السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات. وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما عقدت مجالس التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس الثاني في شرح الكتاب التاسع من برنامج التعليم المستمر في سنته الرابعة ثلاث وثلاثين بعد الاربع مئة والالف اربع وثلاثين بعد الاربع مئة والالف. وهو كتاب ابطال التنديد للعلامة حمد بن علي بن عتيق. رحمه الله. ويليه الدرس الاول من الكتاب العاشر وهو كتاب القواعد والاصول الجامعة للعلامة عبدالرحمن بن ابن سعدي رحمه الله تعالى. وقبل الشروع بسرد الدرسين. انوه ما يقتضيه الادب من لزوم الطالب حلقة شيخه قبل خروج شيخه اليها. اما ان يكون الطالب فيها او ان يكون في عبادة يستتمها كصلاة. اما ان يكون جالسا او واقفا للحديث فليس هذا من ادب العلم. واذا به رفع الصوت في المسجد كان اسفافا في الادب بما لا ينبغي ان ينتسب اليه طالب العلم. وانما يكمل طالب العلم خلقه واحوج الناس الى ملاحظة اخلاقهم هم طلاب العلم. فاحرصوا يا طلاب العلم على اخلاقكم تغنموا تفلحوا واعلموا انه بفوات الادب يكون حرمان العلم. قال بعض السلف في الادب تفهم العلم. اي اي ان المتأدب بادب العلم يرزق العلم وييسر له. والمخل بادمه بادبه يحرم من العلم بقدر له. نعم. احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم على نبينا الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. قال رحمه الله تعالى ولما ذكر المصنف رحمه الله تعالى التوحيد ناسب ان يذكر فضله. وانه يكفر الذنوب. فقال باب فضل التوحيد وما يكفروا من الذنوب اي بيان فضله وتكفيره للذنوب. فما مصدرية؟ ويجوز ان تكون موصولة؟ والعائد ايها الذي يكفره من الذنوب؟ ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان واضع كتاب حين الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لما ابتدأ كتابه ببيان حكم التوحيد ناسب ان يتبعه ذكر فضله. وانه يكفر الذنوب فعقد ترجمة قال فيها باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. والتوحيد المراد هنا هو توحيد العبادة ذكره حفيده عبدالرحمن بن حسن في حاشيته المسماة بقرة عيون الموحدين. فتقدير الكلام باب فضل توحيد العبادة. وما يكفر من ذنوب ثم ذكر الشارح رحمه الله تعالى الاختلاف في تقدير الماء في وما يكفر من الذنوب. وان لها موضعان احدهما ان تكون مصدرية اي تأول هي وما بعدها في مصدر مسبوك. تقديره تكفيره الذنوب فيصير الكلام باب فضل التوحيد وتكفيره الذنوب والثاني ان تكون موصولة بمعنى الذي فيكون سياق الكلام باب فضل التوحيد والذي يكفره من الذنوب. وكلاهما له محله اللائق من الوضع العربي. والاول اولى لدفع توهم ان من الذنوب ما لا يكفره التوحيد. والاول اولى لدفع توهم ان من الذنوب ما لا يكفره التوحيد. فاذا صار الكلام باب فضل التوحيد. وتكفيره الذنوب علم ان التوحيد يكفر الذنوب جميعا. بخلاف تقديرها انها موصولة. فربما تخلف ذنوب لا يكفرها التوحيد. نعم. احسن الله اليكم قوله الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. اي الذين وحدوا الله ولم يخلطوا توحيدهم بشرك اولئك لهم الامن. والامن امنان. امن مطلق وامن مقيد. فالاول هو الامن من وهو لمن مات على التوحيد ولم يصر على الكبائر. والثاني هو لمن مات على التوحيد مع الاصرار على الكبائر. فلا فله الامن من الخلود في النار. ففرق بين الامن المطلق ومطلق الامن. قال الحسن والكلبي لهم الامن في الاخرة وهم مهتدون في الدنيا. وروى احمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال لما نزلت الذين امنوا ولم يلبسوا وايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. شق ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه فقالوا يا رسول الله فاينا لم يظلم نفسه؟ قال انه ليس الذي تعمون. الم تسمعوا ما قال العبد يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. انما هو الشرك. قال شيخ الاسلام ليس مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله انما هو الشرك. ان من لم يشرك الشرك الاكبر يكون له الامن التام والاهتداء التام فان احاديثهم كثيرة مع نصوص القرآن تبين ان اهل الكبائر معرضون للخوف. لم يحصل لهم الامن والاجتداء التام الى الصراط المستقيم صراط الذين انعم الله عليهم من غير عذاب يحصل لهم. بل معهم اصل الى هذا الصراط واصل نعمة الله عليهم ولابد لهم من دخول الجنة. وقوله انما هو الشرك ان اراد به الاكبر فمقصوده ان من لم يكن من اهله فهو امن مما وعد به المشركون من من عذاب الدنيا والاخرة وهو مهتد الى ذلك. وان كان مراده جنس الشرك فيقال ظلم العبد لنفسه. ظلم العبد لنفسه كبخله بعض الواجب لحب المال وهو شرك اصغر. وحبه ما يبغض الله وحبه ما يبغض الله وحبه ما يبغض الله حد ما يبغض الله حتى يقدم هواه على محبة الله شرك اصغر. ونحو ذلك فاته من والاهتداء بحسبه ولهذا كان السلف يدخلون الذنوب في هذا الظلم بهذا الاعتبار انتهى. فظهرت مطابقة الترجمة وذلك ان من مات على التوحيد فله الامن على ما تقدم بخلاف غيره من الاعمال مع عدمه. بين الشارح رحمه الله تعالى وجه ذكر المصنف رحمه الله قوله تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. في فضل التوحيد وذلك ان هذه الاية تتعلق بمن وحد الله ولم يخالط توحيده شرك كن فانه موعود بان يكون له الامن والاستداء. وذكر المصنف ان الامن يا منان وحقيقة الامن عدم الخوف. فاذا فقد الخوف وجد الامن ووقع كثيرا في القرآن ذكره بذكره منفيه وذلك في نحو قوله تعالى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فان ذكر انعدام الخوف اشارة الى الامن. وانما غلب ذكر العدم لانه يتبين به مقصود الامن فان القلوب لا تأمن ولا تطمئن الا اذا فقد الخوف منها والامن كما قال الشارح امنان. احدهما امن مطلق الاخر امن مقيد. فاما الاول فهو الامن من العذاب. وهو لمن مات على التوحيد ولم يصر على الكبائر فاذا مات العبد على التوحيد غير مصر على الكبائر فانه يرجى له من المغفرة والعفو من الله سبحانه وتعالى ما يرجى وانه امن من العذاب. والثاني امن لمن مات على التوحيد مع الاصرار على الكبائر فله الامن من الخلود في النار فهو وان دخل النار امن من الخلود فيها ففرق بين الامن المطلق ومطلق الامن. فالامن المطلق هو الامن التام كامل ومطلق الامن هو اصله وجنسه. فمن الموحدين من لهم الامن التام المطلق ومنهم من يحوز حظا من الامن. وهم متفاوتون في محاذهم من الامن بقدر ما لهم من تجريد التوحيد. ثم ذكر المصنف نقلا عن الحسن وهو البصري والكلبي وهو محمد ابن السائب. ان معنى قوله تعالى اولئك لهم الامن الامن في الاخرة وهم مهتدون في الدنيا. وهذا التقييد لا يراد به الحصر فيما يظهر وفق علوم السلف. فان معارف السلف اعلى من ان يكون مراد الحسن والكنبي انهما ارادا تقييد حصول الامن بالاخرة. وتقييد حصول الاهتداء بالدنيا فانهما لم يريدا ذلك. وانما ارادا الاشارة الى المعظم في كل. فالمعظم طلبه في الاخرة حصول الامن والمعظم طلبه في الدنيا حصول الاهتداء. فان الاية عامة. فمعنى قوله تعالى اولئك لهم الامن اي في الدنيا والاخرة. وهم مهتدون اي في الدنيا والاخرة. فما بعض المعنى العام لم يريد حصر المذكور فيه وانما قصد بيان من المطلوبين في كل فالدنيا فيها امن والآخرة فيها امن والأعلى امن الاخرة لشدة الخوف حينئذ والدنيا فيها اهتداء والاخرة فيها اهتداء اهتداء الدنيا لان اهتداء الدنيا يفضي الى فوز الاخرة. واما اهتداء الاخرة فانما هو نداء قدري ينتهي فيه اهل الجنة الى الجنة وينتهي فيه اهل النار الى النار. فلما روعي هذا المعنى في المأخذين تكلم الحسن البصري والكلبي بما تكلم به في تفسير الاية ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى حديثا مفسرا بالاية عزاه الى الامام احمد وهو في الصحيحين وانما قدم ذكر الامام احمد دونهما لان المصنف حنبلي واتباع احمد وغيره من الائمة المتبوعين يقدمون العزو الى كتب امامهم ويجعلونه وما وراءه فرع له. ولما جرى على هذا ابو الفرج ابن الجوزي في جامع المسانيد والسنن حاذاه ابن كثير في كتابه الكبير ثم صار ديدانا وعادة له في كتاب التفسير وجرى على هذا المنوال ائمة الدعوة رحمهم الله تعالى فانهم يقدمون العزو الى مسند احمد للمأخذ المذكور وربما ذكروا بعده من يخرج الحديث ولا سيما اذا كان في الصحيحين كهذا الحديث. وفيه عن ابن مسعود انه قال لما نزلت الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون شق ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله فأينا لم يظلم نفسه؟ فقال انه ليس الذي تعنون. اي ليس ما تذهبون اليه. وهذا النفي عند علماء البديع يسمى نفي موضوع وهو من زيادات السيوطي رحمه الله تعالى التي ذكرها في شرح عقود الجمان. ووقوف كثير في الاحاديث النبوية. ومنه هذا الحديث اذ ذهب وهل الصحابة رضي الله عنهم هم الى ان الظلم المذكور في قوله تعالى ولم يلبسوا ايمانهم بظلم عام يشمل كل ما يخالف فيه العبد امر ربه فيظلم نفسه بذلك. فنفي هذا الموضوع بقوله صلى الله عليه وسلم انه ليس الذي تعنون الم تسمعوا ما قال العبد الصالح يعني لقمان اذ قال يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم انما هو الشرك. فيكون حديث ابن مسعود مفسرا الاية ان الظلم فيها هو الشرك. فقوله تعالى ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اي بشرك ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى كلام ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى اذ قال ليس مراد النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم بقوله انما هو الشرك ان من لم يشرك الشرك الاكبر يكون له الامن التام والاهتداء التام ان احاديثه كثيرة مع نصوص القرآن تبين ان اهل الكبائر معرضون للخوف. لم يحصل لهم الامن التام والابتداء التام الذي يكونون به مهتدون الى الصراط المستقيم. حتى قال بل معهم اصل الاهتداء الى هذا الصراط فلا يقصد من قوله صلى الله عليه وسلم انما هو الشرك انحصارا الخوف على المتلطخين بالشرك وان اهل الكبائر يكونون في امن بل الايات والاحاديث متكاثرة في بيان ان يا اهل الكبائر يلحقهم فزع وخوف لعظم الجناية التي اقترفوها فيما وقعوه من عظائم المنهي عنه ثم قال وقوله انما هو الشرك ان اراد به الاكبر فمقصوده ان من لم يكن من اهله فهو امن مما وعد المشركون من عذاب الدنيا والاخرة وهو مهتد الى ذلك. فاذا حمل الشرك في قوله صلى الله عليه وسلم انما هو الشرك على الاكبر فيكون معنى الحديث ان العبد المؤمن امنا من العذاب الذي يكون الكفار لكنه ان كان ذا كبيرة ناله من العذاب بقدر ما اصاب من الكبيرة. فيكون مؤمنا من عذاب الكفار. وابلغه الخلود في لكنه غير امن من ان يناله عذاب من الله عز وجل على خبيرته. ثم قال وان كان مراده جنس الشرك. اي مسمى الشرك وما يشمله معناه فيقال ظلم العبد لنفسه بخره ببعض الواجب لحب المال وهو شرك اصغر. وحبه ما يبغض الله حتى يقدم هواه حتى يقدم هواه على محبة الله. شرك اصغر ونحو ذلك فهذا فاته من الامن والاستهداء بحسبه. اي ان المواقع الذنوب يكون عنده شرك في بعضها وذلك اذا قدم هواه على حق الله سبحانه وتعالى ببعض الواجب من الزكاة لمحبته المال او محبته شيئا يبغضه الله حتى ما هواه على محبة الله فهذا شرك اصغر. كما في قوله تعالى افرأيت من اتخذ الهه هواه؟ فان قال الهوى الها نوعان احدهما اتخاذ الهوى الها معظما حتى يكون تأليف القلب لغير الله سبحانه وتعالى فهذا كفر اكبر. والآخر ان يكون اتباع الهوى من غير تأليه عام. وانما بتقديم حظ النفس في اشياء متفرقة كالذي يقدم ما تميل اليه نفسه على ما يحبه الله سبحانه وتعالى. فان هذا يقع في الشرك الاصغر لموافقته هواه حتى ازاح ما احبه الله سبحانه وتعالى عن نفسه فلم يواقعه فمتى كان الانسان ممسوسا بشيء من ذلك فاته من الامن والاهتداء بقدر ما مسه فالشرك يضعف الامن والاهتداء او يزيله. فاذا كان اكبر ازال الامن والاهتداء بالكلية واذا كان دون ذلك ازال من الامن والاهتداء بقدر اثره في النفس وما دون ذلك كالكبائر فانه يكون مؤثرا في ضعف الامن والاهتداء غير مزيل لاصلهما وكلما تقلل العبد من ذنوبه توفر له الامن والاهتداء. حتى يكون من الناس من يرزقه الله سبحانه وتعالى كمال الامن والاهتداء لكمال توحيده. وفي هؤلاء قال عبيد بن عمير فيما رواه ابن ابي شيبة في كتاب الايمان باسناد صحيح الايمان هيوب. اي له هيبة لما يحيط صاحبه من الامن فداء وانما وقعت له هذه الهيبة لكمال حاله. فمن كملت حاله كملت قوته القلبية امنا واهتداء ومن ضعفت حالهم ضعفت قوته القلبية امنا واهتداء. فشأن التوحيد عظيم فالتئام القلوب وانجماعها واهتداؤها الى مصالحها في الدنيا والاخرة على قدر توحيد فمن كمل توحيده لله عز وجل البسه الله عز وجل سربال الامن والاهتداء. فكان ثديا آمنا في الدنيا والآخرة. ومن ضعف توحيده تهتك من امنه واهتدائه بقدر مضعفاته توحيده وان سلب التوحيد من العبد لم يكن له امن ولا اهتداء. ولا يراد بالامن والاهتداء ما صار الناس يعرفونه في الامور المادية من انعدام ما يسمى بالجريمة واشباه ذلك. بل حقيقة الامن سكون القلب. وانعدام الخوف منه فان مدار الامر كله على القلب. فاعظم النعيم نعيمه واعظم العذاب عذابه. وكم من بلد تتلاشى فيه الجريمة او تقل معدلاتها وقلوب اهله في فرق شديد واضطراب عظيم لفقد التوحيد منها. فلا تلتئم نفوسهم ولا تنجمع قلوبهم. على منافع الدنيا والاخرة بل هم في وجل وغم وقلق واضطراب يؤول بكثير منهم. الى ان يزهق نفسه ويقتل روحه. وهذا يبين ما كان فيه من فرق شديد. وان قلبه لو كان مسلوب الامن وان كان جسده منعما بما يسميه الناس امنا. فمدار الامن كله على امن القلب وسكونه. وان من امتلأ قلبه بالتوحيد لم تزلزله المزعجات ولم تغيره المحركات لرباطة جأشه وثبات قلبه وركونه الى الله وتوكله عليه واستغنائه به. فالقلب منجذب بالكلية الى الله سبحانه وتعالى. فهو ساكن مطمئن ان مرتاح لا لا لجج فيه ولا غبش. جعلنا الله واياكم من اولئك ثم قال الشارخ بعد فظهرت مطابقة الاية للترجمة. وذلك ان من مات على التوحيد فله الامن على ما تقدم بخلاف غيره من الاعمال مع عدمه. فاذا عدم التوحيد فمهما كان للانسان من الاعمال فانها لا تنفع العبد. فان الله لما ذكر اعمال الكافرين قال وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه وباء منثورا فما كان من اعمالهم يذهب هباء والهباء ما يرى من الذرات في الشعاع النافذ من الشمس في زجاج ونحوه فتكون اعمالهم بهذه المنزلة. فكل عمل ابن ادم اذا فقد التوحيد منه لا يكون شيئا. وان كان في الدنيا امثال الجبال. فمهما تصدق او اطعم او انفق او كسى او داوى او غير ذلك من الأعمال ان لم يكن موحدا فإن توحيده فان عمله لا ينفعه بشيء. بخلاف الموحد فان الموحد وان قل عمله جل قدره عند الله عز وجل لكمال قيامه بحق الله عز وجل. فمن قام بحق الله الله حق غيره ومن ضيع حق الله عز وجل وكله الله عز وجل الى اعماله فهلك. نعم الله اليكم قوله من شهد ان لا اله الا الله ان يشهد ان لا معبود بحق الا الله وقام بوظائف هذه من اخلاص العبادة بجميع انواعها لله. وتبرأ من كل المعبودات سواه. سواء كان ذلك المعبود نبيا او غيره ان محمدا عبده ورسوله الصادق المصدوق افضل الرسل. فهو عبدالله ورسوله اوجب الله تعالى على الخلق طاعته ونهى عن عبادته وامر باخلاص العبادة لله بجميع انواعها كما قال تعالى. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وليس المراد ان الانسان اذا شهد بهذا من غير عمل بما تقتضيه بمقتضاه يحن له دخول الجنة بل بل المراد بالشهادة لله بالتوحيد والعمل بما تقتضيه شهادة ان لا اله الا الله من الاخلاص وما تقتضيه من شهادة وما تقتضيه شهادة ان محمدا عبده ورسوله من الايمان به وتصديقه اتباعه قوله وان عيسى عبد الله ورسوله هذا تعذيب للنصارى واذان بان ايمانهم القول بالتثبيت شرك محض لا يخلصهم من النار. وقوله ورسوله تعريب باليهود في انكارهم رسالته الى ما لا يحل من قذفه وقذف امه. وفي رواية وابن امته وهو تعذيب للنصارى ايضا. وتطير اي هو عبد الله وابن امته فكيف تنسبونه الى اليه عز وجل؟ قوله وكلمته انما سمي كلمة الله في صدوره بكلمة بكلمة كن بلا اب قاله قتادة غيره من السلف. وقوله القاها الى مريم اي ارسل بها جبريل اليها فنفخ فيها من روحه باذن ربه. قوله وروح منه. قال ابن ابي قال من ابن كعب عيسى روح روح من الارواح التي خلقها الله عز وجل. واستنطقها بقوله الست بربكم؟ قالوا بعثه الله الى مريم فدخل فيها. رواه عبد ابن حميد وعبدالله بن احمد في زوائد المسند وابن جرير وابن ابي وابن ابي حاتم وغيرهم. قوله والجنة حق والنار حق. اي وشهد ان التي اخبر الله في كتابه انه اعدها لمن امن به وبرسله ثابتة لا شك فيها. وان النار التي اخبر الله في كتابه انه اعد للكافرين به وبرسله حق كذلك. قوله ادخله الله الجنة. فيه ان الموحدين لا لا يخلدون في النار. وانه تعالى يعفو عن السيئات قبل التوبة والعقوبة. قال النووي رحمه الله الله تعالى هذا حديث عظيم قدر جليل الموقع وهو اجمع او من اجمع الاحاديث المشتملة على العقائد فانه صلى الله عليه وسلم جمع فيه ما يخرج من مدن الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم. فاقتصر صلى الله وسلم في هذه الاحرف على ما يبين جميعهم. انت على ما يباهي جميعهم انتهى جميعهم احسن الله اليكم. فاقتصر فيها صلى الله عليه وسلم في هذه الاحرف على ما يباين جميعهم انتهى ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة تبيان من طوى من جمل المعاني في حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه الذي اورده امام الدعوة في هذا الباب في فضل التوحيد. فبين طليعة قوله ان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله اي من شهد ان لا معبود بحق الا الله بوظائف هذه الكلمة. فلا يراد من العبد ان يقول هذه الكلمة. بل المراد من العبد ثلاثة اشياء احدها قولها باللسان وتنيها اعتقاد ما دلت عليه من المعنى اعتقاد ما دلت عليه المعنى ما دلت عليه من المعنى من افراد الله بالعبادة. ونفي يا عما سواه وثالثها التزام ما يتعلق بها من العمل التزام ما يتعلق بها من العمل وهذا معنى قول المصنف وقام بوظائف هذه الكلمة من اخلاص عبادة بجميع انواعها لله وتبرأ من كل المعبودات سواه سواء كان ذلك المعبود نبيا او غير نبيا او غيره. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى معنى قوله صلى الله عليه وسلم وان محمدا عبده ورسوله اي اعتقاد انه عبد الله ورسوله والشهادة له بذلك وفي حديث عمر عند البخاري فانما انا عبد الله ورسوله. فقولوا عبد الله و ورسوله ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان القول في الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة كالقول في الشهادة لله عز وجل بالتوحيد. فلا بد ان يجامعهما ما تقدم ذكره من ان يقول العبد ذلك معتقدا معناه ملتزما بما يقارن هاتين الكلمتين من العمل فهو يشهد ان العبادة كلها لله ليست لاحد سوى ويشهد ان الرسالة في هذه الامة لمحمد صلى الله عليه وسلم. ولا تكونوا لغيره. فيجب فتجب واتباعه صلوات الله وسلامه عليه. ثم بين المصنف ان قول النبي صلى الله عليه وسلم وان عيسى عبد الله ورسوله بالنصارى اي ذكر لاعتقادهم الفاسد على وجه الايمان اذا ما هم عليه وايدان بان ايمانهم مع القول بالتثليث شرك محض لا يخلصهم من النار. وفي قوله ورسوله تعريض باليهود في انكارهم رسالته اي رسالة عيسى عليه الصلاة والسلام وانتماؤهم الى ما لا يحل من قدر وقذف امه بالبهتان والفجور. ثم قال وفي رواية وابن امته وهو تعيذ بالنصارى ايضا. وتقيير لعبوديتهم اي هو عبد الله وابن امته فكيف تنسبونه اليه عز وجل؟ ثم بين ان معنى قوله وكلمته ان عيسى انما سمي كلمة الله بصدوره بكلمة كن بلا اب اي ان الله قال له كن فكان قاله قتادة وغيره من السلف. وليس عيسى عليه الصلاة والسلام هو كلمة وانما كان بالكلمة. وفرق بينهما. فان الكلمة غير مخلوقة لانها كلمة الله واما عيسى فهو مخلوق. فلا يكون عليه الصلاة والسلام هو الكلمة وانما كان بالكلمة اي وجد كلمة الله كن فكان. ثم بين معنى قوله القاها الى مريم اي ارسل بها جبريل اليها فنفخ فيها من روحه باذن ربه. ثم ذكر في تفسير وروح منه ما جاء عن ابي انه قال عيسى رح من الارواح التي خلقها الله عز وجل واستنطقها بقوله الست قالوا بلى بعثه الله الى مريم فدخل فيها. رواه عبد ابن حميد وعبدالله ابن احمد في زوائد المسند. وابن جرير وابن ابي وغيرهم وهو من رواية ابي جعفر الرازي واسمه عيسى ابن ابي عيسى ما هان عن الربيع بن انس عن ابي العالية عن ابي بن كعب النسخة نسخة تفسيرية يروى بها شيء كثير. والاصل في فيها القبول. لان النسخ يعول فيها على الكتاب. وعيسى ابن ابي عيسى انما غمد في حفظه بسوءه. فلا يشبه ان يكون له وهم في كتابه. الا ان في ذلك شيء مستنكر. فحينئذ يعل بنكارته. وهذا الاثر مما به ابو العباس ابن تيمية في مواضع من كتبه وخالفه تلميذه ابو عبد الله ابن القيم في كتاب الروح استنكر هذا الاثر لقوله فيه بعثه الله الى مريم فدخل فيها. لان المبعوث بنص في سورة مريم وغيرها هو جبريل عليه الصلاة والسلام وما استنكره ابو عبد الله ابن القيم يمكن الجواب عنه بان البعث الى مريم المذكورة في هذا الاثر لا يراد به حين حملها بعيسى عليه الصلاة والسلام. بل بعث متقدم في القدر القديم. كما في قوله تعالى الست بربكم؟ قالوا بلى عندما خلق الله الارواح واستنطقها فحينئذ ارسل عيسى الى مريم فكان معها اي قذرا فيما تقدم من القدر الاول. وهذا هو الذي يظهر انه معنى الاثر وحينئذ فلا نكرة فيه. ومذهب ابي العباس ابن تيمية من الاحتجاج به اقوى ثم ذكر بعد ذلك كلاما للنووي رحمه الله تعالى في هذا الحديث واجلاله اذ قال هذا حديث عظيم القدر جليل الموقع وهو اجمع او من اجمع الاحاديث المشتملة على العقائد فانه صلى الله عليه وسلم جمع فيه ما يخرج من منن الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم. ففيه الرد على اليهود والنصارى والمشركين. فاقتصر صلى الله عليه وسلم في هذه الاحرف على ما يباين جميعهم. اي ما يخالف جميعهم وتحصل به المفارقة. فان من شهد بما جاء في هذا الحديث مفارق لما عليه اليهود والنصارى والمشركون الوثنيون. نعم. احسن الله اليكم قوله في حديث عتبان بكسر المهملة والسكون المثناة الفوقية بعدها موحدة. قوله يبتغي بذلك وجه الله كقوله من شهد ان لا لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله حرم الله عليه النار ونحوه. وكالأحاديث التي فيها ان من اتى بالشهادتين دخل الجنة. قال شيخ الاسلام وغيره هذه الاحاديث انما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة وقالها مخلصا من قلبه مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين. فان حقيقة التوحيد انجذاب الروح الى الله والله جملة حقيقة التوحيد انجذاب. احسن الله اليك. فان حقوق التوحيد انجذاب الروح الى الله جملة ومن شهد ان لا اله الا الله خالصا من قلبه دخل الجنة. لان الاخلاص هو انجذاب القلب الى الله بان يتوب من توبة نصوحا فاذا مات على تلك الحال نال ذلك انتهى. وقال الحسن معنى هذه الاحاديث من قال هذه الكلمة وادى حقها وفريضتها وقيل ان ذلك لمن قالها عند الندم فرضتها دخل الجنة احسن الله اليك وادى حقها وفريضتها دخل الجنة وقيل ان ذلك لمن قالها عند الندم والتوبة ومات على كذلك وهذا قول البخاري. وقال ابن المسيب كان هذا قبل ان قبل ان تنزل قبل ان تنزل الفرائض والامر والنهي. قال بعض المحققين قد يتخذ قد يتخذ امثال هذه الاحاديث البطلة قد يتخذ رسالة احسن الله اليك. قد يتخذ امثال هذه الاحاديث البطلة والمباح. المباح والمباحية ذريعة الى طرح التكاليف ورفع الاحكام. وانطال الاعمال معتقدين ان الشهادة وعدم اشراك كافل جمع ايش؟ جمع بالطال والمباحية نسبة الى مذهب الاباحة الذي فيه استباحة كل شيء. نعم. معتقدين ان الشهادة وعدم الاشراك كاب وربما يتمسك بها المرجئة وهذا الاعتقاد يستلزم طيب ساق الشريعة وابطال الحدود والزواج السمعية. ويوجب ان يكون التكليف بالترغيب في الطاعات التحذير من المعاصي والجنايات غير متضمن طائلا بل يقتضي الانخلاع الرفقة الدين والملة. والانحلال عن قيد الشريعة الحكمة والسنة والولوج في الخط والخروج عن الضبط. انتهى وروى حديث عثمان احمد روى حديث عتبان احمد. احسن الله اليك. وروى حديث عتمان احمد والنسائي وابن ماجة والبيهقي في الاسماء والصفات المصنف رحمه الله تعالى في بيان ما اورده امام الدعوة من حديث عتبان ابن مالك رضي الله عنه ان حديث عتبان وقع فيه قيد ثقيل لاستحقاق فضل شهادة وهو قوله صلى الله عليه وسلم فيه يبتغي بذلك وجه الله. وفي رواية صادقا من قلبه فالاحاديث التي قيدت فيها الشهادة بهذه القيود الثقال تبين تقييد الاحاديث المطلقة التي جاء فيها فضل الشهادتين دون طيب فيحمل المطلق على المقيد. وهذا هو معنى ما ذكره شيخ الاسلام رحمه الله في قوله هذه الاحاديث ما هي في من قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة. وقالها مخلصا من قلبه. مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها ويقين. واما ان قالها دون ذلك فانها لا تنفع صاحبها وهذا المذهب الذي حكاه ابو العباس ابن تيمية هو المذهب المختار الذي استقر عليه علماء اهل السنة كان بين السلف خلاف قديم اشار الشارح رحمه الله الى طرف منه فكان الحسن البصري يرى ان معنى هذه الاحاديث من قال هذه الكلمة وادى حقها وفريضتها دخل الجنة. وهو موافق لما ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد. وخلف في ذلك. فذهب جماعة من السلف وهو اختيار البخاري. ان ذلك لمن قالها عند الندم والتوبة ومات على ذلك. فما جاء من الاحاديث المطلقة في فضل الشهادة يحمل على حال خاصة وهي حال الاحتضار فاذا قال الانسان تلك الكلمة نادما تائبا الى الله سبحانه وتعالى على نفعتك؟ هذا اختيار البخاري. وذهب ابن المسيب وهو سعيد. وافقه جماعة كابن شهاب الزهري وسفيان الثوري والضحاك ابن مزاحم رحمهم الله ان هذا كان قبل ان تنزل الفرائض والامر والنهي. فوقع اطلاق الاحاديث حينئذ ان لم يكن العبد مطالبا بشيء سوى الكلمة الطيبة لا اله الا الله. ثم لما نزلت الفرائض والامر والنهي حملت تلك الاحاديث على زمن سابق متقدم. اما بعد ما شرع من الامر والنهي وطلب العبد من فانه لا تنفعه كلمة التوحيد حتى يمتثل ما جاء في الامر والنهي. واعترض ابن رجب رحمه الله تعالى هذا المذهب في تحقيق كلمة الاخلاص وفي جامع العلوم والحكم بما من ان جملة من هذه الاحاديث المطلقة ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم قالها بعد الهجرة واستقراره مدة للمدينة بل فيها ما وقع ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله في اخي حياته. فحينئذ لا يسلم. للقائلين بهذا القول ما قالوا فما ادعوه من تقدم الاطلاق وتأخر التقييد بالفرائض والامر والنهي فيه نظر لورود شيء من الاحاديث المطلقة متأخرة على ان جماعة ممن ذهب الى هذا المذهب كالثوري ذكروا ان ما نزل من الامر والنهي ناسخ لتلك الاحاديث المطلقة. ومعنى التبيين والايضاح فان النسخ في عرف المتقدمين لا يختص بالمعنى الذي اصطلح عليه المتأخرون واستقر عند الاصوليين بل يوجد في كلام جماعة من الصحابة كابن عباس ومن بعدهم من التابعين فقطادة وغيرهم اطلاق النسخ على ارادة بيان المجمل وايضاحه ومنه هذا الموضع على ما بينه ابو الفرس ابن رجب في تحقيق كلمة الاخلاص وفي جامع العلوم والحكم وهو الحق الحقيقة. فيحمل ما ذكر عمن ادعى النسخ كالثوري من ان نسخه يراد به الايضاح والبيان وان الاحاديث المقيدة بينت واوضحت ما جاء من الاطلاق في الاحاديث الواردة في فضل الشهادة. ثم نقل المصنف رحمه الله الله تعالى كلاما لبعض المحققين. والمحقق هو الراسخ في العلم المتمكن منه. وما اصطلح عليه المتأخرون من جعله علما على من يشتغل بمقابلة النسخ الخطية وبيان فروقها هو جدال لهذا اللقب المكرم. فان منصب التحقيق منصب رفيع. لا يلتقي اليه الا قلة من الخلق لطبقات الامة. وفي اللامية المنسوبة لابي العباس ابن تيمية قوله في صدرها اسمع كلام محقق في قوله لا ينثني عنه ولا يتبدله. فالمحقق هو الموقن بقوله. فهو لا تحولوا عنه ولا يتغير ولا يتلكأ عن المضي فيما انتحله من قول في امن الخاص او عام لكمال رسوخ علمه وانكشاف الغيب عنده كالشهادة في المعارف العلمية والحقائق ولم ارى التصريح بهذا المبهم في قوله بعض المحققين ولا وجدت احدا سماه فيما نقل عنه وهو كلام حسن فيه بيان ان جماعة من اهل البطالة والمجون والسالكين طريق الاباحية الذين يستبيحون كثيرا من المحرمات في فعلها والطاعات في تركها يتعلقون بهذه الاحاديث في الاستغناء بكلمة التوحيد بقولها دون حاجة الى العمل سالكين سبيل الارجاء في ذلك ثم ختم الشارح رحمه الله تعالى بيانه المتعلق بهذا الحديث بتخريج حديث عتبان بن العزو الى احمد والنسائي وابن ماجة والبيعقي في الاسماء والصفات. زيادة على ما يستفاد من قول المصنف ولهما فان ذكرى التثنية في اصطلاح المحدثين يراد به البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى والزيادة في العزو عن الصحيحين لا يحتمل بها ولا يحتفل الا ان وجد في غير الصحيحين زيادة يفتقر اليها والى ذلك اشرت بقول كل حديث للصحيحين كما فعزوه اليهما تحتما. كل حديث في الصحيحين كما فعزوه اليهما تحتما. كليهما او واحد ولا يزاد اليهما او واحد ولا يزاد سواهما الا لمعنى يستفاد سواهما الا لمعنى يستفاد. نعم. احسن الله اليكم قوله عن ابي سعيد اسمه سعد ابن ومالك ابن سنان الانصاري هو وابوه صحابيان. قوله ادعوك اي اثني عليك واتوسل اليك. قوله كل عبادك يقول يقولون هذا في سنن النسائي والحاكم وشرح وشرح السنة بعده انما اريد شيئا تخصني به عامره اي لو ان السماوات السبع ومن فيهن من العمال غير الله. والاراضين السبع من فيهن لو وضعوا في كفة الميزان ولا اله الا الله في الكفة الاخرى مالت بهن لا اله الا الله. اي رجحت عليهن. وذلك لما نزلت عليهم توحيد الله الذي هو اساس الملة ورأس الدين. وافضل الاعمال قال ابن القيم رحمه الله تعالى فالاعمال لا تتفاضل صورها وعددها وانما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب. فتكون صورة العملين واحدة وبينهما من التفاضل كما بين السماء والارض قوله وللترمذي اسمه محمد بن عيسى قوله بقراب الأرض لمن القاف وكسب والضم اشهر وهو ملؤها او ما يقارب ملؤها. قوله ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا. قال شيخ الاسلام شرك نوعان اكبر واصغر فمن خلص من منهما وجبت له الجنة. ومن مات على الاكبر وجبت له النار ومن خلص من الاكبر وحصل له بعض الاصغر مع حسنات راجحة على ذنوبه دخلوا الجنة. فان تلك الحسنات توحيد كثير مع كثير من الشرك الاصغر. ومن خلص من الاكبر ولكن كثر الاصغر حتى رجحت به سيئاته دخل النار شرك يؤاخذ به العبد اذا كان اكبر او كان كثيرا اصغر. والاصغر القليل في جانب الاخلاص الكثير لا يؤاخذ به انتهى ومثل حديث انس حديث ابي ذر عند الامام احمد عن ابي معاوية عن الاعمش ابن عن الاعمش عين المعرور ابن سويد عن ابي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل من عمل قراب الارض بطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا. جعلت له مثلها مغفرة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في بيان حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان قول موسى عليه الصلاة والسلام ادعوك اي اثني عليك واتوسل اليك وفي اصل الكتاب وهو تيسير العزيز تيسير العزيز الحميد قول الشيخ سليمان اتوسل به اليك اذا دعوتك. اتوسل به اليك اذا دعوتك. وهذا احسن مما ذكره المصنف فانه جعل الدعاء بمعنى الثناء والتوسل والدعاء في لسان العرب انما هو الطلب فمعنى اي اطلبك وهذا الطلب هو طلب توسل به الى الله اذا سأله يكون ما في الاصل وهو تيسير العزيز الحميد اوفق عبارة اذ قال اتوسل به اليك اذا دعوتك ثم ذكر ما وقع من الزيادة عند النسائي في الكبرى والحاكم في المستدرك البغوي في شرح السنة انما اريد شيئا تخصني به. اي اراد شيئا يدعو به ربه عز وجل يختص به موسى عليه الصلاة والسلام رغبة في الخير. فانه طامع في الخير عند الله عز وجل ان يؤثره فضيلة يختصه بها بان يعلمه ما يدعوه به دون غيره من الخلق. ثم ما اورد المصنف رحمه الله تعالى بعد كلاما لابن القيم رحمه الله تعالى في بيان ان لا تتفاضل بصورها وعددها وانما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب. اي ان الزيادة والنقص الواقعة فيها موكولة الى ما في القلوب من الاخلاص لله سبحانه وتعالى فتكون صورة العملين واحدة وما بينهما من التفاضل كما بين السماء والارض. وعند النسائي بسند حسن من حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الرجل لينصرف من الصلاة ولم تكتب له الا عشرها. تسعها ثمنها سبعها خمسها ربعها ثلثها نصفها. فانتهى القدر المذكور الى نصف العمل لقلة من يستوفي الاجر كاملا. فعامة الناس لهم حوض وهم متفاوتون في هذا الحظ بين مقل ومستكثر وان كانت صورة عملهم واحدة فانهم يصلون صلاة واحدة يكون فداء الاخر فيتفاوتون في اعمالهم بتفاوت ما في قلوبهم. ومعرفة هذا الاصل تحمل العبد على ان يطلب في عمله اقبال قلبه عليه اخلاصا لله عز وجل. واتباعا للنبي الله عليه وسلم والا يحتفل بكثرة عمله. فان الكثرة ليست مرادة بل المراد حسن العمل بان يكون لله على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية والله لا يرضى بكثرة فعلنا. لكن باحسنه مع الايمان. فالعارفون مرادهم احسانه والجاهلون عموا عن الاحسان. لان العبد انما يبتلى بحسن عمله قال الله تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. رواه ابن ابي الدنيا في كتاب الاخلاص عن الفضيل ابن عياض قال احسنه اصوبه واخلصه في ان يكون خالصا لله متابعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والى ذلك اشار شيخ شيوخنا حافظ الحكمي اذا قال في سلم الوصول شرط قبول السعي ان يجتمع فيه اصابة واخلاص مع اراد بالاصابة اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الشارح رحمه الله تعالى كلاما لابي العباس ابن تيمية في بيان قوله تعالى في الحديث القدسي ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا قال الشرك نوعان اكبر واصغر. فمن خلص منهما وجبت له الجنة. ومن مات على الاكبر وجبت له النار. ومن خلص من الاكبر وحصل له بعض الاصغر مع حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة. فان تلك الحسنات توحيد كثير مع كثير من الشرك الاصغر ومن خلص من الاكبر ولكن كثر الاصغر حتى رجحت به سيئاته دخل النار فالعبد بين الشركين له حالان. الحال الأولى ان يكون ذا شرك اكبر فهذا خالد مخلد في النار. والحال الثاني ان يكون ذا شرك اصغر فهو ناج من الشرك الاكبر. لكن له حظ من الشرك الاصغر المتلطف بالشرك الاصغر له مرتبتان. الاولى ان تغلب حسناته سيئاته ومنها الشرك الاصغر. فينجو من النار والثانية ان تغلب سيئاته ومنها الشرك الاصغر حسناته. فيدخل النار فاصح الاقوال في الشرك الاصغر انه لا يغفر. وانه يكون في الموازنة مع الحسنات والسيئات لقول الله عز وجل ان الله لا يغفر ان يشرك به. وان مع الفعل المضارع مؤولة بمصدر مسبوق تقديره شركا فيكون نفرة في سياق النفي تدل على العموم فيعم الشرك الاكبر والاصغر. ثم قال ابو العباس ابن تيمية فالشرك يؤاخذ به العبد اذا كان اكبر او كان كثيرا اصغر. والاصغر القليل في جانب الاخلاص الكبير لا يؤخذ به. ومعنى لا يؤاخذ به اي لا يرجح به فيدخل النار. واما دخوله الموازنة فانه يدخل الموازنة في اصح القولين وهو خيار ابي العباس ابن تيمية وشيخ شيوخنا ابن سعدي رحمهما الله تعالى وما ذكره ابو العباس ابن تيمية من قسمة الشرك هي قسمة للشرك باعتبار قدره. فالشرك باعتبار قدره ينقسم الى نوعين احدهما شرك اكبر والاخر شرك اصغر. والحجة في هذه القسمة ما رواه الحاكم بإسناد حسن عن شداد ابن اوس رضي الله عنه قال كنا نعد الرياء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرك الاصغر. فالشرك الاصغر معلوم في عرف الصحابة رضي الله عنهم. فليس هو من مبتكرات الاذهان. بل قسمة الشرك الى هذين النوعين مشيدة الدليل المفصح عن ذلك مما ذكرنا انفا عن شداد وفي معناه اشياء فيها ضعف او هي صحيحة لكنها ليست صريحة في الدلالة على مقصود ويعلم منه ان ما يذكره علماء التوحيد والسنة من معاني الايمان والتوحيد ليس شيئا اخذوه عن الاباء والاجداد. ولا هو مذهب لابن عبد الوهاب ولا من هو اكبر منه. كابن تيمية واحمد ابن حنبل وانما هو الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من ربه. وعاه من وعاه وجهله من جهله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وقد ذكر العلامة ابو بكر ابن محمد عارف قوبيل المكي في بعض ردوده عن بعض سادات اهل حضرموت انه لولا البقية من علماء اهل نجد لجهل توحيد العبادة. وصدق رحمه الله فان كلام السلف وعلماء القرون الوسطى في توحيد العبادة قليل لان المخالف فيه نادر حينئذ وانما بني به المسلمون وعظم به الخطب في القرن العاشر فما بعده الى يومنا هذا. فندب الله عز وجل من اصطفاه للقيام بهذه الوظيفة. ولا يختص هذا الامر بهم بل من وافق ما جاء بالكتاب والسنة من توحيد من توحيد ربنا عز وجل فهو من علمائه وان كان اعجميا في اقاصي الشرق او الغرب ولكنها كتب علماء ائمة الدعوة رحمهم الله تعالى هي نجوم الاهتداء ومصابيح الدجى في توحيد عبادة ولا يعرف قدر هذا الا من مازج التأريف التي صنفها الموافق والمخالف في توحيد الله سبحانه وتعالى فمن عانى ما كتبوه وطالع ما كتبه غيرهم عرف ما لكل من ذلك. وهذا يوجب على العبد ان يعتني بهذه التأليف جمعا وقراءة وتفهما ليعرف دينه. فان التلبيس في ام لتوحيد العبادة كثر في هذه الازمان وابتلينا بجماعة من المتشرعة المنتسبين الى بلاد التوحيد وهم ينقضون اساسه ويهتكون استاره ويضعفون هيبته ويقلعون اوتاده لما استزلهم الشيطان وخرجوا عليه جماعة المسلمين الى مذاهب رضوا بها فصار لهم في امر توحيد الله عز وجل مقالات باطلة وصرت تسمع ما ينقض التوحيد او ينقصه او ينقصه مما يتعلق بالشرك الاكبر او الولاء والبراء او غيرها من اصول التوحيد من اناس رضعوا لبان علوم هذه البلاد. ولكن ليست الارض محلا ساكنها فان الارض المقدسة لا تقدس احدا. وانما يقدس الانسان عمله. فاذا صلح عمل الانسان اصلح الله عز وجل قلبه سواء كان عربيا او عجميا. فينبغي ان يزداد خوف العبد على توحيده وان يجتهد في تخليصه من هذه الواردات وان يحوطه بالعناية والرعاية فان الطريق طويل والعقبة كؤود والعدو راصد والشياطين لها احبابيد والشبهات تغتال من الخلق ما تغتال. فكم من امرئ عد في الموحدين انقلب على عقبيه فصار في حزب المشركين لانه لم يحتفل بتوحيده ولا شد يده عليه ولاستعظم ما وهبه الله عز وجل من بالدلالة اليه فصار بعد نهبة للاراء والاهواء مستوعفا بها مال اليها وركن معجبا بقول فلان او علان حتى خرج من التوحيد او كاد يخرج فلا تظن انك بمنأى عن هذا قال يا ابراهيم التيمي رحمه الله تعالى من يأمن البلاء بعد إبراهيم يعني الخليل عليه الصلاة والسلام لما قال واجنبني وبني ان نعبد الأصنام فإذا كان قليل رب العالمين وصفوة الانبياء الاول من الرسل يخاف على نفسه وعلى بنيه الاصنام وهو الذي حطمها ونقض جمعها يخشى ان وقع بالشرك فما الظن بغيره؟ حقيق به ان يكون خوفه من الشرك عظيما فان من والشيء حذره فامن منه. ومن لم يخف الشيء اطمئن اليه فربما التبس به وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول لان تصحب اناسا يخوفونك كل يوم حتى تلقى الله آمنا خير لك من ان تصحب قوما يؤمنونك كل يوم حتى تلقى الله خائفا. فنسأل الله سبحانه تعالى ان يؤمننا بتوحيده في الدنيا والاخرة. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى الباب بذكر حديث بمعنى حديث انس وهو حديث ابي ذر عند احمد. واسناده صحيح وهو في مسلم قريبا من لفظه من حديث ابي ذر رضي الله عنه وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب وبالله التوفيق