرار بالام بما يخرج من الجنين من الفضلات ولكن الله عز وجل يسر امداد الجنين بغذاء امه برباط العروق بينه وبين حينها ثم اذا ولدته امه وكان عاجزا عن الاكل والشراب فان الله عز وجل يجري عليه الهدي والجبلة الاولى من التقام ثدي امه ليشرب لبنا لطيفا سائغا للشاربين فيه كفايته من الطعام والشراب ولا يزال عليه حتى يتقوى وتكون له قدرة على تناول الاطعمة الغليظة ثم ذكر وكذلك من الطاف رزق الله للخلق ان الجنين في حال وضعه لا قدرة له على الاكتساب بنفسه ولا مباشرة ما يحتاج اليه من شرب حليب امه فيحنن الله سبحانه وتعالى قلوب الامهات من الادميين بهائم العجماوات على اولادها ويقع في قلوبها رحمة لها فتعين اولادها على تناول الارزاق والاغذية فتبارك الله اللطيف الخبير. والامر كما ذكر المصنف وتنوع الارزاق وكثرة فنونها اي انواعها لا يحصيها وصف الواصفين اي من الخلق. ولا تحيط بها عبارات المعبرين من البلغاء. لان الله سبحانه وتعالى قال وما بكم من نعمة فمن الله وقال وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فاذا كان الامر فانى يحاط بالارزاق التي يجريها الله عز وجل على عباده. وانما يكافئها العبد ما استطاع اطاع بشكر الله سبحانه وتعالى كما قال الله عز وجل اعملوا ال داوود شكرا فامرهم بشكر انعامه بالتزام العمل الصالح واخبر عن حال الناس فقال وقليل من عبادي الشكور وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق صلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين