قبل ان انسى ان شاء الله تعالى الثلاثاء القادم. بعد العشاء نستكمل برنامج تيسير العلم ان شاء الله درس في اداب المشي الى الصلاة. السلام على رسول الله. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا للمسلمين والمسلمات. قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى في كتابه فتح الرأي في فتح رحيم الملك الصمد اي السيد العظيم الذي قد كمل في علمه وحكمته وحلمه وقدرته وعزته وعظمته امته وجميع صفاته فهو واسع الصفات عظيمها الذي صمدت اليه جميع المخلوقات صدته كل الكائنات باسرها في جميع شؤونها فليس لها رب سواه ولا مقصود غيره تقاصده الولاء وتلجأ اليه في اصلاح امورها الدينية. وفي اصلاح امورها الدنيوية تقصده عند النوائب والمزعجات وتبرأ اليه اذا عرفتها الشدات والكربات وتستغيث به اذا مستها المصائب والمشقات لانها تعلم ان عنده حاجاتها ولديه تفريج كرباتها لكمال علمه وسعة رحمته رأفته وحنانه وعظيم قدرته وعزته وسلطانه. لا يزال المصنف رحمه الله تعالى يذكر اسماء الله الحسنى الواردة في القرآن مما يرجع الى القسم الثالث من النوع الاول من انواع علوم القرآن وهو علم الاعتقاد وقد ذكر هنا منها اسم الصمد. وفسره رحمه الله تعالى بانه السيد العظيم الذي قد كمل في علمه وحلمه حتى قال الذي صمدت اليه جميع المخلوقات وقصدته كل الكائنات الى اخر ما ذكر. وحاصل ما ذكره هو وغيره من كالزجاج في تفسير الاسماء الحسنى وابي جعفر ابن جرير رحمهما الله ومن تبعهم بعد ذلك ان الصمد يرجع الى معنى السيد الذي يصمد اليه الخلق في حوائجهم. فصمدية الله سبحانه وتعالى الا مركبة من شيئين. اولهما صمديته بنفسه. وهي المشار اليها بقولهم سيد الذي كمل سؤدده فان الله سبحانه وتعالى كمل بعلمه وحكمته وقدرته وسلطانه وعزته وجميع صفاته فاستغنى عن غيره فهو صمد سبحانه وتعالى. وهذا المعنى تنوعت عبارات السلف في الخبر عنه. فمنهم من يقول هو الذي لا جوف له ومنهم من يقول هو الذي لا يأكل ولا يشرب ومرد ما ذكروه من المعاني الى اثبات كماله سبحانه وتعالى وتانيهما صمدية الخلق اليه برفعهم حوائجهم اليه والتماسهم قضاء مطلوباتهم عنده سبحانه وتعالى على هذين الامرين صمدية الله سبحانه وتعالى. فهو قد صمد صمد اليه الخلق اي كمل فرفع الخلق اليه حوائجهم. نعم. احسن الله اليكم. الغني قال تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله الله هو الغني الحميد. وقال تعالى وانه هو اغنى واغنى. فهو تعالى بذاته الذين هم مطلق جميع الوجوه والاعتبارات لكماله وكمال صفاته يتطرق اليها نقص بوجه. ولا يمكن الا ان يكون غنيا لان غناه من لوازم ذاته فكما لا يكون الا خالقا رازق رحيما محسنا. فلا يكون الا غنيا عن جميع الخلق لا تحتاج اليهم بوجه من الوجوه. ولا يمكن ان يكونوا كلهم الا مفتقرين اليه من كل وجه. لا يستغنون عن احسانه وكرمه وتدبيره وتربيته العامة والخاصة طرفة عين. ومن كمال الغنى خزائن السماوات والارض بيده. وان جوده على خلقه متواصل اناء الليل والنهار. وان يديه حاء في كل وقت ومن كمال غناه انه يدعو عباده الى سؤاله كل وقت ويعدهم عند ذلك بالاجابة ويأمرهم بعبادته ويعدهم القبول والاثابة. وقد اتاهم من كل ما سألوه واعطاهم كل انما ارادوا هو تمنوه. ومن كمال غناه انه لو اجتمع اهل السماوات والارض واول الخلق واخر هم في صعيد واحد فسألوه كل ما تعلقت به مطالبهم فاعطاهم سؤلهم لم ينقص ذلك مما عنده الا كما ينقص مخيط اذا غمس في البحر. ومن كمال غناه العظيم الذي لا يقادر قدره ولا يمكن