السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات. فتعبدنا به طول الحياة واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وسلم ما هو من المجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحاجين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدورة السابع عشر في شرح الكتاب الرابع من برنامج التعليم المستمر في سنته الثانية احدى وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وثلثين وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تعليم الاحب احاديث النووي ابن رجب للعلامة فيصل ال مبارك رحمه الله. ويليه الكتاب الخالص وهو اعلام السنة المنشورة لعلامة حافظ ابن احمد الحكمي رحمه الله. ويليه الدور الثالث عشر من الكتاب السادس. وهو شرح كتاب الورقات هي علامة محمد بن محمد الرعيني المعروف بالحطاب وقد انتهى بنا البيان الاول منهن الى الحديث الثامن والثلاثين. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقال النووي رحمه الله تعالى الحديث الثامن عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد بالحرف وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه اذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يخرج بها ورجله التي يمشي بها. ولن تسائل الا انه ولئن استعاذني لاعيذنه. رواه البخاري. قال المصنت رحمه الله تعالى هذا اشرف حديث في ذكر الاولياء وولي الله تعالى امره واجتنب نهيه. قال تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون. قال خزام في الارض ارت رب رجل تقرب الى الله ما استطعت. واعلم انك لم تخرب الى الله بشيء هو احب اليه من كلامه قوله فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به الى اخره لقوله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. قال ابن رجب المراد من هذا الكلام ان من اجتهد بالتقرب الى الله تعالى بالفراغ واذهن من نوافل قربه اليه ورقاه من درجة الايمان الى درجة الاحسان. فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة كانهم يرون فيمتلئ قلبه بمعرفة الله تعالى ومحبته وعظمته وخوفه ومهابته واجلاله والانس به والشوق اليه حتى يصير هذا الذي في قلبه من المعرفة مشاهدا له بعين البصيرة. فحينئذ لا ينطق لا ينطق العبد الا بذكره ولا يتحرك بامره فان نطق نطق بالله وان سمع سمع به وان نظر نظر به وان بطش بطشته فهذا هو المراد بقوله كنت هو الذي يسمع به وغفره هو الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله الذي يمشي عليها ورجله الذي يمشي بها ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى بيانا هذا الحديث العظيم بذكر رتبته تنبيها الى مقامه للعناية به. فقال هذا اشرف حديث في ذكر الاولياء وهذه رتبة عظيمة اختص بها هذا الحديث. وتتابعت عليها كلمات العلماء وانتهت الى احدهم هنا وهو المصنف رحمه الله تعالى. فهذا الحديث اشرف حديث في مثل الاولياء وبيان علوه مقامهم ورفعة شأنهم عند الله سبحانه وتعالى. ثم بيان مقام الحديث بإيضاح حقيقة من تعلق به وهم الأولياء فقال وولي الله تعالى من امتثل امره واجتنب نهيه. والولي له تعريفان. احدهما اه ديني شرعي والاخر وضعي اصطلاحي. فاما حجه شرعا فاحسن ما قيل فيه هو ما ذكره ابن ابي عز في شرح الطحاوية اذ قال والولي هو من والى الله بموافقة محبوباته والتقرب اليه بمرضاته. والولي من والى الله بموافقة محبوباته والتقرب اليه بمرضاته. وهذا معنى قول المصنف من امتثل امره البلدية واما حجه الوضعي الاصطلاحي فهو ما تتابع عليه المصنفون الاعتقاد من قولهم هو كل مؤمن تقي غير نبي فان المصنفين في الاعتقاد مصطلحون على ان الانبياء يفارقون الاولياء وليس من جملتهم. فالنبي مؤمن تقي اوحي اليه الا ما هو معروف حده. واما الولي فانه متميز عنه بكونه غير نبي وليس هذا هو المراد في الاطلاق الشرعي. فالمراد بالاطلاق الشرعي كقوله تعالى الا ان اولياء والله لا خوف عليهم ما يشمل الانبياء وغيرهم. وانما الى هذا التفريق لبيان متعلق الاعتقاد بالانبياء وهو متعلق بالاولياء. فان المذكور في كتب المعتقد مما يتعلق بالانبياء بيان دلائل نبوتهم وما يجب لهم ويتبعونه عادة بذكر حق الاولياء. ومن جملته الايمان بكراماتهم. ثم المصنف رحمه الله تعالى ما صح عن خلداد ابن اردت فيما علقه ايها البخاري في خلق افعال العباد ووصله الاجري في الشريعة الا لك ان يفيد. اصول اهل السنة ان خبابا رضي الله عنه قال لرجل تقرب الى الله ما استطعت. اجتهد في طلب القربى ما استطعت. ثم قال له واعلم انك لن تقرب الى الله بشيء هو احب اليه من كلامه اي انك لن تجد قربة اعظم من ان تتقرب الى الله بما تحبه وهو كلامه سبحانه وتعالى اي بقراءة القرآن. وتدبره والعلم به. والعمل وغير ذلك مما لقى به في كونه كلام الله عز وجل. فتعظيمه من تعظيم الله سبحانه وتعالى. ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى هذه الجملة في الحديث القدسي فاذا احببته سمعه الذي يسمع به الى اخيه وجعلها موافقة لقوله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنين وهذا مما يصدق يصدق الاحاديث الالهية والنبوية من الكريم فان القرآن مصدق لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم اجمالا وتفصيلا لكن استخراج الجمل المعينة منه المتعلقة بتصديق شيء من الاحاديث المنقولة يحتاج الى فقه عظيم وكمال صلة بالقرآن الكريم. كما فعل المصنف في مواضع من كتابه منها هذا ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى كلاما لابي الفرج ابن رجب من جامع العلوم كم يوضح معنى قوله فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وحاصله ان من اجتهد بالتقرب الى الله بالفرائض ثم بالنوافل قربه الله اليه. فامتلأ قلبه بمحبة الله عز وجل واجاله وتعظيمه. حتى يصير ما في قلبه من المعرفة مشاهدا له بعين بصيرة انه يدرك هذه الحقائق بعين بصيرته. وان غابت عن عين بصره. فهو لا يرى ما يتعلق بربه سبحانه وتعالى من صفاته وكمالاته الذاتية ولكنه رأى بعين بصيرتها اثار ذلك في قلبه اجلالا لله ومحبة واعظاما له سبحانه وتعالى. فمتى استقرت هذه المعاني في القلب وعمر بها فان العبد حينئذ يكون بمنزلة الالة في يد محركها فان الالة لا تخرج عن ضوع محركها وكذلك من اقبل على الله وامتلأ قلبه حبه وارجاله وتعظيمه فان جميع حركاته وسكناته تكون تبعا لامر الله. فلا ينطق الا بذكره ولا يتحرك الا بامره. فان نطق نطق بذكر الله. وان سمع سمع به وان نظر نظر به وان بطش فهو دائر مع امر الله سبحانه وتعالى لا يخرج عنه وهذا هو المراد بقوله كن سمعه الذي يسمع به اي فلا اسمع الا ما امر به. وبصره الذي يبصر به اي فلا يبصر الذي الا ما به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فلا يحركهما الا فيما امر الله عز وجل به والمندرج في قوله تعالى في هذا الحديث الالهي الذي يسمع ويبصر به ويفرش بها ويمشي بها شيئان اثنان. احدهما المأمورات المطلوب تحصيلها. المأمورات المطلوب تحصيلها. والثاني المنهيات المطلوب تركها فان الانسان في بصره يجريه فيما امر وفق ما امر الله سبحانه وتعالى به. فان العبد مأمور شرعا بان يكون بصمه في مكان سجوده. والاحاديث الواردة في ذلك ضعيفة. لكن النظر فان جمع النظر مما يحصل به الخشوع المأمور به. واكمل المواضع في جمع النظر هو محل السجود. وكذلك اذا كف بصره عن النظر الى صورة محرمة كان هذا مندرجا في قوله وبصره الذي يبصر به فهو لا يطلق بصره فعلا ولا كفا الا بامر الله سبحانه وتعالى. وهذا اخر البيان على هذه الجمل من الكتاب وبالله التوفيق