السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التكريم. اما بعد فهذا الدرس الرابع عشر في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمر في سنته الاولى ثلاثين بادر الاربعمائة والالف واحدى وثلاثين بعد اربعمائة والالف. وهو كتاب تعليم الاحن فيصل ال مبارك رحمه الله تعالى. ويليه الكتاب الخامس وهو اعلام السنة المنشورة للعلامة حافظ ابن احمد الحكمي رحمه الله تعالى الدرس العاشر من الكتاب السادس وهو قرة العين العلامة محمد ابن محمد الحطاب الرعيني رحمه الله تعالى ثم الكتاب السابع وهو القول المنير للعلامة اسماعيل ابن عثمان الزين رحمه الله تعالى وقد انتهى من البيان في الكتاب الاول الى الحديث التاسع والعشرين نعم احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا الى محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين. قال النووي رحمه الله تعالى الحديث التاسع والعشرون عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال لقد سألت عن عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله تعالى عليه. تعبد الله قال تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال الا ادلك على ابواب طيب الصوم جنة والصدقة تكثر الخطيئة كما يطفئ الماء النار. وصلاة الرجل في جوف الليل ثم فلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون. ثم قال الا اخبرك برأس الامر وعموده وذروة سنامه قلت بلى يا رسول الله. قال رأس الامر وعموده الصلاة. وذروة سنامه الجهاد. ثم قال الا اخبرك في ذلك كله قلت بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه وقال كف عليك هذا. قلت يا نبي والله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به. قال ثكلتك امك. وهل يكب الناس في النار على وجوههم؟ او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. قال رحمه الله تعالى قوله اخبرني بعمل يدخلني الجنة فيه دليل على ان الاعمال سبب لدخول الجنة حديث اشارة الى ان التوفيق كله بيد الله عز وجل. ولما رتب دخول الجنة على واجبات الاسلام. دله بعد ذلك على ابواب الخير من النوافل. وفيه دليل على ان الجهاد افضل الاعمال بعد الفرائض. وان كف اللسان الا عن الخير هو اصل الخير وفي الحديث الاخر اكثر ما يدخل الناس النار. الاجوفان الفم والفرج. وقال الله عليه وسلم من يضمن ما بين لحييه وما بين رجليه اضمن له الجنة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان جملة مما تضمنه الحديث التاسع والعشرين من احاديث اربعين فقال رحمه الله تعالى قوله اخبرني بعمل يدخله الجنة فيه دليل على ان الاعمال سبب لدخول الجنة اي ان العبد يعمل اعمالا تبلغه الجنة لكن هذه الاعمال ليست سببا مستقلا بنفسها. بل هي تابعة لرحمة الله وفضله. كما في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من يدخل لن يدخل احد منكم الجنة بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته. الا ان الاعمال هي السبب يناسب الى رحمة الله سبحانه وتعالى. فان من عمل صالحا وتلمس الانقياد لله سبحانه وتعالى والظ به والرحمة في حقه ارجى وهو بها اولى. ثم قال المصنف وفي حديث اشارة الى ان التوفيق كله بيد الله عز وجل. لان هذا الامر عظيم. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد سألت عن عظيم وهذا العظيم لا يتهيأ الا بتدبير وهذا التدبير كونوا يسيرا على من يسره الله عز وجل عليه. ولذلك قال وانه ليسير على من يسره الله تعالى عليه اشارة الى ان التوفيق كله بيد الله عز وجل. فاذا يسر الله عز وجل عليه هذه الافعال العظيمة هانت عليه وصارت عادة ملازمة له. ثم قال المصنف ولما رتب دخول الجنة على واجبات الاسلام انه بعد على ابواب الخير من النوافل. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال له الا ادلك على ابواب الخير فهذا اشارة الى النوافل بعد الفرائض التي عدها النبي صلى الله عليه وسلم. وابواب الخير في هذه الامة بعد الفرائض كثيرة وفيرة ومن لطائف تراجم رياض الصالحين ما عقده النووي رحمه الله تعالى في قوله باب كثرة ابواب الخير وابواب الخير في هذه الامة كثيرة وفيرة. ثم قال المصنف وفيه دليل على ان الجهاد افضل من اعمالي بعد الفرائض لانه لانه جعله ذرة السلام في قومه وذروة وذروة سنام الجهاد اي اعلى سلامه وارفعه هو الجهاد بعد ذكر فريضة عظيمة هي عموده وهي الصلاة. وهذا احد اقوال اهل العلم في افضل النوافل بعد الفرائض. وذهب اكثر اهل العلم الى ان العلم هو افضل النوافل بعد الفرائض. وهو القول الذي تدل عليه الادلة كما ابن القيم في مفتاح داره السعادة. ومن اكثر الاعمال التي جاء الفضل فيها الاحاديث النبوية الصلاة والجهاد والعلم. وكل واحد من هذه الثلاثة مما قيل انه افضل النفل بعد الفرائض. فقد جهز اهل العلم الى ان صلاة التطوع هي افضل النوافل بعد الفرائض. وذهب قوم الى ان الجهاد هو افضل النوافل بعد الفرائض وذهب قوم الى ان العلم هو افضل النوافل بعد الفرائض. والقول الثالث هو الاسعد بالدليل. ثم قال المصلي وان كف اللسان الا عن الخير هو اصل الخير. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال له انا بملاك ذلك كله اي بجماعه وما يرجع اليه ويدور عليه. ثم قال بلسانه وقال كف عليك هذا فيدل على ان كف اللسان عما لا خير فيه هو اصل الخير. ثم اورد المصنف رحمه الله الله تعالى حديثين يذكر فيهما خطر اللسان فأوردا حديث ابي هريرة اكثر ما يدخل الناس النار ان يعتام الفم والفرج. وهذا الحديث رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وفيه الخبر بان من اكثر الاسباب الموصلة الى النار عن ابي وهان الهم فرج وانما سمي اجوفان بانهما داخلان مظلومان. فاللسان وبين اللحيين والفرج بين الرجلين. فسمي الجوفان فسمي اجوفين لدخولهما عن الوصف المتقدم وهو المذكور في الحديث الثاني وهو حديث سهل ابن سعد عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم من يضمن ما بين نحييه وما بين رجليه اي من يحفظ ما بين نحييه وما بين رجليه اضمن له الجنة ليتكفل له بالجنة. وما بين اللحيين هو اللسان وما بين الرجال اليه هو الفرج وهذا يدل على خطورة اللسان وجلالة امره وانه من اعظم الاسباب التي يدخل التي يدخل الانسان بها الجنة او النار. فان الذي يستعمل لسانه ببيان الخير والدلالة عليه وارشاد الناس وهداية الخلق يكون ذلك من اعظم الاعمال. والذي يستعمله ما حرمه الله من الغيبة والنميمة والافساد واشاعة الفحشاء يكون من اعظم اسباب الشر عليك. نعم. احسن الله اليك قال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثلاثون عن ابي ثعلبة الخشني جرثوم ابن ناشر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم فلا تنتهكوها وسكت عن اشياء رحمة لكم غير نسيان. فلا تبحثوا عنها. حديث حسن رواه الدارقطني وغيره قال الشامح رحمه الله تعالى هذا الحديث اصل كبير في اصول الدين وفروعه. واخرجه البزار في مسنده والحاكم من حديث ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما احل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو. فاقبلوا من الله عافيته. فان الله لم يكن لينسى شيئا ثم تلا هذه الاية وما كان ربك نسيا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في طليعة بيان معاني الحديث الثلاثين ان هذا الحديث اصل كبير في اصول الدين وفروعه. مشيرا بذلك اذا حلو رقيته ورفعة شأنه. وانما بلغ هذا الحديث المبلغ المذكور. لانه تضمن تقسيم احكام الدين الى اربعة اقسام. القسم الاول الفرائض والواجب فيها عدم اضاعتها. والقسم الثاني الحدود والمراد بها هنا ما اذن الله عز وجل به. والواجب فيها عدم تعديها اي تجاوزها. والقسم الثالث المحرمات والواجب فيها عدم انتهاكها. اي هتك حرمتها فيها والقسم الرابع المسكوت عنه مما لم يأت فيه حرمة ولا تحليل خاص والواجب فيه عدم البحث عنه والمعنى بعدم البحث عنه اي حال نزول الشرائع وبيان الاحكام لما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان من اعظم المسلمين في المسلمين من سأل عن شيء فحرم لاجل مسألته. واما بعد اكتمال الشرائع فان البحث عن الاحكام بالسؤال عنها تفقها امر مأمور به واما السؤال عنها تعنتا وطلبا لضرب بعضها ببعض وابتغاء اقترابها فهذا محرم وورد المصنف رحمه الله تعالى حديثا شاهدا لحديث الباب عزاه من البزار والحاكم من حديث ابي الدرداء وهو يصدق معنى هذا الحديث. وقد ذهب البزار وابن القيم والسيوطي الى تقويته فذكر البزار ان اسناده صالح فتبعه ابن القيم وحسنه السيوطي. وفي ذلك نظر فان رجاء ابن حي وهراويه عن ابي الدرداء لم يسمع منه وتقدم ان احاديث الشاميين يغلب عليها من جملتها هذا الحديث عن ابي الدرداء احد الصحابة الشاميين. وقوله في الحديث الاول وسكت عن اشياء فيه اثبات سكوت الله عز وجل وهو في معنى الحديث وما سكت عنه فهو عفوي. والاحاديث الواردة فيه فيها ضعف. لكن صح عن ابن عباس موقوفا عند ابي داود بسند حسن. ونقل ابن تيمية الاجماع على اثبات صفة السكوت لله عز وجل الا ان السكوت المثبت لله عز وجل المراد به عدم بيان الحكم