السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم اما ما عقدت مجالس التعليم. وعلى اله وصحبه وعلى آله وصحبه الحائزين مراتب التقييم. اما بعد فهذا الدرس العاشر في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى اه سنة ثلاثين بعد الاربع مئة والالف هو احدى وثلاثين بعد اربع مئة والالف. وهو كتاب تعليم الاحم احاديث ابن رجب للعلامة فيصل ال مبارك رحمه الله تعالى. ثم يليه الكتاب الخامس وهو السنة المنشورة للعلامة حافظ ابن احمد الحكمي رحمه الله تعالى ثم يتلوهما الدرس السادس من الكتاب السادس وهو قرة العين العلامة محمد ابن محمد الحطاب الرعيني رحمه الله تعالى ثم هذه هي الكتاب السابع وهو القول المنير للعلامة اسماعيل الزين رحمه الله تعالى. وقد انتهى من البيان في الكتاب الرابع الى قول المصنف رحمه الله تعالى الحديث الثالث والعشرون. نعم احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال النووي اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. قال النووي رحمه الله هذا الحديث الثالث والعشرون عن ابي مالك الحارث ابن مالك ابن الحارث ابن عاصم الاشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الايمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن او ما بين السماء والارض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك او عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها او موبقها. رواه مسلم. قال الشارح رحمه الله تعالى هذا الحديث اصل من اصول الاسلام. وقد اشتمل على مهمات من قواعد الدين استفتح المصنف رحمه الله تعالى بيان معاني هذا الحديث بذكر بذكر رتبته. والحامل له كما تقدم ان ذكر رتبة اذ توجب العناية به. وقد ذكر رحمه الله تعالى ان هذا الحديث اصل من اصول الاسلام. وهو مشتمل على مهمات من قواعد الدين وتكاد تكون هذه الصفة صفة دائمة للاحاديث المختارة في الاربعين النووية فان رحمه الله تعالى وهو النوي قصد الى ذلك كما تقدم في ديباجة كتابه. نعم. احسن الله قوله الطهور شطر الايمان اي نصفه. لان خصال الايمان قسمان ظاهرة وباطنة. فالطهور من من الخصال الظاهرة والتوحيد من الخصال الباطنة. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد يتوضأ ويصبغ الوضوء ثم يقول اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله الا فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء. ذكر الشارف رحمه الله تعالى بيان معنى الجملة الاولى من الحديث. وهي قوله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الايمان. ففسر رحمه الله تعالى شطرا بالنصف. ولم يذكر معنى الطهور والمراد به فعل الطهارة المسمى بالتطهر. فمعنى الجملة التطهر بفعل الطهارة هو نصف الايمان والمراد بالطهارة على ما ساقه الشارخ رحمه الله تعالى الطهارة الحسية وبين وجه كون الطهارة الحسية نصف الايمان بقوله لان خصال الايمان قسمان ظاهرة وباطنة. فالايمان مقسوم على الظاهر والباطن. والطهور من الخصال الظاهرة والتوحيد من الخصال الباطنة. والمقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم اشار هنا الى الخصال الظاهرة من الايمان وهي نصفه ونصفه الاخر الخصال الباطنة واعظمها توحيد الله عز وجل. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في حديث عمر بن الخطاب في صحيح مسلم ما منكم من احد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول اشهد ان لا اله الا الله الحديث فان هذا الحديث جامع بين فعل الوضوء وبين توحيد الله عز وجل بالاتيان بكلمة ففي التوحيد. وذهب بعض اهل العلم الى ان معنى الايمان في هذا الحديث الصلاة كما قال تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم اي صلاتكم فكأن معنى الحديث الطهور اي برفع الحدث للصلاة هو شطرها لانه مفتاحها الذي تفتتح به وهدان القولان هما على القول بان الطهور هنا يشار به الى الطهارة الحسية. وهذا هو هو الذي يدل عليه تتابع تتبع روايات الحديث وجرى عليه كبار المصنفين في الحديث مسلم ابن حجاج والنسائي وابن ماجه فانهم اوردوا هذا الحديث في كتاب الطهارة ويريدون بها الطهارة الحسية ويريدون بها الطهارة الحسية. وذهب بعض اهل العلم الى ان المراد بالطهارة هنا الطهارة المعنوية فيكون معنى الحديث على قولهم الطهور شطر الايمان هو ان تطهير النفس يكون بامرين اثنين احدهما تحليتها بالكمالات والاخر تزكيتها وتطهيرها من الافات. فيكون الايمان جامعا بين التحلية والتخلية والمراد بالطهور هنا معنى جامع للتخلية اي لكل ما يدفع الافات عن الايمان الا ان القول الاول اقوى وهو ان المراد بالطهارة هنا هي الطهارة الحسية سواء قلنا ان المراد بالايمان هو شرائع الدين كلها او ان المراد بالايمان هو الصلاة. نعم احسن الله اليكم. قوله والحمد لله تملأ الميزان. قال ابن دقيق العيد معناه عظم اجرها يملأ ميزان لله تعالى وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وجه الاعمال وثقل الموازين وخفتها. قوله وسبحان سبحان الله والحمد لله تملآن او تملأ ما بين السماء والارض. وفي الحديث الآخر التسبيح نصف الإيمان. والحمد لله تملأه ولا اله الا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل اليه. سبب عظم فضل هذه الكلمات. ما اشتملت عليه من التنزيه لله تعالى والافتقار اليه وتوحيده. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا بيان جملتين من جمل الحديث. اولاهما قوله والحمد لله تملأ الميزان. ونقل فيها كلاما لابن دقيق عيد. اخذه من الشرح المنسوب له على بالاربعين النووية فان لابن دقيق العيد شرح منحول عليه لا تصح نسبته اليه طبع مرارا وفيه كلام منقول عن اناس كانوا بعد ابن دقيق العيد فهذا الشرح ليس جزما لابنه دقيق العيد. والاشبه كونه للقاضي الانصاري وذلك يحتاج الى تحرير ايضا. ومن اراد ان ينقل منه فانه يقول وفي احد شروح الاربعين النووية المتداولة. لانه شرح مشهور لكن لا ينسبه الى ابن دقيق العيد لانه لا تصح نسبته اليه والكلام الذي ذكره ها هنا صحيح فان الحمد لله تملأ الميزان في عظم اجر وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الاعمال وثقل الموازين وخفتها. ويجوز ايضا ان يكون المراد الكلمة نفسها الحمد لله. وذلك انها تجسم جسما يكون له الوزن فاما ان يكون المراد هو الكلمة حقيقة وهي كلمة الحمد لله او يكون اجرها والحديث صالح لهذا وهذا. ثم ذكر الجملة التالية لها. وهي قوله وسبحان الله والحمد لله تملآن او تملأ ما بين السماء والارض. واورد المصنف رحمه الله تعالى تصديقا لها الحديث الاخر الذي رواه الترمذي من حديث عبدالله بن عمرو التسبيح نصف الايمان الميزان والحمد لله تملأه الى اخره. واسناده الا ان الجملتين الاوليين التسبيح نصف الميزان والحمد لله تملأه صحة من حديث رجل من بني سليم عند الترمذي وغيره باسناد جيد. فقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان سبب عظم فضل هذه كلمات ما اشتملت عليه من تنزيه الله عز وجل. اي باعتبار ما فيها من المعنى. وكأن المصنف رحمه الله تعالى جعل ظاهر الحديث مرادا في قوله وسبحان الله والحمد لله تملآن او تملأ ما بين السماء والارض. فتكون الكلمتان معا وهي سبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والارض او تكون كل واحدة منهما تملأ ما بين السماء والارض. وهذه الرواية وهذه الرواية غلط من جهة الرواية والمعنى. فاما من جهة الرواية فان المحفوظ اللفظ والذي رواه النسائي وابن ماجه في هذا الحديث وفيه والتسبيح والتكبير تملأ ما بين السماء والارض والتكبير تملأ ما بين السماء والارض. وهذا من المواضع النادرة الذي كان فيها لفظ غير الصحيح اصح من لفظ صحيح واما من جهة الدراية فان الجملة السابقة وهي الحمد لله تملأ الميزان والميزان مما بين السماء والارض وقد جعلت الحمد لله وحدها مليئة له. ثم لما اقترنت بالتسبيح صارت ملء ما بين السماء والارض وهذا لا يمكن فانها اما ان تكون بالقدر السابق او فوقه ولا تكون اقل من القدر الوارد في الجملة السابقة. نعم. احسن الله اليكم. قوله والصلاة نور اي لصاحبها في الدنيا وفي القبر ويوم القيامة قال النبي صلى الله عليه وسلم من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة قوله والصدقة برهان اي دليل واضح على صحة الايمان لان المال تحبه النفوس وتبخل به فاذا سمحت باخراجه لله عز جل دل ذلك على صحة ايمانها بالله ووعده ووعيده. قوله والصبر ضياء. الضياء هو النور الذي يحصل فيه حرارة لان الصبر لا يحصل الا بمجاهدة النفس. والصبر ثلاثة انواع صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على اقدار الله عز وجل ذكر الشارح رحمه الله تعالى بيان ثلاث جمل ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم متصلة تتعلق بتمثيل ثلاثة اعمال بالانوار فان صلى الله عليه وسلم الصلاة نور هذا واحد منها وقوله صلى الله عليه وسلم الصدقة برهان نوع ثان من الانوار لان البرهان هو الشعاع الذي يلي قرص الشمس صلى الله عليه وسلم ضياء والصبر ضياء نوع ثالث فإن الضياء هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة فراق دون ضرر واحراق. فكأن النبي صلى الله عليه وسلم مثل من هذه الاعمال للجسد بهذه الانوار فالصلاة نور مطلق والصدقة برهان اي كالشعاع الذي يلي قوس الشمس والصبر ضياء اي نور فيه اشراق دون احراق. وقد وقع