السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله جعل طلب العلم من اجل القربات. وتعبدنا به طول الحياة الى الممات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى آله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا هو الدرس الرابع. في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمد في سنته الاولى سنة ثلاثين بعد الاربع مئة والالف الف واحدى وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تعليم الاحب. للعلامة فيصل ال مبارك رحمه الله ويتلوه والكتاب الخامس وهو اعلام السنة المنشورة للعلامة حافظ الحكمي رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا الايضاح في كتاب الاول الى الحديث السابع نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام بسم الله الرحمن الرحيم المدفون منك بعيد عنك نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين قال النووي رحمه الله تعالى الحديث السابع عن ابي رقية تميم بن اوس الداري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه قال الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم قال الشارح رحمه الله تعالى النصيحة كلمة جامعة وهي من وجيز الاسماء ومختصر الكلام اي عماد الدين وقوامهم نصيحة. فالنصيحة لله سبحانه وتعالى الايمان به ونفي الشريك عنه. ووصفه بما وصف به نفسه في في كتابه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. ومحبة والقيام بطاعته واجتناب معصيته والحب فيه والبغض فيه وشكر نعمه. والنصيحة لكتابه الايمان بان كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الناس وتعظيمه ومحبته وتلاوته وتفهم علومه وامثاله والعمل بما فيه. والنصيحة لرسوله صلى الله عليه وسلم. تصديقه ومحبته وطاعته ونشر سنته ومحبة اهل بيته واصحابه والنصيحة لائمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم وتذكيرهم برفق واعلامهم بما عنه وترك الخروج عليه الخروج عليهم. والنصيحة لعامة المسلمين ارشادهم لمصالحهم في امور اخرتهم ودنياهم واعانتهم وستر عوراتهم ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق واخلاص والشفقة عليهم وتخولهم بالموعظة الحسنة. قال الفضيل ابن عياض رحمه الله تعالى ما ادرك من ادرك بكثرة الصلاة والصيام وانما ادرك بسخاء النفس وسلامة الصدر والنصح للامة بين المصنف رحمه الله تعالى ما تضمنه الحديث السابع الذي اورده النووي رحمه الله تعالى من معان اجمالا وهو حديث متعلق بامر عظيم في الدين هو النصيحة. وقد بينها المصنف رحمه الله الا بالاشارة الى فضلها وذكر الافراد المنطوية تحتها. وهذا من مسالك اهل العلم في بيان حقائق الاشياء فانه قد يغني ذكر فضل شيء في بيان حقيقته كما ابتدأ البخاري الله تعالى كتاب العلم من صحيحه بباب في فضل العلم استغناء بهذا الباب في في بيان حقيقة العلم. وهذا من طرائق العرب فان العرب قد تبين الشيء بذكر فضيلته. لانه اذا بينت في الفضيلة تطلعت اليه النفوس وتشوفت فعلق معناه بالقلوب. ومن في البيان ايضا وهي طريقة مسلوكة في الكتاب والسنة. ذكر الافراد المندرجة فيه كما اوضح المصنف رحمه الله تعالى نبذا من الافراد المندرجة في النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم وهذان المسلكان في بيان حقائق الاشياء مسلكان ظاهران في الكتاب والسنة والموافق للنسق بناء الحدود عند اهلها ان تبين النصيحة من من حيث كونها حقيقة موضوعة لمعنى. وهذا هو الذي ذكرناه فيما سبق ان النصيحة هي قيام ناصح بما للمنصوح من الحقوق. قيام ناصح بما للمنصوح من الحقوق وهذه الحقوق نوعان اثنان احدهما حقوق واجبة والثاني حقوق مستحبة واطلاق حق على المستحب موجود في خطاب الشرع. وعد الشيء حقا اما ان يكون مرده الى شرع اصالة واما الى العرف تبعا. وقد ذكر رحمه الله تعالى افرادا مندرجة في كل لنوع من انواع النصيحة المعلقة بمن امر بنصحه. فذكر من النصيحة لله الايمان به ونفي الشريك عنه ووصفه بما وصف به نفسه الى اخر ما قال. ثم اورد فيما يتعلق بالنصيحة كتابه الايمان انه كلام الله تعالى وتنزيله الى اخر ما قال ثم ذكر من افراد النصيحة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصديقه محبته الى اخر ما قال ثم ذكر من افراد النصيحة لائمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم الى اخر ما قال وائمة المسلمين هم كل من ولي ولاية صغيرة او كبيرة فيهم. فان اسم امامة يقع على كل متول لكن الامامة المطلقة تختص بمن يلي الامر الاعظم فاذا فقيل امام المسلمين فانما يراد به من بيده ازمة الحكم والفصل والولاية العظمى واذا اطلق اسم الامامة على من دونه كان ذلك صحيحا لكنه مقيد. فمثلا يقال مدير المدرسة من ائمة المسلمين لانه متول لولاية من ولاياتهم وهي القيام على مدرسة ما وتكون امامته امامة مقيدة بتلك المدرسة دون غيرها ثم ذكر افرادا من افرادا من النصيحة لعامة المسلمين فقال ارشادهم لمصالحهم في امور اخرتهم الى اخر من قال والافراد المنطوية تحت كل نوع من هذه الانواع لا يتأتى عليها الحصر بل كل ما دل الدليل على انه حق اما اصالة او تبعا فانه داخل تحت مسمى النصيحة. ولهذا صارت النصيحة كلمة جامعة كما قال المصنف وقد تقدم معنى جوامع الكلمة التي اوتيها النبي صلى الله عليه وسلم ومنها هذا الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بما اورده من قول فضيل ابن بعض ما ادرك من ادرك بكثرة الصلاة والصيام وانما ادرك بسخاء النفس وسلامة الصدر والنصح للامة. ومراده ان تبقى لم يقع بالامر الظاهر فقط بل وقع بامر باطل عظيم. وليس المراد من قوله من الامر الظاهر وهو كثرة الصلاة والصيام وانما الاشادة بالامر الباطن وهو سخاء النفس وسلام الصدر والنصح للامة. ونظير هذا ما صح عن بكر ابن عبد الله المزني انه قال ما سبقهم ابو بكر بكثرة صيام ولا وبكثرة صلاة ولا صيام وانما بشيء وقر في القلب فان بكرا لم يرد. التقليل من سبق ابي بكر بذلك وان كان واقعا فان ابا بكر رضي الله عنه كان سابق الصحابة في الصلاة والصيام كما ثبت ذلك في صحيح ولكن بكرا اراد تعظيم الامر الذي اشار اليه وهو ما وقر في القلب. وقد جاء عن اسماعيل ابن علي انه الذي وقر في القلب سلامة الصدر والنصح للمسلمين. ففسره بنظير ما ذكر الفضيل ابن عياض من تعظيم سخاء النفس وسلامة الصدر والنصح للامة فان هذه من اعظم الامور الباطنة فان سخاء النفس احد اصول مكارم الاخلاق كما قال بعض علماء زبيد فيما ذكره الغزي في كتاب تراجمهم قال مكارم الاخلاق في ثلاثة منحصرة لين الكلام والسخاء والعفو عند المقدرة وسلامة الصدر كذلك من الامور الجديدة فان الصدر محل المعالي واذا خلطت المعالي بما يدنسها نقص من كمالها بقدر ما فيه من الدنس. فاذا نفي الدنس منه وسلم الصدر حصل الانسان اكتمال المعاني. وثالثها وهو النصح للامة من اعظم الامور كما في هذا الحديث. وقد ذكر العلامة ابن سعدي في معتقده الوجيز. مما ما ذكره من طريقة اهل السنة قوله ويدينون بالنصح للامة. فمما دان به اهل السنة لربهم القيام بما اوجب الله سبحانه وتعالى من النصيحة للامة نعم. احسن الله اليكم قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثامن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله تعالى. رواه البخاري ومسلم. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا حديث عظيم قاعدة من قواعد وقاعدة من قواعد الدين وهو موافق لقوله تعالى تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم. هذه الجملة نظير ما سبق من قوله في غيرها من بيان رتبة هذا الحديث والاشادة بفضله. وموجب هذا كما سلف ان تعظيم الشيء يوجب العناية به. وذكر الفضل يحدث الالتفات والاعتناء. فيحدث الالتفات اليه والاعتناء به. نعم. احسن الله اليكم. قوله الا بحق الاسلام اي شرائعه. وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف ابو بكر الصديق رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب قال عمر عمر لابي قال عمر لابي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله. فمن قال لا اله الا الله فقد عصم مني ماله ونفسه الا بحقه. وحسابه على الله عز وجل فقال ابو بكر والله لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. قال عمر فوالله ما هو الا ان رأيت الله قد شرح صدر ابي بكر للقتال. فعرفت انه ذكر الشارح رحمه الله تعالى بيان جملة من الحديث هي قوله صلى الله عليه وسلم الا بحق الاسلام وبينها المصنف بقوله اي شرائعه اي لا استبيح دمهم ولا مالهم المعصوم المحترم الا بشريعة امرت بها فان دم مسلمي وماله محفوظان موقران بحرمة جعلها الله سبحانه وتعالى لهما ولا تزال هذه الحرمة الا بحق الاسلام اي بما امر الله سبحانه وتعالى به مما يستباح به دم المسلم وماله المحترم. وجماع هذه الشرائع الموجبة لاباحة دم المسلم او ماله شيئان اثنان. احد ترك المسلمين ما يبيح دمه او ماله من الواجبات ترك المسلم ما يبيح دمه وماله من الواجبات فان تارك الصلاة مثلا يقتل فاهريق دمه بحق الاسلام ومانع الزكاة يؤخذ منها شط ماله كما هو قول بعض الفقهاء فاستبيح دمه لانه ترك واجبا وهو اخراج زكاة المفروضة عليه في ماله. والاخر انتهاء المسلم ما يبيح دمه وماله من المحرمات انتهاك المسلم ما يبيح دمه او ما له من المحرمات. كمن كان فوطئ فرجا حراما فانه قد انتهك محرما يستباح به دمه وهلم جرا في نظائر هذا. نعم. احسن الله اليكم. قوله وحسابهم على الله اي فيما يسرونه وفي الحديث الاخر من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله لا تخنق الكتاب كذا يا اخي لا تخنق الكتاب كذا جزاك الله خير هيك قوله وحسابهم على الله اي فيما يسره العلم يقولون لا تجعل كتابك بوقا ولا صندوقا بوقا البوق الكلي هكذا ومن البوق ايضا من معنى البوق يجعل الانسان هكذا. الانسان يمسك الكتب ما استطاع اجلال. نعم. احسن الله اليكم. قوله وحسابهم على الله اي بما يسرونه وفي الحديث الاخر من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل قال الخطابي وغيره المراد بهذا اهل الاوثان ومشركوا العرب ومن لا يؤمن من دون اهل الكتاب ومن يقر بالتوحيد فلا يكتفى في عصمته بقوله لا اله الا الله اذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده الشارح رحمه الله تعالى معنى قوله صلى الله عليه وسلم وحسابه على الله اي حساب الناس فيما يسرونه ويخفونه في ضمائرهم موكل الى ربهم سبحانه وتعالى. فان حكم الشريعة على العبد انما هي باعتبار ظاهره لا باعتبار باطنه. واورد المصنف رحمه الله تعالى حديث ابي مالك الاشعري سعد ابن طارق عن ابيه عند مسلم من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه هو حسابه على الله عز وجل وهو مصدق لمعنى حديث ابن عمر الذي اورده النووي. وذكر فيه كلام الخطابي وغيره ان المراد بهذا اهل الاوثان ومشركوا العرب ومن لا يؤمن دون اهل الكتاب ومن يقر بالتوحيد فان مشركي العرب لم يكونوا يقرون بلا اله الا الله فهم مأمورون بقولها ويكتفى عصمتهم بها واما غيرهم ممن يقولوها كاهل الكتاب فلا يكتفى في عصمته بقوله لا اله الا الله لانه يقولها في دينه الذي يدين به من اليهودية او النصرانية. وهذا الذي ذكره الخطابي رحمه الله تعالى وغيره في حق اهل الكتاب انما هو باعتبار النظر الى كلمة لا اله الا الله دون تعلقها بدعوة الاسلام. فان اليهودي يرحمك الله. فان اليهودي او ان النصراني اذا طلب منه المسلم من وال او غيره ان يقول لا اله الا الله فمراده من الطلب ان يقولها على دين الاسلام لا قولها على دين اليهودية او النصرانية. وانما اغمض الامر على الخطابي وغيره عدم تفريق بين عصمة الحال والمآل. فان عصمة دم العبد وماله ينقسم الى قسمين اثنين الاول عصمة الحال ويكتفى فيها بقول لا اله الا الله فاذا قال امرؤ لا اله الا الله فقد عصم دمه وماله حالا والثاني عصمة المآل. ولا يكتفى فيها بقول لا اله الا الله. بل لابد من الاتيان بلازم هذه الكلمة. كاقامة الصلاة وايتاء الزكاة وغيرها من لوازم لا اله الا الله. فمن قال لا اله الا الله ثم لم يلتزم بما تقتضيه زالت عنه عصمة الحال التي ثبتت له انفا فلو ان وثنيا طلب منه ان يقول لا اله الا الله داخلا في الاسلام فقال لا اله الا الله مسلما ثبتت له العصمة. فلم يستبح دمه ولا ماله ولا ما يحرم منه سواهما فاذا بقي في الاسلام لا يصلي ولا يصوم ولا ولا يأتي بشيء من شرائع الدين مع علمه بها فان عصمته زالت بعدم التزامه بما تقتضيه لا اله الا الله. والمذكور في هذا الحديث. حديث ابن عمر هو عصمة المآل. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال حتى يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. واقامة الصلاة ايتاء الزكاة لا تتعلق بعصمة الحال. فمن دخل في الاسلام كفته كلمة لا اله الا الله. ولا يقال انه لا يكون مسلما حتى يصلي ويزكي بل يثبت له الاسلام بالكلمة فالمذكور في هذا الحديث هو عصمة المال اي دوام هذه العصمة وبقاؤها له. نعم. احسن الله اليكم قال النووي رحمه الله تعالى الحديث التاسع عن ابي هريرة عبدالرحمن بن صخر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما نهيتكم عنه واجتنبوه وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم فانما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم هم على انبيائهم. رواه البخاري ومسلم. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا الحديث من قواعد الاسلام المهمة. ويدخل فيه ما لا يحصى من الاحكام قال الله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وقال تعالى اتقوا الله ما استطعتم. قال ما لك المراء والجدال يذهب بنور العلم من قلب الرجل. وفي بعض الاثار اذا اراد الله بعبد خيرا فتح له باب العلم واغلق عنه باب الجدل. واذا اراد به شرا فتح له باب الجدل واغلق عنه باب العلم عظم المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث بقوله في بيان مقامه هذا الحديث من قواعد المهمة ويدخل فيه ما لا يحصى من الاحكام. وانما كثرت الاحكام الداخلة فيه لان حكم الله عز وجل نوعان اثنان احدهما حكم خبري متعلقه التصديق والثاني حكم طلبي متعلقه امتثال الامر والنهي وهذا الحديث وارد في الحكم الطلبي لاشتماله على بيان المأمور به فيما امرنا به او نهينا عنه. فلو قيل ان هذا الحديث يشتمل على نصف الاحكام كان صواب بتعلقه بالحكم الطلبي المشتمل على الامر والنهي. اذ قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم. ثم اورد المصنف رحمه الله الله تعالى مقالتين مأثورتين احداهما عن الامام المالك عن الامام مالك ابن اس والاخرى معزوة الى بعض الاثار تتعلقان بالمراء والجدل. ومناسبة ايرادهما تعلقهما الجملة الاخيرة من الحديث فانما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم فان الاختلاف يولد المراء والجدال. والجدال المذموم هو راجعة الكلام طلبا لانتصار الناس. مراجعة الكلام طلبا لانتصار النفس واما مراجعة الكلام لاحقاق الحق فليست مذمومة الا لامر خارج عن ذلك فمثلا اذا راجع امرؤ غيره لينصر نفسه كان جداله مذموما لكن لو راجعه لينصر الحق كان جداله محمودا الا لامر الخارج. كان يعلم ان المراجع صاحب هوى او ان هذه المراجعة تولد شكا وشبهة في قلب غيره فيكون الجدال حينئذ مذموما لا لاصله. وانما لامر اقترن به. وقد اورد المصنف رحمه الله والله تعالى قول مالك المراء والجدال يذهب بنور العلم من قلب الرجل والعلم نور وطالب العلم ينبغي ان يحرص على ما يقتبس به الانوار ويحذر من كل ما يوجب لها كشفا وضعفا. ومن جملة ذلك المماراة والجدل انها اذا فشت على لسان طالب العلم اذته فاذهبت عنه نور العلم. والادب اللائق بطالب العلم ما لم يبلغ مبلغ الاكابر ان يمسك لسانه عملا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فان بسط اللسان يؤذي الانسان وكان السلف يذمون هذا ذما جديدا من الشباب كما زجر سفيان الثوري شابا كان يتكلم عنده في العلم وعاب عليه فعله. فان الانسان اذا كفي في هذه الصنعة بغيره سقطت عنه والمؤونة واذا تعرض لها ادخل على نفسه المؤونة. والشاب ينبغي له ان يلاحظ حاله. فلا يحمل على شيء لم تتهيأ له بعد. ومن اسباب التحير والتغير الولوج والخروج في موجبات الجدال والانصراف اليها وكثرة البحث عنها. وهذا امر عظمت به البلية والرزية في هذه السنين لان اخذ العلم جاء على غير قانونه فصار ما للعلماء ما حق مستباح للمتعلمين. فان الرد على اهل البدع والمقالات الرديئة انما ما يكون للعلماء الراسخين كما ذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم والشاطبي في الموافقات. فاذا تعرض لذلك غيرهم ضر واضر. وهذا هو الواقع. فلا ريب ان الرد عن دين وبيان بطلان المبطلين جهاد كما قال يحيى ابن يحيى رحمه الله تعالى لكن المجاهد فيه هو المتأهل له بالته. اما ان يكون كل من رأى مقالة مرزولة في شريط او صحيفة او كتاب تعرض للرد عليها بمثلها فان هذا ينشئ الشروط ولو رد الى العلماء لكان في ذلك جمعا لكلمة المسلمين وكان هذا دأب علماء هذا القطر. فان العلماء في هذا القطر كان لهم في كل زمن رأس فكانوا يردون ما حدث من مثل هذه الوقائع الى الذي يقدمونه ويجعلونه رئيسا لهم كما كان في ابن باز في اوائلها واواسطها دون اواخرها وفي حياة شيخه محمد ابن ابراهيم وفي حياة شيخه عبد الله بن عبد اللطيف رحمة الله على الجميع. فكان في ذلك حفظا لجماعة المسلمين. ثم عظم الخطو في السنين الاخيرة. فصار كل من رأى مقالة رد عليها تحت شعار الدب عن السنة وبيان بطلان المبطلين من المنافقين واهل البدع والضلال غيرهم وهذا وان كان مأمورا به في اصله لكنه يرد الى اهله. وكان الامر فيما مضى اذا شيء من ذلك رفع الى المقدم من اهل العلم حتى يرفعه الى ولي الامر او يكتب في رده وابطاله. فيكون في ذلك حفظا لجماعة المسلمين وربما استحضر المتكلم وراجع في هذه المسألة كما وقع ذلك في وقائع في القرن السابق وينبغي ان يتأدب طالب العلم بما بهذا وان يشتغل بما فيه نفعه دون ما فيه ضرره. ثم اورد المصنف رحمه الله الله تعالى ما جاء في بعض الاثار ان الله اذا اراد بعبد خيرا فتح له باب العلم واغلق عنه باب الجدال. الجدل واذا اراد به وفتح له باب الجدل واغلق عنه باب العمل وذلك لان الجدل مقترن بالضلال كما روى الترمذي بسند حسن عن ابي امامة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا اوتوا بدل وفشو الجدل وانتشاره هو الاقترانه بالضلال وضعف الهدى كما هو الامر الواقع في هذه الاوقات. والناس في هذا الباب مقل ومستكثر ومشرق ومغرب وعلاج من ليس اهلا له فيه مما يضر به كما وقع في المتعلمين فصار بينهم التعصب او لمقولة او الانتصار لحزب او طائفة دون ادراك وفهم لمأخذ هذا القول. ولو ان الجميع ردوه الى العلماء الراسخين وصدروا عن قولهم لكان في ذلك وقاية لهم. لكن الامر تغير واختلط الحاج والحامل بالنابل فصار الامر فرجا ومرجا. وطالب العلم ينبغي له ان ينظر في نجاة نفسه. وان يقتدي بمن قبله وان يلزم غرزهم ويكون على سننهم لان في ذلك النجاة. والمراد بالنجاة سلامتك اذا لقيت الله سبحانه وتعالى واياك ان تنتصر لغيرك وانت لم تنتصر لنفسك. ومن انتصارك لنفسك معرفتك بما فيه نجاتها. واما دخولك في المسائل الطبوليات. والغوامض المشكلات وما اه يروج في الصحف والقنوات ففي ذلك اذى لك فاجعل هذا لاهله ورده اليهم وقد ادركنا بعض كبار العلماء يردون الامر في المسائل التي يسألون عنها الى العلماء الذين اختارهم ولي الامر في الافتاء العام وربما شرح احدهم شيئا من الكلام الفقهي وبين ان الواقع على خلافه ثم قال ولكن يرد هذا الى علماء هذا البلد ووقع هذا من جماعة ادركناهم وصحبناهم مثل الشيخ سليمان السكيت والشيخ عبد الله ابن عقيل رحمه الله الميت وحفظ الحي. فاذا كفيت بغيرك فرد الامر اليه فليس المراد ان تكون مشارا اليه في العلم. ولكن المراد ان تكون مرتفعا عند الله سبحانه وتعالى. وهذا اخر التقرير على الكتاب الاول نعم