السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا هو الدرس في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى ثلاثين بعد الاربع مئة والالف واحدى وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وهو كتاب تعليم الاحب للعلامة فيصل من ال مبارك ويتلوه كتاب اعلام السنة المنشورة في علامة حافظ الحكمي رحمه الله تعالى وقد انتهى القول في الكتاب الاول الى الحديث الثاني. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى الحديث الثاني عن عمر رضي الله عنه ايضا قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اطلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد حتى جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه. وقال يا محمد اخبرني عن الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت ان استطعت اليه سبيلا. قال صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فاخبرني عن الايمان. قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت. قال فاخبرني عن الاحسان. قال ان تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فانه يراك. قال فاخبرني عن الساعة. قال ما المسئول عنها باعلم من السائل؟ قال فاخبرني عن اماراتها. قال ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان. ثم انطلق فلبست مليا. فقال يا اتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله اعلم. قال فانه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. رواه مسلم قال الشارح رحمه الله تعالى هذا حديث عظيم مشتمل على جميع الاعمال الظاهرة والباطنة وعلوم الشريعة كلها راجعة اليه ومتشعبة منه. فهو كالام للسنة كما سميت الفاتحة ام القرآن. شرع المصنف رحمه الله تعالى يبين معاني الحديث الثاني من الاحاديث التي انتخبها النووي رحمه الله تعالى في اربعينه الشهيرة وابتدأ رحمه الله تعالى بيان تلك المعاني بالافصاح عن رتبة هذا الحديث. فان الارشاد الى مرتبة شيء ما يجعل النفوس تتشوف الى حقيقته. ولهذا ابتدأ البخاري رحمه الله على كتاب العلم ببيان فضله ولم يبتدئه ببيان حقيقته. لان بيان فضل الشيء يحمل النفوس على التشوه اليه وطلبه والحرص عليه. وقد بين المصنف رحمه الله تعالى منزلة هذا الحديث اذ قال في وصفه هذا حديث عظيم مشتمل على جميع الاعمال الظاهرة والباطنة. وعلوم الشريعة كلها راجعة اليه ومتشعبة منه. فهو كالام للسنة. والجملة الماضية تشرح هذا اللقب وهو تلقيب هذا الحديث بانه ام السنة اي ان جميع العلوم والاعمال الظاهرة والباطنة كلها ترجع الى هذا الحديث فهو للاحاديث النبوية في منزلة الفاتحة للقرآن فان القرآن سميت فاتحة الكتاب وام القرآن لان جميع معاني القرآن ترجع الى هذه السورة العظيمة. وكذلك جميع معاني السنة الى هذا الحديث العظيم فهو بمنزلة الام لها. نعم. احسن الله اليكم. قوله فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه. اي على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية النسائي فوضع يديه على ركبه النبي صلى الله عليه وسلم وقيل على فخذي نفسه اي جلس جلسة المسترشد بين المصنف رحمه الله تعالى معنى الاضمار الواقعي في قوله فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه. فانه ركبتيه الى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقا. لكن اختلف الشراح رحمهم الله تعالى في معنى قوله ضع كفيه على فخذيه اكان الوضع لها على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم او كان وضعها على فخ نفسه قولان اثنان صحهما ما دلت عليه رواية النسائي في حديث ابي ذر وابي هريرة رضي الله رضي الله عنهما وفيها فوضع يديه على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم. فتكون يد آآ السائل موضوعة على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم لا على فخذي نفسه وقد اختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في الحامل له على ذلك والصحيح ان الحامل له على ذلك هو الايغال في التعمية بان لا يعرف. فان هذا فعل جفاة الاعراب. فانه عما على من عند النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الحال تبادر الى وضع يديه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من افعال اهل الجفاء مبالغة في تعمية نفسه. واما من يقول انه على ذلك ادبا فليس هذا حال المؤدب بل حال المؤدب هو على المعنى الثاني الذي ذكره بعض اهل العلم والرواية تخاربه انه يضع يديه على فخذي نفسه وهي جلسة المسترشد. نعم. احسن الله اليكم. قوله يا محمد عن الاسلام الى اخره فيه دليل على ان الايمان اخص من الاسلام لانه سأل عن الاسلام ثم عن الايمان ثم عن الاحسان ومن الاعم الى الاخص ثم الى الاخص منه. ويشهد لذلك قوله تعالى. قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم وان تطيعوا الله ورسوله لا يلدكم من اعمالكم شيئا ان الله غفور رحيم وقد يطلق الاسلام ويراد به الايمان كقوله تعالى اذ قال له ربه اسلم قال اسلمت لرب العالمين فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا. قوله فعجبنا له ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ان قول النبي صلى الله عليه وسلم ان قول الراوي في هذا الحديث هو يا محمد اخبرني عن الاسلام الى اخره فيه دليل على ان الايمان اخص من الاسلام لانه سأل عن الاسلام ثم عن الايمان ثم عن الاسلام ثم عن الاحسان من الاعم الى الاخص ثم الاخص منه فقد نهج نهج الترقي لا نهج التدلي يبقى من شيء الى شيء اعلى منه ثم الى ثالث اعلى منهما وابتدأ بالاسلام ثم ترقى الى الايمان ثم ترقى الى احسان وفي ذلك دليل على ان اللفظ العام هو لفظ الاسلام ثم يضيق هذا اللفظ فيختص بعض افراده الايمان ثم يختص بعض افراد الايمان بالمرتبة الثالثة وهي مرتبة الاحسان. واستدل المصنف رحمه الله تعالى على ان الايمان اخص من الاسلام باية الحجرات قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا فاثبت الله سبحانه وتعالى لهم الاسلام ولم يثبت لهم الايمان لان الايمان مرتبة اعلى وهذه المرتبة تختص بالرقي اذا ذكرت مع الاسلام فاذا قيل الاسلام والايمان علم انهما قد جمع معنيين منفردين كل احد بمفرده فالاسلام له معنى والايمان له مفردا له معنى واذا اطلق احدهما دل على الاخر فالاسلام هو الايمان والايمان هو الاسلام كما ذكر المصنف في قوله وقد يطلق الاسلام ويراد به الايمان. نعم. احسن الله اليكم قوله فعجبنا له يسأله ويصدقه اي لانه سأل سؤال عارف محقق مصدق. وفي رواية قال القوم ما رأينا رجلا مثل هذا كأنه يعلم رسول الله يقول له صدقت صدقت. ذكر المصنف رحمه الله تعالى قوله فعجبنا له يسأله ويصدقه وبين وجه استغرابهم بقوله اي لانه سأل سؤال عارف محقق مصدق فله علم بما يسأل عنه فهو يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يصدقه فوقع لهم العجب بسبب ذلك فان الاصل ان السائل المستفهم يكون جاهلا لما يسأل عنه فلما كان هذا الرجل يسأل ثم يصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقول كان ذلك دليل علمه وهذا موضع العجب منهم رضي الله عنه. وقد وقع في رواية لاحمد هي التي ذكرها المصنف. قال القوم ما بين رجلا اشد توقيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا كأنه يعلم رسول الله يقول له صدقت صدقت اي يثبت علم النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه كان لا علم له ولما اخبره النبي صلى الله عليه وسلم قال صدقت لا على الاعلام بان له علم سابق ولكن على الاعلام بان خبر المخبر الذي اخبره هو الخبر الصادق. كما تقول لسائل سألته عن امر ما صدقت صدقت وانت على غير علم بما ما سألت عنه ولكن لما كان خبره محققا عندك قلت صدقت صدقت توقيرا وتعظيما له فيما اخبر عنه فكان هذا المصدق قال ذلك توقيرا وتعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الرواية عند احمد رواتها ثقات لكنها اصل الحديث في الصحيح وغيره من رواية جماعة من الثقات ليست فيه هذه اللفظة فاشبه وشيء ان تكون هذه اللفظة شاذة نعم احسن الله اليكم. قوله وتؤمن بالقدر خيره وشره. اي تصدق بان ما وقع من شيء فهو بتقدير الله عز وجل. وقد علم الله الاشياء قبل ايجادها ثم اوجد ما شاء منها. فكل محدث صابر عن علمه وقدرته وارادته. قال الله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ورأها ان ذلك على الله يسير. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان ركن من اركان من اخرجه دون غيره من اركان الايمان فان حديث جبريل عليه الصلاة والسلام تضمن اركان الايمان الستة لكنه افرد هذا الركن بالبيان لمزيد الحاجة اليه فانه الركن الاعظم الذي وقع فيه الخلاف اولا بين الناس في الصدر الاول في عهد بقايا الصحابة كابن عمر وجابر رضي الله عنهما وهو القول في القدر وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى حقيقة الايمان بالقدر بقوله اي تصدق بان ما وقع من شيء فهو بتقدير الله الى اخر ما ذكر. والذي دلت عليه دلائل الوحيين ان الايمان بالقدر هو الايمان ايمان بان الله عز وجل علم الكائنات وكتبها ثم يخلقها سبحانه وتعالى بارادته ومشيئته. فقدر الله الله عز وجل دائر على هذه الامور الاربعة المسماة باركان الايمان بالقدر وهي اولها علم الله بالكائنات اي الوقائع المقدرة وثانيها كتابة الله سبحانه وتعالى كالمقادير وثالثها خلقه عز وجل لها ورابعها مشيئته وارادته سبحانه وتعالى لها. نعم. احسن الله اليكم. قوله فاخبرني عن الاحسان. قال ان تعبد الله كانك فترى فان لم تكن تراه فانه يراك. احسان العبادة الاخلاص فيها والخشوع ومراقبة المعبود. اشار صلى الله عليه وسلم الى حالتين الاولى وهي ارفعهما ان يغلب على العبد مشاهدة الله بقلبه حتى كأنه يراه بعينه. والثانية ان يستحضر ان الله مطلعون عليه يرى كل ما يعمل ويرى كل ما يعمل. قال بعض العارفين من عمل من عمل لله على المشاهدة فهو عارف ومن عمل على مشاهدة الله اياه فهو مخلص. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان معنى الاحسان. والذي ذكره رحمه الله تعالى مخصوص باحسان مع الله عز وجل وهو الذي سماه احسان العبادة. فان الاحسان يتصرف باعتبار متعلقه اهو الخالق او المخلوق وباعتبار معنى الفعل الذي يتصل بذلك على ما بيناه في غير هذا المحل لكن المراد منه ها هنا هو الاحسان المتعلق بالله سبحانه وتعالى المعبر عنه بقول المصنف احسان العبادة ثم بينه بقوله الاخلاص فيها والخشوع ومراقبة وهذه أفراد من أفراد إحسان عبادة والسمط الحاوي أن يقال إن إحسان العبادة هو إتقان الباطن والله بعبادة الله على مقام المشاهدة او المراقبة هو اتقان الباطن بعبادة الله على مقام المشاهدة او المراقبة. وهو المشار اليه في قوله ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. وهذه الاشارة تضمنت بيان حالين لا حالتين فان الحال تذكر لفظا ولا يقال حالة وان كانت مؤنثة وتقول في وصفها الحال الأولى والحال الثانية والحال الثالثة وهلم جرا. فالموافق لعربية ان تكون العبارة اشار صلى الله عليه وسلم الى حالين الاولى الى اخر ما ذكر. واما تأنيثها لفظا ومعنى بان تقول الحالة الاولى الحالة الثانية فهذا ظعيف لغتان. وقد بين المصنف رحمه الله تعالى بينك الحالين فقال الاولى وهي ارفعهما ان يغلب على العبد مشاهدة الله في قلبه حتى كأنه يراه بعينه. ويقال لها مقام المشاهدة. وهذه المشاهدة المراد بها الشهود القلبي لا الشهود البصري. لان الشهود البصري ممتنع في الدنيا. كما روى مسلم من حديث بعض لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال واعلموا ان احدا منكم لن يرى ربه حتى يموت. فالمشاهدة البصرية لله سبحانه وتعالى ممتنعة في هذه الدنيا. اما المشاهدة القلبية فهي مأمور بها شرعا كما في هذا الحديث. والحال الثانية ان يستحضر ان الله مطلع عليه وكل ما يعمل وهي مقام المراقبة اي ان الله سبحانه وتعالى يراقبك واكمل الحالين هو الحال الاولى بان تعبد الله سبحانه وتعالى على حال المشاهدة. فان لم يقدر المرء على ذلك يعبد الله فانه يعبد الله سبحانه وتعالى على مقام المراقبة اي كان الله عز وجل مراقب له مطلع عليه. ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى بعض المتكلمين من ارباب الرقائق والسلوك بقوله قال بعض العارفين من عمل لله على المشاهدة فهو عارف من عمل على مشاهدة الله اياه فهو مخلص. ولقب العارف لفظ شاعر عند المتأخرين للدلالة على من كمل علمه بالله وبامره ممتثلا لما يوجبه العلم من العمل دائم الصلة بربه سبحانه وتعالى. فعبروا عن هذه الحال باسم العارف وان كان الشرع قد عبر عنها باسم العابد لكن لما تكلم من تكلم في مراتب السالكين وجعلوها مراتب عدة بالسالك فالمريد الى اخر ما ذكروا ذكروا في تفاصيل هذه المراتب مرتبة العارف وخصوها بمن كمل علمه بالله وامره مع امتثال ما يقتضيه العلم فهي مرتبة من مراتب الكمال عندهم وان كان الشرع قد تجافى هذه اللفظة ولم يثبتها من القاب الكمال الدالة على عباد الله سبحانه وتعالى الممتثلين لامره ثم انما ذكره رحمه الله تعالى من ترتيب الخلق على هذين المرتبتين يقتضي ان من عمل على المشاهدة فهو عارف اي على حال اكمل ومن كان دونه ممن عمل على مشاهدة الله اياه فهو اي على حال ادنى هذا حق باعتبار هذا الترتيب فانه هو الذي تضمنه الحديث. فان المرتبة الاولى هي الاكمل ولذلك قدمت فدلت على ان صاحبها هو الذي على الحال الاكمل. سواء سميناه عارفا ام لم نشبه بذلك. وان من كان على المرتبة الثانية فهو دونه. نعم. احسن الله اليكم. قوله قال فاخبرني عن الساعة. قال ما المسئول عنها باعلم السائل اي لا اعلمها انا ولا انت ولا احد من الخلق بل لا يعلم وقت مجيئها الا الله تعالى. قوله عن اماراتها اي علاماتها. قوله قال ان تلد الامة ربتها اي سيدتها. وفي رواية ربها ان يكثروا التسري فيكون ولد الامة من سيدها بمنزلة سيدها. فقيل معناه ان يكثر العقوق في الاولاد. فيعامل الولد امه معاملة السيد امته وهذا ونحوه من الاشراط الصغار. وقد وقع بعضها واما الاشراط الكبار فهي خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها والله اعلم. بين المصنف رحمه الله تعالى معنى ما جاء في هذا الحديث من قوله ان تلد الامة ربتها اي سيدتها والربة انسوا الرب وقد وقع في رواية على التذكير ربها اي يكثر التسلي فيكون ولد الامة من سيدها بمنزلة سيدها اي تملك المرأة فتكون رقيقة امة لسيدها فيتزوجها ويعقب منها ولدا يكون بمنزلة سيدها لانه تابع لابيه. وهذا المعنى هو الذي تدل عليه اللغة فان الاصل ان الامة وربها موضوعة على هذا المعنى. واما قول من يقول انه يكثر العقوق في الاولاد فيعامل الولد امه معاملة السيد امته فهذا حمل للكلام على غير حقيقته المتبادرة منه ومن قواعد المعاني والاصول ان حمل الكلام على الحقيقة مقدم على حمله على المجاز القول بان معنى هذه الجملة هو ان يكثر التسري فيكون ولد الامد من سيدها بمنزلة سيدها هذا هو حقيقة الكلام الموضوعة على هذا المعنى في كلام العرب فهي المرادة وما عدا ذلك مما ذكره المصنف او غيره من المعاني فانها من المعاني المجازية والاخذ بحقيقة الكلام مقدمة على مجازه. وهذا المذكور في هذا الحديث من اشراط الساعة اي علاماتها وقد ذكر المصنف ان هذا من الاشراط الصغار وتقابلها الاشراط الكبار وهذه الطريقة كثيرا من اهل العلم يقسمون علامات الساعة قسمين اثنين احدهما الاشراط الصغرى والاخر الاشراط الكبرى ومن اهل العلم من يجعلها على ثلاثة اقسام فيجعل بينهما قسما ثالثا هو الاشراط الوسطى. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الاشراط الصغار قد وقع بعضها واما الاشراط الكبار فانها لم تقع بعد نعم احسن الله اليكم قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثالث عن ابي عبد الرحمن عبد الله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج بيت وصوم رمضان رواه البخاري ومسلم. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا الحديث اصل عظيم في معرفة الاسلام قوله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس اي خمس دعائم وفي رواية على خمسة اي خمسة اركان مثل الاسلام بالبنيان الذي لا يثبت الا على خمس. وبقية خصال الاسلام كتتمة البنيان. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان قوله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس بذكر المعدود وان المعدود دعائم لان العدد مذكر فناسب ان يكون المعدود مؤنثا فان الدعائم جمع دعامة وهي مؤنثة ووضع في رواية عند مسلم على خمسة في تأنيث العدد المعدود حينئذ مذكرا اي خمسة اركان فان الركن مذكر. وهذا الذي اليه المصنف رحمه الله تعالى هو التزام القاعدة المشهورة في تأنيث العدد وتذكيره فيما فوق الاثنين. والصحيح ان المعدود اذا لم يذكر جاز تذكير وتأنيث العدد كما في حديث ابي ايوب عند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان واتبعه ستا من شوال. وعلى القاعدة فان المعدود هنا هو الايام والايام مذكر فكان مقتضاها ان يكون العدد مؤنثا فيكون الحديث واتبعه ستة من شوال لكن العربي تقتضي ان المعدود اذا لم يذكر جاز تذكير العدد وتأنيثه وحينئذ فهذا الحديث من هذا انس فقوله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس اي خمسة اركان وتذكير العدد لان المعدود محذوف واذا حذف المعدود جاز التذكير والتأنيث وجعله على اركان هو تمثيل للاسلام البنيان الذي لا يثبت الا على خمسة اركان وبقية خصال الاسلام كتتمة البنيان فهذه الخمس معدودات في هذا الحديث هي اركان ذلك البناء. نعم. احسن الله اليكم. قوله شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. اي الايمان بالله ورسوله. ولمسلم على خمس على ان توحد الله عز وجل قوله ذكر المصنف رحمه الله تعالى مضمن معنى الشهادة باختصار والذي دلت عليه الادلة هو ان مضمن الشهادة لله سبحانه وتعالى بانه لا اله الا هو هو التوحيد وان شهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بكونه رسول الله سبحانه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان مضمنها هو اتباعه صلى الله عليه وسلم رسولا. فاذا قيل اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله كان المعنى اقر بالله سبحانه وتعالى موحدا له واقر للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة متبعا له. ومن هذا الجنس الاية التي فيها الامر بالايمان بالله ورسوله. في قوله تعالى يا ايها والذين امنوا امنوا امنوا بالله ورسوله اي امنوا بالله ربا توحدونه وامنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا تتبعونه وكذلك الايات التي فيها الامر بطاعة الله وطاعة رسوله اي اطيعوا الله ربا توحدونه واطيعوا محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا تتبعونه. نعم. احسن الله اليكم. قوله واقام الصلاة في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. وخرج محمد بن نصر المروزي من حديث عبادة ابن رضي الله عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تترك الصلاة متعمدا فمن تركها متعمدا فقد خرج من من الملة وقال عبدالله بن شقيق كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الاعمال شيئا تركه كفر الا الصلاة ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا مما يتعلق بمعنى اقامة الصلاة وهو