السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات. واشهد اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقد مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم اما بعد فهذا هو الدرس الثالث في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى احدى وثلاثين سنة ثلاثين واربع مئة الف واحدى وثلاثين واربعمائة والف وهو كتاب تعليم الأحب. للعلامة فيصل ال مبارك اسلوب كتاب اعلام السنة المنشورة العلامة حافظ الحكمي رحمهما الله تعالى. وقد انتهى بنا القول الكتاب الاول عند الحديث الرابع. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الرابع عن ابي عبد الرحمن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق. ان احدكم ليجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة. ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك. ثم يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح. ويؤمر باربع كلمات هلكت في رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد. فوالله الذي لا اله غيره ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى اما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها. وان احدكم ليعمل عمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها. رواه البخاري ومسلم قال الشارح رحمه الله تعالى قوله وهو الصادق المصدوق اي الصادق في قوله المصدوق في ما يأتيه من الوحي الكريم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان الجملة الاولى من حديث المذكور الذي اورده النووي رحمه الله تعالى وهو قول ابن مسعود في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق. فبين الشارح ان معنى ذلك انه الصادق في قوله المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم فهو جامع بين صديقين اثنين. احدهما صدق في قوله والاخر صدق في منقوله. فهو صادق فيما يقوله مخبرا به وهو مصدق فيما ينقله لانه يأتيه من قبل الوحي الكريم فإن الله سبحانه وتعالى جعل الرسل اهل صدق وامدهم بما يظهر صدقهم ويبينه. ومن اسمائه سبحانه وتعالى المؤمن ومن تأمين لانبيائه ان يظهر دلائل صدقهم كما قال في رسولنا صلى الله عليه وسلم ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. الايات فان اعزاز الله عز وجل له ونصرته على اعدائه مع كونه يخبر ربه وينسب ما يخبر به اليه دال على كونه مصدوقا صلى الله عليه وسلم. فان الله عز وجل يعذره وينصره ويمده بما يظهر صدقه صلوات الله وسلامه عليه. والخبر انما آآ تنتهك حرمته وتضعه جدوته باحدى هاتين الجهتين فاما ان يكون المخبر كاذبا في قوله واما ان يكون كاذبا في منقوله. ورسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك نعم. احسن الله اليك. قوله ويؤمر باربع كلمات بكتب رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد اي وهو شقي او سعيد. وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله قدر مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة. وفي الصحيحين عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما من نفس منفوثة الا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار. فقال رجل يا رسول الله افلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له. فاما اهل اما اهل السعادة فييسرون في عمل اهل السعادة واما اهل الشقاوة فيسرون لعمل اهل الشقاوة الحديث. وفي الحديث الاخر انما الاعمال بالخواتيم. قال رجب فالخواتيم ميراث السوابق. وقال ابن دقيق العيد لما كانت السابقة مستورة عنا والخاتمة ظاهرة جاء في جاء في الحديث انما الاعمال بالخواتيم وانقلاب الناس من الشر الى الخير كثير. واما انقلابهم من الخير الى الشر ففي غاية النذور ولله قلت ويشهدني هذا قوله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون اولئك اصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان جملة ومن الحديث وهي قوله ويؤمر باربع كلمات الى اخره. فبين رحمه الله تعالى ان هؤلاء الكلمات من قدر الله السابق. فان الله عز وجل قد كتب قدر عبده سابقا واورد المصنف رحمه الله تعالى ما يدل على كذبه وذكر حديثين اثنين احدهما عبدالله بن عمرو والاخر حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنهما جميعا وهذان افصحان عن ان قدر العبد مكتوب عليه فيما يكون في دنياه واخرته وان تلك الكتابة وقعت بتقدير الله سبحانه وتعالى السابق قبل خلق السماوات والارض كما في حديث عبدالله ابن عمرو ان الله قدر مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الفاء سنة والسنة حيث اطلقت في الخطاب الشرعي فالمراد بها سنتنا ما لم تضف الى الرب سبحانه وتعالى. فان عد السنين عندنا يختلف عن عده في حق ربنا سبحانه وتعالى. والمعهود في خطاب الشرع انما هو ما كان باعتبار اللسان الذي تعرفه العرب الذي اورده الله عز وجل في قوله ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا الآية. ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى حديث علي وفيه بيان من ان منتهى الخلق الى سعادة او شقاوة انما يكون باعتبار ما قدر الله عز وجل لهم. وان الله ييسر لهم اسبابها. فمن كتب له السعادة يسر له اسبابها ومن كتب له الشقاوة يسر له اسبابها. ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى حديثا اخر وهو انما الاعمال بالخواتيم اي باعتبار ما يختم وينتهى وينتهي اليه عمله. فان المرء يؤاخذ بما انتهى اليه لا بما كان عليه ان كان كافرا ثم اسلم انما يحاسب باعتبار اسلامه. لا باعتبار ما مضى منه وهذا امر مطرد في كل حكم على احد من الخلق فان المنظور منه اليه انما ما هو النهاية للبداية؟ فان البداية في الخلق ضعيفة. وانما يحكم عليهم باعتبار نهاياتهم قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية من كمال النهاية ما ييسر الله عز وجل لمن شاء من خلقه بالختم لهم على السعادة. وانما ينال الختم على السعادة باعتبار ما يسبق من عمل. ولذلك قال اهل العلم سلفا وخلفا ومنهم ابن رجب الخواتيم ميراث السوابق اي انما يرث الانسان خاتمة حسنة او سيئة باعتبار ما تقدم منه من عمل ويسبق اليه. فان الله لا يظلم احدا. فمن احسن عمله رزقه الله خاتمة حسنة ومن اساء عمله اتفقت له الخاتمة السيئة. ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى كلاما دقيق العيد في هذا المعنى وهذا الكلام منقول من الشرح المنسوب اليه على هذا المتن وهو الاربعين النووية وهذا الشرح المنشور من سنين متطاولة منسوبا لابن دقيق العيد ليس لابن دقيق العيد وانما هو لغيره واختلف في ذلك اهوى زكريا الانصاري ام غيره لكن المقطوع به انه ليس لبدقيق العيد لان فيه نقلا عن اناس تأخروا عن ابن دقيق العيد وجاءوا بعده فلا يمكن ان ينقل عن اناس لم يخلقوا بعد. وهذا الكلام المذكور في الشرح المنسوب الى في دقيق العيد صحيح فان الله عز وجل اظهر لنا الخاتمة وستر فالإطلاع على سوابق الخلق يعسر ولكن معرفة خواتيمهم تسهل فجاء التنبيه اليها في حديث انما الاعمال بالخواتيم ثم ذكر ان انقلاب الناس من الشر الى الخير كثير واما انقلابهم من الخير الى الشر ففي غاية الندور ولله الحمد فان اكثر من يتحول يتحول من شر كان عليه الى خير يصير اليه وربما كان كافرا فيصير مسلما او كان مبتدعا فيصير سنيا او كان فاسقا فيصير مطيعا ولا تخرج انواع الانقلاب عن هذه الانواع الثلاثة فاحدها وهو اعظمها الانقلاب من الكفر الى الاسلام. وثانيها وهو دونه الانقلاب من البدعة الى السنة. وثالثها وهو اخرها الانقلاب من المعصية الى الطاعة. ثم ذكر الشارح رحمه الله تعالى ما صدقوا الكلام المنقول عن هذا الشرح بقول الله عز وجل ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الاية فان هؤلاء القائلين كانوا قوما كفارا فسمعوا مناديا ينادي للايمان ان امروا بربكم فامنوا وقالوا ربنا الله ثم استقاموا على ما امرهم الله فكان الجزاء في الاخرة الا خوف عليهم ولا هم يحزنون. نعم. احسن الله اليكم الحديث الخامس قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الخامس عن ام عن ام المؤمنين ام عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين وهو في رد كل بدعة ليس لها اصل اصل في الكتاب