وصفه. ما على اهل دار كرامته من اللذات المتتابعات والكرامات المتنوعات والنعم المتفننات مما اما عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فهو الغني بذاته المغني جميع مخلوقاته ارى عباده بما بسط لهم من الارزاق وما تاب عليهم من النعم التي لا تعد ولا تحصى. وبما يسره من اسباب موصلة الى الغنى واخص من ذلك انه اغنى خواص عباده بما افاضه على قلوبهم من المعارف الربانية والحقائق الايمانية حتى تعلقت قلوبهم به ولم يلتفتوا الى احد سواه هذا هو الغنى العالي. كما قال صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض انما الغنى غنى القلب ومتى غني القلب بالله وبما فيه من المعارف وحقائق الايمان وغني برزقه وقنع به وفرح بما اعطى الله صار العبد الذي وصل الى هذه الحال لا يغبط الملوك واهل الرئاسات لانه حصل له الغنى الذي لا تبغي به بدلا والذي به يطمئن القلب وتسر به الروح وتفرح به النفس. فنسأل الله ان يغلي بالهدى والنور والمعرفة والقناعة وان يمدنا من واسع فضله وحلاله ذكر المصنف رحمه الله تعالى اسمين من اسماء الله تعالى هما الغني والمغني. وتعقب في ثانيهما من وجهين احدهما انه لم يرد في القرآن الكريم فليس من الاسماء المذكورة وفق ما اشترطه المصنف رحمه الله تعالى في القرآن هذا الاسم. وثانيهما ان التحقيق ان المغني ليس من اسماء الله عز اجل وانما هو استنباط للاشتقاق من الفعل في قوله تعالى وانه هو اغنى واغنى. والمعتمد عند المحققين من اهل العلم كما ذكره ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في بدائع الفوائد والمصنف في جمل من كتبه ان الاسماء لا تشتق دوما من الافعال فقد يأتي الاسم صريحا ويأتي ذكر فعله في القرآن. وقد لا يذكر الاسم وانما يذكر الا فعل من افعاله فلا يصح ان يشتق له من الافعال الواردة في القرآن اسماء كهذا الاسم وهو واسم المغني فالثابت من هذين الاسمين هو اسم الغني وهو دال على لان غنى الله عز وجل نوعان اثنان احدهما غناه بنفسه فان الله سبحانه وتعالى له الغنى التام. كما ان العبد له الفقر التام كما قال تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. فالغنى وصف ذاتي ملازم لله. كما ان الفقر وصف ذاتي ملازم للمخلوق. وفي ذلك يقول ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في تائيته والفقر لي وصف ذات لازم ابدا كما الغنى ابدا وصف له ذاتي. وثانيهما اغناؤه غيره. فان الفقر الذي جعل وصفا للمخلوق لا يندفع الا برزق الله عز وجل فلا يوجد في الخلق غني الا من اغناه الله سبحانه وتعالى. والخلق كلهم مفتقرون اليه لا يستغنون عن احسانه وكرمه وتدبيره وعنايته ورعايته سبحانه تعالى قد ذكر المصنف رحمه الله تعالى فنونا من غنى الله سبحانه وتعالى فمن كمال غناه ان خزائن السماوات والارض بيده وان جوده على خلقه متواصل اناء الليل والنهار وان يده سحاء في كل وقت لا تغيظها نفقة ومن لغناه انه يدعو عباده الى سؤاله ليغيث ملهوفهم ويجيب مضطرهم ويؤتيهم من كل ما سألوه وينولهم كل ما املوه. ومنها انه لو اجتمع اهل السماء السماوات والارض واول الخلق واخرهم وجنهم وانسهم في صعيد واحد فسألوا الله عز وجل ما به مطالبهم وسمت اليه نفوسهم فاعطاهم الله عز وجل سؤلهم فان ذلك لا مما عند الله عز وجل الا ما ينقصه المخيط اذا غمس في البحر. فكما ان المخيط اذا وضع في ماء البحر ثم اخرج لم يعبأ البحر بما فات من ماء لصق به فكذلك لا يأبه الله عز وجل بما يعطيه الخلق جميعا اذا سألوه. ومن كمال غناه سبحانه وتعالى ما يبسطه على اهلك من اللذات المتتابعة والكرامات المتنوعة والنعم المتفننة مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فان انواع النعيم واللذة التي يقلب فيها اهل الجنة فيض كريم غني هو الله سبحانه وتعالى ولا يقدر عليها الا هو عز وجل. فهو سبحانه وتعالى غني بذاته مغن بمخلوقاته على ما ذكرنا من نوع غناه عز وجل. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان من اخص باغناء الله عز وجل خلقه اغناؤه خواص عباده بما يفيض على قلوبهم من المعارف والعلوم الربانية حقائق الايمانية حتى تعلقت قلوبهم به ولم يلتفتوا الى احد سواه فان هذا اعظم غنى به يحصل للانسان الاستغناء عن ما يحتاج اليه عادة كما كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في قصة وصاله في الصحيحين انه عللها بقوله اني ابيت يطعمني ربي ويسقين وهذا الاطعام والاسقاء هو بما يفتح عليه من المعارف الربانية والحقائق الايمانية التي يستغني بها عما يعتاده الناس من طعام وشراب. فان القلب اذا اقبل على مطلوب عظم اشتغاله به فالهاه عما سواه. فاذا اقبل المرء اقبالا صادقا على الله سبحانه وتعالى فتح الله عز وجل له من انواع التلذذ بالاقبال عليه واحوال التعرف عليه ما لا يكون لغيره وهذا هو الغنى العالي فان الغنى ليس عن كثرة اعراض الدنيا وحطامها وانما بامتلاء القلب بالمعارف الربانية والحقائق الايمانية. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في الصحيحين ليس غنى عن كثرة العرض اي عن حطام الدنيا وزهرتها انما الغنى غنى القلب اي غناه بالله سبحانه وتعالى وغناه بالله سبحانه وتعالى انما يكون بما يجري عليه من المعارف الربانية والحقائق الايمانية فاذا صار العبد من اهل هذا الحظ والجد فانه يصل الى مرتبة لا يدركها احد الا من شاركه فيها وتفوته كبار الناس من الملوك واهل الدياثات فانهم يطلبون بما من الدنيا لذة قلوبهم وانس نفوسهم فلا يجدون فيها ولية ويتطلبون سواها بدلا فلا يزالون بين انواع حطام الدنيا يظنون ان في هذا النوع ما ليس في هذا النوع مما يحصل به غنى ارواح وعلى التحقيق فان الغنى انما يكون بامتلاء القلوب بالاقبال على الله سبحانه وتعالى. فالغني هو الذي يعمر الله عز وجل قلبه بالهدى ويفسح له في النور ويكون على بصيرة وبينة من امره ويقنعه الله الله سبحانه وتعالى بما يرزقه. ومن استغنى بالله اغناه الله كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم اعظم الاستغناء بالله ان تسأله غنى قلبك. فان الملبس والمطعم والمشرب تسد حاجة المرء فيها ولكن فقر القلوب وحاجتها لا يسدها الا الاقبال على الله سبحانه وتعالى. والتضرع اليه قالوا بمحابه ومراضيه. فاذا اصاب المرء من هذا حظه غني قلبه بقدر ما اصاب. ولاجل هذا العلم لان العلم يوقف قلبك على قدر ربك سبحانه وتعالى فتعظمه حق عظمته اما الجاهل فيفوته تعظيم ربه كما قال الله عز وجل وما قدروا الله حق قدره. وقال تعالى ما لكم لا ترجون لله قال ابن عباس فيما رواه ابن جرير بسند صحيح ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته. فمن امتلأ قلبه بتعظيم الله غناه وكانت له هيبة لا تجتلب بسلطان ولا اجناد ولا اموال. كما قال عبيد بن عمير فيما رواه ابن وابي شيبة بسند صحيح في كتاب الايمان الايمان هيوب. فاذا امتلأ القلب بالايمان حصل للانسان الغنى حتى استغناؤه عن الاجناد والاعوان والمساعدين لان من كان الله معه لم يفته شيء ان لم يكن الله معه فما ادرك شيئا وهذا اخر البيان على هذا الكتاب وبالله التوفيق