السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التكريم. اما بعد فهذا الدرس الخامس في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى سنة بعد الاربعمائة والالف واحدى وثلاثين بعد اربعمائة والالف. وهو كتاب تعليم الاحب في العلامة فيصل ابن عبد العزيز ال مبارك رحمه الله. ويتلوه الكتاب الخامس وهو اعلام السنة المنشورة للعلامة حافظ الحكمي رحمه الله تعالى ثم يتلوهما الدرس الاول من قرة العين العلامة الحطاب الرعيني ويتلوه الدرس الاول من كتاب القول المنير للعلامة اسماعيل زين وقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول من هذه الاربعة الى قول المصنف الحديث العاشر نعم. احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. قال الامام النووي رحمه الله تعالى الحديث العاشر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وقال تعالى ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر. يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب؟ وغذي وغوذي بالحرام الاشهر التخفيف. والتشديد ذكره بعض المتأخرين. نعم. احسن الله اليك حرام فانى يستجاب له؟ رواه مسلم. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا الحديث قاعدة من قواعد الاسلام واصل من الاحكام دأب المصنف رحمه الله تعالى على استفتاح بيان معاني الاحاديث المذكورة من احاديث الاربعين الا بذكر ما ينبئ عن شريف مقامها وجليل رتبتها. لان المطلع على فضل شيء منزلته يتطلع الى عقله وادراكه. فبين رحمه الله موقع هذا الحديث وانه قاعدة من قواعد الاسلام واصل من اصول الاحكام. ومأخذ ذلك اشتماله على موجبات الاجابة وموانعها فان هذا الحديث اصل في تظمن اربعة من في تظمن اربع من الموجبات اقترنت باربع باربع باربعة من الموانع. ولم يرد ذلك في خبر على هذا النحو سوى حديث ابي هريرة فلجلالة رتبته صار قاعدة واصلا بالاعتبار المذكور نعم احسن الله اليكم. قوله ان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين. اي ان الرسل واممهم مأمورون بالاكل من بالحلال وبالعمل الصالح. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا قرينة من القرائن التي تكتنف فتعظمه. والاصوليون والفقهاء لهم عناية بالقرائن التي تكتنف النهي فتعظمه وهي المذكورة عندهم في علامات الكبائر. فان الكبيرة ما نهي عنه على وجه التعظيم والمنبئ عن التعظيم قرينة تقترن بالخطاب كنفي الايمان او الوعيد بالعذاب او النار او غير ذلك فمما هو مذكور في محله. واهملت العناية بالقرائن التي يعظم بها الامر. مع كثرتها ووفرتها فان الامر في الشرع اعظم من النهي. ومن هنا فالصحيح ان ترك المأمور اعظم من فعل المنهي كما بينه شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في كتاب الفوائد من بضعة عشر وجها ومن قرائن التعظيم للامر ان يبادر امر المعظمين به. ومنهم المرسلون فان المرسلين صفوة المؤمنين فاذا امروا بشيء دل ذلك على عظمة المأمور به. وهذا هو النكتة في قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين. لان المرسلين من جملة المؤمنين. لكن لما كانوا صفوتهم توجيه الخطاب اليهم بالامر تعظيمه. فانبأ النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ليعلم ان المأمور به هنا امر عظيم اذ امر الله عز وجل به المرسلين والمؤمنين. نعم. احسن الله اليكم. قوله ثم ذكر الرجل يطيل السفر الى اخره فيه اشارة الى اداب الدعاء والى الاسباب التي تقتضي اجابته والى ما يمنع من اجابة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة. وعن يوسف وابن ابن اسباط قال بلغنا ان دعاء العبد يحبس عن السماوات بسيء المطعم. وعن سهل ابن عبد الله قال من اكل الحلال اربعين صباحا اجيبت دعوته وعن عطاء قال ما قال عبد يا ربي ثلاث مرات الا نظر الله اليه ذكر ذلك للحسن فقال اما تقرأون القرآن ثم تلاقوا له تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا انك من تدخل النار فقد اخزيته وما للظالمين من انصار. ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فامنا. ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا ان سيئاتنا وتوفنا مع الابرار. ربنا واتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم انك لا تخلف الميعاد. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ما اصلح به عما ذكره سابقا من كون هذا الحديث قاعدة من قواعد الاسلام واصلا من اصول الاحكام وهو ما فيه من الاشارة الى اداب الدعاء واسباب اجابته وما يمنع من الاجابة فان النبي صلى الله الله عليه وسلم ذكر فيه اربعة من موجبات الاجابة احدها اطالة السفر والسفر بمجرده مقتض للاجابة كما صحت بذلك الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ذكر الاطالة فيه تقوية لموجب اجابته فهو ليس سفر مجرد بل سفر مصحوب بطول فهو اظهر في الافتقار والحاجة وثانيها الشعث الدال على ضعف الحال. وثالثها رفع اليدين الى السماء. ورابعها التوسل الى الله باسم الرب في قول الداعي يا رب يا رب. وقرنها بذكري اربعة موانع احدها خبث المطعم وحرمته وثانيها خبث المشرب وحرمته وثالثها خبث الملبس وحرمته خبث الغذاء وحرمته. والغذاء اسم جامع لكل ما به قوام البدن وتقويته ولا ينحصر في ذلك ولا ينحصر ذلك في الاكل والشرب كما يتوهم. بل ان النوم والتمتع بانواع المباح من الالعاب هي من جملة تغذية البدن فاذا وقعت على خلاف مراد الشرع كانت مندرجة في هذا المانع وغذي بالحرام. ثم ذكر رحمه الله تعالى من المرفوعات والموقوفات ما يصدق ما اشتمل عليه هذا الحديث من الموجبين والموانع فاورد حديث سعد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة اخرجه الطبراني في الاوسط باسناد لا يصح. كما اشار الى ذلك ابن رجب في جامع العلوم والحكم ومعناه مستغنى عنه بما في هذا الحديث الصحيح. ثم اتبعه بما جاء عن يوسف ابن اسباط انه قال بلغنا ان دعاء العبد يحبس عن السماوات بالسيء المطعم. ويصدقه هذا الحديث فان من ساء مطعمه لحرمته استبعدت اجابة دعائه. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فانى يستجاب له؟ اي يبعد ان يستجاب له؟ ثم اورد اثرا اخرا ذكره ابن رجب في العلوم والحكم عن سهل ابن عبد الله وهو التستري قال من اكل الحلال اربعين صباحا اجيبت دعوته وهذا الاثر فيه استرواح لمن دأب عليه الصحابة فمن بعدهم بتعليق الامور باربعين. وكأن هذا كان من قال العرب فان العرب من عادتها تعليق امورها باعداد كتعليقهم التفسير بالتسبيح فربما اطلقوا السبعة والسبعين ومضاعفاتها للدلالة على التكفير وان لم يريدوا حقيقتها ومثل هذا يوجد في الاربعين. وقد جاءت في ذلك اثار عدة. منها ما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن انس موقوفا انه قال من ادرك تكبير الاحرام اربعين يوما كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق. رواه الترمذي مرفوعا بسند لا يصح والاشبه وقفه وكأن له حكم الرفع. ولهذا نظائر في كلام التابعين واتباع التابعين وائمة الهدى. كابن عباس ابن تيمية فاذا اطلقوا شيئا على قيد الاربعين استروحوا لما استروحوا بما عرفته من ما يقارن هذا العدد من الوصول الى الحاجة. فهم لا يريدون تعيين ذات العدد وان انما يريدون من الظ بشيء واكثر منه ومن جملة ما يدل على ذلك عدد الاربعين فانه على الكثرة فمن وقع له هذا الامر في اكل الحلال اجيبت دعوته اي رجي له ان تجاب دعوته ومثل هذه المحال لا يقال فيها ان هذا غيب يفتقر الى دليل. لانه مبني على الاصل الذي لك وهو شيء لا يقطعنا به قطعا يقينيا ولكنهم يغلبون في باب الرجاء باعتبار ما يظهر لهم من القرائن والاحوال. فمن ادرك انفاس السلف وفهم مآخذهم دراهم وحمل كلامهم على الاوفق اللائق بهم. ومن جهل كلام السلف تعدى عليهم وتهجم كتب ائمة الهدى الى البدعة لكثافة ذهنه وسوء فهمه. وما غمض عليك من كلام السلف فاياك والوقيعة فيهم. وانما التمس لهم عذرا فان عجزت. فقل لعل لهم عذرا واظهر ما عندك من العلم دون بسط اللسان بالقول في الازراء عليهم وفي ذلك يقول ابن عاصم في ملتقى الوصول وواجب في مشكلات العلم وواجب في مشكلات الفهم احساننا الظن باهل العلم ثم اتبعه باثر ثان رواه ابو نعيم الاصبهاني في كتاب الحلية عن عطاء قال ما قال عبد يا رب ثلاث مرات الا نظر اليه فذكر ذلك للحسن فقال اما تقرأون القرآن ثم تلاء الايات وفي يا تكرار التضرع الى الله سبحانه وتعالى باسم الرب وعطاء انما قصد الالحاح. ومن الح على الله سبحانه وتعالى اقبل الله عز وجل عليه. فاذا كانت العادة جارية بان الاكرمين من الخلق يقبلون على من الح عليهم فالله اولى ان يقبل على من الح عليه وتكرار الامر ثلاثا الالحاح فهذا مأخذ عطاء في كلامه وصدقه الحسن بما جاء في القرآن من تكرار التضرع الى الله سبحانه وتعالى بهذا الاسم. واكثر تضرع الانبياء انما جاء باسم الرب. اما على قال كقول ربنا انا ظلمنا انفسنا او على الجمع كقول ربنا ظلمنا انفسنا او على الافراد كقول موسى ربي اني لما انزلت الي من خير فقير. نعم. احسن الله اليكم. قال النووي رحمه الله تعالى حديث الحادي عشر عن ابي محمد الحسن ابن علي ابن ابي طالب رضي الله عنهما سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك وريحانتي وريحانته احسن الله اليكم صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته. قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح قال الشارح رحمه الله تعالى معنى هذا الحديث يرجع الى الى الوقوف عند الشبهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه. قال حسان ابن ابي سنان ما ما شيء اهون من الورع؟ اذا رابك فدع وفي اخر الحديث زيادة. فان الصدق طمأنينة والكذب ريبة ولفظ ابن حبان. فان الخير طمأنينة وان الشر ريبة وفيه اشارة الى الرجوع الى القلوب عند الاشتباه. وعن بشر ابن كعب انه قرأ بشير ابن كعب احسن الله اليكم وعن وعن بشير ابن كعب انه قرأ هذه الاية فامشوا في مناكبها ثم قال لجاريته ان دريت ما مناكبها فانت حرة لوجه الله قالت مناكبها جبالها فكأنما صفع في وجهه ورغب في ورغب في جاريته فسأله فمنهم من امره ومنهم من نهاه فسأل ابا الدرداء رضي الله عنه فقال الخير طمأنينة والشر ريبة فذر ما يريبك الى ما لا يريبك ذكر الشارح رحمه الله تعالى في هذه الجملة بيان الحديث الحادي عشر من احاديث الاربعين وهو حديث الحسن ابن علي رضي الله عنهما دع ما يريبك اذا ما لا يريبك رواه الترمذي والنسائي باسناد ومعنى هذا الحديث