في بعض في مسلم والصيام ضياء. وهذا اشبه من جهة المعنى. فتكون الف الصبر عهدية فان الصبر يطلق على الصيام ويسمى شهر رمظان شهر الصيام وقد بين المصنف رحمه الله تعالى وجه كون الصلاة نورا فقال اي لصاحبها في الدنيا وفي القبر ويوم القيامة يعني في الدنيا والاخرة وفي البرزخ بينهما. وهذه هي محال ثلاثة للعبد. واورد تصديق ذلك الحديث الذي رواه احمد بسند جيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة. وقوله في هذا الحديث وبرهانا اي حجة وليس المراد به البرهان الذي هو الشعاع الذي يلي قرص الشمس لان تسميتها نورا يغني عن ما دون وهو البرهان لكن المقصود بالبرهان هنا الحجة. ثم فسر قوله الصدقة برهان اي دليل واضح على صحة الايمان لان المال تحبه النفوس وتبخل به. فاذا سمحت باخراجه لله عز وجل ذلك على صحة دل ذلك على صحة ايمانها بالله ووعده ثم بين رحمه الله تعالى في الجملة الثالثة ان الصبر ثلاثة انواع صبر على طاعة الله وصبر عن بالله وصبر على اقدار الله عز وجل. وهذه الانواع الثلاثة ذكرها جماعة كثر من المصنفين. وزاد ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى نوعا رابعا. وهو الصبر عن الاهواء. وهذا النوع الذي زاده ابو العباس ابن تيمية راجع الى الصبر على اقدار الله عز وجل. فان الاهواء التي تروج في الناس شو بينهم وتشيع هي من جملة الاقدار التي قدرها الله سبحانه وتعالى عليهم وليست من جملة المحارم لانه ليس كل هوى يكون محرما. نعم هذا هو الاصل في الهواء لانه قد لا يكون محرما مبغضا للشريعة. وما صح عن ابن عباس عند ابن ابي عاصم في السنة من قوله كل هوى ضلال اي كل هوى مخالف للشريعة ولابد من هذا التقييد بما في الصحيح عند البخاري من حديث عائشة انها قالت لما انزلت ايات الاحزاب ما ارى ربك الا يسارع في هواك اي فيما تميل اليه نفسك. نعم. احسن الله اليكم. قوله والقرآن حجة لك وعليك. اي ان عملت به فهو حجة لك والا فهو حجة عليك. وفي الدعاء المأثور. اللهم اجعلنا ممن اتبع القرآن فقاده الى رضوانك والجنة ولا تجعلنا ممن اتبعه القرآن فزخ في قفاه الى النار. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان هذه الجملة بان القرآن ان عمل به العبد فهو حجة له. وان ترك العمل به فهو حجة عليه. ثم قال وفي الدعاء المأثور اللهم اجعلنا ممن اتبع القرآن الى اخره. ومعنى فزخ في قفاه اي دفع في قفاه الى النار. وقول اهل العلم رحمهم الله تعالى الدعاء المأثور يريدون به احد معنيين احدهما ان يكون بالفاظه منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم الاخر الا يكون محفوظا عنه بلفظه. لكنه مبني على خبر من اخباره صلى الله عليه وسلم نعم. احسن الله اليكم. قوله كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها او موبقها اي كل انسان يسعى فمنهم من يبيع نفسه لله بطاعته فيعتقها من النار ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى فيهلكها اللهم وفقنا للعمل بطاعتك وجنبنا معصيتك. قال الحسن الحسن ابن ادم انك تغلو وتروح في طلب الارباح يكن همك نفسك فانك لن تربح مثلها ابدا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان الجملة الاخيرة من الحديث وهي قوله صلى الله عليه وسلم كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها او موبقها اي ان كل الناس اي ان كل انسان يسعى وهذا السعي مختص بالسير في اول النهار لان اسم الغدو في لسان العرب يراد به السير في اول النهار فكأن معنى قوله صلى الله عليه وسلم كل الناس يغدوا ان في اول يومه وبكرة نهاره الى ما يريد. فمن الناس لمن يبيع نفسه لله بطاعته فيعتقها من النار ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى فيهلكها ويوبقها باستحقاق العقاب. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى بهذا الاثر المذكور عن الحسن البصي وحيث اطلق الحسن في ابواب الخبر او ابواب الاحكام فان المراد به طيا وانما اشرت الى اطلاقه في البابين لان الاطلاق والتقييد قد يختلف في بعض الابواب فمثلا اذا اطلق في التفسير سعيد فالمراد به ابن واذا اغلق في ابواب الاحكام فالمراد به سعيد بن المسيب. واما الحسن فحيث اطلق فالمراد به الحسن ابن ابي الحسن يسار البصري رحمه الله تعالى وله كلام عليه نور النبوة كما كان يقوله ابن محمد ابن علي ابن ابي طالب رحمه الله تعالى ومن جواهر كلام الحسن قوله ابن ادم انك تغدو وتروح في طلب الارباح اي التي تستقيم بها مع معيشتك في الدنيا فليكن همك نفسك اي ان فانك لن تربح مثلها ابدا فان من غنم نفسه بالطاعة فاز وربح ومن خسرها في المعصية ينفعه ربح بعده وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق