السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل طلب العلم من اجل القربات وتعبدنا به طول الحياة الى الممات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما اخذ الدجاج التعليم وعلى اله وصحبه الحائزين مراتب التقديم. اما بعد فهذا الدرس التاسع في شرح الكتاب التاسع من برنامج التعليم المستمر في سنته الرابعة ثلاث وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو ختام ابطال التنديد للعلامة حمد بن علي بن عتيق. رحمه الله ويليه الدرس السادس من الكتاب العاشر وهو القواعد والاصول الجامعة للعلامة عبد ابن سعدي رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا البيان في الاول منهما عند قول المصنف باب من الشرك الاستعاذة بغير الله نعم. احسن الله اليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعالى باب من الشرك بغير الله. الاستعاذة للالتجاء والاعتصام والتحرز وذلك من اعظم انواع العبادة فمن فعله لغير الله فقد ماشي راك ذكر المصنف رحمه الله تعالى بيان ترجمة اخرى من تراجم كتاب التوحيد. هي قول صاحب به باب من الشرك الاستعاذة بغير الله. فبين المصنف رحمه الله ان الاستعاذة هي الالتجاء خصام والتحرز اي طلب الحرز بان يكون العبد في مأمن. وحقيقة الاستعاذة بالله نوعا طلب العود من الله عند وقوع المخوف. طلب العوذ من الله عند موضوع المخوف والعوذ والالتجاء والاعتصام. والعياذ واللياذ بمعنى واحد فكلاهما يقع التجاء واعتصاما عند ورود المخوف. اما ما ذكره جماعة من المتأخرين كالمتنبي وابن كثير من اختصاص العياد بالاعتصام من المرغوب والليالي بالرجاء من المطلوب فهذا يخالف الوضع العربي. وانما اللياذ طلب والاعتصام مع سرعة واختفاء. فهذا الفرق بينه وبين العياد. وكلاهما متعلقه ورود المخوف المطلوب الهرب منه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان ذلك يعني من اعظم انواع العبادة التي يتعبد لله بها. فمن فعلها لغيره فقد اشرك. اي من جعل التجاء الذي يتوجه فيه قلبه تعظيما وخضوعا ومحبة جعله لغير الله عز وجل فقد اشرك ووقع في شرك اكبر. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله انه كان رجال من الانس قال عليه وسلم وامنوا به. كانوا يفعلون في الجاهلية من جملة الاستعاذة بغير الله وفزاد الانس الجن كبرا واثما وطغيانا وشراقن فزاد الجن الانس اغوانا واضغالا. ولا يجوز ان تشمل الايات ذلك فان الجن ازدادوا اثما وتكبرا وطغيانا والانس ازدادوا اغوانا اضلالا فكان اهل الجاهلية ذهب اقواد قالوا نعوذ هذا الوادي من سفهاء قومه فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم ان يقول احدهم اذا نزل منزلا اعوذ بكلمات الله التامات من من شر ما خلق التامات اي الكاملات اللاتي لا يلحقهن علم ولا نقص كما يلحق كلم البشر. وقنا الكافية الشافية وقيل هنا هي القرآن فان الله قد اخبر عنه بانه هدى وشفاء. قال والقرطبي وقال شيخ الاسلام وقد نص الائمة على انه لا تجوز لمخلوق وهذا مما استدلوا به على ان كلام الله غير مخلوق. قالوا لانه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه استعاذ بكلمات الله وامر بذلك قوله من شر ما خلق اي من شر كل مخلوق فيه شر. لا من شر كل ما خلقه الله فان الجنة والملائكة والانبياء ليس فيهم شر هذا معنى كلام ابن القيم قال والشر يقال على الالم وعلى ما يفضي اليه. قوله لم يضره شيء قال المصنف فيه فضيلة هذا الدعاء اختصاره ذكروا المصنف رحمه الله تعالى بيان الدليلين اللذين ذكرهما صاحب الاصل وهو الدعوة رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد في الباب المترجم بقوله باب من الشرك الاستعاذة بغير الله فهما اية وحديث فاما الاية فهي قول الله تعالى وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن. الاية فذكر المصنف في بيانها نقلا عن الشارع وهو الشيخ سليمان ابن عبد الله كما اصطلح عليه انه اذا ذكر الشارع فمراد به صاحب تيسير العزيز الحميد اول شراح كتاب التوحيد وهو سليمان ابن عبد الله ابن محمد ابن عبد الوهاب وانه قال وجه الدلالة من الايات يعني المذكورة ان الله حكى عن مؤمن الجن انهم لما تبين لهم دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وامنوا به. ذكروا اشياء من الشرك كانوا يفعلونها في الجاهلية. من جملتها بغير الله فانهم عددوا اعمالا ادرجوها من جملة الشرك من اعادها ما كان يجري من الاستعاذة بهم من دون الله سبحانه وتعالى فعلم ان الاستعاذة بغير الله عز وجل شرك ثم ذكر ان معنى قوله تعالى فزادوهم رهقا قيل فزاد الانس الجن التكبر تكبرا واثما وطغيانا وشرا وقيل فزاد الجن الانس واضلالا. واصل الرهن غشيان الشيب. فمعنى قوله فزادوه مرهقا اي زادوهم من غشيان ثاني شيء يحرم عليهم. وهذا المحرم يتعلق بالطرفين. فالجن زيدوا في التكبر والاثم الطغيان والانس زيدوا في الاغواء والضلال والامر كما قال المصنف ولا يبعد ان تشمل الاية ذلك فان جنا ازدادوا اثما وتكبرا وطغيانا والانس ازدادوا اثما واغواء ازدادوا والانس ازدادوا اغواء واضلالا فيكون الضمير عائدا الى هؤلاء والى هؤلاء على حد سواء وكل يزيد مقابله مما ما يغشاه فالجن يزيدون الانس اغواء واضلالا والانس يزيدون الجن اثما وتكبرا وطغيانا. فالاية محتملة للامرين بجميع وممن ذكر احتماله العلامة ابن سعدي في تفسيره واكثر على تخصيصه بعود الظمير الى الجن وانهم زيدوا اثما وتكبرا وطغيانا. ثم بين المصنف الله تعالى موقع ذلك في احوال العرب فقال فكان اهل الجاهلية اذا هبطوا واديا قالوا نعوذ بسيد هذا الوادي يعني مالكه المتصرف فيه من الجن من سفهاء قومه فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين ان يقول احدهم اذا نزل منزلا اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. ثم قال التامات اي الكاملات اللاتي لا يلحقهن عيب ولا نقص كما يلحق كلام البشر. وقيل الكافية الشافية وقيل الكلمات هنا هي القرآن فان الله اخبر عنه انه هدى وشفاء قاله القرطبي والكلمات التامات يعني الكاملة ويندرج في هذا الكمال انه لا يلحقها عيب ولا نقص وانها كافية شافية. فكمال الكلمات الالهية من جهتين. فكمال الكلمات الالهية من جهتين. فالجهة الاولى تتعلق بها في نفسها. الجهة الاولى تتعلق بها في نفسها انها لا يلحقها عيب ولا نقص والجهة الثانية تتعلق بها حال اتصالها بغيرها تتعلق بها حال اتصالها بغيرها. مما تثمره من الكفاية والوقاية ولا تختص الكلمات بالقرآن. بل القرآن فرض من افراد كلمات الله عز وجل. فكل ما تكلم الله عز وجل به هو من كلماته. وكلهن تامات. فالتمام وصف ملازم لهن فالتمام وصف ملازم لهن. فليس شيء من كلام الله ناقصا ولا معيبا ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى عن شيخ الاسلام يعني ابا العباس احمد ابن تيمية انه قال وقد نص الائمة على انه لا تجوز الاستعاذة بمخلوق. اي حال ارادة كونها عبادة. وذلك بان يتوجه فيها تعظيما واجلالا الى احد من المخلوقين. فان تجردت من هذا المعنى كانت من الاستعاذة التي تجري في العادات التي بين الناس فتكون جائزة في قوله تعالى فاستغاثه الذي من شيعته على الذي هو من عدوه. فان الاستغاثة والاستعاذة والاستعانة مجراها واحد. فعلم انها ان كانت واقعة من باب العادة فيما يكون محتملا جريانه فيها فلا بأس بها اما ما خرج عن عادة مما لا يقدر عليه ولا يتصور ولا تتصور المكنة منه ولا نفاذ الامر فيه هذا لا يكون الا لله وحده لا شريك له ثم قال وهذا مما استدلوا به على ان كلام الله غير مخلوق لانه استعيذ به والاستعاذة المخلوق على وجه العبادة شرك. وعلم ان كلام الله منه وانه غير مخلوق. قال قالوا لانه ثبت عند صلى الله عليه وسلم استعاذ بكلمات الله وامر بذلك. ثم قال قوله من شر ما خلق اي من شر كل مخلوق فيه لا من شر كل ما خلقه الله فان الجنة الجنة والملائكة والانبياء ليس بهم شر. هذا معنى كلام ابن القيم يعني في بدائع الفوائد فالاستعاذة الواقعة في سورة الفلق في قوله تعالى قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق اي من شر مخلوق فيه الشر. فهو من الخاص العام الذي يراد به الخصوص لان من المخلوقات ما لا شر فيه كالجنة والملائكة والانبياء ثم قال والشر يقال على الالم وعلى ما اليه يعني على ما هو الم في نفسه وعلى ما يفضي اليه ان يوصلوا اليه ويبلغوا العبد الوقوع فيه ثم قال قوله لم يضره شيخ المصنف يعني امام الدعوة صاحب كتاب التوحيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيه فضيلة هذا الدعاء مع اقتصاره اي فيه عظم جلالة هذا الدعاء وعلو شأنه ورفعة مقامه مع كونه مختصرا يقول فيه العبد اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فيضمن له انه لا يضره شيء وهذا دال على كمال احاطته وشديد متانته في وقاية الانسان من الضرر ان يلحقه. نعم. احسن الله قال رحمه الله تعالى باب من الشرك ان يستغيث من غير الله او يدعو غيره قال شيخ الاسلام الاستغاثة يا طلب الغمث ويزالة شدة انتهى فهي دعاء المكروب والدعاء اعم منها. لانه يكون من المكروب وغيره والدعاء نوعا دعاء مسألة ودعاء عبادة ما ينفع الداعي من جنبنا او دفع ضر فالمعبود لابد ان يكون مالكا للنفع والضر ولهذا انكر الله على من عبد من دونه على من عبد من دون ما لا يملك نفعا ولا ضرا. وهذا مراد المصنف. واما دعاء العبادة فهو عبادة الله بانواع العبادات من الصلاة من الزكاة والذبح وغيرها خوفا وطمعا يرجو رحمة ويخاف عذابه. وان لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب وهما متلازمان. فكل دعاء فكل دعاء عبادة فهو مستلزم لدعاء المسألة وكل دعاء مسألة فهو متضمن لدعاء عبادة. ويراد به في القرآن هذا تارة ويراد به مجموعهما وقد فسر قوله تعالى ادعوني استجب لكم بالنوعين قيل وامتثلوا امري استجب لك وقيل سلوني اعطكم. وقد اجمع العلماء على ان من صرف شيء من نوعي الدعاء لغير الله فقد اشرك. ولو قال لا اله الا الله محمد رسول الله وصلى وصام وزعم انه مسلم. عقد المصنف رحمه الله تعالى ترجمة اخرى فقال باب من الشرك ان يستغيث بغير الله او يدعو غيره واستفتح الشارح رحمه الله تعالى بيانها لما نقله عن شيخ الاسلام وهو ابن تيمية انه قال الاستغاثة هي طلب الغوث وهو ازالة الشدة فتتظمن طلب الغوث من الله سبحانه وتعالى الم بان يزيل الشدة عنه فتقارن ورود الضرر على العبد. وتقدم ان الاستغاثة بالله شرعا هي الغوث من الله عند ورود الضرر. طلبوا الغوث من الله عند ورود الضر والغو والعون في الشدة ولهذا قال الشارح رحمه الله فهي دعاء المطلوب والدعاء اعم منها لانه يكون من المكروب وغيره. والمكروب هو الذي وقعت به كربة والكربة هي الشدة والضيق. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اقسام الدعاء. تقريرا لما بينه من ان الدعاء اعم منها اي من الاستغاثة فقال والدعاء نوعان دعاء ودعاء عبادة. ثم بين كلا فقال فدعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي من جلب جلب العلم او دفع ضر فالمعبود لابد ان يكون مالكا للنفع والضر ولهذا انكر الله على من عبد من دونه ما لا يملك نفعا ولا ضرا وهذا مراده المصنف فلا يتصور من عاقل ان يتوجه دعاء احد لا يملك نفعا ولا لان المرجو من دعائه نفع الداعي بما يجلبه له من نفع او يدفعه عنه من ضر. وتقدم ان دعاء المسألة هو طلب العبد من ربه. هو طلب العبد من ربه حصول ما ينفعه ودوامه طلب العبد من ربه حصولا ما ينفعه ودوامه. او دفع ما يضره ورفعه او دفع ما يضره ورفعه. ثم ذكر دعاء العبادة فقال واما دعاء العبادة فهو عبادة بانواع العبادات الى اخر ما ذكر وتقدم ان دعاء العبادة هو امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع هو امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع. ثم قال الشارح وهما متلازمان اي مقترنان لا ينفكان وبينا وجه تلازمهما بقوله فكل دعاء فهو مستلزم لدعاء المسألة. وكل دعاء مسألة فهو متضمن لدعاء العبادة. فاذا دعا الانسان ربه دعاء دعاء عبادة بان يصلي او يزكي او يحج فانه يستلزم دعاء المسألة فيكون لمن له واذا دعا دعاء مسألة لقوله اللهم اغفر لي او اللهم ارحمني فهو متضمن دعاء دعاء عبادة لان انه يمتثل خطاب الشرع مع حبه وتعظيمه. ثم قال ويراد به يعني الدعاء في القرآن هذا تارة وهذا تارة ويراد وبه مجموعهما لربما ذكر الدعاء في القرآن على ارادة دعاء المسألة. فيتضمن دعاء العبادة او اريد به دعاء العبادة فيستلزم دعاء المسألة. وربما اريد به مجموعهما. قال وقد خسر قوله تعالى ادعوني استجب لكم من نوعين قيل اعبدوني وامتثلوا امري استجب لكم وهذا دعاء العبادة. وقيل سلوني اعطيكم وهذا دعاء المسألة فالاية صالحة لهذا وهذا. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى فاتحة بيانه. بقوله وقد اجمع العلماء على ان من صرف شيئا يعني من جعل شيئا من نوعي الدعاء لغير الله فقد اشرك ولو قال لا اله الا الله محمد رسول الله وصام وصلى وزعم انه مسلم. فاذا دعا غير الله دعاء مسألة او دعا غير الله دعاء عبادة فانه مشرك لانه جعل لغير الله ما هو لله سبحانه وتعالى. ولا يقع دعاء المسألة ولا دعاء العبادة قربة الا على ما يكون في القلب من ارادة رجاء ونفع ودفع ضر ورفعه واشتمال القلب على تعظيم ذلك المدعو واجلاله وخوف عقابه ورجاء نعمته. فمتى وجد هذا المعنى صار شركا مخرجا من الملة. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله ولا تدعو من دون الله صلى الله عليه وسلم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدعو ومن هذه الصفة اي ما لا ينفع ولا يضر. وهذا امر مشترك بين جميع المخلوقين لا واحد منه على نفس ولا ضرب من دون الله. فلا تصح العبادة الا لمن يملك النفع والضر وهو الله وحده. لهذا قال وان يمسسك الله بظلم فلا كاشف له الا هو. فطلب الكشف من غير من غير عناء والضلال. وان يردك بخير فلا راد لفضله واما قوله فانك اذا من الظالمين اي ان دعوت غيره فانت من المشركين لقوله ان الشرك لظلم عظيم. وهذا كقوله ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لن اشركت ليحوطن عملك ولتكونن من الخاسرين. وقولي ولو اشركوا لحبطان مما كانوا يعملون قوله فابتغوا عند الله الرزق. قال ابن كثير. كثيرا يصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة المتقدمة. البيان المناسب للدليل الاول وهو قوله تعالى ولا تدعوا من نزول الله ما لا ينفعك ولا يضرك. فقال نهى رسول الله صلى الله عليه كلما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدعو من هذه صفته اي خاطب الله رسوله ناهيا له يدعو من هذه صفته وتلك الصفة هي انه لا ينفع ولا يضر وهذا مشترك بين جميع المخلوقين لا يقدر احد منهم على نفع ولا ضرر من دون الله فلا تصح العبادة الا لمن يملك النفع والضر فهو الله وحده ولهذا قال وان يمسسك الله ظلم لا كاسب له الا هو فطلب فطلب كشفه من غيره عناء وضلال. وان يردك بخير فلا راد لفضله فالامر كله لله سبحانه وتعالى. وتوجيه النهي للنبي صلى الله عليه وسلم تعظيم للمنهي عنه فانما بودر بالخطاب بتوجيه الامر او النهي فيه الى النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك من قرائن تعظيم واجلاله واذا اعيد هذا بخطاب الناس كافة كان امعانا في الاعظام والاجلال كما قال الله عز وجل في هذا وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. فنهى الله سبحانه وتعالى نبيه خاصة. ونهى المؤمنين عامة عن ان يدعو مع الله سبحانه وتعالى احدا لا ينفع ولا يضر مما يدل على حرمة المنهي عنه و عظمته وانه امر عظيم ثم قال الشارح واما قوله فانك اذا من الظالمين. اي ان دعوت غيره فانت من لقوله ان الشرك لظلم عظيم. فاذا اشرك الانسان فهو الظالم. ودرجات هذا الظلم بحال الشرك ومن اشرك شركا اصغر صار له حظ من الظلم ومن اشرف شركا اكبر صار ظالما ظلما عظيما مستحكما ثم قال وهذا كقوله ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك وقوله ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون فاذا وقع الانسان في الشرك ابطل ما كان تقدم ذلك من الاعمال لقبح الشرك سبة وتنقصا لله عز وجل. اذ كيف يجعل ما لله لغيره. فمن اخترع الشرك وجعل ما لله بغيره فقد قبح الله عز وجل وسبه ونسبه الى النقص بان صير بعض ما له لغيره. واعتقاد كماله يوجب على العبد الا يجعل شيئا من قربته وعبادته الا لله وحده. لانه هو الذي بيده النفع والظلم. واما غيره فانه لا يملك شيئا من دون الله عز وجل. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله فابتغوا عند الله الرزق. قال ابن كثير رحمه الله عند غيره لانه المالك له غيره لا يملك شيئا من ذلك. واعبدوه اي اخلصوا له العبادة وحده لا شريك له. واشكروا له اي على ما عليكم اليه ترجعون. اي فيجازي كل عامل بعمله. ذكر الشارح رحمه الله تعالى بيان الدليل الثاني من ادلة ظني فهو قوله تعالى فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه. الاية فان الله سبحانه وتعالى امر بطلب الرزق كما قال ابن كثير لا عند غيره لانه المالك له وغيره لا يملك شيئا من ذلك. فالرزق كله بيد الله سبحانه وتعالى فهو الذي يرزق الخلق كافة واذا كان الرزق بيده لم يطلب من غيره لان ما لك الشيء يطلب منه لا من سواه ثم قال واعبدوه اي اخلصوا له العبادة وحده لا شريك له. وموجب اخلاص العبادة له كونه سبحانه وتعالى هو الرب. ودل على كونه الرب بذكر اصل من اصول الربوبية وهو الرزق فان اصول الربوبية الكبرى التي ترجع اليها ثلاثة هي الخلق والملك والرزق افراد الربوبية لا تنحصر لكن اكثر ما شهر في القرآن من ذكر افعال الربوبية تكرارا ومرارا هذه الاصول الثلاثة فهي من اعظم موجبات استحقاق الله عز وجل العبادة. فمما يستحق الله عز وجل به العبادة كونه هو يرزق الخلق ولا يرزقهم احد سواه. فاذا كان كذلك وانتم تلتمسون منه الرزق فقوموا له سبحانه وتعالى مخلصين بالعبادة ثم قال واشكروا له اي على ما انعم به عليكم والشكر فرض من افراد العبادة الواجبة لله وهذا ذكر للخاص بعد العام فامرهم بان يعبدوه عبادة تشمل جميع انواع ما يتقرب به ثم امره امرهم بنوع خاص من العبادة وهو الشكر. وموجب ذكر الخاص قوله فابتغوا عند الله الرزق فانه لما ذكر الامر بالتماس الرزق منه كان المناسب عند وصول الرزق الى العباد ان يشكروه فذكر هذا الفرض من افراد العبادة لمناسبته صدر الاية وهو الامر بالتماس الرزق الى الله سبحانه وتعالى. فاذا فاعبدوه واخص العبادة التي تقومون بها حينئذ هو شكره سبحانه وتعالى على ما اوصل اليكم من الرزق ثم ثم قال اليه ترجعون وهذا امر اخر في ما يقوى به طلب الرزق والعبادة من الله عز وجل وهو ان الرجوع اليه كما قال اي فيجازي كل عامل بعمله فاذا كان مرجع الخلق ومردهم اليه وجب عليه ان يكونوا في الدنيا وفق ما امرهم وهو امرهم بان يعبدوه وحده لا شريك له. نعم. احسن الله اليك من قال رحمه الله تعالى قوله ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة الا يعقل المصنف في مسائل احد انه لا اظل ممن دعا غير الله ساريا او غافلا دعي الداعي لا يدري عنها. الثالثة ان تلك الدعوة سبب لبغض المدعو بالداعية وعداوته له وتسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو. الخامسة كفر المدعو بتلك العبادة. سادسة ان هذه الامور هي سبب كونه اضل الناس ذكر الشارح رحمه الله تعالى البيان المتعلق بالدليل التالف من ادلة الباب وهو قوله تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. ثم نقل بيان هذه الاية عن المصنف نفسه وهذا من احسن مسالك البيان. فان من احسن طرائق ايضاح كلام مصنف ما ان تنقل كلامه هو في كتابه متقدما او متأخرا. فاجتبى الشارع رحمه الله تعالى بيان هذه اية من المسائل التي ذكرها صاحب الاصل وهو امام الدعوة بعد الباب. فعد جملة من المسائل الموردة مما يتعلق بالاية واذا فقدت هذه المرتبة فبعدها تنتقل الى طلب كلام المصنف في كتبه الاخرى او بنقل اصحابه عنه. فمن احسن ما يشرح به كتاب التوحيد كلام المصنف الموجود في كتاب التوحيد ثم بعده كلام الموجود في كتبه الاخرى كثلاثة اصول او كشف شبهات او قواعد الاربع او ما ينقله عنه تلاميذه واصحابه في العز الحميد او فتح المجيد او الدرر السنية. ثم تنقل بعد ذلك عمن سواه ممن تقدم او تأخر والنقل عن الاوائل اعظم واكمل لان تنقل عن كلام الاولين في بيان معاني هذه الكتب المتأخرة ومما يؤسف عليه ان العناية بهذه الاطراف قليلة من بين المتأخرين ولا سيما ما يتعلق بنقل كلام الاوائل فان كثيرا من شراح كتاب التوحيد لا يجاوزون النقل عن شروح كتب كتاب التوحيد الذي تقدمته. وكان حقيقة بهم ان يطلبوا بيان هذه المعاني المذكورة في كلام المصنف مما تكلم به الصحابة والتابعون واتباع التابعين سواء في هذا الكتاب الذي مثلنا به او في غيره من الكتب وربما وجدنا من جمل مصنف من المتأخرين ما يكون من كلام طيب حذو القذة بالقذة كما ذكر امام الدعوة في معرفة الله انه يعرف باياته ومخلوقاته فان هذه اللحظة بعينها هي كلمة لابي يوسف القاضي المشهور صاحب ابي حنيفة رواها رواها عنه كتاب السنة وعلى هذا فقس ويتأكد هذا في كتب الاعتقاد لئلا يتوهم متوهم ان ما في العقائد المصنفة عند المتأخرين من اهل السنة انها من بنات افكارهم بل اذا قارنها الشرح بذكر كلام الاوائل من الصحابة والتابعين واتباع التابعين علم ان هذه الكتب انما هي مقربة لما كان عليه القوم. وانها ليست مبتدئة مستأنفة لكلام كان مفقودا ثم وجد فيما قرره هؤلاء ان يجتهد طالب العلم اذا رام شرح كلام احد ان ينظر الى نفسه ثم ينظر بعده الى كتبه الاخرى ثم ينظر ثالثة الى كلام العلماء ولا سيما الاوائل من الصحابة والتابعين واتباعهم وبخصوص هذا الموضع فان الشارح رحمه الله تعالى نقل البيان عن المصنف مقدما ما ذكره في مسائله بعد الباب انه قال فيه مسائل احدها انه لا اضل ممن دعا غير الله لقوله ومن اضل وتقدم ان هذا البناء في القرآن يكون بمعنى لا احد. فقوله تعالى ومن اضل اي لا احد اضل. وقوله تعالى ومن اظلم اي لا احد اظلم وقوله تعالى ومن احسن اي لا احد احسن فيكون قد بلغ الغاية في الفعل المذكور معها فاذا كان الفعل المذكور معها الضلال يكون قد بلغ الغاية في الضلال. واذا كان الفعل المذكور معها الظلم يكون قد بلغ الغاية بالظلم. واذا كان الفعل المذكور معها الاحسان يكون قد بلغ الغاية في الاحسان فتكون هذه الاية معناها كما ذكر امام الدعوة انه لا احد اضل مما من دعا غير الله عز وجل فلا يفوقه احد في الضلال الذي انتكس فيه. ثم قال الثانية انه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه كما قال تعالى وهم عن دعائهم غافلون. فذلك المدعو الذي يدعى من دون الله عز وجل غافل عن دعاء الداعي الذي يتوجه اليه الذي يتوجه به اليه ثم قال الثالثة ان تلك الدعوة سبب لبغض المدعو الداعي وعداوته له. كما قال في الاية بعدها واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. فكونهم لهم اعداء يدل على وقوع البغضاء بينهم. وتتجلى هذه البغضاء باعلان العداوة بين الداعي والمدعو ثم قال الرابعة تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو لقوله وكانوا بعبادتهم كافرين فجعلها عبادة ثم قال الخامسة كفر المدعو بتلك العبادة كما تقدم في الاية انهم يكفرون دعائهم الذي دعوت ثم قال السادسة ان هذه الامور هي سبب كونه اضل الناس اي اجتماع هذه الامور في الحال التي تكون هي التي اوجبت كونه اشد الناس ضلالا فلا يتقدمه احد في الضلال. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله امن يجيب المضطر اذا دعاه الاية يقرر تعالى الهيته بربوبيته لان المشركين يعلمون انه ويجيب المضطر ويكشف السوء الا الله. ولهذا يدعونه في الشدائد مخلصين له الدين. اي اذا كنتم تقرون بذلك فكيف جعلتم له ولهذا قال اله مع الله قليلا ما تذكرون. قول ورب ختم المصنف رحمه الله تعالى الادلة القرآنية بالرابع منها وهو قوله امن يجيب المضطر اذا دعاه فبينه بقوله يقرر تعالى الهية بربوبيته اي انه صار الها لانه كان ربا. فاذا كان هو الرب فهو الذي يستحق العبادة دون غيره وتقدم البيان بان من اوسع اودية تقرير الالوهية في قلوب الخلق تعظيم الربوبية لانهم اذا اذعنوا بان الرب هو الله وحده لا شريك له. وجب عليهم ان يخلصوا له العبادة. فلا يشركوا به احدا كائنا من كان وتقدم ان ذكرت لكم ان ابن الوزير ذكر في ترجيح اساليب القرآن على اساليب اليونان عن صاحب كتاب مذاهب السلف ولم يسمه ولم معرفة ان في القرآن خمس مئة اية لتقرير الربوبية فلم يحشد هذا القدر في القرآن الكريم الا لامر عظيم وهو تقرير الالوهية في قلوب الخلق. فان الناس اذا امعنوا النظر في شواهد الربوبية ودلائل الله عز وجل وشدة سلطانه اقروا بان من كان له ذلك هو الذي يستحق العبادة دون غيره. ما الذي هو الذي يعبد والذي يملك هو الذي يعبد والذي يخلق هو الذي يعبد. فمن لا يرزق ولا يملك ولا يخلق لا يصلح ان يكون معبودا ثم قال لان المشركين يعلمون انه لا يجيب المضطر وهو الذي اشتدت به الحال. ويكشف السوء الا الله ولهذا يدعونه في الشدائد مخلصين له الدين اي اذا كنتم تقرون بذلك فكيف جعلتم له شريكا في الالهية؟ ولهذا قال اله مع الله وهذا استفهام استنكاري لاستقباح فعلهم واستنكار ما هم عليه. اذ كيف يعتقدون ان هناك يكشف الضر الا هو ويسألونه في الشدائد ثم لا يشركون ثم لا يفيدونه بالعبادة فلهم حظ من قوله تعالى ما تذكرون اي قد فاتكم الذكر والاعتبار باحوالكم فانتم تفعلون افعالا لو انكم نظرتم اليها بعين التدبر والفهم علمتم ان هذه الافعال تقتضي افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة. فاذا كنتم تسألونه في فيخلصكم وترجونه بالاضطرار فيقبلكم. فحري بكم ان تعبدوه سبحانه وتعالى ولا تشركوا به شيئا نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله وروى الطبراني ونوح اي عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قوله قوموا بنا نستغيث برسول صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق من استغاثة به فيما يقدر عليه من كف المنافق اما بضرب او تهديد او قتل. وانما قال انه بي ارشادا الى التأدب في الالفاظ حماية لجناب التوحيد فاذا قال ذلك في امر يقدر عليه. فما الظن بالاستغاثة به صلى الله عليه وسلم او بغير ايمان الموت في تفريج الكرب وجلب المنافع. او في ادخال الجنة والنجاة الى النار. فثبت ان من دعا احدا من المخلوقين فيما لا يقدر عليه الا الله فقد اشرك الشرك الاكبر الموجب للخلود في النار. ذكر المصنف رحمه الله تعالى دليلا حديثيا في هذا الباب بعد فراغه من الادلة القرآنية وهو حديث رواه الطبراني. كما قال وروى الطبراني والطبراني هو سليمان ابن احمد ابن ايوب الطبراني واطلاق العزم اليه يراد به المعجم الكبير لان له ثلاثة معاجم هي الكبير والاوسط والصغير واطلاق العزم ينصرف الى الكبير شهرة فيكون هذا الحديث مما رواه الطبراني المعجب الكبير عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه وليس هو عنده بهذا اللفظ. وانما اصل الحديث واما هذا اللفظ فهو عند ابن ابي ابن ابي حاتم في كتاب التفسير. واسناده ضعيف. وفيه قوله قوموا بنا الغيب برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق. عندك ايش؟ بعد هذا من استغاثة به من استغاثة به عندكم النسخة هي عندكم هي طبعة ايش؟ المعاني. هي نفس هيست عندي تصحيح قديم هي استغاثة به. انتم عندكم في نسخة هي استغاثة به. هي استغاثة به فيما يقدر عليه من كف المنافق. اما بضرب او تهديد او قتل. اي ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل ان يغيث في امر يقدر عليه. فقال انه لا يستغاث بي والحامل انه كما قال المصنف ارشادا الى التأدب في الالفاظ حماية لجناب التوحيد. فالنبي صلى الله عليه وسلم قادر على اغاثتهم وسألوه امرا مقدورا عليه ولكنه ترك ذلك فقال انه لا يستغاث بي ارشادا الى ما يلزم من الادب في الفاظ حماية لجناب التوحيد وتعظيما له. ثم قال المصنف فاذا قال ذلك في امر يقدر عليه. فما الظن بالاستغاثة به صلى الله عليه وسلم او بغير او بغيره بعد موته بتفريج الكرب وجلب المنافع او في ادخال الجنة والنجاة من النار اي ان اعظم استبعادا واشد تحريما اذا كان نهى صلى الله عليه وسلم عما يقدر عليه في حياته ما لا يقدر عليه في حياته ولا بعد مماته اولى بالنهي عنه فانه صلى الله عليه وسلم لا يقدر على شيء من تفريج الكرب ولا المنافع ولا ادخال الخلق الجنة ولا الانجاء من النار. بل الملك كله لله سبحانه وتعالى. ثم قال فثبت ان من دعا احد من المخلوقين فيما لا يقدر عليه الا الله فقد اشرف الشرك الاكبر الموجب للخلود في النار. فمن توجه الى احد من الخلق في شيء لا يقدر عليه الا الله سبحانه وتعالى مستغيثا به راجيا منه ان يكشف ان يكشف كربته ويفرج همه فقد وقع في الشرك الاكبر لان التوجه القلبي في مثل هذا لا يكون الا لله سبحانه تعالى لانه هو الذي يملك ذلك. واما ما عداه فانه لا يملك شيئا من النفع ولا الضر. نعم. احسن الله قال رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى يشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصره ولا انفسهم ينصرون جميع من سوى الله هذه هي صفات ما اي لا يقدرون على خلق شيء. وهم مخلوقون ولا يستطيعون نصر من عبدهم ولا ينصرون انفسهم فبطلتهم هذه الجملة من كتاب التوحيد شروع في مقصد جديد من مقاصده. وهو براهين التوحيد فان المصنف ابتدأ هذا الباب فما بعده بذكر جملة من الادلة الدالة على وجوب توحيد الله سبحانه وتعالى. وممن طوى عليه هذا الباب الى البراهين بيان قدرة الخالق وضعف المخلوق. بيان قدرة الخالق وضعف المخلوق. فالادلة التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى هي جميعا لتقرير هذا الاصل. وان الخالق قادر والمخلوق ضعيف وانما تصلح العبادة للقادر دون الضعيف. وذكر في ذلك ايات واحاديث فاول هذه الايات قوله تعالى ايشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولاية بعدها. فقال الشارع بذلك جميع من سوى الله هذه صفتهم اي لا يقدرون على خلق شيء وهم مخلوقون. ولا يستطيعون نصر من عبدهم ولا ينصرون انفسهم. فبطلت عبادتهم من دون من دون الله فابطل الله سبحانه وتعالى هذه العبادة ببيان عجزهم كما قال فيشركون ما لا يخلق اي لا يقدر على خلق شيء وهم يخلقون اي واولئك المدعوون المعبودون مخلوقون ولا يستطيعون لهم نصرا اي لا قادرون على نصهم ولا انفسهم ينصرون اي لو اريدوا بالحاق الضرر بهم لم يستطيعوا دفع شيء عنهم كما قال شاعرهم ارب يبول الثعلبان برأسه الا هان من بالت عليه التعاليب نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير الاية اخبر تعالى ما دون من دون الله لا يملكون من قطب وهو اللفافة التي على ظهر النوى اي لا يملكون قليلا ولا كثيرا. واخبر انه لا يسمعون دعاء الداعي وانهم لو وسمعوا ما اعجبوا انهم يوم القيامة يجحدون عبادتهم اياهم. وهذه الاية نص في ان دعاء غير الله شرك لقول يكفرون بشرككم انبهك مثل خبير خلق قتادة يعني نفسه تبارك وتعالى فانه اخبر بالواقع لا محالة. ذكر الشارف رحمه الله تعالى في هذه الجملة بيان من طوى عليه الدليل الثاني مما قصده المصنف من بيان قدرة الخالق اعزي المخلوق وهو قوله تعالى والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. الاية وذلك بخبره سبحانه تعالى عن هؤلاء المدعوين انهم لا يملكون القطمير والقطمير اللفافة التي على ظهر النواة من تمر او غيره فانها تسمى قطمير القوم لا يملكون الشيء الحقير كالقطمير فاذا لم يملكوا الحقير القليل فانهم لا يملكون الكثير وقرر الله سبحانه وتعالى قبلها تمام ملك فقال ذلكم الله ربكم له الملك والذين يدعون من دونه ما يملكون من قطمير فقرر كمال ملكه سبحانه وتعالى ونقص ملك غيره فاذا كان الملك كله لله وجب ان تكون العبادة كلها لله. ثم قال واخبر انهم لا يسمعون دعاء الداعي كما قال ان تدعوهم لا يسمعوا دعاء ثم قال وانهم لو سمعوا ما اجابوا لقوله ولو سمعوا ما استجابوا لكم. اي ما بادروا الى تمكينكم مما تريدون وانهم يوم القيامة يجحدون عبادته اياهم كما قال ويوم القيامة يكفرون بشرككم. ثم قال وهذه الاية نص بان دعاء غير الله لقوله يكفرون بشرككم. والذي كانوا يفعلونه هو دعاؤهم. فعلم ان دعاء غير الله سبحانه وتعالى فيما لا يقدر عليه الا الله وكذا الاستغاثة به انه شرك وهذه الاية من اجل الادلة في ذلك ان من توجه الى غير الله عز وجل توجها يقارنه التعظيم والاجلال والطمع في احراز المأمول بالهرب من المخوف وما يلحق الانسان فيه الضرر فانه يكون قد وقع في الشرك. ثم قال ولا ينبئك مثل خليل. قال يعني نفسه تبارك وتعالى فانه اخبر بالواقع لا محالة اي لا ينبئك احد مثل مثل الله سبحانه وتعالى بما عليه ومن فقدانه ملك شيء حقير وانه لا يقدر على اجابة من يدعوه وانه يوم القيامة يكون كافرا بمن دعاه فاذا كانت هذه حاله بخبر من خبره صدق وجب على العبد ان يجعل عبادته كلها لله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله شج النبي صلى الله عليه وسلم رأى الطبراني من حديث ابي امامة قال رمى عبدالله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم احد فشد وجهه وكسر ربعيته فقال خذها وانا ابن قميئة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك اقماك الله فسلط الله عليك فسلط الله عليه تيس جبل فلم يزل ينطق حتى قطعه قطعة قطعة. وذكر ابن هشام ان عتبة ابن ابي وقاص الذي هو الذي كسب ربعية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال القرطبي والرابعية بفتح الراء وتخفيف الياء كل سن بعد سنية وقال النووي للانسان اربعيات وقال الحافظ والمراد انها كسرت فذهب منها فلقتل ولم تقلع من اصلها. قوله كيف يفلح قوم زاد مسلما وكسروا رباعيته وادموا وجهه. قوله ليس لك من الامر شيء قال ابن اسحاق اليس لك من الحكم شيء في الا ما امرتك بهم الا ما امرتك به فيهم. ذكر الشارخ رحمه الله تعالى بيانا يتعلق بالدليل الثاني من ادلة الباب وهو حديث انس قال شج النبي صلى الله عليه وسلم يوم احد الحديث. وذكر الشارق ان الشاذة كان هو عبد الله ابن القمئة وعزا ذلك الى الطبراني يعني في الكبير من حديث ابي امامة واسناده وعزم الحديث في نسخة دار المعاني الى دار الرمادي الى مسلم خطأ في ترقيم الهوامش فان هذا الحديث هو الذي رواه الطبراني واسناده ضعيف جدا ثم ذكر ابن ذكر المصنف ان ابن هشام صاحب السيرة ذكر ان عتبة ابن ابي وقاص هو الذي كسر رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القرطبي الرباعية بفتح الراء وتخفيف الياء اي لا تشدد. كل سن بعد ثنية. والانسان له ثنية الاعلى ثنيتان في الاسفل. كما يكون بعد الثنيتين في العلو والسبل يسمى رباعية الانسان اربع رباعيات ثم قال وقال الحافظ والمراد انها كسرت فذهبت منها فلقة ولم تقلع من اصلها حافظ هو ابن حجر فبقي اصل تلك الرباعية ووقع فيها كسر فحسب. ثم قال قوله كيف يفلح قوم نبيهم والشج هو الضربة التي تكون في الرأس زاد مسلم وكسروا رباعيته وادموا وجهه بسيلان الدم عليه صلى الله عليه وسلم. فانزل الله عليه ليس لك من الامر شيطان ابن اسحاق. اي ليس لك من الحكم شيء في عبادي ما امرتك به فيهم فليس للنبي صلى الله عليه وسلم تصرف في الخلق في الحال والمآل الا بما اذن الله سبحانه وتعالى له فيه. فتصرفه صلى الله عليه وسلم في الحال ما كان يحكم به صلى الله عليه وسلم عليهم حال فلم يكن مفوضا له وانما كان الامر لله سبحانه وتعالى. وكذا ما يكون في المآل فانه لا يكون متصرفا من نفسه وان باذن الله لهب كشفاعته صلى الله عليه وسلم لمن يستحق الشفاعة. فانها تكون باذن الله سبحانه وتعالى. الشفاعة لله قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا ويأذن الله سبحانه وتعالى بها لمن يشاء من خلقه واولاهم واعلاهم واحقهم بها النبي صلى الله عليه وسلم وابن اسحاق هو محمد ابن اسحاق ابن يسار المطلب مولاه صاحب السيرة المشهورة وله كلام حسن قليل في التفسير. فربما كان كلامه الذي يذكر في تفسير اية مقدما على غيره لانه مع قلته له كلام حسن. كالذي ذكره ابن كثير في قوله تعالى الا يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا فانه ذكر كلام ابن اسحاق وذكر ان كلام ابن اسحاق هو احسن ما قيل في تفسير هذه الاية فله مواضع في التفسير حسنة مع قلة كلامه رحمه الله تعالى في التفسير. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله اللهم العن فلانا وفلانا هذا بعد وقعت احد. قوله سمع الله لمن حمده. قال ابن القيم عدي باللام لتضليله معنى استجاب والحمد اخباره عن محاسن ما حب وجدانه وتعظيمه. ولهذا كان خبرا يتضمن الانشاء بخلاف المدح فانه خبر مجرد. قوله وفي رواية يدعو على ابن امية وسهيل يا مريم اول حارس بن هشام عينه صلى الله عليه وسلم لانه من اشد الناس عداوة له. وهم السبب في غالب ما جرى عليه صلى الله عليه وسلم واصحابه هم وابو سفيان ومع ذلك فما اجيب فيهم بل انزل الله عليه فدل على انه لا يملك ولا يقدر الا ما ملكه الله او اقدره الله عليه كما قال تعالى قل اني لن يجيرني من الله احد ولن اجد من دونه ملتحدا. الا بلاغا من الله ورسالاته. وقال تعالى قل لا املك نفع ولا ضرر الا ما شاء الله لو كنت تعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء لقوم يؤمنون ذكر الشارخ رحمه الله تعالى في هذه الجملة بيان الحديث الثاني من الادلة الحديثية في الباب وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الاخيرة والفجر اللهم العن فلانة الحديث فكان مما قاله المصنف قوله اللهم العن فلانا وفلانا هذا بعد وقعة احد فتكون الاية وهي قوله تعالى فليس لك من الامر شيء نازلة بعد احد في الامرين جميعا. فهي نازلة فيما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من شجه وكسر ضع يده وواقعة لما كان منهم صلى الله عليه وسلم من الدعاء على اقوام في الصلاة بلعنهم فتكون نازلة بعد الامرين جميعا. وهذا احسن الاقوال في الاية انها نزلت بعد الامرين ولم يتكرر نزولها وهو البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه انه وقع اولا شج النبي صلى الله عليه وسلم وقصر رعيته ثم وقع دعاؤه صلى الله عليه وسلم على من دعا عليه بعد وقعة احد ثم نزلت الاية بعد الامرين متعلقة بهما. ثم نقل عن ابن القيم في تفسير قوله سمع الله لمن حمده انه عدي باللام لتضمينه معنى استجابة اي لاشرابه معنى الاستجابة. والتعدية حروف الجر على مذهب البصريين وهو احسن المذهبين في ذلك تكون لتضمين الفعل معنى اخر لا يتبادروا منه فان السمع اذا اطلق قصد به ادراك مسموع. لكن ربما يطلق ويراد به الاستجابة. فيدل على لذلك بحرف الجر اللام في قوله سمع الله لمن حمده. في قوله تعالى يشرب بها عباد الرحمن فان الاعلى يشربها عباد الرحمن لكن عدي بالباء لما يقع من الارتواء والامتلاء من شربهم فهم يشربون من منها شرابا نافعا يمتلئون ويرتوون به ولذلك عدي بالباء ولهذا نظاهر في القرآن الكريم فمن رعى هذا المأخذ من تعدية الافعال بحروف ليست ملازمة لها وانما لنكتة نهض في قلبه المعنى الذي عدي له ذلك الفعل بذلك الحرف واستفاد معنا جديدا لا يتبادر من الفعل بحسب وضعه الاصيل ثم قال والحمد اخبار عن محاسن محمود مع حبه واجلاله وتعظيمه كما ذكر شيخه ابو العباس ابن تيمية قبله في مناظرة ابن المرحل ثم قالوا لهذا كان خبرا يتضمن الانشاء اي خبرا عن وقوع ذلك مع انشائه فهو يخبر عنه وانه كذلك وينشئ له حمدا بخلاف المرء فانه خبر مجرد لانه متجرد عن الحب والتعظيم فكم من مادح ممدوحا لا يحبه ولا يعظمه وانما رجا عطية او صلة من مال او غيره ثم ذكر انه في رواية يدعو على وانا ابن امية وسهيل ابن عمرو او الحارث بن هشام عينهم صلى الله عليه وسلم بانه من اشد الناس عداوة له وهم السبب في غالب ما عليه صلى الله عليه وسلم واصحابه او وابو زبيان. ومع ذلك ما اجيب فيهم من نزل عليه قوله تعالى ليس لك من الامر شيء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون فتاب الله عليهم وامنوا. فدل على انه لا يملك ولا يفتر الا ما ملكه الله او اخبره الله عليه. فكان صلى الله عليه وسلم يلعنهم واللعن هو الطرد من رحمة الله عز وجل. فلم يستجب له صلى الله عليه وسلم فيهم. لانه لا يملك شيئا واسلم هؤلاء ودخلوا في الاسلام وحسن اسلامهم. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى قوله الاقرب العشرة رجل عشيرة رجل بنو ابيه او قبيلة والاقربين ان اقرب فالاقرب. قوله اشتروا انفسكم اي تخليص من عذاب الله لانها ثمن النجاة. قول لا غني عنكم اي لا ادفع عنكم من عذاب الله شيئا. قالوا يا عباس بن عبد المطلب يجوز في عباس الرفع والنصب وينصب ابن لا غير وكذا ما بعده. فاذا صبح صلى الله عليه وسلم انه لا يغني عن عن ابنته وعمه وعمته شيئا وامن الانسان انه لا يقول الا الحق ثم عرف ما وقع في قلوب الضالين تبين له غربة غربة الديك. تبين ان غربة الدين ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة بيان الحديث الاخير من احاديث الاسباب وهو خاتمة الادلة فيه وهو حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انزل عليه وانذر العشرة فالاقربين وقال يا معشر قريش الحديث فذكر الشارح رحمه الله ان عشيرة الرجل بنو ابيه او قبيلته والاقربين اي الاقرب فالاقرب واصل العشيرة مأخوذة من العشرة من العشرة اي المقارنة والمصاحبة فالناس فيها درجات واقربهم بنوا ابيه ثم من قرب من اصله عموده في نسبه ثم قال قوله اشتروا انفسكم اي بتخليصها من عذاب الله بالطاعة لانها ثمن النجاة. فكأن من اطاع الله عز وجل اشترى نفسه منه وخلصها من العذاب اقبل بها على ما يرجوه من رحمة الله سبحانه وتعالى وذلك لملازمة الطاعة. ثم قال قوله لا اغني عنكم اي لا ادفع عنكم من عذاب الله شيئا. لانه صلى الله عليه وسلم لا يملك لهم شيئا ثم قال قوله يا عباس بن عبد المطلب يجوز في عباس الربع والنصب وينصب ابل لا غير ما بعده فيجوز في عباس لانه اما مفرد منادى او مضاف يجوز فيه ان يبنى على ما يرفع او ينصب فيه قال يا عباس ويقال يا عباس هما مذهبان احدهما ابن الحاجب والاخر لابن مالك في جماعة من النحويين لكن اذا قيل مذهب فلان وفلان باعتبار شهرتهما فان عمدة المتأخرين من العرب في النحو ابن مالك وعمدة المتأخرين من في النحو ابن الحاجب ولهذا فان اكثر ما يدرس من المطولات عندنا معشر العرب الفية ابن ما لك واكثر ما يدرس في بلاد العجم في والافغان والهند وباكستان هو كافية ابن الحاجب ولا يكادون يعرفون كتاب ابن مالك هذا ثم قال فاذا فاذا صرح صلى الله عليه وسلم انه لا يغني عن ابنته وعمه وعمته شيئا وامن الانسان انه لا يقول الا الحق اي ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول للحق ثم عرف ما وقع في قلوب الضالين اي من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اليه تبين له غربة الدين اي ان الدين صار غريبا لان الذي بعثه الله عز وجل بهذا الدين تبرأ من من ملك شيء لاقرب الناس اليه. فكيف بالابعدين عنه؟ فهو لا يملك لهم صلى الله عليه وسلم شيئا من اولى لكن لما عظم الجهل بالدين وترك الناس استنباط معاني الكتاب والسنة واخلدوا الى فسد بينهم البدع والضلالات تسارع الناس الى هذه المقالات المتهافتة فاتخذوها دين وهذا اخر بيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته في الدرس القادم باذن الله