ولا في السنة. سواء احدثها او قلد غيره فيها. قال النووي رحمه الله هذا الحديث مما ينبغي ان يعتنى بحفظه واستعماله في ابطال المنكرات واشاعة الاستدلال به كذلك. ذكر السارح رحمه الله تعالى في بيان الحديث الخامس وهو حديث من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. ان هذا الحديث قاعدة عظيمة من الدين لانه يتضمن الحكم على الاعمال الظاهرة. فان الشريعة لها آآ ميزانين فان الشريعة لها ميزانان. احدهما ميزان الاعمال الباطنة وهو حديث انما الاعمال بالنيات. والثاني ميزان الاعمال الطاهرة وهو حديث من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. ذكر هذا المعنى جماعة من اهل العلم كابي العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وحفيده بالتلمذة ابي الفرج ابن رجب و ابن سعدي رحمهما الله وهذا الحديث صريح في رد كل بدعة ليس لها اصل في كتاب ولا في السنة سواء احدثها او قلد غيره فيها. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال فهو رد اي مردود على صاحبه. فكل محدث مما ليس في الدين فانه مردود على صاحبه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى كلام النووي في الاشادة بهذا حديث وتوجيه الانظار اليه وهو قوله هذا الحديث مما ينبغي ان يعتنى بحفظه ماله في ابطال المنكرات واشاعة الاستدلال به كذلك. فهو جنة يتقى بها في ابطال المنكرات وتقوية هذه الجنة تقتضي ان يشيع المرء هذا الحديث في المؤمنين وان يعظم شأنه بينهم. واكثر المتكلمين على هذا هذا الحديث انما تنصرف انظارهم الى جعل هذا الحديث اصلا في ابطال البدع المحدثة دون المنكرات المخالفة. مع كون هذا الحديث دالا على ولهذا وهذا ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في رواية مسلم وعلقها البخاري من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. وهذا يعم نوعين من العمل. احدهما امل يوقع زيادة على الشريعة وهي البدع الواقعة والثاني عمل يقع مخالفة للشريعة وهي المنكرات الزائعة فالحديث اصل في الرد على كل من زاد شيئا في الشريعة او خالف امر الشريعة وليس مقصورا للرد على اهل البدع بل هو اصل يرد به على اهل البدع ويرد به ايضا على اهل منكرات والفجور والفسق الذين يسعون في مخالفة امر الشريعة الذي جاءت به. نعم. احسن الله اليكم قال النووي رحمه الله تعالى الحديث السادس عن ابي عن ابي عبدالله النعمان ابن بشير رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الحلال بين وان الحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات قد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه الا وان لكل ملك الاوان حمى الله محارمه الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. رواه البخاري ومسلم. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا الحديث اصل عظيم عظيم من اصول واجمع العلماء على عظيم موقعه وكثرة فوائده. ذكر الشارح رحمه الله تعالى في هذه الجملة مبلغ هذا الحديث وقدره وهذا الاصل الذي تقدم في بعض الاحاديث انما يراد به تعظيم هذا الحديث في النفوس والكشف عن مرتبته فان الاحاديث المعظمة من عظيم قوله صلى الله الله عليه وسلم اولى بالعناية واجدر بالرعاية. فان قوله صلى الله عليه وسلم كله كله عظيم كما قال الله عز وجل وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى الا ان منه شيء اعظم من شيء كما ان في كتاب ربنا وكلامه شيء اعظم من شيء وافضل من شيء. وكلما انا المذكور من الكلام اعظم وافضل كان احق واجدر بالعناية به رعايته. نعم. احسن الله اليكم. قوله الحلال بين والحرام بين. معناه ان الحلال المحض بين لاشتباه فيه والحرام المحض بين الاشتباه فيه ولكن بين الامرين امور تشتبه على كثير من الناس هل هي من الحلال ام من الحرام واما الراسخون في العلم فلا تشتبه عليهم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان قوله صلى الله عليه وسلم الحلال مبين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات. وهذه الجملة متعلقة للخطاب الشرعي الطلبي. الدائري بين الامر والنهي والخلو منهما. فما كان من خطاب الطلب في شرعنا. فهو آآ احد قسمين اولهما ما كان بينا حلا او حرمة والثاني ما كان مشتبها والبين هو الواضح الجلي. والمشتبه في خطاب الطلب هو الذي لم تتضح دليله دلالته ولم يتبين معناه. بخلاف المشتبه في خطاب الخبر فان المشتبه في خطاب الخبر هو الذي استأثر الله بعلمه كحقائق سمائه وصفاته وناره. والمذكور في هذا الحديث انما هو متعلق بخطاب الشرع الطلبي. وهو ومقسوم على القسمة التي ذكرت لك. وما كان منه مشتبها. غير متبين دلالة ولا معنى فان اكثر الناس فان كثيرا من الناس لا يعلمه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلمهن كثير من الناس. وفي ضمن ذلك الاخبار بان من الناس من يعلم حكم الله عز وجل فيها وهم الراسخون في العلم فلا تشتبهوا عليهم. نعم. احسن الله قوله فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه اي برأ دينه من الغش وعرضه من الطعن فيه وفيه اشارة الى المحافظة على الدين ومراعاة المروءة. قال بعض العلماء المكروه عقبة بين العبد والحرام. فمن استكثر من المكروه تطرق الى الحرام والمباح عقبة بينه وبين المكروه. فمن استكثر من المباح تطرق الى المكروه. وقال بعض السلف من تعرض للتهم فلا يلومن من اساء الظن به وقال بعضهم الصغيرة تجر تجر الكبيرة والكبيرة تجر الكفر قلت ويشهد لذلك قوله تعالى ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزئون. وفي الحديث لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتى يدعم لا بأس به حذرا مما به بأس. قوله الا وان في الجسد مضغة الى اخره فيه دليل على ان صلاح الجوارح وفسادها بحسب ما في القلب ربنا لا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان جملة اخرى من الحديث وهي قوله صلى الله عليه وسلم فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه اي برئ دينه من الغش وعرضه من اعني فيه فسلم من شغل ذمته بما يتعلق بالمؤاخذة من ربه وحرص عرظه ووقاه من كلام الناس. فكان في وقاية من ربه ومن خلقه وفي ذلك اشارة الى المحافظة على امور الدين التي هي حق رب العالمين ومراعاة المروءة وهي العرف الشائع بين المخلوقين. فالدين متعلق بالله والعرض متعلق بالخلق ومن اتقى الشبهات حصل له الاستبراء في دينه وعرضه. ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى قول بعض العلماء في كون المكروه عقبة بين العبد والحرام اي تحجيزه عن الحرام فمن استكثر من المكروه تطرف الى الحرام لانه يسهل ويهون عليه. والمباح عقبة بينه وبين المكروه. فمن استكثر من المباح تطرق الى المكروه. وقال بعض السلف من تعرض للتهم فلا يلومن من اساء الظن به فمن وقف في مقام ريبة انشأ في قلوب ناظريه اساءة الظن اساءة الظن به وقال بعضهم الصغيرة تجر الكبيرة والكبيرة تجر الكفر فان الانسان استكثروا من الصغائر حتى تجره الى الكبائر ويتهاون بتعاطي الكبائر حتى تجر الى الكفر وهذا معنى قول بعض الادباء البدعة شرك الشرك اي حبال الصاعد التي تصيده فتجره الى الوقوع في الشرك. ويشهد لهذا قول الله تعالى ثم كان عاقبة الذين سوءا كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزئون فانهم تمادوا فيما هم فيه فاورثهم ذلك ظين كما اتفق المنافقين فانهم كفروا ثم ازدادوا كفرا مع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون. واورد المصنف حديثا في هذا المعنى رواه الترمذي وغيره باسناد فيه ضعف كما اشار الى ذلك ابن رجب في فتح الباري. ومعنى الحديث ان العبد لا يكون متقيا حتى يدع ما لا حرج ولا اثم فيه مخافة ان يوقعه ذلك فيما فيه اثم وحرج ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى ببيان الجملة الاخيرة وهي الا وان في الجسد مضغة الى اخره وهي دليل على ان صلاح الجوارح وفسادها بحسب ما في القلب. وروي عن ابي هريرة رضي الله عنه بسند فيه ضعف انه كان قل القلب ملك البدن والاعضاء جنوده. فاذا طاب الملك طابت جنوده. واذا خبث الملك خبثت جنوده وذكر ابن عباس ابن تيمية هذا المعنى في الفتاوى المصرية وقد ختم المصنف رحمه الله تعالى بعد ذكر هذا المعنى بما يناسبه من الدعاء الوارد في القرآن وهو قوله تعالى ربنا لا تزغ قلوبنا اي لا تملها بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب فان القلوب اذا هديت واستقامت ينبغي ان تبقى خائفة من الزيغ والميل. وان تكون في حجة من موارد العطب والهلاك. ولا ينبغي ان يتهاون العبد بذلك. ولا ان يظن في نفسه قوة على اقتحام المفازات العظيمة التي يوردها على قلبه من شهوة او شبهة وكان السلف رحمهم الله تعالى يكرهون مخالطة اهل البدع وسماع كلامهم. قال الذهبي رحمه الله الله تعالى في سير اعلام النبلاء لان القلوب ضعيفة والشبه خطافة وهذا اصل في رعاية حال القلب وان العبد ينبغي ان يجعله في حجة ومنعة من ايراده على مناهج وموارد الشبه والشهوات التي كثرت في هذه الازمان وزينت للناس بانواع من الزينة والبهرج والبهرج التي تجر الناس اليها كتسميتها بالثقافة واتساع الافق والاطلاع على العالم الاخر وتقارب الامم والتعايش السلمي حتى هذا الامر في طلاب العلم والمتشرعة فصاروا يتساهلون في قراءة الكتب المحرمة ككتب الروايات التي تدعو الى الفجور والفسق او غيرها تحت دعوى الثقافة والاطلاع على الابداع الثقافي والعلمي للانسانية وكل هذا هذا من الهرطقات الباطلة التي لا تعرف في شرع ربنا سبحانه وتعالى. وقد انتهى الامر بالمسلمين اذا امر عظيم في هذا رأينا اثاره فيما آل اليه حال بعض المتشرعة من طلب مسالمة اولئك المنافقين والكفرة وحذلاقة الكلام ابتغاء موافقتهم في الظاهر فيما هم عليه. رغبة الى ما ينالونه عند الناس من دعوى القبول والانفتاح والتسامح وكل هذه تذهب مع الايام والليالي فان الدين دين الله فان الله عز وجل لا يرضى بترقيع دينه ولكنه يخرج في الناس من يجدد لهم دينهم ومن يرد الغي الذي يفشو فيهم الذي ذكرت لكم مثلا منه. وقد رأيت بام عيني شيئا يلد له جبين خجلا وتتلوى منه الكبد حرقا فقد رأيت احدا متشرعة ممن يريد حضور الصلاة بالتراويح في المسجد الحرام وقد جعل بين يديه في المسجد الحرام كتاب مدن الملح وهو رواية لاحد الشيوعيين الهالكين ممن كان ينتسب الى هذه البلاد فكان يتخذها ليقرأ بها فراغ بين الركعات في صلاة التراويح واي سفه اعظم من هذا السفه؟ واي عطب منها اعظم من هذا العطب وقد رأينا اثار ذلك في تحول كثير من الناس الى مقالات هؤلاء مع نسبتها الى الشرع والشرع منها براء وعلى الانسان ان يلزم اهل العلم الراسخين. وان يتمثل ما كان عليه علماء هذه البلاد. والا ينظر الى من هلك كيف هلك لكن ينظر الى من نجا كيف نجا فان ايام الفترات واحوال التغيرات وارتفاع اعلام الجاهلية وانطماس انوار التوحيد والسنة توجب على العبد طلب نجاته نفسه. وان يدعو الله سبحانه وتعالى ان يثبته. ولا يبالي بمن حوله من الهلكى ولو اجتمع الناس على خلافه ولو دعوا طريقته تزمتا وانغلاقا واحادية وغير ذلك من الدعاوى العريظة التي يرفعون شعاراتها ولا تغتر بالمنتسبين الى الشريعة الذين راج كلامهم وفشى غلطهم في القنوات والصحف وغيرها ممن صاروا يتحذلقون ويتقربون الى اهل الباطل والفجور والزموا الدين الذي مات عليه ابو القاسم صلى الله عليه وسلم. واعلموا ان حياة احدكم وان طالت فانها قصيرة وانما تكون راحته ومناه وسلوته اذا رضي الله سبحانه وتعالى عنه فلو غضب الناس عنك اجمعون ورضي عنك فلا تبالي فان غضب الناس لا يساوي شيئا. ولكن الامر اذا غضب الله عز وجل عليك فان الله اذا غضب غضب على احد حرمه السعادة. ولترون ذلك في اقوام يشاد بهم اليوم ويحاطون. فلينتقمن الله دينه فانه في ايام القومية والشوعية في السبعينات والثمانينات كان في بلدنا من ابناء جنسهم ممن سار بسيدهم فما هي الا حتى اظهر الله عز وجل فيهم عقوبته وابدى لهم نقمته وقلب محبة الناس لهم بغضا وطاحنهم الناس اجعلوهم نسيا منسيا وكان فيهم من يشار اليه ويشاد لا في المعرفة والثقافة بل في العلم الشرعي والافتاء. ولكن الله سبحانه وتعالى يحفظ دينه وينتقم لاوليائه. وهذه ايام الصبر فليصبر الانسان وليبتغي صلاح قلبه. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا واياكم على الاسلام والسنة وان يتوفانا على الاسلام والسنة خير خزايا ولا نداما ولا مبدلين وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب نعم