واظهاره وليس المراد به الانقطاع عن الكلام. فان السكوت يطلق على معنيين احدهما عدم بيان الحكم واظهاره. والثاني الانقطاع عن الكلام. والاول هو ثابت لله وصا دون الثاني. ومن صفات الله عز وجل ما يكون من اصل معناه شيء ثابت لله عز وجل ومنه شيء منفي عنه. ومن ذلك صفة النسيان المذكورة مشارا اليها بالنفي في الحديث الاول بقوله غير نسيان وفي الحديث الثاني فان الله لم يكن لينسى ثم تلا ما كان ربك نسيا. وقد قال الله سبحانه وتعالى نسوا الله فنسيهم. في ايات اخرى فهذا يدل على ان النسيان يطلق على معنيين احدهما يكون وصفا لله والاخر ممتنع عليه. فان النسيان يقع على معنيين الاول هو الذهول عن المعلوم والثاني هو الترك عن علم وعمد الثابت من هنا وصفا لله سبحانه وتعالى هو المعنى الثاني. وبذلك يحصل الجمع بين الايات فان الله قول الله عز وجل وما كان ربك نسيا يوهم ان يتوهم في ظاهره عند قوم ان النسيان منفي مع قول الله سبحانه وتعالى نسوا الله نسيهم ويجعلون الاصل الكلي هو نفي النسيان عن الله. ويتركون الاية الاخرى التي فيها اثبات والجمع بينهما يدفع الاضطراب المتوهم وكذلك فيما جاء في السكوت المذكور في الاحاديث والاثار وانعقد عليه الاجماع وهذا اخر بيان على هذه الجملة من الكتاب وبالله التوفيق. هذه الجملة انشاء يتضمن الامر بذلك فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم وكونوا عباد الله اخوانا امر لهم بان يكونوا قال فيه فهي جملة تشتمل على معنى جديد من الامر بذلك. والحديث صالح لهذا وهذا فان ترك ما سبق يؤول الى كون المؤمنين اخوانا متحابين في الله كما انهم مأمورون بان يكونوا عبادا لله متاخين فيه. نعم. احسن الله اليكم. الحديث السادس الثلاثون عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله الله اكبر كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على محسن يسر الله عليه في الدنيا والاخرة. ومن ستر مسلما ستره الله في والاخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه. ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله سهل الله له وما اجتمع قوم في بيت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا دخلت عليهم السكينة وغجيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده. ومن به عمل عمله ليسرق به نسبه احدا لهم. قال المصنف رحمه الله تعالى هذا حديث عظيم جامع لانواع من العلوم والقوارض الاداب وفيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم او مال او معاونة او اشارة لمصلحة او نصيحة او ذلك وفيه ان الجزاء من جنس العمل وان السعي في طلب اي سبب لدخول الجنة وفيه فضل الجلوس في المساجد وتلاوة ومدارسته بطمأنينة ووقار وعن انس انه قال كانوا اذا صلوا الغداة قعدوا حلقا حلق يقرأون قال ويتعلمون الفرائض والسنن ويذكرون الله تعالى وفيه ان الجزاء على الاعمال لا على الانسان. قال بعضهم لعمرك من الا بدينه فلا تترك التقوى اتكالا على النسب. لقد رفع الاسلام سلمان فارس وقد وضع الشرك النسيب ابا لهب ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى بيان معاني هذا الحديث في الاشارة الى رتبته وفضله فذكر ان هذا الحديث حديث عظيم جامع لانواع من العلوم والقواعد والاداب. ثم ذكر مما تضمنه من المعاني ان فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم او مال او معاونة او اشارة لمصلحة او نصيحة او غير ذلك. وقد اشار النبي صلى الله عليه وسلم الى قضاء حوائجهم بقوله من نفس عن مؤمن كربة وبقوله ومن يسر على معسر فان هذه تندرج في ضمن حوائج المسلمين وفيه ان الجزاء من جنس العمل فمن عمل عملا وقع جزاؤه مناسبا له. فمن نفس عن مؤمن كربة من من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة. ومن ستر مسلما ستره الله الله في الدنيا والاخرة. فوضع الجزاء مناسبا للعمل الذي عمله العام فاستحق عليه الجزاء المذكور وتخلف في الجملة الاولى ذكر التنفيس في كرب الدنيا. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال في الجملتين الاخيرتين يسر الله عليه في الدنيا والاخرة وستره الله في الدنيا والاخرة. وقال في الاولى نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ولم يذكروا شيئا من كرب الدنيا وانما وقع كذلك تعظيما لثوابه فان كرب الدنيا لا تعد شيئا عند كرب يوم القيامة فاخر الثواب الى يوم القيامة تعظيما له. فتنفيس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة يساوي تنفيذ كل كرب الدنيا التي تكون على العبد في الدنيا