يرجع الى الوقوف عند الشبهات. لان الشبهات هي التي يتولد منها الريب. فان النبي صلى الله عليه وسلم افاد في هذا الحديث ان الواردات على القلوب نوعان اولهما وارد لا يريد فلا يتولد منه ريب والثاني وارد يريب المرء ويريب يجوز ظمه وفتحه فيقال يريب ويريد والوالد المريب هو المنسوب الى الريب وهو قلق النفس واضطرابها. كما حققه جماعة من المحققين في معاني القرآن منهم الزمخشري وابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابو الفرج ابن رجب والسمين الحلبي رحمهم الله. ومأخذ الريب لا يكون في المتضح البين في حق من صح دينه وانما يتولد الريب في المشتبهات ولذلك اورد البخاري رحمه الله تعالى قول تحسان معلقة في كتاب البيوع في باب تفسير المشبهات. ووصلها ابو نعيم الاصبهاني وغيره بسند ان صحيح فالريب انما يتعلق بالامر المشتبه. والامر المشتبه هو المنسوب الى الشبهة. والشبهة في احسن حدودها كما ذكره الفيومي في المصباح المنير هي المأخذ الملبس والمشبهات نوعان اثنان. احدهما مشبه خبري وهو ما لا يعلم حقيقته الا الله كصفاته واحوال الاخرة والثاني مشبه ايش اللي قبل الخبر ايش طلب مشبه طلبي. وهو ما لا يتضح معناه من الامر والنهي فالواجب على العبد فيما كان من باب الخبر ان يسلم علمه الى الله سبحانه وتعالى وان يكله اليه. وما لم يكن وما كان كذلك من الطلب فاذا لم يتضح له معناه فانه يتجافاه كما تقدم في حديث النعمان ابن بشير في بيان حال الخلق مع المشبهات عليهم. واورد المصنف رحمه الله تعالى ما يدل على هذا بالزيادة التي رواها الترمذي وغيره فان الصدق طمأنينة والكذب ريبة اي ان الامر الذي يصدق تطمئن اليه النفوس. والامر المكذب ترتاب منه النفوس واحسن من هذا اللفظ رواية ودراية لفظ ابن حبان فان الخير طمأنينة وان الشر ريبة. فالحديث اللفظ اصح في زيادته وهذا حال الخير فان الخير تطمئن به النفوس وتنشرح له الصدور وبمقابله الشر فان الشر يتولد منه في النفوس ريب وقلق واضطراب. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هذا الحديث بما تضمنه في اصله وزيادته دال على الرجوع الى القلوب عند انتباه وهو وهي التي يسميها المتكلمون في احوال القلوب والنفوس بحوادث القلوب اي ما تحوزه القلوب وترجع به الانفس وقد صح عن جماعة من الصحابة كابن مسعود رضي الله عنه وغيره العمل بالرجوع الى حواجز القلوب وما يقع فيها الا ان محل الرجوع هو الاشتباه في مناط الحكم لا في الحكم نفسه فان القلوب لا يرجع اليها في بيان احكام الشرع وانما يرجع اليها في بيان ابن المناط الذي علق به الحكم الشرعي. فمثلا حكم مصيد ما لا يرجع في تحديد حله او حرمته الى القلب. فاذا حل واذا كرهه حرم بل يرجع الى الشرع فلو ان انسانا صاد ثعبانا فاراد ان يأكله قيل له انه صيد محرم. ولو قال ان قلبه يطمئن انه اذا اكله فلا عبرة للقلب هنا ولكن القلب يعول عليه في بيان مناط الحكم كمن غزالا تردد في كونه صاده بالة يحصل بها الصيد الموافق للشرع او انه ضربه بسيارته وهي من جملة الاثقال فلا يعتد به فهو متردد بين كونه مات بضربه له بالسيارة او نزوله اليه ثم ذبحه بالسكين. فمثل هذا يرجع فيه الى حواز القلب. كما قال السلف رحمهم الله او تعالى من الصحابة ومن بعدهم واورد المصنف رحمه الله تعالى حكاية رواها ابن جرير وابن ابي حاتم بسند صحيح ان بشير ابن كعب قرأ هذه الاية فامشوا في مناكبها ثم قال لجاريته ان جريت ما مناكبها فانت حرة لوجه الله؟ قالت مناكبها جبالها. فكأنما شفع في وجهه. اي كأنما تغير وجهه وتلون بسبب ضربة ضرب بها ورغب في جاريته. فهو لا يريد اعتاقها فسأل من سأل فمنهم من امره ومنهم من نهاه عن عتقها فسأل ابا الدرداء فقال الخير طمأنينة والشر ريبة فدر ما يريبك الى ما لا يريبك ومعنى قول ابي الدرداء انها اصابت ما سألت عنه لانه صح عن ابي الدرداء عند ابي جرير انه فسر المناكب بالجبال فهو يرى انها اصابت فالخير الذي تطمئن اليه النفس ان تعتقها وضد ذلك ربة تتردد في نفسك. وهذا التفسير هو للفظ ببعظ معناه فان مناكب الارض طرائقها التي تسلف ومن جملتها الجبال احسن الله اليكم. قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثاني عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله الله عليه وسلم من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا الحديث اصل عظيم من اصول الادب. قيل المصنف رحمه الله تعالى رتبة هذا الحديث وهي كونه اصلا عظيما من اصول الادب. وهو كذلك باعتبار الدراية. فان اصول الشرع اشهد له واما باعتبار الرواية فان هذا الحديث ضعيف والصواب فيه الارسال كما جزم به جماعة من قدماء الحفاظ كاحمد والبخاري رحمهما الله فلا يصح هذا الحديث مرفوعا الى النبي صلى الله عليه سلم وانما يروى مرسلا لكن ماذا ضمنه من المعنى تدل عليه ادلة عديدة من الشرع؟ نعم الله اليكم قيل للقمان ما بلغ بك ما نرى؟ قال صدق الحديث واداء الامانة وترك ما لا يعنيني. وقال سهل ابن لله تشتري من تكلم فيما لا يعنيه حرم الصدق. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اول ما اول من يدخل عليكم رجل من اهل الجنة فدخل عليهم عبدالله بن عبدالله بن سلام بن سلام. فقام اليه ناس فاخبروه وقال اخبرنا باوتق عملك في نفسك. قال ان عملي لضعيف واوثق ما ارجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنيني تركي وتركي ما لا يعنيني. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ثلاثة من المنقولات دالتي على قدر هذا الحديث فيما تضمنه من ترك ما لا يعني العبد وابتدأها بما رواه ابن جرير في تفسيره ان لقمان قيل له ما بلغ بك ما نرى يعني من الحكمة والذكر الجميل فقال صدق الحديث واداء الامانة وترك ما لا يعنيني والمأثورات عن لقمان هي من جملة احاديث بني اسرائيل فيحدث بمثله اذ نعلم والمنقول عن لقمان ثلاثة انواع النوع الاول ما نقل في القرآن الكريم والثاني ما نقل في السنة النبوية وهذان النوعان قليلان والثالث ما نقل في اثار الصحابة والتابعين واتباع التابعين. وهذا كثير ومثل اذا صحت الاسانيد الى المخبرين قبل فان من المجزوم به انهم لم يدركوا لقمانا ولكن حكمته كانت شائعة منقولة عند اهل الكتاب فيكون من جنس ما نقلوه عنهم وهو ما لم يعلم كذبه مما يؤخذ به ويحدد. ثم اتبعه بمنقول اخر وهو ما جاء عن سهل ابن عبد الله التفتري انه قال من تكلم فيما لا يعنيه حرم الصدق. لان ذلك يحمله على الكذب فيقع فيه فيكون سببا لحرمانه الصدق. ثم ختم بحديث مروي عن النبي صلى الله عليه سلم انه قال اول من يدخل عليكم رجل من اهل الجنة الحديث رواه اسحاق ابن راهويه في مسنده بسند ضعيف كما قال ابن حجر والبوصيري رحمهما الله. واصل الحديث في الصحيحين دون ما في اخره من السؤال واما اوله فذلك ثابت في الصحيحين. لكن قوله فقام اليه ناس فاخبروه وقالوا له اخبرنا باوثق عملك الى اخره لا شاهد له بل هي زيادة من كرة ولم يروها صاحب الصحيح في القصة عندهما وهذا اخر البيان على هذا الكتاب وبالله التوفيق