بيان جرم من تركها او عرض في ذلك ما يدل على ان من ترك الصلاة ان من ترك الصلاة فهو كافر وابتدأ ذلك بحديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بين الرجل وبين الكفر او الشرك ترك الصلاة والمصدر حيث عرف بال فانه دال على الاكبر كما ذكر هذه القاعدة شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم فقوله صلى الله عليه وسلم هنا وبين الكفر او الشرك اي الكفر الاكبر والشرك الاكبر لان المصدر عرف بال والمصدر ينحل عن حدث وزمن فهو دال على سبوغ بالفعل الذي تضمنه وهو الكفر والشرك. فالكفر هنا في اعم صوره واعلاها وهو والاكبر وكذلك الشرك. وهذه القاعدة مختصة بالمصدر. لانه ينحل عن زمن وحدث. بخلاف اسم الفاعل فاسم الفاعل لا يكون له هذا المقتضى عند اهل العربية. فاذا قلت الكافر لم يكن دليلا على انه متصف بالكفر الاكبر بل ربما يكون متصفا بالكفر الاكبر او بالكفر الاصغر. ومن جعل هذا بمنزلة هذا فلا علم له بالعربية فان دلالة المصدر غير دلالة اسم الفاعل فدلالة المصدر على ما ذكرت لك حيث حليت بال فهي دالة على الاكبر وقد ذكر هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم في اوائل ثم اتبع ذلك بحديث اخر عن عبادة ابن الصامت عزاه الى محمد ابن نصر المروزي وهو في كتاب تعظيم قدر الصلاة له والحديث عند من هو اشهر منه في الطبراني في المعجم الكبير فالعزو اليه اولى واسناده ضعيف ثم ذكر قولة عبد الله ابن شقيق كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من اعمال شيئا تركه كفر الا الصلاة رواه الترمذي واسناده صحيح. وكل من اورد حجة على هذا الاثر عقلية او عقلية او اسنادية او متية فحجته داحضة. فان هذا نقل قديم باجماع اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انهم لم يكونوا يرون من الاعمال شيئا تركه كفر الا الصلاة وهذا الاجماع مخصوص بالاعمال المتروكة وليس بكل فعل كما توهمه بعضهم فان الافعال المحرمة كالشرك او السحر او غيرها لا يحتاج فيها الى مثل هذا. وانما النقل هنا مختص قم بالاعمال المأمور بها فمعنى قوله لا يرون من الاعمال اي الاعمال التي امر بفعلها لا الاعمال التي امر بتركها وهذا الاجماع لا يقدح فيه كونه اختلفوا في المكفر اهو صلاة واحدة ام اكثر من صلاة فهم يجمعون على ان ترك الصلاة كفر ثم يختلفون في حقيقة ما يقع به التكفير نعم. احسن الله اليكم قوله وايتاء الزكاة في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاتنا وزكاتنا اختان فمن لم يزكي فلا صلاة له اورد المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث في بيان معنى الايتاء واراد به بيان قوة الاتحاد بين الصلاة والزكاة. وهو حديث لم اجده بهذا اللفظ. وانما روى في المعجم الكبير بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال امرنا باقامة الصلاة وايتاء الزكاة فمن لم يزكي فلا صلاة له. واما المرفوع بهذا اللفظ فلا اعرفه. نعم احسن الله اليك قوله وصوم رمضان قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون وقال صلى الله عليه وسلم من افطر يوما من رمضان لغير عذر لم يقضه صيام الدهر وان صامه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في بيان معنى صوم رمضان اية وحديثة فاما الاية فقوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام وهذه الاية هي الاية المقدمة في ايات الصيام في سورة البقرة وفيها بيان فرض الصيام لكن ليس فيها بيان تعيينه بشهر رمضان وانما وقع تعيينه بعد ذلك في الايات التابعة لها. فلو ان المصنف رحمه الله الله تعالى ذكر الايات التي بعدها كان اولى لان تلك الايات متضمنة لبيان هذا الصوم المفروض. ثم اورد المصنف الله تعالى حديثا في تعظيم قدر رمضان وبيان عظيم جرم من افطر منه لغير عذر حديث اخرجه الترمذي وابن ماجة واسناده ضعيف. والاحاديث في تعظيم رمضان مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم تغني عن مثله. نعم. احسن الله اليكم. قوله وحج البيت هذا الركن الخامس من اركان الاسلام. قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. ومن كفر فان الله غني عن العالمين. وقال النبي صلى الله عليه وسلم السبيل الزاد والراحلة قال عطاء عطاء من خرسان الدين خمس لا يقبل الله منهن شيئا دون شيء. شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله والايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالجنة والنار والحياة بعد الموت. هذه واحدة والصلوات خمس عمود الدين لا يقبل الله الايمان الا بالصلاة. والزكاة طهور من الذنوب ولا يقبل الله الايمان ولا الصلاة الا بالزكاة فمن فعل هؤلاء الثلاث ثم جاء رمضان فترك صيامه متعمدا لم يقبل الله منه الايمان ولا الصلاة ولا الزكاة فمن فعل هؤلاء ثم تيسر له الحج فلم يحج ولم يوصي بحجته ولم يحج عنه بعض اهله لم يقبل الله منه الاربع التي قبلها ختم المصنف رحمه الله تعالى بيان معنى هذا الحديث ببيان الجملة الاخيرة في ذكر حج بيت الله الحرام فقال قوله وحج البيت هذا الركن الخامس من اركان الاسلام ولم يجد المصنف رحمه الله تعالى في ترتيب جمل هذا الحديث على الرواية التي اختارها النووي رحمه الله تعالى فان الرواية التي اشتار النووي واثبتها المصنف فيها تقديم حج البيت على صوم رمضان. ففي الحديث وحج البيت وصوم رمضان وهذه الرواية هي المتفق عليها واما تقديم الصوم على الحج فهذه من افراد مسلم وفي تقديمها نظر وللسبكي رحمه الله تعالى بحث في ذلك في كتاب الطبقات الكبرى له. وقد بين المصنف رحمه الله تعالى طرفا مما يتعلق بحج البيت باية فرض الحج ثم اتبعها بحديث السبيل الزاد والراحلة وهذا الحديث رواه الترمذي عن ابن عمر وابن ماجه عن ابن عباس في اسنادين ضعيفين ولا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه يثبت لكن قال الترمذي رحمه الله تعالى وعلى هذا اهل العلم انتهى هذه العبارة حكاية اجماع بان السبيل هو الزاد والراحلة. ولابي العباس ابن تيمية كلام قريب منه في شرح العمدة وقد سبق ان ذكرت لكم ان قول الترمذي وعليه العمل عند اهل العلم و ونحو ذلك من الالفاظ التي يعبر بها عن هذا المقصود انها من اجل ما تضمنه كتاب الجامع. وان من مقاصد تأليفه له بيان ما عليه العمل عند اهل العلم فانه باسم كتابه ذكر وبيان المعلول وما عليه العمل اي العمل عمل عند اهل العلم. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بقول عطاء المتضمن تعظيم اركان الاسلام وانه لا يقبل يقبل واحد منها دون اخر. فكأنه يذهب الى ان من ترك ركنا من اركان الاسلام كفر وهذا مذهب جماعة من السلف والذي الارجح والله اعلم من هذه من الاقوال في هذه المسألة ان من ترك الركن الاول فانه كافر اجماعا. واما من ترك الصلاة فانه كافر على الصحيح اما من ترك الاركان الثلاثة فانه لا يكون كافرا وانما يكون فاسقا. هذا هو الذي يترجح هو الله الله اعلم في هذه المسألة وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب. هنا في فائدة نحوية. قول المصنف وغيره كذا وكذا ما اعراب قوله؟ مثلا عندنا قال قوله فاخبرني عن اماراتها اي علاماتها. ما اعراب قولك الجواب سهل مبتدأ اين الخبر محذوف معناه كذا وين وقفت انا؟ واين وقفت على هذا لان الخبر يحذف الخبر يحدث ومقدر طيب هنا الاصل الحذف الاصل عدم الحذف او الحذف الاصل عدم الحد. فلماذا حذف لا الاشتهار الجملة اما العلم به لا غامض العلم به هذه المسألة مسألة مشكلة. الخبر البحث عن الخبر هنا مسألة المشكلة عند النحاة. قوله فأخبرني عن اماراتها ما هو الخبر؟ الصحيح ان الخبر المقدر تقديره مقول فيه كذا وكذا. فمثلا قوله فاخبرني عن اماراتها. نقول فيه اي علاماتها. هذه الفائدة فائدة جليلة ذكرها الباجوري في حاشيته على شرح الشنشور على الرحمية